رواية بانتظار العشق الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم زينب محروس
رواية بانتظار العشق الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم زينب محروس
رواية بانتظار العشق البارت الحادي والعشرون
رواية بانتظار العشق الجزء الحادي والعشرون
رواية بانتظار العشق الحلقة الحادية والعشرون
حرك رأسه ناظرًا للطرف الآخر من الفراش، ليجدها تنام كالملائكة و شعرها المصبوغ باللون البلاتيني يغطي الوسادة حول موضع رأسها، اقترب منها بإعجاب و مد يده مزيلًا تلك الخصلة المتمردة بعيدًا عن عينيها، مرت عليه لحظات متأملًا لوجهها بداية من تلك البشرة القمحية، و أنفها الصغير، و تلك الرموش الكثيفة المنطبقة على بعضها، بالإضافة إلى طابع الحسن المِزين لذقنها، و نهايةً تلك الشفاه المكتنزة باللون الوردي.
أبتلع ريقه و اقترب من وجهها، حتى باتت أنفاسه الساخنة تلفح وجهها الساكن، كان مازن مغيبًا تمامًا عن الواقع بفعل تلك المُسكرات التى أودت بعقله إلى عالم آخر لا يعرف التفكير، و لا يعرف الفرق بين الخطأ و الصواب، عقل متوقف لا يعرف ما الفعل المحرم و ما الفعل الحلال، اقترب منها أكثر راغبًا فى محو تلك المسافة الصغيرة الفاصلة بينهما.
و لكن فى تلك الثانية الأخيرة، منعه من إتمام فعلته رنين جرس الباب بطريقة تتابعية مزعجة، ابتعد عنها مازن ب تبرم، و غادر الفراش متجهًا إلى باب الشقة.
فتح مازن الباب بتلك الحالة التى تخبر الجميع بأنه تحت تأثير المحرمات، ظهر أمجد من خلف الباب و معه مريم التى قد تورمت عينيها من كثرة البكاء.
نظر أمجد إلى مازن بتفحص، ثم تشدق مردفًا باستغراب:
– برن على فونك بقالي ساعة مش بترد ليه؟ و بعدين وشك عامل كدا ليه؟؟
مسح مازن على وجهه بضيق، و أفسح لهم المكان ليتيح لهما الدلوف، و أجاب أخيه بنبرة تثاقل:
– كنت نايم و انت صحتني، و بعدين مش معاك مفتاح؟
دلف أمجد و من خلفه مريم، ثم أردف:
– نسيت مفتاحي هنا، و ملقتش المفتاح اللى بنحطه تحت الصبارة…….
أماء مازن برأسه دون إجابة، فأضاف أمجد بشك:
– هو انت شارب حاجة؟ شكلك مش طبيعي.
رد عليه مازن تلقائيًا:
– ايوه، شارب عصير.
طالع أمجد بعدم اقتناع ثم قال:
– ماشي.
وجه حديثه إلى مريم قائلًا:
– ادخلي نامي يا مريم فى الأوضة دي، أسيل نايمة جوا، و قفلي الباب عليكم عشان تاخدوا راحتكم.
تحركت مريم إلى تلك الغرفة التى قد خرج منها مازن منذ قليل، فقال أمجد بجدية:
– و انت ادخل نام فى اوضتى يا مازن.
_________’__________’__________
على صعيدٍ آخر.
كان هادي جالسًا فى صالة منزله الجديد، و عينيه معلقتان على باب الغرفة المقابلة له منتظرًا خروج أخته، و تدل قسمات وجهه على ضيقه و حزنه الشديد، مرت دقائق معدودة قبل أن تخرج رضوى من الغرفة و هى تغلق الباب مجددًا.
تحركت إلى شقيقها الذي وقف ما إن رأها، ثم سألها بلهفة و قلق:
– نامت يا رضوي؟
اماءت رضوى بحزن قائلة:
– هلأ نامت يا أخي، بس بعد مرحلة طويلة من البكا…..ربنا يصبرها، ياللى صار معها كتير صعب يا أخي.
زفر هادي حزنًا و قال برجاء:
– يارب، يارب تقدر تعدي المرحلة دى.
أمّنت رضوى على دعائه، ثم سألته بتذكر:
– خبرني يا أخي، ليش انتقلنا من هداك البيت؟ و ليش أصريت إني مو لازم ضل اليوم ببيت أمجد؟
تحولت ملامح هادي من الحزن إلى الضيق و الغضب، ثم رد عليها قائلًا:
– عدم الإنسانية اللى عمل كدا فى سالي، يبقى ابو فيروز اللى ساكنة جنبنا فى العمارة، و شاف سالي النهاردة و هو السبب فى حالته السابقة و حالتها دلوقت، فمكنش ينفع نرجع على العمارة عشان سالي مش هتكون هناك فى امان، دا غير إن أمجد كان لازم ينزل يروح المشفى ل مازن و مكنش ينفع تبقى هناك لوحدك فكان لازم أجى و اخدك عشان مش ضامن الزفت سعد ده ناوى على ايه بعد اللى حصل ل مازن و بابا.
تنهدت رضوي بقلق و قالت:
– و نحنا هلأ شو حنساوي؟ الباب هلأ حياته بخطر.
ربت هادي على كتفها بحنان، و قال مطمئنًا:
– متقلقيش يا رضوي بابا هيرجع و كل حاجة هتكون بخير، بس انتي خلي عندك ثقة فى ربنا ثم فيا.
_______’_______’___________
حاولت مريم كثيرًا أن تنام، و لكن عينيها تأبى فعل ذلك، فكلما أغلقت جفنيها تظهر أمامها صورة يزن الغارق فى دمائه، نهضت جالسة على الفراش و هي تمسح تلك الدموع التى سالت على خديها و هامسةً لنفسها:
– مفيش غير ربنا اللى يساعدني دلوقت.
كانت الساعة الواحدة ليلًا عندما دلفت إلى دورة المياه الملحقة بتلك الغرفة، توضأت استعدادًا للصلاة و لكنها لم تجد سجادة للصلاة فخرجت تبحث عن واحدة فى غرفة الغسيل، و لكنها ما كادت تصل إلى وجهتها حتي وجدت أمجد الواقف خلفها يسألها:
– محتاجة حاجة يا مريم؟
التفتت إليه و أجابته بخفوت و صوت يخنقه البكاء:
– محتاجة سجادة صلاة، بس مفيش فى الأوضة بتاع مازن، فقولت اشوف فى أوضة الغسيل.
ابتسم أمجد قائلًا:
– ثواني أنا حاطط السجادة فى أوضتي، هجيبلك واحدة.
أختفى أمجد بداخل غرفته للحظات، ثم عاد إليها حاملًا سجادة مطوية، وقف أمامها و هو يمدها إليها قائلًا:
– خُدي يا مريوم…. و لو احتجتي حاجة عرفيني انا مش جايلي نوم و هقعد فى الصالون.
أخذت مريم منه السجادة، و خطت خطوتين عائدة إلى غرفتها، و لكنها ما إن تخطته حتى أوقفها صوته عندما سألها قائلًا:
– مريم انتى بتحبي يزن؟؟
استدارت إليه و ابتسمت بانكسار:
– مش هتفرق.
ابتسم أمجد قائلًا:
– يعني بتحبيه؟
أماءت مريم برأسها و قالت بتردد:
– ايوه بحبه، بس دى مشاعري انا، و مفيش بينا اي حاجة، لو فى ما بينا أي علاقة فمش هتكون أكتر من الصداقة اللى بين العيلتين.
سألها أمجد بترقب:
– ليه بتقولى كدا، هو يزن رفض حبك؟
أجابته و هي تزيل دموعها بظهر يدها:
– لاء، أنا محدش يعرف بمشاعري دي غيرك، و مش ناوية اقول عشان يزن مش شايفني أصلًا. فمش هستفيد حاجة غير اني هحرج نفسي ع الفاضي.
تنهد أمجد و أردف منهيًا الحوار:
– اعملي اللى يريحك يا مريم…. ايوه صح خالتي اتصلت عشان تطمن عليكي لأنها رنت على فونك و مبترديش.
– فوني نسيته فى عربية و أنا بنقله المشفى.
– مفيش مشكلة، بكره إن شاء الله هبقى اجيبهولك، المهم إنى طمنت خالتي.
– طب و طنط ريهام و فاطمة عاملين ايه؟
– خالتي بتقول إن فاطمة قاعدة ساكتة، لكن طنط ريهام مش مبطلة عياط و عشان كدا هيفضلوا هناك هي و عمي شادي.
اماءت مريم و قالت:
– تمام أنا هدخل عشان أصلي.
__________’________’_________
كعادته السيئة، يجلس أمام تلك الرخامة السميكة و المزخرفة الحاملة لأنواع عدة من تلك الأشربة التي تشبه السم البطىء الذي يدسونه بأنفسهم إلى أوردتهم، استدار سعد بكرسيه المتحرك ناظرًا إلى وائل الجالس باستقامة على تلك الأريكة الجلدية.
تشدق سعد مردفًا بضيق:
– تعرف تطلع سالي دي من دماغك! دي خالص بقت ورقة محروقة و مش هتقدر تعملنا حاجة……و فكك من البنت بتاع الملهى دي كمان، لأننا مبقناش محتاجينها فى حاجة.
أردف وائل سائلًا:
– تقصد إيمان؟
شرب سعد من ذلك الكاس الملازم له، قبل أن يقول:
– ايوه إيمان دي، خلاص ورقة النسوان كلها على بعدها مبقاش ليها لازمة، عشان كدا مبقاش لازم تخليها تيجي هنا، إلا لو ليك بقى رغبة فى حاجة تانية، بس بردو تبقى بعيد عن هنا.
فهم وائل ما يقصده سعد، فقال نافيًا:
– لاء مليش رغبة فى حاجة، إيمان دي ملهاش فى سكة الشمال اللى انت تقصدها، هي بس اخرها تعمل سبوبة بسيطة و تكسب من وراها قرشين، زي إنها تتبلى على حسام كدا، لكن إنها تنفذ التبلى فعليًا فده مستحيل…. شريفة يعنى.
تلوت شفاه سعد باسمًا بسخرية، ثم أردف:
– شريفة؟ دا على أساس إنها بتروح البار تصلى؟!
ضحك وائل قائلًا:
– أنا قصدى إنها محافظة على نفسها يعنى و ملهاش فى سكة الرجالة، و كل شغلها فى الملهى عبارة عن ويتر.
تلفظ سعد بعدم اهتمام:
– مش مهم
قال وائل باهتمام:
– امال ايه المهم، و اللى عشانه جايبني من وش الصبح كدا؟
وضع سعد الكأس من يده و نظر إليه باهتمام قائلًا:
– الصفقة خلاص، هنتممها كمان ثلاث أيام، و خليك جاهز عشان أول ما نستلم البضاعة هنسلم إسماعيل المنشاوي ل اللى خلقه.
سأله وائل باستغراب:
– هو ايه اللى قلبك كدا على إسماعيل فجأة؟ مع إنكم كنتوا حبايب!
أجابه سعد غاضبًا:
– عرفت من ألبرتينو مساعد الزعيم إنه كان عايز يتمم الصفقة و ياخد هو الحلاوة كلها، و أنا اكون مجرد مسكين بيعطف عليه اللى يفيض من البضاعة، عشان كدا قررت اخلص منه.
قال وائل بحيرة:
– طب ما لو كلامك صح ف أحنا مش هنعرف نتمم الصفقة لو الزعيم عرف!
أجابه سعد بشرود:
– أنا مظبط لكل حاجة، متقلقش انت نفذ اللى بقولك عليه و خلاص و جهز الرجالة و شدد الحراسة على مكان إسماعيل.
أماء وائل بتفهم، ثم نهض قائلاً:
– اعتبره حصل، و اه صح يزن دخل فى غيبوبة و اخو أمجد بيوصله المعلوم و هنفذ الخطة فى اقرب وقت.
__________’________’__________
كانت الشمس مازالت غائبة و لم تغدق على الأرض بضوئها الحاني و خيوطها الذهبية، بينما ينام هادي فى غرفته المعتمة استيقظ من نومه فزعًا رغم أنه لم يرى كابوسًا أو يحلم بشيء سيء، كما أن الأجواء حوله تساعد على النوم بعمق، فلم يكن الهدوء يعم المنزل فقط بل و إنما يعد الحي بأكمله، فالناس نيام فى هذا الوقت، استعاظ هادي بالله من الشيطان و قام متجهًا إلى “المطبخ” ليشرب بعض الماء.
و بينما كان عائدًا إلى غرفته مجددًا، شعر أن قدمه قد اصطدمت بشيء و ألقت به بعيدًا، و بالفعل عندما نظر أرضًا وجدًا سكينًا ملقى على بضع خطوات من قدمه، اقترب من هذا السكين حاملاً إياه باستغراب و هو يسأل نفسه:
– السكينة دي مين اللى جبها هنا؟
كان يتلفظ بكلماتها و هو يتلفت حوله و كأنه يبحث عن الفاعل، و بذلك قد انتبه إلى نقاط الدم المتساقطة أرضًا و المتراصة فى خطٍ مستقيم ينتهي أمام غرفة سالي…
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية بانتظار العشق)