روايات

رواية سيد القصر الجنوبي الفصل الثالث عشر 13 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية سيد القصر الجنوبي الفصل الثالث عشر 13 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية سيد القصر الجنوبي البارت الثالث عشر

رواية سيد القصر الجنوبي الجزء الثالث عشر

رواية سيد القصر الجنوبي الحلقة الثالثة عشر

وبعد دقائق قد شعر أكرم بشيء في تأخيرها فنهض ليبحث عنها ، هو يعرف أنها الفتاة الذي رآها على الطريق بأول لقاء ، ثم رآها وهي تركض أمامه ليلًا داخل القصر ، وتتابعت خطتها في التنكر وهو يسايرها حتى يعرف الرد المقنع على جميع أسئلته … وعندما ذهب ليبحث عنها لم يجد لها أثرًا ، فركض كالمجنون يبحث عنها … وقلبه ينتفض ..!
تسارعت دقات قلبه بسرعة عالية وهو ينظر ويطاف بصره يمنة ويسرة بحثا كالذي فقد أغلى ما لديه بالحياة، حتى في خطواته الراكضة بحثا بالشوارع والأرصفة كان يتردد سؤال بداخله، وشيء بنفسه يحجب ويواري الإجابة .. وشيء بالقلب يعترف ويُعلن! وشيء آخر بالعقل يذكره بمرارة ماضيه وسخافة تكرار التجربة في وهم اسمه “الحب”
كالذي يتجاهل أسباب الغرق واليد التي افلتته حتى ينجو ويحتضن دفء رمال الشاطئ .. كان هو ..!
في تجاهله لدقات قلبه ، وخوفه من فراقها، واللهفة المجنونة لرؤيتها مرةً أخرى حتى وهي تتخفى بملابس صبيانية ود لو يخبرها ذات مرة أنها تعلن فتنتها أكثر مما تخفيها ..!
********

 

وماذا عنها ..؟!
كانت تركض بأقصى سرعتها ، حتى أنها من شدة خوفها أن يلمحها لم تستطع الانتظار ولو لدقيقة حتى تجد عربة او سيارة أجرة تقلها لمكانً آخر .
كانت تشعر بالمغامرة والتسلية كلما ابتعدت وتخيلت موقفه الآن، ولكن بعدما ابتعدت بالفعل بعدة شوارع ومسافة لن يستطيع العصور عليها فيها بسهولة توقفت ..!
وانقلبت حالة التسلية لبرودة وغيمة مفاجئة من الكآبة والوحدة ! .. وتعجبت أنها لعدة أيام فائتة قليلة لم تشعر بتلك المشاعر التي لازمتها لسنوات !.. وظنت ظن ساذج أنها تخطت وتجاوزت وهزمت ضعفها.
واصبحت قدميها فجأة ثقيلتان كأنها كانت تجرّ لمسافات طويلة غرائر من الرمل !.
ودون أن تفكر كثيرًا توجهت لتجلس تحت مظلة خرسانية لاستراحة المارة والعابرين .. وتنهدت بضيق غريب ومخيف ، الفرصة على طبق من ذهب الآن لأن تعود لحياتها ومنزلها ، ولكن إرادتها تحجرت وضربها الصقيع فجأة .. وشعرت بشعور مميت بالوحدة والتعاسة .. ورافقه شعور مخيف بالفقد والأشتياق !!
ابتلعت جيهان ريقها بمرارة وبدأت تدرك ما بها ، بدأت تعرف ما هو الحب ، الذي لا يستأذن ولا ينتظر منا إذن الدخول ! ، وطفرت عينيها الدموع وصاحبها ابتسامة ! … ولكنها ابتسامة تحمل الكثير من المرارة ، ولتعاسة حظها في الحب حتى حينما وجدته !
وفجأة انتبهت لهمس سيدة عجوز وهي تحدثها معتقدة أنها فتى :
_ بتعيط ليه يابني ؟! ..

 

ابتلعت جيهان ريقها بصعوبة وأجابت ولم تكترث أن كان سيخرج صوتها ناعما كطبيعتها أم يغلفه قسوة ما تمر به :
_ لا ابدًا … بس بصراحة عايز أرجع بيتي وفلوسي اتسرقت !..
ربتت السيدة على كتفها برقة وقالت :
_ ولا يهمك .. أبني سواق وأنا مستنياه يرجعني لشقتي ، هخليه ياخدك يوصلك لحد بيتك ولا تزعل نفسك ..
نظرت جيهان لتلك السيدة بأمتنان وتاهت شاردة بأفكارها التعسة مرةّ أخرى، وهي تعرف حالما تعود لمنزلها وحياتها المرفهة التعسة لن تستطيع النظر والعودة لذلك القصر البعيد المهجور ، والرجل الوحيد الذي احتل قلبها بتلك الوحشية والسرعة ! .. ولهؤلاء الأطفال المساكين الذين حتما ينتظرونها بلهفة ! … أي ما كان شعورها فهي بالنسبة له لا شيء ! … ليس أكثر من فتى !.. أو ربما يعرف حقيقتها ويراها كلصة ينتظر دليل إدانتها! .. ليس أكثر! .
أيام من عمرها لن تنساها مهما حاولت .. والعودة للخلف درب من الجنون والحماقة ..!
اغمضت جيهان عينيها الدامعتان حتى انتبهت للسيدة وهي تهتف وتشير لعربة أبنها التي توقفت للتو … ونهضت معها ودخلا السيارة والعجوز توضح لأبنها أمر الفتى الضال المفقودة نقوده.. ! … حتى قال السائق لها :
_ عنوانك فين ؟
انتبهت جيهان للسؤال وقالت بتيهة :
_ أنا من القاهرة ..!

 

تفاجأ السائق ووالدته ، حتى قال برفق :
_ محلولة بإذن الله، هوصلك لمحطة القطر وهناك هتدبر ..
وعاد الرجل يحدث والدته ويمازحها قبل أن يحرك سيارته نظرا لإزدحام الطريق وبطء المرور والسير، ونظرت جيهان للنافذة بجانبها شاردة للبعيد، حتى انتفضت وانتبهت جميع حواسها للذي ينهب الطريق بخطواته الراكضة الواسعة ويبحث بجنون عن شيء ! … حتى أنها رأته يسأل ويحدث بعض الأشخاص ثم يعود بنظرة يائسة غاضبة وينظر للطريق !.
تجمدت بمكانها وهي محدقة فيه بعينيها الواسعتان ، حتى وقع نظره عليها فأضيقت عينيه بشرر عنيف ومخيف وهو يركض نحوها .. ولكن تحركت السيارة الجالسة فيها واستعدت تدريجيا للسير والابتعاد … وتشابكت أعينهما في نظرة طويلة وهو يركض نحوها … حتى توقف وهو يرى السيارة تبتعد أمامه وبدت نظرته لها فاضحة اللهفة والحزن ..
وبالكاد ابعدت جيهان عينيها وهي تشعر بغصة مريرة عالقة بحلقها ، وبعد مرور خمس دقائق تقريبًا هتفت فجأة وقالت بإصرار :
_ نزلني !
تفاجأ السائق ووالدته ، وكررت بتصميم وهتاف:
_ نزلني هنا لو سمحت ..
أوقف السائق عربته وانصاع للأمر دون فهم ، فقال :
_ في ايه ؟!

 

خرجت جيهان من السيارة وهي تركض دون توضيح ، دون كلمة، دون اكتراث لأي شيء سوى شيء واحد ..!
لن تكون هذه النهاية !
ركضت بالطريق حتى عادت وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة من الركض ، وعادت لنفس النقطة التي افترقا عندها منذ ما يقارب النصف ساعة تقريبًا، ورأت سيارته مصطفة خلف صف من السيارات فركضت نحوها، وبحثت عنه بداخلها، ولكن ليس له أثرا لا بداخلها أو حتى حولها!
فكيف لا زال يبحث عنها وهو رآها بعينيه تبتعد وهي جالسة داخل حافلة لنقل الأفراد…؟!
نظرت للسيارة ولا زال قلبها يخفق بقوة والابتسامة تشق قلبها قبل ثغرها مما جرى بينهما عندما التقت أعينهما ، بينما كانت تبتعد أمام ناظريه .. بينهما شيء وهذا أصبح يقينا بداخلها لا ظن فيه ولا وهم.
وقررت أن تنتظره بداخل سيارته، فحتما سيعود إليها
ودخلت “چيهان” السيارة واختبأت بالمعقد الخلفي حتى يأت .. وانتظرت كثيرًا حتى جاء بعد وقتا طويل وشعرت به وهو يدخل سيارته بطريقة غاضبة اهتزت لها السيارة ، ونظر أكرم أمامه وهو يبتلع ريقه بمرارة والم غامض ينهش أعماقه .. وقال محدثا نفسه بتصريح :
_ مش متخيل أني مش هشوفك تاني ..؟!

 

خفق قلب جيهان بسرعة عالية وابتسمت بسعادة لأول مرة تشعر بها طوال أيام عمرها الماضية، ثم تسحبت ورفعت رأسها حتى رأته من مقعدها، وقالت بمكر وهي تريد لو تقفز كالطفلة مرحا بسعادة :
_ يا زعامة ….أنا هنا..!
قالت ذلك واختبأت مرة أخرى وهي تكتم ضحكتها، اتسعت عينيه من الصدمة، ثم أضيّقت فجأة واسودت من الغضب وهو يفتح باب السيارة المجاور له ليخرج ويفتح باب المقعد الخلفي المختبأة به.. وهي رغم مظهره المخيف ولكنها تشعر بمنتهى الأمان .. وأن قصتها الخاصة تبدأ هنا ، ومن هنا، وبتلك اللحظة خصيصاً ..
جذبها من ذراعها وأخرجها بقوة لتقف أمامه وهي ترتجف ، ونظر لعمق عينيها بعنف وهو يكتم سيل من الشتائم ، فنظرت له وتحكمت بابتسامتها التي ظهرت قليلا وقالت :
_ ما هربتش ورجعت ..
أطبق أكرم شفتيه بغضب ، ثم قال وكأنه يهددها:
_ وتفتكري مكنتش هعرف أوصلك ! … أنتي لسه ماتعرفنيش !.
ابتسمت جيهان لنفسها سرا بسعادة عندما حدثها بصيغة المؤنث واعلن عن كشفه حقيقتها ، فرفعت يدها وأزالت تلك القبعة المضحكة ، وانحدر شعرها الأسود ذو الاطراف المصبوغة حول وجهها وتوسد كتفيها بنعومة وفتنة ، ونظرت له بتردد وحياء ، فتفاجئت بنظرته الغارقة فيها ، وسيماء وجهة التي تبدلت من الغضب للسكون ، ونظراته الضائعة بعينيها وخصلاتها الشاردة .. فتوردت وجنتيها وقالت بمكر :

 

_ لو هتطردني أو تزعقلي يبقى أمشي من دلوقتي .. مع السلامة.
كادت أن تبتعد حتى وجدته يدخلها السيارة بالقوة وظهر عليه الغضب من جديد من تصرفها، وأجلسها بالمقعد الأمامي بجانبه ، ثم نظر لها وقال بعصبية :
_ مش بمزاجك…
وابتعدت بعد أن رماها بنظرة تهديد لتبق مكانها ، فأخفت ابتسامتها رغما حتى وجدته يجلس بجانبها ويحرك السيارة في طريق العودة للقصر ، فقالت وهي تكتم ضحكتها :
_ هو أحنا مش هنروح للدكتور ؟!
رماها بنظرة ساخرة ، فلم تستطع كتم ضحكتها أكثر من ذلك، والتزم أكرم الصمت بعد ذلك، وبدا وجهه بلا تعابير أو علامات لأي شعور يجول بداخله ، بدأ غامضا مخيفا وشاردا … وتعجبت أنه لم يطرح عليها أية أسئلة..!
حتى مضى الوقت في الصمت والتفكير ، ووقفت السيارة أمام القصر أخيرًا .. وتنفست جيهان بسعادة حقيقية عندما رأت القصر من جديد ، وكانت على بُعد خطوات لتهجره ربما للأبد ..
وعلى عكس المتوقع تركها أكرم ودخل بخطوات واسعة رشيقة للقصر ، كأنه يريد الأنفراد بنفسه، وصدم الصغار عندما شاهدوها بذلك المظهر بينما كانت برفقته منذ قليل !!
فقال شامي بدهشة :
_ أنتي كنتي كده وأنتي معاه ؟!!

 

تنفست جيهان بارتياح وقالت وهي تجلس على مقعد بردهة القصر :
_ آه ، وعلى فكرة هو عرف الحقيقة ..
شحب وجه الصغار من الخوف فقال أحدهم بتوجس:
_ يعني عرف أننا كدبنا عليه ؟!
كادت جيهان أن تجيب حتى أتى شاندو مسرعا وقال بخوف :
_ دخل أوضته ومش عايز حد يدخله دلوقتي ؟! … ربنا يستر وما ننطردش كلنا النهاردة !!
لم تقلق جيهان كثيرا من الأمر ، ولكن بعد مرور الوقت وبدأت ساعات الليل قريبة أرتقى خوفها واصبحت تشعر بشيء مخيف بردة فعله هذه ! … فمنذ ساعات وهو بغرفته منعزلا عن الجميع ولا يريد رؤية مخلوق !!
وقفت بغرفة الفتيات تمشط شعرها أمام مرآة قديمة بعدما ارتدت رداء مناسب لها وكان بحوزة أحدى الفتيات .. اقتربت وصيفة منها وقالت بإعجاب :
_ شكلك جميل اوي أوي يا ماما جيهان ..
تدخلت رضا بجفاء كعادتها وقالت بغيظ :
_ احنا في إيه ولا في إيه يا ست وصيفة ؟! .. خلينا في المصيبة السودا اللي وقعنا فيها كلنا وبسببها ممكن نرجع للشارع تاني ! ..
استدارت جيهان وانتبهت لما قالته وصيفة بدهشة، ولكن قطع سيل أفكارها صوت طرق على باب الحجرة ، وأحد الصغار يدخل لاهثا ويقول لجيهان :
_ الزعامة عايزك … روحيله المكتبة اللي تحت ..
دق قلب جيهان بقوة ، واختبرت مظهرها بلمحة سريعة قبل أن تهبط درجات السلم بأقدام متراخية ترتجف .. أفقدتها تلك الساعات الماضية شجاعتها أمامه … وحينما نزلت الطابق الأرضي وجدت جميع الصغار يقفون ومجتمعين وعلى وجوههم الخوف والترقب … قالت لهم وهي تطمئنهم وربما كانت اكثر منهم رهبة :
_ ما تقلقوش كله هيبقى تمام … اطمنوا ..
وأخذت نفسا عميقا لرئتيها قبل أن تطرق على باب المكتبة ، وأتى صوته مخيفا وهو يسمح لها بالدخول ، وحينما دخلت جيهان وهي تبتلع ريقها سعلت من إمتلاء الغرفة بدخان ورائحة السجائر … حتى أن رؤيته اصبحت ضبابية وهو يجلس مستندا بارياحية على مقعد خلف مكتب قديم لأول مرة تراه وتدخل هذه الغرفة من الأساس !..
حينما استعادت هدوء أنفاسها بصعوبة رأته وهو ينظر لها بصمت ونظرة ضيقة ، وتعجبت من غضبه الواضح ! … فنظر لعينيها مباشرةً وسأل بصوت حاد :
_ أيه اللي جابك هنا ؟!
سؤاله كان متوقعا ، فبدأت بالشرح وقالت :

 

_ في ناس سرقوا عربيتي وواحد خطفني منهم وهربت منه و…
قاطعها بعصبية وقال :
_ عرفت القصة دي من شاندو ، أنا بسأل عن سبب وصولك للمكان ده من البداية !.. مش بعد الخطف!
تفاجئت جيهان بحدته وجفائه وكأنه اصبح مخلوقا آخر فجأة !! فقالت بحيرة :
_ كنت جاية اقضي فترة الاجازة في مكان قريب من هنا ، بس توهت ومعرفتش أوصله ،وللأسف العنوان ضاع مع عربيتي وكل شنطي وحاجتي …!
انتبه أكرم لما ترتديه وابعد عينيه بعصبية ، ثم نظر اليها بنظرة عميقة وقال :
_ عشان تفضلي هنا في شرط واحد ..
خمنت جيهان أي شرط يريده ، فابتسمت سرا لظنها وقالت بثبات ظاهري :
_ شرط ايه ؟
نفث أكرم دخان سيجارته وابتسم لها بسخرية وقال :
_ ترجعي زي ما كنتي ، أنا مش بستقبل أي ست في بيتي .. ومش هتفضلي هنا وأنتي كده.
وأشار لما ترتديه بغلظة، ورغم نظرة الدفء والأعجاب الشديد بعينيه كلما التقت نظراتهما، ولكنه قال بلا اكتراث :

 

_ القرار قرارك ..
شهقت جيهان من الصدمة ، هذا كان آخر شيء ممكن أن تتوقعه !! … الهذا ولهذا عادت ؟! ..
وما جمدها أكثر هي تلك النظرة الساخرة منها ، والذي يبدو وكأنه قرأ افكارها وسخر منها …! .. هل كانت حمقاء حينما عادت ؟!
أم أن في عودتها الصواب لتكتشف أنها أحبت رجل قلبه من. رصاص !! .. لا يقتحم القلوب إلا للموت ..!

شهقت جيهان من الصدمة ، هذا كان آخر شيء ممكن أن تتوقعه !! … الهذا ولهذا عادت ؟! ..
وما جمدها أكثر هي تلك النظرة الساخرة منه، والذي يبدو وكأنه قرأ افكارها وسخر منها …! هل كانت حمقاء حينما عادت ؟!
أم أن في عودتها الصواب لتكتشف أنها أحبت رجل قلبه من رصاص !! .. لا يقتحم القلوب إلا للموت ..!
توترت عينيها التي سردت بإفصاح كل ما تفكر فيه، خيبة ام خذلان أم كل الأختيارات المؤسفة؟!، وما أزعجها أكثر هي نظراته الساخرة منها، كأنه يسخر من مشاعرها التي باتت واضحة بعد قرارها الغبي بالعودة، كان أكثر قراراتها حماقة وغباء حينما اطاعت قلبها وعادت ليسنّ أنيابه على أرق ما فيها، قلبها ! ..
والعجيب والغامض في أمره أنه على ما يبدو يلاعبها ؟!
كأنه يتلذذ بتعذيبها ورؤيتها كمسخ وشيء مجهول الهوية ! .. فقالت وقد أرادت رد الصاع له قبل أن تذهب من هنا بلا رجعة :
_ موافقــة .
حدجها بنظرة قوية مليئة بالتحدي، وتعجبت أن الانزعاج والقلق ارتسم على وجهه للحظات خاطفة، وكأنه أراد أن يظهر بمظهر الواثق الغير مهتم بوجودها من الأساس على أي وجه فقال وهو ينظر لجهة أخرى :
_ براحتـك .. وبما إنك وافقتي فأظن أن شرطي واضح من غير شرح وتفاصيل مش فاضيلها ، أنتي هنا مش بأي صفة غير إنك ولد من الولاد الموجودين.
ابتسمت بسخرية وقالت وهي تصحح له :
_ وبما أني هكون ولد أو يعني بقيت ، ليه بتقولي أنتي ؟! … أظن إنك أنت اللي مش عارف تعتبرني ولد رغم إنك بتحاول بكل طاقتك !!.
صوّب نظراته الحادة نحوها بحركة خاطفة جعلتها ترتاب منه، ويبدو أنها استفزته بهذا التصريح، فنهض من مقعده وإتجه وجهتها ببطء وبنظرة ضيقة جعلتها تبتلع ريقها بتوتر .. ولكي يثبت لنفسه أولًا إنها مخطئة قال بعصبية رغم ثباته :
_ ما تتعديش حدودك معايا، مكانك ومساحتك هنا مش أكتر من الموجودين في القصر، ما تحلميش بأكتر من كده ، عشان أنتي اللي هتتعبي، ولوحدك ..!
شحب وجه جيهان وهي تنظر له بصدمة، الغضب على وجهه يؤكد أنها فهمت حديثه على الوجه الصحيح، التمعت عينيها بالدموع ولكنها تحكمت بصعوبة بتلك الدموع وقالت بحسرة تخفيها :
_ في ناس كتير أوي كانت مستنياني اهم بكتير أوي منك ومن وجودي هنا .. لكن رجعت عشان الولاد اللي في القصر ، محبتش أكمل هروبي وأمشي بالطريقة دي وأكسر بخاطرهم .. وقررت لما أمشي يكون برضاهم عشان ما أحسش بالذنب .. لكن لو مش هما مكنتش شوفت وشي طول حياتك .. عيد حساباتك لإن واضح إن كلها غلط ومبنية على وهم ..! أنت من كتر ما بقتش تتكلم مع حد بقيت مثير للشفقة !.
رمت تلك الكلمات على مسمعه كالرصاص، كأنها ترد عليه بنفس الطريقة الغير مباشرة إنها لم تعود لأجله مثلما يعتقد!، فابتلعت مرارة كذبتها واستدارت لتخرج وتستطيع استنشاق الهواء بحرية وترك العنان لدموعها ، ولكنها وجدت نفسها تستدير بحركة عنيفة من يده وهو يقبض على معصم يدها وينظر لعمق عينيها بعنف وغضب، كأنه يجبرها على الإعتراف إنها كاذبة !!
وغضبه هذا غير مفهوم لو تمت مقارنته بما تفوه به منذ قليل !! .. كأنه غضب أنه خارج أفكارها ؟!
حاولت التملص من قبضته وهي تتألم من شدة يده على معصمها وكأنه يعاقبها على ما تفوهت به ، حتى تركها فجأة وقالت ببكاء وهي تمسد معصمها وتحرر به الدماء :
_ أنت مش طبيعي … أنت اكيد مجنون أو فيك حاجة غلط عشان كده هربان في مكان زي ده ..؟!
أطبق شفتيه بعصبية كأنه يحاول التحكم بغيظه، وركضت جيهان خارج المكتبة وهي تبك وشعور الندم ملء فضاء نفسها المنكسرة … شاهدها الصغار وهي بتلك الحالة، فنكسوا رؤوسهم في الم وحزن وقد ظنوا أن سبب دموعها هو رفض سيد القصر بقائها أو ربما قرر طردهم جميعاً، وحينما خرج أكرم والغضب يزخرف ملامحه بوضوح، صرخت الصغيرة أشهاد ببكاء وهي على كرسيها المتحرك بالطابق العلوي وقد همست لها صديقتها وصيفة بما حدث للتو :
_ لو ماما جيهان مشيت أنا همشي معاها ..
واعلنت أعين الصغار الدموع وبعضهم يردد ما قالته أشهاد، والآخرين التزموا الصمت مع الدموع، بينما خرج الصبي شامي من صمته وقد أغضبته دموع أشهاد وقال :
_ وأنا همشي معاكي يا أشهاد .. احنا مش هنفضل مرعوبين منه من أقل غلطة ، الشارع أرحم .
ضيّق أكرم عينيه بدهشة من تصريح الصبي ، ولم يستطع التحكم بنفسه حينما هوت يده بصفعة مدوية على وجه شامي وقال له بصوتً مفجع وبتهديد :
_ عشان أنت غبي ، محدش فيكم هيتنقل من القصر ، واللي هيخطي خطوة واحدة برا مايلومش غير نفسه ..
اتسعت أعين الصغار بذعر بعد ما حدث ، بينما نظر شامي بدموع ساقطة على خده بألم لأكرم الذي كان يعتبره كأبيه، ثم قال بعزة نفس وهو يبك :
_ أنت مش أبويا وأنا مش تحت أمرك يا أكرم بيه ، والشارع ارحم من الإهانة !.
صرخت أشهاد وهي تناشد شامي بأن يتوقف حتى تحرك مقعدها على درجات السلم واختلّ بلمح البصر، وسقطت على الدرج وهي تصرخ بألم .. فهرع أكرم نحوها بخوف أب كاد أن يفقد أبنته، وأوقف سقوطها حينما استقبل جسدها الصغير بذراعيه، ثم ضمها بحنان وعينيه مليئة بالألم والخوف … فبكت أشهاد وهي قريبة لصدره وقالت بحزن وهي تحاول أن تبعده عنها لأول مرة :
_ أنت خدتنا من الشارع ووعدتنا تبقى حنين علينا، يبقى ليه عملت كده ! .. ده أنا كنت بقولك يابابا !! .. لكن من النهاردة أنا..
ضمها أكرم لصدره وقال بأسف وأعتذار شديد وهو يمرر يده برقة على رأسها :
_ أنتي بنتي وهتفضلي بنتي وكلكم ولادي .. واللي عملته مع شامي عملته كأب .. لو استنيتي دقايق كنتي عرفتي أني هصالحه وارجعه .. أنا مقدرش استغنى عنكم .. أنا سيبت كل الدنيا واكتفيت بيكم .. مش عايز اسمع اللي سمعته ده تاني أبدًا.
شعرت جيهان بالعجز وهي تشاهدهما من بعيد بعدما عادت راكضة إثر سماعها صراخ أشهاد، ولكن ذلك المشهد الجم حركتها وجعلها تقع ببئر من الحيرة والغموض بحقيقة هذا الرجل !
يبدو الآن خصيصا على النقيض تماما مما كان عليها منذ دقائق! … وفجأة ظهر شامي وهو يركض نحو أشهاد وأكرم ليطمئن عليها وهو يبك ويقول :
_ أنتي بخير يا أشهاد ؟!
هزت أشهاد رأسها بالايجاب رغم الم الكدمات التي لحقت برأسها وجسدها ومسحت عينيها وهي تقول برجاء :
_ ماتمشيش من القصر وتسيبنا يا شامي ..
وكان يبدو على الصبي إنه أخذ قراره بالفعل بلا رجعة أو تردد، فقال أكرم وهو ينظر لشامي بنظرات عتاب :
_ سبيلي شامي يا أشهاد ، ليا كلام معاه لوحدنا ..
رد شامي وهو يمسح عينيه من الدموع وقال بتصميم :
_ أنا ماشي يا أشهاد، مش هقعد هنا تاني مهما حصل .. بس هاجي اطمن عليكي كل شوية .. وأمشي تاني.
تنفس أكرم بعصبية وحمل الصغيرة كي يضعها بفراشها في غرفتها بالطابق العلوي، وهمس لها كي تطمئن أن كل شيء سيكون على ما يرام بعدما رآها تعود للبكاء من جديد .. وصعد خلفه شامي وبقية الصغار ، وراقبت جيهان الموقف من بعيد بتردد في التدخل بينهم والصعود رغم لهفتها الشديدة لرعاية أشهاد ، خلافا لشعورها بالذنب أن كل ما حدث كانت هي من اشعلت فتيله منذ البداية.
***************
بالكاد دخلت جيهان الغرفة المكتظة بالصغار الملتفين حول فراش أشهاد، بينما أكرم يضمد جرح رأسها بعناية ودقة .. فقالت أشهاد بحياء :
_ في جرح في رجلي .. بس ..
فهم أكرم سبب توترها وربت على يدها برقة، فأسرعت جيهان اليها وقالت :
_ أنا معاكي ما تقلقيش ..
لمست أشهاد يد جيهان برقة وقالت مبتسمة :
_ يعني مش هتمشي يا ماما جيهان ؟
ارتبكت جيهان وشعرت بغصة مريرة بتغيير قرارها باللحظة الأخيرة ، وبعدما قاله فقد قررت الفرار مجددا رغم موافقتها على شرطه .. بينما الآن هي اجبرت على البقاء من جديد اقلا حتى تطمئن على صحة الصغيرة فقالت بصدق :
_ كنت ناوية .. بس عشانك هفضل ، على الاقل لحد ما تخفي ..
ضيّق أكرم عينيه عليها بعصبية .. فقال شامي فجأة :
_ وأنا زيك .. هطمن على أشهاد وبعدين همشي ، همشي معاكي … حتى ما تبقيش لوحدك في الطريق ..
انتفض أكرم من مكانه وارتسمت معالم الغضب المخيفة على محياه مرةً أخرى وهو يهتف بوجه جيهان ويقول باتهام :
_ عرفتي بقا كنت برفض ليه أي حد غريب خصوصا لو ست تدخل هنا ؟! … عشان أنتي واللي زيك مابيجيش من وراكم غير الغدر والخيانة والمشاكل .. اللي بيحصل ده كله بسببك !.
تمسكت أشهاد بيد جيهان كأنها تعتذر لها عن ما تسمعه ، فابتلعت جيهان ريقها بصعوبة، وهي من اتهمت نفسها بذلك قبل أن يتهمها، فقالت بهدوء أغضبه أكثر:
_ هكرر كلامي تاني وهفكرك أن وجودي هنا مؤقت، كام يوم بس لحد ما أشهاد تتحسن ، عشان أكون مطمنة عليها لما أمشي .. يعني كلها أيام وهتخلص مني للأبد .. أطمن.
زم أكرم شفتيه بغضب شديد وبدا كأنه لا يطيق كلمة إضافية منها، ثم خرج من الغرفة وصوت أنفاسه العالية كان مسموعا .. أطرفت جيهان عينيها بحيرة .. وما باتت تعرف أيريد بقائها هنا أم رحيلها بأقرب فرصة ؟!
ربتت لى رأس الصغيرة المصابة بجروح عدة بجسدها بحنان كي تهدأ ، ثم نظرت لشامي وقالت :
_ عايزة اتكلم معاك شوية يا شامي ..
نظر الصبي شامي للأرض بنظرة تائهة وضائعة ، واوجعت قلب جيهان تلك النظرات البريئة والحزينة بعين الصبي، كأنه يرتعب من العودة للمبيت على الأرصفة والشوارع ولكنه مجبر … ولم يجيب الصبي سوى بالصمت ، فقالت للصغار :
_ خد أخواتك يا شامي وارجعوا العبوا لحد ما أطهر جروح أشهاد …
أطاع الصبي الأمر وأخرج جميع الصغار ، وما تبقى بالغرفة سوى أشهاد والفتيات وجيهان تتأكد من إغلاق الغرفة عليهن، ثم عادت لأشهاد وبدأت بتضميد الجروح بجسدها واحدًا تلو الآخر … وقالت عندما شاهدت الصغيرة تبك في صمت :
_ ماتخافيش يا أشهاد … مش هاخد شامي معايا وهيفضل هنا … هفضل أقنعه لحد ما يوافق .. بس بصراحة عايزة أعرف حاجة ، هو شامي قريبك ؟
مسحت الصغيرة عينيها وتدخلت وصيفة وهي تبتسم وقالت :
_ محدش فينا قريب التاني .. بس أشهاد وشامي بالذات بنعتبرهم كلنا شخص واحد … أصل شامي لقاها وهي صغيرة مرمية في الطريق ، وكان لسه طفل صغير وأكبر منها بسنتين تلاتة كده .. فضل يصرخ وهو بيحاول يجرها لحد ما ناس انقذوها وأخدوهم هما الاتنين ، وقعدوا معاهم شوية ورجعوا للشارع تاني … ومن يومها وهو مسؤول عنها ..
اكملت أشهاد وقالت :
_ لما عملت حادثة وعجزت وعنيا راحت فيها ، بقا يجبلي الأكل ويأكلني .. بيعمل كل حاجة اطلبها بطيب خاطر، أنا مقدرش أبعد عنه ، ده هو كل عيلتي واكتر حد أعرفه في الدنيا.
ابتسمت جيهان برقة وتأكدت أن هناك قصة حب عملاقة تلوح بالأفق، بعد سنوات قليلة سيعرفان أن ما بينهما رابطة أكثر مما يعتقدان … كم أحبت لو كانت هنا بتلك السنوات القادمة وتشهد على ذلك ! .. تنهدت جيهان بغصة عندما تذكرت قراراها بالرحيل والفراق المحتوم وقالت :
_ ماتخافيش … مش هيمشي وده وعد مني ..
وضعت وصيفة يدها على كتف جيهان وقالت بألم :
_ وأنتي يا ماما جيهان ؟ … أوعدينا تفضلي معانا … ده أحنا اتعلقنا بيكي فوق ما تتخيلي ..
ربتت جيهان على يد الصغيرة وصيفة وقالت بحنان :
_ حبيبتي أنا حتى لو مشيت هفضل على تواصل معاكم، هبعتلكم عربيات تجيبكم لحد عندي في الفيلا … صدقوني أنا كمان حبيتكم أوي ..
هبت رضا وقالت بحماس وانبهار:
_ إيه ده استني كده ! … أنتي عندك فيلا ؟!
ابتسمت جيهان وأجابت :
_ عندي ٢ مش واحدة .. وعندي حاجات كتير أوي يا رضا ، وعمري ما ضحكت من قلبي زي ما ضحكت معاكم .. عمري ما نمت وشبعت نوم من غير دمعة واحدة تنزل على خدي غير هنا … في حاجات كتير أوي حسيتها هنا كنت أول مرة أحسها في حياتي .. بس ..
وتحكمت جيهان بدموعها قبل أن تفر وأضافت :
_ حتى لو بعدت عن هنا ، مش هبعد عنكم ..
أطمئن الصغار بعض الشيء من تأكيدها، وانتظرت جيهان حتى خلدوا للفراش ورغبت بشدة بالخروج لاستنشاق بعض الهواء .. وطرد بعض من الضيق الذي يملأ صدرها .. فتسحبت ببطء وفتحت الباب ، لتخترق أنفها رائحة عطر مميزة تعرفها عن كثب، وآلت ذلك لوجوده هنا منذ بعض الوقت ولم تخمن اكثر من ذلك، فمن الطبيعي أن يلتصق ويندمج عطره ولو قليلًا بالهواء .. وقررت الصعود للغرفة الصغيرة على سطح المبنى ، لا تريد الخروج من القصر حيث يوجد هو هنا أو هناك ويتقابلا ..
***********
صعدت الدرجات وهي تتنهد بضيق شديد، حتى تسلل لسمعها صوت دافئ لألة موسيقية، ولحن يبدو وكأنها سمعته من قبل .. وقفت جيهان تنظر حولها لتكتشف من أين يأت ذلك الصوت ، ولكن سحرها ذلك العزف المحترف وتعترفت على المقطوعة التي كانت لحن لأغنية أنجليزية لمطرب عالمي .. وتذكرت كلمات المقطوعة التي كانت أعجبتها حين أصدارها منذ عدة سنوات … كلمات حزينة لرجل عشق ولكنه خائف من التجربة … حتى لا تصيبة لعنة الخيانة من جديد !… رجل خائف لأنه أخيرًا وبعد سنوات وجد ما كان يبحث عنه .. ولكنه لا زال خائفاً!.
وتقدمت جيهان خطوات حتى تبحث عن مصدر الصوت ، حتى وفغرت فاها عندما وجدته يحمل آلة موسيقية على كتفه بلمسة احترافية وحركة يده تدل أنه تدرب لسنوات !! … ظلت محدقة فيه ببلاهة وذهول حتى أنزل أكرم الآلة ولم يتعجب من ظهورها أمامه فجأة … كأنه أنتظرها !.
استند بظهره على السور خلفه في ثبات وعينيه مثبتة عليها بعمق، حتى أشارت جيهان بدهشة للآلة الذي تركها بجانبه وقالت:
_ أنت بتعرف تعزف كده أزاي ؟!
ظل صامتا وهو ينظر لها بصمت ونظرة غامضة لم تستطع تفسيرها ! .. فارتبكت وتذكرت قرارها الأول بتجاهله طوال مدة بقائها هنا ، فاستدارت وكأن لايعنيها الأمر، وقررت الذهاب والخلود للنوم … حتى قال بثبات:
_ جيهان ..
توترت جيهان وخفق قلبها بسرعة لصدى صوته وهو ينطق اسمها والذي تردد بداخلها … حتى استدارت له بصعوبة وقالت بارتباك وهي تتهرب من عينيه :
_ مش المفروض هتعاملني أني ولد ؟!
تحرك واقترب منها ببطء حتى قال بصوت خافت نسبيا عندما وقف أمامها ثابتا وواثقا :
_ بحاول بس مش مقتنع أني هعرف ..
رفعت عينيها له حتى دهشت عندما لمحت طيف ابتسامة صادقة خالية من أي طيف سخرية، اطرفت عينيها بدهشة حتى كرر اسمها مرةً أخرى … فقالت بحدة وقد تظاهرت بذلك لتخفي ارتباكها :
_ ايوة في إيه ؟! .. هتفضل تردد اسمي كده ؟! … بما أني هقعد هنا كام يوم كمان، اختار اسم ولد يعجبك وناديلي بيه ..
كان هذا الاختيار يريحها أكثر من أن ينطق اسمها بتلك الطريقة ، فابتسم بنظرة ضيقة وقال :
_ جيـــهان … الاسم ده عاجبني .. ومش هناديلك غير بيه.
تصبغ وجهها واصبح بلون الدماء وهي تبتسم لنفسها سرًا ، بينما أمامه عقدت حاجبيها كأن لا يروقها ما تسمعه ، حتى تركها وتحرك من أمامها وهو يصفر ويدندن تلك المقطوعة الذي كان يتنغم بها بآلته منذ قليل … وأختفى بعد لحظات، وشعرت وكأنها كانت تحلم ، لا يمكن أن يكون هو ذلك المخيف والغاضب !
ولكن تسللت الابتسامة لشفتيها عندما تردد حديثه بعقلها … أو بالأصح قلبها ..
________________________

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية سيد القصر الجنوبي)

تعليق واحد

اترك رد

error: Content is protected !!