رواية غرورها جن جنوني الفصل التاسع 9 بقلم ابتسام محمود
رواية غرورها جن جنوني الفصل التاسع 9 بقلم ابتسام محمود
رواية غرورها جن جنوني البارت التاسع
رواية غرورها جن جنوني الجزء التاسع
رواية غرورها جن جنوني الحلقة التاسعة
أخذهن ثلاثتهن وذهب بهن إلى المشفى، كل منهن داخلها فزع وهلع من المستقبل. وعندما وصلوا إلى المشفى، تنزل “كارما” تمسك يد جدتها، و”مستقبل” يركض خلف “فريدة” التي تركض والذعر يستحوذ على ملامحها، سألت عن ابنتها ممرضة تسير بجوارها فأمسكت يدها وعينها تنزف دمًا بدل من الدموع، فقالت إنها في غرفة العمليات؛ لأن حدث لها انفجار في المرارة وسبب لها كل هذا، انتظروا جميعهم بجوار الغرفة داعين الله أن ينجدها.
الخبر لم يخفَ على “نايا” فأخبرها “وجود” القلـِق الذي يشعر بالذنب فيما حدث لها، لم تنتظر ثانية واتصلت على “فريدة” لكنها لا تجيب عليها، فقامت بالاتصال بـ”دانية”، وجدتها لا تعرف شيئًا فنزلتا معًا إلى المشفى.
بعد ساعة خرجت “زينة” مغمضة عينيها، لكن دموعها ما زالت تتساقط، حينما رآها “مستقبل” زم شفتيه وظل يسب أخاه الذي يسيطر على عقله الغباء.
أمسكت “فريدة” يد ابنتها تقبلها فصاحت عليها بدموع، فوضع “شادي” يده على كتفها يطمئنها أنها ستصبح بخير، وقفت “نايا” بجوار “فريدة” تهدئها، و”دانية” جلست تحت قدم أمها تطمئنها هي وابنتها.
انسحب “مستقبل” صامتًا فشكلها يمزق قلبه ولا يقدر على التحمل.
فتحت “زينة” عينها ببطء، تحاول النظر على من أمامها، لكنها لم تستطع رؤيتهم رؤية واضحة، فرمشت عدة مرات، في آخر مرة تحاول فتحها رويدًا رويدًا:
– بابي، أنت هنا.
رفع رأسه تجاهها وانطلق مسرعًا إليها ووضع يده حول جسدها بالكامل، عينه تتلألأ بالدموع، و”فريدة” تحدثها:
– حبيبتى طمنيني عليكي أنتي حاسة بإيه؟
سمعت صوت أمها فابتعدت عن حضن والدها، لكنها ظلت تمسك يده وارتمت داخل حضن أمها:
– عيني مزغللة أووي وحاسة بصداع، دماغي هتنفجر.
حينما سمعوا ما تفوهت به قاموا جميعهم فزعين، ناظرين نحوها جاحظين الأعين بقلق ورعب، إلا أمها التي تسكن حضنها ابنتها، تسارعت دقات قلبها ناقلة نظرها لزوجها بلهفة حتى يبث الطمأنينة إليها، فتلاقت أعينهما وأدرك ما يدور في عقلها من تساؤلات فهز رأسه وهو يميل بجسده عليها، ناظرًا لخضرة عينيها اللتين تدمعان، وبعد ما كشف عليها ربت على ظهرها بحنان قائلًا:
– حبيبة بابي، أنتي كويسة هي بس فيها زغللة من الدموع وتأثير البنج، أما الصداع بسبب أنك رفعتي راسك بعد العملية، ما ينفعش ترفعي راسك ولا تنامي على حاجة عالية.
ثم سحبها من حضن أمها، حتى يمدد جسدها على فراش متساويًا بدون وسادة، بأريحية.
ثم نهض يجلس بجوار “فريدة” يسحب جسدها داخل حضنه وهو يمسد على شعرها.
★★★★★
يجلس “وجود” بتوتر واضطراب، يهز قدمه بقلق، فنهض حينما رآه “مستقبل” يدخل الفيلا، فقال بصوت مرتبك:
– هي عاملة إيه؟
طال رده عليه وهو يتفحصه بوجوم، فكان ينتظر إجابته بلهفه وقلق، انتظره لثوانٍ شعر أنهم ساعات كثيرة، فقال:
– في إيه يا مستقبل ما ترد؟
– سبحان الله، تكون الجاني وعايز تتطمن على ضحيتك، مش غريبة برضو؟!
كلام أخيه زاد من تأنيب ضميره، فرد بصوت مزمجر:
– جاني! تصدق إني غلطان علشان بسأل عليها.
قال جملته ورحل والضيق يظهر عليه.
وقف “مستقبل” يشفق على حال “زينة” من الحجر الذي يسكن داخل قلب أخيه جاف المشاعر.
★★★★★
صعد غرفته وأمسك هاتفه الذي يضيء ويهتز يعلن عن صدور مكالمة من خطيبته، ضغط على زر الرفض وأغلق الهاتف، ثم قذفه على الأرض بعصبية وجلس يمسك رأسه. لم يتحمل أن يظل بمفرده، شعر أن عقله سيصاب بالجنون، بدَّل ملابسه ونزل يركب سيارته، لا يحدد خط سيره، أخذ يدور في الشوارع واضعًا يدًا على المقود، ويدًا يرفع بها شعره ويمسك رأسه بقوة، فجأه سمع صوت إسعاف وصوت ضجيج وحالة هرج ومرج، التفت بنظره على الصوت وجد نفسه أمام المشفى، الذي يكون “شادي” شريكًا فيها. سأل نفسه، هل تكون هنا؟ لم يتردد وهو يركن سيارته وصعد ليطمئن بنفسه؛ فهي بمنزلة بنت خالته التي ولدت وترعرعت بين يديه، فشجع نفسه حتى وصل غرفتها، أخذ نفسًا طويلًا ثم طرق على الباب ودخل، اقتربت إليه “نايا” تستقبله بابتسامة حزينة، ثم صافح الجميع على استحياء، وأخيرًا استقرت عينه على النائمة على الفراش، حين لمحته يدلف الغرفة أغمضت عينها بقوة، ودموعها تتساقط واحدة تلو الأخرى في صمت، ينكمش جسدها برعب وخوف منه وقد أصبح يقف أمامها، انتبه “شادي” للموقف فنهض متشبثًا بيد ابنته، ثم قال بصوت واهن:
– بعد إذنك هي تعبانة والزيارة ممنوعة، اتفضل.
لم يقل هذا الحديث من فراغ، فشعر بانقباض قلبها، وارتجاف جسدها عندما استقر بالغرفة.
– أنا كنت عايز أطمن عليها، على العموم ألف سلامة.
قالها بعد أن تحمحم وانصرف مسرعًا من أمام أعين الجميع التي تلقي عليه كل الاتهامات، نزل متوجهًا لسيارته بغضب، فتح بابها بقوة يكاد أن يحطمه بيده، ثم وضع المفتاح بداخلها وانطلق بسرعة السهم، فذهنه يفكر ماذا فعل حتى تفزع منه بهذا الشكل، فتذكر ما حدث في الصباح. أيعقل أن تكون فعلًا صفعت “كاميليا” بالقلم على وجنتها مثلما قصت عليه خطيبته؟ فكيف للطفلة البريئة هذه أن تهاجم فتاة صاحبة هذا الطول الفارع؟! لا بد أن هناك حلقة مفقودة فيما حدث، ويجب عليه أن يعرفها، ذهب لتوأمه حتى يفهم منه كل شيء، عندما وصل دخل مهرولًا قائلًا:
– ممكن أفهم اللي حصل بالظبط.
مال برأسه يتأمله؛ الآن يود فهم الحقيقة! بعدما كان يلح عليه هو أن يقص عليه الحقيقة، لكن الآن انتهى كل شيء، فحدَّثه بسخرية:
– حصل! اللي حصل حصل بطحينة.
أمسكه من ثيابه بضيق قائلًا من بين أسنانه:
– مش وقت خفة دم أهلك، انجز.
– ما أنا قولتلك كلامي خلص قبل كده، ففكك مني.
قالها وهو يخلص نفسه من بين يديه. زفر “وجود” أنفاسه بقوة وهو يمسح وجهه، قائلًا بحدة قبل أن يتركه:
– تمام.
فجلس “مستقبل” مكانه مرة ثانية يضحك بسخرية.
★★★★★
غاب القمر بعد مرور الوقت كالسلحفاة بالنسبة للجميع، وأشرقت شمس يوم جديد، ينزل “وجود” درج السلم، ولم يحدِّث أخاه الذي كان وما زال يجلس أمام التلفاز، فنزلت خلفه “توتا” وعلى وجهها الضيق وهي تلقي عليهما الصباح بغيظ، اقترب منها “وجود” مقبلًا وجنتها:
– صباحك سكر.
فيرد “مستقبل” بمشاكسة، على شكلها:
– صباح الصباح يا جميل، مال خلقتك أنتي كمان؟
– هيكون مالي، مش عارفة بابا ليه بليني بالكائن حازم دا، وكمان على الصبح.
ضحك “مستقبل” بقوة وهو يقول:
– من أعمالكم سلط عليكم.
انكمش وجهها بضيق، فأمسكت وسادة صغيرة كانت على الأريكة وألقتها عليه فأمسك يدها “وجود”، بهدوء أخذها إلى الحديقة، فقام خلفهما “مستقبل” يستند بجسده على الحائط ويضع يده داخل جيبه، يتنصت على كلام أخيه:
– ممكن أعرف مش بتطيقي حازم ليه؟ مع إن هو أكبر مني، بس بحبه جدًّا، راجل ذوق ومحترم.
– ذوق ومحترم! ومع بعض؟ دا اللي هو إزاي؟!
– اسمعي مني، أنا أعرفه كويس أووي.
– صح اسمعى واشتري من العاقل، اللي بيلبس الدنيا في بعض.
قالها “مستقبل” بتدخل وهو يتوجه إليهما، ثم وقف بجوارهما، تركهما “وجود” بعد ما رمقه بحدة حتى لا يفقد صوابه، فتقول “توتا” بتوهان:
– طيب اعمل إيه يا مستقبل؟
– عليكي وعلى فن الرد.
مطت فمها باستغراب، وبعينها استفهام، فيرد عليها:
– لازم تتعلمي فن الرد، يعني مهما يكون اللي قدامك بيعصبك بكلامه مش تندفعي زي الجردل وتردي، لو عايزة تردي اسمعي كلامه كويس، ومن كلامه هتعرفي تردي عليه؛ مش أوقات كتير لما تقعدي مع نفسك بعد مشكلة، بتراجعي الحوار اللي دار بينكم في دماغك، وتقولي المفروض كنت قلت كده.
هزت رأسها بالتأكيد، فأكمل بتوضيح:
– دا معناه إنك اديتي لعقلك الفرصة يفكر في كل كلمة وأعصابك بقت أهدى، فبالتالي بتعرفي تجمعي الرد المناسب لكلامه.
– اوعي تمشي ورا كلامه، هو يبان إنه دمه خفيف ولذيذ؛ بس عقله بيودي في داهية.
نطق بها “وجود” الذي يقف بجوار سيارته، فأجابه وهو يرمقه بحدة:
– داهية لما تشيلك.
ثم نظر لأخته يغمز لها بطرف عينه ويكمل حديثه:
– أهو من كلامه جبت الرد، اتعلمي بقى.
استشاط غيظًا، وكاد أن يرد لكن أوقفته من أتت من خلفه تلف يدها حول خصره:
– هاي بيبي، اتأخرت عليك؟ أصل كنت واقفة أشم هوا بره.
نظر “مستقبل” لـ”توتا” ففهمته، لتقول عن قصد:
– وقفت الماية في زورك.
جحظت عيناها، ثم صك” وجود” أسنانه، فتقول “توتا” متصنعة الكسوف:
– لا أنتي فاكراني بشتمك، دا مستقبل بيعلمني فن الرد، ها يا مستقبل شغال.
– كده نجحتي واطمنت عليكي، انطلقي.
ثم تحركت تصعد السيارة متجاهلة عين أخيها التي تصب عليها نيران مشتعلة، رمقتها “كاميليا” بغيظ، ثم نظرت لـ”وجود” الذي قال بابتسامة باهتة، وضيق ظاهر:
– بتهزر، اتفضلي اركبي.
ركبت وهي تتمنى أن تخنق “توتا”، حتى تفصل رأسها عن جسدها.
★★★★★
وصلت لمقر التدريب ودخلت على تمرينها بدون حديث مع “حازم”؛ فاليوم تمرين فروسية، فقال بعد أن ركبت الفرسة البيضاء وهو يضع يده على ظهرها:
– افردي ضهرك وارفعي راسك.
– يا سافل يا قليل الأدب يا مش محترم.
قالتها “توتا” بدون تفكير بعد أن شعرت بيده تمشي على ظهرها وأصابتها القشعريرة، فوقف يكبح غضبه وهو يضيق عينه بتساؤل واستغراب:
– كل دا أنا؟! والله أنتي هبلة فعلًا، عملتلك حاجة يا مجنونة.
– أنا مجنونة؟ تحط إيدك اللي تنشل على ضهري ليه؟
قالتها وهي تنزل من على ظهر الحصان، وكادت تصفعه على وجنته فأمسك يدها، فرفعت الثانية أمسكها قبل أن تصل لوجهه، فوضعهما خلف ظهرها وأمسكهما بيد واحدة، ناظرًا لعينيها بتحدٍ:
– كلامك كنت هعديه بس إنك تفكري مجرد تفكير تمدي إيدك عليا، هقطعها المرة الجاية، ودلوقتي لازم تعتذري.
كانت تحاول الإفلات من بين قبضة يده القوية كالنمر، فترد عليه بتعالٍ:
– مستحيل اعتذر وليك بالتحديد، سيبني يا مش محترم.
– اللي أعرفه واتربيت عليه، هتغلط هتحط نفسك في مواضع تحرج، إنما هتمشي عدل هيحتار عدوك فيك. فأنتي ببساطة كده هتقولي يا حازم أنا آسفة وما كنتش أقصد وإلا أقسم بالله أندمك على نفسك.
– لا أقصد وأقصد أوي، وكفاية تعرض عليا أقول إيه؛ لأني لغيت من تليفوني القاموس علشان بتخنق من اللي بيقترح عليا كلمة مش عايزاها، ما بالك بقى من اللي بيقترح عليا جمل، وأنت لو راجل ما كنتش عملت كده.
– احترمي نفسك أنا راجل غصب عنك.
– طيب سيب ووريني رجولتك!
– ما تحاوليش مش هسيبك غير لما…
قاطعته وهي تقفز تضربه بالرأس على رأسه، تفاداها سريعًا وهو يركلها في قدمها أوقعها على الأرض، قائلًا وهو يحاوط جسدها ورافعًا حاجبه الأيسر:
– كده هتعتذري صح.
رفعت قدمها من خلفه وضربته تحت الحزام، نهض وهو يغمض عينه من الألم، فقامت بسرعة فهد تركض، لكنه سبقها وأمسكها من زراعها مثل الصقر، حاولت أن تكرر فعلتها وتضربه بالرأس، لكنها فشلت مرة ثانية وأمسك شعرها، سحبت يدها من قبضته محاولة لكمه في بطنه، أمسكها ولم تنجح في إصابته، الغضب اعترى وجهها وصاحت بصوت عالٍ من الألم الذي ينتج عن مسك شعرها:
– سيبناااااي.
وقف بجانبهما رجل يصفق، على هذا العرض.
اكتسى وجه “حازم” الإحراج، وعينيها تلألأت بدموع، فتركها وأردف:
– حضرتك فاهم غلط.
– أمال إيه الصح.
هكذا قالها “مهيمن” وهو يأخذ ابنته داخل حضنه يمسد عليها، فأجابه “حازم” ببرود وهو يهز رأسه ببرأة ذئب:
– يا كوتش دا تمرين سرعة بديهة، توتا اللي بتتدلع.
أشارت له بطرف إصبعها السبابة، وهي ناظرة على أبيها بدموع تنفي ما قاله، ثم تخفض رأسها وتخرج لسانها “لحازم” بنصر، لكنَّ أباها انتبه لفعلتها فأبعدها بلطف قائلًا بمكر:
– لو كده تمام، عايزك النهاردا ضروري، تبقى تجيب توتا ونتكلم.
– تمام يا كوتش، وأنا كمان عايز حضرتك ضروري.
– تمام، سلام.
– با.. ب…
كانت تحاول تستنجد بأبيها، لكنه تركها ولم يعطِها أي اهتمام، فضحك “حازم” وأردف بتروٍ مستلذًا من ملامح خوفها:
– مفيش بابا، فيه أنا وأنتي.. فالزمي حدودك بعد كده واللي حصل ما تقلقيش هتتعاقبي عليه النهاردا وقدام أبوكي.
وانهى كلامه وهو يعقد زراعيه وأومأ برأسه بتأكد جدية قوله، هزت كتفيها وهي تتبختر أمامه بدلال:
– ولا يهمني، هو بابا كان هيسيبك تلمس مني شعرة وقدامه.
– لا طبعًا ودى تيجي، اتفضلى على التمرين وما تستعجليش.
قالها بابتسامة كبيرة تزين وجهه، فابتسامته أقلقتها أكثر من غضبه الذي كان عليه منذ قليل.
بعدما مضى وقتًا في مكتب “وجود” ينهض بعصبية بعدما رحل من كان يجلس معه، فتقترب منه “كاميليا” وهي تنظر لعمق عينه بضيق:
– بيبي، ما تبقاش عنيد، الفرصة مش هتتكرر.. دا ضاعف المبلغ، ومش عارفة ليه أنت متمسك بالبرنامج دا، ما دماغك تقدر تعمل زيه وأفضل كمان.
وقف أمامها يضم حاجبيه بذهول، ثم هاج بها صارخًا:
– أنتي عايزاني أبيع دماغي يا كاميليا، للدرجة دي مش مقدرة تعبي اللي مش تساوية فلوس العالم، مسألتيش نفسك هو ليه عايز يدفع كل المبلغ دا؟
– يا بيبي ما اقصدش، وما يهمنيش هو عايزه ليه؟
– أحب افهمك، اللي بيدفع جنيه في حاجة هيكسب منها عشرة، وغير إنه ممكن يستخدم البرنامج في حاجة ضد شرعنا ومبادئنا في الإسلام، ها يهمك ولا لسه؟
– ما دام دفع، ولا يهمني.
استفزه ردها فاحتدت نظراته لها ونهرها بقوة:
– أنا بقى يهمني؛ لأن أنا اللي هصممه وهشيل الذنب، وأنا بحذرك إياكي مرة تانية تتكلمي في الموضوع دا، حتى قدام أهلي زي ما عملتي امبارح.
أصابها الرعب من منظره الهائج، أخفضت رأسها لتجيب بنبرة متلعثمة:
– كنت عايزة مصلحتك سوري، وامبارح كنت بتكلم مع أنط عادي.
– كلمة عن شغلي ما تطلعش بره المكتب، مفهوم.
– حاضر.
بعد ما أنهى كلامه رحل من المكتب صافعًا الباب خلفه بقوة أفزعتها.
جعلها تعيد النظر من جديد، في كل شيء من وجهة نظرها.
ذهبت “كارما” إلى فيلاتها، حتى تحضر بعض الأشياء التي تخص “زينة”، وتساعدها في تسليتها أوقفتها أمها قائلة بمكر:
– هتقابلي مستقبل النهاردا؟
– أكيد يا ماما.
أجابتها وهي تحضر بعض الأشياء، فتوجهت “دانية” إلى حجرتها وأتت لها بقلم أحمر شفاه، ثم أمسكت وجهها وضعته لها على شفتاها، تركت “كارما” كل شيء من يدها تتطلع على الصورة المنعكسة بالمرآة بفرحة، ثم تذكرت ابنة خالتها:
– أنا فعلًا كان نفسي أحط روچ، لكن هو دا وقته يا ماما؟
– لا يا روح ماما، دا مش عياقة ولا علشان كبرتي. تؤتؤ خالص، دا زي ما أنا حطتهولك كده ترجعيلي بيه.
قالتها “دانية” وهي تغلق القلم بأحكام، فترد عليها بعدم فهم:
– هو حد قالك إني هطلعه زيرو؟!
– لا يا روحي أفهمك أنا، دا علشان لو “مستقبل” لمس شفايفك الحلوة دي تاني مرة اعرف، وأنا ما قولتش لأبوكي المرة اللي فاتت، أما لو حصل تاني هقوله يدبحك.
اختفى انعكاس وجه “كارما” من المرآة وهي تلف وتضع يدها على رقبتها بخوف حقيقي، وتبتلع ريقها بصعوبة:
– حرام عليكي يا ماما افرضي اتمسح وأنا باكل.
– مش مسئوليتي، وإياكي ما ترجعيش بيه يا كاري.
– ماما هو أنا كنت بتمنى تحطي ليا روچ قبل كده؟
– أيون.
– اعتبريني ندمانة.
أبلغتها حديثها، ومشيت تمد شفتيها للأمام مثل (بوز البطة) خوفًا أن يمسح، وتخرج تحمل بعض الأغراض بيدها تنتظر “مستقبل”، الذي قال لها ربع ساعة ويكون عندها، تقف أمامها سيارة يقول سائقها:
– تحبي أوصلك في حتة؟
تأففت بضيق، موجهة نظرها لمكان بعيدًا عنه قائلة من بين أسنانها:
– شكرًا.
– هو إيه اللي شكرًا، هو أنا باخد رأيك، اتفضلي اركبي.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية غرورها جن جنوني)