Uncategorized

رواية أنا والمجنونة الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

 رواية أنا والمجنونة الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

رواية أنا والمجنونة الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم الكاتبة يمنى عبد المنعم

حاولت نوال أن تهبط من بين ذراعيه صارخه به بخوف وقلق من نظرات التهديد والخبث التي بعينيه مما جعله، يزيد من ذلك الرعب الذي يكمن بداخل قلبها.
قائلاً لها بحدة: مش قلتلك انتِ اللي جبتيه لنفسك معايا، انحنى ناحية وجهها وهو يحملها بين ذراعيه.
شعرت بأنفاسه الحارة تلفح وجهها، فأخذت تدفعه بقبضتيها ليتركها ورغم تمسكه بها بقوة إلا أنها وجدته يُنزلها ويُجلسها على المقعد خلفها… يحاصرها بذراعيه الممدودين، ومستندين على حافته بالخلف على مسنده.
ازداد اضطراب تنفس نوال قائلة بصوت مخنوق: ياسين أرجوك ابعد عني… ماما هتقلق عليه هيه ومها.
ابتسم ساخراً بجانب شفتيه قائلاً لها بعبث: عادي هيقولوا واحده قاعدة مع جوزها… ثم صمت برهةً هامساً بشكل أزعجها مردفاً بقوله الهامس: ها هتعتذري بطريقتي وشروطي ولا تحبي أعمل حاجه نفسي أعملها من زمان…. بس بصبر نفسي وأقول سيبها دلوقتي.
حدقت به بصدمة…. وابتلعت ريقها بصعوبة شاعرة أن قلبها سيقتلع من مكانه من شدة وطأة نظراته لها…. والذي أعقبها بانحناءة ناحيته أكثر متلمساً لشفتيها بأنامله بنعومة جعلتها ترتعد بقلق.
أغلقت نوال عيناها من شدة هذا القرب مع ارتعاد قلبها وجسدها ولم تكن قادرة على النطق كأن عقلها وقلبها تحت تأثير هذه اللحظة التي تعيشها الآن كالمخدرة تحت تأثير مخدر ما.
ابتسم ياسين لنفسه بانتصار من تأثيره الواضح عليها، فانحنى أكثر نحو شفتيها الذي ينجذب إليها قائلاً بخفوت: ها هتعتذري ولا لأ…. فتحت عيناها ببطء… شاعرة بأنها في عالم منفصل بعيداً عن الواقع…. التي تحياه معه منذ فترة من الزمن.
فلما أحست بأنه سوف يقبلها قالت له بخفوت مضطرب: هعتذر… بس… بس…. بشرط تسيبني…. على طول بعدها.
ابتسم مرة أخرى بعبث قائلاً بانتصار: ماشي موافق يالا اعتذري، فقالت له بتوتر خافت: أنا آسفه إني هربت منك…. ممكن بقى تسيبني.
هز رأسه باعتراض… مستخف بها قائلاً لها بتهكم: هوه ده كده اعتذارك ليه…. مينفعش يا حلوة….!!!
ابتعلت ريقها بصعوبة، مستغربة من حديثه هذا قائلة له بتوتر: مينفعش ليه…!!! فهز رأسه مشيراً بإصبعه إلى وجنته لتقبله قائلاً لها بخبث: اعتذريلي هنا… ارتعش قلبها بعنف بين جنبات صدرها.
قائلة بنبرة مهزوزة: يعني إيه…. ضحك بعبث واضعاً نفس إصبعه على شفتيها ثم أبعده ليشير مرة أخرى نحو وجنته.
قائلاً بنبرة ساخرة: أظنك كده فهمتي…. مش كده يا جميل….!!! هزت رأسها رافضة وبشدة قائلة له بتذمر: إنت أكيد مجنون… أنا اعتذرت وخلاص على كده.
همس لها بضيق قائلاً: لا مش مقبول وإذا معتذرتيش زي ما قلت دلوقتي، وبشروطي، يبقى اعتبري نفسك محبوسة هنا معايا ومش هتنزلي تحت.
اتسعت عينيها بذهول من هذا التملك الواضح…. فارتجف قلبها بشدة واحمر وجهها بمزيج من الخجل والغضب قائلة له باستنكار: لا طبعاً مش هيحصل أبداً…
رمقها بغموض قائلاً باختصار عابث: تمام… يبقى متضيعيش وقتك ووقتي ونفذي شرطي واعتذري.
ضمت شفتيها بغيظ من تسلطه عليها بهذا الشكل، وقررت بداخلها أن تنفذ طلبه والتي ما إلا عباره عن أوامر ولابد من تنفيذها.
قائلة بضيق: حاضر بس بعدها هتسيبني أنزل، فابتسم ساخراً منها قائلاً بهمس عابث: اعتذري وهشوف.
رفعت نفسها إليه قليلاً ببطء وتردد نحو وجنته، فأحاطها بذراعه الأيسر من خصرها، لينهضها من على المقعد ويقربها منه أكثر وهو يرفعها من على الأرض قائلاً بمكر: كده أفضل… علشان يبقى اعتذارك ليه بضمير.
أخفضت رموشها بحياء من كلماته الخبيثة إليها، واحنت وجهها إليه وقبلته برقة على وجنته اليسرى… مثلما طلب منها، وقلبها يرتجف بشدة.
جاءت لتبتعد سريعاً عنه أمسكها ياسين بيده الأخرى من مؤخرة رأسها مثبتاً وجهها أمام وجهه، شاعراً باضطراب تنفسها أمام وجهه، متأملاً لشفتيها الحمراوين…. والتي ترتجف من كثرة تحديقه بها.
انحنى نحو شفتيها بأنفاس متسارعة فأغمضت عينيها بقوة، لقد أرادت أن تقاومه للنهاية، لكن هناك شيئاً ما بداخلها منعها من ذلك.
لامست شفتيه جزء بسيط من شفتيها….. ولم يستكمل قبلته لها وأبعدها عنه بسرعة حاده…. بعد أن تدفقت مشاعرهما سوياً، قائلاً بحنق حاد: ابعدي عني… يالا على اوضتك تحت.
تأملته بدون تصديق وغير فهم… كأنه شخص آخر يقف أمامها، شاعرة بغصة قوية في حلقها، ولمعت عينيها بالدموع رغماً عنها.
هامسة بصوتٍ متهدج: ياسين…!!!، زفر بحرارة ثم وضع كفيه في جيب بنطاله….. مولياً إياها ظهره متجاهلاً مشاعرها، قائلاً لها بغضب: يالا انزلي على تحت بسرعة واقفلي باب اوضتك عليكِ، وتاني مرة متجيش هنا لغاية ما أسافر فاهمة.
انتحبت نوال بقوة وهي تقف متجمدة من معاملته الجافة فجأة لها، فصرخ بها وهو يلتفت إليها بعصبية قائلاً بانفعال: انتِ لسه واقفة عندك بتعملي إيه….!!!
هزت رأسها بألم وحزن غير مصدقه ما صدر منه الآن، راكضه نحو باب منزله، ناسية حجابها الملقي على الأرض، فتحت الباب بسرعة كي تغادر المكان…. فوجدت من تقف أمامها، و تحدق بها بصدمة قوية ما لبثت أن تحولت إلى نظرات غاضبة.
لم يصدق جلال ما يحدث أمامه وركض إلى السيارة هاتفاً من بعيد بصوت عال قائلاً بثورة: مهجججة… مهججة….
اتسعت عينيً مهجة برعب شديد والرجل يريد أخذها بالقوة إلى داخل العربة، فقالت له بغضب: اوعى يا مجرم سيبني.. وكادت أن تخرج من جيب بنطالها شيء ما لكن… الرجل لم يمهلها الوقت لذلك، قائلاً لها بقسوة: هوه أنا عبيط علشان أسيبك ده إنتي ثروة بالنسبة بالي.
حاولت أن تستغيث بزوجها الذي لمحته يركض نحوها بسرعة، لكنها لم تستطع ذلك، فقد شاهده الرجل من بعيد، فسارع إلى تخديرها وكتم أنفاسها بيده حتى لا تصرخ أكثر من ذلك، ووضعها بسرعة داخل السيارة قائلاً للسائق: يالا بينا من اهنه بسرعة جبل ما تفوج وجوزها يلحجنا.
هربت السيارة من أمام عينيّ جلال كلمح البصر وعاد إلى عربته وقادها مسرعاً خلفها وهو يقوم بالاتصال على شريف صديقه وأبلغه بما حدث بسرعة وأبلغه أيضاً برقم السيارة.
فقال له شريف باهتمام: طب العربية رايحة أنهي اتجاه بالظبط فقال له بضيق: لساتني مش خابر، أنا ماشي وراهم بس هما بعيد جوي عني.
فقال له بسرعة: طب خلاص أنا هجهز كل حاجه وهجيلك بسرعة متقلقش، زاد جلال من سرعة سيارته أكثر.
لمح العربة متجهه صوب الجبل فضيق جلال حاجبيه بغضب وتساؤل، عندما توقفت سيارة الرجل الملثم، سارع إلى الهبوط منها وأخذ مهجة معه وهو مغشي عليها.
كان جلال يراقبه بمنتهى الغضب الذي يكمن بداخله من بعيد قائلاً: والله لأدفعكم التمن غالي جوي يا مجرمين.
حديت إيه الماسخ اللي بتجوله يا يا دكتور يحيى…!!! نطقها إسماعيل بمنتهى الغضب وهو يرمق ولده بسخط واستنكار.
تنهد يحيى قائلاً له: وفيها إيه يا ابوي بس… ماني لازم اكتبه سواء دلوك أو في وجت تاني.
تطلع إليه بشرود قائلاً بحدة: بس آني وافجت على خطوبتك دي وجولت مفيش جواز دلوك واصل.
تنهد يحيى بضيق قائلاً له بهدوء ظاهري: صحيح بس يا ابوي أني مش معنى اني عايز اكتب كتابي دلوك يبجى هتجوز حالا.
زفر الحاج إسماعيل بضيق قائلً له بحنق: سيبني دلوك يا يحيى أفكر ومش هديلك رأيي…. إلا لما أشوف رأي العمدة الأول.
تهلل وجه يحيى بأمل قائلاً له: شكراً يا ابوي ربنا يديمك فوج راسنا…. وأقبل عليه وقبل يده بفرحة وسعادة…. حدق به اسماعيل قائلاً باستفهام: بتحبها يا ولدي للدرجة دي…. صمت يحيى بخجل لا يعرف كيفية إجابة هذا التساؤل العابر من والده.
ساد الصمت بينهما طويلاً فقال له والده بضيق: آني دلوك عرفت اجابة سؤالي…. آني مش هجولك متحبهاش بس كل اللي فارج وياي إنها بنت عبدالرحيم، وانت خابر زين جوي إني لا بطيجه ولا برحتله لا هوه ولا ولده حسين.
زفر يحيى بشرود قائلاً له بهدوء: خابر يا ابوي بس خلاص أخوي بجى العمدة ومفيش داعي تشيل منيه لدلوك.
تنهد بغيظ منه قائلاً له باعتراض: طبعاً ما انت لازم تدافع عنيهم وهما كانوا يطول النسب ده يا دكتور.
أمسك بيد والده قائلاً له برجاء: يا ابوي ارجوك انسى كل شىء عاد وافتكر بس سعادتي وانت هتلاجي نفسيك متجبلهم مهما كان فيهم عيوب مفيش فينا انسان كامل.
تأمله قائلاً بضيق: طب جوم دلوك من جدامي، واتصل على العمدة وطمني عليه بجالي كام يوم مش بشوفه لا هوه ولا مرته طمني عليه.
اومأ يحيى برأسه قائلاً له: حاضر يا ابوي…. خرج من غرفة المعيشة وترك والده بمفرده شارد الذهن.
دخلت عليه زوجته فاطمة قائلة له: مالك ياحاج شكلك مضايج ليه اكده… تنهد بحرارة قائلاً لها: ولدك عايز يكتب الكتاب على بنت عبدالرحيم…. تطلعت إليه بسعادة قائلة: وفيها إيـــه يا حاج… خلينا نفرحوا بيه هوه مش أجَل من فرحتنا بجواز العمدة.
زفر بضيق قائلاً لها بسخط: انتي هتجيبي جوازة العمدة زي جوازة يحيى ولدك، تأملته قائلة له بهدوء: أني خابره زين جوي انك مش لادد عليك الجوازة دي من أولها…. بس بجد يا حاج البنت أدب وأخلاج ملهاش دخل لا بابوها ولا شجيجها حسين.
زفر بغيظ قائلاً لها بنرفزة: حتى انتي يا حاجه فاطمة لادد عليكِ حديت ولدك يحيى ابتسمت له بتفهم قائلة له: وماله يا حاج هوه آني عندي كام دكتور علشان مفرحش لفرحه واحزن لحزنه.
تنهد بغضب قائلاً له بحنق: آه هوه ده نتيجة دلعك الماسخ فيه، ومن هوه لساته صغير… مأثر عليكِ ومش بترفضيله طلب.
رمقته بحذر قائلة بهدوء: وفيها إيه يا حاج كنت بدلعه كان طفل في وجتيها، لكن دلوك يحيى بجى راجل وخلي بالك يا حاج اني مهما ولادي كبروا في نظري هما التلاته لساتهم صغار ويحيى مجدرش ارفضله طلب لانه راجل زين وجدع ومفيهاش حاجه لما نجوزه للي ريادها جلبه.
هب من مكانه بحدة قائلاً لها بضيق: طب يالا نجوم ننام أحسن… بدل ما اتخانج وياكِ بسبب بنت عبدالرحيم.
ابتسمت بحذر قائلة له: وانت من ميته وانت بتزعلني جبل ما انام… يا حاج زفر بغيظ قائلاً لها: شكلي اكده هزعلك دلوك يالا جومي ورايا.
كتمت فاطمة ضحكتها من منظره المضحك رغم غضبه الآن فهي تعرفه جيداً وتعرف طريقة تفكيره فهو يشبه ولدها جلال كثيراً في طريقته في التحدث لهذا قالت له: حاضر يا ابو العمدة هجوم وياك أهوه.
بُهتت نوال هي الأخرى من تأملها لها بهذا الشكل ومن عدم توقعها مجئ هذه الأخرى إلى هنا وبهذا التوقيت بالذات من الليل… فقالت نهى بعصبية: انتي بتعملي إيه هنا في شقة خطيبي….!!!
تحجرت عينا نوال من المفاجأة والصدمة التي تلقتها للتو لكن نوال عكست ما تخيله ياسين في هذه اللحظة.
فتظاهرت نوال بعكس ما تشعر به حيال ذلك، فعقدت ذراعيها أمام صدرها بسخرية، متجاهلة عصبيتها الواضحة قائلة ببرود: إنتي اللي جايه بتعملي إيه هنا بالليل كده في شقة جوزي.
ارتبكت نهى للحظات ووقع نظرها على حجابها المنتزع من على رأسها والملقي على الأرض وشعر نوال المتبعثر على وجهها وكتفيها… قائلة بسخرية غاضبة: ربنا بعتني علشان أشوفك هنا وبالمنظر ده…. بس شكلي جيت في وقت غلط.
التفتت نوال إلى ياسين بلوم فأشاح ببصره ناحية نهى قائلاً لها بضيق: نهى ممكن تهدي وتفهمي الأول هيه كانت هنا ليه.
ابتسمت ساخرة قائلة له بازدراء: لا ما انت مش محتاج تجاوب… الجواب باين من عنوانه يا ياسين بيه.
شعرت نوال بالإهانة أكثر بداخلها لكنها لم تتركها هكذا بل أجابتها بضيق غاضب: والله دي شقتي وده جوزي أنا وانتِ حيالله خطيبته.
كادت نهى أن تنفجر من الغيظ في وجه نوال قائلة لها بنرفزة: والله انك قليلة الأدب وعايزة تتربي…. وبسرعة هاجمتها وكادت تجذبها من شعرها لتضربها لكن نوال ابتعدت عنها وأزاحتها بعيداُ بيديها، فترنحت نهى إلى الوراء قائلة بغضب: لو أنا قليلة الأدب كنت ضربتك علقة سخنة من بتوع مهجة، وفضحتك قدام الشارع كله، بس أنا بقى هثبتلك إني متربية ومش هرد عليكِ…. كفاية بس تتهزأي كده من بنت أصغر منك.
ثم تحولت نوال بنظراتها الغاضبة نحو ياسين الذي كان يتابعها بصمت غريب قائلة له بحدة: ياريت تكون ارتحت دلوقتي.
وقبل أن يتفوه بشيء ما كانت قد تركتهم وهرولت إلى الأسفل ودخلت بسرعة إلى غرفتها مغلقة الباب عليها.
انهارت نوال بالداخل مستندة إلى الباب بظهرها وهي تبكي هذا الحب اللعين الذي تسلل إلى قلبها… دون استإذان…. وجعلها ضعيفةً هكذا أمامه.
جلست على الأرض وهي ما تزال تستند إلى الباب هامسة لنفسها بحدة: انا اللي هضيع لوحدي يا ياسين وفي الآخر هتسافر وتسيبني وحيدة.
هتف ياسين بنهى قائلاً بغضب عارم: ممكن أعرف إيه اللي عملتيه ده مع نوال، حدقت به غير مصدقة قائلة له بعدم فهم: معقوله انت ياسين اللي حبيته من كل قلبي، يعمل فيه كده.
زفر ياسين قائلاً بجمود: نهى متهربيش من الأجابة، فقالت له بغضب: انت السبب في كل ده، تقدر تقولي كانت بتعمل إيه هنا عندك دلوقتي.
تنهد بضيق واضح قائلاً لها بحدة: نوال مراتي والمفروض انا اللي اسألك السؤال ده، فقالت له بحدة: اضطريت آجي دلوقتي من عدم ردك عليه في التليفون بعد ما شغلتك وخطفتك مني الست هانم.
جز على أسنانه بغضب قائلاً لها بتحذير: حرصي على ألفاظك معايا فاهمة، أنا منيش عيل صغير علشان تكلميني بإسلوبك ده ولا أنا بضاعة هتخطف.
ابتلعت نهى ريقها بصعوبة قائلة له بعدم استيعاب: يعني معنى كده ان اللي حساه من فترة كبيرة صح، إنت خلاص مبقتش بتحبني ربع الأول مش كده.
صمت ياسين بوجه متجهم، فاقتربت منه مردفة بغضب: ماتنطق… ما تتكلم يا بيه ولا مكسوف تقولها في وشي… انك خلاص مبقتش بتحبني.
تنهد قائلاً بثبات : شكلك تعبانة ومحتاجه ترتاحي تعالي يالا أوصلك، صرخت به قائلة بقلب موجوع: انت السبب يا ياسين في تعبي ده… طب بذمتك الوضع اللي أنا فيه ده ترضاه لمها أختك.
بُهت ياسين وتفاجئ بالسؤال قائلاً لها بجمود: فعلاً شكلك تعبان ومحتاجة أعصابك ترتاح…. قاطعته نهى بإلقاء الدبلة في وجهه قائلة له بسخط: أنا فعلاً غلطانة إني جيت هنا وبجري ورا واحد خاين زيــ…. قاطعها ياسين بعصبية قائلاً لها بنرفزة: نهى التزمي حدودك في الكلام معايا وانا مظلمتكيش فاهمة.
ضحكت ساخرة منه قائلة باحتقار: ده كله ومظلمتنيش يا ياسين بيه على العموم أنا مش هاجي على كرامتي أكتر من كده كفاية لغاية هنا.
غادرته نهى وهي تتوعد بداخلها له ولنوال… حدق ياسين بالدبلة الملقاة في الأرض قائلاً لنفسه بضيق: ولسه نوال كمان.. اللي زعلت وجريت.
تنهد ياسين بغضب وأسرع باللحاق بنوال…. طرق على باب غرفتها بقوة قائلاً لها بتصميم: نوال… نوال، افتحي الباب نتكلم.
أجابته نوال من وسط دموعها الغزيرة قائلة له بحدة: مش هفتح ويالا من هنا ولغاية ما اتسافر مش عايزة أشوف وشك تاني فاهم.
أغمض عينيه بنفاذ صبر قائلاً لها بإصرار: نوال أرجوكي اسمعيني لازم نتكلم ضروري.
لم تجيبه إنما تركت مكان جلوسها على الأرض وسارعت إلى الدخول إلى الخلاء وأغلقت وراءها الباب لا تريد سماع صوته أكثر من ذلك.
زفر غاضباً ففوجئ بوالدته التي ترمقه بنظرات نارية… تقول له بتساؤل صارم: مش كفاية بقى اللي عملته فيها لغاية دلوقتي، مش كفاية عذاب ليها لغاية كده.
تجمدت نظراته على وجه والدته ولم يجيبها كأنه لم يسمعها فقالت له بغضب: إيه مالك يعني مش بترد عليه، ولا مش مكفيك اللي بتعانيه بسببك لدلوقتي وأنا بتفرج وساكته وأقول مش هتظلمها لما تتجوزها… لكن لأ طلعت معرفش إن ابني أكبر ظالم شفته في حياتي، وان معرفتش أربيه من الأساس.
لم يعرف ياسين بأي شىء يجيبها فطال صمته الغامض فقالت له بحده: إيه مالك مش بتنطق ليه… ها.
ابتلع ريقه بصعوبة قائلاً بجمود: أنا عمري ما ظلمت نوال ولا هظلمها معايا…. قاطعته بصفعة قوية على وجنته اليسرى حتى احمر وجهه من الصدمة التي تلقاها للتو…. قائلة له بعصبية: مش كفاية كدب لغاية كده… 
هبط جلال من سيارته يتأمل المكان حوله… بأعينٌ خبيرة بهذه الأماكن وبانتظار القوة اللازمة لكل ذلك.
دخل الرجل ومعه عدة رجال آخرين في مغارة بداخل الجبل وكان بانتظارهم أحد الأشخاص يرتدي جلباب فضفاض وعلى كتفيه عباءةً ثقيلة ، حاملاً سلاحه والذي أشار به قائلاً له: دخلوها جوه لغاية ما نشوفلها صرفة ونشوف هنعملوا وياها إيـه.
فقال له أحدهم بتساؤل: بس يا كبير الحكومة إكده مش هتسيبنا لحالنا المرادي… وخصوصاً انها مرت العمدة.
زفر بحرارة قائلاً له بضيق: ميهمنيش مين جوزها آني هيهمني بس آخد بتاري من مصطفى محرم… لازم أحرج جلبه على بته…. زي ما حرج جلبي على شجى عمري وأخده مني.
تنهد الرجل باستسلام قائلاً له: حاضر يا كبير هنفذ كل اللي هتجول عليه، كانت مهجة مازالت غائبة عن الوعي تحت تأثير المخدر الذي أعطاه إياه الرجل.
فقال له : لساتها نايمة وشكلها إكده مش هتفوج غير الصبح، هز رأسه بتفهم قائلاً : يبجى احسن بردو منيش ناجص زن الحريم.
فتح جلال حقيبة سيارته من الخلف، ليتفقد حقيبته الخاصة بأسلحته المتنوعة والخاصة به وبعمله للضرورة القصوى، والذي كان من حُسن حظه أنها كانت لا تزال موجودة بداخل عربته، والذي أخرجها بسرعة وفتحها ليرى هل ما بها سيكفيه أم ماذا.
في وقت متأخر كانت لا تزال مهجة فاقدة للوعي من أثر المخدر، فهمس رجل قائلاً لشخص آخر: لساتها نايمة شكله إكده الجرعة كانت تجيله جوي يا اما نومها تجيل.
تنهد الرجل الآخر فقال له بضيق: أحسن إكده بس اللي اني خايف منيه ان جوزها يعرف مكانهِ إهنه.
فقال له بقلق: فعلاً بس آني حاولت أهرب منيه على جد معرف، بس الكبير مش خايف وربنا يسترها بجى، يالا نسيبها دلوك ونرجعولها بعدين.
انصرف كلاهما سوياً عائدين مكانهم…. بعد مغادرتهم بقليل بدأت مهجة تتململ قليلاً دون أن تفتح عينيها ولا تفيق بعد… كأنها تتجهز لاستعادة وعيها من جديد.
كان جلال بأعين خبيرة يدرس المكان بحذر ومن على بُعد مخافة عليها، ليشاهدوه قبل وصول شريف ويتم أذيتها.
تفقد المكان حوله فوجد ثلاثة رجال يحرسون المكان من الخارج ويحملون أسلحة لتأمين المكان…. وكل منهما يبتعد عن الآخر عدة أمتار… ساعده ذلك على تنفيذ خطته
حمل جلال بعض من أسلحته أحدهم في غمده حول خصره والثاني في غمده أيضاً تحت إبطه.
وأتى برصاص زائد في جيب بنطاله وحمل إثنان من أسلحته في يديه، تسلل جلال خلف أحد هولاء الرجال الذين يقومون بالحراسة.
منحنياً قليلاً خلفه حتى لا ينتبه له، ففوجئ الرجل بمن يثبته من الخلف بسلاحه ويضع ذراعه الآخر حول رقبته.
تجمد الرجل من الخوف وقبل أن ينطق بشيء كان جلال قد كسر رقبته وألقى به أرضا.
وفعل نفس الشيء مع الاثنان الآخرين، مما اتاح له الفرصة لتجهيز هجومه عليهم داخل المغارة.
لكن هناك شخص ما أتى فجأة من وراءه على بُعد عدة أمتار موجهاً سلاحه إلى جلال من الخلف قائلاً له بغلظة: مين هناك…!!! ثبتَ في مكانه دون حراك.
إلى أن اقترب منه الرجل فالتفت إليه جلال بغتةً ولم يعي الرجل ما يحدث له، فقد أطاح له سلاحه في الهواء الذي يحمله في يده، حتى شعر الرجل بأنه سيصاب بذبحة صدرية من المفاجأة ولم يمهله جلال وقت قصير للتفكير أو التحدث، فقد ركله جلال بقدمه القوية عدة ركلات في بطنه فخر الرجل ساقطاً على الأرض مغشياً عليه.
ز فر جلال بغضب وهو يحدق بالرجال الأربعة المغشي عليهم من أثر ضربه القوي لهم.
كانت مهجة بالداخل في ذلك التوقيت تتململ ببطء هامسة: جلال…. جلال… هيه الساعة كام دلوك.
حاولت فتح عينيها فلم تجد إلا الظلام الحالك، فظنت أنها تحلُم، قائلة بضعف مضحك: جلال متهزرش معاي بجى.. آنت خابر زين إني بخاف من الضلمة.
فلما طال الصمت حولها ولم تجد أحداً يجيبها، فتحت عيناها واعتدلت في مكانها، وكان عقلها مازال تحت تأثير المخدر، قائلة بهلع: إكده يا عمدة تسيبني لوحدي في الضلمة.
حاولت أن ترى أي شيء لكنها لم ترى شيئاً، فلم يكن أمامها غير التحسس بكفيها في مكانها، فوجدت فراش قاسٍ غير الذي تنام عليه كالمعتاد.
قائلة بعدم فهم: إيه ده معجول ده سريري آني والعمدة…. نهضت من الفراش رافعة يديها في الهواء لتتحسس طريقها المعتم.
قائلة بفزع: جلال… جلال… إلحجني، نعيمة… يا نعيمة روحتوا فين… ولم تستطع أن تستكمل حديثها إذ باغتها شخص ما بضربها بنبوت قوي على رأسها فأغشي عليها في الحال وسقطت أرضاً مرة أخرى.
عقد الشخص حاجبيه قائلاً لنفسه بضيق: أحسن إكده لغاية ما الكبير يصحى من النوم منيش ناجص.
تسلل جلال بخطوات هادئة، مدروسة إلى الداخل على ضوء منبعث بإضاءة طفيفة من داخل المغارة قائلاً بضيق: يا ترى إنتِ فين يا مهجة… يا مجنناني وياكِ…. قطع حديثه مع نفسه عندما إستمع إلى صوت خطوات تقترب منه.
فألصق جلال ظهره إلى الحائط خلفه وكتم صوت انفاسه ومر به الشخص والذي ما أن لمحه جلال حتى تفاجئ بمن يضربه على مؤخرة رأسه بسلاحه، فسقط في الحال مغشياً عليه هو الآخر.
تنهد جلال بضيق قائلاً بحنق: يا ترى مصيبة إيه جديدة وجعتينا فيها يا مهجة…. استكمل سيره من جديد وحدق بساعته فوجد الوقت يقترب من الفجر.
وجد حجرة في اثناء تفتيشه للمكان مغطي مقدمتها بإحدى الستائر الثقيلة الغامقة اللون… رفعها بحذر فوجد اثنان ينظرون إليه بأعينٌ مصدومة، رفع جلال في وجوههم السلاح بسرعة قائلاً لهم بغضب: والله من زمان متجابلناش يا صخر…ابتلع الرجلين ريقهم بصعوبة ولم يستطيعا النطق.
اتسعت عينيّ ياسين بصدمة هائلة غير مستوعب ما فعلته والدته للتو، واضعاً كفه على وجنته بحنق غاضب، وتزامن هذا مع خروج والده من الغرفة على صوتهم العالي قائلاً بذهول: إيه اللي انتِ عملتيه ده يا ام ياسين.
صرخت به بانفعال:- اللي كان لازم أعمله من زمان من ساعة ما شاف نوال وأهانها أول مرة، انا وعدتها اني هحميها منه لكن لا محمتهاش، وقدمتها ليه على ورق من فضة…. والمسكينة وثقت فيه وكانت النتيجة انه بيبيع ويشتري فيها كأنها جارية عنده…. مش عجباك سيبها وأنا من بكرة أجوزها سيد سيدك واللي يقدرها ويعرف قيمتها عنك فاهم.
اشتعلت عينيّ ياسين كالجمر قائلاً باختصارغاضب: ماما نوال مراتي… وهتفضل مراتي وعلى ذمتي…. لغاية آخر نفس في عمري ولولا اني مسافر كنت عملت الفرح واتجوزنا.
هزت والدته رأسه بحدة قائلة بتحدي: خلاص يبقى مشوفش وشك هنا تاني لغاية ما تيجي مسافر، وياريت بقى متسلمسش لا عليها ولا عليه فاهم.
حدجها بغير استيعاب وغير مصدق لما يسمعه منها… ثم تركها وغادر المكان إلى منزله بالأعلى…. وهو في قمة انفعاله.
حدجها زوجها بتساؤل قائلاً لها: ليه يا ام ياسين تعملي كده ده راجل…مش عيل صغير علشان تضربيه بالشكل ده.
تنهدت بضيق قائلة له بيأس: هوه في نظري عيل وهيفضل كده، ولما يغلط يتحاسب وهوه تمادى في اللي بيعمله أكتر من اللازم، ولازم يتربى من جديد كمان فاهم.
صمت زوجها برهةً تأملها ثم قال لها: بس متمنعيش ابنك انه يشوفها ولا يسلم عليها دي مراته بردو.
ضيقت حاجبيها بعدم فهم قائلة باستنكار: انت اللي بتقول كده وشايف معاملته ليها طول الوقت.
تنهد قائلاً لها بضيق: عارف وشايف كل ده بس خلي في بالك طالما هوه متمسك بيها كده أكيد يبقى بيحبها.
ابتسمت ساخرة وقالت له بتهكم: معقول في حد يحب واحده ويعمل فيها كده، ده لوكان جوز بنتي أنا كنت طلقتها منه وارتحت.
جلس وراءه على المقعد قائلاً بشرود: أنا راجل واقدر افهم مشاعره أكتر منك.
زفرت باستهزاء قائلة له: لكن الحب في نظري حاجه تانية وانا بقى هشهيه يشوفها قبل ما يسافر وابقوا وروني هتعملوا إيه بقى انتم الأتنين.
دخل ياسين إلى منزله شاعراً بمشاعر كثيرة معظمها الغضب من نوال التي تسببت في ما فعلته والدته به…. أمسك هاتفه وقام بالاتصال عليها ولم ترد عليه.
ألقى بهاتفه بحده على المائدة والتي عليها الطعام الى الآن…. ولمح الدبلة التي القيت على الأرض منذ قليل من نهى.
فانحنى ليأتي بها ثم رأى حجاب نوال فترك الدبلة مكانها والتقط حجابها متأملاً إياه بغرابه كبيره.
محتضناً إياه متذكراً لمحياها وهي ترتديه… قائلاً لنفسه بحيرة: مش عارف أعمل معاكِ إيه وأخرت ده كله إيه بردو مش عارف.
تأمل جلال الرجلين المرتعبين من تصويب جلال لهم بسلاحه في وجهيهما… فقال أحدهم: احنا معملناش حاجه دي اوامر الكبير بتاعنا يا بيه….. فقال له بغضب: فين مرتي انطجوا وإلا هفرغ السلاح في نافوخكم انتم التنين.
فقال له الآخر بنبرة مرتعشة: مرتك إهنه بس الله لا يسيئك يا جناب العمدة، متعملناش حاجه واصل… قاطعه بعصبية شديدة قائلا: بجول فين مرتي انطجوا، فأجابه الآخر بلهجة خائفة: مرتك في آخر المغارة يا بيه…. نايمه جوه، تلفت حوله بسرعة فوجد حبلاً ملقى على الأرض.
قيدهم به هما الأثنان تحت تهديده بالسلاح وضربهم بقوة على أسفل عنقهم ليغشى عليهم دون أدنى مقاومة لينفذ باقي خطته بسهولة.
انطلق راكضاً بالداخل فوجد المكان الموجود به مهجة معتم، فأنار كشاف هاتفه بسرعة باحثاً عنها وسط هذا الظلام الدامس.
وجدها مغشياً عليها على الأرض وهي منبطحة على وجهها… فعقد حاجبيه بغضب وانحنى يتفحصها باهتمام وقام بإمساكها من كتفيها بقوة ورفعها بسرعة، مقرباً إياها من صدره قائلاً بقلق: مهجة… مهجة… فوجي… أرجوكي.
تحسس وجهها بخشونة لكي تفيق لكنها ظلت كما هي، فهزها بشدة وهو يتأمل وجهها بلهفة قائلاً لها: مهجة فوجي مفيش وجت لازم نخرج من هنا بسرعه…. تململت بين ذراعيه قائلة بوهن: في إيه بس… ما تسيبني انام.
تنهد بقوة قائلاً لها بإصرار: لازم تفوجي يا مهجة، فقالت له بدون وعي: يا جلال ما تسيبني بجى انت من شوية كنت سيبني في الضلمة لوحدي وهُنت عليك زي ما بهون عليك طول الوجت.
أغمض عينيه بضيق قائلاً لها بنفاذ صبر: شكلك إكده مش هتفوجي دلوك، ومفيش غير حل واحد، إني أشيلك جبل ما حد يجي، فحملها بسرعة بين ذراعيه.
فتمسكت به بقوة مستندة برأسها على صدره وهي تغمض عينيها قائلة بإسلوب مضحك: تصدق إكده أحسن… دايماً اتحايل عليك تشيلني لكن انت بترفض لغاية ما هتجبلي جلطة بعاميلك ويايا.
تأملها بضيق غاضب قائلاً: والله ما هيجنني ويجبلي الجلطة غيرك يا مصيبة حياتي كلاتها.
نامت على صدره كأنها لم تسمعه وهو يهرول بها إلى الخارج متلفتاً حوله بحذر، فاستمع إلى صوت قريب منه، فألصق ظهره بالحائط وتمسك بمهجة جيدا وبسلاحه أيضاً، وحمد ربه على انها تغط في النوم… وإلا كانت فضحته.
كانت الخطوات مقبلة نحوه لكنه سارع بوضع قدمه أمام الشخص القادم، فسقط الرجل على وجهه متألماً فأعقبه جلال بضربه بقدمه على رقبته من الخلف… فجاء الرجل ليستغيث فأصابه جلال إصابة طفيفة في قدمه بسلاحه الكاتم للصوت، حتى لا يلحق به أحد.
استكمل ركضه بها إلى الخارج وما أن وصل إلى الخارج حتى تفاجئ بوجود سيارة كبيرة قديمة الصنع تحوى عدداً من الرجال مسلحين ببعض البنادق….. على بُعد ليس بمسافةٍ كبيرة.
تجهم وجهه بشدة عائداً بأدراجه إلى الوراء سريعاً… محاولاً تضييع بعض الوقت إلى أن يأتي شريف بقواته.
ومن حُسن حظه أنه لم يلمحه أحداً إلى الآن، رمق مهجة بنظرات قلقه والتي مازالت نائمة إلى الآن، قائلاً لنفسه بغيظ: شايفه آدي آخرة عمايلك السوده.. ودتنا لفين…. مطاريد الجبل يا مجنونة مرة واحدة.
زفر بحرارة مفكراً فارتكن إلى ركن جانبي داخل بداية المغارة، جاثياً على ركبتيه محتضناً إياها بشدة…. بذراعه الأيسر والذراع الآخر أخرج به هاتفه من جيب بنطاله.
أخفض صوته وتحدث مع شريف قائلاً له بضيق: انت فين يا شريف دلوك، فقال له باهتمام: آني على الطريق دلوقتي ومعايا فرقة قوات أمن مركزي كاملة ما تقلقش.
فقال له بلهفة: بسرعة يا شريف وأنا هبعتلك العنوان بالظبط لان أنا داخل مغارة في جلب الجبل تابعه للمطاريد.
فقال له : ابعته وهتلاقينا معاك كمان شوية، زفر جلال وهو يبعث برسالة له، حدج زوجته قائلاً لها بصوت خافت: مهجة أرجوكي فوجي مفيش وجت للنوم دلوك… طال صمتها فأمسك بيدها يتحسسها بخشونة لعلها تفيق.
مردفاً بقوله: فوجي بجى يا مصيبة انتي وجعتينا في مصيبة كبيرة وآني مش مستعدلها دلوك.
هزت رأسها بتأفف كأنها نائمة في البيت قائلة له بنفاذ صبر: ما تسيبني انام بجى براحتيآني معرفش أنام منيك عاد، فقال لها بضيق: فوجي دلوك ولما نروح ابجي نامي براحتك بس دلوك صحصي وياي جوام.
فتحت عينيها ببطء فرأت وجهه على ضوء كشاف هاتفه قائلة بدون وعي: يوهه بجى هوه آني كل ما فتح عينيه ألاجيك جصادي…. حتى في أحلامي.
زفر بحنق قائلاً لها بنرفزة: لا… مهجة واضح اكده إن المخدر مأثر عليكي لدلوك، ففوجي بسرعة مفيش وجت للي بتعمليه دلوك.
تأملته بضيق محاولة الابتعاد من بين ذراعيه…. لكن بغتةً اندلعت صوت ضرب أعيرة ناريه بالخارج.
فاحتضنته بذراعيها من وتعلقت به بقوة وهي تغمض عيناها من جديد قائلة له بتلعثم: هيه…. هيه… الحرب جامت ولا إيه…!!!
زفر جلال مربتاً على ظهرها بقلق قائلاً بنفاذ صبر: أيوة اعتبريها جامت… يا ست هانم انتِ مخطوفة فاهمة.
فتحت عينيها بقوة غير مستوعبة وحدقت به باستفهام قائلة بتلقائية مضحكة: ولما آني مخطوفة… دلوك، بعمل إيه في حضنك اكده ولا المصيبة تكون انت اللي خاطفني.
تأفف جلال من كلماتها المجنونة وقبل أن يجيبها… لمح طيف أحد الأشخاص يتسلل ببطء شديد داخل المكان…ويقترب منهم.
فأصابه جلال سريعاً في قدمه قبل أن يطلق عليهم الرصاص…. فتمازجت صوت صرخات مهجة بهيسترية مع صوت صرخات الرجل الذي يتألم بشدة من أثر الرصاصة التي عرقلت سيره نحوهم.
فما كان من مهجة تصرخ وتتمسك بجلال أكثر بين ذراعيه وجسدها يرتعد بينهما قائلة له بهيستريا: يبجى إنت فعلاً اللي خاطفني وعايز تموتني… مش اكده.
هنا نفذ صبر جلال، شاعراً بالغضب من تصرفاتها الحمقاء قائلاً لها بحدة: يا صبر أيوب… أيوه آني اللي خاطفك يا هانم، وان مفوجتيش لنفسيكِ زين .. هموتك بيدي جبل ما تجبيلي جلطة بتصرفاتك المجنونة دي منيش ناجص.
حاولت أن تبتعد عنه بعد تهديده لها… لكنها فوجئت به يحملها بين ذراعيه مرةً أخرى مضطراً لذلك، بكل قوته مواجهاً لأحد الأشخاص القادمين نحوه… الذي ما أن رآه الرجل حتى اتسعت عينيه بصدمة قوية قائلاً له بذعر: العمدة… اهنه يا رجا…. لم يمهله جلال أن يستكمل باقي كلمته.
فقد أطلق عليه رصاصة في كتفه فخر على الأرض يصرخ فقال له جلال بغضب: علشان تحرم تلعب وياي… فين الكبير بتاعكم.
فقال له بفزع مؤلم: الكبير جاي بره مع باجي الرجاله…. تركه جلال سريعاً وأسرع بمهجة من المكان فصرخت به دون وعي قائلة : انت مش انت الكبير بتاعهم… يبجى بتسأل على نفسيك ليه.
لم يجيبها جلال فوراً فقد كان منشغلاً بمراقبة الطريق إلى خارج المكان فكررت عليه نفس سؤالها فقال لها بحدة غاضبة: شكل إكده الغباء هيشتغل وياكي تاني… اجفلي خاشمك دلوك بسرعة بدل ما هتلاجي رصاصة دلوك في لسانك…. هتبجى ساعتها خرسا ولا تعرفيش تنطجي وارتاح من رغيك للأبد.
ابتلعت ريقها بصعوبة من قسوة تهديده لها…وحاولت استيعاب ما يحدث معها وهي تراه يركض بها إلى خارج المغارة… يحاول انقاذها.
هزت رأسها بقوة تحاول تذكر ما حدث معها… وقبل أن تتفوه بحرف واحد خرج جلال من المغارة ووقف بحذر عند مدخلها… وهو يحصي بعينيه كم من الأشخاص سيواجه وفجأة صرخت مهجة به قائلة بفزع حاد: جــلالالالال حاسب….!!!!
كانت مريم في ذلك التوقيت المتأخر مستيقظة من أثر كلمات ولاء لها وهي تخبرها بأنه تم خطبتها عنوة إلى أحد الأشخاص على صلة قرابة من والدتها.
فمنذ أن أخبرتها والقلق يعصف بقلبها شاعرةً بالحزن من أجل صديقتها الوحيدة ولاء، والتي مُنعت هي الأخرى من الذهاب إلى الكلية… والامتحانات قد قاربت على المجيء.
أخرجها من حالة حزنها هذا صوت وصول رسالة صوتية عبر هاتفها… فأمسكته متلهفة… فقد ظنت أنها ولاء.
لكن مهلاً ليس هو إنه من حبيبها ومعذبها يحيى… فاعتدلت في فراشها وهي تسمعه يقول لها بهدوء: آني اتحدت مع ابوي… ووافج على كتب الكتاب وبكرة بإذن الله هتحدت ويا أبوكي وحسين وأحدد وياهم ميعاد جريب.
انعقد حاجبيها بقوة متذكرة كلماته لها… وهو يصمم على عقد قرانهم… ولم يمهلها الفرصة للأعتراض… وقتها.
فبعثت له برسالة نصيه تقول فيها: مش هينفع آني عندي محاضرات مراجعة جبل الامتحانات… يعني هكون مشغولة في المذاكرة.
ما أن رأى يحيى كلماتها المنبعثه في هاتفه حتى كاد يكسره وقام ببعث رسالة صوتية غاضبة هذه المرة قائلاً فيها: ومين جال إنك هتروحي الكلية تاني.
لم تجف دموع نوال إلا منذ قليل تحاول ضبط نفسها من بعد ما حدث معها ومع ياسين منذ أكثر من ساعتين.
فهي كانت تنصت لما يحدث خارج غرفتها من شدة الصوت العالي المبعوث من الخارج.
وحارت هل تفرح لما حدث لياسين أم تحزن ولكن ما أسعدها وزادها ثقة فيما تفعله وقوف ومساندة والدته لموقفها منه…
لم ينم ياسين هو الآخر وكأن الأرق كان مصاحباً للجميع في هذه الليلة المملؤة بالأحداث… أغمض عينيه من محياها الجميل الذي ما زاده بعذابها له إلا الحزن والقهر.
تناول هاتفه من جواره وفتحه متأملاً لوجهها ببطء… لعينيها، لشفتيها الحمراوين… الذي كاد أن يقبلهما ويلمسهما لأول مرة اليوم لكن هناك شيء ما دفعه بداخله، أن يفعل بها ما حدث.
تنهد بضيق متذكراً سفره السريع قبل أن يعطيه الوقت الكافي ليتزوجها وينتهي من هذه المشاكل التي كثرت في الآونة الأخيرة.
تفاجئت نوال بوصول رسالة صوتية عندما فتحت هاتفها المغلق.. من ياسين يقول لها بغضب: كل ده قافلة تليفونك يا ست هانم…. إياك ألاقيه مقفول بعد كده وأنا أكسرهولك نصين.
شعرت نوال باليأس في هذه اللحظة فطبعه القاسي هذا لن يتغير أبداً ومهما فعلت معه… فلم ترد عليه ولم تجيبه فزاده هذا سخطاً عليها.
فبعث رسالة صوتية أخرى قائلاً بصرامة حازمه: هستناكي في المطار الساعة عشرة الصبح وإياك متجيش قبل ما اركب طيارة الساعة اتنين بعد الضهر.
يتبع..
لقراءة الفصل الثالث والأربعون : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية : اضغط هنا
نرشح لك أيضاً رواية حبيبة بالخطأ للكاتبة سهير علي

اترك رد

error: Content is protected !!