روايات

رواية أوهام الحب الوردية الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية البارت الثالث والعشرون

رواية أوهام الحب الوردية الجزء الثالث والعشرون

رواية أوهام الحب الوردية الحلقة الثالثة والعشرون

تجاوزت هانيا مرحلة الخطر وتم نقلها إلى غرفة عادية وصار مسموحًا لأفراد عائلتها الجلوس برفقتها والتحدث معها.
ملست فريال برفق على ساعد ابنتها قائلة بحنو:
-“ألف سلامة عليكِ يا حبيبتي، إن شاء الله هتفكي الجبس قريب وتقومي بالسلامة”.
حركت هانيا رأسها دون أن تتفوه بكلمة واحدة مثلما فعلت طوال الأيام الماضية، فقد كانت تسمع ولا تتحدث.
دلف وسام إلى الغرفة وطبع قبلة على جبين هانيا قائلا:
-“عاملة إيه دلوقتي يا حبيبتي؟”
نظرت له فريال وأجابت بالنيابة عن ابنتها:
-“الدكتورة كانت لسة هنا من شوية وقالت أن هانيا اتحسنت خالص وأنها هتخرج من المستشفى على أخر الأسبوع”.
أومأ وسام وهو يشعر بالأسف على شقيقته وما حدث لها في الفترة الأخيرة بسبب القرار الخطأ الذي اتخذته في لحظة عناد قبل بضع سنوات فقد انفصلت عن محمد ظنا منها أنه سوف يبكي على الأطلال ولكنه في الحقيقة يجهز لحفل عقد قرانه الذي سيجريه في نهاية الأسبوع.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
أطلقت جميلة مجموعة من الأغاريد بعدما سمعت من محمد أنه سوف يعقد قرانه في نهاية الأسبوع على الفتاة التي أحبها بشدة.
-“ألف مبروك يا حبيبي، ربنا يجعلها جوازة السعد والهنا وإن شاء الله ربنا يجعل عروستك عوض ليك عن كل اللي شوفته”.
قالتها جميلة بفرحة فاحتضنها محمد وقال:

 

-“تسلملي دعواتك دي يا جميلة يا عسل أنتِ، هو ده اللي توقعته منك والله”.
ربتت جميلة على كتفه قائلة بجدية:
-“وهو أنا عندي في حياتي أغلى منك أنت وسمية وآدم”.
قبل محمد كفيها وهتف بحب:
-“أنا عارف كويس مقدار معزتي عندك وربنا وحده عالم أنا بحبك قد إيه”.
تدخلت سمية في الحديث وعانقت شقيقها وباركت له ثم ناولته الهاتف وطلبت منه أن يتصل بآدم ويزف إليه بشرى هذا الخبر السعيد:
-“يلا كلم آدم واطلب منه أنه يخلي نادين تنزل معايا بكرة عشان نروح نشتري فساتين جديدة لزوم الحفلة”.
ابتسم محمد وقال:
-“حاضر يا ستي، طلباتك أوامر يا قلب أخوكِ”.
هتف آدم بسعادة بعدما اتصل به محمد وأخبره أنه قد تعرف على فتاة وسوف يقوم بخطبتها بعد بضعة أيام:
-“ألف مبروك يا محمد، ربنا يتتملك على خير، يا ترى بقى مين سعيدة الحظ اللي خليتك تفكر في الجواز بعد ما كنت مصمم تكمل حياتك على العزوبية؟”
تحدث محمد وهو يبتسم ابتسامة عريضة:
-“إن شاء هبقى أعرفك على خطيبتي في حفلة الخطوبة واللي بالمناسبة هنكتب فيها الكتاب وأنت طبعا هتكون شاهد على الجوازة”.
أكد آدم على رغبته في القيام بهذا الأمر قائلا:
-“أيوة طبعا أنا هكون شاهد على كتب كتابك من عروستك وكمان أنا اللي هزفك بعربيتي يوم الفرح”.
أنهى آدم الاتصال بعدما قضى بعض الوقت يتحدث مع محمد بشأن التجهيزات ثم ذهب إلى غرفة المعيشة حيث تجلس نادين وأخبرها أن ابن عمه سوف يعقد قرانه بعد بضعة أيام.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪

 

ابتسم اسلام بعدما رأى الهدية التي أحضرها والده والتي كانت عبارة عن مجسم صغير لأحد الأبطال الخارقين الذين تُعرض أفلامهم على شاشات التلفاز دون توقف.
عانق إسلام والده قائلا بسعادة:
-“شكرا لك يا بابا على الهدية الجميلة دي”.
هتف رامز وهو يشدد من عناق طفله:
-“العفو يا حبيبي، أنا مش هحرمك من أي حاجة وكل اللي أنت هتعوزه أنا هجيبهولك لحد عندك”.
ازدادت فرحة إسلام بوالده الذي أظهر له على مدار الفترة الماضية أنه يحبه كثيرا ويمكنه أن يفعل أي شيء من أجل إرضائه وإسعاده.
هتف إسلام بعدما قام بوضع اللعبة في حقيبته:
-“ماما سألتني المرة اللي فاتت عن العربية اللي أنت جيبتهالي يا بابا”.
ملس رامز على شعر طفله متسائلا:
-“طيب وأنت قولتلها إيه؟”
رد الصغير بعفوية:
-“أنا مش قولت حاجة، نادية هي اللي قالتلها أني أخدت الهدية دي من الحضانة”.
تنهد رامز بارتياح وحمد الله الذي ألهمه وجعله يتصل بنادية في ذلك اليوم ويطلب منها أن تخبر داليا بهذا الكلام في حال سألتها الأخيرة عن مصدر اللعبة.
ودع رامز طفله وعاد إلى شركته وطلب من السكرتيرة أن تحضر له فنجانًا من القهوة، ثم جلس على مكتبه وأخذ شهيقا وزفيرا وهو يشعر بنفاذ صبر لا مثيل له فهو ينتظر مكالمة مهمة للغاية سوف يكون لها دور كبير في تحقيق انتقامه من عزام.
صدع رنين هاتفه فابتسم بسعادة بعدما رأى اسم المتصل وأجاب على الفور قائلا بلهفة:
-“طمني يا حسام، إيه أخر الأخبار؟”

 

طمأنه حسام بقوله:
كل حاجة تمام يا أستاذ رامز، أنا قدرت أزرع الميكروفونات في مكتب مهاب من غير ما أي شخص يشك في الموضوع وبكده أنت هتقدر تسمع كل كلمة بتتقال جوا المكتب وهتعرف كل حاجة بخصوص الشحنة اللي هتيجي قريب”.
ظهرت ابتسامة واسعة على ثغر رامز الذي هتف بامتنان:
-“شكرا ليك يا حسام وأحب أطمنك وأقولك أن فلوسك هتوصلك لحد عندك”.
هز حسام رأسه رافضا هذا الأمر بقوله:
-“أنا مش بعمل كده عشان الفلوس يا أستاذ رامز وأظن أنت عارف الكلام ده كويس أوي، أنا هدفي هو أني أنتقم لأبويا الموظف الغلبان اللي عزام قتله بدم بارد لأنه عرف عنه كل بلاويه”.
أنهى رامز المكالمة بعدما شكر حسام للمرة الثانية ثم أخذ يشرب قهوته باستمتاع فقد اقترب من نهاية عزام بتلك الخطوة التي قام بها.
انتهى رامز من احتساء فنجان القهوة ثم أمسك هاتفه واتصل بوسام وأخبره بجميع المستجدات فهتف الأخير بسعادة:
-“عظيم، الخطوة اللي حسام عملها دي هتسهل علينا مجهود كبير أوي وإن شاء الله ربنا يسهل ونخلص قريب من مهاب وعزام”.
هتف رامز بتساؤل بعدما خطر في باله حبيبة التي ذهبت بقدميها إلى عرين الشياطين دون أن تدرك خطورة ما هي مقبلة عليه:
-“عملت إيه يا وسام في موضوع حبيبة؟”
-“أنا مش عايزك تقلق يا رامز خالص من موضوع حبيبة، إحنا مش هنخليها تتجوز من مهاب مهما حصل وهو إن شاء الله هيتسجن قريب وكل بلاويه هتتكشف قدامها قبل ما الفأس تقع في الراس”.

 

شعر رامز ببعض الارتياح بعدما سمع كلام وسام الذي جعله يطمئن أن حبيبة لن تدفع ثمن جشع أخيها الذي أودى بحياته.
لم يكن من السهل على رامز تقبل فكرة أن أشرف قد خانه وأنه الشخص نفسه الذي سرب لعزام جميع التفاصيل المتعلقة بالشحنة.
ابتسم رامز بتهكم بعدما تذكر ردة فعله عندما أخبره وسام بالمعلومات التي تؤكد تورط أشرف في أمر حريق المخزن، فهو لم يصدق هذا الكلام وأخذ يدافع بشدة عن صديقه الراحل قبل أن يريه وسام جميع الأدلة التي تثبت صحة حديثه.
تورط أشرف في حريق المخزن يؤكد أن عزامًا هو المسؤول عن موته؛ لأن عزامًا مشهور بالغدر ويفضل التخلص ممن يعاونوه في أعماله القذرة حتى لا يبقى دليل ضده يتسبب في إدانته في يوم من الأيام.
أخذ رامز يسأل نفسه، إذا كان القتل وإزهاق أرواح الناس شيئًا هينًا بالنسبة لعزام فلماذا لم يقتله ويتخلص منه حتى يتثنى له الحصول على داليا بسهولة دون أن يضطر لفعل كل هذه الأمور المعقدة؟!
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
خرجت سمية من منزلها وذهبت إلى شقة ابن عمها حتى تصطحب معها نادين للتسوق حيث إنه لم يتبقَ على حفل عقد قران شقيقها سوى ثلاثة أيام ويتوجب عليها أن تستعد لتلك المناسبة السعيدة.
توجهت سمية برفقة نادين إلى أحد أرقى محلات الملابس وأخذت كل منهما في تصفح فساتين السهرة المعروضة.
أمسكت سمية بأحد الفساتين والتفتت نحو نادين قائلة:
-“أنا هروح يا نادين أقيس الفستان ده وأشوف هيبقى مناسب وحلو عليا ولا أختار غيره”.
أومأت نادين وتابعت البحث بين الفساتين وأثناء انشغالها تفاجأت بصوت خالتها التي هتفت بدهشة:
-“إزيك يا نادين، عاملة إيه يا حبيبتي؟ صدفة حلوة أوي أني شوفتك هنا النهاردة”.
ابتسمت نادين وعانقت خالتها قائلة بوِد:
-“الله يسلمك يا خالتي، ليكِ وحشة والله”.

 

لوت إلهام شفتيها وتصنعت الضيق قائلة:
-“ما هو واضح فعلا يا بكاشة أني وحشتك وعشان كده بقالك فترة مش بتزوريني ولا بتسألي عليا”.
كادت نادين تتحدث ولكن قاطعها صوت سمية التي أتت من خلفها ووجهت لها الحديث بقولها:
-“بصيلي كده يا نادين وقوليلي إيه رأيك في الفستان؟”
التفتت لها نادين ونظرت لها مليا قبل أن تقول:
-“أنا بصراحة شايفة أنه حلو جدا عليكِ يا سمية وفي نفس الوقت محترم ومش مجسم ولا محزق”.
جذب اسم سمية انتباه إلهام التي علمت على الفور أن الفتاة الجميلة التي تقف أمامها الآن هي نفسها التي تقدم رامز لخطبتها ولكنها رفضته.
أثنت إلهام بينها وبين نفسها على اختيار ابنها وعلمت الآن لماذا هو مُصِر على الزواج بتلك الفتاة دون غيرها بعدما كان يرفض جميع الفتيات اللاتي رشحتهن له في وقت سابق.
نظرت سمية نحو إلهام وسألت نادين باستغراب:
-“مش هتعرفيني ولا إيه يا نادين؟”
ابتسمت نادين وأشارت نحو إلهام قائلة:
-“أعرفك يا سمية، دي تبقى خالتي إلهام”.
أشارت نادين نحو سمية ونظرت إلى إلهام وهي تتابع:
-“ودي يا خالتي تبقى سمية صاحبتي وبنت عم جوزي”.
صافحت إلهام سمية وهي تبتسم مؤكدة لنفسها أنها ستفعل المستحيل حتى تجعل هذه الفتاة عروسًا لابنها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪

 

أومأت داليا وهي تستمع إلى كلمات الرجل الذي كلفته بمراقبة حبيبة والذي أخبرها أن الأخيرة قد استمرت على مدار الأسبوع الماضي على عادة الخروج برفقة مهاب بعد انتهاء وقت عملها.
وضعت داليا الهاتف جانبا بعدما أنهت المكالمة وحركت سبابتها اليمنى بجوار شفتيها وهمست بشرود:
-“حبيبة قاعدة دلوقتي تتغدى وتضحك مع الشخص اللي قتل أخوها، عجبا لك يا زمن!!”
استرخت داليا على سريرها وبدأت تتذكر تلك الليلة عندما عاد عزام إلى المنزل وهو مخمور وبدأ يتحدث ويبوح بكثير من الأسرار التي لم تكن تعرف عنها أي شيء قبل هذا اليوم.
كانت داليا تسير ذهابا وإيابا بالقرب من الباب الداخلي للفيلا منتظرة عودة زوجها الذي تأخر أكثر من المعتاد.
دلف عزام إلى الفيلا وهو يترنح بشدة فتأففت داليا بضيق وتوجهت نحوه حتى تساعده على السير والصعود إلى غرفتهما.
تمكنت داليا بصعوبة من وضع عزام في فراشه وهي تتحدث بحنق:
-“أنا مش مصدقة أن واحد زيك ممكن يرجع بيته سكران بالشكل ده!!”
كادت داليا تخرج من الغرفة ولكنها توقفت بعدما سمعت عزامًا وهو يتمتم:
-“هو زي الخاتم في صباعي عشان هو مش عارف أن أنا اللي قتلت أهله”.
جلست داليا على طرف الفراش وأطرقت رأسها قائلة بتساؤل:
-“هو مين ده يا عزام اللي أنت قتلت أهله؟”
كسا الذهول ملامحها بعدما سمعته يتفوه باسم أخر شخص كانت تتوقعه، ولم تكن قادرة على استيعاب حقيقة أن مهابًا يخدم قاتل والديه.

 

نهضت داليا وأحضرت هاتفها وقامت بتشغيل مسجل الصوت ثم ربتت على كتف عزام وحثته على الاسترسال في الحديث بقولها:
-“طيب وأنت ليه قتلت أبو مهاب يا عزام؟”
احتدت نظرات عزام وهو يجيبها بتيه:
-“لأنه كان شخص عنيد وغبي وفضل واقف ليا زي اللقمة في الزور، كل الناس كانت بتحب تتعامل معاه وده اللي خلاه يقدر يأكل السوق بسهولة وأنا مكنتش هعرف أوصل للمكانة اللي وصلتلها دلوقتي لو كنت سيبته عايش، ومن سوء حظ مراته أنها كانت معاه وقتها وماتت هي كمان أما مهاب فعاش واتكتب ليه عمر جديد وأنا حسيت أنه فيه حاجات كتير شبهي وعشان كده أخدته وربيته وخليته دراعي اليمين وهو فضل شايفني طوق النجاة اللي أنقذه من حياة التشرد”.
أومأت داليا وهي تبتسم بخبث وقررت أن تستدرجه في مزيد من الأحاديث حتى تعرف أكبر قدر ممكن من الأسرار التي يخفيها عن الجميع:
-“هو أنت يا عزام كان ليك دخل في حريق مخزن رامز؟”
أخذ يتمتم ببضع كلمات لم تتمكن من فهمها إلا بعدما قربت رأسها منه أكثر من ذي قبل وسمعته يجيب:
-“أيوة، أنا عرضت على أشرف مبلغ كبير أوي وهو وافق يساعدني وإداني كل المعلومات الخاصة بالشحنة اللي رامز حط فيها كل فلوسه وهو اللي خدر الحراس وجهز كل حاجة لرجالتي اللي راحوا حرقوا المخزن”.
استرسل عزام في الهذيان وسط ذهول داليا التي تأكدت مما كانت تشك به منذ فترة طويلة:
-“مشكلة أشرف أنه كان طماع أوي ومكانش بيهمه غير الفلوس وطلب مبلغ تاني غير اللي أخده ولما أنا رفضت هددني أنه هيثبت أني المسؤول عن حريق المخزن فوقتها طلبت من مهاب أنه يخلص عليه وده فعلا اللي حصل”.
وضعت داليا كفيها على شفتيها بعدما أطلقت شهقة عالية فهي لم تتوقع أن يكون عزام هو المسؤول عن موت أشرف وأن يكون مهاب هو منفذ تلك الجريمة البشعة.

 

رمشت عينيها بذهول من هول الكلام الذي سمعته على لسان زوجها والذي يؤكد لها أنها أمضت بضع سنوات من عمرها مع مجرم لا يعرف شيئا عن الإنسانية.
استنتج عقل داليا في لمح البصر أن حبيبة قد أحبت وارتبطت بالرجل نفسه الذي أزهق روح أخيها الوحيد بلا شفقة ولا رحمة.
هتفت داليا بتعجب وهي تنظر إلى زوجها الذي بدأ يغيب عن الوعي بشكل كامل:
-“طيب وأنت ليه مش فكرت تقتل رامز وتوفر على نفسك الموال ده كله”.
انتظرت داليا أن تسمع جوابًا من زوجها ولكن خاب أملها فقد غاب عن الوعي وذهب في سبات عميق.
نهضت داليا من جواره وأخذت تعدد عيوب عزام التي لا تنتهي ومن أبرزها أنه شخص يرى النساء مجرد وسيلة للمتعة وهذا الأمر استطاعت أن تكتشفه بعد زواجهما بمدة قصيرة عندما رأت كثيرا من الأدلة التي تثبت لها أنه يقوم بخيانتها ولكنها لم تكترث لهذه المسألة؛ لأنها لا تحبه وكل ما يشغل بالها هي ثروته الطائلة التي سيصبح لها فيها نصيب من بعده.
استيقظت داليا من غفوتها القصيرة التي تذكرت بها أحداث معرفتها لحقيقة عزام ثم خرجت إلى شرفة غرفتها وابتسمت وهي تنظر إلى الخدم الذين يعملون على تزيين الحديقة مثلما أمرتهم وتساءلت باستنكار:
“أي أبله سيترك هذا النعيم ويعود للبؤس والشقاء مرة أخرى؟”
نظرت حولها بزهو وأقسمت ألا تعود لحياة الفقر والذل مرة أخرى حتى لو كان الثمن هو التستر على جرائم عزام فهي ليس لديها مشكلة على الإطلاق في الاستمرار مع زوجها المجرم بعدما علمت أنه قاتل وتاجر مخدرات.
في الحقيقة هي لا تكترث لأي شيء سوى الثروة والنفوذ وطالما أن عزامًا يحقق لها هذه المطالب فهي ستظل برفقته ولن تشغل بالها بمصدر الأموال الحرام التي تتنعم بها.
اعترفت بينها وبين نفسها أن مال عزام حرام ولكنها لا تهتم فهي ليست المسؤولة عن تجارة الممنوعات وقتل الأبرياء وكل ما في الأمر أنها تنعم بحياة الرفاهية بالمال الحرام الذي تناله من زوجها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪

 

عاد طارق إلى منزله وهو يحمل في يده بعض المستلزمات التي قام بشرائها.
استقبله ابنه الصغير بفرحة مرددا بسعادة:
-“حمد الله على السلامة يا بابا”.
وضع طارق الأكياس جانبا ومد يده يحمل طفله وهو يقول:
-“الله يسلمك يا روح وقلب أبوك، قولي بقى فين ماما؟”
أشار الصغير نحو المطبخ قائلا:
-“ماما جوة بتعمل الغداء”.
في هذه اللحظة خرجت زوجة طارق من المطبخ وابتسمت وهي تتوجه نحو زوجها قائلة:
-“حمد الله على السلامة يا طارق، خد عمر وروحوا اقعدوا على السفرة وأنا دقيقتين وهحط ليكم الأكل”.
هتف طارق بامتنان وهو يتوجه نحو السفرة:
-“تسلم إيدك يا هدير، أنا والله فعلا جعان أوي لأني مش أكلت حاجة من الصبح”.
نظرت له هدير قائلة بعتاب:
-“ما هو أنت اللي خرجت النهاردة الصبح بدري جدا قبل ما أجهزلك الفطار وقولت أن وراك حالة مستعجلة في المستشفى”.
أشاح طارق وجهه للناحية الأخرى بعيدا عن عيني زوجته فهو لا يمكنه أن يكذب عليها وهو ينظر إليها؛ لأن هذا الأمر يضاعف من شعوره بالذنب تجاهها.

 

أجل لقد كذب عليها عندما ادعى في الصباح أن هناك حالة حرجة قد وصلت إلى المستشفى وأنهم في حاجة لوجوده من أجل إسعافها ولكن في الحقيقة لقد ذهب إلى المستشفى من أجل رؤية هانيا قبل خروجها وعودتها إلى منزلها.
أحضرت هدير أطباق الغداء ووضعتها أمام زوجها وابنها ثم جلست وشرعوا في تناول الغداء وسط جو يسوده الهدوء، حيث إن طارقًا يفكر في مشاعره نحو هانيا التي لم تندثر مثلما كان يظن، وهدير تشعر أن هناك شيئًا مختلفًا من ناحية زوجها فهو يتصرف بغرابة منذ بضعة أيام وهذا الأمر جعل ناقوس الخطر يدق بقوة في عقلها مطالبًا إياها بضرورة التحري ومعرفة سبب تبدل حال زوجها بهذا الشكل.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
مصمصت فايزة “زوجة عم شمس” شفتيها بحسرة وهي تنظر إلى حفل الخطبة الرائع الذي أقامه محمد من أجل شمس حتى يؤكد للجميع مدى تقديره لها وأنه يراها ملكة تستحق أن يبذل كل ما في وسعه من أجل إسعادها.
تمتمت فايزة بحقد وهي تنظر إلى ابنتها التي تقف بجوارها:
-“شوفي يا سحر هو عمال يبص ليها إزاي وكأنه لقى كنز وهي عاملة زي البومة وعمالة تتقل عليه وهو على قلبه زي العسل”.
هتفت سحر بتبرم وهي تشيح بوجهها للجهة الأخرى بعيدا عن العروسين؛ حتى لا تصاب بجلطة نتيجة لتحسرها على زواجها التعيس:
-“والنبي يا ماما خليكِ ساكتة عشان أنا والله مش ناقصة نقطة كفاية عليا الحِزن اللي أنا فيه والهم اللي البيه جوزي مطفحهولي ليل ونهار”.
التزمت فايزة الصمت وظلت تنظر بتحسر نحو شمس التي لم تكن تجد بالأمس من يقبل بالزواج بها بسبب ظروفها المادية القاسية التي تمنعها من تجهيز نفسها.

 

وصل آدم برفقة زوجته إلى الحفل ورحب به محمد بشدة وفي هذه اللحظة حضر المأذون حتى يقوم بعقد القران.
هتف آدم وهو ينظر حوله في كل مكان باحثا عن العروس التي استحوذت على فؤاد ابن عمه:
-“أمال فين عروستك يا عم محمد، أنت مش ناوي تعرفني عليها ولا إيه؟!”
ابتسم محمد وسحب آدم من يده ثم سار برفقته نحو شمس التي كانت توليه ظهرها بسبب انشغالها في الحديث مع جارتها.
هتف محمد بهدوء قاصدا جذب انتباه شمس:
-“أحب أعرفك يا حبيبتي على آدم ابن عمي واللي أنا بعتبره أكتر من أخويا”.
التفتت شمس وهتفت بابتسامة متشفية وهي تنظر إلى ملامح آدم التي تبدلت إلى الصدمة والذهول بعدما رأى وجهها:
-“أهلا وسهلا بيك يا أستاذ آدم، شرفتنا جدا بوجودك وبموافقتك أنك تشهد على عقد جوازي من محمد”.
انعقد لسان آدم من هول الصدمة التي أصابته فمن الذي يمكنه أن يصدق أن الفتاة التي أحبها في الماضي وتحدى والده من أجلها سوف تصبح بعد مرور لحظات قليلة زوجة لابن عمه!!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *