رواية أوهام الحب الوردية الفصل السابع عشر 17 بقلم بتول علي
رواية أوهام الحب الوردية الفصل السابع عشر 17 بقلم بتول علي
رواية أوهام الحب الوردية البارت السابع عشر
رواية أوهام الحب الوردية الجزء السابع عشر
رواية أوهام الحب الوردية الحلقة السابعة عشر
أقام مهاب حفلا ضخما يليق بحبيبة التي شعرت بالسعادة عندما رأت نظرات الغيرة في أعين زميلاتها اللواتي سخرن منها قبل بضعة أشهر ووصفنها بعشيقة مهاب الرخيصة.
وضع مهاب المحبس في إصبع حبيبة التي رفعت كفها تتأمل هذا الخاتم بانبهار شديد لأنها لم تكن تتخيل أن تبتسم لها الحياة إلى هذه الدرجة فقد حظت برجل غني والأجمل من ذلك أنها تحبه ولا تطيق العيش من دونه.
نظر مهاب إلى حبيبة قائلا بابتسامة:
-“أتمنى أنك تكوني مبسوطة دلوقتي بعد ما أنا حققت ليكِ كل شروطك”.
أومأت حبيبة وهمست بجوار أذنه وهي تبتسم بفرحة لم تتمكن من إخفائها:
-“أيوة أنا مبسوطة أوي لأني اتأكدت دلوقتي أنك بتحبني زي ما أنا بحبك”.
أدار مهاب وجهه نحوها وقرب أذنه منها هامسا بإلحاح:
-“عيدي بسرعة الكلام اللي أنتِ قولتيه دلوقتي”.
احمرت وجنتا حبيبة خجلا وأشاحت بوجهها إلى الجهة الأخرى ولكنه أبى أن يتركها قبل أن يسمع منها هذا الاعتراف مرة أخرى.
أمسك مهاب بكفها قائلا بإصرار:
-“قولي يا حبيبة أخر كلمتين قولتيهم من شوية وإلا أنا همسكك قدام الناس وهرقص معاكِ دلوقتي قدامهم بالعافية”.
رمقته حبيبة شذرا فهي قد حذرته قبل بداية الحفل وأخبرته أنها لن ترقص معه مثلما يريد ويبدو أنه سوف ينفذ تهديده إذا لم تعد اعترافها بالحب مرة أخرى.
تنهدت حبيبة وهمست بهدوء:
-“أنا بحبك أوي يا مهاب، أنت صحيح بني آدم مستفز ورخم وبارد بس رغم ده كله أنا لقيت نفسي مع مرور الوقت حبيتك من غير ما ألاقي سبب منطقي يخليني مش متقبلة فكرة أني أتجوز واحد غيرك”.
رفع مهاب حاجبيه قائلا بتبرم:
-“يا ستار يا رب عليكِ يا شيخة، هو أنتِ مش بتعرفي تقولي كلمتين حلوين على بعض، لازم يعني تضيفي شوية بهارات من عندك تبوظ كل الحاجات الحلوة!!”
هزت حبيبة كتفيها قائلة بفظاظة:
-“أنت اللي يشوفك بتتكلم كده يقول أني بقول عليك حاجة غلط، كل الكلام اللي أنا قولته حقيقي ومفيش أي كلمة مش مظبوطة؛ لأن الصفات دي موجودة فيك فعلا”.
زفر مهاب بحنق وتمتم بضيق مصطنع:
-“خلاص يا حبيبتي، اقفلي لو سمحتِ حنفية الغزل دي عشان محدش يحسدنا”.
ضحكت حبيبة ولكن سرعان ما خفتت ضحكتها وتحولت إلى العبوس بعدما رأت عزامًا الذي تقدم نحوهما وهو يبتسم ابتسامة صفراء تخفي خلفها كثيرًا من الخبث والمكر الذي لاحظته حبيبة بوضوح منذ المرة الأولى التي التقت فيها به.
هتف عزام بمودة زائفة فهو من داخله ليس راضيا عن تلك الخطبة ولكنه لم يتمكن من معارضة مهاب؛ لأنه يعلم جيدا أنه إذا أصر على شيء فسوف يفعل المستحيل حتى يناله مهما كان الثمن:
-“ألف مبروك يا عرسان، عقبال ما تعملوا الفرح وتفرحوا الناس كلها بيكم وليكم عندي شهر عسل في المالديف هدية مني”.
ابتسم مهاب قائلا بمجاملة:
-“شكرا لكرمك يا باشا وهديتك مقبولة”.
هتفت داليا التي كانت تقف خلف عزام مبتسمة ببرود:
-“ربنا يتمم ليكم على خير، واضح خالص أن مهاب بيحبك أوي يا حبيبة لأن أنتِ الوحيدة اللي خليتيه يفكر في الجواز والاستقرار بعد ما كان رافض الفكرة بشكل نهائي”.
رمقتها حبيبة بضيق فهي لم تسترح لها على الإطلاق كما أنها لا تطيقها؛ لأنها طليقة رامز التي سلبته كل ما يملك وحرمته من رؤية ابنه الوحيد.
ردت حبيبة وهي تبتسم ابتسامة باردة استفزت داليا بشدة:
-“عندك حق يا مدام داليا، مهاب فعلا بيحبني أوي ومش بيخبي عليا أي حاجة خالص وأنا عارفة كل حاجة عن ماضيه”.
أرادت حبيبة بهذه الكلمات أن تُخرس لسان داليا التي أرادت إفساد فرحتها عن طريق الإشارة إلى ماضي مهاب الذي كان يقضي حياته في اللهو ولا يفكر في الاستقرار.
ابتعدت داليا عن العروسين بعدما سمعت كلام حبيبة وقضت معظم الوقت في تبادل الحديث مع بعض النسوة اللواتي ينتمين إلى الطبقة المخملية.
اقترب انتهاء وقت الحفل وسط شعور مهاب بالسعادة؛ لأن الخطة التي أعدها في التنظيم مع منسق الحفل سارت على ما يرام ولم يظهر أي شيء يعكر صفو تلك الليلة المميزة.
تبخرت ابتسامة مهاب بعدما وقع بصره على وجه وسام الذي اقترب منه قائلا بابتسامة سمجة:
-“ألف مبروك يا عريس، ربنا يكتر أفراحك دايما وتعيش على طول مبسوط ويا سلام بقى لو لميت نفسك أنت والباشا بتاعك بدل ما أنتم تاعبين قلوبنا معاكم”.
نظر وسام نحو حبيبة هاتفا بتهكم ظهر بوضوح مع ملامح السخرية التي ارتسمت على ملامحه:
-“ألف مبروك ليكِ يا آنسة حبيبة، باين عليكِ فعلا أنك واحدة محظوظة أوي لدرجة أن ربنا وعدك بواحد زي مهاب”.
شعر مهاب بالارتباك بعدما رأى نظرات الاستغراب داخل عيني حبيبة بسبب سخرية وسام وهذا الأمر دفعه للتدخل قائلا بنبرة حاول أن يجعلها طبيعية حتى لا يثير شكوك خطيبته:
-“أهلا وسهلا بيك يا حضرة الظابط، نورتنا بحضورك، وبالنسبة لشغلي مع عزام فإحنا ماشيين في السليم ومش بنعمل حاجة تزعل الشرطة وتتعب قلب رجالتها معانا وزي ما قالوا زمان القانون عايز دليل، والبينة على من ادعى”.
رفع وسام أحد حاجبيه وهو يرد باستهزاء أبصرته عينا حبيبة على الرغم من أن الكلام كان يبدو في ظاهره مزاحا ولا يقصد به أي نوع من أنواع الإهانة:
-“واضح فعلا أنك مبسوط أوي بشوفتي وعشان كده أنت مش عزمتني على خطوبتك رغم أن إحنا يعتبر بيننا عشرة طويلة عمرها سنتين”.
نظر مهاب نحو حبيبة وهو يشير نحو وسام قائلا:
-“ده يبقى سيادة المقدم وسام الشناوي، وعلى الرغم من أنه يبقى ظابط بس هو دمه خفيف أوي وبيحب يهزر مع الكل”.
تمتمت حبيبة بضيق لم تتمكن من إخفائه، فهي تعرف وسام حق المعرفة وهذه ليست المرة الأولى التي تراه بها:
-“تشرفت بشوفتك يا فندم، فرصة سعيدة”.
لم تغادر الابتسامة المتهكمة شفتا وسام الذي رمق مهابًا بتشفي؛ لأنه تمكن من إرباكه وجعله يشعر بالخوف من فكرة معرفة حبيبة بحقيقته المظلمة كونه يعمل مع عزام في تجارة المخدرات والأسلحة ولكن لحسن حظه لم تتمكن الشرطة من الإمساك بدليل يدينهما وهذا الأمر أثار غضب وسام الذي أقسم أنه سينال منهما وسيجعلهما يحصلان على الجزاء المناسب لأفعالهما الإجرامية
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
صرخ كريم بشدة بسبب الألم الذي شعر به في ساقه، وقد وصل صوت صراخه المرتفع إلى والدته التي ضربت خديها بعدما رأت الدماء الغزيرة التي تحيط بقدم ابنها.
ساعدت ميرڤت كريم على النهوض ثم صرخت بأعلى صوتها طالبة المساعدة من الجيران في إنقاذ ابنها الذي نزف كثيرا من الدماء.
قام أحد الجيران بإحضار سيارته ووضع كريم في المقعد الخلفي ثم انطلق بها بعدما جلست ميرڤت بجواره في المقعد الأمامي.
وصلت ميرڤت إلى المستشفى وجلست أمام غرفة العمليات تنتظر خروج ابنها وهي تبكي بشدة على ما أصابه مرددة كلمات الحسبنة على المجرم الذي أقدم على إيذائه بهذه الطريقة الغير إنسانية.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
وصلت سمية إلى منزلها وفتحت باب الشقة بهدوء ثم تسللت نحو غرفتها دون أن تشعر بها والدتها التي لم تلاحظ خروجها من الأساس.
جلست سمية على حافة السرير وهي تتنهد براحة ناظرة بفخر إلى انعكاس صورتها في المرآة؛ لأنها تمكنت من الانتقام من كريم الذي تحرش بها وافترى عليها.
نهضت سمية وقامت بتبديل ملابسها ثم أخرجت المسدس الذي استخدمته من حقيبتها وقامت بوضعه داخل الخزانة أسفل كومة مطوية من الثياب.
أغلقت سمية باب الخزانة وهي تفكر في الطريقة التي ستعيد بها المسدس إلى شقة محمد فهي قد قامت بانتشاله من أحد الأدراج أثناء تنظيفها لشقة أخيها وقررت في النهاية أن تنتظر الموعد الذي يتم به تنظيف الشقة حتى تعيد السلاح إلى مكانه دون أن ينتبه أحد لما جرى.
شعرت سمية بالخوف بعدما سمعت صوت والدتها تنادي عليها فهي كانت تظنها قد غرقت في سبات عميق.
خرجت سمية من الغرفة وذهبت إلى حيث توجد والدتها وهي تهتف بدهشة:
-“خير يا ماما، إيه اللي مصحيك لحد دلوقتي؟!”
ردت جميلة بابتسامة هادئة:
-“أنا كنت نايمة وصحيت عشان أشرب ولما جيت أرجع على أوضتي لقيت نور أوضتك شغال فقولت أنادي عليكِ أشوفك إذا كنتِ صاحية ولا كالعادة هلاقيكِ نمتِ ونسيتِ تطفي النور”.
أومأت سمية وتحدثت بهدوء قبل أن تهم بالعودة إلى غرفتها:
-“تمام يا حبيبتي، تصبحي على خير”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
خرج الطبيب من غرفة العمليات بعد مرور أربع ساعات قضاها في محاولة إنقاذ كريم الذي كانت إصابته خطيرة للغاية عكس ما كان يبدو عليها.
توجهت ميرڤت نحو الطبيب وهي تتساءل بلهفة:
-“أرجوك طمني يا دكتور، كريم عامل إيه دلوقتي؟”
أجاب الطبيب وهو يخلع الكمامة والقفاز الطبي:
-“الحمد لله، إحنا عملنا كل اللي نقدر عليه وقدرنا نسيطر على الوضع من غير ما نضطر لبتر الساق بس للأسف الطلقة أثرت بشكل سلبي على عصب حساس جدا”.
رفعت ميرڤت حاجبيها وتساءلت بقلق وترقب منتظرة سماع الكلام الذي تعلم جيدا أنه لن ينال إعجابها:
-“ابني وضعه عامل إزاي يا دكتور، أرجوك قولي الحقيقة وبلاش تخبي عليا أي حاجة”.
اتسعت عينا ميرڤت وشعرت بالحسرة على ابنها بعدما سمعت الطبيب وهو يقول:
-“للأسف ابنك مش هيقدر يمشي على رجليه بشكل طبيعي زي الأول وهيقضي باقي حياته وهو بيعرج ده غير أنه مش هينفع يمشي فترات طويلة من غير ما يريح رجليه”.
ذهب الطبيب وترك ميرڤت تبكي بحسرة على كريم الذي كان يعشق اللهو واللعب بالكرة في أوقات فراغه فهو لن يتمكن الآن من متابعة حياته مثلما كان يفعل في السابق وذلك بسبب الإصابة الغادرة التي تعرض لها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ضحك رامز بشدة بعدما سمع وسامًا وهو يصف له تعبيرات وجه مهاب الذي كان يبدو كالعصفور المبلل أمام خطيبته.
توقف رامز عن الضحك وتنهد قائلا بأسف:
-“أنا اللي صعبان عليا في الموضوع ده كله هي حبيبة لأنها إنسانة كويسة ومن الظلم أنها تتجوز بني آدم قذر زي مهاب”.
هتف وسام يطمئنه بقوله:
-“أنا مش عايزك تفكر في الموضوع ده خالص يا رامز لأن إحنا لو اتعاونا مع بعض وشدينا حيلنا فوقتها هنقدر نوقع عزام ومهاب وساعتها الجوازة دي مش هتتم وبكده ربنا هيكون نجى حبيبة من الحفرة اللي هي وقعت نفسها فيها”.
تمنى رامز أن يتحقق هذا الأمر ويتمكن من الانتقام من عزام خاصة بعدما تحالف معه وسام الذي أقسم على أن يقضي على رؤوس تجارة المخدرات في البلاد، وعزام هو واحد من هذه الرؤوس وأشدهم خطورة.
تذكر رامز قبل شهر عندما دلفت السكرتيرة الخاصة به إلى مكتبه وأخبرته بوجود رجل يرغب في مقابلته.
نظر لها رامز وقال:
-“مفيش مشكلة يا مروة، خليه يدخل”.
خرجت مروة وبعد مرور بضع ثوانٍ دلف وسام إلى المكتب وهتف معرفا عن نفسه:
-“أنا أبقى المقدم وسام الشناوي وكنت عايز أدردش معاك في كلمتين”.
استغرب رامز من قدوم هذا الضابط الذي لا يعرفه ولكنه رحب به وأشار له بالجلوس هاتفا بابتسامة مصطنعة فهو لا يحب مجال الشرطة ولا يرغب في التعامل مع أي شخص من الضباط:
-“أهلا وسهلا بحضرتك يا فندم، ممكن تقولي أنا أقدر أخدم حضرتك في إيه بالظبط؟”
لاحظ وسام عدم الارتياح الذي ارتسم على وجه رامز فهتف يشرح له سبب زيارته لشركته:
-“بص يا أستاذ رامز، أنا لما كنت بعمل شوية تحريات عن عزام الصاوي اكتشفت أن زوجته مدام داليا الرفاعي تبقى طليقتك وأم ابنك الوحيد اللي اسمه إسلام”.
صمت وسام قليلا ناظرا إلى تعبيرات وجه رامز الذي بدأ يستمع له بإنصات شديد وكأنه بدأ يفهم السبب الرئيسي من هذه الزيارة:
-“أنا كمان عرفت أن داليا حرمتك من ابنك ومش مخلياك تشوفه وأنك دلوقتي بتنخور ورا عزام عشان تنتقم منه لأن زي ما هو واضح قدام الكل عزام هو الشخص المسؤول عن حريق المخزن بتاعك بس للأسف مفيش عليه أي دليل”.
-“ممكن أفهم حضرتك عايز إيه بالظبط؟”
سأل رامز وهو يحك جانب فكه فأجاب وسام بهدوء:
-“أنت حاليا عايز تنتقم من عزام وأنا عايز أنضف البلد من المخدرات وتجارها ولو اتعاونا مع بعض هنقدر نوقع عزام”.
قال رامز باقتضاب:
-“طيب والمطلوب مني إيه؟”
-“المطلوب منك أن لو عندك أي معلومات أو وصلت لأي حاجة عن عزام تتصل بيا وتبلغني وده الكارت بتاعي اللي فيه رقم تليفوني”.
قالها وسام ومد يده بالكارت ووضعه أمام رامز ثم انصرف تاركا له الفرصة في التفكير وهو يعلم جيدا أنه سيوافق على فكرة الاتحاد.
-“أنت سرحان في إيه يا رامز؟”
انتشل صوت وسام رامز من شروده فرفع رأسه متسائلا بفضول:
-“فيه سؤال بيدور في دماغي من ساعة ما شوفتك يا سيادة المقدم وهو أنت ليه عايزني أساعدك وأقولك على أي معلومة أوصلها وأنت أصلا ظابط مباحث وسهل جدا تجيب معلومات عن عزام؟!”
أجاب وسام وهو يشعر بالحزن الشديد بسبب الفساد الذي انتشر حوله في كل مكان وتوحشت أنيابه:
-“لأن عزام للأسف ليه عيون في الشرطة والعيون دي أنا مش عارف عنها أي حاجة، وكل ما بتوصل ليا معلومات عن مواعيد تسليم المخدرات هو بيعرف وبيلغي كل حاجة وعشان كده أنا مش قادر أقبض عليه رغم أني عارف أنه مجرم وأنه المسؤول عن حرق مخزنك وموت حراسك والمفروض يتعدم بس مفيش ولا دليل ضده”.
أومأ رامز بتفهم مخبرا وسام باستنتاجه لمعنى حديثه:
-“أنا فهمت دلوقتي، أنت عايز يكون ليك مصدر تاني للمعلومات بعيد خالص عن التحريات اللي بتعملها داخل إطار شغلك وفي نفس الوقت أنت عايز تضمن أن المصدر ده يكون موثوق فيه وعشان كده قررت تستعين بشخص عنده عداوة مع عزام وعايز يقضي عليه”.
أكد وسام هذا الكلام بقوله:
-“بالظبط كده، أنا اتأكدت بعد مرات كتير من الفشل أني مش هقدر أقضي على عزام غير لو اتعاونت مع شخص بيكرهه وعنده نفس الهدف”.
لمعت عينا رامز ببريق الانتقام وهو يهتف بعزم وإصرار:
-“وأنا رقبتي سدادة يا سيادة المقدم بس ليا عندك طلب صغير خالص”.
-“طلب إيه يا رامز؟”
رمقه وسام بانتباه فأفصح رامز عما يريده بقوله:
-“أنا عايزك تعرفني على محمد صاحبك”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ظلت هانيا حبيسة في غرفتها طوال الفترة الماضية ولم تتمكن من تجاوز حالة الصدمة التي شعرت بها بعدما اكتشفت أنها عاقر ولن تتمكن من الإنجاب.
أخذت هانيا تبكي بشدة وهي تتذكر عندما أجرت فحوصات طبية برفقة محمد قبل خمس سنوات وانتظرت النتيجة بفارغ الصبر للدرجة التي دفعتها لسؤال زوجها عن النتيجة بمجرد دخوله من الباب:
-“طمني يا محمد وقولي إيه الأخبار؟ النتايج كويسة ولا فيها مشاكل؟”
ابتسم لها محمد قائلا بمودة:
-“الحمد لله يا حبيبتي، النتيجة كويسة جدا ومحدش فينا عنده مشكلة والدكتور قال أن الموضوع كله محتاج شوية وقت مش أكتر”.
قفزت هانيا من شدة الفرح وعانقت محمدًا الذي أكد لها في هذه اللحظة أنها لا تعاني من أي مشكلة ولكنها اكتشفت الآن أنه كذب عليها وخدعها حتى لا يجرح مشاعرها.
يا لها من حمقاء وبلهاء، كيف أمكنها أن تترك رجلا عشقها، وتخلت عنه في محنته بعدما تحملها ورضي بها على الرغم من عدم قدرتها على الإنجاب؟!
لقد تخلت عن محمد بعدما أحبها بجنون وأخفى عنها حقيقة أنها عاقر حتى لا يجرح قلبها الذي كان سيتحطم ويصيبها بوسواس يخبرها أنه سيتزوج عليها بمن تستطيع أن تحقق له حلم الأبوة الذي يراوده.
ألقت بالنفيس واستبدلت به الزهيد وها هي الآن تجني ثمار سعيها لكسر قلب من أحبها والزواج برجل ألقى بها بمنتهى البساطة داخل منزل عائلتها ورحل دون أن ينظر خلفه.
فتحت هانيا حسابها على موقع الفيس بوك حتى ترفه عن نفسها في محاول منها لتتناسي الألم الذي تشعر به وأخذت تقلب بين المنشورات بعشوائية إلى أن استوقفها منشور كان بالنسبة لها الطامة الكبرى التي أحرقت قلبها.
هذا المنشور نشرته صديقتها شيري مهنئة به زياد؛ لأنه قام بالأمس بخطبة فتاة جميلة تعرف عليها منذ مدة قصيرة.
هزت هانيا رأسها باستنكار وفتحت صفحة زياد حتى تتأكد من الأمر ووجدت بالفعل العديد من الصور التي تعود إلى حفل الخطبة مرفقة بالعديد من كلمات الغزل والحب التي يوجهها زياد إلى خطيبته.
ألقت هانيا الهاتف على الوسادة وأخذت تبكي بشدة شاعرة بالحسرة؛ لأن الفتاة التي خطبها زياد أجمل منها بكثير ولا يوجد وجه مقارنة بينهما.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
استيقظ محمد من النوم بعدما تلقى اتصالا من أحد رفاقه القدامى والذي قد طلب منه أن يقوم بعمل تحريات عن شمس حتى يجد تفسيرا لمعرفتها بأمر عمله السابق في الشرطة كما أنه يريد أن يعلم سبب كرهها الشديد له.
كان من الممكن أن يستعين محمد بوسام ولكنه فضل عدم القيام بذلك لأنه لا يريد أن يشتت ذهنه عن قضية عزام وأيضا هو لا يرغب في أن يعلم أحد من المقربين منه بمسألة حبه لشمس.
أجاب محمد على الاتصال هاتفا بتساؤل:
-“إيه أخر الأخبار يا وائل؟ عرفت توصل لحاجة؟”
أومأ وائل هاتفا بإيجاب يشوبه بعض التردد؛ لأنه يدرك جيدا أن المعلومات التي وصل إليها ستكون صادمة للغاية بالنسبة لصديقه القديم:
-“أيوة يا محمد، بالنسبة لموضوع شمس السمدوني اللي أنت طلبت مني أعمل تحريات عنها فهي طلع عندها سابقة آداب”.
رمش محمد بعينيه عدة مرات وانفرج فمه قبل أن يقول بذهول:
-“سابقة آداب!!”
نطق تلك الكلمتين وانتظر من وائل أن يوضح له حقيقة هذا الأمر وبالفعل تحدث الأخير وبدأ يشرح له كل شيء:
-“أيوة زي ما سمعت، شمس السمدوني اتقبض عليها قبل كده في شقة مشبوهة واللي هيدهشك بقى في الموضوع أن اللي عمل الكبسة وقبض على شبكة الآداب دي هو أنت يا محمد بس على حسب المعلومات اللي عندي المحضر اتحفظ وقتها بسبب شهادة كل البنات اللي أكدوا أن شمس مش منهم وأنهم أول مرة يشوفوها”.
أنهى محمد المكالمة وهو يضرب جبينه بعدما تذكر الآن أن شمس هي نفسها تلك الفتاة التي تدخل عمه الراحل حتى يخرجها من القضية بعدما تم القبض عليها داخل شقة مشبوهة.
أخذ محمد يلعن بلاهته وهو يردد:
-“أنا طلعت فعلا غبي ومتخلف، أنا مش فاهم إزاي نسيتها ومش قدرت أتعرف عليها لما شوفتها وفوق ده كله روحت كمان حبيتها!!”
جلس محمد ناكسا رأسه بعدما تأكد أنه من المستحيل أن توجد له فرصة مع شمس؛ لأنها لم تنسَ الإهانات التي وجهها لها والكلمات البذيئة التي وصفها بها قبل أن تتضح له براءتها والدليل على ذلك هو النظرات الحاقدة التي يراها في عينيها كلما التقى بها.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)