رواية أوهام الحب الوردية الفصل الثامن عشر 18 بقلم بتول علي
رواية أوهام الحب الوردية الفصل الثامن عشر 18 بقلم بتول علي
رواية أوهام الحب الوردية البارت الثامن عشر
رواية أوهام الحب الوردية الجزء الثامن عشر
رواية أوهام الحب الوردية الحلقة الثامنة عشر
تلقى رامز اتصالا من إحدى الخادمات اللواتي يعملن في قصر عزام، وقد أخبرته الخادمة أن داليا قد سجلت لابنها في رياض الأطفال وسوف ترسله إليها بداية من الغد.
تولد أمل جديد في قلب رامز وهو يسألها بلهفة بعدما اعتدل في جلسته وأنصت إليها جيدا منتظرا منها أن تؤكد له أنها أخبرته بالفعل عن وجود وسيلة تتيح له رؤية ابنه العزيز:
-“أنتِ متأكدة يا نادية من الكلام ده؟”
أومأت نادية مؤكدة بقولها وهي تسرح بخيالها في حجم المكافأة التي ستحصل عليها من رامز لأنها منحته فرصة ذهبية سيتمكن بواسطتها من رؤية ابنه الذي حُرم منه:
-“أيوة يا رامز بيه، أنا سمعت مدام داليا وهي بتتكلم في التليفون وقدرت أعرف من وسط كلامها اسم الحضانة اللي هتودي فيها إسلام”.
أمسك رامز قلمًا وورقة وهو يقول بإلحاح:
-“طيب مستنية إيه؟! قوليلي بسرعة اسم الحضانة دي وكمان عايز أعرف المواعيد اللي هتوديه فيها والوقت اللي هتروح تاخده فيه منها”.
منحته نادية العنوان وأخبرته أن داليا لن تقوم بإيصال إسلام بنفسها إلى الحضانة وإنما سوف تأتي الحافلة الخاصة بالروضة وهم سيقومون بتوصيله وإعادته عندما يحين موعد الانصراف.
دوَّن رامز العنوان ووضع الورقة داخل أحد الأدراج ثم أمسك بصورة ابنه التي التقطها له وعمره لا يزال أسبوعا.
نظر رامز إلى الصورة مليا وكفكف دموع الفرحة التي هبطت من عينيه، ثم ابتسم وشكر نادية وهو يهتف بامتنان مؤكدا لنفسه أن أموال الدنيا كلها لا تكفي لتسديد المعروف الذي قدمته له على طبق من ذهب:
-“أنا متشكر جدا يا نادية، صدقيني أنا مش عارف كنت هعمل إيه من غيرك، وليكِ عليا هتاخدي مبلغ محترم لو قدرت فعلا أني أشوف إسلام بكرة”.
ابتسمت نادية وهتفت بحماس بعدما قررت أن تنفذ الفكرة التي تدور في رأسها حتى تحصل على رصيد كبير من المكافآت:
-“طيب وأنت ليه تستنى لبكرة عشان تشوفه وأنا أقدر أخليك تشوفه دلوقتي؟!”
رفع رامز حاجبيه بعدم فهم ولكنه سرعان ما استوعب قصدها عندما فتحت نادية الكاميرا وظهرت له صورتها.
سارت نادية نحو الحديقة وهي تهمس بصوت منخفض حتى لا يسمعها أحد زملائها:
-“مدام داليا قاعدة دلوقتي مع واحدة صاحبتها وسايبة إسلام يلعب هنا لوحده في الجنينة وأنا هستغل الفرصة وهخليك تشوفه حالا”.
وجهت نادية كاميرا الهاتف نحو إسلام وأشارت له أن يتقدم نحوها وبالفعل استجاب لها الصغير ونظر إلى الشاشة وهو يبتسم على الرغم من عدم فهمه لما يدور حوله.
ابتسم رامز للصغير وأشار له بعلامة ترحيب فهمها إسلام على الفور وقام بردها وهو يضحك بشدة لسبب لم تتمكن نادية من تفسيره.
-“يلا يا إسلام، قول لرامز إزيك”.
قالتها نادية مشجعة إسلام على التواصل مع أبيه وبالفعل نفذ الصغير كلامها وهتف بصوت خافت التقطه رامز بصعوبة:
-“إزيك يا رامز، عامل إيه؟”
مسح رامز الدموع التي انهمرت من عينيه هاتفا بفرحة:
-“إزيك أنت يا إسلام، عامل إيه يا حبيبي؟”
أجاب الصغير وهو يمط شفتيه:
-“أنا كويس بس أنت شكلك مش كويس لأنك بتعيط أوي”.
هز رامز رأسه بنفي قائلا:
-“لا يا حبيبي أنا كويس ومبسوط أوي أني شوفتك وبالنسبة للدموع فدي بسبب أني كنت بقطع بصل من شوية”.
ابتسم إسلام وتحدث مع رامز لبعض الوقت قبل أن يمنح الهاتف لنادية التي قربت الهاتف من أذنها قائلة:
-“إيه رأيك يا رامز بيه في المفاجأة دي؟”
عبر رامز عن فرحته وامتنانه الشديدين بقوله:
-“أنا مش عارف أشكرك إزاي على اللي عملتيه معايا دلوقتي”.
شعر رامز ببعض الخوف عندما خطرت له فكرة أن ابنه ربما يشي لوالدته ويخبرها بأمر هذه المكالمة:
-“هو أنتِ مش خايفة أن إسلام يقول لداليا أنك خليتيه يتكلم مع واحد اسمه رامز؟!”
هزت نادية رأسها بنفي هاتفة بثقة تطمئنه بها:
-“لا طبعا مش خايفة؛ لأن إسلام بيحبني جدا وبيسمع كلامي ده غير أنه بيخاف من أمه لأنها بتتعصب عليه كتير وفيه طلبات كتيرة بترفض تنفذها لما بيطلبها وأنا بقى اللي بنفذ ليه كل طلباته وعشان كده هو بيسمع كلامي جدا ولما بنبه عليه أنه مش يقول حاجة لأمه بيسمع الكلام ومش بينطق قدامها بحرف واحد”.
أنهى رامز المكالمة الهاتفية بعدما وعد نادية أنه سوف يعطيها مكافأة مجزية نظير تعاونها معه وحرصها على نقل المعلومات المتعلقة بابنه أولا بأول.
تملكت السعادة من رامز لأنه سيحظى للمرة الأولى بفرصة لرؤية ابنه والتعرف عليه عن قرب بعدما طالت مدة حرمانه منه.
سوف يعمل رامز خلال الفترة القادمة على كسب ثقة وحب ابنه خاصة بعدما علم الأسباب التي جعلت الصغير يخاف من والدته التي أنجبته ويفضل عليها نادية الخادمة.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
ابتسمت حبيبة وهي تشاهد الصور التي التقطها أصدقائها لحفل الخطبة ثم تأملت محبس الخطبة وهي تشعر بالسعادة؛ لأنها ارتبطت بمهاب الذي يلح عليها حتى يقوما بتعجيل موعد الزفاف.
توقف بصر حبيبة على إحدى الصور التي ظهر بها وسام مبتسما باستهزاء فتمتمت بينها وبين نفسها بتعجب:
-“أنا مش فاهمة البني آدم ده هيفضل مركز معايا لحد إمتى، وليه حسيت أن مهاب ارتبك ومكانش حاسس بالراحة لما شافه؟!”
وضعت حبيبة الصور جانبا ونفضت عن رأسها جميع الأفكار السيئة التي تراودها في الآونة الأخيرة وقررت ألا تشغل نفسها سوى بأمر واحد وهو خطيبها الذي يهتم كثيرا لأمرها مثلما كان يفعل شقيقها الراحل.
تنهدت حبيبة بحزن بعدما تذكرت شقيقها وزوجته وتمنت لو أنهما كانا لا يزالان على قيد الحياة ولكن في النهاية هذا قدر الله ومشيئته التي لا يمكن الاعتراض عليها.
همست حبيبة بإصرار فهي على الرغم من مرور وقت طويل على مقتل شقيقها وانتحار زوجته إلا أنها لم تنسَ ثأرها:
-“إن شاء الله لما أتجوز مهاب هطلب منه يستخدم معارف ونفوذ عزام عشان يساعدني أوصل لقاتل أشرف”.
زفرت حبيبة بضيق متمتمة بعدما خطر عزام في بالها:
-“أنا مش فاهمة أصلا ليه مهاب شغال مع واحد زي عزام؟! ده أنا لما بدأت أشتغل في الشركة سمعت عنه بلاوي تشيب شعر الرأس فإزاي مهاب قريب منه أوي كده ومش خايف من الكلام اللي بيتقال على عزام؟!”
صحيح أن حبيبة لا ترتاح لعزام ولا تحب وجود مهاب تحت إمرته؛ لأنها تشعر بانقباض في قلبها كلما رأته أمامها ولكن كما يقال الغاية تبرر الوسيلة وهي لديها استعداد للتحالف مع الشيطان نفسه حتى تعرف هُوية المجرم الذي أزهق روح أخيها الوحيد.
يجب عليها أن تستخدم عزام حتى تصل إلى قاتل أشرف وبعد ذلك سوف تحرص أشد الحرص على إبعاد مهاب عن هذا الرجل إلى الأبد.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
دلف مهاب إلى منزل عزام وأخذ يسير حتى وصل إلى غرفة الصالون ثم وقف أمامه قائلا باحترام وهو يتجنب النظر نحو داليا التي تثير اشمئزازه:
-“كل التجهيزات الخاصة بالحفلة جهزت على أحسن مستوى زي ما أنت طلبت مني”.
ابتسم عزام وهو ينظر إلى داليا قائلا بفخر:
-“شوفتي بقى يا داليا أنا ليه مش بقدر أستغنى عن مهاب”.
وقف عزام وتوجه نحو مهاب وربت على كتفه وتابع كلامه قائلا:
-“هو الوحيد اللي يقدر يخلص كل حاجة في وقت قصير ومن غير ما يغلط ولا غلطة”.
تظاهرت داليا بالابتسام، فهي تشعر بغضب لا حدود له بسبب اعتماد عزام بشكل شبه كامل على مهاب وهذا الأمر يجعله يستبعدها في أوقات كثيرة من الأمور الهامة التي يصب جُل اهتمامه عليها.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
شاهد محمد أثناء تصفحه للفيس بوك صورًا لزياد برفقة امرأة حسناء وعندما قرأ المنشور الذي أُرفقت به الصور علم أن تلك الفتاة تكون خطيبته، وفهم من خلال تعليقات الأصدقاء والأقارب أن زياد قد انفصل عن هانيا بسبب عدم قدرتها على الإنجاب.
ابتسم محمد بسخرية شديدة عندما تذكر أنه قد ضحى من أجل هانيا ولم يخبرها بحقيقة عقمها حتى لا يجرح مشاعرها ولكنها كافأته بالإهانة وقلة الأصل ولهذا السبب هو لا يشعر بالأسف عليها؛ لأنها تستحق كل ما جرى معها.
هي من أهانته في محنته، وذهبت وتزوجت برجل أخر حتى تحرق قلبه ظنا منها أنه سوف يأسف على رحيلها ويقف يبكي حزنا على أطلال حبهما الذي اندثر تحت وطأة الظروف والتحديات المريرة.
انفرجت شفتا محمد بشدة عندما قرأ تعليق شيري التي كتبت:
-“ألف مبروك ليك يا زيزو وربنا يتمم بخير، أنت صاحب جدع وأنا بعتبرك أكتر من أخويا وبتمنى ليك كل حاجة كويسة لأنك فعلا تستاهل تعيش مبسوط وإن شاء الله ربنا هيرزقك قريب بأطفال يكونوا شبهك ويورثوا منك شهامتك وجدعنتك”.
أرفقت شيري بتعليقها بعض الرموز التعبيرية التي تدل على شدة فرحتها بخطبته بعد انفصاله عن صديقتها المقربة بفترة قصيرة للغاية لم تتجاوز ثلاثة أسابيع.
أخذ محمد يضحك وهو يعيد قراءة هذا التعليق عدة مرات، فهو لا يجب أن يصدر من فتاة تعد الصديقة المقربة لطليقة العريس المبجل.
مط محمد شفتيه هامسا باستهزاء:
-“وهو أصلا من إمتى كانت شيري صديقة حقيقية لهانيا؟! هي من يوم يومها كانت بتكرهها وبتحقد عليها وعايزة تاخد منها كل حاجة كويسة في حياتها”.
أخذ محمد يتذكر ألاعيب شيري وتحذيراته المستمرة لهانيا بالابتعاد عنها وقطع علاقتها بها بشكل نهائي إلا أنها أبت أن تطيعه واستمرت في التواصل مع من كانت تظنها صديقة وفية تحبها بشدة وتتمنى لها السعادة.
توقفت الذكريات بمحمد على بعض الأحداث التي جرت في بداية زواجه بهانيا فقد كانت شيري تسعى للتقرب منه بشكل مبالغ به.
كانت تتصل به في أوقات كثيرة وترسل له رسائل لا تقوم بإرسالها سوى امرأة لزوجها وصارت تلاحقه في كل مكان يذهب إليه وعندما ضاق ذرعا من تصرفاتها وقرر أن يضع لها حدًا حتى تكف عما تفعله وتحترم نفسها قلبت الطاولة عليه واتهمته بأنه شخص متزمت ورجعي وأنه قد فهمها بشكل خاطئ وعلى عكس المتوقع فقد صدقتها هانيا ودعمت موقفها وصارت تلوم زوجها؛ لأنه جرح صديقتها بهذه الطريقة القاسية.
قررت شيري أن تلعب على وتر أخر بعدما رأت أن محمدًا رجل مخلص لزوجته ومن المستحيل أن يقوم بخيانتها، وبالفعل بدأت في إقناع هانيا بفكرة أن محمدًا رجل يسعى للسيطرة عليها وجعلها كالخاتم في إصبعه وكأنها دمية قام بشرائها من متجر الألعاب.
سقطت هانيا في فخ شيري بسهولة ويسر وصارت تتمرد على محمد وتتعمد القيام بالأمور التي تستفزه وتجعله يخرج عن شعوره.
تذكر محمد ما حدث معه بعد فترة قليلة من انفصاله عن هانيا، فقد حضرت شيري إلى منزله، وأخذت تواسيه وتخفف عنه الحزن الذي يشعر به بعد كل ما جرى معه.
نظر لها محمد بحدة قائلا بفظاظة:
-“ممكن أفهم أنتِ جاية بيتي ليه وعايزة مني إيه يا مدام شيري؟”
هتفت شيري بمكر وهي تبتسم بوداعة تجعل أي شخص لا يعرفها على حقيقتها يظن بأنها طفلة بريئة لم ترَ شيئا من أهوال الحياة ومصاعبها:
-“أنت ليه يا محمد بتتعامل معايا بالطريقة الصعبة دي؟!”
لمست شيري وجنته وهي تكمل حديثها بخبث:
-“خلاص يا محمد مفيش أي سبب يخليك تبعد عني بعد ما هانيا سابتك واتخلت عنك”.
اقتربت منه أكثر وهي تهمس بخفوت دون أن تتخلى عن ابتسامتها الخبيثة:
-“مفيش أي حاجة هتفرقنا مرة تانية”.
أزاح محمد يدها ودفعها بحدة فترنحت عدة مرات بسبب قوة الدفعة وعندما استقامت واستعادت توازنها وجدته يصرخ في وجهها بنبرة تحذيرية:
-“اطلعي برة بيتي حالا وإلا مش هيحصلك كويس وإذا كنتِ مفكرة أني مش هقدر أجرك من شعرك وأطردك لأني قاعد على كرسي فأنتِ تبقي غلطانة”.
صرخت شيري بعصبية بعدما شاهدت نظرات الرفض في عينيه:
-“أنت ليه بتعمل معايا كده؟! أنا بحبك وبتمنى ليك الرضا ترضى ومستعدة أعمل أي حاجة عشانك أما هي فتخلت عنك بعد الحادثة بدل ما تمسك فيك وتقولك الحمد لله أنك بخير وكويس”.
أمسكت شيري بيديه رغما عنه وهمست برجاء:
-“لحد إمتى هتفضل تعاقبني كده يا محمد؟ أنا حبيتك أوي وأنت كنت شايف الحب ده بعينيك ومع ذلك أنت روحت اتجوزت هانيا وقهرتني”.
أزاح محمد يدها هاتفا بصوته الصارم وهو يشير لها نحو باب الشقة الذي تركه عند دخولها مفتوحا على مصراعيه:
-“بقولك اطلعي برة، ويكون في علمك لو أنتِ الست الوحيدة على كوكب الأرض فأنا مستحيل أتجوزك، أنتِ غلطتِ لما وقعتِ في حب الشخص اللي عارف عنك كل بلاويكِ، بالله عليكِ قولي كده دلوقتي أي سبب مقنع يخليني أتجوز واحدة خانت ثقة أهلها واتجوزت عرفي من زميلها في الجامعة ولما حست أنه هيخلع منها قررت تحمل منه عشان تدبسه وبعدها راحت لأبوه وقالت ليه على كل حاجة والراجل طلع محترم وأجبر ابنه يتجوزك ويستر عليكِ”.
صرخت شيري بقهر في محاولة منها لإسكاته:
-“بس مش عايزة أسمع منك أي كلمة في الموضوع ده”.
حاولت شيري إسكات محمد إلا أنه لم يتوقف أمام تلك المحاولات وتابع قائلا باشمئزاز:
-“أهلك اتفضحوا وسط الناس واتبروا منك وأنتِ مكانش فيه حاجة بتفكري فيها غير أن الولد اتجوزك ولما ده حصل بعدها بكام شهر عمل حادثة ومات وابنه اللي في بطنه مات وأنتِ بتولديه وبما أن الجوازة كانت رسمية كان ليك نصيب من الأملاك اللي كانت باسمه ووقتها حياتك اتغيرت وبدل ما تحاولي تراضي عيلتك بعدتِ عنهم أكتر ومش اهتميتِ بأي حد”.
أخذت شيري تبكي بشدة ولكنه لم ينخدع بدموع التماسيح التي تسقطها أمام عينيه حتى يرأف بها، واستمر يجرحها بكلماته التي تذكرها بماضيها غير المشرف:
-“بعد كده أنتِ روحتِ اتجوزتِ واحد عنده سبعين سنة وفضلتِ تلعبي عليه لحد ما كتب ليكِ نص ثروته قبل ما يموت وساب الباقي لعياله”.
أشار محمد نحوها باحتقار وهو يكمل:
-“أنتِ اللي زيك عمرها ما تنفع تكون زوجة لشخص عايز واحدة محترمة تشيل اسمه وتبقى أم أولادها يتشرفوا بيها”.
استمرت شيري في البكاء وهي تتذكر كل الكلمات التي قالتها لهانيا حتى تحرضها على زوجها كما أنها حرصت على تقريبها من زياد حتى تقضي على أي أمل يشير إلى احتمالية عودتها إلى طليقها، وفي النهاية أخبرها محمد بمنتهى البساطة أنه يكرهها ولا يطيقها.
صرخت شيري بعصبية ناظرة إلى محمد بغيظ شديد؛ لأنه الرجل الوحيد الذي جعلها تركض خلفه على عكس جميع الرجال الذين عرفتهم فهم من كانوا يسعون للتحدث معها وليس العكس:
-“إذا كنت شايف أن أنا مش هنفع أكون أم لأطفال يتشرفوا بيا فأحب أقولك أن الأستاذة هانيا مش أحسن مني بل على العكس هي أحقر مني بمراحل كتيرة”.
سكتت شيري تلتقط أنفاسها قبل أن تتابع من وسط شهقاتها المتلاحقة:
-“الحلوة اللي أنت حبيتها وكنت عايز تكمل حياتك معاها قالت عليك أنك واحد واطي وأنك اتجوزتها عشان فلوس أهلها وأنها سابتك لما اكتشفت حقيقتك لما أنت حاولت تقلبها وفشلت”.
بهت وجه محمد من شدة الصدمة فهو لم يكن يتوقع أن يصل مستوى حقارة هانيا إلى هذه الدرجة التي جعلتها تشوه سمعته وتنعته بهذه الصفات الوضيعة.
نظرت شيري إلى صدمته بشماتة فقد أشعرتها خيبة أمله بقليل من الراحة بعدما كسر قلبها وأعلن عن رفضه لها:
-“تحب أقولك يا محمد هي قالت عليك إيه تاني؟ هانيا اتسببت في أن كل الناس تشوفك مش راجل وأنك واحد انتهازي وقذر”.
انفعل محمد بشدة وأشار لها نحو باب الشقة صارخا بصوت قوي دب الذعر في قلبها:
-“مش عايز أسمع منك ولا كلمة زيادة، اطلعي برة بيتي حالا”.
حملت شيري حقيبتها وخرجت من الشقة بأقصى سرعة وهي تشعر بمزيج من الحقد والتشفي، فعلى الرغم من تيقنها من حقيقة أن محمدًا لن يكون لها ولكنها سعيدة لأنه لن يعود إلى هانيا بعد كل ما جرى.
انتشل محمد من براثن تلك الذكرى القاسية صوت الجرس فنهض وفتح الباب وابتسم مرحبا بشقيقته التي أتت لزيارته فجأة دون أن تخبره في وقت سابق بقدومها.
دلفت سمية إلى شقة أخيها بعدما فتح لها الباب ووضعت بعض الأغراض التي قامت بشرائها من أجله قائلة بابتسامة:
-“دي شوية حاجات خفيفة عشان تمشي بيهم نفسك بدل الدليفري”.
نظر محمد إلى الأكياس وقال:
-“شكرا يا سمية بس صدقيني مكانش له لزوم أنك تتعبي نفسك بالشكل ده”.
-“مفيش تعب ولا حاجة يا محمد”.
قالتها سمية وهي ترفع أكمام قميصها ثم توجهت نحو المطبخ وأحضرت أدوات التنظيف وبدأت في تنظيف المكان ثم توجهت نحو غرفة أخيها بحجة ترتيبها ومسح أرضيتها.
استغلت سمية مسألة جلوس محمد في الصالة وأخرجت المسدس من سترة معطفها الداخلية ووضعته في المكان الذي أخذته منه في المرة الماضية عندما أتت إلى المنزل.
ابتسمت سمية؛ لأن كل شيء سار وفق خطتها دون أن يحدث أي خطأ ولم تكن تدري أن محمدًا كان يشاهد كل شيء تقوم به كما أنه كان على علم مسبق بكل ما خططت له منذ البداية.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
أخذ فريق من رجال المباحث يفتشون في أنحاء المكان الذي أُطلق به الرصاصة على كريم لعلهم يجدون شيئا يقودهم إلى الشخص الذي قام بهذا الفعل.
لاحظ أحد العساكر شيئا ملقى في ركن بعيد وعندما اقترب منه وجد أنه رصاصة فأمسك بها وأسرع متوجها نحو الضابط المسؤول وهو يقول:
-“اتفضل يا فندم، أنا لقيت الرصاصة دي”.
ناول العسكري الرصاصة للضابط الذي أخذها ونظر لها مليا قائلا لزميله الذي حضر حتى يشاهد الرصاصة عن قرب:
-“الرصاصة دي تسعة ملي على عكس الرصاصة اللي اتضربت على كريم كانت ستة ملي”.
نظر له زميله قائلا باستغراب شديد:
-“عندك حق يا هاني، الرصاصة دي مختلفة تماما عن التانية”.
وصل الضابط لاستنتاج فنظر إلى هاني وسأله عما يفكر به حتى يرى إذا كان يفكر مثله أم أنه توجد لديه وجهة نظر أخرى:
-“إيه رأيك يا هاني في الموضوع ده؟ يعني أنت شايف أن ده ممكن يكون معناه إيه؟!”
أجاب هاني بنبرة واثقة تدل على خبرته الكبيرة في مجال التحقيق:
-“ده معناه أن كان فيه شخصين عايزين يصيبوا كريم وواحد من الاتنين دول الطلقة بتاعته أصابت أما التاني ففشل في التصويب، واضح كده أن كريم عامل كذا بلوة وعشان كده هو عنده أعداء كتير”.
اقتنع زميله بهذا التحليل؛ لأنه لا يوجد سبب منطقي غير هذا السبب الذي يفسر وجود رصاصة من نوع مختلف في المكان نفسه الذي تعرض فيه كريم لإطلاق النار.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)