رواية ومقبل على الصعيد الفصل السابع 7 بقلم رانيا الخولي
رواية ومقبل على الصعيد الفصل السابع 7 بقلم رانيا الخولي
رواية ومقبل على الصعيد البارت السابع
رواية ومقبل على الصعيد الجزء السابع
رواية ومقبل على الصعيد الحلقة السابعة
التزمت غرفتها منذ ذلك اليوم، لاتريد رؤية أحد بعد تلك الصدمة التي تلقتها.
يساورها الشك في حديثهم الذي يتنافى تمامًا عمّ أخبرهم به خالد صديق والدهم.
تتسائل دائمًا؛ من الصادق إذًا ومن الكاذب.
نشلتها من أفكارها دخول سمر الغرفة لتجدها بتلك الحالة
زفرت بضيق وهمت بتعنيفها لكنها فضلت التروي حتى لا تنفر منها، فاقتربت لتجلس بجوارها وتقول بهدوء
_ ممكن أعرف هتفضلي كده لحد أمتى؟
اعتدلت سارة في فراشها وقالت بثبات
_ عايزاني أعمل أيه؟
تحدثت سمر بحده
_ هو أيه اللى تعملي أيه أنتي ناسية إن عندك امتحانات وكمان هتبدأ من بكرة.
ردت باقتضاب
_ متقلقيش انا لميت المنهج كله.
اغتاظت أكثر من برودها ومن تعلقها الشديد بأشخاص لم تراهم ولم تسمع عنهم من قبل وخاصةً أنهم يعدوا ألد أعداءها فقالت بحده
_ أنا مش فاهمه كل ده ليه؟ عشان مين؟ أومال لو كانوا سألوا فيكم كنتوا عملتوا أيه.
تنهدت سارة بضيق لا تريد الخوض معها في جدال عقيم وقد شعرت بأن هناك شئ غامض وعليها معرفته لكن عليها التمهل قليلًا حتى يظنوا أنهم تناسوا ذلك الأمر وبعدها ستعمل على معرفة الحقيقة فقالت بجدية
_ لو سمحتي ياماما أنا خلاص نسيت الموضوع ده ومش عايزة اتكلم فيه تاني.
نهضت من الفراش لتدلف إلى المرحاض كي تهرب من تعنيفها الدائم في كل شيء تفعله ولا تعرف لما.
زمت سمر فمها بضيق وهي تقول بتهكم
_ فعلًا نسخة تانية من جليلة هانم دي زي ما قال أبوكي.
خرجت من الغرفة متجهه لغرفة مصطفى الذي كان جالسًا على مكتبه يذاكر بجدية وفور رؤيتها سألها باهتمام
_ في حاجه يا ماما؟
أقتربت منه بابتسامه ناعمه وقالت بحب
_ لا ياحبيبي أنا بس كنت بطمن عليك، عايز حاجه اعملهالك؟
تناول مصطفى يدها يقبلها بحب وقال
_ لا ياحبيبتي انا أصلًا شوية كده وهقوم أنام
أومأت برأسها وهى تقول
_ تمام لو احتاجت حاجه نادي عليا.
اومأ لها وعاد ينظر لكتابه وخرجت هى من الغرفة متجهة إلى غرفتها لتجد منصور مستلقيًا على الفراش ساندًا ظهره فوق الوسادة بشرود
فعلمت ما يفكر به وعليها أن تشجعه على ذلك
فأقتربت منه لتجلس بجواره وتقول بدهاء
_ سرحان في أيه ياحبيبي؟
يعلم جيدًا تلك النظرة ويعلم جيدًا ما وراءها فيقول بـ إبتسامة ساخرة
_ حبيبي دي وراها حاجه، ياترى ايه هى الحاجة دي؟
حاولت بصعوبة كتم غيظها وردت بـ إبتسامة زائفه
_ أنا طول عمري بقولها ليه مستغربها دلوقت؟
رفع حاجبه ليجيب بفطنة
_ لأن طول عمرك عايزة مش بتكتفي أبدًا فـ بالتالي لازم تقوليها على طول.
لم تعد ألعيبها تجدي معه نفعًا فقررت التحدث بحدية
_ تمام عملت أيه مع جمال
هز رأسه قائلاً بثبات
_ ولا حاجه
_ يعني إيه ولا حاجة؟
رد بضيق وهو يضع الهاتف على المنضدة ويغلق الضوء
_ يعني حاجة متخصكيش ومتسأليش عنها.
ردت بحده
_ لأ تخصني أى حاجة تخصك بردوا تخصني أنا كمان وده حقنا وحق ولادنا
اعتدل منصور ليقول بغضب
_ حقك اللي بتتكلمي عنه ده اخذتيه وزيادة كمان، وهو الخير اللي انتي وأبوكي عايشين فيه
ولو هنتكلم عن الحقوق فأحنا أخذناه وزيادة، بلاش نضحك على نفسنا ونقول حق.
أشتعلت النيران بداخلها لكنها فضلت التروي كما قال والدها حتى يأخذ المال من أخيه لأجل الصفقة وبعد ذلك تفعل به ما تريد
_ أومال هتجيب فلوس الصفقة منين؟
تهرب منها قائلًا
_ ميخصكيش.
لا يريد التحدث معها في شئ، عليه أن يتحرك في صمت حتى يسترد ما هو له منهم وبعد ذلك سيفاجئكم بضربه قاتـ.تله تطيح بكليهما
فمنذ أن أستمع لحوارهم في الشركة وهو يتوعد لهم بأشد عقاب، لكن عليه التروى قليلًا قبل اتخاذ أى خطوة.
❈-❈-❈
دلفت الغرفة لتجده غارقًا في شروده
لم تستطيع التحدث معه وهو بتلك الحالة، ستنتظر حتى يهدأ قليلًا ثم تتحدث معه.
فهى أكثر من يعلم بحالته الآن وهو يتمزق شوقًا لرؤية أخية الذي لم يبالي لهم يومًا بل يزداد جشعًا وحقدًا عليهم.
أقتربت منه لتجلس بجواره وتقول بتعاطف
_ تحب أعملك حاچه تشربها؟
هز رأسه دون النطق بشئ
حاولت البحث عن كلمات تخفف بها عنه لكنه لم يتركها تحتار أكثر من ذلك وقال بهدوء
_ أطفي النور ونامي ياوسيلة لإني مش رايد اسمع كلام ملوش عازة
أولاها ظهره متظاهرًا بالنوم لتستسلم هى أيضًا وتغلق الضوء وتستلقي بجواره تنظر إليه نظرة يملؤها الحزن.
أما هو فظل ساهرًا طوال الليل يفكر فيما ينوى عليه والده.
❈-❈-❈
ظلت طوال الليل تداول دروسها كي لا تفكر به لكن لم يترك مخيلتها لحظة واحدة حتى اندهشت من ذلك
ماذا يحدث لها؟ لما التفكير به رغم أنها لم تراه سوى مرات عديدة
اغلقت الكتاب ووضعته على المنضدة بجوارها بعد أن يئست من طرده خارج مخيلتها لتلجأ إلى النوم ربما يرحمها ولو قليلًا منه
جذبت الغطاء عليها تحاول النوم، لكن النوم أيضًا آبى أن يرحمها ولو قيلًا
تركت نفسها للتأمل كي تعرف ما يريد تفكيرها الوصول إليه لتتفاجئ بدقات متسارعة من قلبها الذي كان دائمًا محاطًا بجدار صلب لم يستطيع أحدًا إختراقه
كيف استطاعت تلك العينين أن تدمره بتلك السهوله؟
منذ متى وقلبها بتلك السطحية حتى يرضخ بنظرة واحدة ويقع أسيرًا لديها؟
فـ تفكيرها به ليس سوى ضربٍ من الجنون ولن تجني منه سوى المزيد من الألم.
بدأت المخاوف تضرب عقلها بقوة
سيرحل غدًا ولن تراه مرةً أخرى، ماذا ستفعل حينها سوى معالجة قلبها من الألم الذي سينهشه بدون رحمه.
عليها ان تعمل بكل ما أوتيت من عزم على نسيانه بكل الطرق حتى تتخلص من ذلك الوليد الذي نبش أظافره بداخلها ويعود ذلك الجدار إلى موضعه فهل ستستطيع ذلك أم أن القلب إذا هوى لن تستطيع فعل شئٍ حينها..
❈-❈-❈
خرج الدكتور عصام من المرحاض ليجد أمجد شاردًا في تفكيره
فعلم فيما يشرد عقله فسأله بأبتسامه
_ لحقت تشغلك اوام كده؟
انتبه أمجد ليسأله مستفسرًا
_ هى مين؟
تقدم منه ليجلس على المقعد بجوار الفراش ويجيب بتسويف
_ اللي اخدت تفكيرك.
ابتسم أمجد بحزن وهو يجيبه
_ مش عارف، بس كل اللي أعرفه إن مينفعش افكر فيها او في غيرها دلوقت، انا حالًا بنام ومش عارف هصحى من النوم ولا لأ
خارج ومش عارف هرجع ولا لأ، كل الحكاية إني حسيت ناحيتها بإحساس غريب محستش بيه مع شاهى اللى ارتباطنا استمر خمس سنين
فيها حاجة بتجذبني ليها بس مش عارف هى ايه؟
_ يمكن عشان جميلة مثلًا؟
هز راسه بنفي
_ عمر الجمال بالنسبه.لى ما كان مقياس
_ متحاولش تفهمني إنك لحقت تحبها من مره ولا اتنين، انت عمرك مـ اعترفت بالحب اللي من أول نظرة ده.
اومأ له ليرد بشرود
_ ولسه عند رأيي لكن هو في فعلًا في حب من النظرة الأولى بس بيبقى وليد وبيبدأ يكبر مع الوقت، وعشان كده أنا واخد الموضوع ببساطة، لأني متأكد اني مش هشوفها تاني.
رفع عصام حاجبه متسائلًا
_ أيه اللي مخليك واثق كده؟
_ لإني أولًا راجع القاهرة ومظنش إن هيكون فيه فرصة تانية تخليني اجي الصعيد دي حاجه
الحاجه التانية زي ما قلت الحاله كل مادى مـ بتتأخر ممكن في اى وقت حياتي تنتهي.
رد عصام بتعاطف
_ بس أحنا أملنا في ربنا كبير، وإن شاء الله هنلاقي المتبرع….
قاطعه أمجد بثبات
_ بلاش نضحك على نفسنا ونقول هنلاقي متبرع لإن ده شئ صعب أوى فى مصر، وعشان نقول هنعملها بره مصر فلازم وقت وجود المتبرع وقت وجودي في المستشفى وده اصعب منها.
_ وعشان كده طلبت منك تسافر اليونان بحيث ان وقت ما نلاقي المتبرع تكون انت موجود
تنهد بألم شديد وقال بيأس
_ صعب حاليًا
تحدث عصام بجدية
_ أمجد أنت عارف كويس إنك بالنسبه ليا مش مجرد مريض، ولا ابن صديق عمري؛ انت بالنسبالي الابن اللى عوضني عن غياب باسم ابني
بلاش تستسلم لأن في ناس محتجالك، فكر في أبوك اللي ممكن يموت فيها لو حصلك حاجه، فكر في أخواتك البنات، وغير كل ده شبابك اللي هيضيع
أومأ برأسه دون قول شيء لتعود صورتها في مخيلته مرة أخرى.
_ سيبها على الله.
❈-❈-❈
في الصباح وعلى مائدة الإفطار أجتمع الجميع ماعدا جاسر وعمران ليندهش جمال ويسأل والدته
_ أومال فين أبوى وجاسر
هزت جليلة كتفيها قائلة
_ مخبراش يا ولدي، لما سألته جالي لما ارجع هتعرفي كل حاجه وخد جاسر ومشيوا.
أخرج هاتفه ليتصل على ابنه لكن وجده قيد الإغلاق
وضع الهاتف على المائده أمامه وقد ساوره الشك في أمرهم، لكن ليس بيده شئٍ سوى الأنتظار
ولم يمضي الكثير إلا وقد وجدهم يدلفون المنزل ويبدو أنهم فعلوا ما كان يخشى منه
ساعد جاسر جده على الدخول وأجلسه على المقعد متهربًا من نظرات والده الحادة وقال لجده
_ انا رايح الأرض عايز حاچه؟
ربت عمران على يده قائلاً
_ لا ياولدي عايز سلامتك
وقبل أن يهرب جاسر كان صوت جمال يأمره قائلًا
_ استنى عندك
ازدرد ريقه بصعوبة ثم سمعه يوجه حديثه إلى جده قائلًا
_ كنت فين يابوى؟
تنهد عمران بتعب وقال بهدوء
_ كنت عند المحامي.
هز جمال رأسه بيأس منه وقال بعتاب
_ ليه بس يابوى؟ احنا مش اتكلمنا في الحديت ده ونهناه؟
أنت أكده ظلمت حالك وظلمت أخوي
ضرب عمران بعصاه الأرض وقال بغضب
_ أنا مظلمتش حد، الأرض دي حجك لوحدك، هو سبج وأخذ حجه وأكتر كمان، أنت اللي شجيت وتعبت لحد مـ رچعت الأرض لينا بعد مـ كانت خلاص ضاعت وضاع كل شئ
هو اللي هملنا ومشي من غير ما يسأل راحوا فين ولا عملوا أيه
وبعد ده كله چاي يطالب بحجه، ملوش عندينا حجوج.
رد جمال برفض
_ لا يابوى، ليه بعد عمر طويل ليك
ليه نص الأرض ونص البيت، الفلوس اللي اخدها دي كانت وهبه منيك ملهاش صالح بالورث، أنت أكده بتغضب ربنا
احتد الجدال بينهم ليقول عمران باحتدام
_ لو كان زي مـ بتجول يبجى الأرض دي كمان وهبه مني ليك الفلوس اللى اخدها كانت بتمن الأرض، لو هتبص للأرض دلوجت فدي من شجاك وتعبك السنين اللى فاتت دي، متفتكرش إني كنت راجد في فرشتي معرفش انت تعبت جد أيه؟ لاه اني كان جلبي حاسس بيك وبيبكي بدل الدموع دم، لحد ما وقفت على رجليك من تاني وبجيت أحسن من لول
الأرض دي ملك لوحدك و أولادك من بعدك غير كده محدش هيخطيها برچله
وخلاص انا نفذت ومفيش كلام تاني هيتجال.
لن يفعلها ولن يستطيع أن يتحمل أبيه ذلك الوزر، فقط سيهاوده وبعد ذلك سيفعل ما يملى عليه ضميره..
_ حاضر يابوى اللي تشوفه.
❈-❈-❈
فتحت عينيها بتكاسل بعد تلك الليلة التي قضتها في سهاد وكأن صورته طُبعت داخل قلبها قبل عينيها
شئٍ بداخلها يدفعها للذهاب إليه ورؤيته قبل ذهابه
لكن عقلها آبى ذلك
وأصبحت في صراع بين ذلك القلب الذي يأن شوقًا لرؤيته؛ وبين عقلها الذي يتمسك برأيه
فالفرار من الحب الآن أهون بكثير من الفرار بعد
قامت بتبديل ملابسها ونزلت للاسفل لتجد أبيها جالسًا مع أخيها في وجوم تام وكأن هناك شيئًا قد أزعجهم
اقتربت منه تقبل يده
_ صباح الخير
رد جمال بابتسامة أشرقت لها
_ صباح الورد
نظر في ساعته وأكمل
_ مأخره النهارده يعني.
إزدردت ريقها بصعوبة وردت بثبات
_ عندي تدريب النهارده في المستشفى، محتاچ حاچه جبل مـ امشي؟
أجاب بحب
_ عايز سلامتك، بس استني أخلى جاسر يوصلك
ردت مسرعة
_ لا خليه أني رايحه مع اصحابي وبعدين المستشفى جريبة من أهنه يعني مش مستاهله بعد أذنكم
انصرفت مسرعة تلاحقها عين جاسر الذي لاحظ ارتباكها، لكنه لم يشك مطلقًا بها..
❈-❈-❈
أستعد أمجد للذهاب مع طبيبه لكنه لم يستطع العودة إلى القاهرة دون رؤيتها
ظل يتعلل بأعذار واهمه على أمل مجيئها لكن لا فائدة حتى أستسلم أخيرًا واستعد للذهاب
وقفت هي مترددة أمام الغرفة ما بين الولوج بزيها الطبي بحجة الاطمئنان عليه مثله مثل أى مريض
أم تلوذ بالفرار وتهرب من ذلك الحب الذي لن تجني منه سوى الألم.
انتصر العقل حينها وهمت بالذهاب ولكن كان للقدر رأي آخر حين انفتح الباب ووجدته أمامها لتتسع عيناها ذهولًا كما اتسعت عينيه سرورًا برؤياها ويقول بسعادة
_ دكتورة ليلى؟
رمشت بعينيها مرات متتالية من شدة الإحراج وردت بارتباك وهي تبحث عن كلمات تساعدها على الخروج من ذلك المأزق
_ أ..أنا ..جيت أطمن عليك أقصد على صحتك و….
انتشلها من ذلك الإحراج الدكتور عصام الذي خرج أيضًا خلفه وعند رؤيتها قال مرحبًا
_ أهلًا دكتورة ليلى أخبارك أيه؟
ردت ليلى بصوت خافت
_ الحمد لله بخير
تهربت من أعين الجميع لتتابع بثبات زائف
_ أنا عندي تدريب هنا وقلت أطمن على مستر أمجد قبل ما يمشي.
رد أمجد بإمتنان وعينيه تحفظ ملامحها عن كثب
_ الحمد لله انا بقيت كويس دلوقت، معلش تعبتك معايا
رفعت عينيها التي خفضتها إحراجًا من الموقف وردت بتلعثم
_ أنا.. معملتش حاجه أنا بس كنت بقوم بدوري مش أكتر.
_ ليلى؟!
كان ذلك صوت جمال الذي جاء ليطمئن على أمجد قبل ذهابه ليتفاجئ بها معه
مما جعل قلبها ينقبض خوفًا من الموقف وقبل أن تجيبه أنقذها عصام للمرة الأخرى قائلًا
_ أهلًا يا حاج جمال كويس إنك جيت، كنت لسه بقنع دكتورة ليلى بأنها تكمل تدريبها معانا في المستشفى
وشكلها كده متردده
نظر إليها جمال بوجوم ثم رد قائلًا
_ إن شاء الله بس زى ما قلت لما تخلص السنه دي بالتقدير اللي منتظره منيها ومش عايز أى حاجه دلوجت تشغلها عنيه.
ثم نظر إلى أمجد الذي أستطاع بعد عناء أبعاد عينيها عنها وسأله بجدية
_ كيفك دلوجت؟
رد أمجد بـ ابتسامه تحمل أحترام وتقدير له
_ الحمد لله كويس وآسف على القلق اللي سببته لحضرتك.
رد جمال بصدق
_ متجولش إكده إنتي زي جاسر ابني
تحدثت ليلى بثبات
_ طيب أنا هستأذن عشان أكمل مرور
أومأ الجميع لها لتلوذ بالفرار من نظرات أبيها
وقد حالفها الحظ عندما آتى جاسر بعد ذهابها
كي ينقل أمجد بسيارته إلى المطار
❈-❈-❈
ظل يزرع الغرفة ذهابًا وإيابًا وهو يفكر في حيلة أخرى غير الذهاب إليهم.
نعم آشتاق لهم ولوالدته التي يتمنى رؤيتها في كل لحظة تمر عليه
لكنه لن يستطيع تحمل نظرات العتاب التي سيراها في أعين الجميع، كان ينتظر منهم إرسال النقود دون النطق بشئ
ليخلف أخيه ظنه به ويقبل بطلبه بمقابل العودة إليهم
وهو لن يستطيع فعلها
ولن يستطيع أيضًا التصدي لهم خشيةً من عناد أبيه ومن الممكن أن يسجل كل شئ بإسم أخيه.
لكن ماذا سيفعل بشأن تلك الصفقة؟
فكر قليلًا لتنتابه فكرة شيطانية مقررًا العمل عليها لكن عليه أن تكون بأتقان حتى يشك أحدًا به..
❈-❈-❈
وقفت تنظر إليه وهو يخرج من المشفى بصحبتهم تتسائل
هل ستراه مرة أخرى؟ أم ستسجل تلك النظرة الوداع الأخير الذي لا لقاء بعده
ظلت تنظر للسيارة بدقات قلب غير رتيبة حتى اختفت من أمام عينيها
إلى أين يا من تركت قلبًا ينبض بعشقٍ لم يختبره من قبل ولا يعرف كيف ينزعه من داخله.
أما هو فقد شعر بأنه فارق قلبه كما فارقها، وآبى قلبه الذهاب معه وبقى مع تلك العينين التي وقع صريعًا بعشقها
لتقلع الطائرة وهو مازال شاردًا بها دون إرادته
لديه شعور غريب بأنه ترك شيئًا هامًا وعليه العودة إليه
وكان طبيبه يرمقه بنظرات مشفقه وقد لاحظ أيضًا تبادل المشاعر من الطرفين
لم يخفى عليه نظراتها المشتتة وهي تحاول بصعوبة بالغة كبت مشاعرها
عليه أن يقربها منه حتى تكون دافعًا له للتشبث بالبقاء
عاد أمجد إلى القاهرة وقد تحسنت صحته بعد تلك الليلة التى قضاها في المشفى
عاد إلى منزله وإلى حياته ضاربًا بتنبيهات الطبيب عرض الحائط
فقد اقترب أجله وعليه أن ينهى كل المعضلات التي ستواجه والده بعد وفاته.
فقد نجى تلك المره بأعجوبة وقد لا ينجى مره أخرى.
لم تغيب عن مخيلته لحظه واحده لكن عليه نسيانها، فليس له أمل في عيش حياة هنيئه سواءً معها أو مع غيرها
وخاصةً بعد تلك التي تخلت عنه وقت أن علمت بمرضه.
لا يلومها على تركها له، فهى من حقها أن تقضي حياتها مع من يسعدها
وليس رجلًا تقضي ما تبقى له في المشفى.
❈-❈-❈
عادت ليلى إلى المنزل وهى تحاول بصعوبة الثبات أمام الجميع، وخاصةً والدها الذي كان يرمقها بنظرات غريبة وكأنه يستشف ما يدور بخلدها الآن
يتساءل هل رؤيتها معه بمحض الصدفة أم رغبةً منها في رؤيته
فما يراه الآن في عينيها التي تتهرب منه يجعله ييقن بأن هناك شئٍ بداخلها تحاول إخفاءه وعليه معرفته
لينهض من مقعده موجهاً حديثه لها
_ ليلى تعالي ورايا.
أنقبض قلبها خوفًا لكنها استطاعت بعد عناء الثبات كي لا يشعر أحد بشئ ودلفت خلفه المكتب لتجده واقفًا موليًا لها ظهره
_ نعم يابوى
التفت إليها لينظر داخل عينيها التي لا تستطيع الكذب ولأول مره ينظر داخلهم ولا يستطيع أن يقرأ ما بداخلهم، إذًا عليه ان يكون هادئًا معها حتى لا تضطر للكذب
فأشار لها بالجلوس ويجلس بجوارها يسألها بجدية
_ ممكن أعرف من وجت ما رجعتي من المستشفى وانتي مسهمه إكده ليه؟
إزدردت ريقها بصعوبة وهى تجيب بثبات كي لا يشك بشئ، وقررت الخروج من دائرة الشك بأن تسايره في حديث آخر لتقول بعتاب
_ بفكر في عرض الدكتور عصام اللي انت رفضته.
نظر داخل عينيها يستشف صدق كلامها واستطاعت هى بعد عناء أن ترتدي قناع الثبات مما جعله يسألها مرة أخرى
_ بس أكده.
هزت رأسها بتأكيد
_ هو ده هين؟ ده مستجبلي وفرصة مش هتتعوض بلاش تقف ادام مستجبلي، دي فرصه ولو ضاعت مني هخسر كتير
أمسكت يده لتقول برجاء
_ أرچوك يابوى توافج وأنا أوعدك إني وجت ما أخلص سنة الامتياز هرچع على طول، جلت أيه
ربت بيده الأخرى على يدها التي تتشبث بيده برجاء وتحدث بهدوء
_ حاضر موافج بس على شرط
ردت بلهفه
_ موافجه على أى شئ.
ضحك جمال على لهفتها ليتابع
_ يكون اول الدراسه لأني مش هطمن عليكى وانتى لوحدك..
همت بمقاطعة حديثه لكنه منعها مردفًا
_ أخواتك عايزين يدرسو في چماعة القاهرة واني قررت اخد لكم شجة هناك وتكونى معاهم لحد ما تخلصي السنه دي
اندفعت تعانقه بسعادة غامرة مما جعله يضحك بسرور لسعادتها.
❈-❈-❈
في اليوم التالي
وفي الشركة جلس منصور وشريف وسمر في مكتبه حتى يصلوا لحل حتى يستطيعوا تحضير المبلغ المطلوب فيقول منصور
_ أنا موافق على القرض بس بشرط
سألته سمر بتوجي
_ شرط؟! شرط إيه؟
عاد منصور بظهره للوراء ويقول بمكر
_ هنعدل شوية حاجات في الشركة
اندهش شريف ليسأله مستفسرًا
_ يعني أيه مش فاهم
أجاب بجدية
_ يعني القرض ده هجيبه باسمي وانا اللى هسدده وهنا هتكون نسبتي في الأسهم هتعلى يعني بدل ما هتكون ٦٠٪ هتكون ٨٠٪
وانا اللي همسك منصب رئيس مجلس الإدارة وكده ولا كده هو من نصيبي، يعنى مش بطالب بحق مش حقي
نظر شريف بصدمه إلى أبنته التي قالت برفض
_ مستحيل اوافق على اللي انت بتقوله ده
هز كتفه ببساطة قائلًا
_ والله اللى تشوفيه أنا عن نفسي مش متشجع لموضوع القرض ده لو عايز تسحبه انت باسمك معنديش مانع بس متخافش كلنا هنشارك فيه، ها قلت أيه؟
حاول شريف بصعوبة كظم غيظه منه لكن عليه الموافقة كي لا يشك بشئ ورد بهدوء رغم الحقد الذي يشتعل بداخله
_ تمام اللي تشوفه
همت سمر بالاعتراض لكن شريف منعها
_ من حقه وأنا معنديش مانع ولو عايز تمضي العقود من بكرة موافق
وقف منصور وهو يقول بثبات كى لا أحد بأنه كشف ألاعيبهم
_ تمام أنا هروح البنك وابدأ في الإجراءات وهكلم المحامي يجهز العقود بعد إذنكم
خرج من المكتب وابتسامة نصر مرتسمه على وجهه متوعدًا لهم بالمزيد والمزيد حتى يلقيهم خارج الشركة كما أدخلهم فيها.
بعد انصرافه نظرت سمر إلى والدها لتسأله بانفعال
_ انت إزاي توافقه على حاجه زي دي؟ كده هتكون كل حاجه بيده ومهنقدرش نوصل لحاجة
عاد شريف بظهره للوراء وهو يقول
_ كنتي عايزاني أعمل أيه؟ لو عارضته في حاجه زى دى كان هيشك فينا وإنتي بالذات مينفعش تعارضي لأنه جوزك وكل ده في الأول والاخر لولادك، وأنا لو اتكلمت مش هيكون ليا حق لإن نسبتي أقل بكتير من نسبته
سألته بغضب
_ طب وبعدين؟
تنهد بحيره
_ مش عارف بس كل اللي خططنا ليه خلاص مبقاش ليه لازمه ولازم نشوف خطة غيرها
❈-❈-❈
بعد مرور ثلاثة أشهر
خرجت ليلى من غرفتها وهي تحمل حقائبها بسعادة غامرة
طرقت غرفة حازم ومعتز الذي فتح لها لتقول عند رؤيته
_ خد الشنطة بتاعتي نزلها لحد ما اشوف ابوك
تركت الحقائب وطرقت غرفة والديها ففتح لها جمال لتقول له بسعادة
_ صباح الجمال على أحلى جمال في الدنيا
_ صباح النور عليكي
ألقت نظرة إلى الداخل
_ أومال أمي فين
_ جاعدة چوه وعاملة مناحه أدخلي طيبي خاطرها بكلمتين لحد ما اشوف جاسر.
خرج جمال ليتركها مع وسيلة التي لم تكف عن البكاء لغياب ابنتها
جلست بجوارها لتقول بمرح
_ مالك بس ياوسيلة انتى محسساني إني رايحه ومش راچعه تاني، كلها سنه بالكتير وتلاجيني وياكي.
نظرت إليها وسيلة لتقول بعتاب
_ هى سنه جليلة؟ انتى عمرك مـ غبتي عني لحظة واحدة عايزاني كيف يعني اقعد المدة دي كلياتها متحمله بعادك
ردت ليلى بتعاطف
_ والله أنا زيك واكتر كمان بس ده مستجبلي يرضيكي يعني إني أضيع فرصة زي دي؟
وبعدين أنا هنزل الأجازة مع حازم ومعتز كل اسبوعين، عايزة ايه تاني
قبلت وجنتها بشقاوة وتابعت
_ وهكلمك كل يوم في التليفون اطمنك عليا، خلاص بقى
لم تستطيع وسيلة الوقوف أمام سعادتها لتقول بإستسلام
_ خلاص ياحبيبتي ربنا معاكي، بس تكلميني كل يوم اول ما توصلي المستشفى وبعد ما تعاودي
أيدت كلامها
_ من غير مـ تقولي حاضر يالا بقى نفطر مع بعض قبل مـ أمشي
نهض الإثنين وتناولوا الإفطار معًا بسعادة يشوبها بعض الحزن لفراقهم ..
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ومقبل على الصعيد)