رواية أوهام الحب الوردية الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم بتول علي

رواية أوهام الحب الوردية البارت الخامس والثلاثون

رواية أوهام الحب الوردية الجزء الخامس والثلاثون

رواية أوهام الحب الوردية الحلقة الخامسة والثلاثون

خرجت حبيبة من منزلها حتى تلتقي بشمس ولم تكن منتبهة إلى السيارة السوداء التي كانت تراقبها.
استغل قائد السيارة خلو الشارع من المارة، وأوقف السيارة فخرج منها رجلان وقاما بسحب حبيبة التي أخذت تقاومهما ولكن دون جدوى فقد تمكنا من دفعها داخل السيارة وأشارا للسائق أن يتحرك بسرعة حتى لا تتمكن شمس التي رأت كل شيء من اللحاق بهم.
صرخت شمس تطلب النجدة فتجمع الناس حولها وقاموا بإبلاغ الشرطة على الفور حتى يتمكنوا من إنقاذ الفتاة المسكينة قبل أن ينالها أذى المجرمين.
وصل خبر اختطاف حبيبة إلى وسام فتوجه بصحبة بعض العساكر إلى المكان الذي تمت به عملية الاختطاف وطلب من أصحاب المحلات هناك أن يعرضوا أمامه تسجيلات كاميرات المراقبة حتى يرصد من خلالها بيانات السيارة.
وصل الخاطفون إلى مكان مهجور ووضعوا بداخله حبيبة بعدما قيدوها، وهتف قائدهم بغلظة:
-“هي هتفضل موجودة جوة لحد ما الباشا يخلص الاجتماع اللي وراه ويجي هنا بنفسه ويقولنا نعمل معاها إيه”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
هب مهاب صارخا في وجه داليا باستنكار رافضا تصديق تلك الحقيقة المؤلمة:
-“أنتِ كدابة وبتعملي كده بغرض التوقيع بيني وبين عزام عشان تنتقمي منه لأنه طلقك ورماكِ رمية الكلاب”.
نهض مهاب وكاد يغادر بعدما توعد لداليا التي أوقفته بقولها:

 

-”استنى عندك يا مهاب، أنا قولتلك من شوية أن معايا دليل يثبت صحة كلامي وأنت لازم تقعد وتشوف الدليل ده بنفسك عشان تطمن وتتأكد أني مش بضحك عليك ولا بستغلك زي ما أنت بتقول”.
تابعت داليا حديثها بأسلوب يثير الاستفزاز:
-“لو أنت مشيت دلوقتي فده معناه أنك مش عايز أصلا تشوف دليل على كلامي لأنك عارف أني مش بكدب بس أنت بتضحك على نفسك عشان مش عايز تصدقني”.
استدار لها مهاب وعاد للجلوس مرة أخرى وهو يهمس بتيه يدل على قسوة الصدمة التي تعرض لها:
-“فين الدليل اللي معاكِ؟”
أخرجت داليا الهاتف من حقيبتها وقامت بتشغيل التسجيل ومع كل كلمة سمعها مهاب كان يشعر بثقل يجثو على صدره جعله غير قادر على التنفس بسهولة.
أرسلت داليا التسجيل على هاتف مهاب الذي سألها باستغراب:
-“أنتِ كنتِ تقدري تبعتيلي التسجيل ده من غير ما تضطري أنك تشوفيني، إيه اللي خلاكِ تطلبي مني أقابلك عشان أشوف الدليل؟!”
أجابت داليا ببرود يصاحبه ابتسامة سمجة:
-”طيب بذمتك الكلام ده ينفع؟! أنت كنت عايزني أفوت على نفسي فرصة أني أشوف وشك وأنت مصدوم وحاسس أنك كنت عايش في كدبة كبيرة!!”
نظر لها مهاب باشمئزاز وغادر المطعم وهو يفكر فيما سيقوم به بعدما علم بتلك الحقيقة المؤلمة، فهناك نيران مستعرة تنهش في صدره ولن تخمد إلا بعدما ينتقم ويأخذ ثأر والديه ممن قتلهما.
خرجت داليا من الاستراحة بعدما انتهت من شرب كأس العصير الخاص بها وأخذت تشير إلى سيارات الأجرة التي تسير في المكان ولكن لم تتوقف لها أي منهم.

 

توقفت بالقرب منها سيارة سوداء لا يوجد عليها أرقام تعريفية، وفُتح بابها ثم صوب قائدها سلاحه تجاه داليا وأطلق عليها ثلاث رصاصات أسقطوها أرضا غارقة في دمائها، وفر هاربا بسرعة من المكان قبل أن يتجمهر الناس ويتمكن أحدهم من إمساكه.
اتصل الرجل برب عمله بعدما ابتعد عن المنطقة وقال:
-“كله تمام يا عزام البيه، المهمة تمت على أكمل وجه وتقدر تقول كده على داليا يا رحمان يا رحيم”.
ابتسم عزام بفرحة وطلب من رجله أن يختفي عن الأنظار لبضعة أيام حتى تهدأ الأوضاع ثم اتصل بشخص أخر وأمره أن يبحث عن مهاب ولا يتوقف قبل أن يجده.
سأل الرجل بفضول، فهو في الأصل قناص ولا يتصل به عزام إلا عندما يريد أن يتخلص من شخص يقوم بإزعاجه:
-“طيب يا باشا اشمعنى كلمتني أنا بالذات عشان أشوفلك مهاب وأنت عندك رجالة كتير تقدر تقوم بالمهمة دي؟!”
رد عزام بالجواب الذي أصاب القناص بصدمة شديدة:
-“لأن يا ماريو أنا عايزك تخلص عليه أول ما تلاقيه ومفيش حد من رجالتي هيقدر على مهاب لأنهم أصلا عندهم ولاء ليه ومحدش فيهم هيفكر يأذيه”.
اتسعت عينا ماريو من هول الأمر الذي كلفه به عزام وتظاهر بالموافقة عليه قائلا:
-“تمام يا عزام بيه، اعتبر الموضوع خلصان”.
أنهى ماريو المكالمة واتصل بمهاب عدة مرات حتى يقوم بتحذيره فهو لن يقتله حتى لو دفع حياته ثمنا لعصيان أوامر عزام.
استمر ماريو في الاتصال ولكن لم يرد الأخير؛ لأنه نسي إلغاء وضع الصامت وتفعيل وضع الرنين.
في هذه الأثناء كان مهاب يقود السيارة، واشتد ضغطه فجأة على المكابح فتوقف في مكان منعزل وأغمض عينيه وأخذ يسترجع ذكرياته مع عزام وفهم الآن سبب الضيق الذي كان يشعر به الأخير عندما كان يسمع اسم والديه.
أخذ يبكي بشدة فقد اكتشف أنه كان يعيش داخل فقاعة سميكة من الأوهام والأكاذيب نسجها عزام حوله حتى يخفي عنه حقيقة أنه السفاح الذي حرمه من وجود أمه وأبيه.

 

أخرج هاتفه حتى يتفقد الوقت ولكنه تفاجأ عندما وجد صديقه ماريو يتصل به، فأجاب بصوت يظهر به التعب الذي يشعر به:
-“معلش يا ماريو، أنا تعبان دلوقتي، ممكن نتكلم بعدين؟”
رد ماريو بقلق وخوف مما ينتظر صديقه على يد عزام:
-“مفيش وقت لبعدين، قولي بسرعة إيه اللي جرى بينك وبين عزام وخلاه يقلب عليك؟”
استغرب مهاب من كلام ماريو واعتدل في جلسته متسائلا بحيرة:
-“هو إيه اللي حصل بالظبط يا ماريو؟ وإيه اللي عرَّفك أني اختلفت مع عزام؟!”
أجابه ماريو بصراحة منتظرا منه أن يشرح له سبب انقلاب عزام عليه:
-“عزام اتصل بيا من شوية وطلب مني ألاقيك وأخلص عليك وطبعا هو واثق أني هعمل كده لأنه ميعرفش أن العداوة اللي بنرسمها قدامه كلها مجرد كدبة وأننا في الأصل أصحاب وكل واحد فينا عنده استعداد يضحي بحياته عشان خاطر التاني”.
رفع مهاب حاجبيه وهتف بغضب وتوعد:
-“الواطي طلع يا أيمن هو اللي قتل أبويا وأمي ولما عرف أني عرفت الحقيقة قرر أنه يخلص مني لأنه عارف أن أنا هخلص عليه”.
كز ماريو على أسنانه قائلا بغيظ:

 

-“ابن ستين في سبعين!! يعني كان عايزني أقتلك عشان متاخدش حقك منه، أما طلع سوسة بصحيح، بس كويس أنه اتصل بيا مش بحد تاني وإلا كان زمانه لحق يتغدى بيك قبل ما أنت تتعشى بيه”.
ضرب مهاب بيده على زجاج السيارة صارخا بتوعد:
-“قسما بالله لأخلص عليه حتى لو كان فيها موتي، وهو أصلا بني آدم غبي لأنه نسي أني أعرف عنه أسرار كتير وهو عارف كويس أن كل رجالته ولائهم الأول ليا أنا وعشان كده هو اتصل بيك لأنه مفكرك عدوي وبالنسبة ليك يا أيمن فأنا مش عايزك تقلق خالص، عزام هيموت قبل ما يعرف أنك عرفتني حاجة عن اللي طلبه منك”.
ابتسم ماريو قائلا بمرح قاصدا من خلاله التخفيف عن صديقه:
-“إيه يا عم الكلام ده هو حد قالك أني فرخة بلدي ولا إيه؟! أنا أصلا عمري في حياتي كلها ما خوفت ولا هخاف من حشرة زي عزام، وبعدين أنت عمال تقولي أيمن ليه؟ قولتلك مليون مرة قول ماريو”.
ظهرت ابتسامة خافتة على وجه مهاب وقال:
-“ماشي يا عم ماريو متشكر ليك على اللي عملته وجميلك ده هيفضل في رقبتي”.
هتف ماريو بجدية وهو ينظر إلى سلاحه وإلى الطلقات الموضوعة بجواره:
-“سيبك دلوقتي من الدراما دي وقولي أنت ناوي على إيه لأن أنا مش هسيبك تروح لوحدك عند عزام”.
اضطر مهاب أمام إلحاح صديقه أن يخبره بالطريقة التي سيدخل بها إلى منزل عزام بسهولة ويسر.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
تم نقل داليا إلى المستشفى وتواصل أحد الأشخاص مع أفراد عائلتها وأخبرهم بما حدث مع ابنتهم.
وصلت فوقية إلى المستشفى برفقة محسن الذي سأل الممرضة عن وضع شقيقته فأخبرته أنه هناك محاولات لإسعافها ولكن لم يتم إدخالها إلى غرفة العمليات بسبب عدم توفر فصيلة دمائها داخل المستشفى.
صاح محسن بعدم تصديق وأخذ يشتم الممرضة وجميع العاملين داخل المستشفى إلى أن حضر أحد الأطباء وبدأ يشرح له الوضع قائلا بهدوء:

 

-“أرجوك يا أستاذ اهدى شوية واسمعني، أخت حضرتك فصيلة دمها O سالب ودي فصيلة نادرة ومش موجودة هنا في المستشفى وإحنا بعتنا لباقي المستشفيات عشان يشوفوا إذا كانت الفصيلة دي موجودة عندهم ولا لا”.
نظر له الطبيب وتابع متسائلا بإشفاق:
-“هو فيه حد عندكم في العيلة دمه يبقى سالب عامل ريسوس زي المدام؟”
هتف محسن بحزن وهو ينظر إلى والدته التي تبكي بحرقة:
-“للأسف داليا هي الوحيدة فينا اللي سالب عامل ريسوس والمشكلة أن بابا فصيلة دمه A سالب وهي ورثت السالبية في دمها بس فصيلتها مختلفة، وزي ما أنت عارف فصلية الO في العموم تبقى معطي عام ومش بتستقبل دم غير من O زيها”.
حضرت ممرضة أخرى وأخبرت الطبيب أن داليا تتمتم باسم شخص يدعى رامزًا وأنها تطلب حضوره.
نظرت فوقية إلى محسن وطلبت منه أن يتصل برامز ويطلب منه إحضار إسلام إلى المستشفى.
اتصل محسن برامز وأخبره بما حدث وبالفعل أتى الأخير إلى المستشفى في غضون ثلاثين دقيقة وذلك لأنه كان متواجدا في محل قريب.
سأل محسن عن إسلام فأخبره رامز أنه أرسل أحدًا رجاله حتى يحضره من المنزل؛ كي تتمكن والدته من رؤيته.
دلف رامز إلى الغرفة التي توجد بها داليا ورأى أن حالتها سيئة للغاية بعدما حاول الأطباء استخراج الرصاص من جسدها دون إدخالها إلى غرفة العمليات بسبب عدم تمكنهم من توفير فصيلة دمائها.
لم يعد هناك مجال للشك في أن هذه هي نهاية داليا فقد صار واضحا أمام الجميع أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة.
نظرت داليا إلى رامز بلهفة وأشارت له بالاقتراب فاستجاب لها بالفعل وقال:
-“ألف سلامة عليكِ يا داليا، إسلام زمانه جاي دلوقتي في الطريق عشان تشوفيه”.

 

أمسكت داليا بكفه وتمتمت بحشرجة وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها:
-“أرجوك يا رامز، سامحني على كل اللي عملته فيك وخلي بالك من إسلام وأرجوك بلاش تكرهه فيا”.
نظرت له داليا برجاء عقب إنهائها لهذه الجملة وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة أمام عيني رامز الذي لم يصدق أن يأتي يوم ويرى به داليا وهي تحتضر وتطلب منه السماح.
انحدرت الدموع من عيني داليا وهو تهمس بضعف:
-“كان نفسي أشوف إسلام قبل ما أموت بس واضح أن ربنا هيحرمني من شوفته دلوقتي زي ما أنا حرمتك منه طول السنين اللي فاتت”.
الإنسان كائن منافق، يقضي حياته في ظلم الناس والتجبر عليهم وعندما تحين ساعة موته يصبح ذليلا وضعيفا وحينها فقط يتذكر آخرته ويرجو من الله السماح والمغفرة.
هذا الأمر ينطبق على داليا التي تسببت في إفساد خطبة نادين من رامز حتى تسرقه منها ثم تخلت عنه بعدما رأت أن حياتها ستكون أفضل مع عزام، ولم تكتفِ بترك رامز وإنما أكلت أمواله، ولفقت له تهمة باطلة، وحرمته من ابنه الوحيد.
الآن فقط تذكرت أن تطلب منه السماح ولم تخرج روحها إلا بعدما اطمأنت وسمعته يقول لها:
-“سامحتك يا داليا، أنتِ في الأول وفي الأخر تبقي أم إسلام وهو أحلى حاجة في حياتي وعشان كده أنا مسامحك”.
خرج رامز من غرفة داليا، وصرخت فوقية عندما تأكدت من موت ابنتها وهتفت من بين صراخها:
-“مش هسيب حقك يا داليا، هفضل ورا عزام لحد ما يتشنق يا حبيبتي”.

 

استغرب رامز من توعد فوقية لعزام فأخبره محسن أن داليا قد قالت للمسعف أثناء نقلها إلى المستشفى أنها تعرفت على الشخص الذي أطلق النار عليها وأخبرتهم أنه رجل أربعيني يدعى “مندور” وهو أحد رجال عزام.
اتصل رامز بوسام وأخبره بجميع المستجدات فهتف وسام بجدية:
-“أنا هجيب إذن من النيابة وبعدها هاخد قوة وهقب وهغطس لحد ما أقدر ألاقي الجدع اللي اسمه مندور ده ومش هسيبه غير لما يعترف على عزام وبكده إحنا هنكون ضمنا أننا هنخلص منه بشكل نهائي لأن الحكم اللي هياخده في القضية دي مش هيكون غير الإعدام”.
لاحظ رامز قلق وسام من خلال نبرة صوته وسأله عن السبب فأخبره الأخير بما حدث مع حبيبة وأنه يبذل كل ما في وسعه حتى يجدها قبل فوات الأوان.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
وصل مهاب إلى منزل عزام ودلف إليه عن طريق الباب الخلفي الذي يستخدمه الخدم لإدخال اللوازم التي يشترونها من أجل المطبخ وذلك بعدما استخدم إحدى الحيل الخاصة به.
في هذه الأثناء دخل ماريو إلى المنزل من البوابة الرئيسية وأخبر الحراس أنه يريد رؤية عزام.
شعر رجل الأمن بالريبة بعدما فتش ماريو ووجد معه سلاحا ناريا ولكنه اطمأن بعدما اتصل بعزام الذي أمره أن يسمح له بالدخول وأخبره أنه هو من قام باستدعائه.
وصل ماريو إلى مكتب عزام وراقب المكان من حوله جيدا وتأكد من خلوه فأرسل رسالة لمهاب على الواتس آب يؤكد له أن الطريق آمن.
جلس ماريو أمام عزام الذي سأله بلهفة:
-“طالما أنت جيتلي هنا يبقى كل حاجة تمام وجاي تاخد حسابك، مش كده برضه؟”
أومأ ماريو قائلا بابتسامة ماكرة:

 

-“كله تمام التمام، بس فيه أمانة معايا أخدتها من مهاب ولازم أسلمهالك لأنها تخصك”.
هتف عزام بتعجب:
-“أمانة إيه دي يا ماريو اللي عايز تسلمهالي؟!”
نظر ماريو إلى باب المكتب الذي فتحه مهاب ودخل منه هامسا بغضب:
-“عايز يقولك أن خلاص أيامك خلصت يا عزام وجه الوقت اللي تموت فيه على إيدي”.
اتسعت عينا عزام وكاد يلتقط مسدسه حتى يدافع به عن نفسه ولكن تدخل ماريو بطلقة من مسدسه الكاتم للصوت أصاب به ساق عزام اليمنى ثم التفت نحو مهاب قائلا:
-“معلش يا مهاب، الطلقة الأولى جيت من عندي”.
تقدم مهاب نحو ماريو وهو ينظر بغضب إلى عزام وقال:
-“ولا يهمك يا ماريو، إذا كانت الطلقة الأولى منك فأنا اللي هكمل عليه”.
تمتم عزام بغضب موجها حديثه لماريو وهو يحاول النهوض حتى يستنجد برجاله قبل فوات الأوان:
-“صدقني أنا هدفعك ثمن خيانتك غالي أوي يا واطي”.
أمسك مهاب بياقة قميص عزام قائلا باستهزاء:
-“مش هتلحق تعمل أي حاجة يا بوص لأن خلاص وقتك خلص”.
أطلق مهاب رصاصة من مسدسه على رأس عزام ورصاصة أخرى على قلبه حتى يتأكد من وفاته ثم أمسك بحاسوبه وأخذ يمحو تسجيلات كاميرات المراقبة التي تثبت دخولهما إلى المنزل وقام بتعطيلها.
رفع مهاب رأسه نحو ماريو قائلا بجدية:

 

-“يلا بينا نمشي من هنا بسرعة قبل ما أي حد من الخدم يكتشف اللي حصل”.
خرج ماريو أولا من البوابة الأمامية ونزع القبعة التي أخفت كثيرا من ملامحه بعدما ابتعد عن المكان ووقف ينتظر مهابًا الذي هرب من الباب الخلفي، وأتى إليه بسيارته، وابتعدا بسرعة عن منزل عزام.
رن هاتف مهاب، واستغرب بعدما وجد أن المتصل هي شمس التي أخبرته بعدما أجاب على اتصالها أن حبيبة قد تم اختطافها.
انتاب مهاب حالة من الصدمة والقلق بعدما سمع هذا الكلام ولكنه سرعان ما تذكر أنه قد وضع جهاز تعقب في الخاتم الذي أهداه لحبيبة بعدما عادت من زيارة صديقتها في الشرقية مثلما أخبرته.
تمكن مهاب من تحديد موقع حبيبة وقد كان لديه معرفة سابقة بأنه يقع في هذه المنطقة التي ظهر بها موقع الخاتم مخزن خاص بمهران وهذا يعني أنه هو من قام باختطاف حبيبة حتى ينتقم منه على إفساده لشحنته.
أوقف مهاب السيارة وكز على أسنانه قائلا بغيظ:
-“انزل أنت يا ماريو لأن أنا عندي طالعة كده على مخزن مهران لأنه اتجنن وشكله هو كمان عايز يحصل عزام”.
ربت ماريو على كف صديقه وهتف بجدية:
-“اطلع يا مهاب على مخزن مهران وأنا معاك لأني مش هسيبك تروح هناك لوحدك”.
استجاب مهاب لطلب صديقه وتوجه نحو مخزن مهران حتى ينقذ حبيبة من براثنه.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
وصل محمد إلى منزل زوجة أبيه وبمجرد فتح جميلة للباب توجه على الفور نحو غرفة سمية ثم أمسكها من شعرها وهو يصيح بعصبية:
-“بقى أنتِ يا مقصوفة الرقبة يطلع منك ده كله!!”
صرخت سمية تستنجد بوالدتها:
-“الحقيني يا ماما!!”

 

وقفت جميلة وعقدت ساعديها تتابع ما يحدث في برود؛ لأنها مقتنعة بأن ابنتها قد أخطأت في حق أخيها ومن الواجب تقويمها:
-“أنا مش هدخل بينكم المرة دي لأن أنتِ غلطتِ فعلا وحطيتِ أخوكِ في موقف وحش مع خطيبته”.
صاحت سمية تدافع عن نفسها وهي تحاول تخليص شعرها من قبضة محمد:
-“يا ماما أنا كنت بساعده عشان يحل خلافه معاها، وقعدت أشكر فيه قدامها، وأقول فيه أشعار، وأوصف ليها هو قد إيه طيب وحنين وجدع وأنها لو لفَّت الدنيا كلها مش هتلاقي واحد زيه”.
هتف محمد بتهكم وهو ينظر في عينيها بغضب:
-“لا والله!! مساعدة إيه دي بقى يا أختي إن شاء الله!! ده أنتِ بهدلتِ الدنيا وخليتيها تقولي طلقني!!”
اشتدت قبضة محمد على شعر أخته فصاحت الأخيرة تبرر موقفها:
-“قالتلك كده من ورا قلبها، هي كانت متعصبة وقالت الكلام ده في لحظة غضب لكن بعد ما هديت قعدت تشكر فيك وتقول هي قد إيه بتحبك وبتموت فيك وأنها هترمي نفسها من البلكونة لو أنت بعدت عنها”.
رفع محمد حاجبيه هاتفا بعدم تصديق:
-“لا يا شيخة!! شمس قالتلك أنها هتموت نفسها لو سيبتها؟!”
أومأت سمية مؤكدة هذا الأمر وهي تدعو بداخلها أن يسامحها الله على كل هذا الكذب الذي تتفوه به:
-“أيوة زي ما بقولك كده، شمس طلعت بتعشقك وبتموت فيك بس هي كانت متعصبة شوية وأنا قفلت التليفون بعد مكالمتك معاها عشان أهديها وأجرها في الكلام وأعرف منها هي قد إيه بتحبك”.
ترك محمد شعر أخته وابتسم قائلا بفرحة:

 

-“تصدقي بالله يا قردة، أنا كنت مستحلفلك وناوي أخلي ليلتك سودة بس بعد ما سمعت منك الكلام ده اتأكدت من أن أنتِ كان غرضك شريف قررت أسامحك يا سومة يا حبيبتي”.
قبَّل محمد رأس أخته كتعبير عن اعتذاره لها عن أسلوب التعنيف الذي تعامل به معها قبل أن يسمع تبريرها.
تمتمت سمية بصوت غير مسموع وهي تحتضن أخاها:
-“والنبي يا رب تسامحني على كوكتيل الكدب اللي أنا عملته ده، أنا كان غرضي شريف والله”.
▪▪▪▪▪▪▪▪▪
سار مهاب بخطوات حذرة نحو المخزن ومن خلفه ماريو الذي استهدف الحراس بسلاحه المزود بكاتم للصوت، واستطاع بالفعل أن يسقط عددًا كبيرًا واشتبك مع الذين تبقوا منهم.
وصل مهاب إلى الغرفة التي اُحتجزت بها حبيبة وكاد يدخل إليها ولكنه توقف بعدما سمعها تقول لمهران باستهزاء:
-“يعني أنت خطفتني وعايز تقتلني عشان خاطر تلوي دراع مهاب وتنتقم منه!! أحب أصدمك وأقولك أنه أصلا مش هيهتم للموضوع لأنه شخص حقير وأقولك بقى على التقيلة، مهاب هو اللي قتل أخويا يعني أنا أصلا بكرهه وعندي استعداد أقبل العمى ولا أقبله لأنه قذر وواطي، واللي مزعلني هو أني هموت وأنا على ذمته”.
صُدم مهاب بعدما سمع هذا الكلام الذي جعله يعلم أنها قد كشفت حقيقته وهذا يعني أنه حتى لو تمكن من إنقاذها إلا أنها لن تكون له بمحض إرادتها.
رفع مهران السلاح وصوبه نحو رأس حبيبة ولكنه سقط أرضا بعدما أطلق مهاب الرصاص على ظهره.
توجه مهاب نحو حبيبة قائلا بلهفة:
-“أنتِ كويسة يا حبيبتي؟”

 

صرخت حبيبة بجزع بعدما اخترقت رصاصة صدر مهاب من مسدس مهران الذي غاب بعدها مباشرة عن الوعي.
همس مهاب بتألم وهو ينظر إلى حبيبة بحزن:
-“سامحيني يا حبيبة، صدقيني أنا عمري ما ندمت على حاجة في حياتي أكتر من ندمي على قتلي لأشرف، كان نفسي نكمل باقي الطريق مع بعض بس واضح أن نصيبنا هو أننا نتفرق”.
تابع مهاب وهو يسعل بشدة:
-“عايز أقولك أن عمري ما حبيت حد غيرك”.
وصل ماريو إلى الغرفة وسمع صديقه وهو يتمتم بصعوبة قبل أن يغمض عينيه:
-“أنا بحبك أوي يا حبيبة”.
توجه ماريو نحو صديقه وأخذ يصرخ به حتى يستيقظ ولكن دون جدوى، أما حبيبة فقد كانت تتابع ما يحدث أمامها وهي تلتزم الصمت، فهي لا يمكنها أن تحدد شعورها بعدما سقط مهاب بين يديها، هل تفرح بعدما مات قاتل أخيها، أم تحزن عليه بعدما ضحى بنفسه من أجل إنقاذ حياتها؟!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أوهام الحب الوردية)