روايات

رواية كسرة وضمة وسكون الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية كسرة وضمة وسكون الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية كسرة وضمة وسكون البارت الثاني والعشرون

رواية كسرة وضمة وسكون الجزء الثاني والعشرون

كسرة وضمة وسكون
كسرة وضمة وسكون

رواية كسرة وضمة وسكون الحلقة الثانية والعشرون

وبعدها توجه نحو مائدة الطعام التي أعد عليها كل ما لذ وطاب وبعض الفاكهة في طبق كبير زجاجي .. وخرجت شهد وقد استطاعت بتلك السرعة خلع ردائها الأبيض وارتداء ” سالوبيت ” بمزيج من اللوني الأبيض والأسود كالبقرة الحلوب .. وقالت شهد بحماس :
_ ده انا جعانة جوع يا جدع ! .. محطتش لقمة في بوقي من صباحية ربنا !.
فغر حازم فمه وهو ينظر لما ترتديه، ثم زم شفتيه بغضب شديد وفهم مخططها وصاح غاضبا :
_ أنتي اللي جبتي الكتب والمذكرات دي صح ؟!
أخفت شهد ابتسامة كادت أن تظهر وقالت بدهشة :
_ ألاه !!
خطف حازم سكين الفاكهة وركض خلفها وهو يتوعدها أن يجعلها لا تتفوه بتلك الكلمة مرةً أخرى ! .. بينما ضحكت شهد بصوتً عال وهي ترددها مرارًا.
ولم يأخذ الكثير من الوقت بالقبض عليها لتصبح بقبضته في لحظات ناظرةً له بتوجس، فزم شفتيه بنظرة ضيقة غاضبة وقال وهو يشير لما ترتديه :
_ إيه اللي أنتي لابسة ده ؟!
اخفت ابتسامتها وقالت ببراءة:
_ سالوبيته ..حلوة ؟
رفع حازم حاجبه بعصبية وقال بأمر وهو يجرها نحو غرفة نومهما :
_ أنا هقولك تلبسي ايه وهتنفذي كلامي من غير رغري كتير.
ابتلعت شهد ريقها بتوتر شديد وحاولت التملص من قبضته ولكن هيهات، يقبض على معصمها كأنه وجد مجرم خطير طال البحث عنه وأخيرا وقع تحت قبضته .. وحينما دخلا للغرفة أوقفها حازم وتوجه لخزانة الملابس، وقبل أن تركض شهد هاربةً من الغرفة امسك بمعصمها مجددًا وضحك بسخرية وهو يغلق الباب عليهما قائلا :
_ عايزة تهربي مني أنا؟! .. من حازم شاهين !، ده مجرمين ومعرفوش يعملوها .. هتعمليها أنتي ياكتكوتة !.
وضحك عاليًا ثم تطلع بها بنظرة ماكرة مبتسما بخبث وجعلها ذلك ترتجف من الحياء وهي تتهرب بنظراتها منه، فنطقت بصوت ظهر فيه توترها الشديد وقالت بجدية :
_ لو سمحت ياحازم سيبني عشان عندي امتحان ولازم أذاكر.
أشتدت النظرات الماكرة بعين حازم واتسعت ابتسامة وهو يومأ برأسه مفكرا بأقتراحها:
_ هسيبك تذاكري.
ابتسمت شهد ببلاهة وهي تهتف وترتمي بين ذراعه بامتنان قائلة :
_ بجد مش عارفة اقولك ايه.
قربها حازم منه أكثر وهمس بأذنها بابتسامة خبيثة وقال :
_ هسيبك تذاكري براحتك .. بس مش النهاردة.
وقبل أن تعترض شهد ويطول جدالهما استطاع هو أن يأخذها لعالمها الخاص.
********************
جلست بيلا بفستانها الأبيض بجانب زوجها كريم على مقعدي الطائرة ليسافرا إلى أحدىالبلدان السياحية المشهورة لقضاء شهر العسل، وابتسمت لعينيه التي ظلت تنظر لها بمحبة حقيقية وهمست له :
_ أول مرة في حياتي أكون مبسوطة كده يا كريم.
رد كريم عليها مبتسما بحنان قائلًا وهو يضم أصابعها بأصابعه اكثر :
_ ولسه الايام الجاية يا بيلا .. أوعدك شهر العسل ده هتفضلي تفتكري أيامه طول العمر ..
تخضب وجه بيلا بالحياء ولا زالت ابتسامة تضيء وجهها فقالت باعتراف :
_ لو سيبتك تمشي وتبعد عني كنت هخسر الفرحة دي كلها .. أنا مش عارفة أزاي حبيتك بالشكل ده !.
اشتدت ابتسامة كريم دفاً ومحبة ثم أجاب :
_ ده من حظي الحلو أنك وقعتي في طريقي وحبتيني، عارفة .. انا ساعات براجع نفسي وأقول أنا عملت ايه حلو في حياتي عشان تبقى واحدة زيك من نصيبي وقدري !! ..
ابتسمت بيلا بسعادة ورفع كريم أصابعها لشفتيه بقلبة لطيفة، ثم نظر لها نظرة قالت الكثير وجعلتها تحمر خجلا.
**********************
وقفت رقة بردائها الحريري الذي أختاره لها أشهد خصيصا بعدما أنتهيا من صلاة ركعتان حمدا وشكرا لله تعالى ..
وها هي الآن ترتجف خجلًا وحياءً وهي تتردد بشدة في فتح باب الغرفة والخروج .. ابتلعت ريقها وأسنانها تقريبا تصطك ببعضها من فرط التوتر والأرتباك .. حتى فُتح الباب فجأة وشهقت بخوف وهي تندفع خطوتين للخلف مبتعدة ..
وقف أشهد أمامها مأخوذا بمظهرها الذي أدار رأسه للحظات، ويبدو أنه بدل ملابسه الأنيقة بملابس بيتية أكثر ارياحية .. تسارعت أنفاسها وهي تقول بكلمات متقطعة من شدة التوتر :
_ كنت … كنت … كنت خارجة ..
التمعت عينيه بنظرة عاشقة وابتسامة أشرقت وجهه الفاتن ، وفي اقترابه لها تلك الخطوات رجفة أجتاحتها جعلتها تندفع للخلف أكثر حتى اصطدم ظهرها بالحائط ونظرت له بقلق واضح .. وعندما وقف أمامها اقترب وقبّل رأسها ببطء .. ثم نظر أشهد لعينيها بعشق قائلًا بابتسامة حنونة :
_ مش معقول تكوني خايفة الخوف ده كله مني أنا ..
التمعت دمعة بعين رقة وقالت بتوتر :
_ مش خوف بس ..
وضع أشهد أصبعه على فمها وقطع حديثها قائلًا :
_ أنا فاهم ..
وبطرف أصبعه مسح تلك الدمعة التي انزلقت على خديها ونظر بعمق لعينيها وهمس بدفء :
_ من أول مرة شوفتك فيها وأنا عارف أن هيكون لينا حكاية .. لما دخلت شركتي لقيتك نايمة ! ..حسيت يومها بحاجة غريبة بتشدني ليكي ، حاجة محستهاش قبل كده، موافقتي على اللي قولتيه مكنش لسبب غير أني عايز أشوفك تاني من غير أي سبب .. عايزك ما تبعديش ومكنتش فاهم اللي بيحصلي ..
تحولت دموع رقة لدموع سعادة وهي تنظر له وقالت :
_ وأنا رجعت البيت اليوم ده وأنا عارفة أني حبيتك ، وأتمنيت من جوايا أبقى ليك .. ولما حصلت مشاكل ما بينا وبعدين عرفت الحقيقة حبيتك أكتر من الأول يا أشهد .. حبيتك لدرجة تخوف.
قبّل أشهد جبينها بدفء ثم نظر لها مرةً أخرى وقال :
_ تعبت كتير على ما رجعتك ليا من تاني .. رجعتك رقة حبيبتي البريئة اللي كل تصرفاتها بتخليني أعشقها أكتر ..
وضمها أشهد بين ذراعيه بقوة جعلتها ترتجف بالوهلة الأولى، ثم سكنت بأمان تدريجيًا .. وهمس بأذنها كلماتً رومانسية خاصة جعلت وجهها يتصبغ من الحياء .. وباللحظات التالية لم تعرف كيف سحرها واستطاع بمكرًا شديد أن يجذبها من خوفها لآمان ذراعيه حتى جمع الله بينهما في خير وحلالًا طيبًا ..
**********************
والصباح ..
استقبل حازم طعام الإفطار من الفندق ورتبه بفخامة على طاولة الطعام ، ثم عاد للغرفة وهو يجفف شعره المبتل بالماء ويصفر ويدندن … وكانت شهد قد ارتدت ذلك السالوبيت مرةً أخرى لتغيظه .. فضحك حازم على مظهرها بضحكة عالية … وقال باستفزاز وغمزة خبيثة :
_ الفطار جاهز يا هندسة .. تعالي افطري معايا يا حبي.
وقفت شهد أمامه وهي تحاول عدم النظر له خجلا ولكنها هتفت به بحدة :
_ مالكش دعوة بيا ياللي منك لله أنت ..
ضحك حازم بقوة ثم جفف شعره بالمنشفة وعاد يدندن ليستفزها اكثر ، ثم قال وهو يمشط شعره :
_ حاضر .. هسيبك تذاكري ، بس تعالي افطري الأول.
قالت شهد بتلقائية وهي بالفعل تشعر بالجوع الشديد :
_ يارب يكون في فطير ..
سألها حازم بتعجب :
_ فطير .. أشمعنى ؟!
قالت بابتسامة مستفزة :
_ الاه !! .. مش النهاردة الصباحية !
القى حازم المشط من يده ونظر لها بنظرة ضيقة مغتاظة جعلتها تضحك وركضت من الغرفة قبل أن تطالها يداه ..
فهتف قائلًا بخبث :
_ لمي لسانك أحسن ما الم كتبك واكسر المسطرة بتاعتك دي وما اخلكيش تذاكري!.
سمع صوت ضحكتها من الخارج وهي تقول بدلال:
_ طب تعالى افطر معايا يا ارنوبي.
ابتسم حازم بتنهيدة وقال :
_ قد رزقت بزوجة صالحة .. حاضر ياروحي جايلك.
كتمت شهد ضحكتها عندما سمعت ما يقوله، ثم بدأت تأكل بشهية كبيرة وانضم لها حازم بعد لحظات ليتناول طعامه.
******************
ومرت ساعات النهار سريعا …وأتى وقت المساء ..
خرجت رقة بوجه مطصبغ من الحياء من باب المصعد راكضة تقريبًا وهي تبتسم .. وظهر واقفا من خلفها أشهد مبتسما بمكر وذهب خلفها حيث جناحهما …
وبداخل الجناح اوقفها قائًلا بابتسامة دافئة :
_ هنسافر الصبح بدري ونبدأ شهر العسل …
ابتسمت رقة بحياء وهي تتهرب من عينيه الجريئة وقالت لتغيّر دفة الحديث :
_ هما بنات خالتك لسه موجدين في البيت عندكم ؟
اقترب لها أشهد بابتسامة وأجاب :
_ لأ طبعا .. حازم تقريبا طردهم بسبب اللي عملوه ، وكان ممكن ارفض الأسلوب ده لو مكنوش عملوا اللي عملوه .. لكن اللي يخطط ويفكر أنه يبعدك عني مالوش عندي غير الطرد مهما كان مين.
وسألته رقة باهتمام :
_ طب وماما مشيرة ؟ .. اكيد زعلت عشان أختها !
طمأنها أشهد وقال :
_ لأ ما زعلتش لما عرفت اللي حصل كله … وما تقلقيش من أي حاجة يا رقة ، ومن النهاردة أنتي مراتي قدام الدنيا كلها ، واللي يزعلك يبقى خسرني .. لإننا واحد .. وهنفضل طول العمر كيان واحد.
اقتربت رقة لصدره وارتمت عليه بأمان وابتسامة تسكنها السعادة والثقة ومنتهى الطمأنينة .. وأحتواها أشهد بكل دفء العالم محبةً ..
************************
وبعد مرور أكثر من شهر ونصف ..
وعند إقامة حفلة تخرج شهد من كلية الهندسة وبرفقتها عائلتها بالكامل .. (آل شاهين )
وقف حازم ينظر لشهد بعشق وفخر وهو يراها تستلم شهادتها وهي بغاية السعادة والزهو .. وحينما أتت اليهم تقدم هو من بين الجميع وذهب إليها ليأخذها بين ذراعيه بمحبة شديدة وسعادة صادقة تحت أنظار الجميع .. وهمس لها بمحبة:
_ الف مبروك يا حبيبتي.
ابتسمت شهد بحياء وهي تلاحظ مراقبة العيون لها حتى اضاف حازم بمرح وتسلية:
_ كده مافيش مذاكرة تاني ومسطرة حرف T
تاني يا هندسة.
وهنا ضحكت شهد وتبدل حيائها لضحكات وهي تعانقه قائلة:
_ كنت ونعم الزوج السند يا حضرت الضابط.
ربت حازم بحنان على كتفيها.. وصاحت بيلا من بعيد وهي تركض بعدما أتت متأخرة عن الموعد وفرح الجميع برؤيتها مع زوجها ..
ثم لحقت بالمباركة شقيقتها رقة وزوجها أشهد وجارتها أم بسنت ثم وأخيرًا حماتها مشيرة التي اخرجت من حقيبتها علبة قطيفة بها هدية ذهبية باهظة الثمن وقدمتها بمنتهى السعادة والحب لزوجة أبنها..
وضمتها شهد بقوة .. وبدأ المزاح يعلو بينهم حتى أتى بعض الأصدقاء لشهد ومن بينهن صديقتها المقربة “نور”
وتهامسا الفتاتان بمرح لتعلو بشفاهن الضحكات…
ثم ذكّرت نور صديقتها شهد بذكرى ليست ببعيدة وقالت بضحكة:
_ فاكرة يوم ما الباشمهندس أشهد جالنا الجامعة في ندوة وأنتي كنتي مرعوبة تحضري؟!
وهنا تدخلت أحدى الفتيات وهر تلك الفتاة التي سألت أشهد سابقا بتلك الندوة الماضية.. ويبدو أنها اليوم تصمم بفضول الإناث أن تعرف فقالت:
_ بعد أذن الجميع، أنا سألت باشمهندس أشهد قبل كده هو قابل مراته أول مرة فين .. وبما أن الحكاية كانت حديث الجامعة كلها وقتها فهكرر السؤال مرة تانية على حضرتك؟
اغتاظت شهد من الفتاة وكادت أن ترد عليها بحدة لحشريتها، ولكن أشهد سبق الجميع وأجاب بابتسامة مليئة بالحب والعاطفة وهو ينظر لحبيبته وزوجته رقة التي تتشاكبك أصابعهما بعناق بعيد عن الأعين، وقال مرددا نفس الإجابة السابقة ولكن هذه المرة تخرج الكلمات من بين شفتيه بكل صدق :
_ مش مهم أقول تفاصيل لقائنا الأول بالضبط .. بس اللي أقدر أقوله إنها أجمل صدفة حصلتلي في حياتي .. وأول مرة أفكر في الجواز كان من رقة .. مراتي، ولو يرجع بيا الزمن الف مرة هختارها في كل مرة الف مرة.
وسكنت رقة بسعادة بين ذراعيه وضمها أشهد بكل عاطفته ومحبته لتلك الفتاة… لتذهب الكسرة وتأت الضمة بهذا السكون والطمأنينة بين ذراعيه.
تمت بحمد لله … 🥳✌🩷

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية كسرة وضمة وسكون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *