رواية أباطرة الغرام الفصل السادس 6 بقلم آية محمد رفعت
رواية أباطرة الغرام الفصل السادس 6 بقلم آية محمد رفعت
رواية أباطرة الغرام البارت السادس
رواية أباطرة الغرام الجزء السادس
رواية أباطرة الغرام الحلقة السادسة
_ كدا يا آسر طب أنا مخصماك.
قالتها بتذمرٍ يعتريه الضيق، ليهتف بحنق:
_ أنا مش عايزِك تخاصميني أنا.. عايزِك تخاصمي الأكل.
هدأ محمد من مشاجرتهما قائلًا:
_ خلاص يا آسر بقى يلّا ادخلوا غيروا وتعالوا افطروا.
**************
على السفرة التف الجميع حولها يتناولون فطورهم، فسأل أحمد:
_ الله أمال فين خالد؟!
اجابه آسر وهو يلوك قطعة خيارٍ في فمه:
_ برا في المزرعة، أكيد في الأسطبل معروف هو وعصام أول ما نيجي هنا بيجروا على هناك متعرفش يا أبو حميد في أيه هناك وشوشو ابتدى يلعب في عبي.
نظر عمه إليه بدهشةٍ ثم علق متسائلًا:
_ مين شوشو ده يا آسر؟!
_ الشيطان يامعلم.
هتف بها آسر في مرح، ولكن قاطعه صوت والده متمتمًا:
_ بس يا محمد اسمع وبس، وأنت يا زفت قوم ناديله.
رفع آسر كفيه بوضع أنه ليس لديه علاقة، وأجابه بعدم مبالاة:
_ وأنا مالي ياعم ما تخلي مراتك تناديه.
نظرت “ٱمال” إليه بحدةٍ مصطنعة وهتفت به:
_ ولد عيب.
مط شفتيه لها بتذمر، يردد بغيظٍ:
_ يعني مش شايفة يغلط فيا من ساعتها ولا ده القلب الحنين.
هتف أحمد بغضبٍ جامح:
_ والله لأوريك ياكلب أن مغيرتش من أسلوبك ده لكون فصل لسانك ده عن جسمك.
نظر آسر إلى والده بمكرٍ، ثم هدده مرددًا بهمس:
_ كدا طيب أمولة حبيبتي لازم أعرفك بجاكلين عسل دي حتى معجبة بـ…
اندفع أحمد بحديثه مقاطعًا ابنه عن تلك المشكلة التي قد يتسبب بها:
_ خلاص ياحبيبي أتكلم براحتك وقومي أنتِ يا ياسمين نادي لابن عمك من الاسطبل.
أومأت ياسمين برأسها موافقة، لتنسحب بعدها نحو الإسطبل. نظرت آمال إلى ابنها الذي تابع تناول طعامه وعيناه الضاحكة مصوبةٌ نحو أبيه، الذي بادله إياها بأخرى غاضبة.
_ جاكلين مين يا آسر؟ ومعجبة بمين؟
قالتها والدته مقاطعة سيل النظرات بينه وبين زوجها، فغمز والده بمكر وأجابها بثقة:
_ بابنك طبعًا ، هوأنا أي حد؟!
تعالت ضحكات زوجة عمه “سهير” التي هتفت بسعادة:
_ أسورة كبر ياناس وبقى ليه معجبين.!!
_أومال إيه؟! دي كانت هتموت وتتجوزني صح يا أبو حميد؟!
هتف بها بمكرٍ مغموسٍ بثقة، أجابه الآخر بتلثمٍ:
_ ها؟!… آه…آه.
كتم محمد ضحكته التي ظهرت لفهمه ما يقصده ابن أخيه ، يهمس أخوه بصوتٍ منخفض:
_ بتضحك على إيه يا محمد؟!
أزاح محمد كفه عن فمه وضغط على أنفه بسببابته وإبهامه بخفةٍ ثم قال بذات نبرة أخيه الهامسة:
_ أصل عارف آسر قصده إيه؟ عشت وشوفتك خايف من حد، ومين ابنك الصغير ، دا انت مبتخافش من البوص خايف من أسر.
اشتعل أحمد غيظًا ، ليهتف من بين أسنانه بغضبٍ دفين
_ بطل ضحك عشان متموتش ونفسك في حاجة يا خويا.
**********
في الأسطبل كان خالد يرتدي بنطالًا جملي، “تي شريت” أسود يبرز كل عضلاته، يحمل بين يديه فرشاةً خاصة يمشّط بها شعر فرسه، وإلى جانبه تقف سيرين مرددة بدلالٍ:
_ خالد عايزه أركب خيل.
_ماتركبي حد ماسكك.
هتف بها بحنقٍ لتقترب الأخرى منه وشبكت كفها بكفه، تردف وهي تمط شفتيها بحزن مصطنع:
_ ركبني أنت، مش بعرف.
أفلت خالد كفها، وقد أوشك أن يرد برفضه، لكنه لمح طيفًا يتبختر ويؤجج دقات قلبه ، فابتسم ابتسامةً خبيثة قائلًا:
_ بس كدا ؟! حاضر، تعالي.
حملها بين كفيه. يُصعدها على ظهر الحصان لتهتف بخوفٍ بطياته دلال مزيف:
_ نزلني… أنا خايفة، لاء.
ابتسم الآخر شامتًا بكلتيهما خفيةً، وقال لها:
_ يا جبانة تعالي.
اشتعلت نظرات ياسمين غيظًا، شعرت أن قلبها سيتوقف لشدة الحزن وفزعت عندما رأت عديمة الأخلاق تلك تقترب من حبيبها وعلى وشك تقبيله، فصرخت ياسمين بحدة:
_ خالـــــــد.
انتفضت سيرين من فعلتها، وهي تضع يدها على قلبها تتحسس سرعة نبضاته:
_يا مامي… ياسمين خضتني.
_سلامتك من الخضة يا قلبي.
قالها خالد بنبرة حبٍ زائفة، أشعلت ياسمين أكثر، فقالت وهي تكز أسنانها:
_ بابا عايزك عشان تفطر.
لم يبال لنظراتها، ليتجهلها كلِّيًّا وينظر للأخرى:
_روحي وإحنا جايين وراكي.
اندفعت بخطواتها نحوهما تقول بنبرتها الحادة:
_ أنا مش همشي من غيرك اتفضل.
نظر لعينيها المشتعلتين، ثم تجاهلها وأنزل سيرين عن الفرس موجهًا حديثه إليها:
_ يالا يا سيرين.
ودخلا البيت تاركًا خلفه تلك التي تشيط غضبًا.
*********
انضم خالد وسيرين وياسمين مجددًا إلى المائدة، يتبعهم بعد دقائق دلوف عصام، الذي تقدم نحوهم بعد تحيته قائلًا بمرح:
_ إيه ده ؟! أنا حماتي بتحبني ولا إيه؟
التفت والده إليه مرحِبًا به، ثم أشار إليه بيده مردفًا:
_ تعال يا حبيبي ، اتأخرت ليه؟!
_ أول ما خلصت الاجتماع جيت فورًا
أجابه عصام وهو يربت على كتفه، فسمع بعدها سؤال آسر السخيف:
_ عصام أنت جيت؟!
_ لا لسه يا خفيف.
أجابه عصام بسخطٍ، في حين كانت سيرين أول من راقبت دخول عصام البيت، كم ودَّت أن توقعه بشباكها ولكنها فشلت بذلك، تراه الآن وهو يزداد جمالاً في كل زيٍّ كان يرتديه، والآن يتألق أمامها ببِذّلةٍ رسميةٍ باللون الكحلي، بتصميمٍ مميز للغاية، وشعره الذي تصل خصلاته بطولها إلى آخر رقبته، والتي يحرص دومًا على تصفيفها بطريقةٍ تزيده جمالاً و تزيد من من حوله فتنةً، وأخيرًا عطره الذي يفوح منه عن بُعد أمتار، والذي لا مثيل له إلا لوحده.
_ أخيرًا جيت أنا بستناك من ساعتها يا عصام.
هتفت بها سها بسعادة، فأجابها عصام وهو على علم بما تريد:
_ ليه خير؟!
_عايزين ناكل الكفته اللي بتشويها لينا بليز.
قالتها برغبةٍ صادقة تجاه ما طلبته، فدفع آسر كتفها قائلًا:
_ أنتِ مش بتفكري إلا في الأكل…
_ خلاص يا سها هغير وآجي.
هتف بها عصام مبتسمًا، واتجه بعدها نحو الأعلى إلى غرفته ليبدل ثيابه، دخل الغرفه و وضع هاتفه ومتعلقاته ويخلع “جاكيت” البِذلة، وفتح القميص، ثم شرع في تجهيز ملابسه ليأخذ حمامًا يريحه من عناء اليوم، ولكنه وقف متصنمًا مكانه، حيث كانت ندى تقف أمامه ترتدي بُرنُس الحمام فقط وشعرها يتساقط منه الماء كلآلئ فكان شكلها مثيرًا للغاية، ركضت ندى تعود إلى الحمام، لكن صوته الغاضب استوقفها:
_ أنت مجنونة صح!؟!
تلعثمت في جوابها قائلة:
_ أنا آسفة… بس الحمام اللي في أوضتي مفيش فيه مايه قولت… قولت آجي اخد شاور هنا مكنتش أعرف إنك هتيجي دلوقتي من فضلك يا عصام أديني هدومي من عندك، وأنا هلبس وأخرج .
مدّ ذراعه يلتقط ملابسها، ويعطيها لها قائلًا:
_اتفضلي.
_شكرًا.
همست بها بنبرةٍ خجلة ووجنتين محمرتين، لتعود بعدها إلى الحمام تبدل ثيابها، وبعد دقائق خرجت وهي خجلةً للغاية، ما استطاعت رفع عينيها عن الأرض لشدة إحراج ما تعرضت له، ردد بنبرة هامسة ممزوجة بالخجلٍ:
_ أنا آسفة يا عصام ، أنا والله فكرّت إنك هتتأخر.
نظر إليها ثم حرك رأسه متقبلًاً أسفها:
_ عادي يا ندى حصل خير.
كانت ستنسحب تجاه غرفتها لولا اندفاع ياسمين إلى الداخل أيضًا فكانت غاضبةً، واتضح ذلك جليًا في نبرتها الحادة:
_ ندى، أنتِ هنا وأنا قالبة عليكي الدنيا؟!
تعجب الأثنان دخولها العنيف، فسألتها ندى بدهشة:
_ في إيه؟!
مطّت شفتيها تهتف بحنق مشيرةّ إلى الفراغ:
_ البت دي هتموتني يا ندى ، والله أخنقها وأخلص.
اتسعت عينا ندى وهي تعلم من تقصد، لتسألها مجددًا:
_ ليه عملت إيه؟!
اقتربت ياسمين منها وبدأت تقلّد “سيرين” بطريقةٍ ساخرة وبغيظ:
_قال ايه أنا لبسي بلدي ، أنا أنا اللي بلبس من أشهر الماركات لبسي بلدي!
كتم عصام ضحكته واقترب من اخته يضم كتفيها بكفيه:
_سيبك منها يا ياسمين دي متخلفة.
_ آه يا عصام معك حق.
هتفت بها ندى وهي تقترب منهما، لتنظر ياسمين لأخيه، محدٌثةً إياه بدلالٍ طفولي:
_ ماليش دعوة أنزل هاتلي حقي.
_ أنتِ عارفة يا ياسمين بابا بيعز أبوها قد إيه استحملي اليومين دول خاليهم يعدوا.
قالها عصام بهدوءٍ، لتلمع عينا الأخرى بابتسامةٍ، مرددة:
_ بس إحنا ممكن نجبلها حقها بمنتهى الذوق.
ضيّق عصام عينيه وهو يسألها:
_ اللي هو إزاي؟!
ابتسمت ندى إليه، ثم سحبت ياسمين من كفها قائلة:
_تعالي يا ياسمين.
نزلوا جميعهم إلى الأسفل، وتوقفوا مكانهم مصدومين عندما وجدوا سها تتشجار كلاميًا مع سيرين.
_ ياي أنتِ بيئة أووي.
هتفت بها سيرين بدلالها المعهود لسُها ، لترد الأخرى بنبرةٍ أشد قسوة:
_ أنا بيئة يا زبا*** بقى أنا مش عاجبك وزني أنتِ مالك اتخن أخس إيه حشرك؟!
تجمع الكل حولهما يراقبون ما يحدث بينهما، بتوجسٍ فسأل أحمد:
_ في أيه يا بنات ما تفهمونا إيه اللي بيحصل؟!
_ من خلال الحاسه السابعة بتاعتي…
قالها آسر موضحاً، ليقاطعه خالد بسخرية:
_الحاسة إيه يا خويا؟!
_ السابعة، أقدر اقولكوا أن في خناقة.
نظر إليه عصام بغيظ، ثم هتف ساخرًا:
_ يارجل وأنا اللي كنت مفكر أن هم بيلعبوا!
اقتربت ياسمين من والدها توضح له ما يحدث:
_ مافيش حاجه يا بابا الابله سيرين بتحب بس تتدخل في اللي ملهاش فيه.
_ والله ؟!إزاي بقى يا ابله ياسمين؟!
اندفعت بخطواتها نحوها تحدثها بكبرياء:
_كويس إنك عارفة إني ابقى ابلتك يعني تعملي ألف حساب ليا.
رفعت سيرين سبابتها في وجه من أمامها محذرة:
_ احترمي نفسك يا ياسمين.
تقدم عصام نحوهما في محاولةٍ منه بالتدخل، لكن أوقفه والده، فهذه مشاجرة فتيات لا يحق للرجال التداخل، صدح صوت ياسمين الغاضب وهي تقبض على إصبع سيرين:
_ أنا محترمة غصب عنك الدور والباقي عليكِ يااا….
افتلت الأخرى إصبعها من قبضة ياسمين، تردد بكلماتٍ مهينة:
_ أنتِ بني آدمة وقاحة.. زبالة.
اندفعت ياسمين نحوها تمسك شعرها بين قبضتها ، اتسعت أعين الجميع ، لتلحق بها ندى تفلتها في محاولة لتهدئة الوضع:
_ بس يا ياسمين عيب اللي بتعمليه دا أنا مكنتش أتوقع منك كدا.
ابتسمت سيرين لياسمين بانتصار ، وهي تعيد ترتيب خصلات شعرها التي كادت أن تبعثرها ياسمين، في حين نظرت لها الأخر بغلٍّ فشلت في مدارته ، ثم قالت بحنقٍ:
_ أنتِ مش شايفة بتقول إيه!
_ عيب إحنا أتعودنا ما نردش على حد حتى لو كان قليل الأدب وعايز يتربى، بابا وعمي معلّموناش كدا تربيتنا متسمحش بكدا حتى لو سردين دي… أوبس آسفة أنتِ قولتلي اسمك إيه؟!
_ سيرين.
هتف بها سيرين جاحظة العينين، لتقول ندى مؤكدة:
_ آه برلين.
ابتسمت ياسمين لسخرية ابنة عمها، فنكزتها بإصبعها:
_ سيرين يا ندى.
نظرت لها الأخرى مبتسمةً بمكر، وتابعت حديثها بسخرية:
_ What ever اسمها إيه المهم حتى لو غلطت لازم تسكتي يا حبيتي دا مهما كان ضيفة في بيتنا حتى لو كان ضيف غير مرغوب فيه لازمًا تعمليه بأدب برضو مش كدا يا عمي.
نظرت لعمها بابتسامةٍ متسعة، فيبادلها إياها مؤكدًا كلامها:
_ كدا يا روح عمك.
اشتعلت سيرين غيظًا ولشدة إحراجها انسحبت مغادرة المكان كله، اتسعت ابتسامة الفتيات بفخرٍ ، وهتف آسر بسعادة:
_الله عليك يا ندوش يا جامد ، عسل والله.
زادت ابتسامتها ولمحت خالد يتقدم نحوها يقربها من صدره بعناقٍ أخوي قائلاً:
_ دا أنتِ مالكيش حل.
_ شكلها بقا وحش خالص.
_تستاهل بصراحة.
هتفت بها “آمال و سهير” متتابعتين، في حين كان ينظر عصام لندى بفخر، تقدم نحوها قائلاً بسعادة:
_ عشان كدا كنتِ بتقولي نجيب حقنا بالذوق…فهمتك.
هتف آسر بسعادة مجددًا:
_ بس تصدقي يا ندى ؟ معاكي حق وأنا اللي كل ما أشوفها اشم رايحة زافرة.
_ أنا استحملتها كتير بس دي زودتها أووي كله إلا ياسمين.
هتفت بها ندى بسعادة وهي تنظر إلى ياسمين التي احتضنت كفها بحب وقالت:
_حبيبتي.
ساد الصمت دقائق ، ليقطعه صوت سها كالعادة بطلبها المعهود:
_ طب يالا ياعصام أنا جُعت.
اقترب آسر منها بصدمةٍ ونظر إليها بصوت محذر:
_ سها والله إن تخنتي أكتر من كدا لغير رأي… أنا عايز اتجوز واحدة مش أربعة في وقت واحد ، إيه اتجوز واحدة خد تلاتة هدية؟
_ أبقى اعملها كدا وشوف أنا هعمل فيك إيه!
هددته بصوتها الأنثوي ، لتصنع خوفه قائلًا:
_ أنا أقدر يا باشا…
ثم أردف بنبرته المرحة وهو يلوح بكفه لعصام أن يتحرك معه :
– يالا يا عصام الله يكرمك أشويلها ست سبع أسياخ كفتة بسرعة يا عصام أصل تاكلني أنا وأنت وإحنا واقفين.
احتدت نظرات عصام قليلًا، سأله بسخرية:
_ الشغال بتاع سيادتك ولا إيه؟!
_يالا يا معلم عشان أنا جعت أنا كمان.
دفعه خالد بقبضته في كتفه مخبرًا إياه بجوعه، لينظر عصام إليهما بشكلٍ متبادل، ثم قال:
_ حيث كدا ورايا.
بعد فترة كان عصام يقف مع وخالد يشوي الكفتة وإلى القرب منهم جلس محمد وأحمد يلعبان طاولة الزهر، وفي منطقة أخرى بعيدةٍ عن ألسنة الدخان الناتج عن الشواء، كانتا ياسمين وندى تفترشان العشب تلعبان لعبة الأغاني الشهيرة، فهما محبتان للموسيقى جدًا وصاحبتان صوتٍ جميل، و أخيرًا سها كانت تجلس إلى جانب عصام وخالد تأكل بشراهةٍ وكأنها لم تأكل منذ أيام ، وآسر يجلس على مسافة بعيدة منها يراقبها مذعورًا خاشيًا أن يقترب فيكون هو الضحية التالية.
_ هوي حلو يا خالد.
هتف بها عصام وهو يراقبه ، يضع أسياخًا أخرى أعدها ، في حين أجابه خالد:
_ ماهو يا عم أكتر من كدا.
هتف بها خالد بغيظٍ، ليبتسم عصام ابتسامةً جانبية لاحت على ثغره مرددًا:
_خلاص براحة عليا ايه هتاكلتي؟!
بادله الابتسام عند خاطر ذكر الأكل، وأشار بحاجبيه إلى سها وآسر قائلاً:
_متخافش مش أنا اللي هآكلك ، سها هتقوم بالواجب.
ضحك عصام لما يشير وقال :
_ بصراحة آسر الله يكون في عونه.
_يعني هو اللي ملاك أووي.
هتف بها خالد بسخرية، فارتفع ضحكتهما ليقول عصام:
_ على رأيك… المهم خلصت الملف اللي بقولك عليه؟
هزّ رأسه وأجاب:
_قربت أخلص، فاضل بس حاجات بسيطة، أنا تعبت فيه أوي.
ضرب عصام ركبتيه بكفيه بعد أن أنهى مهتمه ليقول بتعب:
_ اوك هروح استريح شوية.
انسحب عصام من مكان الشواء تاركًا المهمة لخالد ، الذي يحرك مروحة الشواء ويستمع لمشاجرة آسر وسها المعتادة :
_ كفاية يا حبيبتي حرام عليكِ، دا سادس سيخ، ارحمي نفسك.
_ بس بقا الله عايز أكل بنفس.
هتفت بها بتذمر، تلتهم ما هو معلقٌ في السيخ بشراهة ، فعاود هتافه بغيظ:
_ كل ده ومش بنِفس أومال لو نفسك مفتوحة هتعملي ايه! هتاكلي الناس اللي بتشوي بالشاوية!
ابتسم خالد وهو يقترب منهما حاملًا بين يديه سيخًا آخر قائلًا:
_خدي يا سها.
_ أنت بتعمل إيه أنت مش شايفها دي عايزة حد يقومها ومين هيشلها من مكانها!؟!
هتف بها آسر بغيظٍ، ليضحك الآخر بسخرية:
_ الونش.. دا أنت يا معلم.
_ لا حرام.
هتف بها آسر بملامح ونبرة مرتعدة، لتفزع ملامحه أكثر عندما استمع لطلب سها:
_ ساعدني أقوم يا أسر مش قادرة هموت آآه.
أظهر آسر الضيق على وجهه، فزفر بسخطٍ وقال بنبرةٍ ساخطة:
_ آه دك أوه يأويكِ يا بعيدة كنتي ارحمي نفسك.
ارتفعت ضحكات خالد لحالهما ثم تبع ذلك صوته مناديًا على الجميع:
_يالا يا جماعة الأكل جهز.
ابتسمت ندى بسعادة بعد أن كانت تدندن إحدى الأغاني، فنهضت عن العشب، وساعدت ياسمين بالوقوف أيضًا قائلة:
_ يالا يا ياسو
تراقصت الفتاتان بخطواتهما تجاه المائدة المُعدة في الحديقة، وفجأةً اختلّ توازن ياسمين ، لتشعر بالتواء كاحلها فسقطت أرضًا متألمة، ركضت ندى نحوها وهبطت لمستواها تسألها بلهفةٍ وخوف حقيقي:
_مالك؟!
دمعت عيناي ياسمين، وقالت من بين تأوهاتها:
_ آآه رجلي اتلوت.
سمع خالد تأوهاتها، فركض نحوها بقلقٍ يجثو على الأرض ويسألها بلهفة:
_ مالك؟!
تحاشت ياسمين النظر إليه وأخذت تفرك كاحلها موضع الألم قائلة:
_ آآه رجلي.
تأوهاتها زادت تدافع نبضات قلبه فلم يكن منه سوى أن حملها كرضيعٍ بين كفيه ويجلسها على إحدى المقاعد الملتفة حول المائدة ، وجلس إلى جانبها في المقعد المجاور يضع قدمها المصابة على إحدى ساقيه يفركها بلطفٍ ويحركها بحذر حتى لا يزيد ألمها :
_ متخافيش يا ياسمين.
هتف بها بحنوٍ، ليقترب والده منهما في محاولةٍ للاطمئنان:
_عاملة إيه دلوقتي؟!
_ الحمد لله ياعمي ، بقيت أحسن…
أغمضت عينيها بألم في لحظة انسحاب عمها لتسمع سؤال خالد القلق:
_ أنتِ كويسة؟ تحبي نجيب دكتور؟
اشتعلت وجنتيها بخجل خاصةٌ بعد حادثهما الأخير لتجيب بهمس:
_ لا أنا بقيت كويسة.
_ تيرا را را… إيه ده بقيت كويسة ما تتجوزوا بقا وترحمونا.
همست ندى بها ندى بجوار أذنها في سخرية، لتنظر إليها ياسمين بحدة وقالت من بين شفتيها:
_ ندى!
_ بس أنتِ بتتشطري عليا هروح أكل أحسن.
ابتعدت ندى عنها تكتم ضحكاتها بكفها لتجلس في مقعدها.
في مكانه تحدث محمد بصوتٍ منخفض مع أخيه بقلة حيلة:
_وبعدين يا أحمد في اللي بيحصل ده؟!
_ مش عارف والله الاثنين بيحبوا بعض بس بيكابروا.
اجابه أحمد بنبرة متعبة، ليستمع بعدها لقرار أخيه:
_أنا هقعد مع خالد وأشوف حل…
انشغل الجميع بتناول طعامهم، لتنتبه ندى إلى غياب عصام، فسألت بتوجس:
_ هو عصام فين مش هيتغدى؟!
آجابتها أمال نافية:
_ مش عارفة هو فين؟!
_ هشوفه فين وآجي.
نهضت من مكانها مغادرة تبحث عنه، فلمحته نائمًا على العشب مغمض العينين، فظلت تتأمله دقائق، تروي عطش حبها بملامحه المحببة.
_ عايزة حاجة يا ندى؟!
قاطع بها لحظات تأملها له، لتسأله بحيرة:
_ أنت عرفت إزاي إن أنا هنا ؟
فتح عينيه ينظر إليها مبتسمًا بفخر:
_ يابت دا أنا البوص.
_ يعني إيه؟!
سألته بترقبٍ وحيرة ليجيبها:
_يعني حاجات كتير.
_ زي؟
تابعت استفسارها وتابع أجوبته:
_القوة والذكاء وحاجات كتير.
ابتسمت بتهكمٍ وأوضحت رأيها بما قاله:
_أنت مغرور على فكرة.
بادلها ابتسامتها بأخرى:
_ عارف.
تحولت ابتسامتها إلى أخرى نابعة من القلب، أكملت رأيها به:
_ أمم … ومتكبر وساقع و…
انقطع حديثها عندما نهض ليقف على قدميه بسرعةٍ ارعبتها وهتف بنبرة جدية ممزوجة بمزاح:
_ أنا ساقع طب تعالي هنا…
اتسعت ابتسامتها وهي تشعر به يركض خلفها وهي تهرب منه ، لتسمع بعدها صوته متألمًا:
_آآه الحقني يا ندى!
توقف مكانها فجأةً ثم عادت إليه قلِقةً تسأله:
_ مالك يا عصام؟!
مد يده لها قائلًا:
_ساعدني أقوم، شكلها رجلي التوت .
اندفعت بعفوية تمسكه في محاولة لسحبه، لكن محاولتها باءت بالفشل حينما سحبها هو إليه لتسقط فوق الأرض، فقال بنبرته الماكرة:
_ تعالى بقى مين اللي ساقع يابت أنتِ.؟!
_ يا غشاش بتخدعني سبني.
هتفت بها بحدتها الطفولية وهي تضرب صدره بكفها الحر ، لتتسع ابتسامته قائلًا:
_ اعتذري الأول.
_ لاء.
هتفت بها بحدة لتجده يقبض على يدها الحرة بيده وزاد من إحكامه على كلتيّ يديها ثم قال بذات النبرة الماكرة:
_ كدا.
_ أنت بني آدم استغلالي.
تقلصت عيني ندى وهي تهتف بها في حنق، لتسمع جوابه البارد:
_ عارف.
نظرت إلى عينيه التي تعكس زُرقة السماء فوقهما ، لتشعر بدقات قلبها تتناقز وتعلن اضطرابها في كل حالة اقترابٍ منه، هتفت بنبرةٍ هائمة:
_ وعارف إني بحبك أوي.
ارتفع حاجباه بشيء من الدهشة، خُيّل إليه مكانها لميس، الفقيدة التي تسكن قلبه، اقترب منها بشدة ولا زالت نظراتها إلى عينيه، لم تشعر به إلا عندما انقض على شفتيها وقبلها قبلةً طويلة، قبلةً لم يعرف مدتها أكانت لدقائقٍ أم ساعات؟ أفاق من نشوته فجأةً يتذكر الواقع ، لميس ليست هنا، هل خانها ؟ لقد ارتكب جريمةً بحق حبه لها، ابتعد عنها لتسقط على الأرض بقوة، كم مقت نفسه لفعلته تلك ؟ كم ودّ لو أن يبرح نفسه ضربًا لجريمته بشأن حبها.
تلألأ الدمع في عيني ندى، تستشعر ما أصابه، نادته وهي لا تزال أرضًا:
_عصام …استنى اسمعني…أنا بحبك
عاد إليها يقبض ذراعها بغضبٍ شديد، اعترافها ذلك يؤجج غضبه، سماء عينيه تشتعل غضبًا ظهر جليًّ في صوته:
_ اخرسي… مش عايز أسمع نفسك إيه اللي أنتِ بتقوليه دا أنا بعتبرك زي ياسمين.
افلتت ذراعها بقوةٍ من بين قبضته، انهمرت بعض دموعها الحبيسة وهي تحدثه، بشيءٍ من القوة المصطنعة:
_حرام عليك ياعصام اللي بتعمله فيا ده…أنا استحملت كتير إذا كنت أنت بتعتبرني زي ياسمين أنا آسفة بس عمري ما هعتبرك زي خالد، أنا من طفولتي عايشة على حلم إن أنت تكون ليا، يكون لي مكان في قلبك كحبيبة زي لميس الله يرحمها، كنت بغير منها لإنك كنت بتحبها كتير ، لأنها اتخطبت ليك وأنا زي ياسمين بالنسبة لك…أوعى.
تركته وغادرت بعدما أفرغت جزءًا مما يكنه قلبها له، ليبقى هو وحيدًا بمشاعره المضطربة ونظرته الكسيرة.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أباطرة الغرام)