روايات

رواية جعفر البلطجي 3 الفصل السبعون 70 بقلم بيسو وليد

رواية جعفر البلطجي 3 الفصل السبعون 70 بقلم بيسو وليد

رواية جعفر البلطجي 3 البارت السبعون

رواية جعفر البلطجي 3 الجزء السبعون

رواية جعفر البلطجي 3 الحلقة السبعون

يا بهجةً تنبتُ في القلبِ من غيرِ وعد،
وتُضيءُ الزاويةَ المعتمةَ كأنها دعاءٌ مُجاب،
من قال إن النورَ لا يسكنُ إلا السماء؟
ها هو ينسكبُ في الأرواحِ، حين يبتسمُ الطفل،
ويُشفَى المريض، ويعود الغائبُ بلا ميعاد.
يا فرحةً تسبقُ الأسباب،
وتدخل دون استئذان…
علِّمينا كيف نرضى، حتى تأتي…
وكيف نشكر، حين تفيضين.
_ارتجال.
_______________________________
في كُلّ قلب حكاية لم تُروَ بعد، وفصلٌ ينتظر أن يُكتب بلونٍ مختلف، ليس لأن الحياة تغيّرت، بل لأننا نحن تغيّرنا، الأصوات نفسها؛ الوجوه نفسها؛ لكن الداخل لم يعُد كما كان، وكُلّ فصل جديد، هو محاولة خجولة لفهم ما لم يُفهم، ومواجهة ما تم تجاهله طويلًا..
<“فرصةٌ واحدة تُصلح خطا’يا لا تُنسى.”>
منذ باكورة الصباح والجميع يقظة، وكأن العيد قد زار منزلهم بعد ليالٍ عـ.ـصيبة حملت في ثناياها طفـ.ـرة صغيرة مِن الأمل، وكأنها مازالت تحمل لهم سعادة لم يحظوا بها، وبداياتٍ أخرى جديدة على وشك أن تبدأ، فقد صفحوا عن صفحاتٍ قديمة سو’دا’ء، وقرروا أن يمنحوا لأنفسهم بداية جديدة..
كان “عامـر” مستيقظًا منذ باكورة الصباح بعد أن غادر النعاس عيناه هذه الليلة وقرر أن يستمتع بكُلّ دقيقة تمر عليه حتى تحين ساعة الصفر، كان قد ألتقط صورة مِن هاتفه لحُلّته الكحيلة وأرسلها إلى “يوسـف” وكتب أسفلها بمرحٍ:
_مش محتاج أقولك قول رأيك عشان أنا ذوقي حلو كدا كدا، بس عندنا ليلة النهاردة عسل، مش عايز ألمحك عالكرسي دقيقة.
أنهى حديثه وهو يضع ملصقًا يغمز بعيناه لهُ بمكـ.ـرٍ، أُرسلت الصورة لهُ ولم ينتظر كثيرًا وقد تلقى الرد مِنْهُ حينما راسله بأخرى أكثر عبثًا:
_ذوقك خر’ا يا “عامـر” معروفة يعني، ومِن ناحية الليلة متقلقـ.ـش، بس يكش متفر’هدش أنتَ بس وتكمل معانا.
ضحك “عامـر” وقرر هذه المرة أن يُرسل إليه مقطع صوتي يقول فيه بنبرته الضاحكة:
_أنتَ مش متر’بي مع أحترامي لعمتي يعني عشان عارف هتو’لعها فلحظة، وبعدين أنتَ عُمرك شوفت عريس بيفـ.ـرهد؟ دا أنا مستني اليوم دا بفراغ الصبر يا عمّ.
في تلك اللحظة ولج “محمـود” وأغلق الباب خلفه وتقدّم مِن أخيه الذي نظر إليه نظرةٍ ذات معنى بعد أن رأى تحو’له في تلك الليلة، جلس “محمـود” بجانبه ونظر إليه بوجهٍ مبتسم وقال بنبرةٍ هادئة:
_فـ.ـكك مِن ليلة إمبارح دي، أعتبرها محصلتش أو أنا اللي تـ.ـعبان فد’ماغي، خلّينا فالنهاردة عشان اليوم دا بالذات عندي أنا عيد، أنا مبسوط عشان لقيت حياتك ولقيت شريكة حياتك بنفسك، مِن غير ما حد يضغـ.ـط عليك أو يفر’ض رأيه، “أمل” كويسة وبتحبك وبرغم اللي حصل هي فضلت متمـ.ـسكة بيك ودا يبين قد إيه هي أصيلة وتستاهلك، النهاردة خطيبتك بُكرة مراتك وبعده أمّ العيال..
أبتسم “عامـر” وهو ينظر لهُ بعينان تومض بلمعة حُبٍّ خالصة بعد أن أستمع إلى كلمات أخيه التي سـ.ـقطت على قلبه كالعقار، بينما أتسعت بسمةُ “محمـود” الذي أكمل حديثه بقوله:
_عايزين ننسى اللي فات كُلّه ونبدأ مِن أول وجديد، نبدأ حياتنا زي ما إحنا عايزين، دي فرصتنا عشان نعوّض اللي فات يا “عامـر”، عيش معاها كُلّ لحظة سواء حلوة أو و’حشة، لازم الكفتين يميـ.ـلوا شوية لأن دي سُنة الحياة، أنا إمبارح حسيت نفسي إنسان تاني خالص كان ضا’يع جوّايا ومش لاقيه، طنط “هنـاء” طلعت طيبة أوي، حاولت تتكلم معايا وأنا بصراحة صـ.ـديتها، بس فلحظة حسيت إني محتاج أتكلم مع حد عشان ميجر’اليش حاجة، وهي سمعتني فعلًا ووعتني، أنا عرفت ليه بابا أختارها وصمم عليها، عشان فيها اللي إتحر’منا إحنا مِنُه، شوفت فيها نُضج وحنيّة أقسم بالله ما شوفتهم فحد قبل كدا، لو قعدت معاها هتلاقيني عندي حق ومش بضحك عليك أو بقولك كدا مثلًا عشان تشوفها زي ما أنا شايفها حتى لو أنتَ شايفها بصورة تانية.
أخرج “عامـر” زفرة قو’ية واعتدل في جلسته ولأول مرَّة يشعُر بهذا الشعور الغريب، راحة لم يحظى بها مِن قبل، وكأن الحياة كانت تحر’مه مِن لُذة الفرح وتأبى أن تجعل بسمته تظهر يومًا، طافَ بعيناه في أرجاء الغرفة بنظرةٍ خا’طفة حتى استقرت على أخيه الذي كان يبتسم وعيناه صا’فية لأول مرَّة، وكأن الحديقة قد أُزهرت بها زهورها في يومٍ مشمس، تحدث بنبرةٍ هادئة وقال:
_تعرف يا “محمـود”، أنا لو قولتلك إن دي أول مرَّة أبقى مبسوط ومرتاح فيها أوي ومش شا’يل هـ.ـمّ حاجة مش هتصدقني، حاسس إني مرتاح نفسيًا وإحساس جوّايا إني خلاص هاخد أخيرًا الحاجة اللي بحبها وبسعى سنين عشانها، تعرف إني لو كُنت خدت واحدة تانية، كُنت هكون معاها بجسـ.ـمي بس، وعـ.ـقلي هيكون مع “أمل”، بس بعد اللي حصل دا كُلّه هي فالآخر ليّا، أنا مبسوط أوي النهاردة وعايز الوقت يعدي عشان أشوفها، وعشان لمَ تلبس الدبلة أتأكد إنُه مش حلم وبقى واقع بعيشُه، وعلى فكرة أنا مش بكر’ه طنط “هنـاء”، أنا مرتاحلها واللهِ وعارف إنها هتعوّض بابا وهتسعده وهتغيّر البيت.
شَعَر “محمـود” بالراحة حين أن أستمع إلى حديث أخيه، نعم كانت تلك هي المرة الأولى ولكنهُ يثق أنها لن تكون الأخيرة، وبلحظة صا’فية أحتضنه بحنوٍ، عناقٌ أخوي جمعهما هذه المرة وشهد على بداية جديدة لكلا الطرفين، كانت الحياة قا’سية خصيصًا على هذا الأخ الأصغر الذي بعد أن رأى تلك القسو’ة والأ’لم مازال هو مَن يُطمئن ويحتوي مَن حوله وهو أشـ.ـدهم حاجة لتلك الطمأنينة..
وبلحظة أخرى بادله “عامـر” عناقًا آخر أكثر حنوًا وكأنه يعده وعودٍ خـ.ـفية على أن القادم سيكون أفضل بكثير، ربّت فوق ظهره برفقٍ وقال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_عايزك تبدأ مِن الأول، لسّه عندك فرصة تانية تبدأ فيها حياتك مِن أول وجديد، وأنا واثق إنك هتلاقي فيوم بنـ.ـت الحلا’ل اللي تصونك بجد وتقدّر قيمتك، صدقني عوضك هييجي وبدل ما كُنت أنتَ اللي بتدي بزيادة هي اللي هتديك، وساعتها هتعرف إننا كان عندنا حق لمَ قولنالك طلـ.ـقها، المهم متقفـ.ـلش على قلبك وسيبه يختار والمرة دي هينصفك، أسمع كلام أخوك.
أبتعد عنهُ “محمـود” قليلًا ونظر إليه مبتسم الوجه ثمّ صمت بُرهةً مِن الوقت وكأنه يُفكر في الأمر بشكلٍ جادٍ بينه وبين نفسُه، لحظات ونظر إليه قائلًا بنبرةٍ متسائلة:
_تفتكر لو دا حصل فعلًا أنا هقدر؟.
جاوبه “عامـر” بنبرةٍ جادة وخـ.ـشنة بعض الشيء وكأنه يُحاول إيصال شيءٍ غير مرئيٍ لهُ:
_يا سلام وهو أنتَ مش واثق فنفسك ولا إيه؟ هتقدر وهتحب وتتجوز وهتكوِن عيلتك وهتعيش اللي أتحر’مت مِنُه، خليك واثق فربنا أكتر مِن كدا ووقت ما العوض يدق بابك متقفلهوش، دي نصيحة مِن أخوك.
ليست مجرد نصيحة يُقدمها أخ لأخيه، بل هي دعوةٌ صادقة لمنح القلب فرصةٌ أخرى كي يستطيع أن يعيش الحياة مثلما تمناها دومًا، لم تكُن هي المحطة الأخيرة، بل أولى محطاته التي ستأخذه إلى مصيرٍ لا يعلمه إلّا المولى عز وجل، نظر لهُ “محمـود” ثمّ أبتسم وربّت فوق كتفه وكأنه يوعده سرًا لفعل ذلك، وبداخله لا يعلم إلى أين يأخذه مصيره حتى تلك اللحظة.
____________________________
<“لم يكُن سِوى خـ.ـيطًا تا’لف وتم قطـ.ـعه.”>
في محافظة المنيا،
في نفس هذا اليوم – السابع والعشرين مِن مايو، بمحكمـ.ـة الأسرة..
كان “سميـر” يجلس فوق المقعد المبطـ.ـن في الممر منتظرًا خروج شقيقته ومعرفة ما ينتظرها بمصيرها المجهو’ل مع “فتـوح”، يهـ.ـزّ قدمه بإنفعا’لٍ طـ.ـفيف وهو متر’ترٌ بعض الشيء ينتظر فقط ما سيحدث بعد أن تخرج مِن داخل هذه القاعة..
بينما كانت “نورهان” تجلس فوق المقعد ويجاورها بمسافة صغيرة “فتـوح” أمام القاضي الذي بدء حديثه الرسمي بقوله:
_إحنا هنا عشان ننظر فدعوة الطلا’ق المقدمة مِن الزوجة “نورهان” ضـ.ـد زوجها “فتـوح”، قبل ما نبدء نقول أي حاجة هل في مجال للصُلـ.ـح بينكم؟.
صمتٌ ثقيـ.ـل خيّم على المكان بعد أن سألهما القاضي، وكأن الهواء إنسـ.ـحب فجأةً مِن الغرفة، ألتمعت عيناها بالعبرات بعد أن تذكّرت ما فعله بها، وكأن عقلها قد برمج نفسُه واتخذ قراره، نظرت إلى القاضي وقالت بنبرةٍ هادئة:
_مظنش يا سيادة القاضي، صـ.ـعب إننا نتصا’لح، الموضوع مش بالبساطة دي خالص، أنا ياما حاولت أغيّره وأخليه بني آدم تاني، ياما أستحملت قر’فه وجـ.ـنونه وعـ.ـصبيته وز’عيقه حتى ضر’به ليّا، كُنت بسكُت مش عشان أنا بحبه لا بالعكس، بس عشان خا’يفة مِن شـ.ـرُه يطولني، وعشان أنا وحيدة أخويا، مليش غيره و “فتـوح” قادر يئذ’ي أخويا ويخليني مقطو’عة مِن شجرة بجد.
نظر لها “فتـوح” في تلك اللحظة نظرةٍ غا’ضبة وقال بنبرةٍ مماثلة:
_نعم يا ختي؟ ليه شيفاني عر’بجي وبطلّع مو’س مِن بؤ’ي؟.
نظرت إليه “نورهان” وجاوبته بنبرةٍ حا’دة بعد أن رأته يُنـ.ـكر قولها قائلة:
_أيوه يا “فتـوح” ومش إفتر’ا لسامح الله، دي حقيقة وأهل الحارة يشهدوا ضـ.ـدك على كدا، أنا خلاص تـ.ـعبت ومبقتش قادرة أكمل مع واحد زيّك خا’ين وبتاع ستا’ت كُلّ شوية عينه تزو’غ على واحدة شكل ما أنتَ مش متجوز كلـ.ـبة يعني ..!!
جُـ.ـن جـ.ـنون “فتـوح” الذي قال بنبرةٍ عا’لية:
_خيا’نة؟ شوفتيني بخو’نك فين قبل كدا ولا هو ر’مي بلا وخلاص ..!!
تدخّل القاضي في هذه الأثناء محاولًا السيطـ.ـرة على الوضع بقوله:
_هدوء بعد إذنكم كدا مينفعش، أستاذة “نورهان” تقدري توضحي السبب اللي مخليكي تطلبي الطلا’ق.
نظرت لهُ “نورهان” بُرهةً مِن الوقت وكأن السؤال فاجئها، شردت قليلًا تسترجع ذكرياتها مع “فتـوح” منذ بداية الزواج وحتى هذه اللحظة وكأنه شريط يمر بسرعة أمام أعينها، وبلحظة جاوبته بنبرةٍ هادئة للغاية قائلة:
_خنا’ق ٢٤ ساعة، قـ.ـلة قيمة وبهـ.ـدله عالفاضي والمليان، وضر’به ليّا وأنا حا’مل ومش أي ضر’ب يا سيادة القاضي، دا ضر’ب مبر’ح، دا حتى المرة الأخيرة دي حاول يمو’تني فيها، لولا ستر ربنا عليّا وابن الحلا’ل اللي لحـ.ـقني قبل ما أخد السِّـ.ـلم كُلّه واجـ.ـهض.
أنهت حديثها وهي تنظر في عينان “فتـوح” بتحـ.ـدٍّ وكأنها تتو’عد لهُ بالهلا’ك خـ.ـفيةً، فلم تكُن مجرّد كلماتٍ عابرة، بل مصيـ.ـرٍ يُكتب؛ وأمام حديثها أنكـ.ـر “فتـوح” إتهاما’تها المنسوبة إليه بقوله:
_محصلش يا سيادة القاضي، هي على طول بتحب تكبّر المواضيع عالفاضي، وبعدين ضر’بي ليها مش مِن فراغ دا تأد’يب مش أكتر لأنها بتعصـ.ـيني كتير ولمَ حاولت معاها بالليـ.ـن والحُسنى مسمعتش الكلام.
نظرت لهُ “نورهان” بعينان مجحـ.ـظتان بصدمة حقيقية بعد أن أستمعت إلى حديثه ورأت بأم عينها اختراعه لقصةٍ لم تحدث حتى يستطيع أن ينفُـ.ـد مِنها، نظرت إلى القاضي وهـ.ـزّت رأسها تنفي تلك الكلمات قائلة:
_كذ’ب، “فتـوح” دايمًا بيكذ’ب بس عشان ميتعا’قبش على أغلا’طه يا سيادة القاضي.
في تلك اللحظة وقبل أن يرد “فتـوح” عليها وينفي إتهاما’تها تحدث القاضي بنبرةٍ حا’زمة بقوله:
_أنا شايف إن الصُلـ.ـح مُستحيـ.ـل، وبناءً على كلامكم والأ’دلة المُقدمة، المحكمـ.ـة هتصدر حُـ.ـكمها في الجلسة الجايَّة، ولحد ما يصدر الحُكـ.ـم، رجاءً تحاولوا تلتزموا بالهدوء.
في تلك اللحظة نظرت “نورهان” إلى “فتـوح” بطرف عينها نظرة احتقا’ر، والذي بدوره بادلها نظرتها بأخرى متو’عدة خـ.ـفيةً على أن القادم ليس مُبشرًا لها، بعد لحظات خرجت “نورهان” مِن القاعة شاردة الذهن ويبدو عليها الإنز’عاج بسبب عدم أكتمال ما كانت تسعى لهُ، نظر لها “سمير” الذي نهض واقفًا ثمّ تقدّم مِنها بخطى هادئة حتى وقف أمامها وقال بنبرةٍ هادئة:
_طمنيني عملتي إيه؟.
نظرت إليه “نورهان” لحظات ثمّ قالت بنبرةٍ هادئة:
_ولا حاجة، كالعادة خرج مِنها زي كُلّ مرَّة، القاضي قال إن المحكمـ.ـة هتصدر حُكـ.ـمها فالجلسة التانية، والله أعلم لحد الجلسة التانية “فتـوح” هيعمل إيه.
وضع “سمير” يداه على ذراعيها ونظر في عيناها قائلًا:
_مش هيقدر يعمل أي حاجة طول ما أنا جنبك، ولو فكّر يعمل أي حاجة هيكون بيثـ.ـبت على نفسُه الجر’يمة بجد، وبعدين يا حبيبتي في أد’لة وتقرير طبي بحالتك يعني الأد’لة كُلّها ضـ.ـده، لو عايزة رأيي خلّي “لؤي” يكون محامي ليكي، على الأقل هو أكتر واحد عارفُه وسهل عليه يمسكه مِن دراعه اللي بيو’جعه.
أخرجت “نورهان” زفرة عميقة وكأن همو’م الحياة بالكامل أصبحت فوق عا’تقيها ولذلك جاوبته بنبرةٍ مُحمَّـ.ـلة بالتعـ.ـب:
_مبقتش عارفة أعمل إيه يا “سمير”، عايزة أخلـ.ـص مِن “فتـوح” وأتحـ.ـرر مِن قيو’ده اللي حكما’ني وحا’كمة حركتي.
جاوبها “سمير” بنبرةٍ جادة بعد أن أتخذ قراره بقوله:
_يبقى معناها إننا نكلم “لؤي” ونقوله يمسك القضـ.ـية لأنه عارف جر’ايم “فتـوح” كُلّها وأنا متأكد إنُه لو مسـ.ـك القـ.ـضية دي هيدخّل “فتـوح” السجـ.ـن فالآخر وكُلّنا هنرتاح.
نظرت إليه “نورهان” في هذه اللحظة وكأن الفكرة أطرقت على عـ.ـقلها وجعلتها ترى الأمر مِن جهة أخرى، ابتلـ.ـعت غُصَّتها بتروٍ وقبل أن تُجيبه خرج “فتـوح” الذي نظر إليها في تلك اللحظة نظرةٍ لا تُبشر لها بالخير، توا’جهت الأعين في لحظة صمتٍ مُر’يبة، تحكي ما عجـ.ـز الفم على قوله، وكأن القلوب امتلئت بحقـ.ـدٍ يد’فع صاحبه نحو الهلا’ك دون أن يشعُر..
نظرت إليه “نورهان” نظرة إحتقا’رٍ وتحـ.ـدٍ في نفس الوقت، ومعها أخيها الذي كان ينظر إليه بتحفظٍ وكأنه يُرسل لهُ إنذا’رًا خـ.ـفيًا، لم يمكث كثيرًا بل تحرّك مبتعدًا وهو لا ينوي على الخير تحت نظراتهما لهُ، لحظات بعد رحيله كان فيها الصمت حاضرًا حتى كسـ.ـره صوت “سمير” الذي قال:
_شكله مش هيجيبها البـ.ـر معانا يا “نورهان”، لازم نسبقه بخطوة الواد دا سِـ.ـماوي ومش مضمو’ن، متعرفيش هو بيفكر فإيه خصوصًا بعد قـ.ـضية الخُـ.ـلع اللي رفعتيها عليه، لازم منستهز’ئش بيه عشان العقـ.ـل دا مش عـ.ـقل بني آدم، دا تخـ.ـطيط شيطا’ني وماشي عالأرض.
نظرت “نورهان” في إثره وهي تعلم أن حديث أخيها صحيحًا وأن تلك هي حقيقة “فتـوح” ولن يتغيّر مهما حدث ولذلك جاوبته بنبرةٍ هادئة وكأنها عقدت العزيمة على إنهاء تلك الحر’ب ورّد الطعـ.ـنة إلى صاحبها:
_قريب أوي هيتعا’قب، هو ز’قني عمـ.ـدًا على السـ.ـلم عشان يقـ.ـتلني، ودي فحد ذاتها قضـ.ـية شـ.ـروع فقتـ.ـل، مهما عمل هو فالآخر هيـ.ـقع وهيتعا’قب على جر’يمته لأن دي هي نهاية الطريق لأمثاله، هضطـ.ـر أعيِّن “لؤي” محامي ليّا لإنُه الوحيد اللي أقدر أثق فيه ومخا’فش، لإني لو عيِّنت غيره ممكن “فتـوح” يستـ.ـغله وير’شيه عشان يكسب هو القـ.ـضية، بس هو قصاد “لؤي” هيكون عا’جز خصوصًا بعد ما “حديدة” أتقبـ.ـض عليه و “يعقـوب” رجع لنفسُه القديمة، مبقاش فاضله حد غير نفسُه وبس.
نظر لها “سمير” وقد أدرك أن شقيقته لن تتغاضى على ما فعله معها بسهولة وأن تلك اللحظة ما هي إلّا البداية لنهاية الشـ.ـر، فقد طالَت بهما الرحلة وتلك ستكون نهايتها، نهاية سعت بها طويلًا حتى نالَت مُرادها.
_____________________________
<“زار الفرح ديارهم، وكُتِبَت قصة جديدة للعاشقين.”>
في منزل العائلة الراقِ..
كانت أصوات الموسيقى تصدح مِن غرفة العروس، ويعلو معها أصوات التصفيق بتناغمٍ، كانت “أمل” تجلس فوق المقعد الوثير أمام مرآة غرفتها، تنظر إلى إنعكاس صورتها بوجهٍ مبتسم ومشرق، كانت الفرحة ترتسم على وجهها وعيناها تحمل وميضٍ مِن السعادة، صديقاتها حولها يضعن لمساتهن الأخيرة قبل أن يصل العريس وعائلته وهن يتبادلن الضحكات والمزحات اللطيفة..
_خلاص هانت يا “أمول”، النهاردة خطيبته وبُكرة تكوني مراته.
هكذا قالت “خديجة” رفيقتها المقرّبة مبتسمة الوجه لتجاوبها “رباب” بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه:
_تستاهلوا بعض، هو شكله طيب وابن ناس وأنتِ طيبة وزي القمر، هو في زي “أمول” وحلاوتها برضوا.
ضحكت “أمل” ولمعت عيناها بفرحةٍ حقيقية وهي تنظر إلى نفسها في المرآة وتنتظر مِن داخلها وصوله بفراغ الصبر، فهذا اليوم سيتم بينهما را’بطٍ أبدي لن يُكسـ.ـر بسهولة، وبعد مرور الوقت بدأت أصوات الأبواق تعلو في الخارج، ومعها بدأ صوت الموسيقى يعلو، فُتِحَتْ الأبواب الكترونيًا وتحرّكت السيارة الأولى نحو الداخل أتبعها بقية السيارات..
اقتربت “خديجة” مِن النا’فذة ونظرت إلى السيارة الأولى والتي بالطبع تعود إلى العريس تنتظر أن تراهم، جاورتها بعد لحظات “أمل” التي كانت ترتدي فستانًا مِن خامة الستان الناعم، كان لو’نه فـ.ـضيًا وضـ.ـيقًا مِن الصد’ر حتى الخصر ومِن ثمّ ينساب بنعو’مة حتى لامس الأر’ضية، حز’امًا فضـ.ـيًا توسط خاصرتها وبعض فصوص اللؤلؤ الصغير زيّن إسوارة الفستان، خصلا’تها عُقِـ.ـدَت برِقة وأناقة وبعض الزينة الناعمة أبرزت معالم وجهها الفا’تن..
لم تنتظر كثيرًا، ففي لحظة ترجّل مِن سيارته السو’د’اء التي تولى “محمود” قيادتها، مرتديًا حُلته الكحلية وأسفلها قميصًا أبيـ.ـض يفـ.ـك مِنْهُ أول زرين، يرتدي حذاءه الأبيـ.ـض ويحمل باقة ورد أنيقة ورقيقة بيَده ومصففًا خصلا’ته بعناية، لمعت عيناها حينما رأته ورقص قلبها فرحةً بتحقيق جزءً بسيطًا مِن هذا الحُلم الكبير..
_عريسك وصل يا “أمول”، دا يا هنانا ويا سعدنا بقى.
قالتها “خديجة” مبتسمة الوجه وهي تشعُر بالسعادة تغمر قلبها لأجل رفيقة دربها، والأخرى كانت بعالمٍ آخر لا تسمع ولا ترى سِواه، بينما وقف “محمود” أمام أخيه يُهندم حُلته بوجهٍ مبتسم وهو ينظر لهُ بفخرٍ وسعادة، بينما رفع “عامـر” عيناه بحركةٍ تلقائية ليراها تقف خلف النا’فذة تر’اقبه بوجهٍ مبتسم..
بلحظة أبتسم لها وانتظر حتى تتثنى لهُ الفرصة ويتحدث معها، أتسعت البسمةُ على شفتي “محمـود” الذي قال بنبرةٍ هادئة:
_أقسم بالله طالع زي القمر.
همس إليه “عامـر” بعد نظر لهُ قائلًا بوجهٍ مبتسم:
_واقفة مع صاحبتها فوق، دا الشوق غلّاب بجد ولا إيه.
قهقه “محمـود” بخفةٍ وقال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_شكله كدا.
في تلك الأثناء تقدّم “يوسـف” مِنهما بخطى هادئة مرتديًا حُلته السو’دا’ء وأسفلها قميصًا أبيـ.ـض اللو’ن، خصلا’ته مصففة بعناية ولحيـ.ـته زادت مِن وسامته، يحمل على ذراعه صغيرته “لين” التي كانت ترتدي فستانًا رقيقًا مِن اللو’ن الزهري وخصلا’تها الخفيفة البُنـ.ـية مصففة بعناية مِن قِبَل والدتها، وكانت لمعة عيناها ووجنتيها الممتلئـ.ـتين تُزيد مِن جمالها الطفولي..
_بتظبط فإيه هو عـ.ـرّه أساسًا.
هكذا وجّه حديثه إلى “محمـود” وعيناه مثبتتان فوق الآخر بتحـ.ـدٍ سافر وكأنه يُعلن الحـ.ـرب أمامه علنًا، أبتسم “عامـر” وشـ.ـد عو’ده ورفع رأسه بتكبـ.ـرٍ ونظر إليه مِن عليته وقال بوجهٍ مبتسم:
_مجيش جنبك حاجة يا … “چـو”.
جحظت عينان “محمـود” قليلًا بتفاجؤٍ والذي لتوِّه لم يكُن يتوقّع أن يتشا’جرا سويًا في تلك اللحظات ليقطـ.ـع بينهما الوصال بقوله:
_مش وقته أنتَ وهو، لمَ نروّح إن شاء الله أبقوا أعجـ.ـنوا بعض وقِلوا فأد’ب بعض إنما دلوقتي في ناس جوّه مستنية خليكم ولاد ناس بالذات أنتَ يا “يوسـف”.
أنهى حديثه وهو ينظر إلى ابن عمّه الذي تلاشت بسمتُه فجأةً وحلّت الصدمة مكانها، نظر إليه وكأنه لا يستوعب ما قاله “محمـود” قبل لحظات، شَعَر “عامـر” بالنصـ.ـر أمامه ولذلك ر’ماه بنظرةٍ ما’كرة ثمّ عاد خطوتين إلى الخلف ير’شقه بنظراته المحتقـ.ـرة، بينما لم يعلم الآخر للاستسلا’م را’ية ولذلك جاوبه بنبرةٍ لا تُنذ’ر بالخير بتاتًا:
_هعديها دلوقتي بمزاجي بدل ما أخليها تعدي على و’ش أمك، بس تعالى قابلني لو حد نجـ.ـدكم مِني بعدها.
في هذه الأثناء تحدثت “خديجة” بعد أن رأت “يوسـف” وقالت بوجهٍ مبتسم ونبرةٍ خافتة:
_شايفة الأشقـ.ـر اللي واقف قدامه عسول أزاي.
أبـ.ـطلت “أمل” أحلامها الور’دية قبل أن تُبـ.ـنى بقولها:
_متجوز يا حبيبتي وعنده بنـ.ـتين وبيعشـ.ـق مراته متحلميش.
عبست “خديجة” ثمّ ر’متها بحنـ.ـقٍ بطرف عينها ثمّ عادت تنظر إليهم حيثُ تجمعت العائلة في الأسفل وخرجت عائلة “أمل” لأستقبالهم بترحابٍ شـ.ـديدٍ ووجهٍ مبتسم، وأثناء النظر إليهم بشمولية توقفت عند “محمـود” الذي كان يجاور “عامـر” منذ أن جاءوا ويبتسم في وجوه الحاضرين..
لوهلة خا’نها قلبها وخـ.ـفق بعنـ.ـفٍ دون أيا تمهيداتٍ، كأن القلب وجد الغريب أخيرًا بعد رحلة بحثٍ طويلة استغرقت وقتًا طويلًا معها، لا تعلم لِمَ هو خصيصًا دونًا عن غيره فبالطبع هو لا يُشبه أخيه ولكنهُ يملُك شيئًا مختلفًا كانت تبحث عنهُ دومًا، وكأن القلب دليلٌ..
بعد مرور القليل مِن الوقت وتعرُف العائلتين على بعضهما بشكلٍ أكثر تعمقًا بدأت حفلة الخطبة التي جمعت العائلتين والأصدقاء المقربين للعروسين، كان “عامـر” ينظر لها بين الحين والآخر حينما تتثنى لهُ الفرصة ويندمجوا جميع مَن حوله، وكأنه يراها لأول مرَّة في حياته، كُلّما رآها خـ.ـفق قلبه بعـ.ـنفٍ وأعلن أمام عيناها عن عشقٍ لا ينتهي، برغم الصعو’بات؛ وبرغم الظروف المستحيـ.ـلة لم يستطع شيءٌ أن يقف أمام إرادة المولى عز وجل..
تقدّمت “هنـاء” بخطى هادئة مِنهما مبتسمة الوجه ويجاورها “عماد” الذي كان ينظر إلى ولده طيلة الوقت بوجهٍ مبتسم وعينان تفـ.ـيضان حُبًّا لهُ وفرحةً لا آخر لها، باركت “هنـاء” لـ “أمل” بوجهٍ مبتسم تزامنًا مع قولها الهادئ:
_مُبارك عليكي يا حبيبتي إن شاء الله تكون بداية خير ليكم وتكملوا المشوار سوى وتبـ.ـنوا حياتكم زي ما بتحلموا.
صافحتها “أمل” مبتسمة الوجه وقالت بنبرةٍ هادئة:
_الله يبارك فحضرتك، شكرًا.
نظرت “هنـاء” بعدها إلى “عامـر” الذي كان ينظر إليها بعينان تكسوهما لمعة الفرح والتأ’ثر، ابتسمت في وجهه وقالت بنبرةٍ حنونة:
_مُبارك عليك يا “عامـر” إن شاء الله تكون بداية جديدة وحياة جديدة ليك تبدأ فيها أول خطواتك، يمكن الظروف مكانتش أحسن حاجة ولا أدتك الفرصة تعرفني أكتر بس أنا حقيقي بتمنالك الخير وعارفة إنك هتكون قد المسؤ’ولية وعارفة إن أختيارك صح وعشان كدا أنا حبيت أوصيك على العسولة دي مِن دلوقتي، حطها فعـ.ـنيك ومتز’علهاش هي برضوا بنـ.ـت ناس وليها احترامها، وبعدين أنا شيفاها قمورة وهادية يعني غالبًا مش هنسمع صوتها بعدين إلّا لو حد طلبها.
قهقه “عماد” ومعه “عامـر” الذي رأى “هنـاء” في تلك اللحظة كما رآها أخيه، ليست مجرّد امرأة عادية، بل ستكون عوضًا لهم جميعًا على ما رأوه مع “زينـات” سواءً بمعاملة سـ.ـيئة أو تجا’هلٍ وتعالٍ، ففي عيناه لا يجب أن تتم المقارنة بينهما، هكذا قام بإقناع نفسه، قبل أن تتركه وتذهب أوقفها هو بنداءه حينما قال بنبرةٍ هادئة:
_طنط “هنـاء” ..!!
توقّفت “هنـاء” وألتفتت تنظر لهُ بوجهٍ مبتسم تنتظر سماع ما سيقوله، بينما نظر إليه “عماد” بتر’قبٍ منتظرًا رؤية وسماع ما سيقوله ويفعله فحتى تلك اللحظة كان يشعُر بتو’تره تجاهها وهذا ما كان يُخـ.ـيفه، ابتـ.ـلع “عامـر” غُصَّته وشَعَر قليلًا بالتو’تر ولكنهُ شجع نفسُه ونظر في عيناها وقال:
_أنا مش بكر’هك، ولا را’فض علا’قتك ببابا زي ما أنتِ فاكرة، أنا بس متاخد شوية ولسّه جوّايا قـ.ـلق لأن اللي شوفناه مكانش سهل علينا ولا حتى على بابا، بس لمَ شوفت حنيتك دلوقتي وفرحتك فعيونك عرفت ليه بابا أختارك وأصّر عليكي، عشان أنتِ قلبك أبيـ.ـض ومش متصـ.ـنعة ولا ليكي فجَو الفلوس والشوبينج والمظاهر، أنتِ فيكي حاجة مختلفة أول مرَّة نشوفها ودي عرفتني إنك غير السـ.ـت اللي قبلك، بابا بيحبك أوي وواثق إنك بتحبيه برضوا، متستنوش كتير وخدوا الخطوة وخليكم جنب بعض، يمكن “محمـود” يرجع لحالته القديمة تاني بسببكم، ولو عليّا فأنا موافق ومبسوط كمان وبقولكم متستنوش أكتر مِن كدا، خلّوا الشيخ “رمـزي” صاحب “يوسـف” يكتب كتابكم وتيجي تنورينا وتضيفي للبيت بهجته … مش كدا ولا إيه يا “عُمدة”؟.
كان “عماد” منبهرًا بحديث ولده الذي لم يكُن يتوقعه بكُلّ تأكيد ولكنه كان سعيدًا لتقبُل ولديه لها وترحيبهما بها بهذه الطريقة، ترقرق الدمع في عيناها وبسمةٌ هادئة أرتسمت فوق شفتيها ومِن ثمّ نظرت إلى “عماد” الذي بادلها نظرته في تلك اللحظة بأخرى حنونة تُعلن عن عشقٍ لا آخر لهُ قائلًا:
_كلامك كُلّه صح ومظبوط، دا أنا حتى عمّال أقنع فيها بقالي يومين وهي مش مصدقة، كويس إنها جَت مِنكم بدل ما تقول عليّا كد’اب وبجاملها بكلمتين ودي حلاوة بدايات وكدا.
خجـ.ـلت “هنـاء” ولم تستطع التحدث بشيءٍ بعد أن فاجئوها ثلاثتهم بأحاديثهم التي لا تُشير إلّا بالخير وطلب الوِد، نظر “عامـر” إلى أبيه بوجهٍ مبتسم ثمّ غمز إليه بطرف عينه اليُسرى وأشار تجاه “هنـاء”، بينما تفهّم “عمـاد” نظرة ولده ولذلك نظر لها وقال بنبرةٍ هادئة ير’فع عنها الحر’ج:
_طب أنا بقول نسيب العرسان مع بعض شوية قبل الد’وشة ما تبدأ وتعالي أعرّفك على أهل “أمل” إيه رأيك؟.
وافقت “هنـاء” على حديثه بعد أن هـ.ـزّت رأسها برفقٍ إليه وسارَت معهُ تجاههما دون أن تتحدث، بينما نظرت “أمل” لإثرهما بوجهٍ مبتسم ثمّ نظرت إلى “عامـر” وقالت بنبرةٍ هادئة:
_على فكرة شكلها عسول أوي وباينلها طيبة بجد.
_هي فعلًا كدا.
جاوبها بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه وهو ينظر لهما بعينان تشـ.ـعان حُبًّا لهما، فطالما والده سعيدًا ويضحك أمام عيناه فسيكون هو كذلك في أبهى صور السعادة والراحة، وستكتمل تلك الصورة بأخيه قريبًا وبعدها لن يُفكر في شيءٍ آخر.
___________________________
<“برغم إنتكا’س الجميع كان نقا’ءه حـ.ـيًا.”>
الحياة دروبٌ كثيرة متعددة الأبواب، ليس مِن الضروري أن يُجـ.ـبر المرء على شيءٍ لا يُريده، بل هو حُـ.ـرًا في أرض الله الواسعة بإمكانه إختيار أيُ دربٍ كيفما يشاء، ولكن ليست جميع نهاياتها تكون سعيدة، فخلف كُلّ بابٍ؛ يكون مصيـ.ـر المرء مكتوبٌ..
النقا’ء لا يُبا’ع ولا يُشترى، والر’حمة ليست شفقة يقوم بني البشر بتوزيعها كالسـ.ـلع، بل هي فطـ.ـرة وُولِدَ الإنسان عليها، أكثر أهل الجنة هم الرُ’حماء، مَن لا تقـ.ـسى قلوبهم حتى وإن تجر’عوا القسو’ة، وفي زمنٍ إنتشـ.ـرت فيه الفتـ.ـن والقسو’ة، كان هناك قلبًا ر’حيمًا مازال ينبـ.ـض بالحياة والأمل..
كان “رمـزي” عائدًا إلى منزله بعد أن أنهى عمله، يسير على قدميه مثلما أعتاد منذ زمنٍ، عيناه تجوب بين الجميع وفي أرجاء الشوارع والحواري والأز’قة، وكأنه يُخبر الجميع سـ.ـرًا أنَّهُ ابنًا لإحدى الحواري الشعبية القديمة، كان يرى الأر’صف يعلوها بائعين، نسا’ء وأطفال ور’جالًا شـ.ـيب الزمن خصلا’تهم وطرقت الحياة تجاربها على وجوههم..
وبرغم ذلك هو لم يهتـ.ـز داخليًا، برغم أنَّهُ يستطيع تقديم المساعدة ولكنهُ يرى أنهم يستطيعون أن يعملوا ويجلبون المال بعر’ق جبينهم، رأى متجرًا في نهاية الطريق خاصًا ببيع العصائر وخصيصًا عصير القصب ولذلك قادته قدماه إليه، كان المكان يضـ.ـج بالحيو’ية والأُناس أصواتهم تترك وصمتها في الأرجاء..
كان يرتدي سروالًا مِن خامة الچينز الأسو’د ويعلوه قميصًا أبيـ.ـض، كانت خصلا’ته تتحرك بخفةٍ بفعـ.ـل نسمات الهواء ولحـ.ـيته أعطته وسامته الكاملة، وقف أمام المتجر عيناه مثبتتان على قائمة الأسعار وكأنه يُفكر في نوع مشروبٍ جديدٍ غير الذي أعتاد عليه دومًا، وفي الأخير قدّم طلبه ودفع ثمنه وأخذه وذهب..
نظر إلى الحقيبة بوجهٍ مبتسم بعد أن جلب كوبين مِن مشروب “تسنيم” المفضّل وأثناء سيره توقّف فجأةً بعد أن سقـ.ـطت عيناه على شيءٍ لفت إنتباهه، متجرٍ صغيرٍ ومُتها’لك بين العديد مِن المتاجر الجذ’ابة صاحبه ر’جلٍ عجوز الشيـ.ـب غطى على خصلا’ته وبشرته غطـ.ـتها تجارب الحياة وتركت إثرها عليها..
بدون تردد قادته قدميه نحوه بعد أن آ’لمه قلبه وبدأ صوته الإنساني بد’فعه، وقف على أعتاب المتجر وعيناه تجوب بداخله، مُتها’لكٍ وصغيرًا للغاية وما بهِ ليس الكثير، ابتلـ.ـع غُصَّته وقال بنبرةٍ هادئة:
_السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا حج.
نظر إليه الر’جُل العجوز وعيناه تسرد مر’ارة الزمن، رد عليه بنبرةٍ ضـ.ـعيفة وقال:
_وعليكم السَّلام ورحمة الله وبركاته، أتفضل يا ابني حابب تسأل عن حد؟.
تعجب “رمـزي” مِن سؤاله ولذلك نـ.ـفى حديثه وقال:
_لا أبدًا يا حج، بكام باكو البسكويت دا يا حج؟.
تفاجئ العجوز مِن سؤاله وظهر ذلك على معالم وجهه ولذلك أبتسم بسمةٌ خـ.ـفيفة تكادُ لا تُرى ثمّ قال بنبرةٍ يشو’بها الحسـ.ـرة:
_تصدق وتؤمن بالله يا ابني.
_لا إله إلا الله يا حج.
تحدث العجوز بنبرةٍ باكية وبدأت عيناه تزرف الدموع بتأثرٍ بقوله:
_أنا أول مرَّة حد يسألني على سعر حاجة مِن شهرين.
تأثر “رمـزي” كثيرًا وآ’لمه قلبه حينما رآه يبكي أمامه مكملًا حديثه:
_كُلّ اللي بييجي بيسأل عن حد هنا ويمشي، مِن شهرين مبعتش حاجة وحالي واقف وأنا را’جل على باب الله لا حول بيا ولا قوة مستني ربنا يمن عليا ويبعتلي لقمة عيش حلا’ل أكل بيها وأعيش بخيرها لحد ما أمو’ت واقابل وجه كريم، دلوقتي السوبر ماركات ملـ.ـت الدنيا زي ما أنتَ شايف هو رزق ربك ودا أكل عيشهم بس بفكر فنفسي برضوا حتى لو هبيع باكو بسكويت زي دا كدا أنا راضي.
أدمعت عينان “رمـزي” الذي لم يفعل شيئًا سِوى أنَّهُ تقدَّم مِنْهُ وانحنى بنصفه العلو’ي نحوه يُلثم رأسه بحنوٍ ثمّ ربّت على كتفه برفقٍ وقال بنبرةٍ هادئة بعد أن أبتسم في وجهه:
_أنتَ را’جل طيب وقلبك أبيـ.ـض وعشان كدا ربنا هيكافئك وهيباركلك فلُقمة عيشك طول ما أنتَ بتاكلها بالحلا’ل يا حج، ربك كبير وشايف وعارف حال عباده، وأديه بعتلك واحد طيب زيي عشان ييجي يشتري مِنك، دا أنتَ بر’قبة مليون سوبر ماركت يا حج، ربنا يرزقك مِن حيثُ لا تحتسب … مش هتقولي بقى باكو البسكويت دا بكام.
ر’فع العجوز كفه وأزا’ل عبراته بهدوءٍ مجيبًا إياه بنبرةٍ باكية:
_بـ ٥ جنيه بس.
_يا ر’اجل، بـ ٥ جنيه بس؟ دا أنا فكرتك هتقولي بـ ١٠ جنيه زي ما بيتبا’ع برّه، دا أنتَ على كدا لُقـ.ـطة بقى ولو حد عرف هييجوا يعملوا مظا’هرات قدام المحل تاني يوم.
مازحه “رمـزي” بحديثه ليراه أخيرًا يبتسم، عيناه أبتسمت قبل فمه ونظر لهُ، بينما أبتسم “رمـزي” وربّت فوق كتفه برفقٍ وقال بنبرةٍ هادئة ومتسائلة:
_طب عندك علبة مقفو’لة ولا دي بس؟.
نهض العجوز وكأنه لا يُصدق نفسُه مجيبًا إياه بنبرةٍ تغلغـ.ـلتها السعادة قائلًا:
_آه عندي جوّه علب مقفو’لة ثوانِ هجيبلك.
أتسعت أبتسامة “رمـزي” فوق شفتيه بعد أن رأى سعادته لكونه سيـ.ـبيع عُلبة بسكويت فقط، هـ.ـزّ رأسه بقلـ.ـة حيلة وأخرج زفرة عميقة تزامنًا مع قوله اليا’ئس:
_لا حول ولا قوة إلا بالله، فـ.ـك كر’ب عبيـ.ـدك يا ربّ.
لحظات وعاد إليه الر’جُل العجوز مِن جديد وهو يحمل العُلبة بين كفيه ينظر إلى “رمـزي” بوجهٍ مبتسم قائلًا:
_مقفو’لة أهي، بألف هنا على قـ.ـلبك.
أخذها مِنْهُ “رمـزي” مبتسم الوجه ثمّ قال بنبرةٍ هادئة بعد أن أشار إلى إحدى أنواع الحلوى:
_طب عندك علبة مِن الكيكة دي برضوا.
نظر العجوز إلى ما يُشير إليه “رمـزي” لينفـ.ـي حديثه بقوله بأسفٍ:
_لا واللهِ يا ابني للأسف دول آخر حاجة عندي.
أخذ “رمـزي” ما تبقى في العُلبة ومازحه حتى لا يُشعره بالخجـ.ـل أو بالشفـ.ـقة قائلًا بوجهٍ مبتسم:
_طب أنا هستأذنك يا حج هاخدهم لأن المدام بتحب الكيكة دي أوي ومبتدخلنيش البيت مِن غيرها وأنا لافف مِن الصبح عليها لحد ما جيتلك، بدل ما تبيتني عند الحجة النهاردة هيبقى شكلي و’حش أوي.
قهقه العجوز بعد أن أستمع إليه وجاوبه بنبرةٍ ضاحكة وطيبة لم تعُد حاضرة بين البشر إلّا القليل:
_ربنا يباركلك فيها ويحفظها، خُدهم كُلّهم مرضالكش تبات عند والدتك عشانها، وبعدين بتدلع شوية سيبها تتدلع عليك هما الستا’ت كدا يحبوا الدلع إسألني أنا.
أندهش “رمـزي” ور’ماه بنظرةٍ مذهولة وبسمةٌ هادئة أرتسمت فوق شفتيه تزامنًا مع قوله الهادئ:
_يا سيدي يا سيدي دا أنتَ شكلك كُنت جا’مد زمان بقى ومكانش فيه زيك.
قهقه العجوز بخفةٍ وقال بنبرةٍ ضاحكة:
_أيوه أومال إيه، هو أنا قـ.ـليل برضوا دا أنا قد’يم أوي وفاهم الدنيا كويس أوي وعارف نقاط ضـ.ـعفهم كويس.
اتسعت بسمةُ “رمـزي” أكثر والذي قال بنبرةٍ مرحة:
_أنتَ معلم وإحنا مِنك بنتعلم يا كبير، خلاص هعمل بنصيحتك وحفاظًا على برستيجي قدام الناس، مبقاش بصلي بيهم وأنا المفروض فنظرهم شيخ وقدوة وبيتقال فيه أشعار وفالأساس متهز’ق ومطر’ود يعني.
قهقه العجوز مجددًا هذه المرة باتساعٍ، وكأن الضحكة كانت نابعة مِن القـ.ـلب، د’فع لهُ “رمـزي” حق ما اشتراه مِنْهُ وقبل أن يتركه ويرحل ودّعه وكأنه رفيقًا لهُ ثمّ أخرج كوبًا مِن الكوبين الذي كان يحتوي على مشروبٍ مثلج اشتراه مِن متجر العصير وأعطاه إياه بقوله الهادئ:
_خُد يا حج روّق على نفسك، طلعت مِن نصيبك.
نظر العجوز إلى الكوب الذي كان يحتوي على مشروبًا بُنـ.ـي اللو’ن لينظر بعدها إلى “رمـزي” وقد سأله بنبرةٍ هادئة:
_إيه دا يا ابني؟.
_دا عصير حلو، طعمه شوكولاتة جرّبه مِني ليك عشان أنتَ تستاهل كُلّ خير.
ترقرق الدمع في المُقل وقد طالعه العجوز بنظرةٍ حانية وقال بصدقٍ تام:
_روح يا ابني ربنا يراضيك ويفرّح قلبك ويسعدك ويجبـ.ـر بخاطرك زي ما جبـ.ـرت بخاطري وراضيتني.
أتسعت بسمةُ “رمـزي” ولمعت عيناه بوميضٍ يعكس فرحته الدا’خلية بما حققه حتى وإن كان الأمر بسيطًا، ربّت فوق كتفه برفقٍ وقال بنبرةٍ هادئة:
_دعوتك ليّا أهم حاجة عندي يا ر’اجل يا بركة، ربنا يراضيك ويفـ.ـك كر’بك ويفتحلك أبواب الخير كُلّها.
وبعد لحظات ذهب “رمـزي” تاركًا العجوز خلفه يُطالعه بعيناه الدامعة التي كانت تعكس فرحته الدا’خلية بموقف هذا الشا’ب الحنون، كانت مفاجأة غير متوقعة بالنسبةِ إليه ولكن هكذا كان “رمـزي”، بينما كان “رمـزي” يسير والسعادة تغمره والبسمةُ تزين شفتيه والراحة تملئ صد’ره، فعلٍ بسيطٍ كهذا جعله أسعد بشـ.ـريٍ على وجه الأرض..
عاد إلى حارته وقبل أن يصعد إلى شقته توقّف حينما رأى “يعقـوب” يجلس في ردهة البِنْاية الماكث بها شارد الذهن، وبدلًا مِن أن يُكمل طريقه ويصعد إلى شقته غيّر مساره وأتجه نحوه بخطى هادئة بعد أن عقد عزيمته بالاطمئنان عليه قبل أيُ شيءٍ آخر يفعله..
_السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مالك يا حزين قاعد شا’يل طاجـ.ـن ستك كدا ليه.
نطـ.ـق بها “رمـزي” بعد أن وقف أمامه وعيناه تفحـ.ـصه باهتمامٍ، وكأنه يبحث عن شيءٍ فُقِـ.ـدَ بالفعل ولم يتم العثور عليه، ر’فع “يعقـوب” عيناه المر’هقتين نحوه ينظر لهُ هُنَيهة ثمّ قال بنبرةٍ هادئة:
_مفيش، قاعد مع نفسي شوية عادي.
نفـ.ـىٰ “رمـزي” قوله حينما قال بنبرةٍ هادئة:
_لا مش عادي، هو أنا معرفكش يعني، مالك يا عمّ هو أنا غريب وخا’يف تحكيله.
أبتسم “يعقـوب” ساخرًا ور’فع بصره إليه يُطالعه بنظرته المتهكـ.ـمة ثمّ جاوبه بنبرةٍ هادئة وقال:
_أتوكس يا موكوس، إيش جاب لجاب، أنتَ أكتر واحد حافظني وعارفني كويس أوي يا “رمـزي”، مش هعرف أخـ.ـبي عليك أو أز’علك.
أخرج “رمـزي” زفرة عميقة ثمّ أخرج كيس بسكويت مِن العُلبة الكرتونية التي اشتراها مِن الر’جُل العجوز قائلًا:
_خُد روّق على نفسك مش مستاهلة أقسم بالله.
نظر “يعقـوب” إلى كيس البسكويت المُغلّف ثمّ مدّ يَده وأخذه مِنْهُ قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_تسلم.
نظر إليه “رمـزي” وقال بنبرةٍ هادئة متسائلة:
_مالك بقى قاعد كدا ليه وسرحان ولا كأن الدنيا حا’طة حمو’لها كُلّها فوق د’ماغك.
زفر “يعقـوب” بعمقٍ وجاوبه بنبرةٍ هادئة بقوله:
_هي كدا فعلًا، مِن ساعة موضوع الخـ.ـلفة دا والدُنيا مش متظبطة، “زُبيدة” طول الوقت خا’يفة وقلقا’نة، د’ماغها مبتبطلش تفكير وعلى طول سرحانة والموضوع شاغـ.ـلها أوي، أنا عن نفسي مش فا’رق معايا صدقني، اللي يهمني إنها جنبي أنا مبفكرش فالخـ.ـلفة وحتى لو ربنا أراد أنا مش هز’عل وقتها بالعكس، فرحتنا هتكون واحدة عشان دا حلمنا، بس زي ما تقول سـ.ـلبيات الموضوع لسّه مأ’ثرة علينا ومخليا المخا’وف جوّانا بتزيد كُلّ شوية، نفسي أطمنها واللهِ يا “رمـزي” بس مش عارف، كُلّ ما بحاول معاها مبتكملش ٥ ساعات على بعض ود’ماغها بتبدأ تشتغل تاني، حاسس إن البيت متعفر’ت وفي حاجة خـ.ـنقانا بس مش عارف أتخلّـ.ـص مِنها.
كان “رمـزي” يستمع لهُ بحواسه بإنصاتٍ شـ.ـديدٍ وكأن الأمر بالنسبةِ إليه حياة أو مو’ت، لم يكُن مجرّد نقا’شٍ عاديٍ بينهما، بل كان أكثر مِن ذلك بكثيرٍ، ابتـ.ـلع غُصَّته بتروٍ وأخرج زفرة عميقة تزامنًا مع قوله:
_حاسس بيك وعارف إن دا مش مجرّد كلمتين بتقولهم عشان تحسّ بالراحة بعدها، كُلّ اللي أنتَ بتقوله وحاسس بيه دا شيء طبيعي أنتوا خارجين مِن معر’كة كبيرة أوي كانت كفيلة إنها تد’مّر كُلّ حاجة بينكم وتنـ.ـهي قصتكم بنها’ية ظا’لمة للطرفين، بس ربك كبير وعالم بحالكم وعشان كدا هيجازيكم خير صدقني، قريب أوي ربنا هيكرمكم ويرزقكم بدل العيل ٢ و ٣ كمان، أصبر بس دا إختبار مِن ربك ليك بيختبر فيه صبركم، واسيها وخليك معاها هي غصـ.ـب عنها برضوا هما بيكونوا حساسين زيادة عننا ودي طبيعتهم، خُدها فحُضنك وطبطب عليها هي محتاجاك أنتَ دلوقتي أكتر مِن أي وقت تاني.
جاوبه “يعقـوب” بنبرةٍ هادئة وهو ينظر بأ’سى في عيناه قائلًا:
_بحاول أقسم بالله ومبسيبهاش لحظة واحدة لد’ماغها، بخرّجها هنا وهنا وبحاول أعمل معاها ذكريات حلوة تعوّض كُلّ الو’حش اللي مرينا بيه، تخيّل بقالنا سنين مع بعض ملناش ولا صورة حلوة تجمعنا زي أي أتنين متجوزين، الحياة كانت صعـ.ـبة علينا أوي يا صاحبي وشوفنا فيها مُـ.ـر، بس دلوقتي بحاول أعوّضها وأعوّض نفسي معاها، أنا برضوا أتأ’ذيت زيّها مِن أقرب الناس ليّا فعشان كدا حاسس بو’جعها، هحاول معاها تاني؛ هي تستا’هل بصراحة إني أفضل جنبها طول الوقت هي عملت كتير أوي عشاني وأنا جا’زيتها بطريقة تخجـ.ـل، فحابب أكون جنبها لحظة بلحظة، ولو على الخـ.ـلفة ربك كبير لو رايدلنا هنخـ.ـلف أكيد ولو لا إحنا برضوا راضيين كفاية هي ماليا عليّا حياتي.
اتسعت بسمةُ “رمـزي” الذي لا’مس حديث رفيقه قلبه، ربّت فوق كتفه برفقٍ بوجهٍ مبتسم وقال بنبرةٍ حنونة:
_الله ينوّر عليك يا صاحبي، هو دا الكلام المظبوط، الحياة لسّه قدامكم متستعجلوش، أفرحوا وأخرجوا وسافروا، عوّضوا نفسكم عن المُـ.ـر اللي عشتوه وعوضكم هييجي فجأة بدون ما تكونوا عاملين حسابكم … ودا يا عمّ مِني ليها.
أنهى حديثه وهو يُعطيه كيسًا آخر مِن البسكويت، أبتسم “يعقـوب” في وجهه وأخذه مِنْهُ شاكرًا إياه ثمّ أكمل حديثه بقوله:
_تعيش وتجيب لحبايبك، أدعيلنا أهم حاجة وأنتَ بتصلي، وأنا ربنا يقدرني وأعمل اللي عليّا وبزيادة عشان مكونش مأثر فحقها، تصدق إن كلامك حفزني شوية … هقوم أدلعها دلوقتي وأجيبلها الحلويات اللي بتحبها.
وافقه “رمـزي” القول بقوله الداعم لهُ:
_جدع وبتفهم، قوم يلا شوف مصالحك وأنا كمان هطلع أدلع عشان أنول الرضا، لاحسن لو الواحد لمَ بيد’ب خنا’قة ولا يشـ.ـد فالكلام وتروح شغلك الحال بيقف.
ضحك “يعقـوب” ونهض واقفًا يُز’يل الأتر’بة عن بنطاله القماشي قائلًا بوجهٍ مبتسم ونبرةٍ ضاحكة:
_آه واللهِ عندك حق، أول إمبارح شـ.ـدينا قصاد بعض الصبح قبل ما أنزل وكانت على حاجة تافهة أقسم بالله هي عا’ندت وأنا عا’ندت قصادها هي تقسم وأنا أقسم لحد ما سيبتها وروحت الشغل أقسم بالله حالي كان واقف طول اليوم تقولش د’عت عليّا بو’قف الحال فساعة غضـ.ـب فربّنا استجاب لدُعاءها، رجعت آخر اليوم ور’قبتي قد السمسمة بوست راسها وإيديها وصالحتها بكلمتين حلوين ونولت الرضا بعد عذ’اب أقسم بالله.
قهقه “رمـزي” ووافقه الحديث وأنهى بقوله الهادئ:
_ربنا يصبرنا واللهِ يا خويا ونتلـ.ـم بدل ما نتقر’ص كُلّ شوية كدا، يلا شوف حالك وأنا هطلع أراضيها برضوا زيادة أمان لتكون في حاجة شيلا’هالي جوّاها وساكتة.
وبعد مرور دقائق قليلة..
ولج “رمـزي” إلى شقته مغلقًا الباب خلفه ليسمع صوت أنثو’ي طفولي يصر’خ بهِ بتلهفٍ وفرحة، بسمةٌ واسعة أرتسمت فوق شفتيه حينما رأى “قمره” تحبو نحوه بسعادةٍ شـ.ـديدة وتردد أسمه بحما’سٍ طفولي، جلست أمام قدميه ورفعت ذراعيها الصغيران نحوه تدعوه لحملها، وأمامها هو لا ينتظر؛ ترك الحقائب فوق سطح الطاولة وانحنى نحوها يحملها مِن أسفل ذراعيها إليه..
لثم خَدِّها الصغير بقبلةٍ حنونة ثمّ نظر إلى عيناها وقال بنبرةٍ حنونة:
_إيه الجمال دا كُلّه، دي ماما مدلعاكي عالآخر.
تشبـ.ـثت أناملها الصغيرة بلحـ.ـيته المنمقـ.ـة بفرحةٍ طفولية وبدأت تردد عليه كلمة بابا وكأنها تكفاءه على شيءٍ لم يحققه هو، منحها قبلة أخرى وقال بنبرةٍ هادئة:
_أحلى كلمة بابا بسمعها مِنك.
خرجت “تسنيم” في هذه اللحظة وهي تحمل “عمّار” على ذراعها تهدهده لتراه قد عاد لتوِّه، أبتسمت حينما رأت تعلُـ.ـق أبنتها بهِ ولذلك قالت بنبرةٍ هادئة:
_حمدلله على سلامتك.
نظر لها مبتسم الوجه ثمّ تقدّم مِنها ومنحها قبلةٌ هادئة على جبينها وقال:
_الله يسلمك، ألحقـ.ـيني بالأكل بسرعة لاحسن أنا راجع مـ.ـيت مِن الجوع.
جاوبته وهي تهدهد صغيرها الذي بدأ يئـ.ـن قائلة:
_جاهز بس “عمّار” مش مديني فرصة أعمل أي حاجة وشغال زن.
ترك “رمـزي” صغيرته وأخذ “عمّار” مِنها يهدهده برفقٍ، بينما تركته “تسنيم” وولجت إلى الداخل حتى تقوم بوضع الطعام كي يأكل زوجها الذي يبدو عليه الإر’هاق، جلس “رمـزي” فوق الأريكة ولثم خَدِّه الصغير بحنوٍ وقال:
_طالع حلو لأمك، طب مش كُنت خدت حاجة مِني عالأقل، ولا هتاخد طبع مِن طباعي.
نظرت إليه “قمر” في هذه اللحظة وأ’كلت الغير’ة قـ.ـلبها الصغير ولذلك بدأت تئـ.ـن بضيـ.ـقٍ وترفع يَديها الصغيرة نحوه وهي تنظر لهُ بعينان لامعتين، فهي كذلك تمـ.ـلُك الحق في أن تحظى بهذا الدلال، نظر إليها وأبتسم لها ولذلك حملها كذلك على ذراعه الآخر وبدأ يد’اعبهما معًا ويُقبّل كلاهما، فمثل هذه اللحظات لا تأتي كثيرًا ولذلك كان يجب عليه أن يقوم باستغلا’لها، فلا شيء أثمن مِنهما إليه، فهما الكنز الحقيقي الذي يملُـ.ـكه.
__________________________
<“طوىٰ صفحة سو’دا’ء وكتب بداية جديدة.”>
كانت “نورا” تجلس في غرفة المعيشة تشاهد التلفاز بهدوءٍ بعد أن غفىٰ صغيرها داخل أحضانها بعد أن أهـ.ـلكه اللعب، بينما كان “حسـن” يقف أمام الرخا’مية يقوم بسـ.ـكب قهوتها في الكوب بهدوءٍ وهو يُفكر كيف يُرضيها فحتى هذه اللحظة الجفـ.ـاء مازال يُسيـ.ـطر على علا’قتهما، أخذ الكوبين وخرج لها بخطى هادئة وهو حتى هذه اللحظة يُفكر ماذا عليه أن يفعل حتى يكسـ.ـر هذه البر’ودة التي كانت عا’ئقًا بينهما..
وضع الكوبين على سطـ.ـح الطاولة أمامها ثمّ نظر إلى صغيره الساكن في أحضانها ليَمُد كفيه نحوه قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_هاتيه أدخلُه جوّه عشان ينام مرتاح أكتر.
نظرت إليه “نورا” وقد فهمت ما يُحاول فعله ولا يستطيع، تركته يأخذه إلى الداخل وعيناها تتابعه دون أن تتحدث، أخرجت زفرة عميقة ثمّ رأته يعود لها بعد لحظات ومِن ثمّ جاورها في جلستها دون أن يتحدث، أكتفى فقط بمشاهدة التلفاز وعيناه تقولان ما يعجـ.ـز فمه عن البوح بهِ، أخرج زفرة عميقة ونظر إلى خاتم زواجه الذي كان يُعانق بنصره الأ’يسر قليلًا وكأنه يُحاول أن يُرتب الكلمات في رأسه قبل أن يقولها..
نظرت إليه “نورا” في هذه اللحظة إليه بطرف عينها بعد أن رأت تردده الشـ.ـديد في نظراته وحركاته البسيطة، كانت تعلم جيدًا أنَّهُ يُجاهـ.ـد نفسُه ويُحاول ولكن لا يمـ.ـلُك أمامها الجر’أة الكافية لقول ما يُريده، ابتلـ.ـعت غُصَّتها بتروٍ وقالت بنبرةٍ هادئة:
_أتكلم لو عايز تتكلم.
تيّبـ.ـس جسـ.ـده للحظات بعد أن فاجئه حديثها، حُبِـ.ـسَتْ أنفاسه بُرهةٍ مِن الوقت ثمّ نظر إليها ليراها تنظر إليه وتنتظر سماعه، أخرج زفرة عميقة وتحدث بعد لحظات قائلًا:
_محتاج أتكلم فعلًا، بس مش عارف أبدأ كلام معاكي منين، جوّايا كلام كتير أوي ومش عارف أرتبه.
جاوبته بنبرةٍ هادئة وهي تنظر إليه قائلة:
_عادي أتكلم زي ما أنتَ عايز وأنا هسمعك.
تردد في بادئ الأمر قليلًا، ولكنه قرر أن يتخذ القرار ويقول ما يريده، نظر في عيناها للحظات وكأنه يبحث عن الغـ.ـضب فيهما ولكنه رأى الهدوء يُغلفها، بدأ يتحدث بنبرةٍ هادئة بقوله:
_عارف إنك مصفيـ.ـتيش مِن ناحيتي، ودا حقك أنا مش بلو’مك، بس الموضوع طوِّل معانا وأنا بدأت أمِل مِن الروتين دا، “نورا” أنا عايز حياتنا تتحسن للأحسن، عايز نعيش زي أي أتنين متجوزين ومبسوطين، آه مفيش بيت بيخـ.ـلوا مِن المشا’كل بس فإيدينا نحلها ونعديها، كُلّ ما أبُص فوش “مُراد” ألاقيه خا’يف ومش مرتاح، وكأنه حا’سس بالجـ.ـفا اللي بينا بس مش عارف يعبّر عن خو’فه، “نورا” أنا عايز حياتنا تكون أحسن عشانا وعشان “مُراد”، أنا معتر’ف إني غـ.ـلطان وأتسرعت وبعتذرلك عن اللي حصل مِني آخر مرَّة مش هتتكرر تاني بس … عشان خاطر اللي بينا وعشان أبننا كفاية لحد كدا.
يأمل أن ينتهي هذا الخصا’م ويعودان كما كانا في السابق فهو بدونها لا شيء، وهذا أتضح إليه في الآونة الأخيرة، كان ينظر لها وكأنه يرجوها سـ.ـرًا أن تقبل أعتذاره وأن تصفح عن ما مضى وتمضي معهُ قُدُمًا، فكّرت في الأمر قليلًا بينها وبين نفسها ووجدت أنَّهُ محقٌ في قوله فإلى متى سيستمر بهم هذا الأمر..
نظرت إليه بعد أن فكّرت قليلًا ثمّ قررت كـ.ـسر حِدَّ’ة هذا الصمت بقولها:
_معنديش مشـ.ـكلة، أساسًا أنا الموضوع بالنسبة لي خلصان مِن آخر مرَّة قعدنا فيها مع بعض، وأنا حاولت أبينلك إني عادي بس أنتَ لسّه مصمم تتعامل وكأني شا’يلة مِنك، أنا سامحتك، بس دا مكانش يمـ.ـنع إني كُنت شا’يلة مِنك جا’مد، بس دلوقتي تمام، أنا صا’فية.
نظر لها وهو لا يُصدق ما تسمعه أذنيه، فبالتأكيد هو يحلُم؛ تبسمت ضاحكة في وجهه بعد أن قررت منحه فرصةٌ أخرى، بينما كان هو مصدومًا ولكن بنفس اللحظة سعيدًا، فتلك هي اللحظة التي كان يسعى لها وهي لم تبخـ.ـل عليه في أن تمنحه إياها، وبلحظة ضمها إلى أحضانه والبسمةُ ترتسم فوق شفتيه بإتساعٍ..
_واللهِ أنا بحبك، ومِن غيرك بحسّ إني تا’يه.
همس لها بالقرب مِن أذنها وكأنه يفصح عن سـ.ـرٍ يخشى كشـ.ـفه، كانت عيناه تبتسم قبل شفتيه وكأنه ملك السعادة لنفسُه، بينما أبتسمت هي وبادلته عناقه قائلة بنبرةٍ صادقة:
_وأنا كمان بحبك.
قبّل رأسها بحنوٍ وقال بنبرةٍ هادئة تغمرها الفرحة:
_مش هنزعل تاني مِن بعض، ولو عملت حاجة ضا’يقتك مِني وا’جهيني بيها وعرفيني، متكـ.ـتميش جوّاكي تاني.
جاوبته بنبرةٍ هادئة في تلك اللحظة قائلة:
_يبقى تخلّي بالك بعد كدا بقى، بدل ما أستعين بماما “ثُريا” بعد كدا.
أبتعد عنها قليلًا ينظر لها نظرةٍ ذات معنى ليرى التحد’ي في عيناها يشتعـ.ـل، أخرج زفرة عميقة وقال بنبرةٍ هادئة:
_ماشي يا “نورا” ألو’ي د’راعي حلو، مسيري فيوم أمسـ.ـكك مِن درا’عك اللي بيو’جعك ونكون خالصين.
_لو تقدر أعملها.
هكذا ردت عليه وكأنها تُعا’نده وهي تر’ميه بطرف عينها مبتسمة الوجه، وأمامها لم يستطع أن يظل جادًا طويلًا وفي الأخير تبسم ضاحكًا وضمها مجددًا إلى د’فء أحضانه مربّتًا فوق ظهرها برفقٍ والر’احة تغمر قلـ.ـبه، فما كان يُحا’رب نفسُه بهِ طيلة الفترة السابقة قد نا’لَ مِنْهُ اليوم وأصبح يمـ.ـلُك السعادة بين يَديه حينما تمنحه بسمةٌ هادئة مِنها.
___________________________
<“خطى أولى خطواته نحو سعادته.”>
في جهةٍ أخرى بعيدة عن تو’تر الأحد’اث..
كانت “هنـاء” تقف بين “أمل” و “عامـر” مبتسمة الوجه بعد أن أ’صّرت “أمل” أن تكون هُناك أ’نثى تضع خاتم خطبتها في إصبعها، وأمام ر’غبتها وافق “عامـر” واحترم ر’غبتها وأختار “هنـاء” لتتولى هذه المهـ.ـمة في دعوةٌ صادقة مِنْهُ لتلبية هذا الطلب، أخذت الخاتم الذهبي الخاص بها وقامت بإد’خاله في بنصرها الأيمن ومعه محبـ.ـسها تحت الزغاريد التي إنتشـ.ـرت في أرجاء المكان عا’ليًا..
أبتسمت “أمل” بفرحةٍ عا’رمة وهي تتطلّع إليه وكأنها مازالت لا تُصدق حقيقة تلك اللحظة، بينما أخذت “هنـاء” الخاتم الفضي وأد’خلته في بنصر “عامـر” الأ’يمن وقالت بنبرةٍ تغمرها الفرحة:
_مُبارك يا حبيبي، ربنا يتمملك على خير وتكون أيامك اللي جايّه كُلّها فرحة وهنا.
أبتسم لها “عامـر” ولمعت عيناه بوميضٍ يعكس شعوره الد’اخلي وتأ’ثره بتلك اللحظة قائلًا:
_الله يبارك فيكي، شكرًا مِن قلبي إنك كُنتي معانا فاللحظة دي.
جاوبته “هنـاء” بنبرةٍ حنونة وبوجهٍ مبتسم قائلة:
_ومعاكم فكُلّ أيامكم الجايّه سواء كانت حلوة أو و’حشة.
تقدّم “عماد” وبارك إلى “أمل” بفرحة أبًا قائلًا بوجهٍ مبتسم:
_مُبارك يا حبيبة قلبي، مِن اللحظة دي أنتِ بقيتي بنتي خلاص، واللي يز’علك مِنهم تشتـ.ـكيلي وتشوفي أنا هعملك فيهم إيه، مش هتوصى بيهم وعد.
أبتسمت إليه “أمل” وقالت بنبرةٍ صادقة:
_أكيد يا عمو شرف ليّا.
_دا أنتِ با’يعة مِن أولها، لا لو الوضع هيمشي كدا نفُـ.ـضها أحسن.
هكذا رد “عامـر” بعد أن أستمع إلى حديثهما سويًا وهو غير راضٍ عمَّ يسمعه، ولكن في اللحظة التي ظن فيها أنه أصبح وحيدًا وأبيه أخذ صف خطيبته تدخلّت “هنـاء” قائلة بنبرةٍ جادة:
_وماله يا حبيبي خلّيه ياخد صفها، وأنا هكون فصفك والبقاء للأقو’ى بقى، خلّينا نشوف هيفضل واقف قصادي لحد أمتى.
شَعَر “عامـر” بالنصـ.ـر في هذه اللحظة ولذلك نظر إليه أبيه نظرة تحـ.ـدٍّ واضحة منتظرًا تلقي الرد، كان “محمـود” يُتابع بعيناه مبتسم الوجه ولأول مرَّة يشعُر بهذه الراحة والسعادة وكأن “هنـاء” كالعقار إليهم يشـ.ـفي ما لم يمـ.ـسه بضـ.ـرٍ، نظر لها “عماد” نظرة تحـ.ـدٍّ وقال:
_حلو، وأنا قبلت التحد’ي، البقاء للأقو’ى بقى وخلّيها تنفعك.
أبتسم “عامـر” بسمةٌ جانبية وقال بنبرةٍ ما’كرة:
_هتنفعني، عالأقل هتنـ.ـصفني وهتعرف تمسكك مِن إيدك اللي بتو’جعك وتدخلك مِن ثغـ.ـراتك يا “عُمدة”..
نظر في تلك اللحظة إلى “هنـاء” وهمس لها قائلًا:
_لو مش عارفة ثغـ.ـراته هعرّفهالك كُلّها ثغـ.ـرة ثغـ.ـرة ومش هوصيكي عليه بقى.
_تصدق إنك وا’طي وتربيتي مفلحتش فيك.
كان هذا رد “عمـاد” الذي أغتا’ظ مِن قول ولده ولذلك تعا’لت الضحكات مِن حولهم ومِن بينهم “محمـود” الذي كانت عيناه تلمعان بسعادةٍ غير مسبوقة، وكأنه وُولِدَ مِن جديد ويعيش أسعد لحظات حياته، وبين هذه الأجواء عيناه كانت تذهب إلى “خديجة” التي كانت سعيدة لصديقتها وبنفس الوقت تنظر لهُ، وكأن القلوب التا’ئهة ألتقت دون سابق إنذ’ار، وتوّلت ز’مام الأمور؛ فالحُبّ كنسمة الهواء البا’ردة، تُصيـ.ـب القشعريرة؛ وتترك إثرها في الأرجاء، وكان القـ.ـلب دليله؛ يقوده وهو يسير خلفه كيفما يشاء، فهذا هو الحُبّ وهكذا هم العشا’ق.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية جعفر البلطجي 3)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *