روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الخامس عشر 15 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الخامس عشر 15 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك البارت الخامس عشر

رواية أترصد عشقك الجزء الخامس عشر

رواية أترصد عشقك الحلقة الخامسة عشر

 كان طيرا مهاجرا بعيدا عن موطنه

بحث عن الدفء وناشده ليقابله برودة وجفاء

برودة تسللت بخبث الي مسامات جسده

إلا أن انتفاضة حدثت في جسده جعله يشد رحاله ويعود الطير المهاجر إلى أهله

رغم أنه أغرم علي أن يترك بلده اكراها .. ولم يكن بيده حيلة

لكن ما جذبه هي أواصر عائلته التي تشتاقه .

الدموع تهبط من عيني عايشة وهي تمرر يدها بحنان علي خصلات ابنها البكري ، لا تصدق انه كبر دون أن يكون أمام عينيها ، نبضات قلبها تئن بوجع علي فراقه الذي اسلخ روحها عن جسدها ،، البيت كان كئيبا من عدم وجوده

لكن بعودته

اتي الاشراق ليتسلل شعاع الشمس بخبث الي ارجاء البيت

البسمة وصلت لقلبها سريعا قبل أن تصل الي شفتيها ..

حمدت ربها أن حبيبها وصل سالما غانما دون أي أثر اصابة .

زفرت بيسان حانقة وهي تحمل طبقا آخر من المحشي وتتجه به نحو طاولة الطعام ، تلك ثالث مرة تعبأ الطبق وذلك الشره لم يشبع … كتمت غيظها وهي تحاول ألا تنغص فرحة خالتها التي لم تكف عن الابتسام قط ، وضعت الطبق ببعض الحدة ليقول غسان وهو يربت على معدته قائلا

– ياأمي بكفي معدتي رح تنفجر من الاكل

قالت عايشة بأمومة وهي ترى نحول وجهه لتقول بشفقة

– ياروحي ياعمري انت لك شوف كيف صاير ع نصك ووشك متل الليمونة

كاد أن ينفجر غسان ضاحكا وهو ينظر الى يديه العضلتين وهو المحافظ على ذهاب الي الصالة الرياضية ليكتسب جسدا رياضيا ، نظر الي نزار الذي قال ممازحا بحدة

– لك ماخلا شي مااكله خلص الاكل كله

اغتاظت عايشة من نزار لتقول بتوبيخ

– لك أخرس ولك نزار حاج تنأكل على اخوك

تراقص حاجبي غسان بشقاوة ليقول نزار بغيظ شديد

– خلص ماشي ماشي سكتنا ،مين شاف حبابه نسي صحابه

امسك غسان كف والدته وقبلها ليقول بنبرة مشتاقة

– والله ياقلبي ياروحي الاكل يلي طعميتيني ياه بيحشي قبيلة مابتعرفي قدي اشتقت للأكل من تحت دياتك الحلوين يا حلوة انت

طرفت دموع عايشة لتميل مقبلة وجهه تشم رائحة طفلها باشتياق شديد هامسة

– لك لهلا ماني مصدئة انك قدامي اخيرا شفتك قبل مااموت

لف ذراعه حول جسد عايشة ليرفع برأسه مقبلا جبهتها قائلا بلهفة

– بعيد الشر عنك ياروحي انت ماتحكي هيك امانة عليكي ياقلبي انت ،انت مابتعرفي كيف ايامي كانت ماالها طعمة لانو بعيد عنك ياحبيبة ألبي

مسحت عايشة الدموع بأناملها لتقول بهدوء محاولة التخلي عن نوبة البكاء التي تنتابها

-شو اسكبلك كمان حبيبي ،لساتك جوعان

زفر نزار ساخطا وقال

– يا عيوش ياروحي لك اكل اكل متل الفيلة مانك شايفتيه خلص على الاكل كله لحاله

تراقص حاجبي غسان ليقول بطفولي

– لك احمده لربك انو ماطلبت خاروف محشي واكلت بس المحاشي من تحت دياتا لحبيبة الألب والروح

رفعت عايشة عينيها لتنظر نحو بيسان التي أهلكتها حرفيا في عمل المنزل ثم المطبخ لتقول بشفقة

– حبيبة قلبي بيسان تعبتك معي اليوم

مسحت بيسان بكف قميصها العرق المتصفد علي جبينها لتقول بنبرة لاهثة

– ولا تعب ولا حاجه يا خالتي ، تعبك راحة

رفع غسان عينيه نحو المدعوة ببيسان ، ملامحها انثوية تضع ايشارب حول رأسها مخفية خصلات شعرها ثم عباءة زيتونية ليقول بنبرة جامدة وهو يمد كوب الماء

– روحي يا شاطرة جبيبيلي كاسة مي وليمون منشان اليبرق

اتسعت عينا نزار لثواني وهم بالرد عليه الا انه وجد بيسان تقول بنبرة خطرة

– هي مين دي اللي شاطرة

قلب غسان نظراته بملل حول الجميع ليقول

– يعني مين في غيرك هون يلا روحي جيبيلي بسرعة يلي قلتلك ياه

صاحت عايشة بتوبيخ

– غسان

لم تقدر بيسان على ضبط أعصابها التي فلتت بقدوم ذلك المتصابي لتتقدم نحو طاولة الطعام ، ضربت على الطاولة بكف يدها لتقول بحدة صارخة في وجهه

– هو انا سمعت صح ولا غلط ، انت بتامرني انا اجيبلك مايه ولمون ليه مكسح مثلا ، هو ايه سكتناله دخل بحماره

عقد غسان حاجبيه وهو لوهلة استصعب ما تقوله وهي تتحدث بسرعة ليوجه بنظراته نحو والدته التي تنظر اليه بغيظ

– امي شو عم تقول هي ،اللهجة لساتني ماتعودت عليا

حدجته بنظرات قاتلة ، سهام زيتونية دباحتين من عينيها لتلتفت بيسان نحو خالتها قائلة

– خالتي انا ماشية ، سلام

نظر غسان ببلاهة نحو نظرات أخيه ووالدته الغاضبتين ليرفع يديه قائلا ببلاهة

-لك شو يلي صار

ضربته عايشة علي ذراعه لتقول بتوبيخ حازم

– لك يادب ليش عم تحكي هيك مع بنت خالتك

عقد غسان حاجبيه ليتابع مرددا ببلاهة

– خالة مين

استشاطت عايشة غضبا وضاق الأرض بها ذرعا لتقول بنبرة حانقة

– ولك غسان

انفجر غسان وهو يقرر التخلي عن قناع عدم المعرفة ، لف ذراعه حول عنق والدته ليمل مقبلا كلتا وجنتيها وهو يقول بنبرة شقية

– يا عيوشي انا شفت وحدة لابسة جلابية متل جلابيات ستي وحاطة اشارب عراسا ورايحة جاية عم تحط بالاكل شو يلي بدو يعرفني انها بنت خالتي يلا لشوف قليلي

ثم تجعدت ملامحه باشمئزاز قائلا بنبرة ذات مغزى نحو نزار

– ييي وانا يلي فكرت انو المصريات حلوووين هون

تحولت ملامح والدته للجدية قائلة

– ولك كول من تم ساكت ما بدي اسمع حسك

باصبع السبابه مررهما على كلتا عينيه ليقول بنبرة مميزة

– عيوني وروحي انت ياست الكل ،بس رح خلص الطنجرة وبعدين تعمليلي كاسة شاي اكرك عجم من تحت دياتك الحلوين

زفرت عايشة وهي تستدير نحو المطبخ لتجلب له حلة المحشي ، لتسترخي ملامح غسان وهو يعود يتناول الطعام بشراهة ، تأفف نزار من طريقة تناوله للطعام ليقول بنبرة جادة

– طمني اجيت تستقر ولا بدك ترجع تسافر

صمت غسان لعدة لحظات وهو ينظر إلى شقيقه يجيب على سؤاله بصمت لا تتحدث به الشفاه ، اختنقت انفاس نزار وهو يسبه ليصيح غسان بشقاوة وهو يتناول حلة المحشي من والدته قائلا

– لو امي حبيبتي شافتلي عرووس حلوة وقمر وبنت عالم وناس اكيد مارح امشي ،يلا ياعمري انت معك اسبوعين بتشوفيلي عرووس قمر 14متلك ياقمري انت او باخدك خطيفة وبهرب فيكي وبنترك الاخ العشقان مع مرته

عادت عايشة تتشبث في ابنها وهو تتشبع برائحه ابنها ، ليشاكسها غسان حينما شعر بدمعة عينه التي قاربت للانزلاق ، ترك الحلة في الطاولة ليلف بكلتا ذراعيه حاملا والدته التي صرخت بدهشة مما جعل يهز رأسه يائسا من تصرفات شقيقه المشاغبة .

******

خطي لؤي بقدميه نحو غرفة نومها ، ارتسمت علي شفتيه ابتسامة ساخرة وهو يراها تغط في نوم عميق ليس كأمرأة تعرضت للخطف للتو .. لم يصدق انها غبية لتلك الدرجة لتكشف نفسها … تذهب لبيت ابنة شقيقتها وتظنه غافل أنه وضع عيون في ذلك الحي الراقي ..

تنهد لؤي زافرا بضجر … يشعر بنغزات في ضميره بسبب ما فعله لشادية ، لكنه لم يضحك عليها ، هو كان أرمل حتى ظهرت للحياة تلك الشيطانة ، كان سيخبرها في يوم ما .. لكنها تلك … ضم قبضة يديه كي لا يقوم بخنقها ويريح البشرية منها

لكن قلبه

واللعنة على قلبه الذي يجعله مسلما مقاليده لها

كيف وشم قلبه بحب يقتات من روحه … و يقتله ببطء

يكاد يختل توازنه متراقصا على خيط رفيع جدا

جلس بانهيار على المقعد ليرخي ربطة عنقه وهو يحاول بأقل الخسائر الارواح علي سطح سفينته ….

تسبح بين سحب ذكريات ناعمة عن طفولتها ، تتذكر والدها ، عضدها وسندها وهو دائما الالتصاق به .. تستقبله عند الباب تأخذ من الحلوى التي تطلبها منه ، ثم إصراره على الحديث معها بالعربية وحينما ترفض يعلن خصام بينهما ، ورغم حيلها الطفولية لتكتسب صفه تتقهقر معلنة الانسحاب لتكلمه بالعربية .. ثم اختفي الدفء برحيله ، رغم تشبثها به

اخبرها انه سيعود .. سيعود ولن يتركها هي أو عائلتها .. ثم انتقلت سحابتها الي حدث وزمان اخر

حينما أصبحت انثي يافعة ، محملة بالحقد والكره الدفين لمن تسبب في بعدها عن عائلتها حتى جاء أمير رجولي

خشن الملامح .. ذو قلب متسع للجميع ، تعلقت به ولا تعلم لما رأت به شبهها لوالدها

تتدلل عليه ولم تفعلها سابقا ان دخلت في علاقة مع رجل .. ليتطور بعدها لزواج ذاقت بها سعادة .. تكسرت احلامها حينما استيقظت في الليل ووجدته ليس نائما على الفراش

ليقف شبح الخيانة يلوح لها بسخرية وهي تستمع الي صوت أجش يخبره إن لم يتخلص منها سيقتلها ،، عيناها اتسعت بجحوظ وهي تري من اعتبرته حبيبها يوافق على طلبه وطلب منه عدة أيام ..

توقعت انها تحلم .. بل كانت في كابوس مخيف ، حاولت افاقة نفسها لتستيقظ من ذلك الكابوس المزعج لكن الحلم كان حقيقة بشعة حينما اختل توازنها لتشهق مفزوعة حينما رأته ينهي المكالمة لينظر اليها بنظرات عابسة ، وحينما هربت طالبها بالبقاء … صرخت وهشمت وحطمت الكثير من مقتنيات البيت ، طالبته بالمغادرة او تغادر هي

ولكنها لم تكن في عقلها .. وجهت له سكين حاد تأمره بالمغادرة ليوافق علي مضض وهو يخبرها أن ما سمعته ليس حقيقي …. كيف ستصدق شيئا وسمعت بأذنيها صوت أجش منزوع الرحمة يأمره بقتلها .

افترق جفنيها وهي ترفع رأسها تنظر إلى سقف البيت الغريب لتنتفض من مجلسها حينما تذكرت ان هناك رجالا اختطفوها ، نزعت عنها الغطاء بحدة وهي تتجه إلى باب الغرفة المفتوح لتهم بالتحرك اليه الا انها استمعت صوت ساخر اتى من خلفها

– مالك اتخضيتي كدا ليه ، عاملة فيه سوبر وومن وانت في أضعف الكائنات بترعبك يا اسيا زي زمان

اشتعل فتيل الغضب لتدير بوجهها الفاتن بوحشية لقلبه ، خصلات شعرها مشعثة وكذلك ثيابها نزل بعينيه نحو تنورتها التي حدث بها شق طولي .. عبس بعينيه وهو يلعن رجاله ، طالبهم بعدم استخدام عنف ، حسابهم سيأتي بعد سماع كلماتها المقززة

– علي الاقل انا مش بظهر بصورة وبشخصية غير شخصيتي ، مش زي ناس جبانة

مررت أناملها على خصلات شعرها تهذب من خصلات شعرها لتقول بتهكم

– الصراحة متوقعتش استقبال مشرف منك للدرجة دي

رفع لؤي عينيه يسألها بنبرة جامدة

– كنتي بتعملي ايه وقت فرح اختك هنا يا آسيا

لوت شفتيها المغويتين لتقول ببرود

– ملكش فيه

استقام من مجلسه وهي تراه وحشا كامنا يكاد ينقض عليها ، بعضلات جسده الضخمة المستفزة تلك ، اقترب منها ببطء شديد يحرق اعصابها ليقول بنبرة خشنة

– جاوبيني

رفعت عيناها الزرقاوين وهما تلمعان بخبث شديد لتهمس

– تفتكر كنت بعمل ايه هنا ، اكيد عشان برعبك اصل انا كابوسك يا لؤي

لوي لؤي شفتيه ساخرا وعينيه تتابعان النظر إلى آسيا

كيف تغيرت الى تلك الدرجة

لدرجة أصبحت انه لا يعلمها

ابتلع غصة في حلقه ليقول

– مفيش فايدة من انك تتغيري

شرست عينيها بحقد … لتقول بنبرة ساخرة

– الفضل يرجعلك يا لؤي ، خلتني اكتشف ان مبقاش غبية واثق في حد يقدر يأذيني

هدر في وجهها ساخطا

– انت ليه مصرة تحطي نفسك انك الضحية هنا

انفجرت ضاحكة ، يلعب معها لعبة الضحية وهي الجانية ، تمتمت بقسوة

– احط نفسي مكان الضحية !! ، مين اللي ظهر في حياة التاني يا لؤي .. انا لا كنت بفكر فيك ولا في عيلتك ولا كنت حاطة أولية اني ادمركم انا كنت بكرهكم وهفضل كرهاكم لحد لما اموت .. انت اللي ظهرت وطلعت الملاك ابو جناحين اللي مفيش منه اتنين .. جاي دلوقتي تحاسبني على رد فعلي

نطق اسمها بحدة

– آسيا

تقدمت منه وهي تدفعه بكلتا يديه لتغيم عينيها بحزن قائلة

– انت ظهرت ليه في حياتي ، بجد ظهرت ليه ، واستفدت ايه لما ظهرت .. كانت برضو من ضمن خطة جدك العظيم انه مكتفاش يكسر قلبي مرة لا يكسره مرتين ويحول حياتي جحيم

لف كلتا ذراعيها حول ظهرها وهو ينطق اسمها بجدية

– آسيا

قاطعته تغمغم باشمئزاز

– مفيش داعي للكلام أصل كل ما افتكر الماضي بتقرف

ابتسم … في أشد لحظات يرغب في قتلها ابتسم ليغمغم بنبرة خاصة

– لسانك لسه طويل يا آسيا

رفعت عينيها نحو عيني لؤي لتلصق جسدها الانثوي تهيمن علي قوة جسده ، لفحت انفاسا حارة لتقول بنبرة مغوية

– وتفتكر مثلا اني محتجاك عشان تقصهولي

زاغت عينيه للحظات وهو ينظر الي عينيها الجائعتين له ثم الي ثغرها الشهي لتنساب من شفتيها كلمات لاذعة

– يا تري بقي ايه سبب تشريفك العظيم انك تخطفني وتقطعلي الجيبة

غامت آسيا بعاطفة لتشعر انه خفف من قبضته لتلف كلتا يديها حول عنقه وهي تقول بنبرة ماكرة

– مش عايزة اقولك انهم ازاي بيبصولي ، نفس النظرات اللي كانت بتلاحقني فاكرها

اهتاجت ملامح وجهه ليقول بنبرة صارمة

– آسيا

في اعماقها مسرور ، ما زال هركليز خاصتها يغار حينما تلاحقها نظرات الرجال ، لتميل بشفتيها مقبلة طرف شفتيه لتقول

– لسه بتغير يا لؤي ، بس قولي ايه الجيم اللي روحته عشان تطلعك عضلات بالشكل ده

مررت يدها على عضلات صدره لتنقبض ملامح وجهه وهو يمسك ذقنها بقوة غاشمة

– اسياااا

رفرفت بأهدابها وهي تنظر بنظرة طاعة لتقول

– نعم

ضغط على طرف شفتيه وهو يحاول على اخماد الشعلة التي أشعلتها ليغمغم بنبرة ساخطة

– انا شوية وهقوم اقتلك

انفجرت تضحك برقة وهي تزيل كفه عن ذقنها لتقول بنبرة واثقة

– مش هتقدر وانا وانت عارفين السبب

زفرت وهي تقول بنبرة جامدة

– انت للاسف مش هتتجرأ تقتلني اما انا هعملها بدون ما عيني ترمش لحظتها

تجيد التصويب دائما في نقطة ضعفه ، مرارة كالعلقم أجبر ان يبتلعها ليقول

– حقدك ملي قلبك

صاحت تقول بنبرة شرسة

– البركة فيك انك مليته ، تعرف الحسنة الوحيدة من عيلتك القذرة دي ايه اني بتكلم بلغتكم

جذب ذراعها بعنف جعلها تتأوه متوجعه لتتلاقى عينيها الشرستين بعيني سوداء كالبهيم ، أخرج زمجرة في صوته

– اوعك .. اوعك في يوم تمسي عيلتي بكلمة

لم تصمت وتتجنب قرب النار من الزيت .. قالت ساخرة

– واضح اووي تربية غالب وجميلة فيك يا لؤي ، لا محتاج صقفة عشان التربية العظيمة دي

– عارفة لو بأيدي احرقك هحرقك يا آسيا

طالعته بجنون وهي تقول بنبرة ساخرة

– زي ما كنت عايز تقتلني يا لؤي ، مش دي كانت خطة جدك تقرب منها وتتجوزها وهوب تلهف الفلوس

اتسعت عيناه من تفكيرها الساذج ، ليطرق باصبع السبابة على رأسها قائلا بحدة

– لو كنت عايز فلوسك صدقيني مكنتش قربت منك ولا دورت عليكي ولا حتي كتبتلك حقك وحق اختك ونصيبكم في المؤسسة بأسمك

قلبت عينيها بملل قائلة

– تفتكر شوية ملاليم بتعطف عليا انت وجدك ، هتخليني اخدكم بالاحضان .. لا الفلوس مش عايزاها يا لؤي شكرا وقولتهالك قبل ما اختفي .. اقصد ما انتحر

– شيطانة

صاح بها حانقا لتبتسم آسيا ببرود قائلة

– تلميذتك يا لؤي باشا

طرق مرة أخرى بسبابته على رأسها ليقول متنهدا

– فاكرة نفسك ذكية يا آسيا ، صدقيني وحش اووي لنفسك ولغرورك

نظرت اليه وهي تضيق عينيها لتقول ببرود

– وقررت تحبسني بقي علشان خايف عليا من جدك ولا عشان خفت افسخ علاقة ابن عمك مع جارته زي ما عملت مع خطيبتك المسكينة

لا يستخف أبدا بقدراتها على معرفة أدق المعلومات عن عائلته ، ليتمتم ببرود

– شيطانة

ابتعد عنها وهو يتوجه نحو الباب ، يرمقها بنظرات محذرة قبل أن يغلق الباب موصدا اياه جعل اسيا تنفجر ضاحكة ، الغبي يظن مجرد باب مغلق يمنعها أن تعلم ما يدور في عقر داره !!

*****

بعد مرور عدة أيام ،،

ايام وهي تتعامل مع سرمد بحذر وروية شديدة ، رغم انه يكاد يدفعها للجنون الا أنها سرعان ما تتمسك بصبر غريب تصبر نفسها بانها عدة أيام ويغادر ، الرجل وقح وقح للغاية حقا … بحياتها لم تري شخصا مثله حتى معاذ وعاصي اللذان تقربا منها لم يكونا علي تلك الدرجة من الوقاحة ….

تقضي معه ساعة فقط يناقشان العمل في احدي المطاعم ثم هي تعود للمنزل أو للمؤسستها وهو للفندق كي تتجنب الاحتكاك به في السيارة ، واليوم هو يوم حريتها

ستلتقط انفاسها لانه اليوم هو اليوم الأخير ، لكن المفاجأة أنها لم تسر بذلك اليوم .. بل وجدته عادي ، قليلا من الاحباط … شهقت لنفسها وهي تضرب على جبهتها ماذا تريد هي ؟! ما الذي يثير استيائها لتلك الدرجة ؟! ألا انه سيرحل ويتودد الي امرأة اخري ويشاكسها … مررت أناملها على موضع نبضها تستشعر لمساته لتجري رعدة خفيفة في جسدها جعلتها تفتح عيناها بفزع وتلوم نفسها لما تفكر به ؟!

الن تتوقف عن ذلك الضعف المقيت بها ؟ ألن تتوقف عن التأثر بأي رجل في حياتها .. لا تريد الاستسلام وخصوصا امامه ، لانه سيستغل جيدا لتحطيم ما تبقى منها !!!

غلفت وجهها بقناع الجمود وهي تسحب نفسا عميقا وتزفره على مهل لتتحدث عبر السماعة قائلة وهي تضع يديها على بوابة القاعة

– تيست الإضاءة

الظلمة احاطت من حولها حينما فتحت القاعة ، ليظهر ضوء ابيض مسلط عليها وهي تسير بكل شموخ كما لو انها ملكة في حفل تتويجها ، الالحان تنساب برقة ونعومة شديدة لتغلف القاعة الساكنة … عيناها تدققان نحو الثرايا الكريستالية الفخمة لتعود تتابع طريقها وهي تصعد درجات السلم التي ستسير عليه العروس بعد ساعات ، عيناها تتخيل العروس بصحبة الاب ثم يتسلم العريس عروسته و يصعدان درجات السلم حتى يصبحا علي منطقة مرتفعة من الجميع ، عيناها تنظران نحو شاشة العرض الضخمة لملامح وجهها والكاميرا الطائرة ” الدرون ” تسمع صوتها يزن في اذنيها ثم إلى كاميرا حاملة اخري اعلي درجات السلم … توقفت قدميها عن الحركة لتدير بجسدها وهي تري القاعة انيرت بـ إضاءات خافتة اضيفت رهبة وعظمة للقاعة ، ابتسمت بنعومة شديدة لتتجمد الابتسامة من شفتيها وهي تتحدث عبر السماعة بجدية

– الاضاءة متتأخرش ثانية يا حسين وقت ما العروسة تتحرك جوا القاعة

عيناها حدقت نحو مفترق السلم من الجهتين ، من المفترض وجود راقصات الباليه في صعودها .. عبست ملامحها لتعيد تقول بجدية شديدة

– فين بنات الباليه

اجابتها تلك المرة نجوى قائلة وهي تقترب منها قائلة

– هيجوا بعد ربع ساعة يا شادية

رفعت عينيها نحو السقف المرتفع وتلك الثريا الضخمة الكريستالية وكاميرا ” الدرون ” ثابتة على موقعها للحظات قبل أن تتحرك نحو باقي القاعة بأريحية ، أنهت هي عملها وتبقى عمل المصور العظيم الذي رغب بخلوة القاعة لساعتين قبل الزفاف .. التفتت الي نجوي تسألها بنبرة جادة

– والأكل ؟

هزت نجوي رأسها وهي تقول بهدوء

– كله جاهز الشيف نزار مع الطباخين

زفرت متنهدة براحة لتمسد عنقها وهي تزفر بتعب

– والتصوير ؟

جاءها صمت مخيف للحظات ، لتعقد شادية حاجبيها وهي تتحدث في سماعة قائلة بلهجة صارمة

– التصوير !!!

جاءها رد أحد الشباب عبر السماعة يخبرها انه راه خارج الفندق مع شخص ، اتسعت عيناها جنونا … هل يمزح معها ؟!!! من المفترض ان تصعد للعروس وهو يتسامر مع أحدهم ، اهتزت حدقتي نجوي وهي تكاد تسب ذلك الشاب وعلى ما تفوه لتنزع سماعتها وهي تهم بالرد عليها الا أن شادية هبطت من درجات السلم بسرعة رغم كعب حذائها السميك لتدمدم ساخطة

– بيهرج صح ، جيه علي يوم الفرح بيلعب الباشا

قبلها بعدة دقائق

حرارة الشمس مرتفعة في ذلك الوقت من الشهر ، زفر سرمد بسخط شديد وهو يمرر أنامله علي لحيته الكثيفة لينظر الى ساعة يده .. لعن صديقه الذي تأخر حتى الآن وما زال لديه أعمال يجب عليه انهاءها فاليوم ليلة العرس ثم بعدها سيودع برتقاليته ،

وعلى ذكرها .. ابتسامة ماكرة زينت شفتيه وهو يتذكر حزمها وصلابتها وأوامرها التي تسقطها كوابل على رؤوس عامليها ، تستطيع أن تكون حازمة دون أن تفقد ذرة من أنوثتها ، ثيابها عملية يراها محتشمة غير متحررة كما تعاقد مع نساء قبلا بتنانير قصيرة .. وعلى ذكر قصيرة فهي قصيرة للغاية ، ثم الجزء العلوي لا يكاد يستر شيئا !!!

الحرارة تزداد سخونة وتفكيره بها بسمارها الناعم وملامحها الانثوية و قدها الممشوق يجعل شياطين داخلية تتراقص على حافة السقوط ، انتبه إلى صوت مرتفع بلغة ايطالية

– يا **** اشتقت لك

هز سرمد رأسه وهو يري صديقه يرتجل من السيارة تبعها عناق اخوي حار ثم قال بفظاظة شديدة

– لا تعانقني يا **** ماذا سيكون تعليق الفتيات علي

ضربه غسان على مؤخرة عنقه ثم ابتعد مضطرا ليقول بحنق

– لسنا في إيطاليا ، توقف عن تلك الأفكار المنحلة

ابتسم سرمد بامتنان شديد لصديق عمره الأوحد ، معدنه أصيل ولا غبار عليه ، يكفي والدته الراضية عنه بعكس أصدقائه الاخرون بل أصبح يستحوذ علي انتباهها وهذا بالطبع ينتهي لمشاكسات كثيرة بينهما ، شعر بامتنان شديد لوجوده هنا .. ليستمع إلى تذمر غسان

– تعلم أنني ما كنت سآتي واقضي ساعات في السيارة لأزورك

ضيق سرمد حاجبيه وهو ينظر إلى السيارة ثم إليه ليقول بتساؤل

– هل جلبته ؟

زفر غسان متأففا ، بالطبع هل سيخبره باشتياقه مثلا بعد سفر ساعات بالسيارة ليكون في منتصف المدينة ، رغم انه يشكر سيارة وسائق مطعم أخيه ما كان أتى بما طلبه ذلك الجاحد امامه ، اشمئزت معالم وجهه ليقول بقرف

– بالطبع ، متشوق لرؤيتك

اتسعت ابتسامة سرمد وهم بالذهاب للسيارة إلا أن غسان وضع جسده حائل للوصول للسيارة ليقول بمكر

– أخبرني ما هو حال المرأة

ما زال سرمد محتفظا بابتسامته ليقول بهدوء

– تقصد مصممة الزفاف ، يا صديقي دعني ..

بتر باقي عبارته عندما تهادي علي مسامعه صوتها ، تلك البرتقالية بات يعلم صوتها ويميزه لو بين عشرات الأشخاص

– ايه التهور اللي بيحصل ده هنا

دار على عقبيه لتطعنه بسهام قاتلة ، افترقت شفتاه وهو يراها

في أشد ثورتها .. مبهرة ، فاتنة لم يرى قبلها

خصلات شعرها تتطاير بجنون ولا يعلم متى حل نسيم ناعم ليضرب خصلات شعرها المسترسلة على ظهرها ، عينها المندلعتين بغضب وجهها المتورد بحنق

جعلها تبدو شهية ، كثمرة طماطم حان قطافها

ارتسمت ابتسامة على شفتيه وهو يرى اليوم تخلت عن سروايلها الواسعة لترتدي سروال اسود انيق وفوقه بلوزة خضراء ، اللون رهيب جدا علي درجة سمارها ، كيف تأتي بتلك درجات الألوان ليلائم سمرتها ؟!!!

غمغمات ساخطة يسمعها وهي تتحدث عبر سماعة

– الباشا برا بيعمل ايه ، ده تهريج لا يمكن أسمح بيه

الفقاعة التي لفته انفجرت حينما استمع الي صوت صفير حار وغسان يقول باعجاب لم يخفيه

– من تلك الفاتنة يا صديقي ، بحياتي لم اري سمارا كتلك ، لا تخبرني يا **** انك تعمل معها

تجهمت ملامحه وهو يرى من عيني الخضراوين لصديقه الإعجاب للأنثي التي أمامه ، لم يعجبه ما يراه في عيني صديقه ، حتما لم يعجبه ، عقد حاجبيه والتزم الصمت وهو يراها تتجه نحوه بخطوات تكاد تنفس نارا !!

توقفت شادية وهي تري رجلا آخر بجوار ذلك المتصابي ، الا يكفي وجوده ليأتي بشخص مثله ، ضيقت عينيها وهي ترى ملامح ذلك الرجل متشابه لشخص تعلمه ، لكن الوقت لم يسعفها للتحدث مع غريب ، التفتت بجدية نحو العابس لتقول بحنق

– ما هذا الذي أراه

شعرت بالحرارة التي تغزو وجنتيها من نظرات ذلك الغريب الثاقبة لتشيح بعينها نحو سرمد الذي بقبضة يده لكم معدته ، تأوه غسان متألما وهو ينحني بجذعه يلقي سبة بايطالية يقسم انها ستخدش حياء من علمها !!

التفتت سرمد وعينيه تعبسان بطريقة ارهبت شادية الا انها وقفت أمامه بأنفة لتسمعه يقول ببرود

– ما الذي ترينه ؟

اشتعل الشرر في عينيها الكهرمانتين لتقترب منه خطوة وهي تضم يدها علي خصرها

– التقاعس عن العمل ، هل ظننت هنا كافيه لتقابل اصدقائك ، يوجد عمل يا استاذ

رفع غسان عيناه لينظر نحو الثنائي امامه ، لم يكترث به أحدا حتى الفتاة ، ضيق عيناه وهو يرى صديقه ينظر إليها بطريقة جعلته يقترب منه قائلا بايطالية

– لم أكن اعلم انها شخصية نارية ايضا يا صديق

أدار سرمد وجهه بغضب يخرج سبات وقحة لتتسع عيناه وهو يرى شعلة الغضب المندلعة في عينيه ليتابع ممازحا وهو يضع يده على قلبه بدرامية

– اريد التعرف عليها يا صديق ، شعرت فجأة بحبي للنساء هنا

ثم وجه نظره خاصة إلى شادية التي تنظر بحذر نحوهما ، تراقب الحديث الدائر من الشخص الغريب والعابس تحول لغاضب يكاد يكبح غضبه بدمدمات خاصة يخرجها بين الفينة والأخرى ، صاحت فجأة وهي تدب بقدمها على الأرضية الصلبة

– اصمتا فورا ، وتحدثا معي بلغة اعلمها

شهقت متراجعة حينما رأت نظرة نظرة وعيد وغضب

غضب دفين يحترق ويكاد يحرقها معه ، جز علي اسنانه ساخطا

– ماذا تريدين ؟

عبست وهي ترد عليه بجدية وداخلها يرتجف بشدة منه !!

– تعود لعملك في الداخل ، يجب أن نجري اخر اختبار هنا قبل العمل

رفع غسان يده قائلا وهو يحاول أن يجذب حوارا معهما

– مرحبا ، دعيني اعرفك انا غسان صديق عربي لذلك الرجل

القت شادية نظرة نحوه ثم نحو سرمد المتجهم الوجه لتقول بحدة

– هل اخبرتني عن سبب عدم وجودك في الداخل ؟

كشر غسان وجهه وهو لا يصدق انها لا تلتفت له ، هو الاوسم منه .. عيناه خضراوان وورث لهجة يعلم أنها تذوب بها فتيات بلدته والبلدان الشقيقة ، لما لا يجد أي إشارة للاستجابة !! ، دمدم ساخطا بايطالية

– تلك وقاحة حقا منها ، لكنها تستحق الصبر

القي غمزة نحو سرمد الذي اكتفي بابتسامة صفراء ثم عاد يقول نحو شادية

– كنت انتظر شئ هام

عقدت ذراعيها على صدرها لتمتم بنبرة مستخفة

– وما هو الشئ الهام ؟

ألقي نظرة نحو غسان ليضيق غسان عيناه متصنعا عدم الفهم لثواني قبل ان يقول نافيا

– لا تخبرني ، الفتاة ستر تعب

عضت شفتها السفلى وهي تشعر بالاستفزاز كونهما يتحدثان بلغة غريبة ، زفر سرمد ساخطا وتمني تلك اللحظة ان تكون شفتيه مكان اسنانها ، صاحت هادرة بحدة

– ماذا قلت انا ، توقفا عن التحدث بلغة اجهلها

دفع غسان ليتحرك عدة خطوات نحو السيارة ، استجاب غسان علي مضض وهو يتجه نحو عربة نقل المغلقة ليقول سرمد متزامنا مع فتح غسان للباب

– دعيني اعرفك بصديقتي المقربة ، سوزي

ضيقت شادية حاجبيها متمتمة بتعجب

– سوزي !!!

هز رأسه إيجابا وقال بتسلية

– نعم

تجمدت ملامحها لثواني ، تنوي الانفجار في وجهه … هي تحملت جلوسها بقربه المهلك لاعصابها و مشاعرها الانثوية التي بدأت تتمرد وهو يخبرها صراحة انه جلب صديقته الي هنا ؟!!! ، همت بالصراخ في وجهه الا انها صرخت فجأة مرتعبة حينما رأت جسد ضخم اسود ملئ بالفراء يركض في اتجاهها

– يا مامااا

انفجر غسان ضاحكا وهو يرى كلب صديقه متجها نحو المرأة التي تحاول الاختباء منها ، اقترب سرمد بتكاسل وهو يقول بلهجة امرة نحو كلبه

– سوزي اهدأي

تجمعت الدموع من عينيها وهي ترى جسدا ضخما ملئ بالفراء ، لم تري حجم كلب يكاد يصل لمستوي طفل قبلا ، اقتربت دون وعي تختبئ بجسدها خلف سرمد تدمدم برعب

– سرمد .. سرمد بعده عني

أدار سرمد بوجهه وهو ينظر نحوها نظرات ذات مغزى ، يرى الرعب متجلي في عينيها والدموع تكاد تقفز من مقلتيها ، وكلبه .. يقصد كلبته تقترب منها وهي تزداد صراخا وتقلصا له ، لا يعلم من أين حلت البهجة والسرور لينقشع ضيقه ليسمع الي صياح غسان الماكر وهو يحدثه بلغته

– الفاتنة تخلت عن وجهها العملي البارد

يزداد نباح الكلب مع صرخات شادية المرعوبة ، وحينما همت بالدخول للفندق ، ارتعبت حينا أعاقت طريقها لتقترب من سرمد قائلة بتوسل

– سرمد .. سرمد ارجوك ، بعده عني

يستمع الي نبرات التوسل ، ذلك الهمس المشابه حينما حاصرها في مدخل الطوارئ رغم الاول كان ملئ بالكبرياء ، الا ان هذا به توسل لذيذ

توسل يستفز ذكوريته لفرض حماية ذكورية علي انثي باتت تخصه !!

تدفقت الدموع من عينيها والاوكسجين تجده يقل تدريجيا لتسحب نفسا عميقا وتزفره على مهل وهي تكتفي بتوسل نحو سرمد وتنظر برعب نحو الكلب الذي ينبح بانفعال شديد في وجهه شادية لتنكمش حول نفسها وهي تغطي كامل جسدها خلف ظهره … تنهد أسفا لما فعله ليهبط بجذعه وهو ينظر الي كلبه بنظرات صارمة جعل الآخر يقل نباحه تدريجيا ليهز ذيله وهو يتقرب من صديقه .. مرر سرمد أنامله على كلبه ليقول بنبرة خاصة

– يبدو انه اقصد انها تحبك ، كيف لا ي.. تشتاق لي بعد تلك المدة من عدم رؤيتها

مسحت شادية الدموع من عينيها ، وهي تنظر بخوف شديد إلى ذلك الكائن الضخم أمامها ، غمغمت بنبرة متحشرجة

– ده مش حجم كلب طبيعي ، بعده من وشي

– ابعد الكلب من وجه الفاتنة ، الفتاة تتوسلك من الصباح يا غبي

صاح بها غسان بحنق شديد وهو يراقب بتسلية إلى صديقه والي الفاتنة التي تحاول بشتي الطرق الابتعاد عن الكلب ، مرر سرمد يده علي فراء الكلب ليرفع بعينيه نحو شادية قائلا

– هوني عليك يا برتقالية

سبه غسان ببذاءة ليتابع قائلا بحنق طفولي

– الحقير يحظى دائما بالجميلات

حدجه سرمد بنظرات متوعدة ليعود ببصره نحو الخائفة ، ارتسمت ابتسامة استفزتها وهو يقرب الكلب منها الا انها صرخت يائسة

– أبعده ارجوك

انهار غسان ضاحكا وهو يرى الحقير قرب كلبه من مدخل البوابة ووقعت تحت رحمته ، راقب المشهد بنظرات مستمتعة ليسمع تعليق صديقه الماكر

– انها هادئة ، تقدمي سوزي وكوني لطيفة امام البرتقالية

انهارت أعصاب شادية لتضع كلتا كفيها على وجهها تخبئ وجهها من رؤية ذلك الجسد المرعب ، حتي نباحه الذي هدأ علا ليرعب جسدها ، تمتمت بانيهار

-بعده

انتصب سرمد واقفا وهو يشير إلى الكلب بأمر ليتجه نحو غسان

– حسنا سوزي ، يبدو أن برتقاليتي مستاءة لأنني أعرفك عليها

اطاع كلبه وهو يهز رأسه ليجري نحو غسان الذي فتح باب السيارة وأجلسه ثم اغلق الباب وعاد في مجلسه ببرود شديد يصفر ….

مررت شادية اناملها علي وجهها تتمني أن تجد كرسي الان لتجلس عليه ، تشعر انها لو تحركت خطوة ستسقط ارضا ، تهادي علي مسامعها صوت نزار الذي صاح بتعجب

– غساان !!! شو عم تعمل هون ؟

اشرقت ملامح غسان الذي وجد أخيرا من يهتم به ، تحرك بتكاسل من وقفته ليقترب من شقيقه قائلا وهو يعانقه بأخوية

– نزار ، الحمدلله انك اجيت

ثم تراقصت ملامحه بشقاوة ليقول بصوت مرتفع نسبيا وهو يوجه نظراته التي ما زالت على وقفتها كتمثال شمع

– تعرفها لهاي المرا

اتسعت عينا شادية بجحوظ لترفع رأسها وهي تصيح بحدة جازه على اسنانها بسخط

– مرا !!!

لكزه نزار علي صدره ليتأوه غسان متألما ، تنحنح نزار ليقول

– لك غسان ما تحسن الفاظك هي الكلمة ما بتصير تحكيها

لوي غسان شفتيه ، رغم عدم معرفته ما العيب بتلك الكلمة هنا الا انه قال علي مضض

– اسف

ضيق سرمد عينيه وهو يلاحظ نظرات شقيق نزار المتهمة لبرتقاليته ، لما لا يوجد شخص هنا لا يكترث بهالتها تلك ، ضاقت عيناه يراقب بتحفز شديد وهو يراه يتقدم قائلا بابتسامة سمجة مثل ابتسامة شقيقه

– هاد اخي غسان ، حكتلك عنه قبل

مد غسان ليصافح يديها وقال بابتسامة مؤدبة يشك بها سرمد للحظة ، هو أدري بذلك ال**** جيدا !!

-اتشرفت بمعرفتك

مدت شادية يدها قائلة بابتسامة دبلوماسية وهي تحاول المحافظة على ثباتها حتى تجلس على أول مقعد تراه

– اهلا ، نورت مصر .. بعد اذنكم ورايا شغل

مال غسان مقبلا كفها لتتسع شادية لثواني ثم بعدها تورد وجهها حرجا لتسحب كفها دون أن تتفوه بكلمة مقررة الهرب بدل من متابعة تلك القصة الهزلية !!

تأججت النار داخل جوف سرمد وهو يرفع عينيه لغسان الذي يشيح بعينه عن صديقه ليقول بمرح وهو يلف ذراعه حول عنق نزار

– ولك دب كيف عندكن في بنات بقولو للقمر روح لاقعد محلك وما بتقلي ااه قول لشوف

ضربه نزار على مؤخرة عنقه وهو لن يتحمل فظاظة شقيقه ليقول بتعجل

– للاسف هاي مخطوبة ، شفلك غيرها

رفع غسان عيناه والمرح من علي وجهه اختفي ليحل جديه علي وجهه وهو يقول لصديقه

– حظك اسود يا صديق ، المرأة مرتبطة

ما زالت نظرات العداء والعنف ترشقه بسهام قاتلة ليعبس غسان وهو لا يصدق ان صديقه جدي لتلك الدرجة !! ، عاد ليتصنع المرح على وجهه وهو ينظر الى صديقه نظرات ذات مغزى ليقول

– تعال اعرفك هذا شقيقي نزار الذي صدعت به رأسك عنه

ثم أشار نحو سرمد ليتابع

– وهذا صديق غربتي سرمد ، وهناك كلب لكن للمصلحة العامة خبأته عن الجميع نخشى أن تذهب الجميلات الي مصحة نفسية

زفر سرمد ساخطا ، وهو يضم قبضة يده كي لا يقوم بلكم ذلك السمج ، ويشب كراهية لا يعلم كيف استوطنه .. ما الذي ضايقه ؟!! ، لطالما هو وصديقه يحبان التسلي مع الفتيات وعلاقتهما صريحة ، لا تورط في المشاعر وهن راضيات … ما الذي يجعله يرغب الآن في خنقه ، وصديقه يعرب عن جمال برتقاليته ، ضيق شديد يعتريه يكاد يزهق انفاسه … ليخرج صوت خافت جدا

هي تخصه فقط

رغما عن انف خطيبها وصديقه

تلك البرتقالية تخصه ، رغم عن انفه هو الآخر

– احمق

غمغم بحنق شديد وهو يقترب من نزار يمد يده بترحيب ثم اقترب من غسان يمسك يده التي لمست جلدها الانثوي ليديره خلف ظهر غسان ، يكاد يسحق كل اصبع وكل انملة وافكار خبيثة سارت تنتشر كالسم في أوردة جسده ليجعله ينتشي من السعادة ، تأوه غسان بألم ليقول بحنق مشاكس

– كفاكما حقا ، هل تجداني وسادة للتنفس عن غضبكما

هز نزار رأسه وهو لا يصدق انه يكبره بثلاث أعوام ، شقيقه سيلقي بسمعته في الوحل حتما !!

*****

في حي عاصي ،،

تنهدت أسماء ابن جارة توحة التي تسكن في الشقة السفلية من شقتها بحرارة ، لتتخذ مكانا على الأريكة في صالة توحة الانيقة ، وقالت بشكوى

– عادل ما بيصدق انه يهرب مني يا ست توحة ويتحجج يهرب مرة يقولي عشان الجيم ومرة عشان النادي

ارتشفت توحة الشاي عدة رشفات ثم تستمع إلى ثرثرة ابنة جارتها التي تراها كحكيمة لحياتها ، رغم كرهها لمن في الحي وكرهها للجيل الحالي الذي انحدر اخلاقا ودينا إلا أن في الظلمة يوجد بصيص نور

وبصيص النور هو أول مفتاح أمل جعلها باقية علي الحياة ، من ناحية تطمئن علي حفيدها وتلك المسترجلة امامها التي ترتدي ثيابا رجالية ، بالطبع المسكين عادل سيهرب من وجهها .. هل هذا الوجه الصبوح الذي سيستيقظ عليه ؟!!!

لجمت لسانها وهي تراعي مشاعر تلك التي خطفت لبها حينما حملتها على يديها وهي ابنة ثلاثة أيام ، لوت شفتيها بنزق وهي تسمع الي باقي شكواها

– مع اني شغالة في الجيم في فترة المحجبات والاقيه هو بيضحك مع دي ويتكلم مع دي

– يا ست توحة مش بكلمك انا

عادت توحة تقيم ثيابها ، بداية من بنطلون زيتي واسع رجالي والي كنزة صفراء رجالية فضفاضة ووشاح اسود تغطي به وجهها ، امتعضت ملامحها من تلك الالوان وقد اصابها تلوث بصري … محق ذلك المسكين ، بالطبع سيفر هاربا

صمتت للحظات وهي تشرد متذكرة حاله حفيدها تلك الأيام ، ذلك الشاب مريب في أفعاله .. دوما حينما ينأى بنفسه عنها يخطط لمصيبه قادمة ، تمتمت بشرود شديد

– الولا عاصي ده مش مرتحاله خالص

سحقت اسماء شفتها السفلي لتدب بقدمها تصيح بسخط شديد

– يا ست توحة انا في ايه ولا في ايه

عادت ترتشف شايها وهي تنظر بنصف عين مغلقة لتقول بلهجة جادة

– بت يا اسماء متتكلميش خالص ، مش انا قولتلك بلاش وش الخشب معاه انتي بقي نفضتي وجايه دلوقتي تبكيلي

ذرفت اسماء الدموع من عينيها لتغطي وجهها بكفيها تتابع بكاءها المزري ، اشفقت توحة عليها وهي تسمع إلى نبرة اسماء المعذبة

– كنت غبية يا ست توحة

ارتسمت توحة الجدية على وجهها لتتابع بتأنيب شديد

– قولتلك يا غبية ، ابقي لينة معاه واعملي الحركات بتاعت البنات دي

توقفت أسماء عن البكاء فجأة وهبت من مجلسها قائلة بحدة

– اتمايص يا توحة !! ، انا كابتن اسماء اللي باسمي بيترعشوا بنات المدرسة تقوليلي اتمايص

لوت توحة شفتيها ساخرة لتقول بنبرة لاذعة

– ما تتمايصي يادي الخيبة ، مش خطيبك هو انا قولتلك ارقصيله يا ام قفل انتي

تورد وجنتيها بخجل وغضب في ان واحد وهي تفكر للحظة انها ترقص امامه كما تفعل المائعات ، صاحت بلهجة بها خجل عذري

– يا ست توحة

استقامت توحة وهي تأخذ أسماء من ذراعها لتقول بنبرة متهكمة

– انا قولتلك ناخده وهو لسه قطة مغمضة قعدتي تقوليلي ، مذاكرتي وتدريباتي يا توحة .. اشبعي يا اختي بالتدريبات

عادت أسماء تنتحب بصمت لتقول بانهيار

– انتي هتقطمي فيا كتير يا توحة

عادت توحة لنبرتها العدائية لتصيح في وجهها

– وهقطم رقبتك ، انا مش عارفة انتي بقالك اسبوعين مش نازلة من وداني ، وبتخليني انسى التاني

مالت اسماء تقبل وجنتيها لتلف ذراعيها حول عنقها وقالت بمكر انثوي

– انا اهم من عاصي دلوقتي ، هو راجل اما انا بنتك الوحيدة ، يرضيكي اعنس

ياليتها تستخدم حيلها تلك علي عادل وليس عليها ، لكنها غبية .. رفعت توحة تقلب عينيها لتقول

– اااه .. اسكت يا لساني

قررت ان تساعدها للمرة الاخيرة ، وتتحمل تذمراتها واعتراضاتها كي لا يتسرب عادل من يديها ، عادت تمسك كوبها وترتشف شايها الذي اثلج بسببها

– المفروض هتتجوزوا امتي

لوت اسماء شفتيها وقالت بتهكم

– مش لما نعمل الخطوبة يا توحة

بصقت توحة الشاي من شفتيها لتضرب بيدها الحرة على صدرها قائلة بصدمة

– يا مصيبتي ، وكل ده متخطبتهوش

هربت أسماء بعينها من توحة لتكح عدة مرات قبل أن تقول بحرج وهي تتذكر انها أجلت الخطوبة حينما اتت مسابقة تابعة للمدرسة التي تعمل بها

– ما انت عارفة انشغلت بشوية حاجات

رفعت توحة كلتا يديها تناجي ربها حتى تتخلص من تلك البلوة ، ثم عادت تضرب بكلتا يديها على ساقيها وقالت وهي تلجم لسانها من الذهاب وخنقها

– يا اخرة صبري ، الولد ليه حق يزهق منك

رأت الرفض المتلألأ في حدقتي توحة ، لتقترب منها بمكر وهي تخرج من جيب بنطالها قائلة بمكر

– يا توحة بقي ، ده انا جيالك وجبت العسلية من كشك قريب من مدرسة البنات ، عشان تعرفي غلاوتك عندي ، بس هي واحدة عشان صحتك وعاصي ميقلبش دراكولا

ضيقت توحة عينيها لثواني تنظر الي العسلية ثم الي اسماء التي ترمش أهدابها بمكر انثوي ، خطفت منها العسلية وقالت باستسلام

– يا سوسة انتي .. هاتي وبعدين اقولك

نظرت اسماء إليها بجدية وقالت بلهجة حادة تستخدمها امام فتيات المدرسة المتقاعسات عن عمل تمارين رياضية في الطابور المدرسي

– وعد يا توحة

صاحت توحة فجأة بحدة وهي تشير الى الباب قائلة

– بت امشي من وشي .. هجيبها منك ولا من امك انتي كمان

مالت تقبل وجنتها لتقول بنبرة مدللة قبل ان تخطف حقيبتها الرياضية لتهبط الى شقتها

– حبيبتي يا توحة ، كنت متأكدة انك مش هترضي تخليني اعيط

تنهدت توحة وهي تأمل أن تنجح تلك المرة ، الفتاة ليست عديمة الدلال والمكر لكن يجب أن تضعه في الطريق الصحيح ، زفرت توحة وهي تشرد في عاصي الذي أصبح يتحجج بوجود عمل كثير في الملجأ ، ابنها الذي لا يقضي اسبوع كاملا في الملجأ قبل أن ينتقل لعمل الحراسة المقيت ، ما سبب سر تشبثه تلك المرة بالعمل ؟؟!! .. هل وجد امرأة استحوذت على انتباهه ؟!!

انشرحت اساريرها والأفكار تقودها وهي تتذكر ذلك الحلم ، هل اصبح قريبا لتزوج حفيدها قرة عينها إلى اميرة ؟!!

*****

في الملجأ ،،،

– يلا هنلف حوالين الملعب عشر لفات وهنعمل عشرين ضغط وبعدين هنرجع نلعب في الملعب

صاح بها عاصي بصرامة شديدة وحزم أمام الأولاد ، صدر اعتراض من الجميع الا انه حدج مجموعة منهم بنظرة مميتة جعلتهم ينكمشون ، تقدم فتى شجاع يقول باعتراض

– يا كابتن

ثبت عاصي نظراته على الفتى البالغ من العمر عشر سنوات ليرتسم ابتسامة مخيفة علي شفتيه ليقول

– بدون نقاش ، اللي معترض يطلع برا وميجيش هنا تاني

رأي تردد بعض الصبيان إلا أنه يعلم لن يترددوا وسيقومون بالتمارين المميتة ، هو وعد من سيكون الأفضل بينهم بعد سلسلة اختبارات سيحظي بلعبة ” البلاي ستيشن ” ولكي يصدقوا جعل العلبة أمام مراي عيونهم .. عقد ذراعيه المفتولتين ليقول بجمود

– يلا بدون كلمة

تقدمهم وهو يجري حول الملعب وتتبعه عدد من الصبيان حتى أصبح الجميع يتبعونه بل يحاولون مسابقته ، ابتسم بمكر شديد وهو يرى طفل مثابر بين الجميع … مرر أنامله على خصلات شعره القصيرة وهو يطلق صفير ليشد همة المتأخرين عن الجميع … رفع كم قميصه يمسح العرق المتصفد على جبهته ، توقف عن الركض وهو يتابع بعينيه الاطفال والحرارة التي تشتعل في جسده بردت جينما مرت نسيم بارد عبر مسامات جسده ..

ارتفعت عينيه ليراها ، ارتسمت ابتسامة على شفتيه وهو يمسك بانامله طرف تيشرته القطني يحاول تمرير الهواء في جسده مداريا تأثيرها الطاغي علي قلبه ، ابتسامتها يقسم انها عدوي اصابته شخصيا وهو يراها تأتي بتلك الثياب التي تستفز شياطينه ، بنطال اسود ضيق يفصل ساقيها وفوقه تيشرت قطني وردي أهلك أعصابه ، طالب من الله الصبر وهو يشيح بعينيه لينظر نحو الاطفال …

ابتسمت وجد بنعومة وراحة تتسلل اليها كلما تأتي هنا كل صباح ، تعترف انه يشغل حيزا فارغا في حياتها المملة ، حيت روفيدا التي تنظر نحو الأطفال الراكضين حول الملعب

– صباح الخير

مالت بعينيها نحو وجد لترسم ابتسامة قلقة وهي تخشى الأطفال أن يصيبهم ضربة شمس لتقول بارتجاف

– صباح الخير وجد

ثم أعادت النظر إليها لتجدها جاءت بمضربها ، اتسعت ابتسامتها وقالت

– واضح انك جاهزة

هزت وجد رأسها .. لا تنكر انها تبرعت بمالها لتجهيز الملعب الذي أشرف عليه عاصي … وعلي ذكره اسمه ارتفعت عيناها بخجل لتنظر اليه وهو يقف بكل شموخ وكبرياء يليق به علي ارض الملعب

ولقاء الأعين تجدد .. لتتجدد الوعود منه إليها

ارتبكت عينيها وهي تقرأ رسائل خفية تزداد وضوحا يوما عن الآخر ، اسدلت اهدابها حياء لتنظر نحو عيني روفيدا التي لم تغفل عن حديث الاعين الذي دار لتهمس وجد برقة

– الصراحة الملعب اتجهز في وقت خيالي ، بس طبعا لسه فيه شوية حاجات محتاجين نضبطها بس واحنا شغالين

استرعى انتباه روفيدا حينما استمعت الى طفل يكاد يتوسله حرفيا وهو يحتضن الأرض بعد أن قام بعمل 5 ضغط

– يا دكتور

صاح عاصي بخشونة وهو يربت علي ذراع الطفل

– استرجل يا ولد .. عايز البنات تقول عليك ايه

عبس ملامح الطفل وهو يرى مجموعة من الفتيات تضحكن بصوت مرتفع وتشير واحدة منه عليه لتنفجر ضاحكة بعبارات خمنها أنها تقلل منه ، التمع الإصرار في عينيه ليتابع الا انه بعد ثواني احتضن الأرض مرة ثانية وقال باستسلام

– مش قادر

هز عاصي رأسه يائسا ليلتفتت نحو الطفل الذي بجواره وهو يتابع العد وحينما أنهى عشرة صفق بيديه وقال بخشونة

– عاش يا وحش يلا فاضل عشرة

تابع بعينيه نحو ذلك الطفل المثبت عينيه علي الجائزة ليتابع بعزيمة من حديد وارتسمت ابتسامة على شفتي عاصي الذي توقع انه في قائمة الصدارة ، غمغم باعجاب ولم يخلو أن يجعل صوته اجشا

– عاش يا وحش

وعند العشرون ارتمي الصبي محتضنا الارض كما الطفل الذي بجواره ، تمتم الطفل

– اشهد ان لا اله الا الله

علا صوت روفيدا المرتفع لتأمر الاطفال بالتوجه داخل المبني ، ووقفت وجد لثواني تشعر بالحرج لتلقي سلاما … همت بالمغادرة والتوجه نحو ملعبها مع الفتيات اللاتي اختبرت لياقتهن البدنية الا ان صوتا جاء اجشا حارا

– صباح الخير

التفتت اليه بوجنين نضرتين تنظر الي عينيه بخجل قائلة

– صباح الخير يا دكتور

تكاد تضرب نفسها بأقرب حائط ، ليس اول رجل تتحدث معه

لكنه أول رجل يهتم بها .. يلعب علي خيوط معقدة تخشي أن يضل هو وتضل هي الأخرى معه

عبس عاصي ليقول بخشونة كما لو أمامه طفل مشاغب

– انا دلوقتي كابتن عاصي

دغدغدت خشونته انوثتها المتعطشة … لتتسع عيناها وهي ترى أنها تسير في منحنى خطر ووقح لتقول بتعجل

– طيب انا مش هعطلكم هروح اجهز واكمل باقي التدريبات مع البنات

هز رأسه ولم يرغب في مقاطعتها عن العمل ليتوجه هو الآخر نحو الباب الداخلي من الحديقة إلا أنه انتبه على صوت روفيدا المتهكم

– ملعب يجهز خلال ايام يا عاصي

عقدت ذراعيها على صدرها وهي تقول بنبرة ذات مغزى

– وتيجي خصوصا هي تدربهم ، بتفكر في ايه يا دكتور

ارتسمت ابتسامة على شفتيه وهو يمرر أنامله علي خصلات شعره القصيرة ليقول بنبرة ماكرة

– تفتكري مخبي ايه يا مدام روفيدا

ارتسمت ابتسامة ناعمة علي ثغر روفيدا التي قالت باهتمام

– انت عارف الحاجة الوحيدة اللي بتمناها انك تكون سعيد

لن تنسي أنه وقف بجوارها في أشد محنتها ، وهي الان تقف بجواره لتساعده علي التقرب من المرأة المهتم بشأنها ، انتبهت على سؤاله العابس

– عاملة ايه غدا النهاردة

ضيق عاصي حاجبيه وهو يرى تلك النظرة الشقية المراقصة في حدقتيها لتقول

– مش هتصدق

استرسلت قائلة بنبرة شامتة

– سلطة سيزر وشوربة خضار لان فيه اطفال عندهم برد

تجهمت ملامحه ليقول بنبرة حادة

– فين اللحمة يا مدام روفيدا ايه أكل العيانين ده

رفعت ذقنها وهي تبتعد عنه متوجهه الي مكتبها قائلة

– لازم ياكلو خضار يا عاصي

زفر عاصي ساخطا ، الا يكفي جدته التي هي الأخرى توقفت عن طبخ طعام دسم بعد منعه من حلوى العسلية ، ارهفت أذناه السمع حينما استمع الي صفير معجبا يخرج من شفتي احدهم ، عبس متذكرا ان هناك عمال يعملون في ذلك الوقت … تسائل بتعجب وهو يتوجه نحو الملعب ينظر ما سر تلك الصفارات العالية

– ايه اللي بيحصل ده

تجمد وجهه ليسقط نظره إلى ما رآه

تلك وقاحة ، بل خلاعة وقلة أدب تربية لن يسمح بها

اندلعت مراجل غضبه وهو يستمع الى تعليقات وقحة من بعض العمال ليعود بنظره الي تنورة

هذا إن كانت تنورة بالأساس ، هو مجرد قماش بالكاد يستر

جحظت عيناه وهو يرى انحسار التنورة ليقول بدهشة

– يانهارك مش فايت

اندفع كثور والغضب اعمى بصيرته نحو الملعب ليصيح بنبرة هادرة

– واااجد

شهقت وجد مرتعبة تحت صوته الهادر ليرتجف جسدها من رأسها حتى أخمص قدميها من نظراته النارية ، لتقول بتوجس

– نعم

صاح بأمر وهو يعقد ذراعيه علي صدره

– تعاااالي فوراااا

نظرت نحو الفتيات المنكمشتين حول انفسهن خشية أن يبطشهن ذلك المارد الغاضب ، بلعت غصة في حلقها وهي تتقدم منه خشية لتقول

– بس انا

صاح بنبرة امرة غير قابلة للنقاش

– فورااا

نظرت الى الفتيات بتوسل عل أحدهم يبقيها بجوارهن ، قالت بيأس

– طب يا بنات استنوني دقيقتين واجي

لم تجد تشجيع منهن لتزفر وهي تتقدم نحوه بتنورتها لتقول بتوجس

– عاصي ، دكتور ..اااه

صاحت بتألم حينما لف أنامله الغليظة على زندها ، سحبها بخشونة غير عابئا من تأوهاتها الناعمة ، لتزداد الشياطين المتراقصة في عينيه ، وهو يستغفر ربه بصوت مرتفع .. توجه نحو غرفة تبديل الملابس التي حرص علي وجودها من أحد ليترك يديها وهو ينظر بتأسف ان آلمها رغما عنه ، لكن لم يمنع ان يصيح بلهجة غاضبة

– ايه اللي انت اللي مش لبساه يا هانم ده

هبطت عيناه نحو ساقيها الرشقيتين ، المستفزتين للمس ، رغم أنهما نحيفتين إلا أنه يراهما مهلكتين أمامه ككلها هي ، تدفقت الحمرة من وجنتيها وهي ترى نظراته المشتعلة عليها ، ولثواني شعرت أن ما ترتديه أمامه فاضح !!

رفعت رأسها بكل اندفاع لتقول

– ايه اللي مش عجبك ده لبس التنس

اتسعت عينا عاصي لثواني وهو ينظر الي ذراعيها المرمريتين العاريتين ثم الي ساقيها ، هل تذهب إلى النادي بذلك الشكل العاري ؟!!!!!!!

صاح بثورة وغضب أهوج

– انتي اتجننتي ، فين بنطلونك يا انسه ، اينعم مستفز بس مش لدرجة انه عريان

عضت وجد باطن خدها وهي تنظر نحو الباب المفتوح من خلفه ، إلا أن جسده الضخم يشرف عليها بكل عنجهية وسطوة رجولية خشنة جعل جزء منها يستميل إلى ذلك الضعف الأنثوي ، غمغمت بارتباك شديد

– عاصي ، ممكن نتكلم بصوت عادي وافهم فين المشكلة

زمجر بخشونة شديدة وعينيه لا ترحمانها لثانية

– فين المشكلة؟!! ، المشكلة ده .. ِشيفاه ده مش ساتر حاجة وبالنسبة للي فوق فتحاها علي البحري يا انسه .. ليه حاسة بخنقة في الجو

ثم أصدر فرمان واجب التنفيذ

– اللبس ده ميتلبسش هنا

كيف يخبرها انه يجرب شئ يسمي الاحتراق ببطء ، شعور مقيت للغاية وخانق لكنه هين كثيرا من عدم رؤية لوجهها صباح اليوم التالي ، شهقت وجد لتتراجع عدة خطوات لتقول بنبرة حازمة

– عاصي

يا ويل نبرة عاصي منك يا أميرة الأميرات

تخرج كنهل عذب من شفتيها ليشتهي ارتشافهمها ، مرر يده على عنقه ليقول بيأس منها

– يا بنت الناس .. انتي مش بنت

عقدت وجد حاجبيها بغباء مما يقوله ليسترسل قائلا

– اللبس زي ده مش هينفع مع مؤسسة

اغتاظت من نبرته الجافة لتقول بحنق

– اللبس كنت بروح بيه أولمبياد وكل المشتركات في النادي والمتسابقات بتلبسه ، هو اللبس كده

مرر يده علي وجهه ساخطا من كيفية استمالة عقلها ، وداخله يعلم أنه سيتعب معها كثيرا .. عنيدة كطفلة لذيذة تشتهي إشباعها قبلات كثيرة .. قال بنبرة يائسة

– انتي دلوقتي في بيئة عكس بيئة اللي كنتي فيها ، صدقيني مش هتبقي مرتاحه وخصوصا فيه عمال كتير هنا عينهم مش هتنزل من عليكي ، وانا خايف عليكي من نظرة يا وجد

نطق آخر كلماته بحرارة وهو يقصد ما يعنيه ، لو قدر لخبأها عن أعين الجميع … يقسم انه سيفعلها خشية أن تطيلها فقط نظرة تدنس من براءتها ، عادت للعناد لتقول

– بس اللبس ده

قاطعها قائلا بنبرة حادة

– ارجعي البسي بنطلونك المستفز ده علي الاقل ارحم من المفتوح علي البحري

زمت وجد شفتيها ، وعقلها يحاول استيعاب ما يحدث ، لم يعلق احدا قبلا على ثيابها .. ابدا .. لم يفعل حتى جدها ، ولؤي . .لم يعلق اطلاقا وحينما تساله كان يهتف ببرود انه يليق بها ،،، رفعت عينيها بتيه تنظر الي عينيه الخضراوين المشتعلتين لتهمس بتيه

– عاصي

زفر عاصي بحرارة وهو ينظر نحو تلك العينين البريئتين ليقول بلهجة عذبة

– عيونه

ابتأست ملامح وجهها كطفل صغير لتقول

– مش هينفع البس بنطلون مش هحس بحرية الحركة ، ولو كدا اعتقد هجيب حد بدالي

لا فائدة ترجى منها ، أقر معترفا … قال بلهجة ممتعضة وهو ينظر اليها والى ثيابها الخليعة

– يا بنت الناس استهدي بالله .. لبس زي ده ميطلعش بره اوضة النوم ، بتتحركي بيه ازاي ده بس

همت بالرد والجدال إلا أن نبرة التوسل جعلها تصمت

– متلبسهوش تاني ، من فضلك .. صدقيني لو مكنتش مهتم مش هتكلم

هزت رأسها لتقول بامتعاض

– حاضر هحاول اتصرف

تنهد زافرا بحرارة ليقول

– اخيرا يا ستي ، ده انتي تعبتيني ، تروحي فورا تلبسي اللي كنتي لابساه واشتغلي تدريب مع البنات

رغم أنها لم يعجبها نبرته الامرة إلا أنها قالت على مضض

– حاضر

ارتسمت ابتسامة هادئة على شفتي عاصي وهو يراقب وجد التي اشتعل وجنتيها حرجا لتستأذنه أن يخرج من الغرفة ، ارتبك لثواني وهو يخرج من الغرفة لتغلق بعدها الباب وهو واقفا امام الباب المغلق بابتسامة بلهاء …

استندت وجد بظهرها علي الباب لتضرب بكفها علي جبهتها ، ما الذي فعلته ؟ كيف استسلمت لطلبه ، ألم يكن يتوسل ؟ لما لم تقدر أن تتشبث برأي أرعن وهي لثواني كادت تذوب من نظراته !!

خفق قلبها باضطراب لتضع يدها على قلبها وهي تحاول مدارة وجهها من الاعتراف

انه يؤثر بطريقة مخيفة لقلبها الذي يخفق بعنفوان .. بطريقة لم تحدث سابقا

وهذا مؤشر سئ للغاية … تخشى أن تتعلق به هو الآخر ويراها مجرد حالة !! أو امرأة يشفق عليها !!

*******

في قاعة الزفاف ،،،

توقفت شادية وهي تنظر من الطابق الثاني الى الأجواء الصاخبة في القاعة ، تنهدت بحرارة وهي تحمد ربها ان العمل انتهى على خير ، اطمأنت على وجود كل شئ علي ما يرام ،، توجهت بخطواتها نحو الأسفل لتعود للمنزل ..

وشعورها بالتحرر من سرمد جلب الانتعاش لروحها ، ستتخلص منه اخيرا بعد حصار يفرضه … توقفت قدميها عند وقوفها أمام مرآة ضخمة ، نظرت الي كلا الجانبين تتأمل ملامحها الشاحبة رغم أنها وضعت بعض من مساحيق التجميل ليخفي اثار الاجهاد ، زفرت متنهدة بتعب وعظامها تئن وجعا .. تود النوم على فراشها ، بحاجة سيئة إلى النوم ،، هرولت بخطواتها وهي تخشى أن يكون مترصدا لها

ألقت ابتسامة مجاملة نحو بعض معارف العروسين لتسحب باب القاعة وهي تخرج تتنفس بحرية وشكرت ربها انه لم يراها بين الضجيج الصاخب في الداخل ، شهقت مفزوعة حينما استمعت الى صوت هادئ يصدر من جانبها

– مبارك علي العمل

وضعت شادية يديها علي صدرها تلتقط انفاسها للحظات وهي تلومه على ذعرها ، ابتسم سرمد بجمود شديد حينما رآها ترتسم ابتسامة مزيفة لتقول

– واخيرا انتهيت

اقترب منها وهو يضع يلف حامل الكاميرا حول عنقه ليقول بنبرة هادئة

– النجاح له طعم مختلف

رفعت عينيها وهي تراه لم تتحسن حالته الغاضبة ، عقدت حاجبيها لثواني قبل أن تهز رأسها وهي تقول بهدوء

– انت محق ، كل شئ بدي مثاليا .. واعجبتني الصور التي التقطها في رحلتلك لمدينتي الأقصر وأسوان داخل المعابد تبدو مذهلة

انحي رأسه قائلا بابتسامة مستفزة

– علي الرحب والسعة ، دائما بالخدمة

صمتت شادية لثواني وهي تسأله بعينيها ان حدث شئ ضايقه ، وود أن يخبرها ويعنفها كيف تسمح لشخص يلمس موضع آثار قبلاته .. كيف تسمح بذلك !!!

تابع النظر إليها بجمود لتتنحنح وهي تسترسل في الحديث

– بما انه اخر يوم ، علي ان اعترف ان عملك رائع ، حتي طاقم عملك ايضا

هز رأسه وهو يقول بنبرة مقتضبة

– ولا انكر طاقم عملك ، لقد انبهرت من تزين القاعة بتلك الفخامة والرقي

هزت رأسها وهي تهم بالمغادرة الا انها مازالت الرفض المتسلل لحدقتيه لتقول

– هذا ما طلبه الاستاذ اسر مني وفعلت كما يرغب

مرر سرمد يداه علي خصلات شعره الداكنة ليقول بلهجة خشنة

– وانت

سألته بعدم فهم

– ماذا ؟

ابتسم ببرود شديد وهو يضم قبضة يده … بالطبع تخلصت منه وستنطلق نحو خطيبها وينعم هو بما هو متشوق للمسه وتذوقه ، قال بلهجة مبطنة بالحدة

– كيف تريدين أن يصبح زفافك ؟

صمتت شادية للحظات وهمت تخبره انها وجه نحس غير مقدر لها الزواج ، إلا أنها تمتمت بهدوء

– تمنيته ان يكون دافئا وعائليا فقط ، لا احب المظاهر والتباهي

لمعت عيناه فجأة لتستشعر الخطر وهو يقول بلهجة لعوب

– مثلي ، كما انني قررت لو اصبحت مختل وتزوجت سيكون جلسات التصوير اأ…

قاطعته تقول معترضة وقد تورد وجنتيها وهي تتخيل انه سيقول شئ وقح للغاية !!

– لا تقولها

عقد حاجبيه وهو يقترب منها قائلا بنبرة متسلية

– ماذا ؟

افترقت شفتيها وهي تشعر بالتوتر الشديد لتضم كلتا يديها قائلة

– عينيك داكنتين لدرجة شعرت أنك ستقول شئ وقح

انفجرت مفرقعات العيد في حدقتيه الداكنتين ، ليميل سرمد هامسا في اذنها

– بت تعرفيني يا شاديااه

ارتجفت شادية وهي تبتعد عدة خطوات ، وودت أن تضرب نفسها في أقرب حائط ولا تري تلك النظرة المرعبة في عينيه ، ابتسمت بتوتر وهي تشعر أنها حوصرت لتقول

– أعجبني مشروب اللبن بالقرفة ، انه مذهل

جار حديثها وهو يقول بهدوء

– يجب أن تشكري والدتي

هزت رأسها بانفعال لتقول

– اشكرها اذا بدلا عني

ولتنتهي ذلك الحوار نهائيا قالت بابتسامة دبلوماسية

– اسعدني العمل معك

هز سرمد كلا رأسه ثم ألقي سؤالا مرعبا لها

– متى تقررين الزواج ؟

شحب وجهها للحظات كانت كفيلة لعينيه لتقول شادية بارتباك

– لا .. لا أعلم بعد ، لم نقرر هذا الشئ بعد

لعنت نفسها وعلى توترها أمامه ، لتنفرج عن شفتي سرمد ابتسامة وهو يقول بمكر

– لما متوترة لتلك الدرجة لم أسالك هل قبلك أم لا

زفرت شادية ساخطة وهي لا تصدق أنه يقولها بتلك البساطة ، احتقن وجهها بالغضب وهي تقول بيأس

– عدنا للوقاحة

قال ببساطة شديدة وهو يلقي غمزة

– تقبليها هذا جزء مني

عبس وجه شادية لتقول بتقريع

– اخبرتك ان تهذب طباعك وحديثك معي ، لست في موطنك حتى لا تفكر مرتين قبل التفوه بشيء

مرر أنامله على لحيته الكثيفة ، ليقول بهدوء

– سأعتذر لأنني جعلتك تشعرين بالحرج والخجل لكن اخبرتك تقبليني كما أنا

– شادية

عبست شادية وهي تسمع إلى آخر صوت تمنت أن تراه في ذلك اليوم … نانسي عدوتها اللدودة !

دارت شادية على عقبيها لترى تلك الباربي صاحبة الخصلات الحمراء تقترب منها وثوبها الأحمر كانت ضربة شديدة وقوية لتصبح فاتنة في تلك القاعة ، قالت نانسي بتكلف شديد وهي لا تصدق انها خطفت زبونا هاما منها ، بل تعترف انها الغبية لانها رفضته

– مبروك يا شادية ، مش بطال

جزت شادية علي اسنانها زافرة بسخط لتقول

– ايه اللي جابك هنا

بكل برود قالت نانسي

– جاتلي دعوة ، تؤتؤ متقوليش انك متعرفيش ، هزعل مش مصدقة ان فيه تسيب في شغلك

صرخت شادية في وجهها بحدة

– اخرسي

لم تهتز نانسي شعرة وهي تشرأب بعنقها لترى المصور ، وهل لا تعلمه .. ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتيها لتقول

– ومين هنا كمان ، المصور الإيطالي

اقتربت منه بكل غنج وانوثة يعلمها سرمد مصطنعة ليرفع عينيه نحو شادية التي تجز على أسنانها بغيظ ولو كانت النظرات تقتل لاسقطت تلك الحمراء صرعي !!

رفعت رأسها وهي تمد يديها قائلة بايطالية ممتازة

– مرحبا سيدي

اتسعت عيناه قليلا ليقول وهو يصافح يديها

– تتحدثين الايطالية

عقدت شادية حاجبيها وهي تنتظر أن يقبل كفها كما يفعل معها سابقا وكما اعترف في إحدى الجلسات انه حينما يرى امرأة جميلة يعرب عن جماله ولا يصمت ، ومن أمامه تحديدا ايقونة الفتنة علي فئة مجتمعها ، رفعت عينيها لتنظر اليه وهو ينظر اليها بنظرة خاصة قبل ان يبتسم بخفة وهو يميل مقبلا كفها سريعا لتتجمد ملامح شادية والجمود اكتسي ملامحها ، تشعر بطعنة ضربتها من ظهرها ، تنفست بحدة وهي تحافظ على تعابير وجهها الباردة وهي تراه يوجه رسالة خاصة لها إلا أنها أشاحت بعينها وهي تسمع باذنين لا تفقه شيئا من حديثهما

– وبطلاقة جدا ، لم نحظى للأسف للعمل معا لكنني اتحرق شوقا للعمل معك سيد

لم يكن سيفعلها لكن مشهد الصباح استفزه ، شعر انه يسدد ضرباته بطفولية ليقول بهدوء وابتسامة

– سرمد

هزت نانسي رأسها وهي تشعر بالإطراء امام الايطالي لتقول

– حسنا سيد سرمد ، لا اريد ان اعطلك عن العمل ، بالتوفيق

عادت أنظارها نحو شادية لتقول بنبرة كريهة

– متفتكريش انك فزتي عليا

ثم غادرت بكل برود لتهز شادية رأسها ، لا تصدق طفولية تلك المرأة امامها ، مالت برأسها حينما استمعت الي تعليق سرمد الهادئ

– اشم رائحة العداء بينكما

تسائلت شادية بتعجب وهي تشعر بالفضول الشديد لامتلاكه لكلب ضخم

– لما تمتلك كلب ضخم؟ ثم انت تسليت كثيرا على حسابي وانا اخشى من الكلاب

لفها بفقاعة عازلة عن الجميع وهو يقترب منها بهدوء ، يأسر عينيها ويعدها بعاطفة ناعمة تطلبها جيدا ، بل عاطفتها الانثوية الجائعة تتوق لذلك الاهتمام .. اخرج سرمد زفيرا حارا ليقول بلهجة خشنة

– لا تخشي شيئا وأنا معك

ارتفعت عينا شادية وهي تحاول معرفة الصدق من الكذب في عينيه الماكرتين

لطالما أسرتها كلمات رومانسية تحت قيد التنفيذ من معاذ

اطربها بكلمات عاشقة وطعنها بكل خسة منه وفر هاربا واخذ ما لم يكن يتشرف بأخذه منها ، لا تريد التورط مرة أخرى في مشاعرها حتى لو قلبها يميل لمن أمامها .. بل لكل رجل يؤثر عليها ، وأصبح سرمد مؤثر فتاك عليها والباقون لا وجود لهما

ابتسم سرمد وهو ينظر الي عينيها المتسائلة تحاول معرفة الصدق من الكذب ليقول بهدوء

– كبر بسرعة خلال سنة ، لكنه كلب جيد ومطيع

انفجرت تلك الفقاعة لتهز رأسها قائلة وهي تضيق عينيها

– اذا هو ذكر وليس انثى ؟!

حاول كبح ضحكته ليقول بنبرة ذات مغزى

– وان كانت انثى كيف سيتجرأ ذكرا عليها

توردت وجنتيها بينما وصل المعنى جيدا لها ، لتمتعق وجهها قائلة

– يا ربي عدنا للوقاحة مرة اخرى

ناداها

والنداء كان بزوغ لشمس غزوه لقلعتها المظلمة

– شاديااه

توقفت شادية وعادت للنظر إليه لتقول بتعجل

– ماذا ، يجب علي المغادرة الان يوجد لدي يوم هام في الغد

ابتسم سرمد وطاقة تكاد تقتله حماسا ليقول

– سررت بالتعرف عليكي يا برتقالية

عبست بشدة لندائه بذلك الاسم لتقول بجدية

– وداعا يا سيد سرمد

رغم تشديدها لكلمة سرمد إلا أن هذا لم يمنع ابتسامته من الاتساع ليقول

– لا تقولي وداعا بل الى لقاء قريب

مالت شفتيها بابتسامة ساخرة

– ولما انت متأكد؟ … هل تريديني ان اوظفك مثلا وعدد موظيفك وشركتك تكاد تماثلني بل تزيد

لم يرد بل اكتفي بتلك الابتسامة المستفزة لتهز رأسها يائسة وهي تسدير متابعة طريقها خارج الفندق ، غمغم بنبرة ماكرة

– الي لقاء أقرب يا برتقالية

ثم استدار متجها داخل القاعة ، ويقين داخلي ينبئه أن طريقهما سيتقاطع يوما !!

****

في اليوم التالي ،،،

استيقظت جيهان بنشاط وهي تزيل عنها رداء الخمول ، فكيف لا وهي تعتبر عروس وسيأتي العريس مع عائلته ، امسكت هاتفها وهي تتجاهل رسائل وسيم التي تأتيها كل يوم .. صاحب الرسائل عنيد ولكنها أشد عنادا ، فتحت تطبيق ” الانستجرام ” وقررت تفتح بث مباشر من غرفتها وبعد أول دقيقة تفاجأت من دخول وسيم الي البث المباشر لتتسع ابتسامتها باشراق شديد وهي تتحدث الى تعليقات المتابعين معبرة عن غيبتها مفاجأة ستدهش الجميع ، كانت تتحدث للجميع وهي تري أعضاء المشاهدين زادوا لعشرة الآلاف خلال عشرة دقائق ، لم يحدث مطلقا دخول ذلك العدد في ذلك الوقت وفسرته بسبب غيابها …

تضحك وتمزح للجميع متجاهلة ذلك التي تكاد اعصابه تحترق من بهائها وحسنها أمام شاشة هاتفه ، خصلات شعرها المتمردة تلمع بوهج ينافس وهج عينيها ..

هبطت سلمات الدرج متجهة نحو الحديقة حينما رات شادية تقوم بحلاقة ذقن ابيها ، قالت لمعجبيها بابتسامة متسعة وهي توجه الكاميرا الامامية للخلفية

– لازم تشوفوا الاستاذ معتصم بيدلع ازاي قدام بنته ، شايف اننا فاتحين صالون حلاقة

عبست شادية وقالت بعبوس شديد وهي تنحني نحو والدها ممسكة بماكينة الحلاقة

– امشي من هنا وسبيني مع الزبون نحلق ، اقصد بابا ونخلص

عبس معتصم وقال بتوبيخ

– بنت

ابتسمت شادية بشقاوة وهي تميل مقبلة خده الحليق وقالت

– يا باشا ، تحب نغيرلك قصة شعرك

انفجرت جيهان وهي تري تعليقات بعض المتابعات يخبرنها انهن يحلقن ذقن ابائهن ، اتسعت جيهان عيناها وهي ترى دخول الايطالي لمتابعة البث المباشر ، لتبتسم بعبث شديد وهي تنادي اسمها

– شادية

عينا شادية مدققتين نحو خصلات شعر ابيها لتهذب خصلات شعره باستخدام المقص وقالت وهي تنظر بتركيز

– نعم

قالت بمكر شديد وهي تري تعليقات المتابعين واشادة بصوت أختها

– الفانز بيقولوا عايزين يسمعوا صوتك وانت بتغني

عبست شادية وقالت

– تاني مش غنيتلك الصبح

تفاجأت ببعث سرمد قلب لها لتجده ما زال متابعا للبث المباشر ، لم تبدل الكامير الخلفية لتقول بصوت حماسي

– يا شباب كله يعمل كومنت ونشوف عددكم عشان تغني

وجدت تعليقات كثيرة تطال شقيقتها بالغناء ليصدر صوت معتصم رافض

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *