رواية هذا ليس عالمي الفصل الثاني 2 بقلم نورا سعد
رواية هذا ليس عالمي الفصل الثاني 2 بقلم نورا سعد
رواية هذا ليس عالمي البارت الثاني
رواية هذا ليس عالمي الجزء الثاني
رواية هذا ليس عالمي الحلقة الثانية
– هي ست الحُسن هتلطعنا كتير ولا إيه !
لحقت جُملتها مباشرةٍ دخول نور الذي صُدم الجميع، ما هذا؟! هل هي تلكَ الفتاة ذو الثامنية عشر عام! ها هي الفتاة التي يُقال عنها رمز للبراءة و الرقة!
شهقت سمية بفزع في حين دخول نور للمنزل، نهضت سريعًا مثل الجميع، ولكنها هي وحدها من تقدمت نحوها وهي تضرب على صدرها بحركة شعبية مُعتادة وهي تصيح في تلك الفتاة متسائلة:
– يا مُري، مين ده!؟
رمقها الجد نظرة حادة أخرستها، بينما صديقتنا فتقدمت من الجميع بابتسامة واسعة وهي تحيّهم قائلة:
– أزيكم جميعًا.
رمقتها أميرة بنظرات ثاقبة مُتفحصة من خصلات شعرها حتى أخمص قدمها! لوت فمها ساخرة وهي تقول:
– وه يا چدي! مجولتوش يعني إنه رَجل مش حُرمة؟
لم يرد عليها الجد، أعطي مساحة لزوجها أن يخرسها؛ وبالفعل رمقها بنظراتٍ غاضبة وهو يهتف فيها غاضبًا:
– ما تتلمي بدل ما أبعتر كرامتك أهنى!
صمتت مغلوبة على أمرها مثلها مثل سمية، ابتسمت لهم نور ساخرة من أفعالهم السخيفة، أعطتهم نظرة غير مُهتمة وهي تتقدم أكثر منهم وتقول ساخرة:
ـ مش عارفة والله إيه لسانكم اللي بينقط عسل ده! لاا إكرام ضيف بصحيح يعني مش هزار.
ختمت كلماتها وهي تضحك، هُنا وأخيرًا تدخل صالح في ذلك المعركة الباردة، نظر لسيتات المنزل بتحذير ثم هتف بصرامة: أتكتمي منك ليها، سلموا على بتي نور.
لوت سمية فمها و هي تصيح بنبرةٍ خبيثة غير قادرة على كتمانها أكثر من ذلك:
– بتَك و لا وَلَدك يا خوي؟!
رمقها صالح بحِدة أخرستها للمرة الثانية، بينما نور فأقتربت منها حتى ألتصقت بها، مالت نحو أذنها تهمس فيها بخبث أفاعي مُتغلف بغلاف البراءة:
: لا بنت يا عنيا، وياريت تحذري مني بقى عشان لساني طويل وبعُض كمان.
تفاجأت سمية من كلماتها، فُتحت عينيها على وسعهم ترمقها بتعجب، تلاشت تلك الصدمة سريعًا بسبب ابتسامة نور المُستفزة لها وهي تحرك لها حاجبيها بحركات عشوائية مثيرة للغيظ بالنسبة لها! عقدت الأخرى جبينها بغضب وهي تصيح عليها غاضبة:
– أنتِ بتقولي إيه يا مقصوفة الرقبة أنتِ؟؟؟
دعنا من كل ذلك ودعونا نُسلط الضوء على ذلك العينان اللذان يقفز فيهم العشق بكل معنى الكلمة وبالطبع لا تخلى من الأشتياق.
كان ينظر لها ويحفظ ملامحها ظهرًا عن قلب؛ فهي برغم هيئتها التي تشبه هيئة الفتيان، حيثُ بنطالها الأسود، وقميصها الأبيض، شعرها المعقوص خلفها على هيئة كعكة، ونظَّارتها الكبيرة التي ترتديها، رغم كل ذلك فهو لم يرى إلا تلك الفتاة البريئة التي كان ومازال يعشقها؛ فعشقهُ لها ولِد في قلبه منذ الصغر، ولكن يشاء القدر وتختفي من أمام عينيه في سن الثامنة، ولكن ها هي تعود له مرة أخرى، تعود معشوقته وهي فتاة ناضجة ليست صغيرة كما كانت، لكن مهلًا! لقد عادت في الوقت الخاطيء، عادت مُتأخرة؛ فهو الآن متزوج! لا يحق له أن يعشق غير زوجته فقط.. فاق من بحر ذكرياته على ذلك الصوت الذي إفتقده لسنوات طويلة.
ـ عامل إيه؟
كان تلك كلمات نور التي وقفت أمامه لكي تصافح بابتسامة بسيطة، كانت عيناه ستُفضح أمره، ولكن حاول جاهدًا تفادى النظر لعينيها التي تُذوب قلبه دون أن تدرى وبدون أدنى جهد!
ثم هتف:
ـ كيفك يا بت عمي؟
– بخير.
كانت أميرة تأكلهم بنظراتها المُشتعلة؛ فهي غير مُطمئنة لها؛ بسبب ما سمعته من سمية سابقًا، والآن أشتعلت نيران غيرتها على زوجها بسبب نظرات تميم لتلك الفتاة!
ولكنها في نهاية الأمر أخفت كل ذلك المشاعر ونظرت لها بكبرياء بعض الشيء ثم هتفت وهي تتقدم نحوها:
-ةكيفك يا حبيبتي، أني أميرة مَرَت تميم.
وبنفس الابتسامة كانت تصافحها بوِد قائلة:
– إزيك اتشرفت بيكِ.
وفي نفس اللحظة تقدمت منها فتاة أخرى وهي تعانقها بسعادة هاتفه قائلة:
-وأني زهرة بت عمتك.
أعرضت ابتسامتها أكثر وهي تُبادلها العناق قائلة لها:
– مبسوطة أني شوفتك، شكلنا هنبقى أصحاب.
ابتسمت لها زهرة بلُطف، بينما قالت نور وهي تشير لسمية بابتسامة سِمجة:
-أومال مين تنت؟
نظر لها صالح سريعًا بلوم وعِتاب بسبب لهجتها الساخرة وهو يقول لها:
ـ دي عمتك يا نور.
بينما هي فأشاحت بوجهها بعيدًا متجاهلة نظراته وهي تتمتم ساخرة:
– عمتو الحرباية بقى وكده!
كتمت ضحكتها التي ارتسمت رغمًا عنها وهي تقول لها بابتسامة صفراء:
– أهلًا يا عمته، كويسة؟
لوت سمية شفتيها بعدم رضا وهي تسألها:
– وأنتِ مالك يا بت خوي مبهدلة في نفسك إكده؟! .. إش حال مكنتيش جاية من مصر! مش لابسة زي بنات البندر اللي في سنك ليه؟!
وبذات الابتسامة كانت تقول لها ما حرف لها دمائيها أكثر:
– أصلي بلبس اللي يريحني يا عمتي والله مش اللي يعجب الناس.
عادت لموضع وضع حقيبتها وهي هتف متسائلة:
– هي فين أوضتي عشان عايزة استريح؟ ده لو مفيش مانع يعني!
تقدم منها صالح وهو يقول لها:
– تعالي معايا يا بتي.
وأخيرًا صعدت للأعلى تحت نظرات وهمهمات الجميع،
أما صالح فأخذها وصعد معها للأعلى ووقف أمام غرفة بالطابق الثاني، غرفة كبيرة بعض الشيء، بها كل ما قد تحتاج إليه، فتح لها بابها وهي دخلت فيها تتفحصها بعينيها، وقف على أعتاب الغرفة وهو يقول لها بنبرةٍ حنونة:
– استريحي وهبعت حد ينادي عليكِ لما الوكل يجهز.
– ماشي.. عن إذنك.
ختمت كلماتها وهي تمسك الباب تستعد لغلقه، غلفا نظرات الحُزن مقلتاه وهو يبعد عينه عنها وينسحب من أمامها، إتجه إلى مكتبه في الطابق السفلي وهو مازال يفكر في أمرها.
********
ولكن في الأسفل.. كانوا جميعهم مازالوا مجتعمين في ردهة المنزل، كل منهم يخمس في أذن الأخر بكلمات غير مسموعة، ولكن من تكلم بنبرة حانقة معترضة على كل ما يحدث كانت سمية التي نظرت لابنتها وهي تقول لها بحنق واضح:
– هي مالها بنت البندر مش طايجة حالها إكده؟!
زفرت أبنتها بملل وهي ترد عليها قائلة:
– وأنتِ شاغلة نفسك بيها ليه بس ياما عاد!
نجحت في حرق دمائها أكثر، ضربتها في ذراعها بغيظ وهي تصيح فيها غاضبة:
– أمشي يا مقصوفة الرقبة أنتِ من قدامي وغوري من وشي.
نظرت لها زهرا بحنق وهي تشيح بيدها في الهواء بملل وهي تتمتم غاضبة من تصرفات والدتها:
– أديني سيبهالك مخضرة.
نظرت لأثارها بغيظ أكثر وهي تصيح :
– هتفضلي زي البهِيمة كده طول عمرك! جاتك داهية.
تركتهم زهرا وصعدت لغرفتها بحنق شديد حتي تدخل تميم أخيرًا في الحديث، وهو يكاد أن ينفجر بسبب حديث عمته الذي كان متابعه منذ بدايته:
ـ وااه يا عمتي في أيه؟! هي البنيه شوفتي مِنيها حاجة عفشه؟ دي لسه واصله مكملتش ساعة على بعضها.
بالطبع لم يعجبها الحديث، لوت شفتيها وهي تقول ساخرة:
– آه أنت هتقولي؟ ده شكل أجده اللي في ضميري هيكون صُح ولا إيه يا أبن أخوي؟
ختمت كلماتها وهي تنظر لها بطرف عينيها بخبث، تجاهل حديثها و لم يرد عليها، بل تركها وذهب خارج المنزل لكي يعيد ذكرياته مع معشوقته وهو يستنشق الهواء لعله يهدأ النيران التي تشتعل بداخله.
بينما أميرة فأقتربت من العمه وهي تسألها بعيون قالقه:
– تجصدي أيه يا عمتي باللي جولتيه لتميم ده؟!
اشاحت سمية بوجهها بعيدًا تستعد للنهوض وهي تقول لها:
ـ مجصودش ياختي، أهي الأيام جاية وكل حاجة هتنكشف، أنا جايمه أحضر الوكل عاد.
تركتها أيضًا وذهبت للمطبخ لكي تُجهز الغداء.
*********
أما في الأعلى، وفي غرفة نور تحديدًا، كانت تجلس على فراشها وتتأمل ذلك الغرفة، خرجت من تأملها على صوت رنين هاتفها وكان المتصل بنت خالتها “هنا” ألتقطت هاتفها وهي تهتف قائلة بابتسامة تشُق وجهها:
– حبيبي عامل إيه؟
وبالفعل جاءها الصوت من الجهة الأخرى قائلًا:
– الحمد لله يا حبيبي، ها وصلتِ؟
تنهيدة حارة خرجت من بين شفاتيها وهي تجيب عليها:
– وصلت يا هنا، وصلت ومش مرتاحة، خايفة، الناس اللي هنا دي مش سهلة، وصالح، صالح فاكر أني أول لما أشوفه هترمي في حضنه، ده..ده بصلي بستغراب لما لقاني بعامله بلا مبالاه! هو كان مستني مني إيه يا هنا؟ بجد كان مستني إيه؟
كانت الأخرى متفهمة حدثها جيدًا، تنهدت وهي تُجيبها بهدوء:
– ممكن بس تهدي، نور ده أول يوم ليكِ هناك، لازم تكوني أقوى من كده، أنتِ عرفه أن بباكِ طلب أنك تعيشي معاه عشان يقرب منِك، أديله فرصة.
ثارت غضبها تلك الكلمات،؛ فصاحت بحنق غاضبه:
أنتِ أتجننتِ صح؟ أدي فرصة لمين؟ أدي فرصة لواحد رمى بنته من عشر سنة، وجاي يفتكرها دلوقت!
نهت حدثها وهي تتنفس بعنف، شعرت الأخرى أنها خطاءت عندما قالت لها تلك الكلمات؛ فهى أكثر شخص يعرف علاقتة نور بوالدها، أرادت أن تغير ذلك الحديث فسألتها بمشاكسة:
– المهم بس سيبك من الحوارات دي، قوليلي قابلتي مين عندك؟.
نَست نور أنها كانت غاضبة منذ خمس ثوانٍ تقرييًا، ضحكت عاليًا وبدأت تقص عليها كل شيء حدث منذ أن دخلت ذلك المنزل، ظلوا يتحدثون ويضحكون حتى جاء موعد الغداء وصعدت لها زهرا لكي تطلب منها أن تترجل لهم، أغلقت الهاتف مع ابنة خالتها ونزلت لأسفل، كانت سمية أنتهت من أعداد الطعام، وكانت أميرة تساعدها في تقديم الطعام على طاولة الطعام، أجتمع أهل المنزل يتناولون الطعام في هدوء، كانوا يجلسون في بهو المنزل وهم يتبادلون الحديث والضحكات، وسريعًا كانت نور تنغمس معهم في تلك الأحاديث والضحكات، ولكن قطع تَلك الأجواء العائلية الجميلة جملة نور عندما قالت:
ـ صحيح أنا عايزه أتفرج على البلد شوية.
نظر لها صالح سريعًا ثم هتف بحده لا يستطيع أن يسيطر عليها:
كيف ده! مينفعش يا بتي الحديت ده.
تعجبت من حديثه فسألته:
– ليه؟! دي الساعة لسه 6 المغرب، وبعدين أنا مقولتش أني هروح لوحدي!
ترك الطعام الذي كان في يده وزمجر بعصبية قائلًا:
– أهنى مش زي مصر يا بتي، مينفش تخرجي أكده وحدك وأنتِ متعرفيش البلد أهنى، و محدش من الرجاله فاضي يخرجك، كل واحد في مشاغله.
لم يعجبها كلماته، أشاحت بوجهها بعيدًا ثم هتفت بحنق :
– يووه يعني اعمل هعمل إية؟ هفضل محبوسه!
ـ يا بتي اس..
ـ خلاص يا بتي روحي يا زهرا مع بت خالك أتمشوا نواحي الغيطان أكده شوية، بس تعالوا طوالي ومتبعدوش.
هكذا قاطع دهشان حديث والده الحاد، تهللت ملامح نور، ولكن جاء صوت سمية معترضًا وهي تقول:
– ليه هي بتي فاضية ولا إيه؟ ولا هي الخدامة بتاعتها أهنى؟!
أضاف صالح على حديثها معترضًا هو الأخر قائلًا:
– كيف ده يا بوي، يعني مش عايز أخرج بت لوحدها فهخرج بتين! كيف ده عاد؟
تدخلت زهرا سريعًا وهي تقول لهم:
– لا لا ياخال، أنا أصلًا كنت هنزل عشان أجيب حاجات للمدرسة، ففرصة أجبها بالمرة وأمشّي نور شوية، وبعدين يعني دي مش أول مرة أخرج فيها لوحدي.
أقتنع صالح بعض الشيء؛ فلذلك هتف:
– خلاص روحوا وخلوا بالكم من بعض ومتتأخروش.
قامت نور وهي تنظر لسمية بسماجه وهي توجه حديثها لزهرا – طب يلا يا بيبي بقى.
لم تفهم زهرا حديث نور؛ فتسألت ببلاهه:
– أيه! بتقولي أيه؟!
قلبت عينيها بملل وهي تنهض قائلة:
– يووه، خلاص مش مهم مش مهم، هبقى أعلمك الكلام ده.
لم تهتم الأخرى لكلماتها، نهضت هي الأخرى وهي تقول لها:
– طيب طيب، أني هطلع بس أجيب حاجة من أوضتي طوالي وچايه.
تركتهم وصعدت للأعلى سريعًا، وصالح والحج دهشان قاموا أيضًا لكي يباشروا أعمالهم، بينما نور فهتفت بسماجه موجه حديثها لعمتها:
– تيجي معانا يا عمتو، طب خلاص شكلك مش عايزه، يلا تيكير.
قالت ما قالته وهي تبتعد عنها لم تنتنظر ردها حتى!
أنفجرت من الضحك وهي تتخيل ملامح سمية المُشتعله، كانت تضحك وهي مُتجهه نحو الدرج، وقبل أن تصيح على زهرا لكي تستعجلها كانت زهرا بالفعل تترجل على الدرج وهي تلوح لها وتهتف:
-يلاا أنا جهزت أهو.
ودعت زهرا والدتها التي كانت مُتهكمة الوجه، رحلوا البنات لكي تتعرف نور على المدينة، كان الصمت هو سيد المكان، لكن كانت فرحة نور تشبه فرحة الأطفال عندما يعثروا على شيء جديد؛ فَهي أول مرة تسافر خارج القاهرة، وترى الأرياف والمناظر الخضراء، وكانن أيضًا ترتدي عبائه سوداء للمرة الأولى لها، حتى شعرها كانت تُغطيه بطرحه بعشوائي حتى أصبحت هيئتها رقيقة أكثر من مما قبل، ومن الرغم أن كل ملابسها تشبه الشباب كثيرًا، ولكن تلك الملابس تخفي جمال وبراءة تلك الفتاة الهاشة؛ فَهي تمتلك عدستان من اللون البني، وعيون واسعه ورموش طويلة وكثيفة، وبشرة صافيى بها القليل من النمش على خديها الذي يعطيها جمالًا من نوع خاص، وشعر بني طويل يتحول لونه للذهبي مع أشاعة الشمس، وقامة متوسطة، وجسد ممشوق، وقلب وروح يشبهون الأطفال تمامًا، ولكن وسط كل هذا فَهي تخفي كل ذلك الجمال من عيون الناس، تخفيهم لسبب ليس أحد يدرى بهِ غيرها هي فقط.
-هاا نروح فين بقى؟
قالت نور كلماتها بحماس شديد، حيث أجابت عليها الأخرى بعدم تركيز:
– هاا؟
نظرت لها نور جيدًا ثم سألتها:
– في أيه مالك، بتفكري في أيه؟
نظرت زهرا لبعيد وهي تفكر في أمرها، وبعد تفكير لم يدوم لمدة طويلة، هتفت:
-الصراحة مش عارفه أقولك ولا لاء.
ابتسمت لها نور لكي تطمائنها ثم هتفت:
– جربي ومش هتندمي.
ابتسمت نصف ابتسامة ثم قالت ساخرة:
– مفهاش ندم دي يا بت خالي، دي فيها موتي!
قلقت من كلماتها أكثر، اقتربت منها وهي تسألها مرة أخرى:
– في أيه قلقتيني؟!
أخذت نفسًا عميقًا ثم قالت لها:
– هجولك، بصي يا ستي، أني بحب واحد.
ـ طب وفيها إيه؟!
– أهني الكلام ده مينفعش يا نور، عندنا الحب والكلام ده يعتبر عار للعيلة.
عقدت حاجبيها بتعجب ثم هتفت قائلة بمنطق:
– مادام أنتِ عارفه أنه عار، وأن لو حد عرف هتروحي في داهية؛ لية بتعملي كده!؟
أجابت عليها الأخرى بعشق يُلمع في مقلتيها:
– مهواش بكيفي يا بت خالي، أني بحبه جووي جووي.
واصلت حدثها بجدية شديدة وقلق:
– بصي المهم، هو دلوقت عايز يشوفني، هو ممكن يعني أخليه يجي وأشوفه خمس دجايق وتحفظي سري؟
قلقت من حديث زهرا بشكل ملحوظ؛ فسألت بقلق:
– طب مش خايفه لأحسن حد من العيله يشوفك؟
اردفت سريعًا بطمئنان:
– لاه متقلقيش، أحنا بنتقابل في أخر البلد وسط الغيط، محدش بيشوفنا واصل.
رفعت نور كاتفيها بقلة حيله وهي تقول لها:
– طيب ماشي، بس لينا كلام تاني، ماشي؟
ابتسمت لها بمتنان ثم صاحت بسعادة وهي تمسك يدها لكي يتحركوا نحو الأشجار:
ـ ماشي ماشي، بس يلاا بسرعة دلوجت.
**************
دقائق حتى وصل حاتم لهم، حيّاهم ثم استأذن أن يتحدث مع زهرا خمس دقائق منفردًا، وبالفعل ابتعدوا قليلًا عن عيون نور.
– وحشتني جووي جووي يا حاتم.
تلك الجملة التي هتفت بها بعشق وشوق يسيطروا على مشاعرها، وكان رد حاتم عليها بنبرة دافئة يتخللها الهدوء:
– وأنتِ كمان يا حبة القلب، قوليلي عامله إيه.
– بقيت كويسة لما شوفتك.
دعنا ننتقل عند نور، كانت تمشي وهي شاردة وسط “الغيطان” الريفية، عينيها مُتعلقه بالأزهار التي تملئ المكان والابتسامة لا تفارق ثغرها، ولكن أزعق حالتها المزاجية تلك صوت غليظ يقول لها:
-أيه يا جمر واقف لوحدك ليه؟
كادت أن تتجاهله، وتعود نحو زهرا، ولكن أوقفها صوته وهو يهتف من جديد قائلًا :
-طب نتعرف بس يا لهطه الجشطة أنتِ، طب بصي أنا أسمي زين وأنتِ أسمك أيه؟
لم ترد عليه، ولكنه لم يصمت فواصل:
– طب عرفيني حتى اسمك بس.
وصلت لذروة غضبها من أقتحامه مساحتها الشخصية لهذا الحد، زفرت بملل وهي تهتف وهي تلتف تنظر له بحِدة :
-بُص بقى أنا متعودش أسكت أكتر من كده؛ غور من وشي بدل ما اسمعك ما لا يرضيك.
نطق الشاب الذي يدعو “زين” مرة أخرى و هو يقول بحماس أحمق:
-الله وكمان مصروية، أمووت أنا في الشرس والعنيف ده والله.
نظرت له بشر يتطاير من عينيها ثم صاحت عليه بعصبية:
– ولّاا غور من هنا عشان مسويش وشك بالأسفلت اللي أنت ماشي عليه ده، غور بقولك.
ثارت كلماتها غضبه، أقترب منها خطوة ثم صاح بعصبية هو الأخر:
– في إيه يا بت مالك؟ مالك قليلة الرباية أكده ليه؟
تملَّك الغضب مِنها هي الأخرى، ولم تستطع أن تمسك زمام غضبها أكثر من ذلك، أقتربت من ذلك الرجل بعض الخطوات وهي تهتف بغضب أنساها أين هي وكيف يجب أن تتعامل:
-لا بقى؛ ده أنت اللي جبته لنفسك.
وفي لحظة كانت رأس نور تنصدم في رأس ذلك الشاب بحدِة
وصوت صراخ الشاب يصدح في أركان المكان ليس وجع لكنه صدمة مما حدث!
وصَل صوت الصراخ لزهرا التي كانت تقف قريية من نور، نظرت بعينيها نحو المكان التي كانت تقف فيه نور سريعًا وفورًا صرخت برعب وهي تركض نحوها بهلع:
– يا ليله سودا! نورر
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية هذا ليس عالمي)