رواية تراتيل الهوى الفصل الثلاثون 30 بقلم ديانا ماريا
رواية تراتيل الهوى الفصل الثلاثون 30 بقلم ديانا ماريا
رواية تراتيل الهوى البارت الثلاثون
رواية تراتيل الهوى الجزء الثلاثون
رواية تراتيل الهوى الحلقة الثلاثون
حدقت سروة لتاج للحظات باستغراب قبل أن تملأ مقلتي عيناها دموع حبيسة وهي تشعر كأن هناك مايشطر روحها لنصفين من شدة الألم الذي عصف بكيانها كله، استطاع تاج أن يفهم ما تفكر به لذلك تحدث بسرعة ليبرر موقفه: سروة! اسمعيني بس متفهميش غلط الموضوع أنه….
لم يجد ما يقوله فصمت بحيرة لأنه هو نفسه لم يفهم ماحدث معه، زاد صمته الأمر سوءً بالنسبة لسروة التي أحست وكأن هناك داخلها شيء يموت من موقفه.
رفعت حاجبها تتحدث بنبرة مهزوزة تحمل داخلها كبرياء جريحة: أقولك أنا إيه هو الموضوع؟ الموضوع أنك جبرت على نفسك تكمل مع واحدة مش عايزها ولا حاببها علشان كدة متقبلتش قربك منها وحسيت بالقرف.
أنكر تاج على الفور هذا الاتهام الظالم بالنسبة له باستنكار: لا طبعا أنتِ بتقولي إيه! صدقيني الموضوع مش كدة خالص أنا عمري ما أحس بالقرف منك أبدا! أنا بس…
قاطعته سروة والدموع تطفر من عينيها تهتف بحرقة: أنت إيه ها؟ قولي أنت إيه؟ ليه مسبتنيش في حالي ومشيت؟ ليه قولتلي نكمل مع بعض وأنت مش قادر تتقبلني؟ أقولك أنك قررت تعطف على البنت المسكينة اللي مش هتلاقي حد يقبل بيها وقررت تكمل معاها بس لما جه وقت زي ده مقدرتش تقرب مني، أنت مشوفتش نفسك اتكهربت إزاي! علشان طبعا مفيش رجل يقبل على نفسه حاجة زي دي صح؟
تحجرت ملامح تاج وتحولت للجمود الكلي وعيناه تناظرها بتحذير ظهر واضحًا في نبرة صوته رغم هدوئها: اسكتي يا سروة.
ابتسمت سروة باستهزاء وسط الدموع التي تغرق وجهها: أسكت ليه؟ مش هي دي الحقيقة؟ الحقيقة اللي حاولت تنساها وترميها ورا ضهرك وطلعت في وقت الاختبار الحقيقي لأنها كانت دايما جواك!
اشتدت ملامح وجهه وازداد التحذير في عينيه وهو يقول من بين أسنانه: بقولك اسكتي.
ضحكت بسخرية والألم الذي داخلها كان أكبر من أن يجعلها تصمت عما ستقوله.
وقفت أمامه بتحدي ملامح وجهها هادئة إلا من الانفعال الذي يظهر من خلال عذاب عيناها، قالت بصوت جامد: الحقيقة أن مفيش رجل يقدر يقرب لواحدة مُستعملة!
في تلك اللحظة جن جنون تلك تمامًا من إثارة الأعصاب التي مارستها سروة عليه رغم أنه يرى كل اتهاماتها مجحفة فاندفع نحوه بغضب جنوني وأمسكها من ذراعها ويده الأخرى تُمسك ذقنها وتضغط عليه بشدة حتى أنه آلمها وشعرت أن أسنانها ستتحطم، صاح بها: اسكتي أنتِ مبتفهميش! عمالة أقولك اسكتي اسكتي!
أمسكت سروة بيده التي تمسك بذقنها تحاول ابعادها التحدي يظهر في عيناها بينما ترد بصوت قاتم: اسكت ليه؟ مش دي الحقيقة؟ حبيت تعطف عليا وعلى بابا ولأنه مفيش حد هيقبل قولت تكمل جِميلك وتشيل الليلة كلها بس أنا هريحك من ده كله.
عقد حاجبيه بحيرة والغضب مازال يسيطر على ملامحه: يعني إيه؟
أخيرا نجحت في إزاحة يده ودفعها بعيدًا فابتعدت عنه وهي بكبرياء نظرات عيناها تقابل عيناه بقوة: يعني طلقني.
رد على الفور برفض قاطع: مستحيل! مش هطلقك، شيلي الهبل ده من دماغك.
وقفت أمامه بقامة شامخة ورفعت ذقنها وهي تحدق إليه بنظرات ثابتة وتنطق بكل برود: وأنا مش هكمل في وضع حاسة فيه بعدم التقبل، أنا عارفة نفسي وبرغم كل اللي حصل لسة عارفة أن ليها قيمة وأنت بنفسك عارف كدة يبقى أنا مستاهلش وضع زي ده، كل واحد يروح لحاله وربنا يعوضك ببنت الحلال اللي تسعدك وتحبها وتتقبلها.
أكدت على آخر كلمة بشدة حتى أن تاج بقى يحدق إليها دون أن يتكلم ثم استدار وغادر الغرفة وأغلق الباب وراءه.
حين غادر انهار قناع القوة التي كانت تضعه سروة على وجهها وخرج كل شيء حبسته داخلها أمام تاج، فارتعشت والدموع تنهمر من عينيها وهي تشعر برغبة في التقيؤ حتى أنها وضعت يدها على معدتها وصوت أنفاسها مسموع في الغرفة من شدة الانفعال.
ألقت بنفسها على السرير تبكي وتكتم صوت بكائها وشهقاتها في الوسادة، رفعت وجهها من الوسادة وهي تضمها لها ويدها تقبض عليها بشدة، كان صرخت يعلو ويهبط من شدة البكاء ووجهها احمر ملطخ بالدموع.
همست لنفسها بمرارة و:ليه؟ ليه خليتني أحبك؟ تكسر صوتها وهي تتابع: ليه خليتني أحبك كدة؟ ليه محبتنيش؟
عاد تاج لغرفته وهو يصفق الباب خلفه بقوة، مرر يديه في شعره بشدة يكاد يقتلعه بين يديه من الغضب.
ماذا دهاه ليتصرف بهذا الشكل الأحمق؟ لماذا خطرت تلك الذكريات على باله وفي هذا الوقت بالتحديد؟
لن ينسى أبدا نظرة سروة له لقد اعتقدت أنه يرفضها ويشمئز منها وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة! تأوه بانزعاج وهو يضع يده خلف عنقه، يدرك أنه جرحها بتصرفه غير المقصود، كيف سيشرح لها الآن ويجعلها تفهم أنه لم يبتعد إلا لصدمته مما تذكره وليس رفض لها؟
رمى نفسه على السرير وهو ينتهد بتعب لقد كانت أحداث هذه الليلة أشبه بالكابوس بداية من روفان حتى ماحدث منذ قليل، بالتفكير فيما حدث في الحفل عقد حاجبيه وهو يتسائل كيف علمت روفان بتلك المعلومات الحساسة والخاصة عن سروة؟ يجب أن يتحرى عن الأمر بسرعة ليكتشف كيف علمت ولا يجب أن يمرر لها فعلتها الدنيئة أبدا، أغمض عينيه وتفكيره يعود لسروة مرة أخرى، ملأ الضيق قلبه وهو يفكر في حالتها الآن فمهما تظاهرت بالقوة يعلم أنها تألمت ومازالت تتألم، يجب عليه أن يحاول بكل جهده حتى يحل الأمر في الغد ولكن عليه أن يتركها تهدأ أولًا.
في الصباح استيقظ تاج وذهب لغرفة سروة حتى يتحدث معها، طرق الباب دون إجابة عدة مرات فولج لغرفة ليجدها فارغة، بحث في أرجائها بحيرة في بداية الأمر أعتقد أنها ربما في الحمام ولكن حين شاهد باب الخزانة شبه مفتوح فذهب ليتفقد الأمر واكتشف أن الخزانة فارغة من ملابس سروة، فهم أنها جمعت ملابسها وغادرت لبيت والدها فتنهد وهو يغلق الخزانة.
لم ينتظر بل بدل ملابسه على الفور وانطلق لبيت خاله، فتحت له الباب والدته التي احتضنته وهي تقول ببشاشة: حبيبي أخيرا جيت! أنا سألت سروة عليك قالت إنها سبقتك وأنت هتخلص حاجة في شغلك وتيجي.
علت ابتسامة ثغر تاج وهو يبادلها العناق ويقبل رأسها، أكد على كلام سروة قبل أن يسأل والدته عنها.
أشارت له سميحة وهي تغلق الباب وراءه: جوا مع نصير تعالى أقعد معانا.
حين لمحته سروة يدخل اختفت الابتسامة عن وجهها وتوترت حتى أن تاج شعر بهذا حين جلس في الأريكة المقابلة للتي تجلس عليها من ناحية اليسار.
تحاشت سروة النظر له رغم أن عيون تاج لم تفارقها حتى وهو يتحدث إلى خاله.
قال نصير بجدية: سروة قالتلي أنها هتقعد هنا فترة علشان أنت هتبقى مشغول الفترة الجاية.
استطاع تاج أن يُبقي ملامح وجهه محايدة رغم دهشته، توسلته عينا سروة فرد بابتسامة: اه يا خالي فيه حاجات مهمة الفترة الجاية في شغلي لازم تخلص وممكن أتأخر أو ابات برة ومش عايز سروة تكون لوحدها هقلق عليها.
أومأ خاله بموافقة وعلى وجهه الرضا، حين استأذن خاله ليذهب لغرفته وولجت والدته للمطبخ نهض تاج ليجلس بجانب سروة التي وقفت على الفور ولكن أوقفتها يد تاج التي أمسكت بذراعها وشدها لتجلس مجددًا.
قال تاج بصرامة: لو سمحتِ اقعدي علشان نتكلم.
قالت سروة بوجوم وهي مازالت تنظر أمامها: مفيش حاجة نتكلم فيها خلاص أعتقد أننا وضحنا كل حاجة امبارح.
رفع تاج حاجبه ورد بنبرة باردة: والله أنا مش فاكر أني وضحت حاجة، أنتِ مدتنيش فرصة أقول حاجة أصلا.
أدارت سروة وجهها له تتطلع إليه بجمود رغم كل المشاعر التي تعتمل داخلها وتابعت قائلة: لأنه مفيش حاجة تتقال تاني، إحنا وصلنا لطريق مسدود وأحسن حل أننا نطلق.
رد تاج بجدية كبيرة لا تتناسب مع قوله: ده عند أم ترتر.
ارتفع حاجبا سروة بدهشة واتسعت عيناها بينما بقى تاج ينظر لها بنفس الجدية وقد كتف ذراعيه وظهر على وجهه العناد، انطلقت منها ضحكة عفوية بغير قصد وقد بدى كالطفل الصغير بمظهره العفوي استرخت ملامح تاج وهو يبتسم لها أيضًا، انتبهت سروة فكشرت ملامح وجهها.
هتف تاج باعتراض: بتكشري ليه دلوقتي على فكرة دمي خفيف واتحب أهون عليكِ تسيبني؟
التوى قلبها حبًا ولمح تاج الضعف في عينيها فاستغل الفرصة واقترب منها، وضع يده على كتفها فتوترت سروة، اقترب بوجهه من وجهها فازدادت الحرارة داخلها وأشاحت بوجهها للناحية الأخرى.
همس تاج بنبرة ناعمة: بعدين أنا زعلان منك يعني اصحى وأدور عليكِ الاقيكِ مشيتِ ولميتِ هدومك كمان؟ من غير ما نتكلم ولا تسمعيني حتى؟
حاولت السيطرة على صوتها إلا أنه خرج مرتجفًا وهي ترد: ملوش فايدة الكلام في حاجة منتهية دي مشاعرك وأنا متفهماها وصدقني مش زعلانة منك أنت ضحيت علشاني كتير وأنا هفضل ممتنة ليك طول العمر إنما أنت مش مضطر تكمل معايا فعلا.
قال تاج بلامبالاة: خلصتِ؟
ارتبكت سروة من قربه الشديد منها وارتفعت نبضات قلبها، ردت بتلعثم: اا..اه خلصت.
أمرها بنبرة صارمة: سروة بصي لي.
أغمضت عيناها بقوة وهي تهز رأسها بالرفض فحثها مرة أخرى بإلحاح: سروة فتحي عيونك وبصي في عيوني لو سمحتِ.
ببطء فتحت عيونها واستدارت له بخوف مما يمكن أن تراه في عينيه ولا تتحمله إلا أنها لم تجد ما يحزنها أو يقلقها بل على العكس وجدت عيونه مليئة باللطف والتفهم والرقة.
قال بكل ما يحمله من صدق داخله ظهرت في صوته: أنا مش مشمئز منك ولا رافضك يا سروة بالعكس تمامًا أنا عمري ما هعرض عليكِ نكمل حياتنا مع بعض إلا وأنا حابب قربك، أنتِ متخيلة حياتنا كلها سوا مش مجرد نزوة فأنا عارف أنا بعمل إيه كويس، اللي حصل امبارح ده مجرد صدمة من ذكريات أنا فكرت نفسي ناسيها، اتصدمت أنها رجعت لي وفي الوقت ده بالذات فدي كانت ردة فعل تلقائي مني، أنا مش رافضك يا سروة بالعكس أنا عايزك.
ازدردت ريقها وهي تنظر أمامها بحيرة، لقد وجدت الصدق في عيونه مع كل كلمة يتفوه بها ولكن هناك شيء داخلها مازال مُتألم وخائف من أخذ أي خطوة ولكن يرغب بشدة في تصديقه ، على الناحية الأخرى كرهت ضعفها نحوه ومن مجرد كلمة تجد نفسها تميل إليه وقلبها يميل لتصديق ما يقوله لها.
انتفضت فجأة على يده التي تمسح على وجنتها بحنان فحدقت إليه قلبها ينبض بقوة بين أضلعها، استند بجبينه على جبينها وهو يُرجع شعرها وراء أُذنها فوضعت يدها على يده وهي تغمض عيناها كارهة لاستسلام قلبها له وعدم تمكنها من مقاومته رغم الألم الباقي داخلها.
انتفضوا فجأة بذعر على صوت يهتف بهم: أنتوا بتعملوا إيه!
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية تراتيل الهوى)