رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الرابع والسبعون 74 بقلم بيسو وليد
رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الرابع والسبعون 74 بقلم بيسو وليد
رواية أحببتها ولكن 7 البارت الرابع والسبعون
رواية أحببتها ولكن 7 الجزء الرابع والسبعون
رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة الرابعة والسبعون
فَقالوا أَينَ مَسكَنُها وَمَن هِيَ،
فَقُلتُ الشَمسُ مَسكَنُها السَماءُ،
فَقالوا مَن رَأَيتَ أَحَبَّ شَمساً،
فَقُلتُ عَلَيَّ قَد نَزَلَ القَضاءُ،
إِذا عَقَدَ القَضاءُ عَلَيَّ أَمراً،
فَلَيسَ يَحُلُّهُ إِلّا القَضاءُ.
_قيس بن الملوح.
______________________
وقد همَّ الفتى بأن يُـ ـلقي بنفسه في عـ ـمق البحـ ـر..
وكانت هُناكَ دومًا يد الإنقا’ذ والمعو’نة حاضرة، ر’فضت النفـ ـسُ التخـ ـلي عنهُ ور’فض القلبُ الهجـ ـر، وأبى العقـ ـل تركه يفعل ما يُريد، فقد صدق مَن قال أول أعد’اء المرءِ هي نفسه، وجميع مَن حوله هم أعد’اءه في سا’حة الحر’ب، فلا تلومن إلا مَن تسـ ـبب لهُ في ذلك حتى وإن كانت نفسه..
<“لحظاتٍ كحِـ ـدة نَصـ ـل السـ ـيف الحا’د،
وتر’قبٍ لبتـ ـر الجزء الخا’ضع للد’اء الملعو’ن.”>
لحظاتٍ كانت مُلـ ـتهبة وبشـ ـدة على قلوبهم أجمع..
لحظةٌ تمناها القلب ودَعَت لها الرو’ح وتمنى العـ ـقل حد’وثها، لحظةٍ كانت كحِـ ـدة نَصـ ـل السيـ ـف الحا’د الذي تم صنعه خصيصًا لأجله، وتر’قبٍ شـ ـديد لبتـ ـر الجزء الخا’ضع للمر’ض الملعو’ن لإكمال النَيـ ـل مِن الد’اء، مسـ ـكينٌ أراد العيـ ـشُ حُـ ـرًا في بلاده ولم ينصـ ـفه حتى شعبها..
تسـ ـللوا أربعتهم كاللـ ـصوص لسر’قة إحدى منازل كبا’ر البلد في جو’ف الليل، اللو’ن الأسو’د كان يكتسـ ـيهم بعدما أتفقوا أربعتهم على أرتداءه، أسلـ ـحتهم بأيديهم وأعينهم تطوف في أرجاء المكان خلسةً، توقفوا في نقـ ـطةٍ مُحا’يدة لينظر إليهم “أحـمد” الذي همس إليهم بقوله:
_عايزين نتوزع، أنا و “حُـذيفة” هندخل جوه وأنتَ يا “ليل” هتاخد معاك “علي” وتخليكم بره ومش محتاجين أقولكم هتعملوا إيه طبعًا.
جاءه الجواب مِنهم بإماءة صغيرة مِن رؤوسهم ليأتي قوله مِن جديد هامسًا:
_لو حـ ـسيتوا بحاجة أدونا خـ ـبر على طول، وابن حلا’ل اللي يمسك “جـمال” فينا … يلا عشان منضيعش وقت.
أنهـ ـى حديثه ليحاوطون بعضهم البعض في دائرة صغيرة يتعانقون وهم يدعون لأنفسهم ويتلون آيات سورة الفاتحة لينتشـ ـروا بعد ذلك كما أتفقوا معًا، أثنين ولجا إلى الداخل والأثنين الآخرين إلى الخارج ينتشـ ـرون كالدواء الذي يُحا’رب الد’اء لسنواتٍ لمعرفة مَن مِنهما المنتـ ـصر، توقف “ليل” فجأةً مخرجًا هاتفه مِن جيب سترته الدا’كنة ليرى “شـهاب” يُهاتفه ولذلك جاوبه قائلًا بنبرةٍ متسائلة:
_فينك دلوقتي؟.
_فالطريق قولت أتصل أتطمـ ـن عليكم، وصلتوا ولا لسه؟.
جاوبه وأتى بسؤالٍ آخر وهو ينظر إلى الطُرُقات مِن حوله ليأتيه جواب الآخر الذي قال:
_وصلنا يابا وسمينا الله وبدأنا المد’عكة، عايزك تيجي تتكيف وتكيفنا معاك مش هوصيك.
أبتسم “شـهاب” ولمـ ـعت عينيه بشـ ـرٍ قاطـ ـن مجيبًا إياه قائلًا:
_النـ ـيَّة حاضرة يا حبيبي متقلـ ـقش، مش هأ’ثر يعني.
جاء صوت “علي” الذي توقف وألتفت ينظر لهُ نظرةٍ مستنكـ ـرة ليُبادله “ليل” نظراته بأخرى متسائلة ليُطلق “علي” ز’فيرة قو’ية وهو يجاوبه بنبرةٍ خا’فتة محتـ ـدة قائلًا:
_صوتك عالي يعني بتقول للأطر’ش أنا هنا؟.
لمح “ليل” أثنين خـ ـلف “علي” يُشهران مسد’سهما عليهما لير’مق “ليل” ابن عمّه نظرةٍ ذات معنى مِن خلالها فَهِمَ “علي” وشعر بهما ولذلك وبحركةٍ سر’يعة مِنهُ أنحنى بجذ’عه العلـ ـوي إلى الأسـ ـفل في نفس اللحظة التي أخرج فيها “ليل” سلا’حه وأطـ ـلق بحركةٍ سريعة رصا’صاته عليهما ليسـ ـقطا جـ ـثةٍ ها’مدة في الحال أسـ ـفل نظرات “علي” الذي ألتفت برأسه ينظر إليهما مستقيمًا في وقفتهِ ليعود ببصـ ـره إلى ابن عمّه الذي أبتسم واستند بنصفه الأ’يسر على الجدار الماكث بجواره وهو يقول بنبرةٍ با’ردة يُصاحبها بسمةٌ مستفـ ـزة:
_بقولك يا “شـهاب” إحنا فعجيبة إيه اللي وداك غريبة.
ر’فع “علي” حاجبه الأ’يمن عا’ليًا وهو يُطا’لعه مستنكرًا وكأنه يُخبره “حقًا”؟ لتتـ ـسع بسمة “ليل” الذي ومض بجـ ـفنه الأ’يسر لهُ مستمعًا إلى صديقه، حرك “علي” رأسه بقلة حيلة وهو يقول:
_أستغفر الله العظيم يا أخي.
وعلى الجهة الأخرى..
كان “أحـمد” يسير بخطى هادئة للغا’ية وبيديه سلا’حه وخلفه يتتبعه “حُـذيفة” كظـ ـله ينظران حولهما يبحثان عن “مـسك” ليتوقفا فجأةً وهما يران ثلاثة رجا’لٍ مسلـ ـحين يقفون على ذاك الباب بأسلحـ ـتهم يقومون بمرا’قبة المكان، ترقبا هذا الباب ليأتي قول “حـذيفة” الهامس الذي وَّجه حديثه إلى ابن عمّه قائلًا:
_”مـسك” شكلها جوه، بس هو “جـمال” للدرجادي خا’يف مِن واحدة سـ ـت تهر’ب فالمكان المقفو’ل دا؟.
أبتسم “أحـمد” سا’خرًا وألتفت برأسه كي يستطيع رؤيته وهو يُجيبه قائلًا:
_”جـمال” دا مر’يض، عنده مر’ض الشـ ـك، حتى نفسه ممكن يشُـ ـك فيها عادي جدًا دا مكانه الصح مستشفى المجا’نين.
_على رأيك واللهِ.
هكذا جاوبه “حُـذيفة” سا’خرًا ليعاودا النظر مِن جديد إلى هذا الثلاثي ليرى سويًا ظهور “جـمال” أمامهما لتشتـ ـعل النير’ان في صد’ره حين رؤيته ليطـ ـبق على أسنا’نه وهو ينتو’ي على قتـ ـله قائلًا:
_ظهر ابن الـ***، وربنا المعبود ما هسيبك.
منـ ـعته يد “حُـذيفة” سريعًا ليلتفت برأسه كالرصا’صة ينظر لهُ ليأتي جوابه المتعقل حينما قال بنبرةٍ هادئة:
_أهدى مش هينفع نتها’ون هنا، أفرض هي جوه الأوضة دي وأديته الطـ ـلقة هيجيلك الرد مِن واحد فيهم وهو ضا’ربها نفس الطـ ـلقة مش هيهمه أوا’مر حد خلاص ر’ئيسه ما’ت وإحنا مش عايزين “جـمال” يمو’ت دلوقتي، أعـ ـقل يا “أحـمد” ومتتهو’رش الغـ ـلطة برد يو’جع، أهدى.
لم يُنـ ـكر أن حديث ابن عمّه صحيح مئة بالمئة حينما أعاد التفكير لثوانٍ معدودة بينه وبين نفسه ليتراجع عمَّ كان ينتو’ي على فعله وهو يُطـ ـلق ز’فيرة قو’ية ليضطـ ـر إلى الإنتظار ورؤية ما سيحدث، عادا يُرا’قبانه ليرونه يولج إلى الداخل وتتسـ ـع بسمتهُ عا’ليًا وهو ينظر إليها قائلًا بنبرةٍ عا’لية بعض الشيء وصلت لهما نظرًا لخلـ ـو المكان مِن حولهم:
_منورانا يا قمورة واللهِ، أنا قولتله يا “أحـمد” طول عُمرك ذوقك حلو مصدقنيش، يا خسا’رة الجمال دا يرو’ح.
نظرا إلى بعضهما البعض حينما تأكدى بوجودها في الداخل ليعاود “أحـمد” النظر لهُ وعينيه تشـ ـتعلان بر’وح الغيـ ـرة والإنتقا’م، فكر بينه وبين نفسه ماذا عليهِ أن يفعل الآن كي يستطيع الولوج لها في هذه اللحظة قبل أن ينغـ ـلق الباب مرةٍ أخرى ولذلك نظر حوله بنظرةٍ خا’طفة يبحث عن مُراده أسفـ ـل نظرات ابن عمّه لهُ الذي أنذ’ره حدسه بتهو’ر “أحـمد” ولذلك قال بنبرةٍ حا’دة يرد’ع تفكيره:
_”أحـمد” قولتلك متتهو’رش حياتها فخـ ـطر متستـ ـهبلش.
صوَّ’ب “أحـمد” سلا’حه على إحدى الديكورات الز’جاجية ثم أطـ ـلق رصا’صته المضا’دة للصوت لتختر’قها سريعًا ويصدح صوت إنكسا’رها عا’ليًا يجذ’ب إنتبا’ههم جميعًا، عنـ ـفه “حُـذيفة” بعد أن ضر’ب الآخر بتحذ’يراته عرض الحا’ئط وهو يز’جره بقبـ ـضته على ذراعه وهو ير’ميه بنظراتٍ غا’ضبة؛ هو لا يهتم بكم هذا الضـ ـرر، بل يهتم إليها هي، قلبه يُريد الاطـ ـمئنان عليها ورؤيتها، يكفيه ما مرّ بهِ ورآه بدونها، وما ضغـ ـط أكثر عليهِ صغيره الذي لم يكُف عن البكاء والمطالبة بها وخو’فه الشـ ـديد بدونها، كُل ذلك ويُطالبونه بالتعقـ ـل..
أيُ تعـ ـقلٍ ذاك الذي تتحدثون عنهُ مع عا’شقٍ مثله؟ إن أستطاع إحرا’ق العالم بأكمله لأجلها فسيفعلها حتى يُعيدها إلى حـ ـصنه المنيـ ـع، حيثُ هذا هو مكانها الصحيح الذي تنتـ ـمي لهُ هي، رأى صر’اخ “جـمال” بثلاثتهم يأ’مرهم بالذهاب ورؤية ما حدث ليراهما يتحركون وهم يبحثون عن الفا’عل، أبتسم “أحـمد” بزاوية فمهِ بسمةٌ سو’د’اوية ونظراتِ فهـ ـدٍ مفتر’س يستعد للإنقضا’ض على فر’يسته في الوقت المناسب، في هذه اللحظة شعرت “مـسك” بتواجده في المكان، أنذ’رها قلبها بقدومه لتتذكر أنهُ في باكورة الصباح قـ ـطع وعدًا صا’دقًا إليها بأستر’جاعها مرةٍ أخرى لهُ مهما كلـ ـفهُ ذلك الأمر..
غمـ ـرتها الرا’حة وهي تنظر إلى “جـمال” الذي تندى جبينه وأصا’به القلـ ـق الشـ ـديد بعدما لم يأتيه الرد مِن رجا’له حتى هذه اللحظة لتبتسم بداخلها سا’خرةً على حا’له بعد’م ظهور زوجها فماذا سيفعل حينما يتواجها سويًا وجهًا لوجه؟ وفي الخارج وجد أحدهم رصا’صة على سطـ ـح الأرض بعدما أختر’قت الزهريّة الز’جاجية ولذلك أنحـ ـنى بجذ’عه يلتـ ـقفها متفـ ـحصًا إياها مستقيمًا في وقفته مِن جديد لتأتيه الأخرى التي أختر’قت جسـ ـده ليسـ ـقط جـ ـثةٍ ها’مدة على الأرض ويلـ ـحق بهِ الأثنين الآخرين بعدما أصطا’دهما “حُـذيفة” قائلًا بنبرةٍ حا’دة:
_فجـ ـهنم إن شاء الله.
جاءه جواب “أحـمد” الذي قال بنبرةٍ حا’دة وهو ير’مق فر’يسته بشـ ـرٍ عظيم:
_جه دور را’س الأ’فعى.
أنهـ ـى حديثه وهو يُصوِّ’ب سلا’حه تجاه “جـمال” الذي كان سيجـ ـن جـ ـنونه ويخرج لرؤية ما يحدث، ركز على قدمه لثوانٍ معدودة ثمّ ضغـ ـط على الز’ناد لتخرج رصا’صته السا’مة تُصـ ـيب العد’و بمهارةٍ فا’ئقة، أختر’قت قد’م “جـمال” الذي صر’خ عا’ليًا متأ’لمًا وسقـ ـط أرضًا ممسكًا بها، خرج “أحـمد” مِن مـ ـخبئهِ ركضًا لهُ ومعهُ “حُـذيفة” الذي إنقـ ـض عليهِ كالأسـ ـد الجا’ئع يحا’صره مصوبًا سلا’حه على رأسه وهو يصر’خ بهِ بعنـ ـفٍ قائلًا:
_ولا حركة بدل ما تلاقي واحدة فرا’سك !!.
نظر “أحـمد” بتلهفٍ إلى “مـسك” ليراها تستقر على المقعد الخشـ ـبي مقـ ـيدةٌ بحبا’لٍ مـ ـتينة والعـ ـصبة على عينيها تحجُـ ـب عنها الرؤية والأخرى على فَمِها حتى لا تُصد’ر صوتًا تكـ ـشف أمرهم، ولجا كلًا مِن “ليل” و “علي” ليرى “مـسك” و “جـمال” السا’قط على أرضية المكان متأ’لمًا، ألتمعت العبرات في مُقلتيه وهو يراها أمامه بعد هذه الأيام العـ ـصيبة التي مرّت عليهم أجمع، وخصيصًا عليهِ هو، صر’خ القلب في هذه اللحظة بحبيبُه وتعا’لت نبـ ـضاته تصر’خ بإسمه، لا يُصدق أنها أمامه، ترقرق الدمع في عينيه ليضع كفه على موضع قـ ـلبه الذي تعا’لت نبـ ـضاته مُربتًا عليهِ وكأنه يُخبره لقد وجدتها يا صاح لا تخـ ـف إنها مازالت بخيرٍ..
بدأ يقترب مِنها بخطى هادئة للغا’ية وهو ينظر لها، يراها فقـ ـدت القليل مِن وزنها ويبدو الإر’هاق باديًا على تقا’سيم وجهها، آ’لمته حالتها بلا شـ ـك وجعلت القلب يصر’خ بقو’ةٍ يُعنـ ـفهُ ويُخبره أهذه بخيرٍ أيُّها الكا’ذب؟ نعم لا ضـ ـرر في أن يكذُ’ب على نفسه بأنها مازالت بخيرٍ حتى وإن لم تدل هـ ـيئتها على ذلك، لم تكُن الأكذ’وبة الأولى يا رفيق..
توقف أمامها مباشرةً وهو ينظر إليها بقلبٍ مفتو’ر ورو’حٌ أُر’هِقَت قبل رؤيتها، مد كفيه بهدوءٍ نحوها وعينيها تُطا’لعه يقم بتحر’ير عقـ ـدة العـ ـصبة الموضوعة على عينيها والعديد مِن المشاعر المتضا’ربة تدا’همه وتشو’ب صرا’عًا عنيـ ـفًا بداخلهِ تجعله سيفـ ـقد صوابه ويقـ ـتله، أبعد العصـ ـبة عن عينيها وهو ينظر لها يراها تحاول فتـ ـح عينيها بعدما قابلها قو’ة الضوء لترى رؤيتها مشو’شة، لا تستطيع رؤيته بشكلٍ أوضح..
وعلى بُعد سنتيمترات مِنهما يُلاز’م “جـمال” أرضية الغرفة محاوطًا بثلاثةٍ مِنهم بأسلـ ـحتهم المصو’بة عليهِ في أماكن متفر’قة ولذلك عَلِمَ أنهُ إذا تحرك حركة صغيرة ستصـ ـيبه واحدةٍ مِنهم لا شـ ـك في ذلك فهذه فرصتهم الذهبية وجاءت إليهم، ولذلك كعادته الخا’ئفة ألتزم مكانه دون أن يتحدث منتظرًا ما سيحدث لهُ على أياديهم بعدما رأى أنهُ لا مفـ ـر للهر’ب الآن..
فيما أتضـ ـحت رؤية “مـسك” التي نظرت إلى “أحـمد” وهي لا تُصدق أنه أمامها بالفعل قام بتنـ ـفيذ وعده إليها وجاء لتحر’يرها مِن هذا المعتـ ـقل الممـ ـيت، ألتمعت العبرات في مُقلتيها بكثا’فة وهي تنظر لهُ لتراه يقترب مِنها يُحـ ـرر عقـ ـدة الأخرى الموضوعة على فَمِها لتسقـ ـط عبراتها على صفحة وجهها في هذه اللحظة وهي تتابعه بأنفا’سٍ مضطـ ـربة، فيما نظر هو إليها قليلًا دون أن يتحدث ليُبعـ ـدها عنها مُـ ـلقيًا إياها ثم بدأ بتحر’ير عُقَـ ـد الأحبا’ل المـ ـتينة مُخرجًا أد’اة حا’دة يبدأ بقطـ ـعهم مِن الأمام بعدما شـ ـدد بقبـ ـضته على واحدةٍ مِنهم يجذ’بها بعيدًا عنها لتتأ’وه هي أ’لمًا بعدما شعرت بقو’تها على جسـ ـدها ليقول هو بنبرةٍ هادئة وهو ينظر لها:
_معلش دا الحل الوحيد دلوقتي، أستحـ ـملي شوية عشان متتأ’ذيش.
بدأ بقطـ ـعهم واحدة تلو الأخرى وكلما قُطِـ ـعَت واحدة شعرت بالرا’حة تعود إليها مِن جديد، تلك القيو’د اللعـ ـينة التي كانت تحـ ـكُم حركة جسـ ـدها بشكلٍ جـ ـنوني وكأنها ستهرُ’ب مِن بين هؤلاء الرجا’ل المد’ججين بالأ’سلحة المختلفة، أنهـ ـى بعد القليل مِن الوقت الجزء العلـ ـوي ليبدأ بقطـ ـع الجزء السُفـ ـلي الذي كان يحـ ـكُم كذلك حركة قد’ميها، نظر “حُـذيفة” إلى أولاد عمومته نظرةٍ ذات معنى ليأتي قول “علي” الخافت وهو ينظر إلى ابن عمّه:
_يمكن أول مرة أشوف وأقول كدا، بس “أحـمد” بيحب “مـسك” أوي بطريقة مجـ ـنونة، خو’فه الشـ ـديد عليها وتو’تره الدايم آه أي حد فينا هيبقى كدا بس “أحـمد” لا عدى الحد’ود، شايف “قيس” رقم ٢ قدامي حرفيًا.
_على الأقل أهوَّ’ن مِن واحد أعرفه.
هكذا جاوبه “حُـذيفة” دون أن ينظر إلى ابن عمته الذي ر’ماه بنظراتٍ حا’قدة وقال متو’عدًا لهُ:
_خبـ ـط حلو بالكلام خبـ ـط، هنفـ ـخك بعدين.
ر’ماه “حُـذيفة” بطر’ف عينه نظرةٍ ذات معنى مبتسمًا ثم ومض بجـ ـفنه الأ’يسر بخـ ـفةٍ لهُ مشاكـ ـسًا إياه دون أن يتحدث، نهضت “مـسك” بعد أن حـ ـرر هو جميع قيو’دها ليُبا’در هو دون أن يُعطيها الفرصة جا’ذبًا إياها إلى د’فئ أحضانه مطـ ـبقًا عليها بذراعيه مشـ ـددًا مِن ضمته لها، لم تقا’ومه ولم تُبعده بل تركت نفسها لهُ فلا تمـ ـلُك طا’قةٌ للتحدث كانت تنتظر قدوم تلك اللحظة وها هي جاءت على طبـ ـقٍ مِن ذهب، حاوطتهُ بذراعيها برفقٍ لتسمعهُ يقول بنبرةٍ تملؤها الخو’ف عليها:
_كُنْت خا’يف موفيش بالوعد، كُنْت خا’يف ملحـ ـقكيش، كُنْت خا’يف أقوله مقد’رتش أرجعها ويشوفني مُ ـتهم، كُنْت خا’يف مِن الو’حدة، كُنْت خا’يف مِن نظراتهم ليا لو مكانش القد’ر وقف فصفي، كُنْت خا’يف أفضل عا’يش مُذ’نب العُمر كله، مصدقتهمش لمَ قالولي فيوم هيستغـ ـلوا نقـ ـطة ضعـ ـفك ووقتها هتقف عا’جز مش عارف تاخد خطوة واحدة وأنا مصدقتهمش، بس لمَ جرّبت وشوفت وعيَ ـشت حسـ ـيت … أنا ضعـ ـيف أوي مِن غيرك يا “مـسك”.
أنهـ ـى حديثه وسمح لعبراته بالسقو’ط على صفحة وجهه، أفصـ ـح عن ما كان يشعر بهِ لها دون تردد حينما شعر بضيا’عها مِن بين يديه، أفصـ ـح وأعرب عن خو’فه عليها وضـ ـعفه الذي يكون في حضرتها قو’ته، ترك رو’حه تنزُ’ف قليلًا علّها تحظى بالر’احة الأبدية فيما بعد، آ’لمها حديثه بلا شـ ـك ولا’مس قلـ ـبها لتمـ ـسح بكفها على ظهره برفقٍ وسقـ ـطت عبراتها على صفحة وجهها أكثر فاليوم كانت تشعر أنها ستلقى مـ ـصيرها الأبدي فلولاه لكانت مـ ـيتة الآن..
أبعدها قليلًا ينظر إلى تقا’سيم وجهها الباكِ يرى الإر’هاق باديًا على تقا’سيمه وقد خسـ ـرت قليلًا مِن وزنها، ر’فع كفيه وأز’ال عبراتها عن صفحة وجهها ثم اقترب مِنها يُلثم جبينها بقْبّلة عمـ ـيقة بعض الشيء ثم ضمها مِن جديد ماسحًا بكفه الأ’يمن على خصلا’تها الحمـ ـراء والأخرى تحاوطها محاولًا تهدأة نفسه حتى يستفيق جيدًا لهذا الحقـ ـير الماكث خلفه متعهـ ـدًا على عد’م تركه إلا أن ينا’ل مِنهُ..
وبعد مرور ما يُقارب الساعة..
وصل “شـهاب” إلى وجهته المنشودة صاففًا سيارته بجوار ذاك المخز’ن ليترجل مِنها بكُل هدوءٍ مغـ ـلقًا إياها عن طريق الزر الإلكتروني ليلتفت خلفه ينظر إلى وجهة المخز’ن الخارجية نظرةٍ ذات معنى بتلك العينين الحا’دة التي مازالت تحتفظ برونقها حتى هذه اللحظة، هاتف رفيقه وأنتظر لثوانٍ معدودة ثمّ جاوبه بنبرةٍ هادئة وقال:
_أطلع أنا وصلت ومستنيك بره.
أنهـ ـى حديثه وأغـ ـلق المكالمة وهو ينظر إلى المخز’ن مطـ ـلقًا ز’فيرة قو’ية مستندًا بظهره على سيارته منتظرًا خروج الآخر لهُ واللو’ن الأسو’د هو شعارهم هذه الليلة، أخذ نفسًا عمـ ـيقًا ثم زفـ ـره بتروٍ ليرى رفيقه يقترب مِنهُ بعد دقائق قليلة واضعًا قبعة سترته على رأسه ليضمه إلى أحضانه مبتسمًا يُرحب بقدومه لمرته الأولى بعد الحا’دث ليستقبله كذلك “شـهاب” بالعناق ليبتعد الآخر عنهُ ينظر إليهِ قائلًا بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_سلامات يا عمّ، ما يُـ ـقع إلا الشاطر فعلًا.
_الحمد لله، طول عُمري شاطر فتلاقي الأعد’اء اللهم بارك يعني.
هكذا جاوبه “شـهاب” مبتسم الوجه وهو ينظر لهُ ليوافقه “ليل” القول حينما ربت برفقٍ على ذراعه الأ’يسر قائلًا:
_أعد’اء النجاح ياض، الضحـ ـية جوه مستنياك.
أبتسم “شـهاب” بسمةٌ وا’سعة وهو ينظر لهُ ليقول بنبرةٍ هادئة وحما’سية:
_يفتح الله، “أحـمد” أتطـ ـمن على مراته؟.
_آه جوه مستنيينك.
أعتدل “شـهاب” في وقفتهِ وأشار لهُ بوجهٍ مبتسم محاولًا كبـ ـح ضحكاته حينما لم يجد ردًا مِن رفيقه على مجيئه وحيدًا قائلًا:
_يلا طيب.
تحركا كليهما إلى الداخل بخطى هادئة يجاوران بعضهما منتظرًا تلقي الإجابة مِنهُ بأي دقيقة ليراه توقف فجأةً وهو ينظر إليهِ نظرةٍ ذات معنى ليتوقف هو مكانه دون أن يلتفت لهُ لتعـ ـلو بسمةٌ وا’سعة على ثغره وفي غضون ثوانٍ كان يراه يقف أمامه وهو يُد’قق النظر إليهِ دون أن يتحدث، حاول التهرُ’ب مِنهُ ولَكِنّ رد’ع فعـ ـله كف “ليل” الذي قبـ ـض على ر’سغه وهو ينظر إليهِ نظرةٍ ذات معنى هنيهة مِن الوقت يؤكد لنفسه أن ما رآه قبل قليل حـ ـقيقة وليست خيا’لاتٍ و’همية صنعها عـ ـقله الباطـ ـن لهُ في هذا التوقيت..
_أنتَ أزاي جيت لوحدك؟ وفين عصـ ـايتك؟ وماشي مُحا’زي ليا كدا أزاي مِن غير ما حاجة تعـ ـطلك فالنص؟ ولا أنتَ شايف وبتستـ ـغفلني؟.
أنهـ ـى “ليل” أسئلته المتر’قبة وهو يقبـ ـض بكفيه على سترته جا’ذبًا إياه برفقٍ منتظرًا تلقي الإجابة التي لم تَطُل كثيرًا حينما جاوبه “شـهاب” مبتسم الوجه يُنكـ ـر ذلك قائلًا:
_محصلش، وبعدين “شُـكري” وصلني وبعدين خد مواصلة ومشي عشان عنده شغل مهـ ـم يلـ ـحقه وخلاني أتصل بيك قبل ما يمشي كالمعتاد.
_هتصـ ـيع عليا يا’ض على أساس أنا عبيـ ـط وهصدقك، طب دول كام.
هكذا رد عليهِ يُعـ ـنفه في بادئ الأمر ثم أنهـ ـى حديثه وهو يُشهـ ـر بكفه في وجهه ليأتي جواب “شـهاب” الذي لم يستطع تما’لُك نفسه وأجابه ضاحكًا:
_أنتَ ليه أتغا’بيت يا “ليل” أنا كُنْت سايبك أعـ ـقل مِن كدا، أتغا’بيت آه بس أحلويت يا’ض.
أنهـ ـى حديثه وهو يومض بجـ ـفنه الأ’يسر بتخا’بثٍ وهو يُطا’لعه مبتسم الوجه ليراه ينظر لهُ وكأن عـ ـقله شُـ ـلَّ عن التفكير لينظر مِن جديد إلى ساعة اليد الالكترونية التي كان يرتديها بيده اليُسر’ى ليتفـ ـحصها أسـ ـفل نظرات “ليل” المستنكرة بتاتًا ما يحدث ليسمعه يقول مُبديًا بإعجابه الشـ ـديد بها:
_حلوة الساعة دي، طر’ش هي والاوتفيت، وريني كدا حاطط صورة مين.
أنهـ ـى حديثه وهو يقف بجواره ضا’غطًا بخـ ـفةٍ على شاشة الساعة ليرى صورته رفقة زوجته وولديه ليبتسم حينما رأى هذا الصغير أصبح نسخةٌ مصغرة مِن صديقه وتلك الجميلة أصبحت ذات الخمسة أشهرٍ الآن ليقول بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_الواد “رائد” أحلو أوي تصدق، بقى نُسخة مِنك يخر’بيتك، السُكّر دي شكلها شبه مراتك ملامحها بتقول كدا.
جحـ ـظت عينين “ليل” وهو ينظر لهُ بعد’م استيعاب ليشعر “شـهاب” بنظراته ولذلك لم يستطع تما’لُك نفسه وضحك عا’ليًا حينما رأى صد’مة رفيقه وعد’م أستيعابه لِمَ رآه ليقول بنبرةٍ عا’لية مستنكرة وهو يقبـ ـض على سترته مِن جديد:
_نعم يا حـ ـيلة أُ’مّك؟! أنتَ شا’يف بجد ومغـ ـفلني كُل دا يا “شـهاب” !! أنتَ بجد غـ ـفلتني؟.
حاول “شـهاب” تهدأته وضحكاته تزداد أكثر كلما رأى تقا’سيم وجهه التي كانت تُعبر عن صد’متهِ بهِ ليجاوبه مِن بينهم قائلًا:
_بصراحة بقى آه، أنا بشو’ف فعلًا ومستغـ ـفلكوا كلكوا مش أنتَ بس، لمَ حصلت الحا’دثة الخـ ـبطة اللي خدتها على راسي عملت تأ’ثير على شـ ـبكية العين فهو خد بصـ ـري ورجعه بعد سنة تاني بنفس السيناريو، بس أنا اللي محبتش أقولكم عشان أفاجئكم بنفسي بصراحة وأتفقت مع “ريـما” على كدا، كُل الوقت دا وأنا شا’يفكم على فكرة وأنتَ أول واحد تعرف دلوقتي … مش هتفرحلي بقى ولا إيه؟.
كان “ليل” مصد’ومًا بحـ ـقٍ لا يُصدق ما سمعه الآن، رفيق دربه الذي كان كالجبا’ل في صلا’بتها، وكالصخو’ر في قو’تها، وكالبحـ ـر حينما يغدُ’ر بصاحبهِ، اليوم هو أصبح جميعهم مِن جديد، عاد ليثأ’ر لنفسه على عامٍ ونصف ضا’ع هد’رًا جعله خسـ ـر أثمن ما يمـ ـلُك، عاد لينتقـ ـم ولن يهدأ سوى أن ينتـ ـقم لنفسه بلا شـ ـك، جذ’به سريعًا إلى أحضانه يُعانقه بقو’ةٍ كبيرة غير مصدقٍ لِمَ سمعه قبل قليل فقد عاد رفيق الدرب مِن جديد إلى المكان الصحيح بعد أن تغيَّـ ـب كثيرًا عنهم ورحل بدون وداع..
ترقرق الدمع في المُقل بعدما أتاه هذا الخبـ ـر السار ليُشـ ـدد مِن ضمتهِ لهُ غير مصدقٍ، فيما كان “شـهاب” يبتسم وهو يرى تضا’رب مشاعر صديقه الحبيب باديةٌ على حركة جسـ ـده وأنفاسه، ربت على ظهره برفقٍ وقال بنبرةٍ هادئة يُحاول تهدأته:
_أهدى يا صاحبي، الحمد لله كُل حاجة رجعت لأصـ ـلها أهو وأنا بصـ ـري رجعلي تاني، أفرح يالا وبطل نكـ ـد عندنا حفلة جوه أنا مؤسسها.
مازحهُ بحديثه بوجهٍ مبتسم وهو يُربت على ظهره برفقٍ لوقتٍ قليلٍ ليراه بعدها يبتعد عنهُ ينظر إليهِ بوجهٍ مبتسم وعينين ملتـ ـمعتين قائلًا بنبرةٍ باكية:
_مش عارف أوصفلك سعادتي أقسم بالله، مبسوط أوي بالخبـ ـر الحلو دا بطريقة بجد مش هقدر أوصفهالك، هرجع أشوفك معانا تاني فالشغل يا فقـ ـري.
ضحك “شـهاب” على حديثه ثم ربت على كتفه برفقٍ وقال بنبرةٍ ضاحكة:
_عارف وحا’سس وشايف، دا اللي تو’قعته مِنك يا صاحبي، أركن التأ’ثر دا على جنب ويلا عشان همو’ت وأديه عـ ـلقة حلوة أنا جاي واكل وفايق وشارب كوباية قهوة مخصوص عشانه فيَلا عشان الباور دا ميروحش.
تما’لك “ليل” نفسه سريعًا ولذلك مسح بكفه على وجهه يُز’يل عبراته قائلًا بوجهٍ مبتسم:
_معلش الصد’مة خدتني مِنك، يلا وهو لسه فا’يق جوه أدخل أشـ ـفي غـ ـليلك يا صاحبي زي ما تحب.
في الداخل..
كان كُل واحدٍ مِنهم يقف على مسافة وجيزة مِن الآخر والفر’يسة في منتصف الدائرة، ثلاثتهم يقفون يفتر’سوه بنظراتهم فماذا إن إنقـ ـض عليهِ أحدهم الآن؟ كانت “مـسك” تجلس على المقعد الخشـ ـبي في نها’ية الغرفة تتر’قب ما سيفعلوه، لحظاتٍ وصدحت صوت أقدامٍ تقترب مِنهم بخطى هادئة منتظمة لينظروا ثلاثتهم إلى الوافد الذي لم يكُن سوى “ليل” يقترب مِنهم بخطى هادئة ملتزمًا مكانه بجوار ابن عمّه “حُـذيفة” ينظر بشـ ـرٍ إلى “جـمال” الذي كان مكـ ـبلًا بالعمو’د الخشـ ـبي بإحكا’مٍ وقدمه تنزُ’ف بسـ ـبب رصا’صة “أحـمد” التي أصا’بت هدفها ببراعةٍ وخبرة شـ ـديدة..
كانت هُناك بعض الكد’ما’ت والجر’وح على وجهه بعدما لم يستطع “أحـمد” تما’لُك نفسه وأصبح يُسـ ـدد إليهِ الضر’بات القو’ية والعنيـ ـفة وهو يصر’خ بهِ ويثأ’ر لزوجته حتى أنتـ ـهى الأمر بتد’خُل أولاد عمومته يُبعدانه عن مر’ماه حتى يحين موعد قدوم ابن عمّهم الآخر ورفيقهم، صمتٌ قا’تل ساد المكان بأكمله لتتوجه الأنظار مِن قِبَلهم إلى “ليل” الذي أعطاهم الإشارة بعيـ ـنيه بالأنتظار قليلًا..
ثانية، أثنتين، ثلاثة وصدحت صوت موسيقى تكـ ـسر حِدة هذا الصمت القا’تل، موسيقى يُحبُها وكلماتها تُعبر عن حاله، أختار بأن تكون هذه هي بداية الجحـ ـيم معهُ، أختارها وهو يعلم أنها لن تخذ’له، ومع بداية هذا المقـ ـطع ولج هو إليهم بخطى هادئة للغا’ية قبعته السو’د’اء الخاصة بسترتهِ على رأسه تُغطي تقا’سيم وجهه بأكملها يقترب مِنهم أسـ ـفل نظرات التر’قب مِنهم ومِن “جـمال” الذي عقد ما بين حاجبيه وهو يستمع إلى كلمات تلك الموسيقى..
يا دُنيا بتدوري،
وأنا ماشي فيكي بأصولي،
لسه هتشوفي،
وبكرة هيفاجأك أسلوبي،
ظهوري قليل،
بس في بالكم صعب تنسوني،
صوتي واطي،
بس بكرة هقوى أعلي صوتي.
كلماتٌ تُعبر عن ما عا’شه ورآه على يديه، كلماتٌ تُخبر صاحبها أن الدُنيا مثل لُعبة “الد’بور” تدور، وبرغم ذلك كان هو يسير على مبدأه دون الأنحـ ـناء يمينًا أو يسارًا وتنتظر ردًا مِنهُ والذي سيُفاجئها بشـ ـدة، برغم عدم ظهوره بشكلٍ مستمر طوال الحا’دث ولَكِنّ ظل في عقـ ـله لم ينساه، وكيف لهُ أن ينساه وهو لم يُحـ ـقق غا’يته بشكلٍ يُرضيه؟ صوته كان خافتًا حينما طلب النـ ـجاة، كالقطة العا’لقة في كو’مة قـ ـشٍ كبيرة لا توجد بها ثغـ ـرةٌ صغيرة تُساعدها على الخروج ونَيْـ ـل الحُـ ـرية، واليوم المنتظر جاء فيه أصبح أقوى وصر’خ بعـ ـلو صوته يُعلن الجميع عن عودة الأسـ ـد لحُـ ـكم ممـ ـلكته مرةٍ أخرى بعد غِيَا’بٍ دام طويلًا..
توقف “شـهاب” أمام “جـمال” مباشرةً دون أن يُفصح عن هويته، ترك الآخر ينتظر لرؤيته، تركه يعيـ ـش ثوانٍ قليلة مِن التساؤل والحيرة فحتى هذه اللحظة هو يعلم أنه قد ما’ت ومتأكدٍ بشـ ـدة مِن ذلك فرجا’له هم مَن أكدو ذلك، ولذلك “شـهاب” بعيدٌ كُل البُعد عن دائرة تفكيره ولذلك ظن بأنهُ لرُبما يكون آخرٍ، جميعهم متواجدون حوله ولذلك بدأ يشعر بالقلـ ـق فمَن غيرهم سيأتي بعدما قُتِـ ـلَ “شـهاب” وتم أعتقا’ل “مـينا”؟.
أكملت الموسيقى منوالها بصوت المغني الشهير المُحبب لهُ تزامنًا مع ر’فع قبعته بعيدًا عن وجهه في نفس ذات اللحظة التي جحـ ـظت فيها عينين “جـمال” على و’سعهما بشـ ـدة بعد أن أصا’به “شـهاب” هذه المرة بضر’بته القو’ية، أبتسم بزاوية فمهِ بتخا’بثٍ شـ ـديد وهو ينظر لهُ نظرةٍ مليئة بالمكـ ـرِ لتأتي كلمات الموسيقى تُعبر عن هذه اللحظة وتلك الحالة التي أصبح بها ذاك الأسـ ـد أمام الضـ ـبع..
صعىب تقرا إن كٌله فِطىرة،
شكلي تايه مش عندي خطة،
شخصيتي تلمة با’ردة سنة،
وأنا أقوى منك في فرق خبرة،
صعىب تقرا إن كُله فِطىرة،
شكلي تا’يه مش عندي خطة،
شخصيتي تلمة با’ردة سنة،
وأنا أقوى منك في فرق خبرة.
كلماتٌ تُعبْر عن صاحبها والمصفو’ع مِن صاحبها، كان أختياره موَّفقًا حينما قام بأختيار هذه الموسيقى، رآه في صد’مةٍ مِن أمره لا يُصدق ما يراه أمامه، “شـهاب” لم يَمُـ ـتْ ومازال على قيـ ـد الحياة يقف أمامه ويبتسم إليهِ كذلك، لا بُد وأنهُ يَحْلُم الآن وسيستيقظ ويرى أنهُ لَم يَكُنْ سوى حُلْمٌ أسو’د أستطاع الهر’بِ مِنهُ بكُل سهولةٍ ويُسرٍ، أضطـ ـربت وتيرة أنفاسه وجَـ ـف حَـ ـلْقُه وأصا’بته الصد’مة الكبرى بلا شـ ـك، أتسـ ـعت بسمةُ “شـهاب” السو’دا’وية على ثغره أكثر وهو يُطا’لعهُ بشـ ـرٍ عظيم مطـ ـبقًا على أسنا’نه وقبـ ـضة يدهُ اليُمـ ـنى، جاء قول “ليل” يكـ ـسر حِـ ـدة هذا الصمت بقوله اللاذ’ع:
_كُنْت فاكر إيه يا حـ ـيلتها؟ هتقتـ ـل القتيـ ـل وتمشي فجنا’زته؟ طب أديه عا’يش مما’تش أهو موقفك إيه بقى.
جاء قول “شـهاب” الحا’د حينما لم يَحـ ـيد ببصـ ـره عنهُ يُكمل بداية الحديث الذي تو’لى “ليل” أفتتا’حه:
_فاكرني مو’ت مش كدا؟ بس ربنا كان فو’ق كُل شيء، والحا’دثة الأولى اللي د’برتهالي وعمـ ـيتني فيها بالتانية اللي برضوا د’برتهالي رجعتلي عـ ـيني تاني، يعني تتشاهد فخلال دقيقتين عشان فالتالتة هنتر’حم عليك كُلنا.
صد’مة أصا’بت ضر’بتها الجميع بلا شـ ـك حينما أفـ ـصح هو عن عودة بصـ ـره مرةٍ أخرى وكان يترأسهم “جـمال” الذي هد’م ما كان يسعـ ـى إليهِ حينما أر’تكب فقط خطًـ ـأ صغيرًا، ألتفت “شـهاب” ينظر إلى رِفاقه الذين كانوا ينظرون إليهِ والصد’مةٌ باديةٌ على وجوههم بلا شـ ـك، أبتسم لهم ثم أقترب مِن “أحـمد” الذي كان ينظر إليهِ نظرةٍ مذ’هولة غيرُ مُصدقةٍ وأصبحت مصد’ومة حينما رآه يقترب مِن موضع وقوفه دون أن يُخـ ـطئ هذه المرة يقف أمامه ويُطا’لعهُ بنظرةٍ هادئة يكسـ ـر حِـ ـدة هذا الصمت بقوله الهادئ:
_عارف إن الصد’مة و’حشة، بس ميمـ ـنعش إن الخبرية حلوة وهرجع أقر’فكم تاني يعني.
أنهـ ـى حديثه ممازحًا إياه بوجهٍ مبتسم كعادتهِ قبل أن يتغـ ـيَّب عنهم ليرى “أحـمد” قد بدأ يستـ ـفيق مِن حالة التفاجؤ والذ’هول الذي إنتا’بهُ ليقول بنبرةٍ متر’قبة وهو ينظر إليهِ متأملًا في أن يكون ما سمعه صحيحًا ليرى إماءة صغيرة مِن “شـهاب” الذي با’در وعانقه دون أن يتحدث ليُسرع الآخر ويضمه إلى أحضانهِ غير مصدقٍ لِمَ يراه وكأن ثمة أحدهم أسـ ـقط عـ ـصا حد’يدية على رأسه أطا’حت بخلا’يا عقله بعيـ ـدًا..
شعر كُلًا مِن “علي” و “حُـذيفة” بالسعادة تغمُـ ـر قلبهما حينما أستمعا إلى هذا الخبـ ـر السار، أتسـ ـعت البسمةُ على ثغرهما سويًا وأقتربا مِنهُ بخطى هادئة، أبتعد “شـهاب” عن “أحـمد” وهو ينظر إليهِ بوجهٍ مبتسم ليلتفت يرى صديقيه خلفهُ ينظران إليهِ بوجهٍ مبتسم لتتسـ ـع بسمتهُ على ثغره ويُبا’در هو كذلك ويضمهما سويًا إلى أحضانه والسعادة تغمُـ ـر قلبُه..
_دا إيه الأخبا’ر الحلوة دي اللي بتيجي كُلها ورا بعض؟ حمدلله على سلامتك يا حبيبي دا الليلة عيد يا عمّ.
هكذا مازحهُ “علي” بوجهٍ مبتسم ليتلقى الإجابة فورًا مِن رفيقه الذي قال بنبرةٍ تملؤ’ها السعادة والر’احة:
_مبسوط أوي إني رجعت أشو’ف تاني واللهِ، ربنا كبير الحمد لله.
أبتسمت “مـسك” وهي ترى سعادتهم بهِ وبعودة بصـ ـره إليهِ بعد عامٍ ونصف حتى يتواجد بينهما مرةٍ أخرى، رأت سعادة زوجها برفيقه ورأت أبتسامته التي كانت وا’سعة ولمـ ـعة عينيه التي تُعبر عن سعادته برفيقهِ وزوج شقيقته الحبيبة، ألتفت برأسه ينظر لها ليراها تبتسم وهي تشاهدهم ليعاود النظر إليهم مِن جديد لينظر إلى “شـهاب” مُناديًا إياه ثم قال بعدما جذ’ب إنتباهه:
_يلا يابا سمي الله وأبدأ حفلتك، الضحـ ـية عندك أهي أينعم وخدالها خد’شين بس ميضـ ـرش حُطك علامتك.
ألتفت “شـهاب” ينظر إلى “جـمال” الذي كان ينظر لهُ نظرةٍ ذات معنى مليـ ـئة بالشـ ـر بكُل تأكيد ليَمُر سريعًا شريط ذكرياته السو’دا’ء منذ بداية الحا’دث وما عا’ناه في ظُلـ ـمتهِ على مدار العام ونصف وحيـ ـدًا يلـ ـجأ إلى مساعدات شقيقه لهُ طيلة الوقت حتى يستطيع إكمال اليوم والمُضي قُدُمًا، ما رآه يسـ ـتحق أن يجعله يقتـ ـله بدون ذرة تفكير، وحتى الحا’دث الثاني الذي عا’شت أجواءه معهُ زوجته التي جاءت منذ بضع أيامٍ فحسب لم تسعد برفقتهِ حتى تفقـ ـده بعد زواجهما بأيامٍ قليلة بسبب تلك العـ ـقلية المر’يضة..
قطـ ـع المسافة الفا’صلة بينهما بخطى هادئة وهو يقف أمامه ينظر إليهِ بعينيه الحا’دة التي كانت تأ’كُلهُ حـ ـيًا ومعها أضطـ ـربت وتيرة أنفاسه وأزد’اد لهيـ ـب النير’ان التي نُشِـ ـبَت داخل صد’ره منذ وقتٍ طويل وجاء اليوم ميعادها كي تنطـ ـفئ ويحظى بالر’احة التي حُرِ’مَ مِنها، ثوانٍ معدودة دامت قطـ ـعها أول لكـ ـمة مِن “شـهاب” إلى “جـمال” والتي تبدو أنها قو’ية وعنيـ ـفة فقد خرجت شيا’طينه فماذا تنتظر مِن ثا’ئرٍ يثأ’ر لنفسه؟.
لكـ ـمه الثانية ومعها الثالثة تليها الرابعة وكُلُ واحدةٍ تكون أقو’ى مِن سابقتها، ر’ماه “شـهاب” نظرةٍ نا’رية وهو يلهـ ـث بعـ ـنفٍ وصوت تأ’وهات الآخر تأبى الخر’وج وكأنه يُعا’نده ليقترب مِنهُ مجددًا مُسد’دًا إليهِ الخامسة بيمـ ـينه تليها السادسة بيسا’ره فقد تعهـ ـد على عد’م تركه إلا أن يشعر بأن نير’انه قد خمـ ـدت، كانت “مـسك” تشاهد وهي لا تُصدق هذا العـ ـنف فيبدو هذا أولهم فماذا عن بقيتهم وكيف سيتحمـ ـل “جـمال” هذا الضر’ب العنيـ ـف مِن خمستهم ويظل بعدها صامتًا حتى يواجه ما ينتظره في المعتـ ـقل..
_”شـهاب” واخده كيـ ـس مُلا’كمة، بس عا’لمي خليه يشـ ـفي غـ ـليله شوية اللي شافه مكانش قليل.
هكذا قال “علي” سا’خرًا في بادئ الأمر ثم بعدها دعمه على الإكمال والثأ’ر لنفسه حتى يرضى، نظر “جـمال” بوجهٍ د’امي إلى “شـهاب” الذي قال سا’خرًا:
_لا يا معلم أنشـ ـف كدا دا أنا لسه بسخـ ـن أومال لو د’وست بنز’ين هتعمل إيه.
أنهـ ـى حديثه وعاد يُكمل سلسلة لـ ـكماته اللامتنا’هية على وجهه أسفـ ـل نظرات أصدقائه الذين كانوا يبدو وكأنهم يشاهدون عرضًا سينمائي، يلـ ـكُم وير’كُل ويضر’ب بالرأس بعـ ـنفٍ نَمَـ ـىٰ بداخلهِ تدريجيًا حتى أصبح بهذا الحال الآن، دقائق وأبتعد “شـهاب” عنهُ وهو يلهـ ـث بعنـ ـفٍ ويمسـ ـح بكفه الذي كان يعتـ ـليه د’ماء “جـمال” على خصلا’ته إلى الخلف يراه أصبح مشو’هًا بالكامل ويبدو وكأنه كالجـ ـثة الها’مدة، ترا’خى جسـ ـده مُعلنًا أستسـ ـلامه أمامهم، تعا’لت بسمةُ “شـهاب” على ثغره حينما شعر بالرضا وهو يراه بتلك الحا’لة مثلما كان هو عليها مِن قبل..
أقترب “أحـمد” مِنهُ بخطى هادئة يجاوره في وقفتهِ مربتًا على كتفه برفقٍ وهو يقول مبتسم الوجه متفاخرًا بهِ:
_عا’ش يا صاحبي، “جـمال” أنتهـ ـى خلاص كدا.
أطلـ ـق “شـهاب” ز’فيرة قو’ية يُخرج معها مشاعره السـ ـلبية بأكملها وهو يشعر بالرضا لينظر إلى أصدقائه قائلًا بوجهٍ مبتسم:
_لمؤا’خذة يا رجا’لة ملكوش نصيـ ـب فالليلة بس وأنا باخد حـ ـقي خدت حـ ـقكم معايا.
_كُلنا واحد وطالما مأ’ثرتش فإحنا متراضين ومتكيفين على الآخر و “أحـمد” خده عالسخا’ن كدا قبل ما تيجي شـ ـفى غـ ـليله هو كمان مِنُه.
هكذا جاوبه “علي” مبتسم الوجه ليُبادله “شـهاب” بسمتهُ ثم ألقى نظرة أخيرة على “جـمال” الذي أصبح جثـ ـةٌ ها’مدة ليقترب “حُـذيفة” مِنهُ ومعهُ “ليل” يُحر’رون قيو’ده ليأتي صوت “شـهاب” الذي قال بنبرةٍ هادئة:
_يا رجا’لة بما إنكم عرفتوا إن نظـ ـري رجعلي تاني فمحدش يدي خبـ ـر لـ “مـينا” ولا “عـزام” و “حـسام”، هفاجئهم ففرح “مـينا”.
جاءه جواب “أحـمد” الذي أخذ زوجته محاوطًا إياها بذراعه الأ’يسر قائلًا:
_لا متقلقـ ـش فدي هو مسحو’ل اليومين دول عشان خلاص مبقاش قدامه وقت “ليل” هيعرفه إن النيـ ـلة دا و’قع خلاص والدنيا أتظبطت وأنتَ مِنك ليهم بقى يا معلم.
تحركوا جميعهم مِن هذا المكان عائدين إلى منازلهم عدا “ليل” و “علي” اللذان سيصطحبا “جـمال” إلى مكانه الصحيح والذي مِن المفترض أن يكون بهِ منذ أن خا’نهم ورحل ليُصبح واحدٍ مِن هؤلاء الإر’ها’بيين ينـ ـقل إليهم ما يفعلونه، وكأنه لن يُعا’قب على هذه الجر’يمة أو ما شابه.
_____________________
<“وبعد دوا’م الحر’ب والد’مار الشا’مل،
أنتهـ ـت الحرو’ب وعاد الفتى لدياره.”>
أنتـ ـهت الحر’ب، أنتهـ ـى الصرا’ع، أنتهـ ـى الخو’ف، والقلـ ـق الد’ائم، توقف عداد الد’ماء وتو’قف النز’يف ورحل مَن رحل وتبقى الأ’ثر خالدًا في العقو’ل قبل القلو’ب تكُن ذكرى جميله تحيـ ـا كُل عامٍ على هذا النـ ـصر العظيم..
كانت تقف أمام المرآة تنظر إلى مظهرها الأخير بسعادةٍ طا’غية والعبرات تلـ ـتمع في مُقلتيها لا تُصدق أنها أصبحت عروسٌ أمامها القليل مِن الوقت وتَطُل على الجميع بهذا الجمال والرُقي، كانت تضحك بسعادةٍ كبيرة وهي تنظر إلى نفسها وحولها أصوات الزغاريد تعـ ـلو بين الفينة والأخرى والجميع ما عليهِ سوى يُثني على جمالها السا’حر، بدايةً مِن فستان زفافها الأبـ ـيض اللا’مع ذو الأكمم الشفا’فة والفصو’ص اللا’معة بهِ التي أعطت لهُ جا’ذبية..
تتذكر ذاك الشجا’ر الذي نَشَـ ـبَ بينهما حينما أنتقت فستانًا مفتو’حًا حتى ترى ما سيكون رده للتفاجئ بالإنفعا’ل والغـ ـضب والر’فض الشـ ـديد حينما قال بنبرةٍ حا’دة مفعـ ـمة بالغضـ ـب:
_نعم يا رو’ح أُ’مّك؟ دا منظر فستان بذ’مة أ’هلك !!
أثا’رت أستفـ ـزازه حينما أشارت إلى الفستان وهي تقول بجهـ ـلٍ:
_وماله ما هو حلو أهو وجميل.
_طب أستني بقى أروح أجيب كتالوج للقر’ون وتختاريلي أنا كمان واحد أر’كبه للمعازيم فالفرح وأقولهم زي ما مراتي لبست فستان مفتو’ح أنا كمان ر’كبتلي قرو’ن عشان أنا مش را’جل أساسًا … “برلين” متعـ ـصبنيش أكتر مِن كدا بدل ما أحلف ما هعمل فرح خالص ونكتفي بالإ’كليل فالكـ ـنسية أنا مجـ ـنون وأعملها.
أنهـ ـى حديثه محذ’رًا إياها محاولًا لجـ ـم غضـ ـبه بداخلهِ بشتى الطرق الممـ ـكنة ليراها بعدها تضحك بأتسا’عٍ حينما وصلت إلى مُرادها بكُل سهولةٍ ويُسرِ وهي تُخبرهُ أنها مزحة كي ترى ما سيكون هو رده لا أكثر مِن ذلك، ومع هذه الذكرى خرجت مِنها على صوت الزغاريد العا’لية ومجاورة والدتها إليها وهي سعيدةٌ بشـ ـدة لأجلها تضمها إلى د’فئ أحضانها تحاول كبـ ـح عبراتها بشتى الطرق الممكنة تنتظر قدوم زوج أبـ ـنتها الذي قد وصل لتوه وصعد الدر’ج بخـ ـفةٍ حتى وصل إلى الطابق المنشو’د وهُنا شعر بالحما’س لرؤيتها وإكمال الزيجة لهذا الثنائي الحبيب..
رآها تنتظره في الداخل وتجاورها والدتها وصديقاتها وأقربهن “شـادية” التي كانت تجاورها طيلة الوقت كظـ ـلها، أقترب مِنها بخطى هادئة مبتسم الوجه مرتديًا حُلتهِ السو’د’اء الأنيقة وقـ ـميصه الأبيـ ـض ور’بطة عنقه السو’د’اء كذلك، مصففًا خصلا’ته الشقـ ـراء عا’ليًا وقد زادت لحيـ ـته الخـ ـفيفة المنمـ ـقة مِن وسامته، وقف خلفها منتظرًا رؤيتها بفـ ـراغ الصبر وقلبه ينـ ـبض بعـ ـنفٍ وكأنه يركض في إحدى السباقات العا’لمية دون توقف حتى يصل إلى خط النها’ية..
لحظات وألتفت لهُ تَطُل عليهِ بجمالها ورِقتها وهي تنظر إليهِ مبتسمة الوجه ليشعر باز’دياد نبـ ـضات قلبه أكثر حينما رآها ليضع كفه على مو’ضع قلـ ـبه تلقائيًا وهو يقول مصد’ومًا:
_قلبي هيقـ ـف مِن كُتـ ـلة الحلاوة اللي طَلِت عليه مرة واحدة، كوباية ميَّة بسُكّر بسرعة يا جدعان.
تعا’لت الضحكات مِن حوله على ما قاله ومِن بينهن “برليـن” التي نظرت إليهِ بوجهٍ ضاحك، تقا’سيم وجهها المُهـ ـلكة التي زينتها الزينة النا’عمة تضف رونقها الخاص وخصلا’تها البُـ ـنية المصـ ـففة بعنا’ية وبرِقةٍ أطا’حت بعقله بلا شـ ـك، ترك باقة الزهور البيـ ـضاء وقام بمعانقتها والبسمةُ تُزين ثغره ولـ ـمعة عينيه التي توهـ ـجت في حضور الحبيب، ضمته بذراعيها إلى أحضانها والبسمةُ ترتسم على ثغرها حينما رأته قد نفـ ـذ أمرها بأنه حينما يراها يتفاجئ بطَلَتِها بطريقةٍ مختلفة..
_أنا دو’بت خلاص فالسُكّر يا سُكّر.
هكذا قال ثمّ أبتعد عنها وهو ينظر لها نظرةٍ ذات معنى بعد أن ومض بجـ ـفنه الأ’يسر بخـ ـفةٍ لها لتشعر هي بالخجـ ـل وتنظر بعيدًا دون أن تُجيبه بعد أن شعرت نبـ ـضات قلبها تعلـ ـو داخل قفـ ـصها الصدري، ثوانٍ ورأتهُ يقترب مِنها محاوطًا شطـ ـري وجهها بكفيه يُلثم جبينها بقْبّلة حنونة وهادئة ثمّ ضمها مِن جديد دون أن يتحدث، كانت والدتها تنظر إليهما بوجهٍ مبتسم ومُقليتن تلتـ ـمعين بسعادةٍ كبيرة لأجلهما وعلى مسافةٍ وجيزة مِنها كانت شقيقة زوجها وابنتها تنظران إليها بحـ ـقدٍ كما المعتاد بعد أن وجدت “برليـن” الشخص الصحيح الذي كانت تبحث عنهُ ولم ينصـ ـفها الحظ في المرةِ الأولى..
وبعد مرور القليل مِن الوقت..
وصلوا إلى الكنـ ـيسة لعمل الإ’كليل لتصف السيارة خاصتهما أولًا وخلفهما سيارة “أحـمد” الذي كان يضر’ب على بوق السيارة بنغماتٍ متناسقة منا’فسًا صديقه “عـزام” على الجهة المجاورة الذي كان ينظر لهُ مبتسم الوجه، ترجل “ليل” مِن سيارته واقترب مِنهُ بخطى وا’سعة كي يلـ ـحقه قبل أن يولج إلى الداخل ليوقفه وهو يُخبره بشيءٍ ما دون أن يسمعه أحدٍ آخر غيرهُ ليأخذ بعدها الإجابة التأكيدية مِن صديقه الذي حرك رأسه برفقٍ موافقًا على حديثه ثم أخذ “برليـن” وولجا إلى داخل الكـ ـنيسة التي كانت مؤ’منة بالعسا’كر مِن كُل جانب وقد ولجوا جميعهم خلفهما والهواتف مرفو’عةٌ توثق تلك اللحظات السعيدة..
مرّ “ديفيـد” رفقة زوجته مِن أمام “حُـذيفة” مُسـ ـددًا لهُ ضر’بةٌ خـ ـفيفة على معد’ته ورحل ناظرًا إليهِ بوجهٍ ضاحك لينظر لهُ الآخر متو’عدًا إليهِ بقوله:
_هتروح مِني فين يعني يا حـ ـيلتها؟ لمَ تخرُجلي.
أرسل لهُ “ديفيـد” قْبّلة هوائية ثم ولج إلى الداخل ليأتي “شـهاب” في هذه اللحظة قائلًا بوجهٍ مبتسم برِفقة زوجته:
_إيه الحلاوة دي بس يا رجا’لة.
رحبوا بهِ بالعناق والكلمات البسيطة لينظر “أحـمد” إلى شقيقته وهو يُثني عليها قائلًا:
_إيه الحلاوة دي يا عسلية، أحلوينا على الآخر يعني خليتيه يمشي عالحـ ـيطان ولا لسه؟.
تعا’لت الضحكات بينهم ليأتي القول مِنهُ حينما قال مبتسمًا:
_ليه يا’ض حد قالك متجوزة قر’د ولا إيه؟ الر’اجل اللي يفهم يا حما’ر وأنا مصدقت بصراحة.
_يا عمّ أقسم بالله وهي دي يوم كتب الكتاب كانت بتبصـ ـم بضميـ ـر أوي ولا كأننا بنجـ ـلد فيها البيا’عة.
هكذا جاوبه “أحـمد” سا’خرًا ليأتيه القول مِن “شـهاب” الذي أبتسم بزهوٍ وقال:
_ياض أنا الحُبّ يا’ض حـ ـقها.
_يخر’بيت فتـ ـحة صد’رك اللي بتتكلم بيها مقو’ية قلبك وجايباك أوي.
هكذا جاء القول السا’خر مِن “أحـمد” وهو ينظر لهُ ليأتي الجواب هذه المرة مِن شقيقته التي دا’فعت عن زوجها وهي تحاوط خصـ ـره بذراعيها قائلة:
_سوري يا “أحـمد” بس “شـهاب” حبيبي يعمل اللي هو عايزُه.
تعا’لت صيـ ـحات الشبا’ب حينما جاءت الضر’بة مِن الحبيب هذه المرة لينظر هو إليها نظرةٍ مغتا’ظة حينما فضلتهُ عليهِ، أقترب مِنها كي يثأ’ر لنفسه ليمـ ـنعه صديقه الذي حاوطها بذراعيه يفر’ض حما’يته عليها ممازحًا إياها قائلًا:
_أو’عى تقرب.
أتسـ ـعت البسمةُ السا’خرة على زاوية فمهِ وهو ينظر إليهِ ليقول:
_دلوقتي بتتحا’مي فيه، الله يرحم لمَ كُنْتي بتجر’ي تتحا’مي فيا.
_أنتَ حبيبي يا ابو “حـميد” مقد’رش على ز’علك واللهِ.
هكذا جاوبته “مَـرْيَم” بوجهٍ مبتسم وهي تُحاول أن تنا’ل اسْتِعْطا’فه بنبرتها الرقيقة لينظر إليها في هذه اللحظة “شـهاب” الذي قال بنبرةٍ تملؤ’ها الغيـ ـرة:
_لا بقولك إيه مبدأيًا أنا بغيـ ـر معلش متقوليش لحد حبيبي دي غيري ومتدلعيش على حد غيري برضوا ولو ينفع تقطـ ـعي علا’قتك بالرجا’لة دي كُلها معنديش مشـ ـكلة برضوا.
_نعم يا رو’ح أُ’مّك؟ ما تخليها تتبـ ـر مِننا كلنا أحسن !!.
هكذا صا’ح “أحـمد” بوجهه بعدما صد’مه حديثه ليرى الآخر يبتعد بها وهو يُحاول كبـ ـح ضحكاته حينما رأى ردة فعله العنيـ ـفة تجاه ما قاله ليهـ ـجُم عليهِ جا’ذبًا إياه بعيدًا عن شقيقته وهو يقول بنبرةٍ حا’دة:
_ولا يمـ ـين بالله لو ما احترمت نفسك ومشيتها معايا بالحُبّ لاشو’هك.
_يا عمّ بنا’كشك، أنتَ حبيبي.
هكذا رد عليهِ “شـهاب” بوجهٍ مبتسم ونبرةٍ ضاحكة يُحاول أحتو’اء غضـ ـب صديقه بعدما قام بإشعا’له، وفي الأخير خضـ ـع إليهِ “أحـمد” وعانقه مبتسم الوجه ثم ضم شقيقته كذلك وقال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_بقولك إيه يا/ض لو فكرت بس تراز’يني عن طريق أختي هبـ ـلعك، البـ ـت دي أنا اللي مر’بيها يعني تحتر’م نفسك كدا وتقعد زي الشاطر.
أبتسم “شـهاب” ولم يجاوبه بل أخذ زوجته وأبتعد عنهم حتى يحظى برفقتها القليل مِن الوقت وحدهما، وفي الداخل أتمم هذا الثنائي الأ’كليل وجميع المر’اسم وها هو ييقوم بالتو’قيع على عقو/د الزواج والابتسامة مرسومةٌ بإتسا’ع على ثغره لا يُصدق أنه قد وصل إلى هذه المرحلة التي كانت مستحـ ـيلة في إحدى الأيام حتى جاءت هي وقامت بتغيير كُل شيءٍ في لمـ ـح البصر، أنهـ ـى إمضا’ءه عليهم ثم أعطى القلم إليها وهو لها مبتسم الوجه لتأخذه مِنهُ وتبدأ بالإمضا’ء كذلك عليهم جميعًا وهي تشعر بالعديد مِن المشاعر المضطـ ـربة..
ففي الأمس كانت تمضي على جحـ ـيمها، الورقةُ تلك تختلف عن سابقتها ففي المرةِ السابقة كانت جحـ ـيم عليها، أُجْبِـ ـرَت على العـ ـيش مع ضبـ ـعٍ لا يعلم شيئًا عن الر’حمة والانسا’نية، كانت تُعامل كالجو’اري طيلة الوقت وليست كزوجة لهُ، زواجٌ فاشـ ـل وجحـ ـيمٌ عليها تحر’رت مِنهُ بعد ركضٍ أستنفـ ـذ طاقتها بالكامل حتى تتحر’ر مِنهُ، وها هي الآن تمضي على أوراقٌ ستجعلها تنسى الماضي وتنتظر الحاضر وتُخـ ـططُ إلى المستقبل معهُ هو فقط..
أنهـ ـت تو’قيعها بالكامل لتنطـ ـلق الزغاريد العا’لية تعلـ ـو في المكان، ضمها “مـينا” إلى د’فئ أحضانه والسعادة تغمُـ ـر قلبه حينما نا’لها أخيرًا وأصبحت زوجته أمام الجميع وستُكمل حياتها القادمة معهُ هو، تحدث بنبرةٍ تملؤ’ها السعادة والبسمةُ مرتسمة على ثغره بأتسا’عٍ قائلًا:
_حياتي بقت أجمل بكتير أنا حسيت فعلًا بالتغيير دا بجد واللهِ.
ضحكت هي معانقةً إياه لتراه يبتعد عنها قليلًا وهو ينظر لها ليقول ممازحًا إياها:
_طب واللهِ عسل، دا أنا يا بختي أوي يعني.
رآها تنظر بعيدًا وهي تبتسم بخجـ ـلٍ طغـ ـى على وجهها ليضمها مِن جديد مبتسمًا هنيهة مِن الوقت ثم أبتعد عنها معانقًا صديقه “عـزام” الذي ضمه قائلًا بنبرةٍ تملؤ’ها السعادة لأجله:
_ألف مبروك يا صاحبي أخيرًا دخلت القـ ـفص يالا وعملتها بجد.
ضحك “مـينا” على ممازحة صديقه لهُ ليُربت على ظهره برفقٍ قائلًا:
_أنا لها يا عمّ، متخا’فش داخل وأنا راضي أوي.
_ربنا يسعدكم يا حبيبي ويجعلها وش الخير عليك.
هكذا قال ثم أبتعد عنهُ مبتسم الوجه ليقتحـ ـم هذه الدائرة “حـسام” الذي قال بنبرةٍ مرحة:
_دخلتها يا كلـ ـب وأتخـ ـليت عنّي وسيبتني لوحدي، و’اطي طول عُمرك.
تفاجئ “مـينا” مِن تواجدهِ ليضمه سريعًا إلى أحضانه والسعادة باديةٌ على تقا’سيم وجهه قائلًا بنبرةٍ سعيدة:
_واحشني يا حيو’ان، حمدلله على سلامتك جاي على وقتك.
ربت “حـسام” على ظهره مبتسم الوجه وقال:
_عيـ ـب عليك يالا مظبوط على مواعيدي، ألف مبروك يا حبيبي دا أنا فرحانلك ولا كأنه فرحي أنا.
ضحك “مـينا” على حديثه ولذلك جاوبه بنبرةٍ هادئة وقال:
_عقبالك يا صاحبي هانت لم نفسك أنتَ بس وروح أخطب البـ ـت اللي مستنيه ز’فت الطيـ ـن ينز’ل من سفريته عشان يتز’فت على عينه مش هتلـ ـم وأنتَ تفلـ ـت هتلاقي “عـزام” بره واقفلك بالكر’باج.
ضحك “حـسام” عا’ليًا على حديث صديقه لهُ ولذلك ألتفت حوله يبحث عنهُ قائلًا بنبرةٍ ضاحكة:
_هو فين عشان أعمل حسابي ومقابلهوش.
أداره “مـينا” تجاه بوابة الكنيـ ـسة وهو يقول لهُ ضاحكًا:
_واقفلك على باب الكنيـ ـسة هناك أهو مستنيك.
أبتسم “حـسام” بأتسا’عٍ لهُ ثم أشار إليهِ بيده راسلًا إليهِ قْبّلة هوائية ثم ألتفت ينظر إلى “مـينا” قائلًا بنبرةٍ متسائلة:
_فين البوابة التانية عشان أهر’ب بقى؟.
أقترب “شـهاب” مِنهم في هذه اللحظة بوجهٍ مبتسم وهو مرتديًا نظارته ليترك زوجته كي تُبارك إلى “برليـن” ووقف هو بينهما وهو ينز’ع نظارته وينظر لهما سويًا بوجهٍ مبتسم قائلًا:
_أزيكم يا رجا’لة وحشتني سـ ـحنتكم دي واللهِ.
جحـ ـظت أعينهما بصد’مةٍ كبيرة ونظرا لهُ سويًا بعد’م أستيعاب ليقول هو متخا’بثًا وهو ينظر إلى “مـينا” قائلًا:
_بدلتك حلوة يا’ض جايبها منين دي؟.
نظر لهُ “مـينا” نظرةٍ ذات معنى ثم قبـ ـض على سترته الكحـ ـيلة وهو ينظر إليهِ مذ’هولًا قائلًا بنبرةٍ مصد’ومة:
_نعم يا خويا؟ أنتَ شا’يفنا يالا وبتقر’طسنا.
صد’مةٌ لم تكُن في الحُسبان في هذا التوقيت خصيصًا حينما تكون مِنهُ هو فقد خـ ـطط وأنتظر ونفـ ـذ في توقيتٍ قياسي جعل الجميع يُصا’ب بالذ’هول التام بعد أن أيقنوا أن هذا شيءٌ مستحيـ ـل وأن المرء قد يتقبل الأمر الو’اقع برغم أن النفـ ـسُ لا تقبل الهز’يمة ولَكِنّ تكُن إرادة المولى عز وجل فوق كُل شيءٍ، ليلةٌ واحدة أعادت الحياة لهُ، ليلةٌ واحدة فيها يأ’س هو وأستسلـ ـم للأمر الو’اقع لتأتي الضر’بة الحا’سمة تُغير كُل شيءٍ مِن المستحـ ـيل إلى الممكن.
____________________________
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)