روايات

رواية وعود الليل الفصل السادس عشر 16 بقلم نداء علي

رواية وعود الليل الفصل السادس عشر 16 بقلم نداء علي

رواية وعود الليل البارت السادس عشر

رواية وعود الليل الجزء السادس عشر

وعود الليل
وعود الليل

رواية وعود الليل الحلقة السادسة عشر

دخلت كاريمان المطبخ ووقفت متوترة، مش متعودة تقدم حاجة بنفسها، حست بها سميرة فدخلت وراها من غير كلام، بصت عليها وبالفعل لقيتها متلخبطة ومش عارفة تتصرف
قربت بهدوء وقالتلها
سيبي الكاسات دي وافتحي الرف اللي على يمينك هتلاقي كاسات تقديم جديدة، صبي فيها العصاير، والحلويات في الأطباق دي، شاورت عليهم وسكتت عن الكلام.
كاريمان : مش لازم يا ماما، ما الكاسات دي كويسة
سميرة : هنقعد نتناقش هنا ونسيب الضيوف بره، لما أقولك حاجة اسمعيها وبس، لازم يتعودوا إنك عندك أحسن حاجة في بيتك ولما تتنقلي لبيتهم يبقوا عارفين قيمتك وأسلوب حياتك كويس، فاهمة؟
كاريمان كانت محتاجة لحضن سميرة، هي في اللحظة دي شافت سميرة كأم حقيقية مش مجرد خالة بتربي بنت اختها، قربت منها وحضنتها جامد وسميرة فضلت ثابتة مكانها، عاوزه تبعد عنها وفي نفس الوقت بتتمنى لو الأيام متعديش وتفضل كاريمان معاها، ونيس أيامها وبنتها اللي مقدرتش تخلفها وجزء من اختها اللي انكتب عليها تبعد عنها للأبد، ليه الأطفال بتكبر وبعدين تاخدهم الحياة بعيد عننا، اتنهدت سميرة، مدت ايديها وحضنت كاريمان، قالتلها :
كنت بستغرب زمان من الناس اللي بتقول مش عاوزة ولادي يبعدوا عن حضني، أنا دلوقت فهمت شعورهم وحسيته.
كاريمان : أنا مستحيل ابعد عنك يا ماما.
سمير : جهزي الحاجة يا باشمهندسة مش معقول هنفضل نحب في بعض ونسيب أكرم ووالدته، بعدين يزعلوا.
بعدت كاريمان عن حضن سميرة وبصت لها وقالت من جديد :
أنا آسفه.
سميرة اتكلمت بهدوء :
قولنا بعدين، لما الناس تمشي نقعد ونتكلم براحتنا، خلينا نشوف عاوزين إيه.
دخلت سميرة عند أكرم وجليلة ورحبت بهم بأسلوبها، وجليلة كانت منتظرة كاريمان علشان يفتحوا الموضوع قدامها وياخدوا موافقتها.
جت كاريمان ومعاها العصائر والحلويات، ماشية بحذر شديد وتوتر، أكرم قرب منها وشال عنها الحاجة وده لفت نظر جليلة اللي قالت بتلقائية
انت هتساعدها من دلوقت، يابني دي الصينية خفيفة.
أكرم لأنه حافظ والدته ومتأكد إنها ست بسيطة وصريحة ابتسم لها بحب وقالها :
خفيفة أو تقيلة، إن شاء الله نساعد بعض في كل حاجة.
جليلة سكتت وحست بالاحراج من تسرعها لكن سميرة اتعمدت ترد وقالتلها :
زمان كانت الستات بتعمل كل حاجة وللأسف مكنش في تقدير لتعبهم، الأيام دي بقي الستات بتشتغل بره وجوه بيوتهم والطبيعي تبقى الحياة مشاركة علشان الدنيا تمشي ولا إيه؟
جليلة : والله ما اقصد، أنا بس متعودة على كده مع أكرم، وبخاف عليه بزيادة، أنا مطلعتش من الدنيا بحاجة غيره…
سميرة ابتسمت بهدوء وطلبت من كاريمان تقدم المشروبات لهم وانتظرت تسمع منهم سبب الزيارة المفاجأة والغريبة دي.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
وعد اتكلمت تاني مع بريق، بقت بالنسبة لها هي الأمل، بريق بيشدها لحياة مختلفة بتهرب فيها من حياة قديمة مش عاوزة تفتكرها، بريق كانت واثقة من نفسها ومن نجاح تعاونها مع وعد جدا وده كان سبب استسلام وعد لكل اقتراحاتها حتى لو كانت ضد تفكيرها وقناعاتها، والدها ووالدتها عرفوا من ناس قرايبهم ان أمجد اتجوز ودي كانت صدمة قوية لهم، مش بس لأن أمجد قدر يبدأ حياة جديدة، لكن لأنهم توقعوا منه يندم، يرجع ويعتذر لكن إنه يختفي ويبدأ ويعيش سعيد كان خبر غير متوقع وغريب، معقول بنتهم كده هتخسر كل شيء وبدون سبب أو ذنب تعمله، لكنهم فضلوا يكتموا الخبر ويسكتوا علشان خاطرها.
اتقابلت وعد مع بريق اللي راحتلها البيت ومعاها هدايا قيمة وغالية، معظمها لبس ومكياج، وعد في البداية رفضت وقالت
أنا مش بستخدم مكياج ولا بحبه، وبالنسبة للملابس طبعاً تسلم ايدك، بس أنا محجبة زي ما انتِ شايفة، والملابس دي متناسبش حجابي.
بريق بهدوء : المكياج ضروري يا وعد، مش معقول هتظهري عالنت ووشك كله غرز كده، أنا آسفه مش قاصده اضايقك بس فعلاً ده هيأثر عالمشاهدات، وهيأثر كمان على نقسيتك لما تشوفي نفسك كده، أنا عاوزة مصلحتك، وبعدين إيه اللي يمنعك تهتمي بنفسك، انتِ صغيرة، وماشاء الله قمر.
واللبس ياستي هدية مني، عارفة إنه مش ذوقك بس إحنا هنقدم برنامج وحلقات نشجع فيها الستات تهتم بنفسها وتعيش حياتها معقول هتنصحيهم بلبس جدتك ده؟!
وعد : يعني انتِ شايفه كده؟!
بريق : أنا مش هفرض حاجة عليكي، بس أنا بقالي سنين بشتغل في الميديا وعندي خبرة بذوق الناس والحاجات اللي بتلفت نظرهم، اسمعي كلامي ولو مرتاحتيش نبقى نشوف حل يريحك، تمام.
وعد هزت راسها بدون تعليق وبصت على الملابس بسعادة، من فترة طويلة مفيش حد افتكرها بهدية، أمجد من اول ما اتجوزها نساها ونسى احتياجاتها، كانت دايماً عندها أمل يتغير لكن للأسف غيرها هي وفضل هو زي ما هو.
مدت ايديها شدت فستان واستأذنت بريق إنها تقوم تلبسه، وبدأت تقيس الفستان وبريق ابتسمت لأنها اتأكدت ان اختيارها لوعد كان صح.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
سميرة سمعت اقتراح أكرم وملامحها اتجمدت، مقدرتش تستوعب في الأول، يعني هو وكاريمان متفقين وجاي دلوقت يبلغها ولا كاريمان متعرفش من الأصل، كاريمان لاحظت ملامحها وشرودها واتضايقت من تسرع أكرم، ليه اخذ خطوة زي دي من غير ما يقولها، همست لسميرة بتردد
والله يا ماما ما كنت أعرف إنهم جايين ولا إنه هيفتح الموضوع معاكي.
سميرة : بس كنتي عارفة، صح؟!
كاريمان : أيوة، بس مقولتش رأيي، كنت مستنية اتكلم معاكي.
سميرة وجهت كلامها لأكرم وقالت :
انا مقدرش اقول آه او لأ، دي حياتها وهي حرة فيها، لكن واجبي انصحها.
الجواز مش لعبة، مش فستان وفرحة تدوم كام يوم وتخلص لما افتح عنيا على الحياة والواقع، مسؤولية هتضطر تشيلها لوحدها لما أكرم يسافر ويسيبها لوحدها، إذا ربنا كرمها بطفل، تقضي شهور حملها لوحدها، تولد لوحدها، تربي وجوزها بعيد علاقته هتقف على مكالمة موبايل أو زيارة كل كام سنة، ده غير احتياجها هي كست لزوجها، حبيبة هتتحرم من حبيبها، كل دي حاجات مش هيفكروا فيها دلوقت لكن هيحسوا بيها بعدين، كاريمان رقيقة، وردة اتغرست في جنينة كلها ضل وجو هادي، متتحملش الصحرا وجوها القاسي.
أكرم اتردد لكنه سألها بلوم وعتاب
حضرتك شايفه جوازها مني زي الصحرا؟!
سميرة بجدية : انت مش فاهم قصدي، أنا بتكلم عن بعدك وغربتك عنها مش الجواز، لو هتتجوز وتفضل معاها ومساندها مستحيل اتكلم بالعكس هكون أول حد يوافق ويساعد كمان.
جليلة اتنهدت بصوت مسموع، كلام سميرة رغم انه منطقي لكن منطق متعارض مع أحلام هي تخيلتها وبتنتظر تحققها.
وقفت وعنيها مدمعة، شاورت على كاريمان وقالت
بنتك في عنيا يا ست سميرة وبالنسبة للسفر، أنا لا عاوزة ابني يبعد ولا يتبهدل لكن دماغه قفلت على كده، همه كله يكون نفسه ويكرم بنتك، أنا وابني عمرنا ما هنقصر معاها في حاجة، حتى لو سافر ان شاء الله كام سنة وينزل يقعد وسطينا، أنا مش مستغنية عنه، ربنا عالم بالنار اللي جوة قلبي، لكن ادي الله وادي حكمته، الدنيا بقت صعبة وطول ما هو قاعد هنا هيفضلوا محلك سر، متخافيش انتِ وقولي آه، وكاريمان مش هتقول لأ.
كاريمان نظراتها كانت محتارة، بتبص على أكرم وشايفة أد إيه بيتمني منها كلمة وشايفة نظرات جليلة المتلهفة لموافقتها وكانت سامعة كلام سميرة ومتأكدة إن كل حرف فيه صحيح، لكن هي عاوزة ايه وتختار إيه ده كان صعب عليها تقرره علشان كده ابتسمت بتكلف وقالت لجليلة :
إيه رأيك يا طنط، ده بعد إذن ماما طبعاً، نكتب الكتاب، قالتها بخجل وتردد لكنها كملت
وبعد ما أكرم يسافر ويستقر يبعتلي وأفضل جمبه، وممكن كمان الاقي فرصة واشتغل ونرجع مع بعض ونستقر هنا.
سميرة : مش وحشة الفكرة، انت بتقول يا أكرم إنك مسافر على شغل في شركة كبيرة، اكيد هيبقى راتبك معقول وتقدر تاخد كاريمان رغم إني مبحبش السفر بس هيكون أهون من إنك تسيبها هنا لوحدها.
جليلة : وأنا! افضل لوحدي وأموت بحسرتي على فراق ابني، يسافر وياخذها والغربة تحلاله وينسى أمه وأهله، هي دي أخرتها، بقى أنا بفكر تتجوزوا علشان تبقي معايا واضمن إنه مش هيطول في غربته ولا قلبه يقسى تقومي تشجعيه وتقوليله هسافر معاك.
أكرم اتوتر من كلام سميرة، ثقتهم فيه وفي كلامه وجعته، هو مش قاصد يكذب لكن لو عرفوا الحقيقة وان سفره مغامرة غير محسوبة مستحيل هيسكتوا، سفر بدون ضمان أو ملامح لكنه محاولة لتحسين وضع ميؤوس منه، وفي نفس الوقت دموع أمه ونظراتها خلته يتعب أكتر قرب منها وضمها لحضنه بحنان وهمس بالقرب منها:
أنا مقدرش استغنى عنك يا أمي، لا عشت ولا كنت، إحنا بنتناقش مع بعض لحد ما نوصل لحل يناسبنا كلنا، كلام كاريمان وطنط مظبوط وكلامك مظبوط لكن لازم نفكر فيها من كل الجوانب.
ساعد والدته إنها تقعد وقعد جنبها ووجه كلامه لسميرة وكاريمان.
أنا لو سافرت يا كاريمان صعب ابعت اخدك على الأقل مش قبل سنة ويمكن سنتين، في أوراق كتير وحاجات لازم تتعمل، كمان انا مقدرش ابهدلك معايا في بلد لا نعرف عاداتها ولا أهلها.
سميرة شافت إنه معاه حق، لازم يفكروا على راحتهم، اتكلمت هي المرة دي :
معاك حق، خلي كاريمان تفكر يومين تلاته، وانت كمان احسبها مع نفسك، وإحنا معاكم في القرار المناسب، ولا إيه يا حجة جليلة
جليلة من غير اقتناع؟
براحتكم، أنا قولت رأيي وكل واحد حر.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
سميرة طول الليل بتفكر، بتحاول تنام ومش عارفة، غمضت عينيها لكن عقلها بيصورلها أحداث وتوقعات مختلفة، مليون سيناريو لحياة كاريمان وأكرم في حالة موافقتها على زواجهم، وتصورات تانية لو رفضت، ياترى هتكون بتظلمهم؟! طيب لو قبلت، هي مصيرها إيه، خلاص هتعيش لوحدها، دورها في حياة كاريمان هينتهي على كده، هتبعد عنها وتنساها وتقضي الباقي من عمرها وحيدة.
انتهى الليل بعد مشقة وصعوبة، ما صدقت الفجر أذن، قامت اتوضت وصلت، وجهزت نفسها قبل معاد الشغل بوقت طويل لكنها حاولت تشغل نفسها، قربت من غرفة كاريمان، هي متعودة تطمن عليها كل يوم قبل ما تمشي، كاريمان نومها تقيل ومعظم الوقت بتكون غرقانة في النوم وقت خروجها، كانت هتفتح الباب لكنها سمعت صوت كاريمان بتكلم حد في الموبايل، سمعت كلام بسيط من كلامهم ، وفهمت من خلال ردودها إنها بتتكلم مع أكرم، اتنهدت بتعب وبعدت عن الباب وكملت لبسها وخرجت من البيت.
قررت تروح الشغل مشي، رغم ان المسافة بعيدة لكنها نازلة من البيت بدري ومش عارفة تروح فين ولا تعمل إيه، هتمشي يمكن توصل لقرار مع نفسها، كل خطوة بتخطيها بيمر معاها ذكرى وموقف من حياتها، سميرة عمرها ما عاشت طفولتها، من صغرها عندها إحساس بالمسؤولية ناحية اختها ووالدها، أبوهم كان راجل مسالم، عمره ما عمل مشكلة مع حد، كان واخد بمبدأ ابعد عن الشر لكنه للأسف قضى حياته كلها مسالم لدرجة الاستسلام وده خلق جواها رغبة في حمايته وحماية العيلة كلها، شبابها عدى بسرعة لدرجة إنها مقدرتش تعيشه، الحب، حتى الحب عمرها ما سمحت يقرب منها ولا حتى تجربة واحدة ، ويمكن ده كان سبب خلافها مع اختها لما حبت ثابت، وصلت الشغل وللأسف احساسها بالخنقة زاد، بقى مُقبِص، طلعت غرفة الإدارة، مكنش حد موجود غير واحدة بس، زميلة لها لكنها بترتاح في الكلام معاها إلى حد ما، سلمت عليها وقعدت في مكانها، زميلتها (هبه)
سألتها بتعجب:
صباح الخير يا سميرة، انتِ كويسة! شكلك مرهق أوي.
سميرة التفتت لها وسألتها
انتِ ممكن تجوزي بنتك من غير فرح ولا شقة، ممكن تغامري بمستقبلها؟!
ابتسمت هبه وسألتها بهدوء :
كل إنسان وله ظروف، واللي يناسبني ممكن ميناسبش غيري، الحياة مستحيل تمشي على نمط واحد.
سميرة بحيرة : مفهتش حاجة ممكن توضحي كلامك
هبه : يعني مثلاً ممكن ارفض واتشرط ان بنتي يتعملها أحلى فرح وافخم شقة بس تعيش تعيسة، وممكن برده اتنازل عن كل ده وتبقى تعيسة ، الحياة مبتمشيش على توقعاتنا، احنا بنعمل اللي علينا والباقي على الله.
سميرة : أيوة بالظبط، مفروض نعمل واجبنا ونحمي ولادنا والباقي ده بتاع ربنا.
هبه : ومين قال ان الشقة والفرح الأساس في الجواز، الحب والتفاهم أهم.
سميرة : كلام وشعارات، مفيش راجل يستاهل الست تتنازل علشانه، ملهمش أمان ولا بيقدروا.
هبه : لا والله، في رجالة محترمة جدا، صحيح مش كتير بس موجودين.
سميرة نكست راسها بتعب ومردتش، وهبه احترمت سكوتها لأن الموظفين كلهم عارفين طبع سميرة واد إيه هي شخص متحفظ في كلامه وتصرفاته لكن بعد فترة وصل باقي الموظفين وكان منهم واحدة بتكره سميرة من غير سبب، قعدوا كلهم وكل شخص بدأ يعمل شغله في صمت وساعات بيتبادلوا كلام خفيف لكن (فايزة) قالت لسميرة بتريقة
عارفة يا سميرة، الأستاذ مصطفى خطب، بس إيه، بنت بنوت وزي القمر وصغيرة، يمكن ٣٠ سنة بالكتير ، وتخيلوا طايرة وفرحانة بيه هي وأهلها.
سميرة : وأنا مالي يا فايزة، ربنا يسعده أعمله إيه مش فاهمه؟!
فايزة : ومالك قفشتي كده ليه، أنا بس بقولك إنها كانت فرصة مش هتتكرر.
سميرة مقدرتش ترد، لأول مرة تتحط في موقف زي ده، صحيح طول الوقت الناس تسألها ليه متجوزتش لكن عمر ما حد كلمها بالوقاحة دي.
هبه اتدخلت بلطف وقالت :
خفي شوية يا فايزة، الهزار المرة دي تقيل حبتين.
فايزة : ولا هزار ولا جد، دايماً كلمتي تقيلة على قلبكم، الواحدة مهما كان ملهاش غير بيتها وراجل يضلل عليها وسن اليأس لما بيجي خلاص الست بتبقى زي الشجرة الناشفة، لا ضل ولا ورق.
خلصت كلامها اللي شق قلب سميرة وكملت شغلها عادي جدا كأنها معملتش ولا قالت حاجة، هبه حاولت تكلم سميرة لكن لاحظت ان أي كلام هيزود الموضوع ويحرجها اكتر، باقي الموظفين اكتفوا بالمشاهدة في صمت.
سميرة قضت اليوم من غير ولا. كلمة، بتخلص شغلها وبتتحرك من غير ما ترفع عينيها في حد، هي أساساً خارجة من البيت من غير أكل، وعملت حسابها تاكل أي حاجة في الشغل لكن نفسها انسدت ورغبتها في الأكل مبقتش موجودة، خلصت اليوم وروحت على البيت، دورت على كاريمان وملقتهاش، وهنا استسلمت لضعفها، بكت بحرقة ووجع، كانت حاسة ان روحها هتطلع من شدة حزنها، عندها شعور بالنقص، بالخيبة والوحدة، الحياة ليه صعبة كده وليه الناس بتصعب السهل،اشمعنى هي بس اللي انكتب عليها تتألم في صمت وتعيش حياة مفروضة عليها، زاد بكاؤها لما استرجعت كلمات فايزة، عندها حق في كل كلمة، هي فعلاً زي الشجرة الناشفة، لا لها أوراق ولا عارفة تضلل على حد، مصطفى برغم رفضها له لكنها كانت بتتمنى من جواها إنه يتمسك بها، يحاول مرة واثنين، ضحكت بسخرية على حالها، بتتمنى إن يتسمك بها على أي أساس، بينهم مثلاً قصة حب ملهاش مثيل، عروسة لقطة مش هيقدر يعوضها، خبطت بأيديها الإثنين على رأسها وكأنها بتحاول تفوق نفسها من انهيارها ده وقالت لنفسها :
فوقي يا سميرة، فوقي وساعدي نفسك وساعدي كاريمان مش وقت ضعف ولا انكسار، العمر راح ومستحيل يرجع واللي حصل النهاردة بيحصل من سنين وهيحصل ثاني وثالث، فايزة وغيرها دورهم في الحياة يهدوا في غيرهم وبس.
…………………………..
كاريمان نزلت واتقابلت مع أكرم، اتكلموا كتير ولأنه خايف عليها محاولش يأثر على قرارها بالعكس قالها إنه معاها مهما كان رأيها، مهما حصل حبه لها مش هيتغير وده طمنها وشجعها توافق، لكنها ربطت موافقتها برأي سميرة.
رجعت البيت، كانت سميرة عادت لهدوءها وقوتها الظاهرية، سخنت الأكل وحاولت تشغل نفسها بتنضيف البيت وتجهيزه
قربت منها كاريمان وسألت
في إيه يا ماما، بتعملي ايه، انتِ علطول تتعبي نفسك كده.
سميرة : اهلا يا حبيبتي، أنا سخنت الأكل ومستنية نتغدى سوا، ولا اتغديتي مع أكرم!
كاريمان بكسوف : حضرتك عرفتي منين إني قابلته؟
سميرة : مجرد تخمين، بس شايفة وقعتك في الكلام علطول ازاي.
كاريمان ضحكت بصوت عالي وسميرة بصت عليها بحب، سكتت دقيقة قبل ما تقولها :
بتحبيه يا كاريمان، واثقة فيه ومش خايفة وانتِ معاه؟!
كاريمان عيونها لمعت وصورة أكرم احتلت تفكيرها، ردت بثقة :
أنا مش متعودة أخبي عليكي حاجة، أنا واثقة في أكرم أكثر من نفسي، وبطمن وأنا معاه، أنا أحيانا بحس إنه أبويا، بيعوضني عن إحساس اتحرمت منه طول عمري.
سميرة : أنا موافقة على جوازكم قبل ما يسافر، كلميه واتفقي معاه على التفاصيل وبلغيني، بس خليكي فاكرة إني حذرتك كتير من ثقتك الزيادة في الناس وفي أكرم، واوعي تنسي ان والدته ست قوية اتعودت إنه ملكها لوحدها، محور حياتها وسر حياتها ومش سهل أبدا تشاركه مع حد مهما كان.
قالت كلامها واتحركت ناحية اوضتها، كاريمان سألتها بلهفة
مش هنتغدي يا ماما، حضرتك مش بتفطري!
سميرة : أنا هنام شوية، محتاجة ارتاح، لما تحبي تاكلي كلي انتِ.
🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹
ثابت كان في مرحلة يأس شديدة، لولا خوفه من ربنا كان انتهى من العذاب ده وموت نفسه، ندم إنه بعد مارية عن البلد، يمكن خوفه وقتها سيطر عليه لكن من وقت ما سافرت مع جاسم وهو وحيد اكتر من أي وقت فات، الدنيا كلها مبقتش فارقة معاه، افتكر هدى، برغم كرهه لها جواه بقايا حنين واشتياق لوجودها، هدى اللي كانت سبب ضلاله، الست اللي قدرت تغيره للأبد.
انتبه وفاق من شروده على صوت الحارس بينده بأسمه، وقف ثابت بخوف وترقب، طلب منه الحارس يتحرك قدامه لأنه مطلوب في مكتب مدير السجن لأمر ضروري، نفذ ثابت الأوامر في صمت لكن جواه فضول وحذر من اللي هيسمعه، معقول هدى ماتت وعلشان كده مطلوب!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وعود الليل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *