رواية الشيطان شاهين الفصل الرابع 4 بقلم ياسمين عزيز
رواية الشيطان شاهين الفصل الرابع 4 بقلم ياسمين عزيز
رواية الشيطان شاهين البارت الرابع
رواية الشيطان شاهين الجزء الرابع
رواية الشيطان شاهين الحلقة الرابعة
نظرت كاميليا لصديقتها هبة ببلاهة قبل أن تهتف
متسائلة :”تقصدي إيه بأغير شكلي؟؟ هو انت عايزانى اتنكر يا هبة.. انا مش فاهمة حاجة”.
هبة بنفاذ صبر :”اووف منك يا كامي انا ساعات بستغرب من غبائك اللي مش بيطلع غير في الأوقات المهمة بقلك إيه ركزي معايا علشان مفيش وقت و الظاهر اننا حنضطر منحضرش بقية المحاضرات و نبقى ناخذهم من البنت شيماء”
كاميليا :” ليه حنروح فين؟؟؟ “.
جذبتها هبة من ذراعها لتحثها على إكمال سيرها فمنذ خروجهم من فيلا شاهين الألفي و هي تحدثها و تحاول اقناعها بضرورة تغيير شكلها لتجنب مضايقات رجال الطبقة الغنية دون أن تبالغ في وصف الخطر المحدق بها حتى لا تخسر صديقتها الوظيفة فهي آخر أمل لها لتتمكن من تحسين احوالها و مواصلة دراستها.
هبة و هي تدخل بها احد المحلات الخاصة بالنظارات الطبية :”اول حاجة لازمك نظارة…دوري بقى على ابشع نظارة في المحل داه.
جربت كاميليا عدة انواع من النظارات قبل أن يقع الاختيار على نظارة بشعة خاصة بكبار السن دائرية الشكل غليظة ذات إطار اسود كلاسيكي قديم..
أصرت هبة على شرائها تحت أنظار صاحبة المحل المتعجبة و التي حاولت كثيرا ان تثنيها عن رأيها و تقنعها باختيار اي موديل آخر من النظارات الموجودة في المحل…
خرجت الفتاتان من المحل لتنفجر هبة من الضحك و هي تتحدث بصعوبة:” لايقة عليكي اوي النظارة دي يا كأني بقيتي شبه الدادة دودي…مش ناقص غير الطرحة و تبقي تمام”.
نزعت كاميليا النظارة من على عينيها و هي تتنفس الصعداء فهي منذ أن ارتدتها و هي تتعثر في مشيتها و لا تستطيع النظر جيدا
كامي بضيق:”بقيتي بتتريقي عليا طب ايه رأيك اني مش حلبس البتاعة دي انا مش قادرة اشوف حاجة ادامي و ممكن اقع على وشي في اي لحظة…خذي البسيها انت، انا مش عاوزاها”.
هبة بشهقة :”نعم… انت اللي حتشتغلي في بيت الألفي يعني لازم تلبسيها غصب عنك و دي أوامر الهانم الكبيرة على فكرة هي اللي طلبت من طنط خديجة انها تقلك ان من شروط قبولك في الشغل هو
عدم الاهتمام بالمظهر يعني لازم تكون المربية بشعة مش ملكة جمال زيك….
كاميليا بسخرية :” اول مرة اشوف شغل بيطلبوا فيه طلب زي ده…
هبة بتأكيد :” ما انت عارفة السبب هي بس خايفة عليكي علشان الناس اللي هناك مش زينا… يعني اي حد حيشوفك حيطمع فيكي و دول ناس قادرين و مش حيسيبوكي… دا كثر خيرها ست غيرها كانت مهمتمش باللي حيحصل معاكي مش قلتلك انها طيبة زي ماحكتلي طنط عليها و هي على فكرة بتختار البنات اللي بيشتغلوا عندها بالوحدة…”.
كاميليا بملل :”انا ايه اللي خلاني اتزفت و اسمع كلامك و اروح الشغل داه هو يعني مفيش غيره.. تعالي ندور على شغل ثاني و بلاش وجع الدماغ داه كله “.
هبة بردح و هي ترجع خصلات شعرها الأسود القصير وراء اذنها بحركة عصبية :” نعم يا ختي انت تجننتي بقلك ايه يا بت اتلمي انا على آخرى منك شغل ايه اللي حتلاقيه ماهو على عينك اللي عاوز وقت كامل و اللي عينه زايغة و اللي مرتبه ميكفيش ثمن المواصلات….
احنا مش حنعيد الموضوع داه ثاني انت تسمعي الكلام و كل حاجة حتمشي تمام…غيري من شكلك شوية عشان تستلمي الشغل، دي فرصة كويسة جدا و المرتب حلو اوي انت تشتغلي شهرين بس و بعدين تقدري تبطلي انت و مزاجك بقى و انا بصراحة مطمنه جدا علشان ثريا هانم عارفة كل حاجة يعني مفيش قلق و لا خوف”
كاميليا :” ماشي يلا خلينا نمشي من هنا انا جالي صداع من زنك… حجرب الشغل الأول و بعدين أرد عليكي بس على الله الفلوس اللي صرفناها في حق النظارة دي متروحش هدر “.
هبة :” استني بس انت عندك طرح صح ”
كاميليا ايوا ليه؟”.
هبة :”ما انت لازم تلبسي الطرحة علشان تداري شعرك الحلو داه و كمان خدي دي كريم انا كنت اخذتها من شوية من البنت شيماء انت تحطي منها على وشك و ايديكي علشان تسمر بشرتك ماشي”.
كاميليا و هي تأخذ منها العلبة:”نظارة و طرحة و كمان كريم فاضل إيه ثاني يا ام الأفكار”.
هبة و هي تدفعها أمامها بلطف :” مفيش يا اختي عدي الجمايل بقى…بكرة لما تقبضي اول مرتب افتكريني بهدية انشاء الله حتى قلم روج من ناصية الشارع ”
كاميليا بضحك :” روج ايه بس انا حشتريلك نظارة زي اللي عندي دي…”.
هبة :” يلا يا اختي مش عاوزة منك حاجة المهم بكرة الصبح انا عاوزة اشوفك قبل ما تروحي الفيلا علشان احط التاتش النهائي بتاعي ”
كاميليا :” ليه هو انت مش حتروحي معايا.. انا لسه محفظتش المكان يا هبة و خايفة اتوه و خصوصا و انا لابسه النظارة الكعب كباية دي “.
هبة بضحك :” حاضر ياختي انا حاجي معاكي و بالمرة اوصي خالتي عليكي و بعدين بصراحة عاوزة ادخل الفيلا ثاني…انا بصراحة عمري مارحت هناك قبل كده بس المكان حلو اوي زي اللي بنشوفه في المسلسلات… داه حتى الهواء متغير هناك”.
كاميليا بضحك :” متغير ازاي يعني…”
هبة و هي تشير بيديها :” تحسيه كده صافي و نظيف و ريحته حلوة مش زي اللي عندنا في الحارة، يا بختهم الاغنياء دول عايشين في الدنيا و مستمتعين بيها مش زينا، قصور و فيلات و عربيات و فلوس… ”
كاميليا :” بس… بس..يعني نور في البيت و انت هنا.. الواحد مش ناقص وقع دماغ و توتر بلاش احلام وردية خلينا في واقعنا المنيل يا اختي، و ركزي في حفلة التنكر بتاعة بكرة اللي وقعتيني فيها بذكائك الفذ اما اشوف آخرتها معاكي”
هبة و هي تغني بضحك :” بكرة تشوف بعنيك… يا حبيبي”.
لكمتها الأخرى بخفة على كتفها قبل أن تجيبها ضاحكة :” طب يلا يا ست هيفاء…نشوف حنروح ازاي”
اتجهت الفتاتان الي إحدى محطات الحافلات لتركبا احد المواصلات العامة للعودة الى المنزل استعدادا ليوم غد….
……………………..
في مشفى البحيري
نظرت ليليان الى ساعتها الذهبية التي كانت تزين معصم يدها الرقيق، ابتسمت بخفة قبل أن تقف لتغادر مكتبها استعدادا للقيام بجولتها التفقدية لبعض المرضى من الاطفال المسؤولة عن علاجهم.
فتحت إحدى الغرف التي يقبع بها احد المرضى، رامي ذلك الطفل الصغير الذي يعاني من مشاكل في رئته و التي استوجبت مكوثه في المستشفى لوقت طويل..
ليليان بابتسامة رائعة تزين وجهها :”ازيك يا بطل عامل ايه النهاردة؟؟”.
رامي و هو يبادلها الابتسام :”انا بقيت كويس…الحمد لله”.
ليليان و هي تقرأ تقارير حالته :”برافو يا بطل انت بقيت كويس علشان انت قوي و شاطر و بتسمع الكلام..”.
رامي برجاء:”طب لما انا كويس امتى حخرج من هنا انا عاوز اروح بيتنا يا طنط لولو عاوز ارجع المدرسة و لصحابي دول وحشوني اوي”.
أعادت ليليان التقارير الى مكانها ثم اقتربت من الصغير تربت على رأسه بحركات حانية قائلة بلطف:”
قريب جدا انشاء الله حتخرج من هنا و حتعمل كل اللي انت عاوزه بس لسه في شوية تحاليل لازم نعملها علشان نطمن عليك، انت طبعا علشان ذكي و شاطر حتسمع الكلام ماشي و انا اوعدك كلها اسبوع و كل حاجة حتبقى تمام ماشي…”.
رامي بحزن :”حاضر يا طنط بس انا زهقت هنا اوي حتى ماما لسه مجاتش لحد دلوقتي “.
ليليان بحب :” اكيد زمانها في الطريق و بعدين هو انت عاوز تخرج كده و تسيبني لوحدي في المستشفى الكئيبة دي “.
رامي ببراءة:” لا انا حاخذك معايا مش حسيبك هنا علشان انا بحبك اوي يا طنط لولو”.
ليليان بحب :” يا روح و قلب طنط لولو و انا كمان بحبك اوي… انا حسيبك دلوقتي تتفرج على الكرتون اللي بتحبه علشان عندي شوية اولاد صغيرين زيك محتاجيني اكشف عليهم و اول مخلص حرجعلك اتفقنا”.
رامي بايجاب:” اتفقنا بس مش تتأخري عشان انا بحب اقعد معاكي اوي “.
ليليان :”حاضر يا استاذ رامي مش حتأخر أنشاء الله “.
خرجت ليليان من الغرفة بعد أن اطمئنت ان حالة رامي مستقرة ثم اخذت طريقها الى بقية الغرف للكشف على بقية المرضى…
تسلل الى اذنها صوت مالوف، رفعت رأسها لتجد والدة رامي تتحدث مع إحدى الممرضات اقتربت منها لتسمع والدة رامي تقول برجاء:” ارجوكي يا بنتي انت بس دليني على مكتب مدير المشفى و انا حتكلم معاه”.
الممرضة:”يا فندم و الله ما حينفع، اصلا الدكتور ايهم مش بيقابل حد خالص انا مليش دعوة بكل دا هما بس قالولي اديكي الورقة دي انت روحي للحسابات و تفاهمي معاهم.
قاطعت ليليان حديثهم مسائلة:” في ايه يا ميساء، مالها مدام رقية و ايه الورقة اللي في إيدك دي؟”.
ميساء و هي توجه حديثها لوالدك رامي :”اهي جات الدكتورة ليليان دي خطيبة صاحب المستشفى داه انت ممكن تتكلمي معاها و هي حتساعدك….
ليليان بغضب:” ميساء، انا قلتلك قبل كده بطلي تطلعي إشاعات على الناس انا مش خطيبة حد و اتفضلي دلوقتي اشرحيلي مالها مدام رقية”.
ميساء بطاعة:” اسفة يا دكتورة…ادارة المستشفى بعثت الورقة دي للمدام علشان هي مدفعتش بقية مصاريف إقامة ابنها في المستشفى و الدكتور ايهم إداها مهلة ساعتين و الا حيضطر يرميهم برا و كمان حياخذ ضدهم كافة الإجراءات القانونية عشان وصولات الامانه اللي مضت عليهم المدام …. ما انت عارفة القوانين هنا و للأسف الدكتور ايهم مش بيسامح و لا بيتعاطف مع حد ”
ليليان بضيق :” للأسف عارفة… طيب هاتي الورقة و انا حتصرف روحي انت شوفي شغلك “.
اعطتها الممرضة الورقة ثم غادرت لتقرأ ليليان الورقة بصوت عال :” 150الف جنيه ..
قاطعتها رقية قائلة بخجل :”انا عارفة اني تأخرت على دفع بقية المبلغ بس و الله بحاول انا قدرت اجمع تسعين ألف جنيه بس هما مش عاوزين يصبروا عليا يومين كمان و انا حجيب الباقي انشاء الله… ارجوكي يا دكتورة ساعديني و انا و الله اوعدك اني حتصرف “.
ليليان بتفكير :”متقلقيش يا مدام رقية انا حتصرف انت روحي لرامي اقعدي معاه و اطمني عليه و انا حشوف الدكتور ايهم و اتكلم معاه…متقلقيش انا حدفع الباقي داه مبلغ صغير مقابل صحة رامي “.
رقية بخجل:” ميصحش يا دكتورة كفاية حبك و اهتمامك لرامي دا لولاكي كنت خسرته. كمان المبلغ كبير انا بس عاوزاكي تساعديني فانك تطلبي منهم يستنوا عليا يومين بس. انا حتصرف…ثم تابعت بصوت خافت من شدة الحرج.. خصوصا اني الممرضة قالت إن صاحب المستشفى يبقى …”
ليليان و هي تنتفض غضبا:”الكلام داه كذب هو مش خطيبي و لا حاجة هو بس ابن عمي. المهم انا وعدتك اني حتصرف انت بس روحي جنب رامي و خلي الباقي عليا … “.
رقية بخجل:” انا مش عارفة اودي جمايلك فين انت ملاك نازل من السماء ربنا يجبر بخاطرك و يفرحك زي مافرحتيني يا رب انا و انا و الله يومين بالكثير و حجيبلك الفلوس “.
ليليان :” متقوليش كده داه واجبي عن اذنك “.
تركتها ليليان ثم اتجهت الى الاسانسير تاركة رقية تحمد الله على حل مشكلتها التي أرقت منامها طيلة ايام.
وصلت ليليان الى الطابق الأخير من المشفى و ني تمتم بغضب :” اما شوف اخرتها مع الشيطان داه اللي مفيش في قلبه رحمة.
طرقت الباب عدة مرات ليأذن لها ايهم بالدخول.
ليليان بضيق مخفي و هي ترى ابتسامته السمجة التي تكرهها :” صباح الخير يا دكتور ايهم “.
ايهم و هو يسلط نظراته المعجبة عليها:” صباح الجمال يا قلب ايهم…وحشتيني و كنت لسه حنزل عشان اشوفك”.
ليليان و هي ترمي أمامه الورقة :”بقلك ايه انا مش فاضية لرزالتك مستعجلة و عندي شغل بس جيت علشان افهم منك إيه داه”…
ايهم و هو يضغط على احد الازرار:” دي ورقة إنذار بالدفع بس مش عارف لمين …. ”
ليليان :” لرامي الولد الصغير اللي في الاوضة 360 ”
ايهم بلامبالاة:”طيب و فيها ايه، شاغلة دماغك الجميل بحاجات تافهة كده ليه “.
ليليان بغضب جلي:” دا ولد صغير و في آخر مرحلة للعلاج لو خرج من المشفى دلوقتي ممكن حالته تتدهور و يرجع زي ماكان…”.
ايهم :” و يطلع ليه؟ خلي أهله يدفعوا اللي عليهم و بكده مش حيخرج… اكمل و هو يقرأ الورقة… ممم فهمت يعني اخر موعد للدفع النهاردة و الا حيطرد”.
ليليان :”ايوا مامته معاها اكثر من نص المبلغ و انا بكرة الصبح حدفع الباقي “.
ايهم بابتسامة لعوبة:” طب ما تدفعيه دلوقتي”.
نظرت له ليليان بحنق قبل أن تجيب :” اكيد مش حيكون مبلغ زي داه في شنطتي.. انا بطلب منك مهلة بس لغاية بكرة الصبح الساعة تسعة حكون محولة المبلغ لحساب المشفى”.
ايهم برفض :” لا عاوزه دلوقتي و الا حكلم السكيورتي يخرجوها هي و ابنها دلوقتي انت عارفة القوانين هنا “.
رفع ايهم سماعة الهاتف و هو يصطنع الضغط على الازرار لتختطف منه ليليان الهاتف و ترميه على المكتب هاتفة بحنق:” انت ايه مفيش في قلبك رحمة ازاي ترمي ولد مريض برا المستشفى علشان ممعوش ثمن العلاج… “.
ابتسم ايهم ابتسامه خبيثة كثعلب استطاع الإيقاع بأرنب صغير اقترب اكثر بكرسيه ليلف ذراعيه على خصرها دون أن تشعر به قائلا :”ليه حد قلك فاتحها جمعية خيرية و بعدين المستشفى دي للناس الاغنياء للي معاهم فلوس و يقدروا يدفعوا.. الفقراء و المساكين اللي بتعطفي عليهم دول يروحوا يشوفولهم مستشفى حكومي على قد امكانيتهم”.
تراجعت ليليان الى الخلف بعد أن رمت الهاتف لكنها فوجئت بنفسها مكبلة و تقف مباشرة أمامه لتهتف بحنق:”انت بني آدم مش طبيعي.. سيبني دلوقتي و انا حتصرف و حجيبلك المبلغ كله دلوقتي… “.
أيهم :” مفيش خروج من المشفى “.
حاولت ليليان التخلص من قبضته التي كانت تزداد على خصرها يقربها منه صارخة بغضب:” طول عمرك حيوان…و مش حتتغير ،انا ححولك المبلغ دلوقتي و مش حخرج من الزفت بتاعتك…ابعد عني.. “.
ايهم بضحكة متسلية :”مش عارف ليه انت الوحيدة اللي بستمتع و انت بتشتميني… صدقيني لو كانت واحدة غيرك كنت دفنتها مكانها بس انت خطيبتي و قريب حتبقي مراتي …”
ليليان بهيجان:” انت واحد مجنون…بتكذب الكذبة و تصدقها، انا مستحيل اقبل اتجوزك لحد امتى حفضل اقولهالك… فوق من اوهامك و بلاش غباء انا عمري مش حبص لواحد قذر زيك.. انت مكانك الأماكن الزبالة اللي بتروحها كل ليلة دور هناك يمكن تلاقي واحدة تناسبك… ااااه حيوان و مريض و بكرهك ”
صرخت بألم و هي تشعر بأصابعه تنغرس في ظهرها كسهام حادة…
تسارعت نبضات قلبها خوفا بالرغم من لسانها السليط و و كلامها المسموم الذي تلقيه في وجهه كلما سنحت لها الفرصة دون خوف او تردد الا ان ذلك لا يمنع من شعورها بالرعب خاصة أمام نوبات جنونه التي تصيبه من حين الى آخر…ليهمس بصوت خافت مرعب بجانب أذنها ارسل الرعب في كامل اوصالها
:”هانت يا ليليان كلها ايام و نتجوز و حربيكي من اول و جديد… حخليكي تندمي على كل كلمة قلتيها و مبقاش انا ايهم البحيري لو مذلتكيش و خليتي تبكي بدل الدموع دم عشان أرحمك… ما انا حيوان بقى.
دفعها بقوة لدرجة انها فقدت اتزانها و سقطت ارضا تحت قدميه.. ليومئ لها باشمئزاز قائلا:”
و دلوقتي بقيتي في مكانك الطبيعي هنا خدامة تحت رجلي،
بس نقول ايه ناكرة للجميل… بعد ما والدتك توفت و ابوكي اللي هو عمي اتجوز ثاني و شاف حياته و رماكي عندنا…امي هي اللي ربتك و اعتبرتك بنتها زيك زي أميرة و عمرها ما فرقت بينكم في يوم… عيشناكي في بيتنا و صرفنا عليكي لحد متبقيتي دكتورة..حتى الشغل بقيتي بتشتغلي في أحسن مستشفى في القاهرة…
فمين بقى اللى يناسب مين؟ انت و الا انا… يلا على شغلك دلوقتي اما بالنسبة للمريض اللي جيتي علشانه فأنا حخلي الأمن يخرجوه برا حتى لو عيلته دفعوا مليون جنيه مش حسيبه هنا يوم واحد و مش حخلي مستشفى ثانية تقبله، عشان تتربي و تعرفي ازاي تكلمني “.
هزت ليليان رأسها بألم و قد بدأت دموعها تتساقط على وجنتيها الورديتين ليس على كلامه الجارح الذي تعودت ان يلقيه على مسامعها كلما رفضته بل على ذلك الطفل البريئ و الذي بسببها من الممكن أن يخسر حياته.
رفعت عيناها ببطئ لتجده ينظر إليها و قد تحولت نظراته المشمئزة الى أخرى جامدة خاليه من التعابير،
لم تعرف ماذا تفعل فابن عمها هذا ليس سوى كتلة من الحقارة و القسوة تمشي على قدمين…
ضغطت بيديها على الأرضية البيضاء التي تكسو قاعة مكتبه لتدفع بجسدها الى أعلى محاولة الوقوف.. مررت اصابعها بحركة وهمية على معطفها الطبي الأبيض قبل أن تهمس بضعف:”انت مش حتعمل كده”
استدار ايهم بكرسيه ليصبح مقابل مكتبه و هو يهتف بصوت حاد :”و مين حيمنعمي، على حد علمي المستشفى دي بتاعتي و انا اقدر اعمل اللي انا عاوزه”
مسحت ليليان دموعها الصامته و هي تتقدم ناحية المكتب بخطوات ضعيفة خايفة، تعلم جيدا انه يستطيع تنفيذ تهديده و إخراج رامي من المستشفي فلطالما فعلها من قبل…
لتقول بصوت راج
:”داه طفل بريئ و ملوش ذنب و عيلته حتدفع كل الفلوس ليه تخرجه”
ليجيبها بصوت جاف خال من الرحمة:”انا حر و دلوقتي اتفضلي على شغلك…مش عاوز اشوفك قدامي”
ابتلعت ليليان اهانته على مضض في سبيل اقناعه فكل ما يهمها هي المحافظة على حياة ذلك الصغير حتى على حساب كرامتها فليقل مايشاء الان المهم ان تصل إلى غايتها…
اما هو فمن المؤكد انه سيأتي يوما ما و ترد له الاهانه….وقفت بجانب حافة المكتب ثم رفعت كفيها
لتمسح دموعها بعنف و ترتب هيئتها قائلة بهدوء تحاول استعادته بعد ثورة الغضب التي انتابتها منذ قليل :”قلي عاوز ايه عشان تلغي قرارك داه”
ضحك ايهم و هو يتراجع بجسده على كرسيه واضعا يديه على حافة المكتب أمامه،صمت فجأة ثم وقف من مكانه ليخطو بخفة ليصبح ورائها… انحنى قبل أن يمد أصابعه ليقبض على خصلة من خصلات شعرها الشاردة و يتلاعب بها و هو يصدر همهمات كمن يدعي تفكير قبل أن يقول فجأة :” بالرغم من اني صعب جدا اغير قراراتي بس….انت دايما استثناء…. المهم انا عندي ليكي عرض لو قبلتيه حسمح للمريض بتاعك يكمل علاجه هنا و كمان ببلاش ايه رأيك “.
ارتجفت بشدة و هي تشعر بانفاسه التي تكرهها تضرب عنقها من خلف قبضت على اصابعها بعنف ثم اغمضت عيناها بقوة لتبدأ بالعد التصاعدي لتحث نفسها على تحمل وجوده الغير مرغوب فيه بجانبها
هامسة داخلها :”كله علشان رامي.. اتحملي يا ليليان اتحملي “.
لتقول بصوت عال:” ببلاش كمان طيب ايه هو العرض داه”.
أكمل ايهم بعد صوت لم يدم طويلا :”الليلة عندي سهرة و عاوزك تروحي معايا”.
فتحت ليليان عيناها بذعر قبل أن تسأله :”سهرة ايه دي؟ فين و مع مين؟”.
اطلق ايهم ضحكة خافته قبل أن يجيبها :”سهرة عادية في فيلة شاهين الثانية احنا متعودين نسهر فيها … و متخافيش مش لوحدنا اصحابي حيكونوا موجودين و معاهم بنات… “.
ليليان باستهزاء:”طبعا بنات ليل ماهو داه مستوا..”
قاطعها ايهم و هو يجذب خصلة شعرها بقوة قائلا :”لسانك داه حقصهولك في يوم من الايام “.
كتمت ليليان المها وهي تضع يدها أعلى خصلة شعرها بتجذبها من يده بعنف قائلة :” و مين قالي انك مش حترجع في كلامك داه بكرة او بعده… رامي لسه قدامه اسبوع كامل على الاقل علشان يكمل علاجه”.
تنفس ايهم بقوة قبل أن يعود إلى كرسيه قائلا بملل:” من الاخر داه اللي عندي…في ايدك ساعتين تقرري فيهم مصير الولد يا اما يعيش و يا اما يموت”.
اومأت ليليان براسها قبل أن تتجه الى باب المكتب
و تغادر، اغلقت الباب ورائها و هي تستنشق الهواء بلهفة كغريق رسى للتو على شاطئ الأمان….
هرولت بخطوات سريعة في اتجاه المصعد تريد الهرب بأقصى قوتها من هذا المكان، التفتت ورائها عدة مرات ناظرة بخوف و كأنها تتوقع لحاقه بها او خروجه فجأة من احد الجدران كما يحصل في الأفلام..
ضغطت ازرار بحركة عصبيه و هي تشتم في سرها
لاعنة تهورها في القدوم الى مكتبه، خرجت من المصعد لتعترضها زميلتها الدكتورة أمنية… متزوجة و لديها طفلين في الرابعة من عمرها و هي صديقة ليليان المقربة و ملجأ أسرارها…
بذلت ليليان مجهودا كبيرة بترسم ابتسامة مصطنعة على وجهها الفاتن و هي تلقى التحية :”صباح الخير يا ميمي ازيك”
أمنية بضحك:”ميمي في عينك يا بت انت مش حتبطلي تندهيني بالاسم دا… دا انا حتى دكتورة و ليا مركزي يعني فاكراني قطة قال ميمي قال “.
ليليان :”الحق عليا اني بدلعك”
أمنية وهي تتفرس ملامح ليليان :”دلعي يا اختي براحتك… بس مالك وشك مصفر كده و مش على بعضك فيكي ايه يا لولو”.
ليليان :” مفيش حاجة يا أمنية…شوية إرهاق و تعب من الشغل “.
أمنية و هي تجذبها الى أحد الغرف :” طيب تعالي ارتاحي و انا حطلبلك عصير فرش “.
تبعتها ليليان بخطوات متثاقلة غير آبهة بتلك النظرات التي تكاد تفترسها من بعيد… و الذي لم يكن سوى الدكتور اسعد احد المعجبين بليليان.
ارتمت على السرير الطبي باعياء تشعر بأن كل قواها مستنزفة، و كأن جبلا من الحجارة يقبع فوق صدرها…
وضعت كفها على وجهها قبل أن تنفجر في بكاء مرير…
تبكي فقدان امها و هي مازالت فتاةََ صغيرة لم تتجاوز الثالثة عشر من عمرها ليسارع والدها بعد أشهر قليلة للزواج من فتاة تصغره سنا بأكثر من عشرون سنة طمعا في ثروته…و كأنه كان ينتظر موت والدتها ليتخلص منها هي الأخرى و يرميها في بيت عمها…
لا تنكر فضل زوجة عمها الحنونة التي عاملتها بكل حب و طيبة و كأنها ابنتها… أبناء عمها سيف و محمد الأول يفوفها بثلاث سنوات، اما محمد فاصغر منها بسنتين كانوا و نعم الأخوة لها..
لم يكن سواه هو ايهم الابن الأكبر لتلك العائلة الطيبة لم يكن مثلهم.. بل كان الأسوأ على الأطلاق.
طوال فترة مكوثها معهم و هو لا يعتبرها سوى دخيلة عليهم…ينتهز جميع الفرص لايذائها و اهانتها…
و تذكيرها بمكانتها الوضيعة في منزلهم…
افاقت على صوت أمنية التي دخلت الغرفة للتو و في يدها كوبا من العصير..
:”مالك يا ليليان انت كويسة، بتعيطي ليه؟”.
ارتمت ليليان في أحضانها تبكي بعنف و هي تردد من بين شهقاتها:”بكره يا أمنية بكره… و مش عارفة ازاي اتخلص منه، الموت ارحملي كم اني اتجوزه”.
ربتت أمنية على ظهرها بحنان بعد أن فهمت سر توترها قائلة باشفاق:”اهدي يا لولو متعمليش في نفسك كده…حتموتي نفسك من العياط على شان واجد ميستاهلش”.
ابتعدت ليليان عنها و هي تمسح دموعها بصعوبة قائلة بتأكيد:” ايوا ميستاهلش داه حيوان..وواطي و قذر بيساومني على حياة طفل بريئ ملوش ذنب، طول عمره كده…انا لسه مش عارفة داه دكتور و بينقذ أرواح الناس ازاي “.
التفتت أمنية بنصف جسدها العلوي لتمسك كوب العصير من فوق الطاولة بجانبها و تقربه من فم ليليان لتساعدها على شربه…
وضعت ليليان يدها المرتجفة لتدعم يدي أمنية و تترشف بعضا من محتوى الكوب و هي تستمع الى صديقتها تقول:” اهدي كده و احكيلي بالتفصيل ايه اللي حصل”.
بدأت ليليان في سرد كل ما حصل معها منذ صعودها الي مكتب ايهم الى لحظة خروجها منه… تحت نظرات أمنية المتعجبة و التي صرخت غاضبة بعد أن انتهت الأخرى من كلامها :”هي حصلت…. وصلت بيه الدناءة و الوقاحة انه يخيرك بين حياة طفل صغير ملوش ذنب و بين انك تطلعي معاه سهراته الوسخة اللي زيه…متروحيش يا ليليان داه واطي و ممكن يعملك حاجة”.
ليليان بصوت مختنق :”طب و رامي اعمل فيه ايه…. انت عارفة انه ممكن يأذيه و يطرده من هنا و ميخليش و لا مستشفى تقبله… انا خايفة عليه اوي و معنديش حل غير اني اروح، ايهم كان دايما بيطلب مني اني اروح معاه سهراته مع أصحابه بس انا دايما كنت برفض..”
امنية باندفاع:”الواطي قليل الشرف عاوز ياخذك عشان يتباهى بيكي قدام أصحابه السكرانين و بنات الليل… عاوزك تدخلي العالم الوسخ بتاعه…. منه لله ربنا ياخذه عشان ترتاحي منه ”
ليليان :”بيكرهني اوي يا امنيه و مصر يذلني من اول يوم جيت فيه بيت عمي و هو الوحيد اللي مش طايقني دايما بيعايرني و بيهنني في الرايحة و الجاية حتى لما ساب بيت عمي و بقى بيسكن في فيلا ثانية…ضغط على عمي علشان يخليني ادرس طب زيه و صمم اني آجي اشتغل هنا عنده علشان يكمل تعذيب فيا…بيستغل جميل عيلته بأنهم آوووني و ربوني علشان يتحكم في حياتي… سنين و انا بستنى اليوم اللي حطلع فيه من هناك علشان ابقى حرة و ملك نفسي و اقدر اعمل اللي انا عاوزاه بس هو مسابنيش في حالي اقنعهم بأنه بقى بيحبني فجأة و عاوز يتجوزني و انه هو أولى بيا من الغريب…لو شفتيه يا امنية ازاي بيعاملني قدام اهله… شيطان في ثوب ملاك….”.
امنية بشفقة :” ربنا يعينك يا حبيبتي… انشاء الله حييجي يوم و تخلصي فيه منه داه مصيبة و مفيش حد بيحبه هنا بس بردو لازم تلاقي حل و متروحيش انا خايفة عليكي منه و من صحابه و خصوصا اللي اسمه شاهين… “.
ليليان بياس :” مفيش حل ثاني انا حروح و اللي يحصل يحصل ايهم داه كابوس و عمري ما حخلص منه “.
ساعدتها أمنية على الوقوف لتتجه الى حمام الغرفة لغسل وجهها و أطرافها علها تهدأ قليلا قبل أن تهاتف ايهم و تخبره بموافقتها.
في مكتب ايهم
:”مش جاي لوحدي الليلة… ليليان معايا “.
قال ايهم بفخر و هو يهاتف صديقهم
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية الشيطان شاهين)