رواية مرسال كل حد 2 الفصل الثامن عشر 18 بقلم آية السيد

رواية مرسال كل حد 2 الفصل الثامن عشر 18 بقلم آية السيد

رواية مرسال كل حد 2 البارت الثامن عشر

رواية مرسال كل حد 2 الجزء الثامن عشر

رواية مرسال كل حد 2 الحلقة الثامنة عشر

بمجرد ما حسام شافه جري عليه بيحضنه وهو بيقول: الحمدلله إنك كويس، انا كنت خايف عليك، عشر ساعات وانا قاعد مستني هنا ومش عارف اوصل لحد فيكم، كنت كنت خايف انك تكون….
بعده خالد عنه وهو بيقول: انت مش قلت انك ماشي ومش هتجي تاني؟
بصله حسام بعلامات مزجها صدمته مع استغرابه بيقول: ان..انت مكنتش عايز تشوفني تاني؟
كنت ملاحظ علي خالد انه بيتمالك مشاعره وتصنع الجحود وتجاهل النظر ليه بيبص لراشد بيسأل: انت تعرف حسام منين؟
راشد سكت وبص لحسام الي كان واقف بيبص على خالد باندهاش وصدمة مش مستوعب بروده ناحيته، اتقدم حسام تجاه خالد وهو بيمسكه من ايده بيقول: خالد بصلي ارجوك، انا حسام صاحبك.. انت مستوعب انك بتتعامل معي انا كدا؟
زاح خالد ايده عنه وهو بيقول: انت كنت بتكلم راشد من ورانا؟ كنت بتجسس علي؟ فرقت ايه دلوقتي عن بابا وعيونه الي بيبعتها في كل حتة ورايا؟
“انا انا مكنتش بتجسسس انا كنت قلقان وبطمن”.
“متحاولش تراوغى، انت زيك زيه بالظبط.” قال كلمته الاخيرة ودخل البيت وطلع علي اوضته، حسام لحقه ،بس خالد قفل الباب في وشه، خبط علي باب الاوضة وهو بيقول: خالد اسمعني بس صدقني ما كنت بتجسس عليك انا بس كنت بطمن، صدقني كنت بطمن، كنت همشي ومش هرجع تاني علشان وجعتني وجعتني اوي علشان واحد لسه متعرف عليه، ودلوقتي عايز تنهي صداقتنا علشانه انت عارف كويس ومدرك اني معملتش كد الا من خوفي وقلقي عليك.
مسمعتش صوت خالد، صمت رهيب وكأن حسام بيكلم نفسه، اتنهد وسند راسه على الباب وهو بيقول: انت ليه بقيت كدا؟ ليه اتغيرت بالشكل ده؟ للدرجة دي هونت عليك…
كنت واقف ساعتها على مطلع السلم وانا شايف حسام عمال يكلم خالد وخالد لسه قافل الباب، قررت اتراجع وانزل تحت اقعد مع راشد لاني كنت واثق ان لو حسام انتبه على وجودي، المشكلة الي بينه وبين خالد هتكبر اكتر والمردي ممكن حسام فعلا يروح وميرجعيش، علشان كدا نزلت قبل ما يلاحظ وجودي ودخلت قعدت في اوضة السفرة الي كان قاعد فيها راشد ومهاب، قعدت قصاد راشد وانا بسأله بهدوء: من امتى وحسام بيكلمك؟
اتنهد وبصلي وهو بيقول: تاني يوم بعد الخناقة الي حصلت بينه وبين خالد.
“فين؟”
” في السوبر ماركت، كنت بشترى طلبات البيت ولاقيته واقف بر قدام عربيته، بمجرد ما شافني نده عليّ، عرفني بنفسه ووضحلي انه سبب معرفته لاسمي انه عمل بحث شامل عن بيتي ومعلومات عني انا شخصيا، وبعدها بدأ يوضح نيته من حاجة زي كدا وانها مش اكتر من مجرد انه كان بيطمن ان خالد بين ايدين أمينة وبسبب الخلاف الي حصل بينهم هم الاتنين مش هيقدر يتواصل معه بشكل مباشر علشان كدا كنت انا الوسيط بينهم علشان اطمنه عليه، في البداية كنت متردد ايه الي يخلني اثق فيه، بس من بعد ما شوفت حالة خالد ادركت ان العلاقة الي بينه وبين حسام غير العلاقة الي بيهرب منها من باباه، حسام اكيد مش هيأذيه هو بس عايز يطمن عليه ده الي قريته في عيونه”.
ابتسمت ابتسامة خفيفة وبعدين تطرقت للسؤال: من زمان وانا حاسس ان فيه حاجة غريبة بتحصل بس دلوقتي ادركت هي ايه ودلوقتي كمان ادركت سبب رفضك لفلوس الايجار، حسام الي كان بيدفع مش كدا؟
بصلي راشد بصمت لوهلات وبعدين كمل: حسام فعلا اصر انه يدفع فلوس الايجار…
وفجأة قاطع كلام راشد صوت بيقول: بس هو رفض ياخد مني اي حاجة.
بصيت تجاه الصوت ولقيته حسام واقف عند الباب وبعدين دخل وقعد جمب مهاب، سكت ومردتيش فتابع حسام كلامه وهو بيبصلي بنقم بيقول: متفكريش اني ممكن اسيبهولك تأذيه.
بصتله وسكت وهو لسه مصر يوصلي كامل مشاعره من الكره بيقول: انت عارف ايه المشكلة؟ المشكلة ان شكلك الخارجي لا يدل على خبثك الداخلي مطلقًا، علشان كدا المغفل الي فوق ده انخدع فيك بس انا مستحيل اتخدع زيه، انت زي التعلب بالظبط يا هادي, بتفضل تتمسكن لحد ما توصل للي عايزه زي ما قدرت في اول لعبة من لعبك تفرق بيني وبينه بس لو هو مغفل ومش عارف مصلحته فين فانا بقى عارفه كويس وهفضل معه لحد ما اكشفك على حقيقتك.
مكنش عندي مبرر لكرهه المبالغ فيه ده بس مردتش وتجاهلت النظر ليه وقومت من مكاني وانا ببص لراشد بقوله: انا طالع اوضتي انام.
قلت كلمتى الاخيرة وسبته بيستشظ غضبًا، بس قبل ما اطلع سمعته بيسأل راشد عن اوضة زيادة هنا، مستنتيش اسمع الحوار وطلعت عالطول على فوق، قبل ما ادخل اوضتي بصيت على اوضة خالد، روداني القلق اخبط عليه اطمن فاتقدمت ناحية باب اوضته وخبطت على الباب، مكنش فيه رد ولا سمعت صوت، فباشرت بالكلام بقول: انا هادي يا خالد..
سمعت صوت وقع خطوات وما هي الا وهلات ولقيت الباب بيتفح، فتحلي خالد وهو مميل راسه في الارض وبعدين اتجه ناحية سريره تاني واندثر تحت وسادته، كان واضح انه كان بيعيط، اتقدمت ناحيته وقعدت عالسرير وانا بقول: انا حقيقي مش فاهمك يعني فضلت ممتنع عن الزاد وحالتك ساءت وكنت خايف ميرجعيش وأول ما يجليك لحد البيت تتعامل معه بالجحود ده.
كان ساكت ومش بيرد فكملت كلامي وانا بقول: انت بتحاول تعاقبه؟!
كان لسه داثر رأسه تحت المخدة، حسيت انه مش عايز يتكلم فتنهدت وقومت من مكاني ولسه هفتح الباب علشان امشي سمعت صوته وهو بيقول: انا مش عارف عايز ايه؟
التفت تجاهه وكان لسه داثر راسه وبعدين قام واعتدل في جلوسه وهو مميل راسه بيكمل: بس انا مضايق منه، مضايق منه اوي، هو كان عارف عني كل حاجة طول الايام الي فاتت دي ومفكريش يجي يكلمني رغم انه عارف ان حالتي كانت سيئة في غيابه وكأنه كان مستمتع بده علشان يشوف مكانته عندي، انا كان نفسي احضنه اوي بس هو الي معطنيش الفرصة”.
“خالد معلش بس انت عندك انفصام؟ ولا دي هرومانات؟!!”
“هادي انا مش بهزر على فكرة”.
اتقدمت ناحيته وقعدت قصاده على كرسي وانا بقول: ماهو بصراحة انا مستغربك ازاي معطكيش الفرصة وانت الي مشيت وسبته.
“ماهو الي اجبرني اعمل كدا، هو عارف اني تعبان ورغم كدا كان قاعد بيراقب في صمت كأنه كان بيعاقبني”.
“مش كأنه كان مستمتع بده علشان يعرف مكانته من شوية؟”
“الاتنين”.
“انت مضايق منه؟”
“ايوة”.
“وشايفه كان بيستغل ضعفك علشان يعاقبك او حتى يتبن مكان اهميته”.
“انت بدأت تفهمني”.
“وانت مصدق نفسك؟”
“انت بتكدبني؟”
“لا انا بسألك بس ولو اجابتك ايوة يبقي انزل دلوقتي واطرده بر البيت واقطع علاقتك به نهائي”
بصلي بصدمة ممزوج باستغرابه وحزنه وبنبرة خافتة سأل: نهائي؟!!
“اه، انت مش بتقول انه بيستغل ضعفك؟ ايه الي يجبرك تصاحب واحد شافك محتاجله ومساعدكيش”
ميل راسه بحيرة وعلامات انزعاج على وشه فكملت كلامي: مالك سكت وكأنك بتفكر وبتعيد حساباتك علشان واثق انه مستحيل تكون دي طريقة تفكيره وبالاخص تجاهك؟
“قصدك اني بفتري عليه مثلا؟”
لا مش بتفتري انت ممكن تكون حاسس بكدا فعلا بس من ناحية تانية في شعور جواك بيكدبك علشان عارف ان دي مش الطريقة الي بيفكر بها حسام ومتيقن ان كل الموضوع كبرياء مش اكتر وابسط مثال ان لما اخبارك امتنعت عنه ومقدريش يوصلك طول اليوم، حسام اتخلى عن كبريائه فورا علشانك، انت بس محتاج تواجهه علشان يثبتلك حسن نيته ويمحي عن بالك كل الافكار السيئة خصوصا الفكرة الي خليتك تحس إن حسام بيتصرف زي باباك مجرد انهم شايفينك طفل غير متحمل للمسؤولية علشان كدا عيونهم او الناس الي باعتنها بتراقبك طول الوقت ، يمكن حسام شايفك طفل زيه زي باباك ويمكن حسام اتبع نفس طريقة باباك فانه يعرف اخبارك بس فيه فرق حسام بيعمل ده عن حب على عكس باباك الي طول الوقت بيفكر في اسمه ومكانته اولا حتى انها فوق ولاده واسرته”.
خالد مردش وميل راسه على المخدة واتغطى وهو بيقول: عايز انام.
ديما دي الطريقة الي بيهرب بها لما بيحس انه غلطان علشان كدا قومت وطفت عليه النور ودخلت على اوضتي، كنت عايز اكلم مرسال بس كنت نعسان ومش قادر لاني بمجرد ما قعدت عالسرير لقيت نفسي نمت ومصحتيش إلا على صوت مهاب وهو بيصحني علشان الفطور، نزلت بعد ما صليت، ودخلت في الاوضة الي عالطول بناكل فيها وقعدت عالسفرة الي استغربتها اوي، كان عليها الوان كتير من الاكل والي كان بيشجع على اكلها اكتر هي الطريقة المتقدم بها الاكل، ابتسمت وانا بسأل وبمد ايدي علشان اخد من طبق في النص بقول: احنا عندنا عزومة ولا ايه؟
وقبل ما راشد يتكلم، او اخد من الطبق لقيت حد بيضربني علي ضهر ايدي بالشوكة بيقول: ده مش لك.
بصيت ولقيته حسام بيحط طبق تاني على السفرة، تجاهلته وبصيت لراشد وانا بقول: هو مش انت الي حضرت الفطور النهاردة؟!
“في الحقيقة انا حضرته فعلا بس حسام مقتنعش واصر يعمله بنفسه وساعده في ده “جي ون”.
بصتله باستغراب وانا بسأل: جي مين؟
وقبل ما راشد يتكلم سمعت صوت آلي بيقول: هذا أنا سيد هادي.
بصيت تجاه الصوت لقيته ربوت بس مكنش آليف آلي زي دي بي هو ربوت متكامل البنية له اطراف اربعة زي الانسان عادي بس مش شكله.
بصيتله وانا بتبسم بقول: انت جي ون بقي؟
“أجل سيدي”.
بصله حسام وبنبرة انفعال قال: اولا ده مش سيد وثانيا ملكش كلام معه مفهوم.
“مفهوم سيدي”.
بصراحة معقبتش على اسلوب حسام مش هتفرق معي اوي، تجاهلت حديثه، ولسه بمسك المعلقة اشرب الشوربة لقيته قعد قصادي وهو بيقول: لو الاكل مش عاجبك ممكن تروح تاكل في المطبخ يعني حرام بدل ما نرمي أكل راشد.
بصتله باستغراب ممزوج بنقم، كأنه بيقومني من السفرة مستحقر وجودي ومعتبرني مجرد خادم عنده.
سبت المعلقة مكانها وقومت على غضب مصطنع نبرة باردة بقول: تصدق فكرة، من البداية وانا مقروف من شكل الاكل وريحته الحقيقة بس كنت محرج أكسفك واقوم بس بما اني بحب أكل راشد جدا فحرام أسيبه يترمي. قلت كلمتي الاخيرة ولسه يدوب بلف وشي لقيت خالد واقف عند باب الاوضة، وظاهر على ملامحه علامات الانزعاج، وقبل ما اتكلم لقيته باشر بالكلام وابتسم بيقول: وانا كمان بحب أكل راشد جدا، علشان كدا هاكل معاك في المطبخ.
بصله حسام وهو بيقول: بس انا عامل الاكل ده عشانك، مش ده الي كنت متعود تاكله ديما؟
“اديك قولتها كنت انما دلوقتي بقيت متعود على اكل راشد عادي”.
“بالسرعة دي؟”
“عادي بتحصل.”
بصله حسام على تذمر بيسأل: يعني مش هتفطر من أكلي الي بحضرلك فيه من ساعتين؟”
” مش لازم أنا، عندك راشد ومهاب هياكلوا معاك”.
قبل ما حسام يتكلم قام مهاب من عالسفرة ومسك ايدي وهو بيقول: لا انا هفطر مع هادي.
بص حسام لراشد وهو بيقول: لا مش محتاج تكون مجبر تقعد اتفضل عادي.
وقبل ما راشد يبدي اي ردة فعل، قام حسام من مكانه وفجأة شد مفرش السفرة كله وقع كل الي عليه علي الارض بيقول: تتحرقوا كلكوا. وبعدين بص لخالد وهو بيقول على نقم: وبالاخص انت.
قال كلمته الاخيرة وساب المكان وهو بيرزع باب البيت وراه.
بصيت لخالد على مضض فتجاهل النظر لي ودخل المطبخ رص الاكل بتاع راشد عالتربيزة وقعد ياكل.
بصراحة متكلمتش معه، وقررت مدخليش بينهم، هم اكيد هيحلوا مشاكلهم سوا، لان حسام مش شايفني غير الطرف الدخيل بينهم خصوصا انه زودها معي على الاخر ومبقتش اقابل اقعد في نفس المكان الي بيقعد فيه، طلعت على اوضتي عشان أكلم مرسال، انا مكلمتهاش بقالي مدة، قعدت على كرسي المكتب وانا الخلفية بتاعتي الشباك, طلبت من دي بي تتصل بها, بمجرد ما فتحت لقيتها بتبصلي بابتسامة هادية, مش عارف ليه بمجرد ما شوفت مرسال كنت حاسس إني عايز أرتمى في حضنها وأعيط, سلسة من الاحداث اتعرضت قدام عيني فجأة كل ذكرياتي معها, كنت حاسس بلهفة من الاشتياق, ابتسمت وبنبرة هادية باشرت كلامي وأنا بقول: وحشتني أوي ونفسي أرجع لحضنك تاني.
بصتلي بعين ملئها الاشتياق: طب ما ترجع.
“أنتي عارفة إني لسه موصلتش للي عايزه, ازاي عايزني أرجع وأنا شايف نفسي فاشل”.
“مش أحسن ما تبقى ندمان”.
“ندمان؟ تقصدي ايه؟”
“محدش عارف الحياة مخبية ايه ياهادي, الواحد ممكن يصحي من النوم فجأة ميلاقيش الي بيحبهم حواليه”.
“ليه بتكلمني بالالغاز؟ فهمني حصل ايه؟”
“هادي أنت أخر مرة كلمت دينا كانت أمتى؟”
” تقريبا في اليوم الي وصلت فيه بس ليه؟”
ابتسمت ابتسامة خفيفة وترقرق في عينيه دموع مفهمتهش وهي بتقول: متنساش تبقى تتطمن عليها من وقت للتاني.
بصتلها باستغراب وأنا بقول: مرسال أنت كويسة؟!! أنتي الي بتطلبي مني أكلم دينا؟
ابتسمت وحسيتها كأنها بتحاول تتدري دموعها بتقول: وايه المشكلة؟ أنا مش قاسية للدرجة.
“مرسال أنت زعلتي مني أنا حقيقي آسف مش قصدي أنا بس كنت…”
“مفيش داعي تعتذر أنا بس عايزة اقولك إنك وحشتني أوي وهبقى مبسوطة لو قررت ترجع, غيابك وإن كان كام يوم أو أسبوع يتعدوا على الايد فأنا حاسه سنين.”
سكت ومكنتش فاهم ليه قلبي وجعني زي مكنتش فاهم كلام مرسال المبهم, فيه حاجة أكيد من ورا كلامها ده أنا مش فاهمه, قاطعت مرسال شرودي وهي بتقول: أنا مضطرة أقفل دلوقتي وهكلمك بعدين, واه متنساش تكلم دينا.
قالت كلمتها الأخيرة وقفلت, كنت قلقان وخايف, وخصوصا من اصراها إني أكلم دينا, كنت خايف يكون جر لدينا حاجة علشان كدا طلبت من دي بي تتصل عليها, الغريبة إن دينا قطعت أول اتصال وبعدين اتصلت هي صوت وبصوت حسيته بيتخلله التعب قالت: وحشتني.
“ليه مش راضية تكلمني صورة انتي مش عايزة تشوفني؟
“لا خالص أنا بس…”
“ينفع تفتحي الكاميرا؟”
سكتت شوية وبعدين اتنهدت وهي بتقولي: ماشي.
فتحت الكاميرا وكانت لابسة زي شال أو طرحة على شعرها بس مكنتش لافها, تحت عينها كان تعبان ووشها مرهق, باشرت كلام وأنا بسأل: ليه مخبية شعرك؟ عايزة تخبي علي إني حالتك بتسوء؟
“صدقني انا كوي…”
“مفيش مشكلة تكدبي بس وشك بيقول كل حاجة”.
اتنهدت وزاحت الشال من على شعرها على كتفها, شعرها كان شبه موجود ومش موجود, كنت قادر اشوف فروة راسها الي كانت يدوب متغطية بطبقة واحدة من شعرها.
قلبي كان واجعني, والي واجعني أكتر إني سبتها رغم إني كنت عارف إنها مالهاش غيري, خبيت وشي بين ايدي وانا ممل راسي مش قادر ارفعها ولا اردايا عيطت وانا بقولها: أنا آسف, بجد آسف سبتك في أكتر وقت كنتي محتاجني فيه علشان أنانيتي.
نادتني بنبرة هادية وهي بتقول: هادي بصلي, يعني يوم ما تتكرم وتكلمنا تخبي وشك عني, أنت وحشتني أوي ونفسي أشوفك.
شلت ايدي وأنا مش قادر أرفع راسي ولا قادر أوقف دموعي, كنت حاسس بغصة في قلبي كأنها هتقتلعه, بس فجأة سمعت صوت مريم وهي بتقول: أنت ليه صاحية بدري أوي كدا احنا مش اتفقنا تستريحي.
رفعت راسي ولقيتها بتبسملها بتقول: أنتي لسه مروحتيش المدرسة؟
“مش هروح غير لما…”
انقطعت مريم عن الكلام لما انتبهت على وجودي, ابتسمتلي وهي بتقول: ازيك يا هادي.
قالت كلمتها الاخيرة ولقيتها بتقعد جمب دينا وبتحط راسها على راجلها وبتبصلي وهي بتسألني: مش ناوي ترجع؟
مكنتش عارف أستغرب ولا اعتبر ده أمر طبيعي في الوقت الحالي, مريم دي آخر شخص يمكن تتمنى رجوعي ومع ذلك اول كلامها كان على خلاف ما توقعته, ابتسمتلها وبعدين بصيت لدينا وأنا بقول: أكيد قريب.
ابتسمتلي دينا وبعدين غيرت مجرى الحديث وقعدت تسألني عن روسوماتي الجديدة, بس مكنتش مركز مكنتش حاسس ولا مستوعب أي حاجة غير إني سبتها في أشد وقت كانت محتاجني فيه, ملامحها كانت مرهقة وشها بقى ذابل, حاسس إنها كبرت عمر فوق عمرها, وحاسس إني السبب عشيتها ورجعتها لوحدتها تاني, لا تاني ايه ده يمكن خامس وسادس, حياتها اتكتب عليها إنها تفضل وحيدة, كل الي بتحبهم بيسبوها علشان أنانيتهم, وعيت على الدنيا بدون أم وباباها انشغل عنها علشان شغله يمكن مكنش قصده يبقي أناني بس هو للاسف فضل شغله عليها وهو مفكر إنه لما يعيشها في نعيم, ده هيعوضها عن فقدانها لمامتها على الرغم إنها مكنتش محتاجة غيره, ولما “حد” جه وسد احتياجها من الامان والحب والاهتمام وحسسها إنه المسؤول عنها واعتبرته محور العيلة في حياتها, سابها, سلب منها كل حاجة فجأة ورجعت تاني لوحدتها, ولما قررت أخيرًا تشوف حياتها مع شخص تاني خانها في اليوم الي باباها سابها فيه لوحدها علشان يقابل رب كريم, ولما قررت تكرس كل حياتها لابنها سابها وهو شايف مامته مجرد واحدة خاينة, ولما قررت تلجأ لاخوها سابته علشان يقدر يعيش حياته مع مراته, وبعد كل السنين دي من العذاب والوحدة وبعد ما بقيت أنا جزء من يومها سبتها واتخليت عنها بسبب أنانيتي برود, أنا مش شايف إني فرقت عنهم كتير, أنا كمان وجعتها زي ما كلهم وجعوها.
قاطع شرودى صوتها وهي بتسألني: هادي أنت معي؟
ابتسمت ومسحت دموعي وحاولت أتغافل عن مشاعري, كنت عايزة اقتنص منها أكبر وقت ممكن أكلمها فيه, كنت خايفة لاحسن تكون دي أخر مرة نتكلم فيها, امتد حورانا لساعة كاملة, مكنتش عايز أقفل بس كنت ملاحظ إنها بدأت تتعب علشان كدا قفلت حتى مريم مراحتش المدرسة وقررت تقعد جمبها النهاردة. بمجرد ما دينا قفلت وأنا كنت حاسس بعجز في كامل جسدي خلاني راقد في السرير, كنت حاسس بألم بيسري في كامل شرايني ألم كان بيخلني عاجز عن النطق وكأن لساني مربوط, ألم بيشتعل في قلبي ومسبب خمول في خلايا جسدي, كنت ناقم على نفسي, ليه سبتها ليه؟ فضلت طول الوقت راقد عالسرير بفكر فيها للدرجة إن خالد طلعلي الاوضة ومن كتر ما زهق من الخبط فتح الباب وهو بيقول: كل ده نوم يا عم هادي, الساعة بقيت تسعة بليل وأنت لسه حابس نفسك في الاوضة.
متكلمتش, مكنش عندي طاقة أرد فتابع كلامه بيسألني: أنت زعلان بسبب الي حسام عمله الصبح؟ أنا حقيقي آسف يا هادي بس أنت بنفسك قلتلي إنه تلقائي ومش بيفكر في الكلام قبل ما يقوله, هو أكيد ميقصديش يوصلك المعنى الي تقصده…
قاطعت كلامه وانا بعتدل في جلوسي بقول: خالد أنا لازم أرجع مصر.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية مرسال كل حد 2)