روايات

رواية قصة وعبرة الفصل الخامس 5 بقلم رفيف أحمد ياقدي

رواية قصة وعبرة الفصل الخامس 5 بقلم رفيف أحمد ياقدي

رواية قصة وعبرة البارت الخامس

رواية قصة وعبرة الجزء الخامس

قصة وعبرة
قصة وعبرة

رواية قصة وعبرة الحلقة الخامسة

أمضى أياماً يتحرك جسداً بلا روح ولا عقل ، مما جعله يقوم بتسليم المزرعة التي كان يعمل عليها بأردأ تصميم ، واقترف خطأ فادح لم يدركه إلا بعد فوات الأوان ، فلاقى ذلك سخط المالك ، عدا عن كلام زوجته عنه أمام أهم رجال الأعمال ومسؤولي الدولة في الحفل ، الذي جعل كل من فكر بتسليم أملاكهم له ، يتراجعون ويحذفون اسمه كمهندس معماري من قائمة أهم مهندسي الطبقة الراقية .
مع مرور الأشهر ، بدأ يضطر لبيع ما تبقى من أملاكه كي يصرف على نفسه ، وتدريجياً تدهور وضعه المادي وبرغم ذلك لم يعمل مساعد مهندس فقد اعتبر ذلك إهانة بعد أن كان مهندساً مشهوراً .
لم يجد أمامه سوى أن يلجأ لأبيه ، وأخبره بكل شيء حصل معه عن الإنجاب مع زوجته وبعد أن أنهى حديثه طلب منه مساعدة مادية ، فطرده دون شفقة ، وصرخ بوجهه قائلاً:
-بعد أن ضاقت بك الحياة ، تذكرت أنه لديك أب ،كنت أعتقد أنك أتيت لتطلب السماح ، وتخبرني بأني سأصبح جد ، اذهب فوالله لو نهشت الكلاب لحمك لن التفت إليه .
برغم الرفض القاطع لأبيه لكنه تأمل أن يغير رأيه مما جعله يكتب عنوان منزله بورقة ويضعها على الطاولة .
كانت ابنة عمه تنظر إليه من خلف الباب بعينين حزينتين ، واعتصر الألم قلبها بسبب أنه لم يسأل عن حالها بعد سنتين وكأنها لم تكن زوجته يوماً وبرغم ذلك شعرت بالشفقة لحاله مما جعلها تأخذ الورقة التي كتب بها عنوان منزله وتذهب إليه في صباح اليوم التالي .
كادت أن تتمزق جفونه عندما رآها وشعر بتأنيب الضمير ، لأنه لم يسأل عنها ولا لمرة واحدة ، دعاها للدخول فقالت له:
-أتيت لأنقل لك كل الأملاك التي كتبها والدك باسمي ، فأنت ابنه وأنت الأحق بأملاكه ، خذها وسافر لدولة أخرى أسس بها حياتك العملية من جديد .
شعر أن فؤاده يعتصر ألماً ، فاقترب ليعانقها لكنها أبعدته وقالت :
-أرجوك طلقني ، فمن حبي لك انتظرت كل هذه المدة أن تأتي وتقول لي اشتقت لك ، حتى بعد أن تزوجت لم أقطع الأمل أن تأتي إلي يوماً ، لكن حديثك البارحة مع عمي عن أنك عقيم منذ سنوات وعن الكذبة والوهم الذي جعلتني أحيا به ، خلق مني امرأة أخرى لن تعود إليك لو كانت روحها معلقة بك ، لا أريد منك سوى أن نذهب في الغد للمحامي لأتنازل لك عن أملاك والدك ، وكل ذلك دون علمه، ثم أريد أن تطلقني .
-سآخذ الأملاك ، وأسافر لدولة أخرى ، وحالما أفتح مكتبي الهندسي وأبدأ بعملي سأعود لأخذكِ على الفور ، ولذلك لن أطلقك ، وسأنتظر لآخر عمري أن تسامحيني.
انهمرت دمعتها واكتفت بالصمت ،و بعد أن تم نقل الأملاك إليه وسافر لدولة أخرى اتصل بها وأخبرها بوصوله ، وبعد أن اطمأنت عليه أخبرت عمها بما فعلت وأخبرته بكلام ابنه عن أنه سيعود لأخذها .
غضب منها عمها في بداية الأمر لكن بعد أن هدأ قبّل جبينها وقال :
-إنكِ أصيلة وابني لا يستحقكِ ، لكن إن كنتِ لا تزالين تريديه ، فأنا لن أمنع عودتكِ إليه، أما إن كنتِ تريدين الطلاق ، فسأرفع ضده دعوى طلاق غيبية من الغد .
-أريد الطلاق .
تم الطلاق ، وبعد أشهر قام والداها بتزويجها لرجل أعزب أحبها من أول نظرة ، وعاشت معه أياماً سعيدة بسبب حبه واهتمامه بها ، أنستها سنوات الحرمان التي عاشتها ،مما جعلها لا تناديه إلا بحبيبي ، واكتملت سعادتها عندما حملت بتوأم ، أما ابن عمها وبعد سنة من ازدهار عمله ، عاد إلى الوطن وهو يقول :
-سأعاتبها لأنها قطعت كل وسائل الاتصال بها ، فأنا أعلم أني لو ابتعدت عنها دهراً فهي لا تزال تحبني .
ما إن فتح والده الباب حتى قال له :
-أبي أين ابنة عمي الغالية؟! .
فصفعه الأب قائلاً:
-لقد تزوجَت .
كانت تلك الكلمة كالسكين الذي مزّق قلبه وانهمرت دموعه من القهر على الجوهرة التي أضاعها من بين يديه .
هرول لغرفتها وأقفل الباب على نفسه ، وبدأ بالصراخ والبكاء ، لدرجة أنَّ والده أشفق عليه .
عانى من أزمة نفسية شديدة جعلته طريح الفراش لأسابيع مما جعل والده يقف بجانبه ويرعاه ، إلى أن اقترح عليه الزواج من ابنة صديقة التي توفي زوجها عنها وترك بين يديها طفلاً رضيع ، عندما قال له:
-إنَّ المستوى التعليمي لابنة صديقي كالمستوى التعليمي لابنة
عمك ، وإن كنت تريدني أن أرضى عليك من صميم قلبي ، وأنسى كل ما جرى ، وافق على الزواج منها ، وعدني أن لا تعاملها بسوء كما كنت تعامل ابنة عمك ، لأنها نسخة عنها بكل شيء وليست متعلمة .
عانق والده وانهمرت دموعه قائلاً:
-أنا موافق ، وأعاهدك أمام الله أن أضعها بعينيّ ، فالزوجة الصالحة بحنانها وطيبتها ، وليست بشهادتها .
تم الزواج واعتبر ابنها ابناً له ، وسافر معهما للدولة التي أسس عمله بها ، وكرس حياته للعمل كي يؤمن حياة كريمة لزوجته وابنها ونسيَ كل ما يتعلق بحفلات وسهرات الطبقة الراقية ، حيث أنه لم يستلم إلا مشاريعاً صغيرة تكفيه لأن يحيا مع عائلته بكرامة واكتفاء ، واستمر على العودة إلى الوطن مع زوجته كل سنة لمدة شهر واحد كي يزور والده وتزور والدها . .
# انتهت

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية قصة وعبرة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *