رواية عازف بنيران قلبي الفصل الحادي عشر 11 بقلم سيلا وليد
رواية عازف بنيران قلبي الفصل الحادي عشر 11 بقلم سيلا وليد
رواية عازف بنيران قلبي البارت الحادي عشر
رواية عازف بنيران قلبي الجزء الحادي عشر
رواية عازف بنيران قلبي الحلقة الحادية عشر
كآذبٌ أنا . . عندما همست في أذنها
“سعيـد أنا من بعدك”
..
كآذبٌ أنا . . عندما أخبرتها أن
“قلبي ما زال ينبض من بعد فراقك”
… ………..
…كآذبٌ أنآ . . عندمآ قلت
“مآ زآلت الكرة الأرضية تدور حتى بعد رحيلها”
……..
حقا!
اشتقتــــ إليـــــكِ .. مآ عآد لي القدرة على تحمل غيآبك أكثر ..
فمتى ستعودين …!!
❈-❈-❈
انتهى حفل الزفاف الذي حمد ربه أنه تحمل ماأصاب قلبه، رفع نظره للتي يضمها والدها وتبكي بأحضانه، حدث قلبه الضعيف المسكين
– هل تبكي لأبتعادها عن والدها، أم تبكي إنها لم تكن ملكه؟
أطبق على جفنيه بألم يعاتب نفسه على ماأحس به وبدأ يلوم نفسه
– اوعى ياغبي، دا أخوك حبيبك، مجرد التفكير فيها خيانة، أصابته رغبة عارمة في نزع قلبه وتمزقه لأشلاء بسبب ماجعله بهذا الضعف
اتخذ نفسًا طويلًا يشحن رئتيه المتألمتين بالأكسجين الذي شعر بأنه فقده، توجه لسيارته سريعا يبعد بصره عنها عندما خرجت من أحضان والدها تنظر إليه تعاتبه
اتجه سليم يضمها ويربت على ظهرها هامسا لها بصوته العاشق
– حبيبي ليه الدموع دي، هو انتِ مش واثقة فيا
استجمعت شتات نفسها وقوتها حينما فقدت القدرة على نفسها وتمنت دفعه بعيدا عنها، انزلقت عبراتها وسارت بخطى ثابتة رغم ضعفها وتحركت تستقل سيارته المزينة بجوار سليم ..ابتسم سليم واقترب يزيل دمعاتها العالقة بأهدابها
– حبيبتي بطلي عياط كلها شهر وترجعيلهم، بلاش تحسسيني أنا هخطفك
فقدت قدرتها على الكلام، وبدأت تهدى رويدا رويدا..اتجه بأنظاره لراكان الذي يقود السيارة بصمت فتحدث:
– مش عارف أشكرك إزاي ياراكي، ربنا يخليك ليا ياحبيبي ومتحرمش منك
رفع بصره ينظر إليه من خلال المرآة وتحدث بصوتا جعله متزنًا بعض الشئ
– متقولش كدا ياحبيبي، انت أخويا الصغير ولو طلبت روحي مش هتأخر عنك، اتجه ببصره إليها وأكمل:
-مستعد أتخلى عن نفسي عشانك ياسليم، خليك متأكد من كدا، تقابلت نظراتهما بعتاب فأغمضت عيناها وانزلقت عبراتها كالشلال مما جعلته فقد قدرته على حركة السيارة، صاح سليم بصوتًا مرتفع كي ينتبه
– راكان إيه اللي حصل؟!
أنفاسه مرتفعة، وصدره تحول لكتلة من النيران تحرقه دون السيطرة على حالة، أخيرا سيطر على السيارة متوقفًا على جانب الطريق،يأخذ أنفاسه بصعوبة، ثم ترجل سريعا معتذرًا
– آسف، شكلي شردت شوية، عندي قضية مهمة بحاول الاقي لها حل، هجيب ميه وراجع، قالها متحركًا نحو المتجر الذي يقربهما ببعض الخطوات..تحرك سريعًا، تاركًا عبراته تنزل على وجنتيه تغسلها كما يغسل المطر ذنوب البشر
توقف عندما شعر بإنسحاب أنفاسه، وكأن هناك صخرة تطبق على صدره، واضعا يديه يمسد على صدره ينظر للسماء وتحدث قلبه كحال لسانه، فليت ربي يسمع لي مااقوله، ليت ربي يعفو عن عبده المذنب
– ياربي ماهذا الأختبار الثقيل الذي وضعتني به، يارب ارحم قلبي، يارب عارف اني عبدك الضعيف الذي اتجه لطريق الذنوب ولكنه أعاد بعدما شعر بضياع نفسه، بعينين هالكتين وقلب فتته الوجع اطلعه من شدة قساوة القدر
ربي لقد ثقل قلبي بالهموم، ربي اخرجني من ظلمات طريقي وردني إليك ردا جميلا
تذكر دعاء والدته في كثيرًا من الليالي
“لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”
هو لم يكن يعلم تعني له هذه الادعية، لرجل فاقد لمعنى الأيمان، رجلٌ مليئًا بالذنوب
لحظات واقفا ثم اتجه يجلب قنينة من المياه، ثم عاد بعد فترة، دلف السيارة لم يتوجه بالنظر إليها مرة أخرى، وقاد السيارة بصمت فيكفي مافعله سليم عندما قام بتشغيل كاسيت السيارة على الأغاني الرومانسية، ضمها حتى وضعت رأسها على كتفه وادعت نومها
وصلو بعد قليل لمطار القاهرة، ترجل سليم أولًا متجهًا إليها يساعدها في النزول من السيارة، ترجل هو الآخر متجها معهما لداخل
ظل معهما لبعض الوقت حتى انتهيا من المعاملات الرسمية، ثم توجها لطائرتهما الخاصة التي تنقلهما للأراضي اليونانية في بداية الأمر
ضم سليم وربت على ظهره
– ألف مبروك ياحبيبي وربنا يتم سعادتك على خير، عيش واتبسط مع عروستك، وبلاش تشغل بالك بتوفيق، كل الكلام اللي قاله ماهو إلا هوى، هي خلاص بقت من عيلة البنداري، ودا كفيل انه ممنوع حد يقترب منها
ارتسم إبتسامة واسعة على محياه متجها إليها مع أخيه ثم اردف
– ألف مبروك للمرة التانية ياباشمهندسة، بالرفاء والبنين ان شاءالله
ابتسمت إبتسامة بسيطة وأجابته
-عقبال حضرتك إن شاء الله
اومأ برأسه دون حديث، وظل واقفا حتى اقلعت الطائرة بهما، ظل لبعض الوقت ينظر حوله كطفل فقد والدته، تحرك بساقين هلامتين، متجها لسيارته، جلس بالسيارة لبعض الدقائق بصمت، ثم اتجه مغادرا لمنزل حمزة
عند سيلين اتجهت مع والدها ووالدتها لمنزلهما
توقف يونس أمام سيارة والدها، ترجل سريعا متجها لعمه
– عايز اتكلم مع سيلين شوية ياعمي، اجابته زينب سريعا
– سيلين تعبانة ياأسعد، همست له ببعض الكلمات حتى لا تعطي فرصة ليونس الأختلاء بها.
اجابه أسعد:
– بلاش النهاردة ياحبيبي، بكرة يبقى اتكلم، وبعدين ايه الموضوع اللي كل شوية عايز سيلين فيه
لم يجب عمه وأسرع يفتح باب السيارة وجذب يديها كالمجنون
حاولت التماسك أمامه ولم تظهر أي تعابير على وجهها رغم ضعفها بحضرته ولكنه حطم كبريائها فدنت منه تشير بكفيها لوالدتها التي غضبت من يونس وأردفت
– مفيش بينا كلام يابن عمي، الكلام خلص يوم ماطعنتني واستهزئت بمشاعري، ودلوقتي عيب تكون دكتور محترم وتقطع الطريق على عمك زي قطاعين الطرق
نزعت يديها بعنف ودفعته:
– روح كمل سهرتك مع خطيبتك يايونس وحل عني ..استقلت السيارة وهي تشير لوالدها
– الدكتور يابابا مضايق مفكر أن “علي” صديق سليم فيه بينا علاقة، وهو قصده شريف وكان عايز يتكلم مع حضرتك، لكن طبعا الدكتور يونس مفكر نفسه واصي، نسي أن فيه حضرتك واخواتي..نجحت في غرز سهمها في منتصف قلبه
❈-❈-❈
احتدت نظرات أسعد وأشار إليه
– ابعد عن الطريق بدل ماانزلك يايونس، قالها بغضب عندما شعر بحب يونس لابنته ورغم ذلك خطب سارة، كأنه يعيد ايامه، فغضب عندما تذكر ضعفه أمام والده، لا لم يترك ابنته لتكون لقمة صائغه لهم، هم اكتشفوا أمرها، فهي ومابعدها الطوفان
عند أسما كانت تجلس على فراشها، تقوم بالتقليب بين الصور، ضحكاتهما المنيرة بهم
ليلى وأسيا وهي، صداقة تجمعهم منذ عشر السنوات، مثل صداقة نوح وراكان وحمزة ويونس ولكن صداقتهم منذ اكثر من خمسة عشر عاما، صداقة لم يصل إليها شوائب، أو خيانة
ابتسمت بحب عندما وجدت صورة ليلى على الحصان، مدت أناملها لتكبر الصورة وجدته، كان يقف يناظرها وعيناه ينبعث منهما العشق
تنهدت بوجع تعانب نفسها
– إزاي مااخدتيش بالك من الحب دا كله يااسما؟
خايفة يكون أنا السبب في وجعهم، أنا اللي فضلت أقولها انسيه
رجعت خصلاتها للخلف بضيق، يارب ساعدها،وانزع حبه من قلبها، عارفة ليلى ضعيفة من جهة راكان
تذكرت ذاك اليوم وهو اليوم الذي كانت على خطوة من فقدانها أعز مالديها، وصل حمزة إليهم بعدما علم مافعله نوح، وبدأ يثور بغضب
– وبعدين انتوا فيه ايه، واحد بيعشق واحدة وسايب أخوه يتجوزها، والتاني سايب حبيبته برضو ورايح يخطب واحدة ولا كان عايز يغتصبها
صاح بغضب وبدأ يحطم مايقابله:
– قولي ياحضرة وكيل النيابة النابغة، هتتصرف إزاي مع أخوك يوم فرحه، راكان لازم توقف جوازة سليم، متخلنيش ادخل واقوله انك بتحب ليلى
شهقة قوية خرجت من جوفه واتجه سريعا
يضع كفيه على فمه وتحدث بصوتًا جحيميا:
– هموتك ياحمزة، اقسم بالله اموتك، أخويا هيتجوز البنت اللي بيحبها، سمعتني قولت ايه، قولتلك البنت اللي بيحبها اخويا، مش اللي راكان بيحبها
دفعه حمزة بغضب:
-بتغلط ياراكان، انت بتغلط ومش اي غلط، لادا جنون ممكن يوصلك للخيانة
أشعلت كلماته جحيم غضبه والذي تجلى بعينيه والتي تحولت للون الأحمر وملامحه التي اكفهرت وباتت مرعبة
هز رأسه كالذي مسه مسا جنونية
– عمري ماهعملها، إنت واحد مجنون، اقترب حمزة يدقق النظر بعينه وأردف
– النظرة منك هتكون خيانة ياصاحبي، ماهو القلب مالوش سلطان، هتقدر تتحمل تشوف ليلى في حضن اخوك، هتتحمل توقف تباركلهم يوم الفرح وتتمنى له السعادة، فوق ياراكان قبل ماتوصل لطريق آخره دمار ليكم انتو التلاتة
اسكت ياحمزة مش عايز أسمع صوتك، اه هقدر وهعمل كل اللي يسعده، وليلى يوم مالبست دبلة أخويا حرمتها على نفسي، حتى لو اضطريت اكمل حياتي مع أحقر ست قبلتها في حياتي، أهم حاجة مااكسرش سليم
جلس حمزة ينظر إلى نوح الصامت
– وانت ياحليوة، إيه رأيك في موضوع حضرة النايب
نظر له بعيون دامعة قائلا بصوت متقطع
– ياريته يسمع مني، على الأقل عرف ان ليلى بتحبه، يعني وقتها المفروض يوقف الجوازة دي
جحظت أعين حمزة قائلا:
– ليلى بتحب راكان ! بدأ يدور حول نفسه
لما بتحب راكان هتتجوز سليم إزاي؟!
رمقه راكان بنظرة جحيمية
– نوح اتجنن وبيقول كدة وخلاص، مش عارف بيقول إيه ..نهنهات متقطعة وأصوات مستنكرة خرجت من جوفه
أطبق نوح على جفنيه وتحرك للخارج
– انا بقول يمكن، معرفش..دقق حمزة النظر بأعين راكان
– ليلى بتحبك؟! اتجه بنظره للجهة الأخرى ولم يجيبه
وضع رأسه بين راحتيه وتحدث
– يبقى كدا انا عرفت اللعبة ، ضيق عيناه متسائلا :
تقصد ايه؟ ابتسم بسخرية وأكمل
– إنها عملت كدا عشان تضرب عصفورين بحجر
تنتقم منك وتهرب من أمجد
مسح راكان على وجهه وتوقف متجها لسيارته
– انا تعبان وعايز انام، هدخل انام هنا مش راجع البيت
خرجت أسما من شرودها عندما استمعت لرنين هاتفها وجدت اسمه ينقش على هاتفها
ابتسمت بسخرية على القدر الذي تحكم بمصيرهما، انسدلت عبراتها تتذكر طفولتها من ذاك الرجل المتجبر الذي يدعى والدها
(فلاش باك)
-ألقاها على الأرضية الباردة بتلك المنامة الصيفية التي كانت ترتديها بفصل الشتاء القارص وصاح بغضب
-راح تشتكيني للدكتور يحيى، أنا يابنت الكل..ب مانع عنك الفلوس والدروس، طب والله مافيه مدرسة تاني
زحفت تتعلق بأقدامه
-والله يابابا انا ماقولتله حاجة، هو بيسالني مرحتيش الدرس ليه ياأسما، قولتله تعبانة، بس ياسر قاله بابا مش معاه فلوس لدرسها
بكت بنشيج وتحدثت بصوت متقطع:
– وحياتك يابابا بلاش تحرمني، أنا بحب المدرسة، ونفسي ادخل ثانوي عشان اكون مهندسة
دفعها بقدمه، ثم سكب ابريقا من المياه الباردة على جسدها، ثم تحدث متهكمًا
– ثانوي ايه يابت، اتجننتي ومين هيصرف عليكِ
نهضت مستندة على ذراعيها النحيفتين وأشارت لنفسها:
– انا هشتغل واصرف على نفسي يابابا، مش هقولك عايزة حاجة، اقتربت تقبل كفيه
– وحياتي يابابا بلاش تحرمني من التعليم
أمسك ذقنه يمسد على ذقنه وتحدث:
-اوماله، بس طبعا هاخد منك شوية فلوس، مفيش مانع، وكمان متنسيش هتخدمي مرات ابوكي طول الليل وهي بتبسط ابوكي، يمكن تتعلمي وتشوفيها بتعمل إيه مع ابوكي، عشان لما تجوزي تبسيطيه وتقلديها بحركاتها، ودلوقتي قومي فزي، جهزي الحمام لمرات ابوكي، وحضري نفسك عشان تنبسطي ياأسوم
خرجت من ذكرياتها الأليمة وهي تشهق شهقات مرتفعة، تضع يديها على أذنيها حتى تمنع تلك الضحكات المشمئزة التي أصمت اذنيها وصورهما أمامها.. ظلت تبكي وتبكي إلى أن جفت دموعها،
❈-❈-❈
عند ليلى وسليم
وصلا الفندق الذي يقع بأحد أشهر الجزر اليونانية، ويقع بأحد الغابات، حيث تمتاز هذه الجزيرة بالغابات ومظاهرها الطبيعية الخلابة،
سحبها للداخل وهو يحثها على التقدم لقضاء حفلهم المخصص
عند نوح بعد إنتهاء حفل الزفاف، اتجه مع زوجته لفيلا الكومي، جلس بعد الوقت، اتجهت إليه لميا وجلست بمقابلته
– نوح إزاي سليم يتجوز حبيبة اخوه؟!
قام بإشعال تبغه ولم يجب عليها، نهضت واستندت على ذراع مقعده تربت على كتفيه
– طيب وآخرة اللي بتعمله دا إيه ممكن تقولي
اتجه يقف أمام النافذة وتحدث بصوتا حزين
– أنا يعتبر مش عايش يالميا، نوح اتقتل يوم مارضيت بالأمر الواقع، اتجه بنظراته إليها ونظر إليها نظرة غريق يحتاج من ينقذه من ظلمات البحر وأردف
– عايز اهرب من كل دا، تقدري تساعديني، تقدري تقنعي يحيى الكومي يبعد عن حياتي
دنت منه تربت على ظهره وأخذت نفسًا تزفره بهدوء قائلة
-نوح إنت لسة بتفكر في أسما، هو مش إنت قولتلي إنك نسيتها
أخذ نفسا طويلا من سيجاره ونفثه دفعة واحدة وهو يطالع أخته
– تفتكري حب عشرين سنة يتنسي في يوم وليلة
وصل والده وتحدث بغضب-
– تعالى على المكتب يامحترم فيه موضوع لازم نتكلم فيه
ابتسم بسخرية ينظر لأخته
– أهو الدكتور مابيكلمنيش غير لما يكون عايز يؤمرني بحاجة…تنهد بوجع وقبّل رأس أخته
– ارجعي لجوزك، بلاش تطولي في القاعدة عند يحيى الكومي ليفكرك متخانقة معاه ويفضل يضرب مواعظ
– نوووووح، صاح بها يحيى بغضب
أومأ برأسه ودلف للداخل، ثم جلس أمام والده الذي يرمقه بغضب
– بقالك أد إيه متجوز يادكتور
مط نوح شفتيه ورفع بصره لوالده:
– مش فاكر، ممكن سبعين سنة، ضرب يحيى بكفيه على سطح المكتب وصاح بصوتًا ارتجت له جدران المنزل وتحدث بغضب
– انت هتستعبط، بقالك أكتر من شهر ولسة مدخلتش على مراتك لحد دلوقتي، انت عايز تجلطني، مش خايف على سمعتك ياحمار
لفظ الهواء بقوة من رئتيه قبل أن ينظر للبعيد ولم يجيب والده، ظل يقاوم نيرانه الملتهبة عاجزا على الرد على والده أفاقه والده عندما توقف أمامه ولكزه بكتفه
– إيه يلاَ فين رجولتك، لما تخلي عروستك بعد شهر تفضل بنت زي ماهي
نصب نوح عوده وتوقف واستدار للمغادرة، توقف والده وبدأ يهزه بعنف عندما وجد بروده
انزل يد والده ودنى منه قائلًا:
– عايز تعرف ايه؟! أيوة انا كدا بالظبط مش راجل، يارب ترتاح يادكتور، وياريت تشوفلك صرفة في البنت اللي ملهاش ذنب فوق دي
ذهل يحيى من حديث ابنه، وهز رأسه غير مستوعب حديثه
– إزاي مش راجل يعني، يعني اللي فهمته صح، انت بتقول ايه، هز رأسه وبدأ يتمتم
-لا مستحيل، أنا ابني مش ناقص، سقط هاويا جالس على المقعد كمن تلقى ضربة موجعة قصمت ظهره نصفين وهشمت عموده الفقري
ابتسم نوح بسخرية وتحدث بتهكم
– ليه؟ عشان ابن الدكتور يحيى.
وصل يحيى إليه بخطوة وسحب كفيه
– تعالى نروح لدكتور نشوف ايه العيب، نزع يديه من والده وتحدث بغضب لأول مرة أمام والده
– هي الرجولة عندك في كدا بس يادكتور، اهدى على أعصابك شوية، الرجولة عندي ياحضرة الدكتور اني مطلعتش أد كلمتي مع البنت اللي محلمتش غير معاها
ظل يحيى يطالعه مصدوما يستوعب كلماته، ثم جذبه من كفيه وتحرك غاضبًا
– دلوقتي هتطلع لمراتك وتتم جوازك عليها، وسيبك من شعارتك دي، نزع يديه ورمق والده بنظرة خذلان ثم
خرج سريعا ولم يتحمل مكوثه بذاك المكان الذي أطبق على صدره حتى شعر بعدم قدرته على التنفس، وبدون مقدمات تحرك مستقلا سيارته سالك طريقا واحدًا بسرعة جنونية ألا وهو طريق مزرعته
-❈-❈
– أما عندها كانت تحتضن نفسها كطفلا رضيع يحاوطها الظلام، ودموعها التي كالشلال تحرق وجنتيه كأحتراق قلبها، رن هاتفها نظرت لشاشته، فتحته وأردفت بصوتا باكي
– ليلى وصلتي ولا إيه ياقلبي
اجابتها ليلى
– وصلنا الفندق بس عاملين حفلة ولسة هتبدأ قولت اطمن عليكِ، اشوفك عاملة إيه بعد ماشوفتي مرات نوح النهاردة في الفرح
– أنا كويسة ياليلى، متخافيش مريت بأكتر من كدا..أطبقت على جفنيها وشهقة خرجت من جوفها
– لا مش كويسة خالص أنا هموت ياليلى، استمعت لصوت توقف سيارة أفزعها، فكأن أحدهم اقتحم المزرعة ..ليلى اقفلي هكلمك بعدين، هشوف ايه اللي بيحصل برة، واتبسطي بالحفلة حبيبتي ولما تكوني فاضية يبقى كلميني اه، قالتها أسما بمزاح ثم أغلقت الهاتف
استمعت لطرقات قوية فوق باب منزلها وهو يصيح بصوتًا كالذي مسه مسًا شيطانيا
– أسمااا افتحي الباب والله هكسره فوق دماغك، انسدلت عبراتها بقوة فصوت بكائه وهيئته التي تخيلتها بليلة كهذه ابكت قلبها، أمسكت هاتفها بيد مرتعشة وهاتفته
– الحقني ياحضرة المستشار نوح هنا وشكله شارب، لو سمحت ألحقني متخلنيش اضطر أتصل بالدكتور يحيى
– تمام ياباشمهندسة، أنا هتصرف، كان جالسًا بعد توديعه لأخيه عند حمزة، نهض يجمع أشيائه الخاصة
– نوح راح لأسما وشكله شارب، قوم قبل مايعمل مصيبة
اتجه الأثنين ووصلا بعد قليل للمزرعة، بحث عنه ولكنه غير موجود، توجه لمنزله وجده يجلس ويتجرع من الكحول حتى فقد عقله
قهقه عندما وجدهما:
– راكي باشا اللي سلم حبيته لأخوه، وعامل أسد الغابة، لا برااااافو عليك ماتسلمني قلبك البارد داشوية، يمكن اعرف أنام
أطبق راكان على جفنيه، ثم اتجه إليه ينتزع منه كاسه، وساعده في النهوض
– نوح كفاية شرب، إيه اللي عامله في نفسك؟!
قهقهات وهو يتخبط بسيره
– لا جدع يلا، أسد حق وحقيقي، أقترب من راكان وأمال بجسده ينظر لمقلتيه
– راكي باشا إنت عارف أخوك بيعمل إيه في حبيتك دلوقتي
توقف مجرى الدم بعروقه وتثلجت اوصاله فلم يشعر بنفسه إلا وهو يصفعه صفعة قوية هوت على وجنتيه، ثم دفعه وكأنه حوله لمارد، جذبه من ثيابه ودفعه بقوة بغرفته حتى سقط على الأرض .أشاح بعينيه بعيدًا عنه يحاول تمالك أعصابه الذي أشعلها بكلماته
وقف حمزة بينهما
– راكان اهدى اتجننت، هو مش حاسس بنفسه، بيقول أي كلام وخلاص
خرج من المنزل سريعا متجها لسيارته، أسرع حمزة واقفا أمام السيارة
– مش هتمشي وانت كدا، انزل ياراكان
توهجت عينيه وضرب على المقود وصاح بغضب:
– ابعد عني هموتك وهموته، ابععععد ياحمزة، قالها راكان بغضب عارم
وقف حمزة عاقدا ذراعيه أمام صدره وتحدث
– عايز تمشي دوس عليا الأول، خرجت أسما على صوت راكان وحمزة ، تخيلت أن نوح أصابه مكروه، وصلت لعندهما وتسائلت بصوت متقطع
– فيه إيه؟! وصل حارس الخيول على صياحتهم هو كذلك، وكذلك أسيا التي استيقظت من نومها
نظر راكان للجميع ثم ترجل من السيارة عندما وجد أسما تقف بجوار حمزة وعينيها مرتعبتين
دلف وبدأ يتجرع من الكحول، فكلما تذكر حديث نوح، قبضة قوية تعتصر قلبه وكأن قلبه فوق نيران تحترقه، انسدلت عبراته وهو يحدث نفسه بجنون
-ياترى هي سعيدة دلوقتي وهي معه، ليه ياليلى تعملي فيا كدا، ليه توجعي قلبي كدا، دا لو عدوي عمره مايفكر يأذني زي ماانتِ عملتي فيا،
آه حارقة خرجت من قلبه تحرق جوفه بنبضه
– عمري ماحبيت زيك، وعمري ماتوجعت زي مااتوجعت منك، ظل يتجرع وخيل له صورتها مع أخيه
جذب البار بغضب حتى سقط متهشما بكل مابه
بدأ يثور ويحطم كل مايراه، ويصيح بصوته الصاخب:
– أنا بكرهك بكرهك ياليلى، بكرهك آآآه، ثم جلس بظهر منحني ومقلتين مغروقتين بالدموع يشعر بالقهر، ضغط على صدره بقوة
– وحياة كل وجع ليا لأمسحك من حياتي حتى لو كلفني الأمر أني أوقف نبض قلبي خالص
همس بها لنفسه متوعدا
اتجهت أسما بأنظارها لحالته واردفت
– هو ماله ونوح فين؟! تسائلت بها أسما التي تقف بجوار حمزة وأسيا
اتجه حمزة إليه نظر إليه بوجع هامسًا لنفسه
– ولسة الوجع هيبدأ ياصاحبي، لسة مشفتش حاجة ، وصل إليه ثم ساعده على على النهوض
أجلسه على الأريكة وضمد جراح يديه ممسدا إلى ظهره
– راكان ممكن تهدى، يعني لما تشرب وتعمل كدا هتستفاد أيه
فرد جسده بعدما حرر حمزة جاكتيه من عليه
أغمض عيناه واضعا كفيه المجروحتين فوق وجهه
– راكان مكتوب عليه الوجع بس ياحمزة، جاي الدنيا دي تخليص ذنوب
ربت على كتفه وتحدث:
– لدرجة دي حبيتها ياراكان، عمرك مااتعلقت بواحدة كدا، عمري ماشفتك ضعيف كدا، حتى لما حلا سابتك ببدلك فرحك مكنتش كدا
حاول فتح جفنيه وانزلقت عبراته
-بقالها سنة وحبها بيتمكن مني، أصلها حلوة قوي، مشفتهاش زي ماأنا شوفتها ، أنا شوفتها بقلبي ياحمزة
تنهد حمزة وتسائل:
– لما بتحبها قوي كدا، ليه سبتها تتجوز أخوك، إنت عارف نتيجة اللي عملته إيه
ابتسم بسخرية:
– قدرنا كدا، يمكن عقاب من ربنا على ذنوبي، يمكن مستهلهاش
قاطعه حمزة
– ويمكن هي متسهلكش، مع أنها حست بيك راحت اتجوزت أخوك، يبقى دي ينداس عليها ياراكان، مش دي اللي أوجع قلبي عشانها
رفع بصره لحمزة
-تفتكر هي حاسة بإيه دلوقتي
سحب حمزة نفسًا وطرده دفعة واحدة
– تفتكر واحدة مع جوزها ليلة فرحها هتبكي على واحد مشفتش منه غير انه بتاع ستات
دنى وهمس له
-اللي تفكر تدوس على قلبها عشان توجع حبيبها، دي تعمل كل حاجة عشان تنساه، ودلوقتي هي بتعامله كزوجة، ياريت تفوق وتمسحها زي مامسحتك، ودوس على قلبك زي ماعملت مع حلا وتوفيق، مش حمزة اللي هيقولك تعمل إيه ياراكان
تنهد ثم نهض ناظرا إليه
– مش راكان البنداري اللي واحدة تكرهه في أخوه مش دا كلامك،
– إنت صح ياحمزة، أنا هعالج نفسي، وهرجع اقوى مما تتخيل
يارب تفوق قبل مايحصل مالا نحمد عقباه ياصاحبي ..وتعمل اللي راكان دايما بيعمله لما التيار يجرفه
قالها ثم خرج للخارج يبحث عن أسما، كانت أسما واسيا يجلسون أمام المنزل مع عامل الأسطبل يدونون بعض الأشياء، اتجه إليهم ملقيًا السلام
رفعت الفتيات ابصارها إليه واجابوه، نهضت أسما متجهة إليه
– حضرة المستشار بقى كويس، تسائلت بها أسما
جلس حمزة على الأريكة التي توضع بالخارج، فرفع نظره لأسما
– عايز منك طلب ياباشمهندسة..تحركت أسيا قائلة
– أسما هعمل قهوة أعمل حسابكم، قالتها وهي تنظر لحمزة
ابتسم بهدوء
– لو مش هتعب حضرتك يابشمهندسة، تحركت أسيا متجهة للمنزل التي تمكث به أسما
– لا تعب ايه ياأستاذ حمزة
جلست أسما بمقابلة حمزة:
– سامعة حضرتك ياأستاذ حمزة، تنهد وأردف
– كنتِ عارفة راكان وليلى بيحبوا بعض، اتجهت بنظرها للبعيد ولم تجاوبه
تنهد ثم سحب نفسا وطرده مرة واحدة
– بصي ياباشمهندسة انا شغلتي محامي، يعني بحاول اوصل للحقيقة، وأنا مع راكان، راكان بيقول فيه حاجة خلت ليلى توافق على سليم، وأكيد الحاجة دي محدش يعرفها غيرك، يارب متخيبيش ذكائي
وقفت تفرك كفيها ببعضهما ثم أردفت:
– انا تعبت وعايزة انام، متنساش حضرتك النهاردة كان فرح وتعبانة
نصب عوده واردف بجدية:
-لو سمحتِ ياباشمهندسة لازم افهم، لو سمحتِ عايز افهم فيه حاجة مش عارف اوصلها، إنتِ فاهمة المصيبة اللي ليلى حطت نفسها فيها
يعني تحب واحد وتتجوز أخوه، أشار بيديه على راكان الذي يجلس ويتجرع من الكحول
– تخيلي كدا لو اتواجهو في الوقت دا، إيه اللي ممكن يحصل
رفعت بصرها إلى راكان ثم اتجهت إليه:
– حضرتك عايز تفهمني أن سيادة المستشار عامل كدا عشان ليلى، لا ياأستاذ حمزة هو على طول كدا
اقترب بعض الخطوات وتحدث بهدوء
– اللي هو ايه ياباشمهندسة، قصدك انه يشرب بالطريقة دي
ابعدت ببصرها عنه وصمتت، وقف أمامها وجها لوجه وتحدث بهدوء رغم حزنه على صديقه
-“اسما” تسمحيلي أقولك أسما دون ألقاب، اعتبريني زي اخوكي
أومأت برأسها صامتة، اتجه بنظره للأريكة
– أقعدي، لازم نتكلم
تفشى الخوف باوردتها، فجلست تستمع إليه
عند ليلى وسليم
دلفا إلى جناحهما الذي يعد خاص للعروسين
دلفت ليلى اولًا تحمل فستان زفافها، لأنه يعوق حركتها، كان جسدها ينتفض من شدة خوفها، فكيف ستواجه الليلة الأصعب بحياتها ،على عكس الكثيرًا من الفتيات اللاتي ينتظرن هذه الليلة لينعمن بها ، دلفت تنظر حولها بشتى أركانها تتذكر حديثه الذي شق قلبها لنصفين
قبضت على فستانها وانزلقت عبراتها تهمس
– ليه ياراكان تكسرني كدا، حاولت أن تتنفس فلم تعد تتحمل ماتمر به، نعم أخطأت ولكنها ماذا كانت ستفعل؟!
أتترك عائلتها لذاك المنحط، الذي خرج فوق سطوة القانون..زفرت بإختناق يعوق تنفسها
دلف سليم بعدما توقف مع المسؤل عن الفندق ليشكره على استقبالهما، وحفلتهما التي أعددت خصيصا لهما
دلف يبتسم وهو يتحدث:
-بجد مش عارف أشكر راكان إزاي، ربنا يخليهولي، تعرفي ياليلى على رغم ان السن مابينا مش كبير لكن بحسه أبويا مش أخويا
دمعاتها صارت كالشلال، نهضت عندما لم تقو على السيطرة امامها، فكل حديثًا عنه، يشعرها بخيانتها حتى أيقنت لنفسها لو ظهر أمامها الآن ستترك كل شيئا وتعانقه فقط حتى تشبع روحها، دلفت سريعا متجهة للمرحاض وهي تتخبط بسيرها ويعوقها فستانها حتى كادت أن تسقط
استغرب سليم حالتها التي أصبحت عليها، فهي صامتة منذ صعودهما السيارة، ولم تتوقف عن البكاء، دموعها فقط التي كان يراها
أمسكت هاتفها بيد مرتعشة تضع كفيها على فمها تبكي بنشيج
– أسما قالتها ببكاء زلزل قلب أسما، نهضت أسما وحاولت التحدث إليها
نبرة الألم في صوتها واحست أسما أنها ليست بخير كما ادعت ، سحبت نفسًا قوية لتثبط نوبة بكاء تجتاحها بقوة فأردفت
– ” ليلى” اهدي خالص تمام، انسي اي حاجة دلوقتي، فكري في حاجة واحدة بس ياليلى، إن سليم جوزك وبس، واياكي تفكري في حاجة غير إيمانك بربك، متخليش شيطانك يتلاعب بيكِ ، سليم راجل ويستاهل حبيبتي
مسحت أسما دموعها التي سقطت رغما عنها عندما استمعت لصوت شهقاتها
– طيب اقولك حاجة عشان ترتاحي، راكان دلوقتي مع واحدة هنا في مزرعة نوح، واتجوزها عرفي وجاي يقضي ليلته هنا، يعني أنتِ صح زي ماقولتي، كان عايزك من جواريه، ويقضي ليلة، واتأكدت بنفسي، لما سمعته بيقول لنوح
تابعت أثر كلماتها النارية عليها ولم ترحم قلبها فأكملت : وكمان قاله
– انت صدقت اني ممكن أحبها، أنا بقولك كدا، عشان مخسرش الصحوبية بس ، دي زيها زي اللي بسهر في حضنهم
شوفتي هو بيعمل ايه، دا ميتبكيش عليه يالولا، امسحيه من حياتك ياقلبي وعيشي حياتك ، سليم راجل بجد، وأهم من دا كله انه بيحبك
ساد صمتًا مختنق بحزن لعدم استعيابها لما قالته أسما ، هزت رأسها رافضة حديثها ، اغمضت جفونها من أثر الرجفة التي هجمت على جسدها وهي تأخذ أنفاسها بصعوبة فصاحت بصوت مختنق:
– لا ياأسما، أنا أول مرة أشوف دموعه النهاردة
هبت أسما من مكانها ثم اخذت عدة أنفاس علها تستطع الوصول إلى ما تسعى إليه فصاحت بغضب:
– ليلى فوقي بقولك راكان مش بتاع حب، وهو بس صعبان عليه إنك هزمتيه، أنا اللي أعرفه أكتر منك، سامعة
اجهزي ياعروسة لعريسك، ومتنسيش إنك دلوقتي متجوزة، إيه عايزة تطلعي خاينة، خلاص مينفعش نبكي على اللبن المسكوب، حتى لو ماجوزتيش سليم، أنا كنت مستحيل أسيبك تتجوزي راكان سمعتيني
أغلقت الهاتف وأنفاسها تتسارع بصدرها، حتى أصبح جسدها يصعد ويهبط ، بصوتًا مفعم بالبكاء والأنتفاضة ورعشة جوفها همست لنفسها
– وحياة خيانتك كل مرة لأخليك تتعذب زي ماعذبتني ياراكان، آآه قالتها بقلبًا يأن وجعا
نهض حمزة ووقف أمام احد الأشجار واتجه بنظره إلي أسما
– شكرًا ياباشمهندسة، بجد شكرًا، عارف احنا ممكن نكون اتصرفنا غلط، بس كان لازم نعمل كدا..نهضت ووقفت بمقابلته وتسائلت
– إيه اللي عرفك إن ليلى هتتصل بيا في وقت زي دا
تنهد ورفع نظره للذي يغط بنومًا عميق بسبب الكحول الذي تجرعه وتحدث
– نظرات الحب اللي شوفتها في عينها، غير لما راكان سلم عليها، مسكت ايده جامد كأنها بتستنجد بيه انه يخطفها، وطبعا كلامك اللي اكدلي إنها عملت كدا عشان تنقذ عيلتها
تنهد ورفع نظره إليها:
-غلطي إنك خبيتي، المهم بلاش راكان يعرف الموضوع دا نهائي لو سمحتي، وفيه حاجة كمان، لازم كل ماتكلميها توهميها انه عايش حياته كل ليلة مع ست
هزت رأسها واتجهت لمنزلها ولكنها توقفت
– أنا عايزة أشكرك على حاجة تانية
ضيق عيناه متسائلا
-تشكريني! على ايه؟
ابتسمت بوجع وتحدثت
-إنك خبيت على نوح تهديد والده..اقترب بخطوات متمهلة ونظر إليها
-أسما حكايتك مع نوح غير ليلى وراكان، بلاش تكسري نوح بالطريقة دي، أنا مش هقولك هو عايش أزاي، بس هقولك لازم تعرفي نوح إنك مش بعتيه، زي ماوهم نفسه
عند ليلى وسليم
خرجت من المرحاض عازمة على إحتراق قلبها ونزعه من جسدها، فكلما تذكرت حديث أسما يندلع لديها شعور اهوج بغيرة نارية تريد أن تحرقه، خطت وهي تتذكر حديثها له عندما كانت تودع والدها
-راكان أنا مش هقدر أسافر، قول أي حاجة لسليم وامنع السفر دا
كل مافعله ابعد انظاره عنها وقام بفتح باب السيارة مردفا:
– رحلة سعيدة يامرات أخويا، وإياكِ تتجاوزي حدودك معايا، بعد كدا متشليش التكليف بينا، زي ماانا بقولك ياباشمهندسة، إنت هتقولي حضرة المستشار متنسيش نفسك يامرات أخويا
اتجهت بانظارها إلى سليم الذي يقف يضم سيلين ويونس فخطت خطوة إليه ورمقته بنيران قلبها المحترق:
– حاضر ياحضرة المستشار، قالتها ثم اتجهت لسليم بعدما فقدت قدرتها على الحديث معه
خرجت من شرودها عندما اصطدم جسدها بسليم الذي وقف ينتظرها بالخارج
حاوط خصرها بذراعيه مانعًا سقوطها
– حبيبتي خلي بالك، ضمها لصدره، أطبقت على جفنيها تريد تهدئة نبضات قلبها الخائفة منه
تراجعت خطوة للخلف ثم استدارت بظهرها
– آسفة حاولت أخلع الفستان، بس مقفول من ورا، ممكن تساعدني
ابتسم ثم جذبها بقوة فارتطم ظهرها بصدره
هامسا لها
– على الرحب والسعة حبيبتي، ارتعشت بين ذراعيه فأردفت بتقطع:
-سليم ممكن نأجل اي حاجة الليلة أنا تعبانة، وخلينا ناخد على بعض الأول
ادارها سريعا إليه ينظر إليها بنظرات عاشقة
ضاما وجهها بين راحتيه
– بحبك بجنون ياليلى، وصدقيني مش هقدر تكوني بين أيدي وملكي وأجل حاجة، قالها وهو يجذب رأسها وينتزع قبلة حميمة بينهما جعلت دموعها تنزرف بقوة
قاطع قبلته ينظر إليها بصدمة فصاح بصوتا غاضبا
– فيه إيه مالك، كل مااقرب منك تعيطي، سألتك فيه حد في حياتك حلفتي وقولتي لا
هزت رأسها وزرفت عبراتها:
-سليم أنا طالبة منك وقت، أنا مش مستعدة دلوقتي، لو سمحت
سحبها بقوة نحوه وهي تتلوى بين ذراعيه ثم تحدث
– ليلى الليلة دخلتنا، ولو فعلا مفيش حد في حياتك اثبتيلي دا، غير كدا معرفش
بدت كلماته تعصب الجروح المدفونة بقلبها، فكان ماعليها إلا أنها تقترب منه تاركة نفسها له حتى لا تخلف أمر ربها وتقع في معصيته ناسية ذاك المتجبر الذي اسقطها بالهاوية
بدأت ليلتها محاولة بكل أحاسيسها أن تتجاوب معه، تقنع نفسها انه زوجها حبيبها الذي ستكمل حياتها الأبدية معه
ذابت لبعض اللحظات معه متناسية او ضاغطة على قلبها بقوة لتعصر آلامه وتبدأ حياتها الجديدة بنقاء تربيتها وإعداد تربية قلبها
أعتصر جسدها بين ذراعيه القوية حتى احست إنها دلفت لحصنه المنيع فأصبحت زوجته قولا وفعلا
ذهبا الأثنين بنوم عميق بعض قضاء أولى ليلتهما برضى تام له، وقلب يأن وجعا لها، ولكنها أقنعت نفسها إنه حماها وآمانها
❈-❈-❈
باليوم التالي
استيقظ راكان وألمًا يفتك برأسه، اتجه ببصره على المكان الذي تحطم وأصبح أشلاء بكل مكانًا
مسح على وجهه ثم اعتدل يعدل ملابسه، واتجه للخارج يبحث عن حمزة ونوح اللذان مازالا مستغرقين بنومهما
خطى لسيارته متجها لمنزله، استيقظ حمزة على صوت السيارة، اتجه بنظره يوقظ نوح
ظهرا بمكتبه بالشركة دلف نوح إليه المكتب كان منكبا على عمله بسبب سفر سليم
حمحم نوح حتى ينتبه إليه،رفع بصره إليه ثم اتجه لعمله مرة أخرى
جلس بمقابلته وقام بإشعال تبغه قائلا وهو ينفث دخانه بوجهه راكان
اخذ راكان يتنفس بغضب من أنفاس تبغه فرفع بصره
– مش وراك شغل، ولا فاضي وجاي تحرق دمي على الصبح
وقع عيناه على تلك العينين الضائعتين اللتين طمس بريقهما الحزن فاردف بهدوء
– وبعدين ياراكان هتعمل إيه
اطل من عينيه نظرة جوفاء قاسية اتبعها قولا جحيميا
– انا امبارح دفنت قلب راكان، فياريت يانوح تقنع نفسك بكدا
ودلوقتي قولي عايز إيه على الصبح
جز نوح على شفتيه السفلية وتحدث متهكما:
– لا جاي أصبح على عريس الليلة
مط راكان شفتيه بطريقة مسرحية وتحدث
– لا شاطر، وياترى مين العريس يادكتور المساوئ دا
حدق به وأردف بهدوء حتى أحسه بغليان الدم بأوردته
– س..ل..يم أخوك ياأسد الغابة
ثورة حارقة أندلعت بجوف راكان، ورغم ذلك ابتسم ببرود
– وماله نتصل ونصبح كمان، وبلحظة منه رفع هاتفه يتصل بسليم
كان سليم مستغرقًا بنومه، افاق على رنين هاتفه، وضع الهاتف على اذنه وتحدث بصوتًا مفعم بالنوم
– صباح الخير ياراكي، إيه ياحبيبي كنت بتحلم بيا ولا إيه
قهقه راكان وهو يتلاعب بحاجبه لنوح
– وحياتك دا نوح اللي جاي من الفجر وعايز يكلمك، بيقولي شوف سليم سبع وضبع
اتجه بنظره للتي تنام بجواره، وظهرها العاري أمام ناظريه فابتسم وأطلق ضحكة مرتفعة شقت صدره وتحدث
– يعني أخو راكان البنداري هيكون ضبع، سبع وسبع كبير كمان
نزلت كلماته على صدره كنيران تلتهم كل مابه، ظل نوح يحدق به ثم ابتسم بسخرية ورفع صوته لسليم
– مبروك يااسد، طلعت نمس ياجربوع، وحياتك جدع ياباشمهندس
قهقه سليم وجلس معتدلا ومازال نظراته على التي تغفو بجواره، ربما توهمه بذلك فتحدث راكان هنا فتح مكبر الصوت
– مبروك ياحبيبي، وياله شدي حيلك عايز أكون عم يلا، ضحكة أخرجها نوح وهو يرفع حاجبه بسخرية لراكان
– اه وحياتك ياسليم أصل راكان ناوي يفتح حضانة ويشتغل فيها بيبي سيتر
القاه راكان بقلمه، فظل يقهقه عليه، قاطعهم سليم
– لا شكلكم رايقين على الصبح وانا واحد كانت دخلته امبارح، ولسة يعني، ياريت يبقى عندكم شوية دم
أغلق الهاتف يرمقه بنظرات نارية
-صبحت على العريس قوم امشي ياله
نهض من مكانه واستند على المكتب أمامه
– آسف عارف طلعت واطي معاك، خناقة بينا وطلعت عليك
أرجع راكان خصلاته للخلف مستندا بظهره على المقعد يرمقه:
– إيه اللي حصل خلاك توصل لكدا، إحنا مش اتجوزنا ليه راجع لأسما تاني
– أنا متجوزتش ياراكان، أنا روحت فرح ساعتين ورجعت قعدتي في بيتي زي أي واحد كان معزوم على الفرح
صدمة اذهلت راكان فوقف بمقابلته وتسائل
– تقصد إيه يانوح؟! إنك مدخلتش بمراتك
اتجه إليه وصاح بغضب:
– أكيد إنت مجنون انت فاهم نفسك بتقول ايه،
تحولت ملامحه الهادئة إلى أخرى ثائرة بجبروت وهو يشير بسبابته
– حرام عليك البنت ذنبها إيه
كأنه لم يستمع إليه فنهض متجها لباب المكتب وتحدث
– مقدرتش يااخي، هو أنا إيه! حيوان، ثم استدار بجسده ودقق النظر به
– بلاش انت اللي توعظني، كنت عملتها ياصاحبي يوم فرح اخوك، اوعي تفكرني مش واخد بالي منك، قاطع حديثهما رنين هاتفه فرفعه
– ايوة ياحمزة …هب فزعا وجحظت عيناه .
– انت بتقول ايه؟ مين اللي ضربه ..عشر دقايق وهكون في النيابة …جمع اشيائه، رجع نوح إليه
– في إيه ياراكان؟
– أمجد الزفت خطف كريم أخو ليلى وضربينه ورمينه قدام بيت ابوها
– انت بتقول ايه؟ وليه أمجد يعمل كدا؟ تحرك وهو يناظره بغضب
– روح اسأل بنت خالتك، اللي موتها هيكون على أيدي، دي ناوية تجيب اجلي معرفش انت متأكد إن دي واخدة دكتوارة في الهندسة، المدام كانت مخبية عليا تهديده وعرفت بالصدفة ، طب والله لو شفتها دلوقتي لأخنقها بأيدي
وصل راكان للنيابة وجد حمزة ينتظره بمكتبه
– إيه اللي حصل وازاي الزفت دا يخرج
جلس واضعا قدما فوق قدم وتحدث وهو ينظر لأصابع يديه
– ابوه خرجه ياسيدي، ومش بس كدا، القضية اتحفظت
رفع هاتفه وقام الأتصال على شخصًا ما
– ايوة ياجاسر، جه الوقت اللي اقابل فيه جواد الألفي، ممكن ميعاد ياحضرة الظابط ، وكمان عندي قضية عايزك تمسكها، عايز اعرف ابن جواد الألفي طالع أسد لأبوه
على الجانب الأخر
– تمام ياراكان باشا، لكن بابا مش موجود في القاهرة، هو في اسكندرية وممكن مايرجعش قبل تلات أيام كدا، ونتكلم على القضية لو في دايرتي متأخرش طبعًا
أومأ برأسه وتحدث متسائلا
– عايز أسأل عن واحد باباك زمان كان ماسكله قضية، تفاصيل القضية عندي لكن فيه ثغرات ودي جواد الألفي الوحيد اللي عايزه يفهمها لي
مط جاسر شفتيه ينظر لجواد حازم أمامه ثم تحدث
– ابعتلي التفاصيل وأنا هبعت لبابا واشوف رده
صمت راكان لبعض اللحظات ثم أجابه
– لا ياجاسر، أنا عايز أقابله شخصيًا القضية دي مش مجرد قضية بوظيفتي
-تمام، قالها جاسر ثم أغلق الهاتف..عند راكان
نهض يبحث في بعض الملفات أمامه ثم وضعه أمام حمزة
– عايزك تعرف كل حاجة عن الراجل دا، وآه كمان خلي حد يراقب ابو ليلى من بعيد
تحرك حمزة فاوقفه راكان
– هو ليه حاسس التسجيل بتاع بتاع أمجد ناقص حاجة، الكلام مش راكب على بعضه
كانت عيناه تستقر على ملامح حمزة ليرى أنه أخفى شيئا عليه أم لا
قوس حمزة فمه، ثم تحرك وهو يضع يديه بجيب بنطاله :
– هو أنا الوكيل نيابة ولا إنت، ماهو التسجيل عندك، وأبحث بنفسك
أطلق زفرة حارة من أعماق قلبه لعله يخفف اوجاعه، فنهض يجمع أشيائه:
– هروح أشوف كريم، يمكن اعرف أخرج منه بحاجة، ثم أخرج تصريح يعطيه لأحد الضباط
– دا أمر بالقبض على أمجد الشربيني، تحرك بجوار حمزة خارجًا من النيابة، متجها للمشفى
بعد قليل وصلا كان والد ليلى بالخارج بجواره نوح، ألقى السلام، نهض عاصم يحيه
– كريم عامل إيه
اتجه بنظره لحمزة وشخصًا آخر يبدو أنه من النيابة فأجابه
– كويس، لسة مستنين الأشعة، حمحم معتذرًا
– ألف سلامة عليه، ممكن أشوفه؟!
أومأ برأسه وفتح الباب دالفًا للداخل، كانت سمية تجلس بجواره تقرأ بعض من الأيات القرآنية، ودرة تقف أمام النافذة، اقتربت درة من راكان
– حضرتك ممكن أعرف مين اللي عمل في كريم كدا، طالع راكان كريم الذي مغروزًا بالأبر، وحاملة عنق حول عنقه، وبعض الردود على الوجه، وساقيه التي تجبر ..
– سلامته! قالها راكان هو ينظر لسمية، أغلقت مصحفها، ناهضة من مكانها، ويبدو على ملامحها البكاء
– اهلًا يابني!! ابتسم إليها واتجه بنظره لكريم
– عامل إيه دلوقتي
الحمد لله على كل حال
جذب مقعد وجلس بجوارها وتسائل:
– إمتى حصل معاه كدا
جففت عبراتها واتجهت لدرة التي قاطعت والدتها
– فيه حد من صحابه اتصل بيه بعد الفرح وقاله هنراجع على كام درس عشان التست، مفيش غير ساعتين ورجع بالمنظر دا
– هو متعود يخرج متأخر يذاكر مع صحابه؟!
– ايوه دايما بيذاكروا لحد الفجر، وبعدين دول ولاد كويسين مالهمش في الحاجات الوحشة
أومأ متفهما ثم اتجه بنظره لحمزة الواقف بصمت
-أستاذ حمزة هيرفع لكم القضية وأنا هتابع معاه..اتجه عاصم إليه
– مين اللي عمل كدا ياحضرة المستشار؟!
– مين عايز يأذيني في ابني بالطريقة دي وخصوصا مفيش سرقة ولا حاجة
نهض راكان وتوقف أمامه:
– دا اللي هنعرفه ياأستاذ عاصم، ولكن حمزة قاطع حديثهما
-إيه اللي بينك وبين أمجد الشربيني
جحظت عين عاصم، فارتبك متحدثًا
– معرفش، اقترب حمزة مدققًا النظر بعينيه
– أستاذ عاصم إحنا بنحاول نساعدك، فياريت بلاش تخبي علينا حاجة
رفع نظره لزوجته التي انسدلت عبراتها وخرجت للخارج ، اتجهت درة لوالده ممسكة بكفيه
– بابا قول لحضرة المستشار مين أمجد دا
اسكتي يادرة أحنا منعرفش حد بالأسم دا
– إزاي مش دا اللي عملك قضية سرقة قبل كدا
قالها حمزة بعصبية
– مش ملاحظ حضرتك بتزعق مش بتسأل، قالتها درة بصوتًا غاضب
هنا استيقظ كريم متألمًا، أسرعت درة إليه
– حبيبي عامل إيه، أجابها بصوتًا كاد أن يسمع دماغي حاسس دماغي فيها وجع
اتجه راكان إليه
– ألف سلامة عليك ياكريم عامل إيه؟!
تقدر تتكلم شوية
أومأ بعينيه، ألف سلامة عليك اولا
الحمدلله شكرًا لحضرتك، قالها بصوتًا هامس جذب المقعد وجلس بجواره
– ممكن ندردش شوية قادر نتكلم
هز رأسه بالموافقة، نظر لرجل الذي بجواره لكي يبدأ تحقيقه
اكتب اسمه وكل حاجة تخصه، قالها راكان بعد الإدلاء بالمعلومات
رسم ابتسم ثم مسد على خصلاته
– قولي ياكريم مين عمل فيك كدا، يعني دي خناقة، ولا إيه
فيه واحد صاحبي متعودين نذاكر في كافيه مع بعض ساعات وساعات بنكون في البيت، اتصل بعد فرح ليلى، عشان بقالي فترة مشغول بالفرح ومرحتش الدرس، فقالي تعالى نذاكر لحد ميعاد الدرس، الدرس كان الساعة سبعة
قبل مااوصله بكام شارع طلع شباب وخطفوني لمكان مهجور وضربوني
– مشفتش حد معاهم، يعني حد بيأمر كدا، ايوة بعض ماضربوني جه واحد وقالي دي قرصة ودن صغيرة عشان أختك تعرف تضحك عليا وتروح تتجوز
بعد فترة من أسئلة راكان له توقف وخرج اتجه عاصم إليه
– عايز تعرف ايه يابني، ان أمجد بقاله سنين بيلاحق ليلى، وخطفها كذا مرة، وعمل قضية وكان هيموت ابني
انا كنت مسالم وبقول الناس دي إحنا مش قدها ياحضرة المستشار، لكن بعد اللي عمله في ابني أنا مش هسكت وهروح اقدم بلاغ في أمجد الشربيني
– برافو دا اللي مستنيه منك، أستاذ حمزة هيمسك القضية، وأنا بوعدك لأخليه ياخد عقوبة محترمة
وصل نور إليهم
– كريم عامل إيه دلوقتي؟ كويس اجابته بها درة ..جذبها بعنف متجها للخارج
– أيه اللي موقفك مع الغرب، ممكن تفهميني
نزعت يديها وتحدثت غاضبة:
– دي مش طريقة تتكلم معايا فيها، ممكن ماتكلمنيش بالطريقة دي تاني
جذبها بقوة ويجز على أسنانه
– إيه الباشمهندسة صعبان عليها، عشان جبتها من القعدة الحلوة بتاعة الرجالة، يعني أخلص من سليم، يطلعلي اخوه، ولا يمكن عينه منك وبتقرطسيني
– أخرص، انت اكيد مجنون، رفعت كفيها ونزعت خاتم الخطبة ثم فتحت كفيه ووضعته به
– للأسف إحنا ماينفعش نكمل مع بعض، أنت مش طبيعي، وأنا تعبت منك، قالتها وتحركت مغادرة، كان حمزة يتحدث بهاتفه
استمع لبعض الأصوات على بُعد خطوات منه، تحرك لأخر الردهة، وجده يجذبها بعنف ويصيح غاضبًا
– لا دا أنتِ مجنونة، وماصدقتي قولت كلمتين عشان كشفتك، حاولت دفعه، إلا أنه كان كالجدار، حاول جذبها بعنف والخروج بها من المشفى وهو يتحدث بغضب عارم
– لا شكلك متعرفنيش ياباشمهندسة، دا انا نور العوضي اللي محدش يهزه
ولكنه توقف عندما اصطدم بجسد بشري، اتجه حمزة بنظره إليها:
– فيه حاجة ياباشمهندسة، قالها حمزة وهو يطالع نور بتقييم
دفعه نور
– أنت مالك؟! واحد وخطيبته بتتدخل ليه
استدار ينظر لدرة وتحدث بصوتًا رزين
– فيه حاجة، سمعت النقاش من غير قصد، لو محتاجة حاجة، وصل راكان ووالدها بتلك الأثناء، أسرعت لوالدها تبكي بصدره
– بابا خليه يمشي مش عايزة أشوف وشه تاني
صدمة أصابت والدها وهو ينظر إلى ابنته الباكية، رفع ذقنها
– حبيبتي إيه اللي حصل، صاح نور بصوتًا مرتفع
– عشان بسأل بنتك المحترمة بقولها مين اللي واقفة معاهم دول، دا مش من حقي، ولا من حقها بس تتأمر تقول ممنوع أخرج معاك، ممنوع نقعد مع بعض، وهي مقضياها هزار وضحك مع الكل الا مع خطيبها
ربت عاصم على كتفه وحاول السيطرة على نفسه
– أمشي دلوقتي يادكتور وبعدين نتكلم، لا المكان ولا الزمان ينفع نتكلم فيه
اختنق من حديث عاصم فاردف قائلًا
– لا مش همشي لما نتفق على الجواز، أنا قررت نتجوز أخر الشهر
توقفت أمامه وصرخت به حينما فقدت السيطرة على نفسها
– انا نهيت الخطبة، ودبلتك معاك، كل واحد مننا راح لحاله، ياله امشي مش عايزة أشوف وشك
قالتها وتحركت متجهة لغرفة اخيها، أسرع خلفها يجذبها بعنف
توقف حمزة حينما وجد ملامحه الغاضبة
– الأستاذ عاصم قالك نتكلم بعدين، والباشمندسة قالتلك انتهينا، يعني مينفعش حضرتك طريقتك دي
دفعه صارخًا به وتحدث بجنون
– وانت مين كمان، إيه حضرة المهندسة معجبينها كتير..تنهد عاصم يسحب ابنته وتحرك من أمامه
– ربنا يهديك يابني ، وزي مابنتي قالت كل واحد في طريقه، غادر عاصم وتبقى راكان وحمزة
نظر راكان لحمزة وتحرك مغادر قائلًا
– اتصرف شكله عامل زي بنت خالته
❈-❈-❈عند ليلى وسليم
بعدما أغلق الهاتف مع راكان استدار يطالعها بعينيه العاشقة، ممسدا بأنامله على خديها
– مبروك ياحبيبتي، اومأت دون حديث
نزل بجسده لمستواها رافعا كفيها يقبله
– ليلى حبيبتي ممكن متزعليش مني، والله عملت كدا عشان بحبك
اعتدلت تجذب الغطاء على جسدها وتحدثت
– مش زعلانة ياسليم، دا حقك طبعا
دنى من وجهها يجذبها إليه
– طيب مفيش مبروك ياحبيبي
ابتسمت على مظهره الذي أصبح كالأطفال
– مبروك ياسيدي حلو كدا
لكزها بمزاح ، وتحدث:
– وفيه واحدة زي القمر تقول لجوزها اللي زي القمر اللي هو انا ياسيدي ..أنا مش هتنازل غير لما تقولي ياحبيبي
حاولت النهوض ولكنه حاوطها بذراعيه غامزا بعينيه
– عايزة تقومي..هزت رأسها بنعم فأردف قائلا
– عايز بوسة دا أولًا، وعاوز تقولي ميرسي ياحبيبي دي اتنين، ثالثا بقى عايز حضن كبير وبعدين ننام شوية
قهقهت عليه بصوتها الأنثوي الذي حوله من رجل جليدي إلى رجلُ عاشق حد النخاع
نزل بجسده يضع وجهه بعنقه مردفة
– ليلى أنا بحبك قوي، نفسي تحبيني ربع حبي
رفعت يديها تعانقه وتحدثت بصوتًا متقطع
– أنا مش بكرهك ياسليم بالعكس إنت تستاهل
الحب كله
رفع رأسه ونظر لعيناها القريبة منه واردف بصوتا مبحوح من مشاعره الفياضة بحضرته
– طيب حبيني ولو شوية
رفعت كفيها تلمس وجنتيه، وفجأة أردفت
– أنا بحبك قوي حبيبي صدقني، ونفسي نكمل حياتنا لآخر العمر مع بعض…هنا توقف الكون وجذبها لداخل عالمه مرة أخرى
بعد فترة كانت تقف بمرحاضها وعبراتها تنسدل بقوة على وجنتيها، وضعت كفيها على فمها تمنع شهقاتها ثم اتجهت تغتسل حتى تؤدي فرضها
❈-❈-❈
مساء جلسا يتناولان الطعام، كان سليم يطالع هاتفه، فجذبت هاتفها وأردفت:
– غريبة ماما مااتصلتش بيا !!
رفع بصره لها وأردف:
– يمكن اتصلت وإنتِ ماأخدتيش بالك
هزت رأسها نافية وقامت بالرنين عليها
في المشفى كانت سمية تقوم بصلاة العشاء فاجابتها درة
– ليلى حبيبتي عاملة ايه ياقلبي
نهضت ليلى تقف في الشرفة تحادثها
– كويسة، ماما فين انتوا نسيتوني ولا إيه، هنا دلفت الطبيبة تتحدث لدرة
– للأسف فيه نزيف داخلي ولازم يدخل عمليات، عنده خبطة في دماغه، دا اللي بان في الأشعة وكمان في انزلاق غضروفي
إحنا بنجهزه للعملية بعد شوية
– عملية ودلوقتي! طيب العملية دي مكلفة
تسائلت بها درة
ابتسمت الطبيبة واردفت:
– الأستاذ راكان وصانا ندخله عملية يااستاذة إنما التكاليف معنديش علم والله، ممكن تسالي تحت
صدمة أصابت جسدها فتحدثت بصوتا كاد أن تسمعه درة
– مين اللي هيعمل عملية يادرة، بابا مش كدا
بكت درة على الجانب الآخر وتحدثت
– كريم أمجد الكل،،ب ضربه وحالته صعبة قوي ياليلى
دارت الأرض تحت قدميها وترنح جسدها وهي تبكي بصرخات لاختها
– إيه اللي وداها لأمجد يادرة …أسرع سليم بعدما استمع لصوت بكائها
– ليلى حبيبتي في إيه
نزلني مصر دلوقتي ياسليم، جحظت عيناه فهمس
-مصر النهاردة، انت واعية بتقولي إيه
ضربت اقدامها باعتراض وبكت بصرخات
– نزلني مصر حالا ياسليم، أخويا مضروب وهيعمل عملية، عايزة انزل حالا
ضمها لأحضانه يربت على ظهرها:
– تمام اهدي، هننزل مصر حاضر، ممكن تهدي وبلاش تعيطي، مسحت دموعها تحاول السيطرة على شهقاتها..حملها سليم حينما تحول وجهها وأصبح شاحبا كالأموات وهي تهمس
– قولتلي هتحميني منه ياسليم، وشوف عمل ايه في أخويا يوم الفرح ..قالتها وسحابة سوداء تحاوطها فسقطت هاوية بين يديه
بعد عدة ساعات كانا يقفان بمطار القاهرة لينها معاملاتهم، اتجها للمشفى، ترجلت سريعا متجهة للداخل تسأل عن غرفة اخيها، صعدت للطابق المنشود وسليم خلفها، وصلت بجسد مرتعش وجدت درة تجلس تحتضن والدتها، ووالدها يجلس بجوار نوح وحمزة
توقفت أمامهم وانسدلت عبراتها قائلة
– كريم ماله إيه اللي حصل ؟!
نهض والدها مصدوما من وجودها في تلك الأثناء ، اتجه بأنظاره إلى سليم الذي وصل للتو
– إيه يابني اللي جابكوا، ألقت نفسها بأحضان والدها تبكي بنشيج
– عملوا في كريم إيه يابابا، هانوا عليه يعملوا في شاب كدا يابابا
جذبها سليم لأحضانه :
– ليلى حبيبتي اهدي، إنت مش شايفة حالة والدتك، اتجهت لوالدتها التي تجلس بصمت وكأنها مغيبة ..رفعت كفيها تقبلها
– كريم ياماما، حبيبي لسة صغير، ليه يعملوا فيه كدا ياماما
اتجه نوح يجذبها وأوقفها
– ليلى ممكن تهدي، انتِ شايفة حالة الكل عاملة إزاي ، سحبها سليم وأجلسها على المقعد
– خدي حبيبتي اشربي واهدي
بعد عدة ساعات خرج كريم من غرفة العمليات متجها للعناية، توقف الطبيب أمامهم
– هو كويس، والعناية عشان ميكونش هناك مضاعفات، سلامته ..قالها وتحرك للخارج
تحركت سمية وساقيها تكاد ان تسندها حتى وصلت لغرفة العناية تنظر من خلف الزجاج عليه وتبكي بقلبًا مفطور على فلذة كبدها
توقفت ليلى بجوارها
– هيبقى كويس ياماما عندي يقين بربنا هيبقى كويس، ربتت والدتها على ظهرها وأردفت
– ان شاءالله حبيبتي، روحي ارتاحي، جوزك باين عليه التعب، مينفعش يابنتي اللي عملتيه متنسيش انكم عرسان
هزت رأسها رافضة حديثها
– مش هسيبكم ياماما، وصل والدها
– مينفعش حبيبتي عشان جوزك، روحي ارتاحي والساعة دلوقتي عشرة الصبح وطبعا بقالكم يومين صاحين
ربت على كتفها يحثها على المشي
– يلا حبيبة قلبي، هزت رأسها واتجهت لسليم الذي غفى بجوار حمزة ونوح
لكزته بخفة واردفت
– سليم قوم عشان نمشي،نهض من مكانه
– إيه كريم بقى كويس..سحبت كفيه واردفت
– هو لسة مفقش، هنروح نرتاح شوية وبعدين نرجع..أومأ برأسه متفهما
فتح حمزة عيناه وتسائل
-فيه حاجة؟!
– لا إحنا هنروح شوية، متنساش محدش يعرف أننا رجعنا، دقق النظر لحمزة وتسائل
– أنت قولت لراكان إننا رجعنا
اتجه حمزة بنظره لليلى واردف
– لا راكان مش فاضي، ثم غمز بعينيه لسليم
فاطلق سليم ضحكة وتحرك وهو يتحدث
– أهو راكان دا عايش حياته ولا على باله، قبل قليل اتصل به حمزة
– راكان نوح بيقولك بات في المزرعة النهاردة، خايف على أسما، أسيا سافرت كفر الشيخ
وطبعا أسما لوحدها ومفيش حد يثق فيه، وأنا زي ماانت عارف معاه في المستشفى
خرج من شروده
أطبق على جفنيه عله فعل الصحيح
باليوم التالي عاد لمنزله وليس لديه علم برجوع أخيه، دلف ملقيا تحية الصباح ولكنه تصنم بوقفته حينما وجدهما يجلسان على مائدة الطعام فهمس
– سليم، نهض سليم وهو يطلق ضحكات صاخبة
– إيه يابني اللي يشوفك يقول شوفت عفريت
تقدم ونظر إليها لعله يكون بحلم ولكنه افاقه صوت سليم مرة أخرى
– أهو كل اللي يشوفنا يعمل زيك كدا
– سليم يخربيتك إيه يلا شهر العسل اللي مدته ليلة دا
ضحك أسعد متهكما
– اول عريس أشوفه بيخلص شهر عسله في ليلة ..حمحمت زينب تربت على ظهر ليلى
– معلش ياسليم اطمنوا على اخوها وبعد كدا يبقى كملوا شهرين عسل مش
ثم رفعت نظرها إلى راكان وتحدثت:
– أهو احسن من الكبير اللي كل ليلة يبات فيها برة البيت..جلس بجوارها غامز بطرف عينيه
– إيه يازوزو شغل، ادعيلي انتِ من قلبك
قالها ممسكًا كفيها يقبله
لكزته وابتسمت
– اسكت يابكاش، فوق ياله عشان تحدد على فرحك
جذب بعض الخبز وهو يتحدث
– ان شاءالله اجهزي انتِ بس، وبعد كدا نشوف الفرح، كان الهواء الذي يحاوطه يحرق صدره من فرط الوجع بحضرتها
يعني إيه ياراكان، قالتها زينب متسائلة، وصلت سيلين
– صباح الخير ياراكي، اخيرًا شوفناك، دا انا شوفت سليم العريس أكتر منك
تناول طعامه وأجابها
– انا موجود ياحبيبتي، إنت اللي بتنامي بدري، محتاجة حاجة
هزت رأسها ثم أردفت:
– لا ياحبيبي، سلامتك، اتجه بنظره لسليم
– كريم عمل العملية
أجابه وهو ينظر لليلى الصامتة
– اه اتصلنا من شوية وفاق الحمد لله
وضع الطعام بفمه يلوكه بهدوء ثم تحدث
– العملية مش صعبة مكنش له لزوم انكوا تقطعوا شهر عسلكم
نهضت ليلى عندما فقدت سيطرتها
– سليم لو خلصت ممكن توديني المستشفى
– كملي فطارك يابنتي، مكلتيش حاجة
اتجهت بنظرها إليها
– شبعت والله ياطنط، أنا اصلًا ماليش نفس
كان يتناول طعامه بصمت وكأن حديثها لا يعنيه ولكنه رفع نظره عندما أردفت
– ممكن خمس دقايق ياحضرة المستشار
رفع بصره إليها ثم عاد لطعامه ولم يجب عليها
لكزته والدته
– ماترد على مرات اخوك، رغم إنها كلمة بسيطة إلا أنها شقت قلبه لنصفين
-عايز أفطر ياماما، وبعدين اشوف مرات اخويا، قالها مستهزئًا ، بعد عدة دقائق نهض بعدما أنهى طعامه وتحدث وهو يطالع الذي تهز ساقيها بعنف، مع أني لسة جعانة، بس نفسي اتسدت قالها وتوقف وهو يشير إليها
– اتفضلي ياباشمهندسة، بسرعة معنديش وقت
نظرت إلى سليم وتحدثت
– هشوف عمل ايه في امجد، حمزة بيقول القضية عنده
أومأ متفهمًا فتحركت خلفه، دلفت للداخل
وجدته جالسا يقوم بإشعال تبغه وتحدث
– سامعك، سحبت بعض الهواء وزفرته فتحدثت غاضبة تمنت لو تقبض على عنقه، ورغم ذلك وصلت وتوقفت أمامه
-أمجد كان بيهددني قبل جوازي بشهر، وقالي ممكن اخطف اختك، واعمل لباباكي قضية
نفث تبغه وتحدث بهدوء رغم نيران المستعيرة بصدره منها، اليوم فقط أتت لتحاكيه، فأردف ببرود :
– غيره، لو معندكيش حاجة تانية فيكي تمشي وأخر التطورات حمزة هيقولهالك
نظرت إليه بصدمة كانت تعتقد انه سيثور عليها ويهتم بحديثها ولكنه صعقها برده، دنت منه خطوة ثم رفعت رأسها بشموخ واستندت بذراعيها على المكتب تنظر لداخل مقلتيه
– تعرف أنا أستاهل اني جتلك اصلًا واحد مغرور، فعلا عندك حق، ايه اللي يخليني اتكلم معاك اصلًا، عايزة حد عاقل اعرف اتكلم معاه، مش واحد بيقول انا ربكم الأعلى
أشار على باب المكتب وأردف عندما أمسك هاتفه الذي أعلن رنينه
– خلصتي ، اطلعي برة، وبعد كدا مالكيش كلام معايا، ثم رفع هاتفه
– ايوة يانورسين، لا نص ساعة وأكون عندك حبيبي، سلام
ظلت واقفة ترمقه بنظرات نارية للحظات ثم تحركت خارجة وهي تسبه بسرها -❈-❈
بعد عدة أيام
صباحًا كانت متجهة لجامعتها، توقف أمامها يجذبها بعنف متجها لمكان هادئ بالحديقة
– ليه بتعملي فيا كدا، عايزة توصلي لأيه ياسلين
دفعته وهي تلكمه بصدره
– سيب أيدي يايونس، بتوجعني انت دلوقتي ولا حاجة في حياتي ولا تعنيني اللي بينا إنك ابن عمي وبس
ببطئ بدأ يخفف ضرواة ذراعيه من حولها.. نظر لها بأعين فاض منها الألم وهو يهز رأسه ويكرر؛:
– أنا بالنسبالك ولا حاجة ياسيلين.. لدرجة دي شيفاني وحش أوي
خبأت آهاتها الصارخة داخل قلبها ونظرت له بقيلة حيلة من أمرهما
– الحب مش بالعافية يادكتور… ثم ابتسمت بسخرية
وأنت ماشاء الله عليك معندكش وقت تحزن عليا ولا على غيري… اقتربت تنظر داخل مقلتيه بقوة وأردفت:
– أنا معنتش العيلة الهبلة اللي هتضحك عليها بكلمتين… أمسكت هاتفها وادارته له
– شوف عظمة دكتورنا العظيم.. قالتها مشمئزة منه ومن قلبها المتيم بعشقه… ورغم ماتشعر به من الآلام إلا إنها رفعت رأسها تناظره بشموخ أنثى جرح قلبها من أعز مالها
– مش سيلين البنداري اللي حبيبها كل يوم مع واحدة شكل… أنا علاقتي بيك انتهت يايونس من يوم مارضيت بأمر جدي ووافقت على خطوبتك… أنا اللي بتحكم بقلبي مش قلبي اللي بيتحكم فيا… ويوم مايتحكم بيا أدوس عليه بجزمتي… سوري يادكتور…
نصب عوده واقترب بخطوات بطيئة من وقفتها بعث الرعب لقلبها المسكين… حتى أقترب منها للحد الغير مسموح وهمس بجانب إذنها بصوت كفحيح افعى:
– أحلمي ودوسي على قلبك مليون مرة… ثم رفع عينيه ونظر لمقلتيها واكمل
وهو يشير لقلبها
– بس مستحيل اسمحله يدق لغيري.. قالها ثم تراجع عدة خطوات يفسح لها الطريق
– آسف ياحضرة المهندسة العظيمة اخدت من وقتك الثمين
على الرغم من أن كلماته لامست أوتار قلبها الذي سرى به كهربا نابعة من عشقها الطفولي له وألهب جميع حواسها ليجعلها تغفر له… إلا أنها رمقته بسخرية
– أحلام وردية يايونس سلام ياحبيبي.. قالتها مغادرة سريعا حتى لا تضرب كل هذا عرض الحائط وترتمي بأحضانه تعاقبه على فترة بعده عنها
ياالله ماذا تفعلين بي صغيرتي
ألم تشعرين بلهيب قلبي الذي يتلظى بنيران هجرك… لقد سرقتي من عيناي النوم وانتزعتي قلبي من بين ضلوعه تاركة إياه يتألم من فراقكي وبعدك الضغين
أما عندها هرولت سريعا من أمامه حتى لاتخر صريعة بعشقه… اصطدمت بشخصا ودت إنها لم تراه ابدا
وقفت سارة عاقدة ذراعيها أمامها وهي تتحدث بشماتة عندما وجدت دموع عينها تنسدل بقوة:
– تعرفي كل مااشوف دموعك دي قلبي يبرد وبحس أن الدنيا مش سعياني… مسحت دموعها بقوة وخطت أمامها مباشرة
-شكل سيادة المحامية فاضية ومالقتش حد تحط غله فيه فجاتلي… بس كان نفسي ألبيلك رغبتك بس زي ماانت شايفة وقتي غالي وعندي محاضرة… رمقتها بنظرة نارية
– مش تافهة زي ناس… أصلك متعرفيش الهندسة بتعمل ايه.. هقول إيه بس لناس يادوب دخلوا حقوق حتى بفلوس دادي… اردفت بها وتخطتها بكبريائها
كان يجلس في الشرفة يحتسي قهوته وحديثهما يصل إليه بسبب قرب المسافة
وصلت سارة إليها بخطوتين ثم أمسكت ذراعيها بقوة:
التفتت إليها بحنق وضيقت عيناها
– اتجننتي بتمسكيني كدا ليه قالتها عندما شعرت بأن دمائها تغلي من شدة غضبها من تلك التي تود أن تزهق روحها
ناظرتها بعيون حادة شرسة:
– ابعدي عن خطيبي وبلاش ترمي نفسك عليه متنسيش نفسك واعرفي حجمك…
روحي دوري على اهلك.. بلاش شغل بنات الشوارع دا… متحطيش نفسك ببنت من عيلة البنداري… كفاية لامينك من الشوارع
سارة أردف بها بصوتا زلزلت له اركان المنزل… نزل سريعا من جناحه الذي يتميز بدرجات خارجية للحديقة
وصل إليها ووقف يناظرها بجموده والغضب يعمي بصره وبصيرته وصاح بصوتا مرتفع:
– متنسيش نفسك وأفتكري اللي واقفه تهنيها دي إخت راكان البنداري… اقترب حتى اختلت انفاسهما
وتحدث بصوتا كفحيح :
– اللي بس يغلط فيها بدون قصد امسحه من على وش الدنيا… تخيلي بقى اللي يضايقها بقصد… مش حتة عيلة زيك يابت تغلطي في المهندسة سيلين… فوقي لنفسك لافعصك… ثم أكمل حديثه والشر يتقاطر من مقلتيه
– وربي لو حطيتك في دماغي لاخليكي تكرهي نفسك… ودلوقتي اعتذريلها…. خرج الجميع على صوته الصاخب
وقفت ليلى بجوار سارة تنظر إلى عينيها الباكية من إهانة راكان لها
– فيه ايه مال سارة بتعيط ليه… صمت هنيهة يحاول تمالك أعصابه فكلمات تلك التي اخرجت الوحش الثائر بداخله
انتِ مالك خليكي في حالك موضوع مايخصكيش… اخرك جوزك وبس
خرجت كلماته كالسهم نفذ إلى صدرها ليخترق جدران قلبها… انسدلت دمعه غادرة على وجنتيها مسحتها سريعا
ايه ياراكان يابني هي كانت قالت ايه، قالتها فريال بتخابث
وقف بين الجميع واشار بسبابته
– كل واحد في البيت دا يلتزم حده… كل واحد يخليه في نفسه… ومن هنا ورايح اللي أشوفه بس يلمح لأختي بحرف يوجعها صدقوني هتشوفوا راكان واحد اتمنى محدش يشوفه… سامعني ياجدي
حاولت ادعاء الثبات امامه… رمقته بنظرة حادة لو تقتل لقتله في الحال
– اولا انا مجتش جنب سيلين أنا بسال إيه اللي حصل بعد ماشوفت انهيار سارة… وياريت ياحضرة المستشار تاخد بالك من كلامك… وصل يونس على حديث ليلى
– متتكلميش لما جوزك يجي ليا كلام معه
– فيه ايه يامدام ليلى… قالها يونس وهو يتجه بنظره لوالدته التي تقف تضم سارة… رفعت حاجبها متزامنة مع شفتيها تتحدث بسخرية
– معرفش راكان ماله على الصبح نازل تهزيق في الكل ليه… ثم أشارت لليلى حتى تسكب الزيت على البنزين
– حتى مرات اخوه مسلمتش منه
اقتربت زينب تضم ليلى من أكتافها
– متزعليش منه ياحبيبتي هو لما يكون مضايق مبيعرفش بيقول إيه…
رمق والدته بحزن
– ليه شايفيني مجنون… قبل ماحد فيكم يتكلم… يسأل السنيورة كانت بتقول ايه لبنت عمها… رفع نظره ليونس مشمئزا
– ابعد عن أختي يايونس متخلنيش أتغابى عليك.. وزع نظراته للجميع وهو يضم سيلين ثم أشار عليها
– دمعة واحدة من عينيها… امسحكم كلكم من على وش الأرض.. كل واحد يخلي باله من كلامه
رفع سبابته ونظر لسارة نظرات جحيميه
– اشبعي بخطيبك.. مش خطيبك بس، اشبعي بالعيلة كلها.. لكن نظرة تجرح اختي هدوس ومش هرحم.. وقد أعذر من أنذر
بعد عدة أياما
عصرا خرجت من جامعتها وهي تحادث والدتها
– خلاص ياماما، هعدي على ليلى، تمام حبيبتي واهو فرصة أروى مجتش النهاردة
أغلقت الهاتف تنظر سيارة أجرة، وإذ فجأة توقفت أمامها سيارة وترجل سريعا منها يجذبها بعنف واركبها السيارة، لحظات لم تستوعب ماصار، واضعا منديلًا منوم على انفها، لحظات وغمى عليها
❈-❈-❈
عند ليلى وسليم
كانت تجلس تقرأ بكتابًا، دلف متجهًا إليها، جلس بجوارها يمسد على خصلاتها مستنشقا رائحتها حينما وضع رأسه بها، ثم رفع وجهه إليها
– حبيبتي وحشتيني معقول مش وحشتك، فيه عروسة وعريس يفضلوا اسبوع كامل بعيد عن بعض بالشكل دا
أغلقت كتابها ونظرت إليه مبتسمة
– أسفة ياسليم، أنت شفت الظروف اللي مرينا بيها، دنى ضاما ثغرها بين خاصتيه ليجذبها إليها لجنة عشقه، بعد فترة كانت تستلقى بجواره تمسد على وجهه مبتسمة ثم همست لنفسها
– والله إنتِ محظوظة ياليلى ربنا باعتلك راجل جميل زي سليم، اغمضت عيناه متمنية بحياة هادئة، مالت على وجهه لأول مرة ثم طبعت قبلة على وجنتيه، نهضت ترتدي مأزرها متجهة للمرحاض، بعد فترة أنهت صلاتها واتجهت تجلس بالشرفة تحادث أسما
– كويسة الحمدلله، هنسافر تاني بس اطمن على كريم، ماما قالتلى هو كويس وهيطلع بكرة من المشفى
سحبت نظرها للذي يجلس بالحديقة يتحدث بهاتفه وعلى وجهه إبتسامة، أغلقت مع أسما ووقفت تطالعه لبعض اللحظات
– عرفت اني وحشتك، خلاص يابنتي قولت هلبس واجي، وهنسهر مع بعض للصبح
اطلق ضحكة رجولية جذابة وهو يلتفت حوله، فذهب بصره للتي تقف بإسدالها بالشرفة ولم يفصلهما سوى عدة أمتار فأجاب على الجانب الآخر عندما ابعد نظره عنها
– لا ياحبيبتي انا أخري ورقة عرفي، قهقه على حديثها، ثم نهض وهو يردف
– طيب وحياة العريس لأكل حمام الليلة، قالها وهو يدلف للداخل ومازال يتحدث بابتسامته الجميلة
بعد قليل هبطت للأسفل لأول مرة تكتشف القصر، تحركت إلى أن وصلت لغرفة الرياضة الخاصة بهم، ابتسمت وهي تتحرك للعجلة الرياضية وبعض الأحمال الثقيلة
خطت إلى أن وصلت وأمسكته ترفعه، فصرخت بصوتها
– يالهوي بيتشال إزاي، لا لازم اخلي سليم يعلمني، حملت أصغر واحد وابتسمت فاستمعت لصوته الجهوري خلفها
– دي مش مصاصة ياماما، حاسبي لتوقع على رجلك، حطيها ورحي شوفي طبخة اتعلميها
ضغطت على شفتيها حتى كادت أن تدميها وهي مازالت تواليها بظهرها ، استدارت وخطت للخارج وبيديها الحديد وتحركت إلى أن وصلت فوقف أمامها
– هاتي اللي معاكِ؛ ليعورك
بسطتها لتعطيها إياه فجأة تركتها حتى سقطت على قدمه، ورغم ثقلها واصطدامه بقدمه إلا أنه لم يتحرك ولكن ظهرت على ملامح وجهه الألم فنظرت إليه بسخرية واردفت
– آسفة شكل المصاصة وجعتك، قالتها وتحركت مغادرة
عند سيلين كانت تجلس بالحديقة تستمع للموسيقى وترسم بعض المخططات الخاصة بالجامعة
توقف أمامها بأنفاس مرتجفة ولسان تجمدت فوقه الكلمات وبعين مغروقتين
– عايزة تعرفي خطبت سارة ليه، نهضت تجمع أشيائها وقبل ان تخطو جذبها يضمها بقوة يعتصرها بأحضانها هامسًا بجانب أذنيها
– إنتِ دبحتيني ياسيلين، لما خبيتي عني إنك مش بنت عمي، لما عرفت إنك بنت من الملجأ
ترنحت خطوة للخلف بأعين جاحظة وشفتين فاغرتين، مصعوقة وكأن ماقاله كحجر ثقيلا اصلب قلبها داخل صدرها فهزت رأسها بطريقة جنونية
– أنت شارب، واحد مجنون نسونجي هتقول ايه يعني
هزها بعنف وصاح بغضب
– دي الحقيقة اللي بتحاولوا تخبوها عن الكل بس ليه
عند أسما
استمعت لرنين المنزل حدثت حالها
– معقول أسيا رجعت، توجهت تفتح الباب،
تصنمت بجسدها ولونت الصدمة تقاسيم وجهها فقالت بنبرة متقطعة
-“نوح” بتعمل ايه، تحرك حتى ظهر المأذون خلفه ثم وضع بيديها ورقتين
أختاري ياأسما
نظرت للورقتين بيديها وسؤاله المباغت الذي كصاعقة كهربائية أصابت قلبها الممزق بين أحاسيس قوية بين الرفض والقبول
استمعت لصوتًا خلفه وهو يقول
– لا إن شاء الله هنقول مبروك، مش كدا ياأسما
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عازف بنيران قلبي)