رواية ديجور الهوى الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم فاطمة طه سلطان
رواية ديجور الهوى الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم فاطمة طه سلطان
رواية ديجور الهوى البارت التاسع والعشرون
رواية ديجور الهوى الجزء التاسع والعشرون
رواية ديجور الهوى الحلقة التاسعة والعشرون
”نملك كافة وسائل التواصل في العالم.. لكن لا شيء يعادل النظرة” النظرة فقط.
#مقتبسة
عاد الشوقُ فمَزق ماتبقى من ثباتِي .
#مقتبسة
شَوقٌ بِعَينَيها و لا تتكَلّمُ، أخْفَتْ عَظيمًا و الذي بِي أعظم…
#مقتبسة
_______________
-والله ده بيت امي وابويا وشقة اختي، أنتِ اللي من واختي فين؟!!!…
ثم استرسل حديثه بدهشة:
-أنا عارفك، أنتِ……
علمت من نظرته ما يقصد مما جعلها تتحدث ببلاهة وسرعة:
-لا مش أنا…
ولكن تحدث بصوت جهوري:
-لا أنتِ الرقاصة….
نبرته هزتها وأربكتها، أخجلتها كل المشاعر التي يشعر بها المرء وتجعله غير قادر على فعل أي شيء أثناء شعوره بها..
هي تشعر بها كلها..
ومن العجيب جدًا أنه لا يستطيع أحدهم سؤال الرجل عند مشاهدته لتلك المقاطع، أو حتى عتابه، في النهاية سيخبرك الناس بأنه شاب ورجل يفعل ما يحلو له، وأن هذا شيء طبيعي أن يفعله..
شيء واحد أصابها بالاطمئنان حينما وجدت مريم تظهر من خلف شقيقها قائلة بخوف كبير:
-محمد أنتَ بتعمل ايه هنا؟!.
صاح محمد بصوت جهوري:
-جاي اشوف بنت امي وابويا اللي جايبة رقاصة في البيت، جاي اتفرج على ال****** اللي أنتِ بتعمليها من ورايا….
بعد أن انتهى من كلماته جذبها من حجابها إلى الداخل بعنف لتعود شمس إلى الداخل بسرعة البرق حتى ترتدي عبائتها وتأخذ حقيبة سفرها التي لحسن الحظ لم تفرغها حتى الآن…
لم يكن رد محمد سوى صفعة على وجه شقيقته بعد أن أغلق باب الشقة سائلا أياها بعنف رهيب وهو يجذبها من خصلاتها بعد أن سقط حجابها:
-الرقاصة دي بتعمل ايه هنا؟!!!! دي اخرتها؟!!! هتمشي على حل شعرك اتاريكي مش عايزة تيجي تقعدي معايا..
قاطعته مريم قائلة بنبرة متوترة وهي تضع يدها على وجهها فهي أعتادت أن يفعل شقيقها هذا الأمر ليست المرة الأولى التي يصفعها بها….
تحديدًا بعد وفاة والديها وبات لا يوجد من تستطيع أن تشتكي إليه..
-والله يا محمد أنتَ فاهم الموضوع غلط.
“كان طوال هذا الوقت يصدع صوت هاتفه ولكنه يتجاهله”.
جاءت شمس من الداخل بعد أن ارتدت العباءة السوداء بأقصى سرعة تتواجد عندها ووضعت هذا الحجاب بعشوائية قليلا وهي تجر حقيبة السفر متمتمة:
-اختك معملتش حاجة وبلاش تحصل مشكلة ما بينكم بسببي، أنا في مشكلة ولجأت ليها واديني ماشية اهو، بلاش مشاكل على الفاضي.
قاطعها محمد بحدة وغضب كبير، فهو يستمتع بتلك المقاطع كأي شاب ولكنه يرى صاحبتها نكرة لا يصح أن تكون بالقُرب من نساء منزله..
-وهي اختي هتعرف الاشكال الزبالة اللي زيك منين وازاي؟!.
تحدثت شمس بجدية وجراءة لا تعلم من أين حصلت عليها:
– متقلش أدبك…
شعر حقًا بالدهشة من حديثها ولم تمنحه فرصة لاستيعاب أفعال راقصة لا تخشى شيء فهي تعاملت مع الكثير والكثير لن يأتي هو من يخجلها..
-هي هتحكي ليك بعد ما امشي هي تعرفني منين، اختك غلبانة واشرف من أي حد وملهاش علاقة لا بيا ولا بشغلي لا من بعيد ولا قريب، متمدش ايدك عليها بسببي انا ماشية وهي مش هتعرفني تاني عن اذنكم.
سارت خطوة ولكن استدارت لتقول قبل رحيلها:
– بس ياريت قبل ما تحاسب اختك على انها قعدت في بيتها واحدة رقاصة، حاسب نفسك علشان واضح أنك بتتفرج وبتركز في فيديوهات الراقصات، أصل الحرام والعيب حاجة واحدة المفروض مبتتغيرش من راجل لست.
رغم خجله من حديثها إلا أنه تحدث بتكبر شديد:
-لا مبقاش إلا رقاصة وعالمة وتعلمني اعمل ايه ومعملش ايه، انا مشوفتش بجاحة ووش مكشوف كده.
خرجت منها ضحكة ساخرة وهي تجيبه:
-ولا هتشوف تاني.
أنهت حديثها وذهبت بعدها بخطوات سريعة بعد أن فتحت باب المنزل وأغلقته خلفها وأخرجت من حقيبة اليد النقاب التي تضعه على وجهها ورأسها فهي لن تستطيع التحرك بدونه…..
بينما في الداخل..
أثناء مراقبته لرحيلها كانت مريم ركضت وتوجهت صوب المرحاض ليركض محمد خلفها ولكنها كانت أسرع منه لتغلق الباب خلفها من الداخل ليتحدث بغضب جامح وهو يدق الباب بعنف:
-افتحي واخرجي بدل ما اكسر الباب على دماغك وافرج علينا العمارة كلها، اخرجي أحسن ليكي مفيش حاجة هتحوشني عنك، وعزة جلالة الله لاربيكي من أول وجديد ومفيش قعاد تاني لوحدك لو اتشقلبتي..
بدأ يطلق الكثير من الشتائم من فمه تحديدًا بعد أن أخرج هاتفه فزوجته لم تكف عن الاتصال رغم أنه لا يجيب ألا يأتي على عقلها أنه يفعل أي شيء هام..
حتى تتوقف على الأقل لعدة دقائق وسوف يتصل بها، فهذه هي عادتها حتى وان لم يكن هناك شيء هام تود اخباره به..
أجاب محمد عليها وهو يصرخ ويبتعد قليلا عن المرحاض:
-الو يا نورا، في ايه؟! ايه كل الاتصالات دي..
قالت له شيء ما ليصرخ بعدها بصوت جهوري:
-كل ده علشان عايزة رقاق…..
“بداخل المرحاض”.
كانت مريم تحاول التقاط أنفاسها، واخرجت هاتفها من الحقيبة (الكورس) التي كانت ترتديها، لتقوم بأيدي مرتعشة البحث عن رقم هذا الرجل الذي يدعو ثائر على تطبيق الواتساب فهي قامت بتسجيله في السابق حينما طلبت منها شمس وبالتأكيد سيظهر لها….
أرسلت له رسالة صوتية بصوت خافت جدًا…
“أنا مريم صاحبة شمس، شمس كانت عندي بس حصل مشكلة وهي مشيت وهي ملهاش مكان تروحه وأنا معرفش رقم حد تاني ممكن يساعدها غيرك، لأنها مش هتعرف تتصرف ولا تروح عند حد”..
ثم أرسلت له رقم الهاتف التي أعطته إليها وتتمنى أن تكون قد أخذته فهي وضعته في حقيبة يدها التي كانت تحملها أمام عيناها في الصباح الباكر بعد أن قامت بشحنه لها…
أرسلت له رسالة صوتية أخرى:
“ده الرقم اللي معاها وتقدر تكلمها من عليه”.
بعد تلك الرسائل قامت بحذف المحادثة من هاتفها ثم ذهبت لتنظر في المرأة على وجهها التي تظهر عليه أثار الصفعة بوضوح، رُبما هو لا يحق له فعل هذا بها تحديدًا في المرات السابقة….
ولكن تلك المرة رُبما يحق له من وجهه نظرها لأنه وجد راقصة في منزلها، بالتأكيد هناك الكثير من الأفكار الغير جيدة التي أتت في عقله..
ورُبما هي تعاطفت مع شمس كحالة فردية، حتى في عملها معها، ولكنه لم يكن يصح أن تعمل مع راقصة وأن تقوم بإدخالها منزلها…
_____________
في القهوة.
كان ثائر يجلس على المقعد البلاستيكي يقوم بتدخين الارجيلة، وهو في العادة يقوم بمتابعة الهاتف الخاص بالعمل ورسائله أكثر من هاتفه الشخصي، ليجد رقم غريب أرسل له ثلاثة رسائل تقريبًا منذ ساعة تقريبًا، ظن أنه شخص يرغب في التواصل مع من أجل عقار أو شقة أو شيئا ما ليسمع الرسائل الصوتية……
وبعد دقائق بسيطة جدًا كان نهض وترك الحساب على الطاولة ثم رحل وهو يتصل بالرقم التي أرسلته له، هو لا يستطيع التوقف حينما يعلم بأنها تحتاج إلى شيئًا ما أو واقعة في مأزق…
فهو منذ أن أتت له والدة شمس وهو من وقتها سيشعر بالجنون من اختفاءها لم يعد يعلم هل هذا شيء جيد أم سيء أن تتركهم…
لكن شيء واحد يعرفه أنه لا يشعر بالراحة من عدم استطاعته الوصول لها؛ لم يعد ينام جيدًا لذلك حينما جاءته الرسالة أخذ يتصل بالرقم التي أرسلته له…
لم تجب عليه في المرة الأولى..
فكان مُصرًا فأتصل في الثانية أجابت بصوت غريب لم يفهمه في البداية:
-الو، مين؟!.
تحدث ثائر بصوت غاضب وبكلمات واضحة:
-قوليلي أنتِ فين ومكانك فين أنا جايلك…….
جاءه صوتها الساخر والسعيد في الوقت نفسه، فهي عرفته من نبرة صوته وبسبب تركيزها في الطعام لم تشاهد الرقم جيدًا ظنت أنه شخص يريد مريم..
“تيجي فين وبأمارة أيه؟!”..
-شغل السبع ورقات بتاعك ده مش عايزه اخلصي قولي أنتِ فين…..
________________
يجلس على المقعد أمام مكتب ملك…
وأمامه تجلس والدته التي قررت التعرف على الفتيات الجدد ومريم أتت بمقعد لتجلس معهم، كانت ملك صامتة تشعر بالخجل الطفيف من تلك المرأة التي ترمقها بنظرات غريبة تتفحصها بريبة، ورغم ذلك تشعر بأنها أمرأة لذيذة ومبهجة….
فهلال مرة واحدة وجد والدته في مكتبه لسبب غريب بأنها كانت تمر من جانب المكتب وصعدت لرؤيته، لا يدري ما الذي تفعله هنا فهو لن يقتنع بسبب الزيارة لم يكن منطقيًا!!!
تحدث هلال بنبرة ذات معنى:
-مش يلا يا ماما، ندخل جوا المكتب بقا، بقالك اكتر من تلت ساعة قاعدة هنا.
أردفت ثريا المرأة الخمسينة بضيقٍ شديد:
-ما تسيبني قاعدة مع البنات شوية، في ايه مستعجل على أيه؟!.
هل هي تجلس معهم في الحديقة وهو من يتطفل عليهما؟ أم أنهم صديقاتها؟!.
عير أنها لا تعرف سوى مريم منهما تقريبًا…
لن تتوقف والدته أبدًا عن ازعاجه لأنه يعرف نواياها الحقيقية وبدأ يستشعرها الآن…
هتف هلال بنبرة مرحة وهو ينظر لها:
-بس يعني على كلامك أنك معدية جنب المكتب وقولتي تطلعي علشان تشوفيني وتقعدي معايا، وبعدين احنا كده بنعطلهم وهما وراهم شغل.
أردفت ثريا بغيظٍ:
-عادي يا متر اعتبرها ساعة ال break..
ثم وجهت حديثها إلى مريم قائلة:
-وأنتِ عاملة ايه يا مريم يا حبيبتي؟! وجوزك وعيالك عاملين ايه؟!.
أجابت عليها مريم برضا:
-الحمدلله الأمور تمام، هو بس مجدي عمل حادثة بس كانت بسيطة الحمدلله، حتى انا جيت أخلص شغل النهاردة واخدت اجازة ثلاث أيام، كان ليا نصيب اشوفك، انا كنت خلاص نص ساعة وهمشي أصلا.
تمتمت ثريا بضيقٍ من هذا الخبر:
-ألف سلامة عليه يا حبيبتي.
عقبت مريم بأدب:
-الله يسلم حضرتك.
أردفت ثريا بنبرة هادئة وحنونة:
-خلاص قومي شوفي اللي وراكي وأنا قاعدة مع هلال و….
ثم نظرت ناحية ملك قائلة بخبثٍ وهي تسترسل حديثها:
-اسمك صحيح ايه يا حبيبتي؟!.
ابتسمت مريم وقالت بأدب قبل رحيلها:
“تمام عن أذنكم”
ثم رحلت فهي ترغب في انهاء ما يقع على عاتقها حتى تعود إلى المنزل في أسرع وقت..
لتتحدث ثريا مرة أخرى بعد أن قطعت مريم حديثها:
-ها اسمك اي يا بنتي؟!
عقب هلال بدلًا منها ناظرًا إلى والدته بتحذير:
-اسمها ملك يا ماما، مش يلا بقا ندخل المكتب بقا.
وكأنها لم تسمعه، فقالت بهدوء موجهه حديثها إلى ملك بس تقوم بتدليل اسمها:
-منين يا ملوكة؟! انا سمعت من عادل ان في بنات وشباب لسه متخرجين اشتغلوا، شكلك منهم لاني اخر مرة كنت هنا مشوفتكيش.
كادت ملك أن تتحدث ولكن قال هلال بنبرة درامية بحتة:
-اه يا امي بس هي مش لسة متخرجة ولا حاجة بقالها كذا سنة بس كانت شغالة في حتة تانية، أنا حتى ماشي في إجراءات قضية الخلع بتاعت جوزها، فهي متجوزة…
أتسعت أعين والدته بصدمة بينما ملك بدأت تربط ما يود فعله حينما غمز لها بطرف عينه، وفهمت حقًا نوايا تلك المرأة وحرجه من افعال والدته فحاولت أن تؤدي دورها بنظراتها المنكسرة…
لتتحدث ثريا بمواساة:
-يا كبدي عليكي يا بنتي، طب فكري تاني لو بينكم ولاد….
قاطعتها ملك بتأثر وهي تؤدي دورها الدرامي على أكمل وجه:
-هحاول تاني يا طنط معاه علشان خاطرك مع ان اللي فيه طبع مبيغيروش.
أتت بشرى من المرحاض أخيرًا فهي تعاني من ألم شديد في معدتها..
لتأتي من خلف هلال بملامح هادئة، فهي منذ وقت طويل في المرحاض حتى قبل أن تأتي والدة هلال، فهي لم تراها…..
أردفت ثريا وهي ترمق الفتاة الأخرى بنفس النظرات المتفحصة التي ألقتها على ملك في السابق، مما جعل بشرى أن تخجل وتشعر بأن هناك خطبٍ ما بها أو في ملابسها..
بعفوية منها أتت ووقفت خلف مقعد خلال بمسافة مناسبة قائلة:
-السلام عليكم.
هتفت ثريا بترحاب شديد:
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، اهلا وسهلا، اهلا وسهلا يا بنتي…
ثم ووجهت حديثها إلى ابنها:
-مين دي يا هلال.
استطاع تمييزها من صوتها ليتحدث بمكرٍ وهو يحاول إغلاق جميع الطُرق عن والدته:
-دي بشرى اشتغلت معانا من قريب، حتى لسه حاضر فرحها الاسبوع اللي فات…
قاطعته بشرى هنا متحدثة بقوة:
-فرح ايه أنا مش متجوزة ولا مخطوبة..
ألا تكفي تلك الاجابة؟! لا تظن ولكنها حاولت نفي التهمة تمامًا، فقامت كالعادة بالحديث بتلقائية:
-ولا في حد في حياتي.
هنا بعد أن أنهت حديثها علمت بأنها حمقاء..
معتوهة…
مجنونة…
لا تتحكم في كلماتها ما هذا الهراء حقًا التي تفوهت به.
كان تعقيبها المنفعل دون سبب…
جعل هلال ينفجر ضحكًا، ولم تختلف ملك عنه في الواقع….
كانت تضحك بصخب هي الأخرى رغمًا عنها، لتشعر بشرى بالحرج فهي لا تفهم أي شيء حقًا سوى أنها سمعت صوت ثريا الحانق وعتابها:
-كده يا هلال بتسرح بيا؟! وعمال تشرد فيهم.
ضحك هلال ثم غمغم بخفوت وهو ينهض ويمسك يد والدته جابرًا أياها على النهوض معه:
-معلش يا امي حقك عليا كنت بهزر يلا نكمل كلامنا ونشرب قهوتنا في المكتب جوا.
ذهبت معه بالفعل ثريا، لتقترب بشرى من ملك قائلة بعدم فهم:
-مين دي؟! وفي ايه؟! وأنتِ بطلي ضحك يا تنحة..
حاولت ملك التوقف عن ضحكاتها مغمغمة لتحاول شرح الأمور لها:
-دي مامت المتر هلال، وتقريبًا كده جاية تدورله على عروسة فهو كان بيقولها أي كلام علشان ترضى تقوم، وأنتِ جاية زي المدب ولا متجوزة ولا مخطوبة ولا في حد في حياتك، هو أنتِ في السجل المدني ولا نخليها تحيب المأذون. أحسن..
سمعت بشرى يومًا ذلك التعقيب..
هو أن أحدهم يتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعه..
وها هي تتمنى ذلك وفهمت المعنى الخاص به ومتى الإنسان يشعر به، هي مريضة بالقولون العصبي وتشعر بالتعب وحينما خرجت ووجدته يتحدث بتلك الطريقة عنها لم تفهم حقًا ما الذي قالته…
توجهت بشرى نحو مكتب مريم التي تقوم بلملمة أشيائها في حقيبتها:
-مريومة، وديني اي حتة دلوقتي.
نظرت لها مريم قائلة بعدم فهم:
-يعني ايه اوديكي أي حتة دي؟!.
أردفت بشرى بحرج:
-وديني أي مشوار او حاجة اخلصها وبعدها اروح على البيت ارجوكي أنا تعبانة أصلا…….
تحدثت مريم بمنطقية:
-طب مدام تعبانة تدخلي خدي أذن من….
قاطعتها بشرى بسرعة:
-لا ابعتيني اي مشوار منك لنفسك زي ما ساعات بتعملي.
عليها الهروب بأسرع وقت.
حتى لا تراه اليوم ولا ترى والدته، حمقاء مثلها يجب عليها أن تقطع لسانها وتعود لبلدتها…
_____________
-بتضحك يا بارد، تصدق يا هلال أنتَ متربتش، عمال تمثل عليا وتضحك عليا قدامهم..
هتف هلال بعد انفعال والدته الملحوظ وضيقها، وحاول السيطرة من ضحكاته:
-خلاص حقك عليا، وبعدين أنتِ اللي جاية تعاينيهم ده ينفع برضو؟!.
وكعادة أي أم حينما يتم سؤالها بطريقة منطقية، تقوم بالإجابة على السؤال بسؤال أخر لا يخضع في أغلب الأوقات إلى المنطق:
-يعني عدم جوازك لغايت دلوقتي ينفع؟!!.
– يا الله يا ولي الصابرين اجعلني منهم…
ثم تنهد وأخذ نفس طويل وقال:
-ياست الكل الجواز قسمة ونصيب، قسمة ونصيب، قسمة ونصيب اقولها كام مرة؟! لما يجي نصيبي هتلاقيني بتجوز، اهم حاجة متقعديش تدللي عليا، بدل ما اسلط سيادة المستشار يتجوز معايا في يوم واحد.
لكزته والدته في كتفه ليقوم وهو يُقبل رأسها:
-وبعدين سيبك من الكلام ده كله، عاملة لينا اكل ايه النهاردة، ده انا هبات معاكي الاسبوع ده كله.
سألته ثريا بسخرية:
-وليه الكرم ده كله؟! جاي على نفسك ليه.
عقب هلال ببراءة:
-وحشتيني طبعا..
-كداب مش ده السبب الوحيد أكيد أنا عارفاك.
ضحك هلال ليقول بجدية:
-الاسانسير عطل، فقولت اجي اقعد معاكم واونسكم شوية واصدعكم بدل ما يفضل يستفرد بيكي لوحدكم من غير عزول وتجيبولنا عيل صغير؛ الحمدلله مش هدخل الجيش حتى لو فكرتوا…
ضحكت والدته ثم قالت بسخرية:
-لم نفسك يا قليل الأدب، عيل ايه اللي نجيبه، احنا عايزين نشيل عيالك أنتَ.
هتف هلال بنبرة مسرحية:
-طب يا ثريا ما تفكري في الموضوع فعلا، يمكن لما تخلفي وتشيلي عيل امنياتك ورغباتك دي ناحيتي تنتهي وتلاقي اللي يشغلك؛ ليه مفكرناش في الحل ده خلال السنين دي كلها؟!!!.
تحدثت والدته بخجل:
-أنتَ حيوان وقليل الأدب يا هلال.
قال هلال وهو يكتم ضحكته:
-تسلمي يارب يا حجة، ها قولي عاملة اكل ايه انا عايز أكل قلقاس بقالك كتير معملتهوش وأغلب الوقت قاعدة في النادي…
________________
يجلس ثائر (شريف) أمامها في المطعم….
لا يصدق ما يراه، تجلس أمامها الكثير من الأطباق التي يتواجد عليها اللحوم والدجاج المشوي باختلاف أنواعه وأصناف من الأرز، المصري والبسمتي، لم تنسى الفتة المصرية، والمحاشي المختلفة، والغريب أنه وجد الكثير من الأطباق الفارغة….
لا يجد حديث يقوله منذ عدة دقائق لم يتفوه ولو بحرف يراقبها وهي تتناول الطعام رافعة النقاب أعلى رأسها، لم تعد تهتم لا يهمها من يراها فليراها، منذ ساعة وأكثر وهي هنا من قبل أن يتصل بها…..
طلبت طعام يكفي عشرة أشخاص وأكثر، تتناول بغيظ كبير، لم تتناول يومًا تلك الكميات أو تفعل ما تفعله مما جعل ثائر أخيرًا يعلق بشيء ويخرج من الصمت الذي يلازمه منذ أن أتى…
– مش هترحمي نفسك؟!! أنتِ كده هنوديكي المستشفي من كتر اللغ اللي عماله تلغيه ده مش كده، ابلعي ريقك شوية واهدي.
نظرت له شمس قائلة باستنكار:
-هو ايه اللي ابلعي ريقك؟! ما بدل ما تبص أنا بأكل قد ايه ما تأكل معايا أنا مانعاك؟!.
نظر لها بسخرية لتسترسل حديثها بعد أن ترك الملعقة التي تتواجد بين أصابعها:
-خير؟! بدل ما تعد عليا الاكل مكنتش جيت أصلا أنا مقولتش لحد يعرفك مكاني هي اتصرفت من دماغها.
وضع قبضته على الطاولة قائلا بعنف وغضب:
-ايوة هي مين وأنتِ كنتي قين وسيبتي بيتك ليه واخلصي وانجزي علشان أنا بزهق من الرغي اللي ملهوش لازمة، انجزي وقولي في ايه؟!.
تمتمت شمس بضيقٍ:
-هي كمان قالتلك أن انا سيبت البيت دي مسابتش حاجة بقا..
قهقه بسخرية وهو يجيب عليها:
-لا هي مقالتش اصلا كانت بتبعت وبتتكلم بصوت واطي كأنها مخطوفة وبتتكلم كلام مختصر..
فسألته شمس باستغراب:
-اومال أنتَ عرفت منين اني سايبة البيت هو أنتَ هتنجم يعني؟!.
عقب ثائر ببساطة:
-امك.
تحدثت شمس بانزعاج:
-وليه بقا الغلط ده؟!..
ضحك رغمًا عنه ليجيب على حديثها مريحًا جانبها الفضولي:
-لا امك اللي قالت فعلا ليا مش شتيمة.
سألته شمس ببلاهة شديدة:
-وده ازاي بقا؟!.
أجاب ثائر عليها بتوضيح:
-هي جت البيت من يومين تقريبًا وكانت متوقعة أنك عندي او عارف مكانك واتخانقت معايا ومشيت.
والدتها مصممة على إصابتها بالحرج، فتحدث ثائر (شريف) راغبًا في معرفة ما حدث معها هو لا يتحمل حتى الاحتمالات يود إجابات…..
-ياريت تتكلمي علشان مش هقعد اطلع منك الكلام انا خلقي في مناخيري.
قالت شمس بهدوء وتعب حقيقي:
-انا سيبت البيت، لاني مش عايزة اعيش مع حد بيستغلني ومش عايزة اعمل حاجات مش على مزاجي، فوقت وحسيت اني مش عايزة اكمل لا مع ام مش شايفاني غير غلطة في حياتها، ولا مع راجل كل همه يجبب فلوس من ورايا وينقطني بمعلومات وواضح انه بيشتغلني وانا مش مصدقاه، فخلاص حسيت انه لازم امشي.
الحديث يبدو جيد نوعًا ما بأنها قررت التغيير فهو يشعر بها…
أسترسلت شمس حديثها:
-مريم اللي بعتتلك الرسالة دي كانت بتحطلي ميكب وبتيجي تساعدني، انا قولتلها اني محتاجة مساعدتها واني اقعد معاها مؤقتًا كام يوم لاني مش هعرف اقعد في فندق او اجر شقة اي فندق او حد هيعوز بطاقة او اي اثبات شخصية، والبنت متأخرتش واديني ضرتها واخوها جه وعرف اني رقاصة كان شاف الفيديوهات وضربها فاضطريت امشي.
كلماتها الأخيرة ازعجته وكأنه تجبره على ألا ينسى حتى ولو لمدة ثواني ولكنه تحكم في أعصابه وهو يسألها بعدم فهم لهذا الجزء:
-يعني ايه تقعدي عندها مؤقتًا؟!!.
بكل تلقائية أجابت عليه:
-لغايت ما أسافر.
رفع ثائر حاجبيه وهو يسألها بسخرية شديدة:
-تسافري فين يا قطة؟! من غير بطاقة ولا باسبور.
-عن طريق البحر على مركب.
ضحك شريف ثم تحدث بهدوء:
-لا بجد، بكلمك بجد هتسافري ازاي؟!.
ضيقت شمس عيناها وتحدثت بنبرة متضايقة:
-ما انا مش بهزر يا عنيا، هسافر على مركب، لقيت واحد هيسفرني ودفعت ليه تلت المبلغ ولسه هديله الباقي، هسافر ايطاليا.
يبدو أنها تتحدث بجدية!!
ما هذا الهراء الذي يسمعه!!!!!!!!!
-يعني ايه تسافري عن طريق مركب؟! هجرة غير شرعية يعني؟!.
عقبت شمس بابتسامة واسعة لا يدري هو سببها وهو يشاهدها:
-عليك نور اديك فاهم ومدقق أهو.
تحدث شريف بجدية:
-هو أنتِ عبيطة يا بت أنتِ ولا ايه حكايتك؟!! أنتِ سامعة بتقولي ايه؟!.
سألته شمس باستنكار فعلى الأقل كانت تود منه ثناء أو تشجيع:
-عبيطة علشان هبدأ من الصفر وربنا هيتوب عليا؟!.
غمغم ثائر بعصبية شديدة ومُفرطة وهو يتخيل كم المصائب التي من الممكن أن تحدث لها:
– لا عبيطة علشان عايزة ترمي نفسك في عرض البحر، أنتِ عارفة في كام واحد بيموت بسبب طريقة السفر المنيلة دي؟!!!!! مفيش حد يروح كده إلا لو بايع نفسه، وبعدين اللي بتعمل كده الرجالة مثلا هيروحوا يشتغلوا أي حاجة ده لو وصلوا أصلا، لكن أنتِ هتروحي تشتغلي ايه هناك؟!!!! ايه اللي ممكن واحدة ست تشتغله في بلد متعرفهاش ولا تعرف لغتها ولا معاها ورق ولا شهادة ولا صنعة…
عيناه كانت مشتعلة بشكل رهيب مما جعلها تتذكر ذلك اليوم التي اعترفت له بأنها راقصة، ولكن حديثه هذا وطريقته المنفعلة تلك رغم أنها اسعدتها لأنه يفكر بها إلا أنها تحدثت بجدية:
-اديك قولت لو حد بايع نفسه هيعمل كده، انا بايعة نفسي، ومبقاش ليا عيش هنا، هنا زي هناك لا هنا معايا ورق ولا هناك برضو، مفرقتش كتير، انا هنا بقيت وصمة عار، يعني قعادي هنا هيضرني وهيضر أي حد اعرفه.
تمتم ثائر وهو يتحدث بجنون:
-أنتِ مجنونة ومش طبيعية يعني علشان فكرتي تعملي خطوة صح في حياتك، مستخسرة تكمليها فقولتي اموت نفسي بس بطريقة تانية؛ أنتِ هتتهاني هناك ده لو وصلتي أنتِ أصلا ممكن متتحمليش سفرية زي دي.
ببرود أجابت عليه:
-اتحمل ولا متحملش أنتَ مالك، هو أنتَ من بقية اهلي؟!!.
تحدث شريف بغضب جامح:
-تصدقي معاكي حق ايكش تتحرقي أنا مليش فيه، انا غلطان اني بفكر فيكي اساسا.
جرحتها أجابته ثم غمغمت بكبرياء:
-كويس أنك عارف أنك غلطان.
قالتها وهي تعقد ساعديها وتقوم بإنزال نقابها رغم أنه لا أحد يقوم بالتركيز مع الآخر فالجميع منشغل بطعامه، ولكنها خشيت أن يراها أحد ويتعرف عليها…
هتف شريف مرة أخرى بعصبية:
-وبعدين مدام مش عايزاني اوصل ليكي، اللي اسمها مريم دي معاها رقمي ليه وكلمتني ليه؟!!!.
تمتمت شمس بهدوء:
-علشان تعرفك لما اسافر، كنت متفقة معاها انها تقولك كل حاجة لما اسافر واكون خلاص مشيت، لكن كالعادة يعني مفيش حاجة بتمشي زي ما أنا عاوزه.
سألها بسخرية فحديثها لا يتوافق مع تصرفاتها:
-ومدام أنا مالي، وأنا مش من بقية اهلك وايه اللي جابني عايزاني أعرف ليه انك سافرتي او اعرف اي حاجة عنك؟!
هتفت شمس بجدية وكأنها لم تتحدث بنقيض الشيء منذ ثواني:
-علشان أنتَ انضف حاجة حصلت في حياتي؛ وعلشان انا كدابة بقول كلام وخلاص، فكنت عايزاك تعرف اني اخترت حياة نضيفة.
تحدث شريف بتهكم رغم ان حديثها لمس قلبه، فهي دومًا تراه بأعين مختلفة:
-فتقومي مموته نفسك علشان تعيشي حياة نضيفة تعرضي حياتك للخطر؟!! ده كده جنان..
-مش مهم.
سألها شريف بانفعال:
-هو ايه ده اللي مش مهم؟! وبعدين ثانية كده أنتِ اتفقتي مع مين يسفرك؟! وازاي تدفعي فلوس لاي حد كده، أنتِ تعرفي في كام واحد بينصب على الناس في الحوارات دي وياخد منهم فلوس ومينفذش وفجأة يبقى فص ملح وداب..
شعرت شمس هنا بالقلق…
لأن بالفعل الرجل لم يخبرها بأي تفاصيل بل كلما تتصل به يجيب بعد مدة ويخبرها بأنه مازال يقوم بتضبيط الأمور وجمع النقود من الناس…
تحدث شريف بغيظ شديد فقد أحتدم غيظه على اخره:
-ساكتة ليه؟!.
تمتمت شمس بانفعال هي الأخرى:
-ساكتة من زعيقك، عمال تزعق من ساعة ما جيت وشكلك عايز تفرج علينا الناس، وبعدين اتكلم معايا بصوت واطي انا قدامك مش في الشارع اللي ورا.
-ما أنتِ متفوريش دمي وترجعي تقوليلي أنتَ متزفت متعصب وبتزعق ليه؟!.
ثم أردف شريف بعد تنهيدة طويلة أخذها:
-تعرفي انا لما بكون قاعد معاكي ببقى نفسي في ايه؟!!.
اي رجل يجلس مع أمرأة جميلة مثلها ويحبها في نظرها بماذا سيفكر؟!
ابتسمت كالبلهاء من اسفل نقابها، لتجده أجاب عليها في الحال ولم يجعل أحلامها الوردية تستمر طويلا:
-اقوم ارزعك علقة ما تقومي بعدها، انا عمري ما حسيت الرغبة اني عايز اضرب واحدة من كتر ما أنا على اخري منك..
زفرت بضيقٍ ليتحدث بنبرة جادة:
-احنا نحاسب ونلملك الاكل ده واروحك…
قاطعته شمس بذهول ورفض:
-لا استحالة اروح البيت تاني، اصلا لو روحت بعد ما مشيت هيبهدلوني..
تحدث ثائر بتوضيح:
-انا هروحك عندي.
هنا تعالت نبرتها صائحة بغضب:
-بيتك ايه يا ابو بيتك؟!!! أنتَ فاكرني ايه مش علشان ليا فيديوهات برقص فيها تبقى سبهللة، ده أنتَ اتجننت بقا…
تحدث ثائر قاطعًا هذا الهراء:
-اخرسي؛ اخرسي احسن أنتِ متخلفة؟! ، هروحك وانا هبات عند هلال، ما هوديكي فين؟ لا فيه فندق هياخدك من غير بطاقة ولا غيره وانا معنديش مكان اوديكي فيه، سبيني افكر من هنا لمدة يومين ممكن اوديكي فين هشوفلك مكان سبيني بس يومين كده افكر…
حديثه منطقي بعض الشيء…
ولكنها تشعر بالاحراج، وبالفعل ليس هناك فندق أو اي مكان تستطيع الذهاب إليه من دون هاوية، ولو وجدت من يقبل حالتها تلك سيكون مكان مشبوة بكل تأكيد وهي لا ينقصها…..
فأومأت برأسها موافقة كالمسحورة؛ لو أخبرها أحد أو عرض عليها الذهاب إلى منزله بأي وضع لم تكن لتقبل ابدًا، ولكنها تثق به ببساطة شديدة….
تأوهت فجاءة تتحدث بعدها وهي تضع يدها على بطنها:
– حاسة ان بطني وجعتني.
عقب ساخرًا:
-حاسة مش متاكده
بعد وقت…
نهضت بعد أن طلب الحساب وصمم بأن يقوم بالدفع هو، وأخذ الطعام المتبقى بعد أن طلب من النادل بأن يقوم بتجميعه ويعطيها اياه لتتناوله خلال تلك المدة التي سوف تجلس بها في منزله…
بالمناسبة الطعام المتبقى كان كثيرًا حتى بعد أن تناول شريف نفسه..
فنهض وركبت معه السيارة ووصل حتى باب المنزل فاتحًا البوابة الخاصة به وولج هو إلى المنزل تاركًا أياها في السيارة وغاب لمدة ربع ساعة تقريبًا أخذ بها ما يحتاجه من ملابس وغيره…
ثم عاد لتهبط من السيارة ومعها حقيبتها..
فأعطاها المفاتيح بين يديها وأشار إلى أحد المفاتيح:
– دي مفتاح الشقة اللي فوق مش اللي تحت.
تمتمت شمس باستنكار:
-والله هتخليني اقعد في شقتك اللي كنت بتتجوز فيها؟!.
أشار شريف بنفاذ صبر على المفتاح الآخر:
-خلاص اقعدي في الشقة اللي تحت ده أنتِ صعبة، ولو في أي حاجة كلميني، انا مش هاجي غير بعد بكرا كده، لأن بكرا ورايا شغل في ال**** وهكون بسلم شغل كان عندي وغيره، ممكن اعدي عليكي بعد بكرا، وهكون كلمت هلال اشوفه وصل لأيه في الموضوع بتاعك لأنه مش سايبه بالمناسبة
-ماشي، شكرا يا ثائر.
-العفو.
أخذت الحقيبة ثم ولجت من البوابة وأغلقت البوابة خلفها…
وهو يراقبها…
لا يعلم حقًا كيف يأمن لها؟!!
كيف يتركها في منزله؟!!.
لا يعرف كل تلك الأشياء..
لا يعرف إلا شيء واحد أنه لا يستطيع تركها، ويجب أن يقدم لها المساعدة…
ذهب ناحية سيارته مرة أخرى ليركبها مقررًا الذهاب إلى المقهى وبعدها ليذهب إلى أي فندق فهو لن يذهب إلى هلال الذي سيقوم بسؤاله ألف سؤال وسؤال وسيعلم جيدًا بأن هناك أمرٍ ما فهو ليس معتاد على البيات معه….
_____________
في اليوم التالي….
في الشرقية.
-أنا بصراحة مش مرتاح للي أنتَ بتعمله ده، ازاي يعني توديها تشوف شريف؟!..
قال توفيق تلك الكلمات بصوت منخفض جدًا يكاد يسمعه كمال الذي يجلس قبالته على الفراش..
هتف كمال بنبرة واضحة:
-علشان ده اللي كان المفروض يحصل من بدري وأحنا اتأخرنا فيه.
تمتم توفيق بسخرية:
-امك لو عرفت كل حاجة لما ترجع هيكون باين عليها، وهي أقرب حد لفردوس الله اعلم رد فعلها هيكون ايه لما تعرف الحقيقة.
قال كمال بهدوء وإصرار:
-حالتها النفسية لازم تتحسن وصحتها، ومش هتتحسن طول ما هي حاطة في دماغها ان ابنها كان بتاع مشاكل ومن كتر ما هو بيتخانق مع دبان وشه عمل مشكلة وقتل اخو مرات اخوه يوم فرحه وهو بيتخانق معاه ومستقبله ضاع، لازم تعرف الحقيقة كاملة..
ابتلع ريقه ثم أردف بنبرة هادئة:
-رد فعلها يكون زي ما يكون، المهم تعرف وتشوف شريف وقلبها يرتاح، وبعدين ما لازم امي تعرف قبل ما فردوس تعرف، مش أنتَ قولتلي عايز تفاتح فردوس في موضوع دية حسن؟! لازم قبل ما نتكلم في النقطة دي تكون امي عرفت.
تحدث توفيق بعدم تصديق:
-هو أنتَ هتروح تقولها على اللي اخوها عمله؟!.
ضحك كمال بمرارة ثم تحدث ساخرًا:
-أومال أنتَ عايزني بعد السنين دي كلها اروح اقولها اديكي دية حسن يا فردوس فخدي حقه واقبضي ثمنه، وبس كده؟!! علشان تقتلنا كلنا فعلا مش هتكون بتفكر تنتقم من شريف وبس…
ابتلع ريقه وأردف بوضوح:
– انا مش هفاتح فردوس في الموضوع ده غير لما امي تعرف وتتقبل الحقيقة ونشوف هيحصل ايه، وبعدها فردوس تعرف الحقيقة بعدين نبقى نشوف حوار الدية.
تمتم توفيق برفض لهذا الأمر:
-أنتَ قولت انها مش هتصدق حاجة زي دي..
هتف كمال بنبرة مؤكدة:
-هي مش هتصدق علشان مفيش أي دليل اما شاشة تليفون افنان اتكسرت، فلما مكنش في دليل ده كان كلامي قبل ما فهد يجي، لكن فهد موجود وهو الدليل نفسه.
سأله توفيق بنبرة منزعجة وحرج ينتابه في الحديث بهذا الأمر بالأخص:
-افرض هي مصدقتش انه كان اغتصاب….
قاطعه كمال بعد تفكير طويل كان يفكر به كل ليلة:
-تصدق ولا متصدقش خلاص دي مشكلتها، ولو في اسوء الاحتمالات مصدقتش وافتكرت ان كان في بينهم حاجة برضاها ده برضو يدي الحق لشريف انه يقتله..
هتف توفيق بحرج كبير:
-ساعتها هتقولك مقتلناش بنتنا ليه؟!!!! صدقني معرفة فردوس مش حاجة صح ابدا يا ابني..
تحدث كمال بنفاذ صبر:
-مبقاش ينفع نخبي اكتر من كده، كله بسبب تليفون ال*** اللي اسمه حسن، كأنه فص ملح وداب، أفنان كانت بتقول في رسايل كتير ما بينهم وفي رسايل يمكن معترف بيها باللي عمله، حتى ساعتها لما الشرطة دورت وبحثت ملقتهوش، لقت الشريحة مرمية بس….
قال توفيق بتفكير:
-ما أنا مش عارف برضو تليفونه راح فين؟!.
ثم ابتلع ريقه وتحدث بنبرة مختنقة:
-وبعدين أنا خايف لو فردوس عرفت حوار اختك تتسبب لينا بفضيحة احنا في غنا عنها، مش بعد ما داغر حل الموضوع نيجي احنا نتفضح وفردوس لو اتجننت اكتر من كده وقتها هتخربها خالص…
حديثه يحمل شيء من الخطأ والصواب هو بالفعل تعب من التفكير لذلك قال كمال ردًا على جده:
-امي تشوف شريف وبعدين نشوف ايه اللي هيحصل بلاش نسبق الأحداث.
هتف توفيق بنبرة جادة:
-خلي بالك اني اقسم بالله ما مرتاح للي أنتَ بتعمله ده وأنتَ بتخرج عن طوعي وصدقني هتخرب الدنيا كلها.
نظر له كمال ثم قال بسخرية من حالهم:
-مين في البيت ده حاله متصلح يا جدي علشان يتخرب؟! مين في البيت قدام عينك عايش كويس من ساعة اللي حصل، تقريبا مفيش غير دعاء مرات عمي هي اللي عارفة تعيش علشان هي مش مننا ولا كانت موجودة، ده حتى عمي بكر رغم انه ميعرفش اي حاجة بس في الف سؤال وسؤال في دماغه لانه مش فاهم اي حاجة من اللي حصلت..
تمتم توفيق بعتاب يحاول ارجاعه عما يود فعله:
-لو اختك اتفضحت بسبب اللي أنتَ ناوي تعمله وانك تعرف فردوس صدقني انا مش هسامحك يا كمال، لأنك هتكون خربتها بعد ما لمناها، كان الموضوع لازم ينتهي بانهم عادي خناقة شباب اتخانقوا مع بعض وقتله بالغلط؛ أنتَ بتخربها..
ثم تذكر حديث هلال معه في الهاتف:
-وبعدين شوف ايه اللي شاغل دماغ اخوك، هلال لما كلمني حسيت ان في حاجة غريبة مش عايز يقولي عليها، واضح ان في حاجة اخوك بيعملها مش عاجبه صاحبه..
________________
بعد حديثه مع جده، غادر المنزل…
وكانت فردوس تتجنبه حتى أن علم بأنها تلازم غرفتها طوال الوقت، كان يرغب في أن يصعد لها ويطمئن عليها بعد حديثهما الأخير ولكنه لم يرغب في أن تكون ياغضابه واستفزازه في نهاية الليل يكفي أن جده يقوم تحميله مسؤولية ما سيحدث….
وهو لا يرغب في شجار…
لذلك قرر أن يؤجل رؤيتها إلى صباح اليوم التالي حينما يذهب ليأخذ والدته ويتجه بها نحو القاهرة…
عاد إلى منزله ليتناول الطعام مع داليا ثم جلس الاثنان أمام التلفاز ويتناولا مشروباتهم….
تمتم كمال بنبرة هادئة:
-انا بكرا مسافر..
تركت داليا كوب العصير المتواجد بين يديها وسألته بدهشة:
-مسافر فين؟!!.
غمغم كمال بهدوء شارحًا الأمر:
-رايح القاهرة مع ماما، في دكتور كويس الناس شكرت فيه، فهنروحله يمكن يكون عنده حل أو أي حاجة تفيدها، واهو بالمرة تغير جو وتخرج زي ما أنتِ عارفة مبتخرجش خالص….
أبتلع ريقه وهو يرى نظرات التفهم والارتخاء مرتسمة على ملامحها؛ ليسترسل حديثه بنبرة هادئة:
-بكرا الصبح قبل ما اروحلها هوصلك لبيت أهلك…
هزت رأسها بإيجاب ثم سألته:
-أنتَ راجع في نفس اليوم يعني صح؟!.
تمتم كمال بحيرة:
-يعني ممكن نرجع في نفس اليوم وممكن نرجع اليوم اللي بعده عايز اخرجها فيهم وزي ما قولتلك تغير جو لسه مش عارف يعني، انا عايز استغل الفرصة…
سألته داليا بتردد:
-في حد رايح معاكم؟!.
قال كمال بعفوية:
-لا محدش رايح معايا انا وهي بس….
تمتمت داليا بخفوت:
-طيب.
أردف كمال باهتمام تعلم سببه:
-اهم حاجة انتِ تخلي بالك من نفسك ومتعمليش اي مجهود لو في أي حاجة كلميني وبرضو لو في اي حاجة غريبة او اي حاجة حسيتي بيها متستنيش وكلمي الدكتورة زي ما قالت…
-حاضر يا كمال…
______________
في صباح يوم جديد…
ولج كمال إلى غرفة النوم الخاصة بفردوس ليجدها جالسة على الفراش يبدو أنها استيقظت من النوم حديثًا، جالسة لوجه غاضب كعادتها…
فهو أتى إلى المنزل بعد أن قام توصيل داليا إلى منزل أهلها، ليجد والدته تقوم بتجهيز نفسها وتساعدها أم شيماء…..
فأتجه إلى غرفة فردوس…
هتف كمال بنبرة هادئة وصوت رخيم:
-صباح الخير.
عقبت فردوس بنبرة منزعجة:
-صباح النور.
ثم سألته باستغراب:
-انتَ جاي بدري أوي كده ليه؟! مش المفروض تكون في الشغل أصلا؟!.
أجاب كمال بتوضيح بسيط وهو يجلس على طرف الفراش:
-اه بس مروحتش النهاردة علشان هودي ماما عند الدكتور..
سألته فردوس بعفوية:
– اللي في القاهرة؟!.
هز رأسه بإيجاب، لتعقد ساعديها قائلة بتلقائية وصدق:
-ان شاء الله خير، ويمكن فعلا يكون عنده حل يخليها تتحسن…
-يارب.
سألته فردوس بتلقائية:
-حد رايح معاكم ولا رايحين لوحدكم؟! أفنان رايحة؟!.
أردف كمال بنفي:
-لا محدش هيجي معانا أحنا بس، مش عايز حد يتعب نفسه ولا يتبهدل افنان ابنها معاها ومش هيعرف يقعد من غيرها، وبعدين متقلقيش يعني عادي انا بعرف اتصرف لوحدي ومش اول مرة اوديها للدكتور لوحدنا.
تمتمت فردوس متصنعة اللامبالاة:
-ماشي.
أردف كمال بسماجة:
-انتِ صاحية من النوم قالبة وشك ليه؟ كنتي بتتخانقي مع حد في الحلم؟!
ابتسمت بسخرية وهي تجيب:
-بلاش استظراف على الصبح…
ثم قالت وهي تشتكي له:
– وشي وكل مكان في بوقي واجعني، حاسة أنه ضرس العقل…
ضحك كمال رغمًا عنه ليقول:
-مش شايفة أنه اتأخر شوية؟!..
ثم استرسل كمال حديثه بتهكم طفيف:
-ضرس عقل ايه يا فردوس اللي هيجيلك دلوقتي؟!.
تمتمت فردوس بترفع:
-انا حاسة بيه، وبعدين عادي في ناس بيطلع ليهم في اول التلاتينات.
سألها كمال بجدية مصتنعة:
-والله؟.
-اه والله.
نهض من مكانه ثم غمغم بهدوء:
-طيب لو احتاجتي حاجة كلمي الصيدلية، ولما ارجع لو لسه حاسة بوجع اوديكي للدكتور نشوف حوار العقل اللي اتاخر ده..
رمقته بضيقٍ ليبتسم باستفزاز…
-سلام.
-سلام.
ثم غادر الغرفة تمامًا وتوجه صوب غرفة والدته..
بعد أن دق الباب وأذنت له بالدخول وجد أفنان تجلس معها وتوجه لها تلك الكلمات:
-طب ما اجي معاكوا يا ماما ليه تروحوا لوحدكو؟!.
تحدث كمال بهدوء مقتحمًا الحديث:
-كده احسن يا أفنان..
ثم وجه حديثه ناحية والدته:
-خلصتي يا امي؟!
تمتمت منى بهدوء:
-ايوة يا ابني خلصت ام شيماء بس بدور في الدولاب على النضارة النظر بتاعتي مش عارفة حطيتها اخر مرة فين، وحاسة عيني مزغللة ومش شايفة كويس من غيرها….
قال كلماته بعد أن نظر ناحية الخزانة ليجد المرأة واقفة تعبث بها:
-طيب يا امي براحتك، انا هنزل اشرب قهوة علشان مشربتش في البيت، هاخد افنان تعملهالي..
عقبت منى بعفوية:
-ماشي يا حبيبي.
وبالفعل خرج كمال من الغرفة لتتبعه بعدها أفنان حتى وصلت معه إلى المطبخ الذي كان فارغًا بهذا الوقت، فأغلق كمال الباب سائلا أياها باهتمام فهناك شيء بها يظهر من ملامحها بشكل جلي..
– في ايه يا افنان مالك؟!.
قالت كاذبة بوجة ممتعض من الحياة:
-الحمدلله.
-خلصي يا افنان مالك؟! اتخانقتي مع داغر ولا في حاجة تانية؟!..
حاولت ألا تتحدث بشأن الحديث الذي دار بينهما تحديدًا أنه عاد يذهب في الصباح بالباكر ويأتي في الليل بعد نومها…
اكتفت أفنان بقولها:
-داغر مش عايز يطلقني، وكلامه مش منطقي وانا عايزة اطلق ونخلص من الموضوع ده، هتخلصوني من الحوار ده ولا هتعملوا ايه؟!!!
أخذ كمال يخمن..
ما وراء حديثها هذا فيما معناه بأن داغر لم يعترف بمشاعره ولم يخبرها بحقيقة كل ما حدث معه..
وهناك شجار قام بينهما ولكنها لا تود الحديث…
هتف كمال بهدوء:
-حاضر لما ارجع هنشوف الحوار ده.
تمتمت أفنان بوجع:
-هتشوفه وتسيب الوضع زي ما هو ولا هطلقني منه؟!!.
قال كمال رغمًا عنه:
-هنقعد نتكلم ونشوف في ايه واكيد هنعمل اللي أنتِ عاوزاه..
ثم أسترسل حديثه بنبرة منخفضة:
-احنا رايحين عند شريف..
أتسعت أعين أفنان بعدم تصديق فهي كانت تظن بأن الأمر يخص طبيب في القاهرة حقًا:
-أنتَ بتهزر يا كمال صح؟!.
هتف كمال بنبرة واضحة:
-لا مش بهزر يا افنان انا قولت لامك على الدكتور وفعلا في دكتور هنروح ليه وبعدها هنروح عند شريف، انا اخدت اللوكيشن من هلال، شريف ميعرفش وياريت متعرفيهوش اننا رايحين لأنه هيرفض وهيقعد يتحجج….
تمتمت أفنان بتوتر:
-هو أنتَ هتعرفها كل حاجة؟!.
هز كمال رأسه بإيجاب ليختتم حديثه بعدها:
-اه لازم تعرف كل حاجة، محدش حياته ماشية كويس من سنين يمكن جه الوقت ان جدك يفهم ان لازم كل اللي عايشين هنا تحت سقف واحد يعرفوا الحقيقة، احنا جربنا اننا نتعايش ونسكت ومن غير ما نتكلم ونداري بس ده مكنش كويس على أي حد فينا، الموضوع ده لازم يتقفل خسارة قريبة ولا مكسب بعيد……
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ديجور الهوى)