رواية الشيطان شاهين الفصل الخامس عشر 15 بقلم ياسمين عزيز
رواية الشيطان شاهين الفصل الخامس عشر 15 بقلم ياسمين عزيز
رواية الشيطان شاهين البارت الخامس عشر
رواية الشيطان شاهين الجزء الخامس عشر
رواية الشيطان شاهين الحلقة الخامسة عشر
نزعت نور حذائها باهمال ثم ارتمت على الاريكة القديمة في صاله الشقة قائلة بتعب:”آه ياني يا رجلي حموت من التعب… مش قادرة حتى اروح أوضتي”.
ضحك والدها سعيد الذي كان يحمل كريم النائم بين ذراعيه قبل أن يتوجه به إلى غرفته ليضعه على فراشه ليكمل نومة بينما جلست والدتها بجانبها تنزع حذائها و حجابها و هي تقول بسخرية :”طبعا حتتعبي ما أنت طول الليل مقضياها رقص و تنطيط “.
قطبت نور حاجبيها بانزعاج و هي تجيبها :”الله ياماما مش فرح أختي و بعدين لو انا مرقصتش مين حيرقص ها… دي حتى هبة رفضت انها ترقص معايا….حسابها معايا الكلبة لما اشوفها بس و عاملة نفسها صاحبة كاميليا…”.
الام :” عشان عاقلة مش زيك مجنونة طول الفرح مقعدتيش على الكرسي”.
نور و هي تدلك قدميها المتورمتين :”ما انا قعدت لما فتحوا البوفيه…. ياااع شفتي أكلهم يقرف زي أكل المستشفى اللي بيأكلوه للعيانين كله سلطات و شوربة و حاجات بيضاء مفيهاش لاطعم و لا ريحة انا مش عارفة هما معاهم فلوس كثير ليش مش بياكلوا أكل حلو…مفيش سمك و لا لحمة.. و لا حتى فراخ…..
الام بضحك :” داه أكل الناس الاغنياء هما بيحبوا الاكل الصحي مش زينا يا بنتي”.
نور بلهفة و قد تذكرت شيئا مهما:”ماما هو احنا حننقل إمتى…. انا خلاص كرهت الشقة دي و الحارة خصوصا لما شفت الفيلا بتاعة جوز كاميليا…. دي تجنن ياماما ثلاث طوابق بحالها و فيها يجي مية أوضة و جنينة كبيرة أوسع من حارتنا كلها و فيها شجر كثير وورد و كمان في بيسين و ….
الام مقاطعة:” على مهلك يا بت بالراحة…كل داه شفتيه في الفرح….
نور بحماس:” أيوا ياماما و كمان شفت الفيلا من جوا لما ساعدت كاميليا انها تتطلع الأوضة… يااااه يا ماما داه جناح بحاله اكبر من شقتنا دي عندها أوضة كاملة فيها يجي ثلاث محلات لبس و حمام و جاكوزي…و تراس كبير مليان ورد و فيه قعدة كمان هو كان مقفول بس كان باين عشان الحيط كله قزاز لما توقفي قدامه بيبين كل حاجة تحت…. و السرير بتاعهم كبير اوي يكفي عيلة بحالها و الأثاث يا ماما يجنن انا عمري ماشفت الحجات دي غير في التلفزيون….كله كوم و جوزها داه كوم ثاني…كامي محظوظة اوي يا ماما هو آه شايف نفسه شوية بس
من حقه عشان غني ووسيم و…..
قاطعتها ظربة خفيفة من والدتها على كتفها لتشهق نور بألم قبل أن تسمع والدتها تعاتبها : إختشي يا بت داه جوز أختك… إيه الكلام اللي بتقوليه داه اخرسي قبل مايسمعك ابوكي”.
نور بتأفف:” الله ياماما هو انا قلت حاجة غلط يعني ماهي دي الحقيقة…. الراجل مز أوي طول بعرض و هيبة كده زي الممثلين اللي بنشوفهم في التلفزيون داه أحلى حتى من أحمد عز و ميشيل موروني..
الام و هي تنهرها :”قومي يابت من قدامي على أوضتك قبل مايجي ابوكي و يمرر عيشتك قال موروني قال. مين داه”.
نور بثرثرة:”داه ممثل أجنبى ياماما…حبقى اوريكي صورته بكرة داه داه شبه شاهين جوز كاميليا بالضبط بس مش مغرور زيه…تفتكري ياماما هو بيحب كاميليا بجد.. انا بصراحة حاسة بحاجة غريبة بينهم بس مش فاهمة إيه هيا”.
الام بجدية و قد آثارها كلام إبنتها:” حاجة إيه يانور انت سمعتي حاجة حصلت بينهم…إحكي “.
بتعملوا إيه هنا لحد دلوقتي”.
قاطعها زوجها الذي خرج للتو من غرفة كريم متجها إلى غرفته….
اجابته زوجته بارتباك :”و لا حاجة يابو كريم دي نور بتحكيلي على حاجات كانت فايتاني في الفرح “.
اومأ لهما بإيجاب قبل أن يدخل إلى غرفته… لتعود نور لثرثرتها المعتادة :” مفيش حاجة ياماما انا بس لاحظت انه مش بيتكلم كثير و كمان منزلش يرقص مع كامي زي كل العرايس داه حتى مسابهاش تنزل من الكرسي….
لم ترد نور ان تقلق والدتها أكثر بعد أن لاحظت تبدل حالتها لتعمد إلى تغيير الموضوع قائلة برجاء و هي تنظر لها بعيني جرو وديع:”
و النبي ياماما قولي لبابا خلينا ننقل على الشقة الجديدة….”.
إبتسمت الأخرى و هي تشاهد حماس ابنتها الصغيرة التي نجحت في جعلها تنسى ما تفكر به منذ قليل قائلة :”متقلقيش هو قال انه كمان يومين و حننقل…. بس المشكلة في شغله انت عارفة الاستاذ مؤمن اللي بيشتغل معاه تقريبا هو معتمد عليه في كل حاجة و صعب انه يسيبه بعد السنين دي كلها”.
نور بضيق :”و هو احنا حنأجل النقلة بتاعتنا عشان سي مؤمن داه…و بعدين هو بابا يقدر يشتري عربية و بكده يقدر ييجي المحل و يكمل شغله مش ضروري يسيبه دلوقتي بالرغم من انه مش محتاج شغل… متنسيش ان بابا تعبان و محتاج راحة و كمان الفلوس اللي إدتهالنا كاميليا يعيشونا بقية عمرنا ملوك يعني مفيش داعي للتعب داه كله “.
الام :” بس انت عارفة ابوكي مستحيل يقعد في البيت انا بس اقترحت عليه انه يعمل مشروع صغير خاص بيه و يشتغل براحته…مثلا يفتح محل او مكتبه… حاجة على قده “.
ضيقت نور عينيها بمكر ثم إقتربت من والدتها لتقبلها على وجنتها بقوة وهي تلف ذراعيها حول عنقها قائلة بترج:”طيب و بالنسبة لنور حبيبتك…مفيش عربية و الا….
دفعتها والدتها بلطف و هي تنهرها قائلة:”بت أنت إتلمي عربية إيه اللي انت عاوزاها….انت بجد اتهبلتي زي ما قالت أختك و بقيتي بتبصي لفوق أوي….انت كل اللي ليكي عندي انك تختاري الأثاث بتاع أوضتك الجديدة غير كده انسى…و ياريت تركزي في مذاكرتك و بس متنسيش انك في ثانوية عامة و اللي دي كمان حتنسيها….يلا الوقت متأخر و انا تعبانة حدخل انام و حسك عينك تجيبي موضوع العربية داه قدام ابوكي لحسن حيطين عيشتك…
تأففت نور من حديث والدتها و رفضها القاطع ان تلبي طلبها ثم انحنت لتلتقط حذائها متجهة إلى غرفتها و هي تتمتم بتذمر :”اوووف حتى بعد مابقى عندهم فلوس مصرين يحرموني من كل حاجة انا عاوزاها… بس انا مش حستسلم حبقى اقول لكامي اكيد هي اللي حتشتريلي العربية اللي انا عاوزاها”.
قفزت نور فرحا بهذه الفكرة قبل أن تتجه إلى خزانتها لتخرج ملابسها البيتية و ترتديها و تغظ في نوم عميق مليئ بالاحلام و الامنيات بحياتها الجديدة.
____________________
في جناح العروسين…
دلف شاهين إلى غرفة النوم بتعابير وجهه الباردة ليجد كاميليا تجلس أمام التسريحة و هي تزيل عن وجهها مساحيق التجميل بمنديل مبلل و قد غيرت ملابسها إلى بيجامة نوم حريرية تتكون من قميص و بنطال باللون الوردي الهادي…
أكمل طريقه ليجلس بهدوء على الاريكة… نزع جاكيت البدلة و رماها بجانبه ثم اتكأ بظهره إلى الخلف واضعا قدمه فوق الأخرى
تابعت كاميليا تحركاته بترقب من خلال المرأة و هي تكمل تنظيف وجهها و نزع الدبابيس التي كانت تملأ شعرها ببطئ مخافة إحداث أي صوت….
راقبته و هو يغمض عينيه لدقائق طويلة حتى انها ظنت أنه قد نام مكانه.. أنهت ماكانت تفعله ثم جلست مكانها تنتظر أوامره…
طال صمته حتى شعرت بالملل و التعب الشديد.. تنهدت و هي تفرك رقبتها المتشنجة بسبب جلوسها طوال ساعات الحفل…لتقرر الوقوف أخيرا و الاتجاه إلى السرير للنوم….
:”قربي…”.
اهتز جسدها بفزع و هي تسمع صوته الاجش يأمرها بالاقتراب ليتحرك جسدها نحوه لا إراديا و قلبها يكاد يخرج من مكانه من الخوف….
وقفت أمامه ليشير لها بإصبعه بالجلوس.. جلست على ركبتيها أمامه على الأرضية و هي تتذكر آخر مرة منذ أسبوع عندما أرغمها على الجلوس تحت قدميه كالجواري…إبتلعت ريقها بصعوبة و هي تدعو في سرها ان تمر هذه الليلة على خير….
فتح شاهين عينيه ليجدها تجلس أمامه مباشرة…تماما كما يريدها بالضبط… إبتسم بإنتشاء على مظهرها الخائف قبل أن يأمرها مجددا :”قلعيني الجزمة”.
ظلت كاميليا متصنمة للحظات لا تصدق ما تسمعه منه…اتسع بؤبؤا عيناها بصدمة و هي ترفع رأسها إلى الأعلى بتردد لتتفرس ملامح وجهه الباردة لتجده يحدق بها بجمود جعلها ترتجف مكانها غير قادرة على التحرك…
انحنى شاهين إلى الأمام حتى أصبح و جهها قريبا منه، و بدون سابق إنذار وضع مقدمة أصابعه تحت ذقنها بحركة سريعة حتى إصطكت أسنانها ببعضها ليهدر بهدوء مخيف :”لما أقول حاجة تتنفذ… مفهوم…
أومأت كاميليا برأسها بإيجاب قبل أن تضع يدها على معصمه لتبعد كفه عن وجهها و هي تهمس باختناق:” مفهوم ….
أبعد يده لكنه ظل يراقب كل حركة صادرة منها كصقر يراقب فريسته و ينتظر الوقت المناسب للانقضاض عليها…
يدها البيضاء الصغيرة ببشرتها الشفافة التي أظهرت عروقها الخضراء تناقضت مع لون حذائه القاتم لتتحرك بنعومة و رقة رغم إرتعاشها لتزيح عنه الحذاء بصعوبة و تضعه جانبا قيل ان تعود لتخلع الفردة الأخرى غير مبالية بخصلات شعرها الحريري التي غطت جانبي وجهها…
انهت ما أمرها به ثم إستقامت بجسدها لتقف من أمامه… بحركة سريعة وجدت نفسها تجلس فوق ركبتيه و يده تقبض على خصرها بقوة مانعا أي حركة قد تقوم بها…لتشهق بفزع و عقلها لازال لم يستوعب ماحدث…تسارعت أنفاسها و تصلب جسدها عندما شعرت بأصابعه الخشنة تبعد شعرها عن عنقها الثلجي ببطئ ثم يقبله قبلة طويلة.. لم تدري ماذا تفعل و أنفاسه الحارقة تلفح بشرتها…
ابعدت رأسها إلى الوراء بحركة لا إرادية لتسمع زمجرة غاضبة صدرت منه و هو يعيد تثبيتها قبل أن يقول بصوت أجش:”متتحركيش…..
كلماته القليلة التي ينطق بها كفيلة بأن تبث الرعب بداخلها لتتجمد مكانها دون حراك…
عم الصمت أرجاء الغرفة لايسمع سوى صوت أنفاسها اللاهثة
التي تعبر عن ماتشعر به من خوف و ضياع… لاتدري كيف ستمر هذه الليلة الطويلة عليها…خاصة و ان تصرفات زوجها المجنون لايمكن التنبأ بها..
إبتلعت ريقها بصعوبة رغم جفافه عندما إمتدت يده لتحرر أزرار منامتها و شفتيه تقبلان كل جزء من عنقها و كتفها و أسفل فكيها بقبلات خفيفة…..
تحدث بصوت لاهث دون أن يرفع رأسه عنها :”حاسة بإيه….
قبضت كاميليا يديها بقوة لتمنع نفسها من إبعاده عنها مخافة غضبه قبل أن تجيبه بصوت ضعيف يكاد لايسمع :” خايفة اوي….
رمش عدة مرات قبل أن يعود بجسده إلى الوراء و هو يتفرس بتلذذ علاماته التي خلفها علي بشرتها التي إستحالت إلى اللون الأحمر…
أدار وجهها إليه لتفتح عينيها الزرقاء الدمعة بذعر و هي تتحاشى النظر إليه ليهتف بصوت أجش بفعل رغبته التي غزت أنحاء جسده :” حقك تخافي مني… في حالة واحدة بس…لما تخالفي أوامري….
تثاقلت أنفاسه ببطئ و اغمقت عيناه بمزيج من الرغبة و الشهوة التي إعترته عندما قضمت كاميليا شفتيها بحركة عفوية تدل على ارتباكها…
لم يستطع تمالك نفسه و هو يطبق على شفتيها في قبلة عنيفة شرسة تعبر عن مايجول داخله من صراعات….لم يعد يستطيع أن يكتم رغبته التي جاهد طويلا لإخفائها عن الجميع من خلال قناع الجمود و القسوة الذي يرتديه…
لم يخبر أحدا عما يشعر به تجاهها…والدته، أصدقائه… حتى نفسه… تجنب النظر إليها طوال الحفلة حتى لا يتهور و يفتعل فضيحة أمام الجميع
يريدها بكل قوة…
هذه الطفلة الفاتنة التي ظل لليال طويلة يحلم بها منذ أن رآها لأول مرة..كانت أجمل بكثير من تلك الصور….
جسدها الناعم الصغير الذي يرتعش بين يديه يجعله يفقد السيطرة على نفسه…شفتيها الطريتين اللتان تئنان تحت وطأة ضغط شفتيه القاسيتين الخبيرتين…لا يستطيع الإبتعاد عنهما طعمهما كحلوى لذيذة كلما تذوق منها أراد المزيد…
عيناها الفاتنتين اللتين تحدقان به بخوف كقطة صغيرة ضائعة…
صورتها و هي بالفستان الأبيض الذي إختاره لها خصيصا لا تغادر خياله…بدت كأميرة هاربة من إحدى القصص الخيالية….لوهلة لم يصدق انها حقيقية…و ان هذا الجمال كله سيصبح ملك بعد ساعات قليلة…
طالت القبلة و تاه شاهين في عالم آخر…و هو ينهل من نعيم شفتيها اللتين يقسم انه لم يتذوق أشهى منهما…
شعر بضربات خفيفة تضرب صدره و طعم الدماء في فمه ليشتم تحت أنفاسه و هو يسحب نفسه بصعوبه عنها…. لتشهق كاميليا بقوة و تسارع أنفاسها بصوت مسموع بعد أن كانت على وشك الاختناق…قبل أن تبدأ بالبكاء بصمت ….
ركز شاهين بصره على شفتيها النازفتين قائلا بلهاث :”ششش متبكيش… لسه الليلة في أولها….و انا لسه معملتش حاجة”.
جاهدت كاميليا لتخرج صوتها لتترجاه عله يرحمها بعد أن إستشعرت الخطر في كلماته ليخرج صوتها على شكل همسات متقطعة:”أرجوك إرحمني… إن… إنت…. قلتل…. لي إن جواز… نا عشان… فادي.. و بس”.
إنفجر شاهين في نوبة ضحك هستيرية إهتز لها جسده قبل أن يجيبها بنبرة خبيثة:”طب ينفع أسيب الجمال داه كله من… غير ما أذوقه انت مش متخيلة انا بقالي قد إيه مستني الليلة دي “.
انهى كلماته الأخيرة و هو يقرب شفتيه من أذنها ليطبع عليها قبلة زادت من إنقباض قلبها…
ليواصل هو حديثه الذي لك يخلو من إيحاءات وقحة:” بس متخافيش…ححاول اتحكم في نفسي عشان عروسة و اول مرة ليكي…
اكمل فتح الزرين الأخيرين ثم ازاح قميصها بصعوبة بسبب تشبثها به…. ليكشف جسدها العلوي الذي لا يستره سوى ملابسها الداخلية بلونها الأسود التي تناقض مع لونها بشرتها الثلجية مما زاد في إشتعال جسده و غليان دمائه ليهدر تحت أنفاسه بغضب و هو يبعد ذراعيها الذين أحاطت بهما جسدها لإخفائه من نظراته الجائعة :”الظاهر انك مش بتفهمي بالذوق…و عاوزة الطريقة الصعبة و انا معنديش مانع…
كتف يدها وراء ظهرها بقبضته لتتلوي كاميليا بعنف و هي تفقد آخر ذرة هدوء على أعصابها التي إنهارت فجأة لم تعد تستطيع السيطرة على خوفها منه… لم تعد تطيق البقاء معه لحظة أخرى… تشعر بأن هذه الغرفة رغم كبرها إلا انها تطبق على أنفاسها تدريجيا حتى تزهق روحها تحت وطأة ضغطه عليها…
لتصرخ فجأة بكل قوتها :”إبعد عني مش عايزاك.. إنت بتعمل فيا كدة ليه…بتنتقم مني ليه؟؟ حرام عليك انا مش كده…انا عاوزة ماما رجعني بيتنا…
تلوت كاميليا بهستيرية تريد الفكاك منه بأي طريقة
تشعر بأن لمساته تحرقها و أنفاسه تسلب روحها منها حتى عطره الذي تغلغل إلى حواسها يخنقها بشدة …ليس هذا ما أرادته ليلة زفافها التي لطالما حلمت بها..اللمسات الحنونة و الكلمات المطمئنة التي يبثها كل رجل لحبيبته ليلة زفافهما…ليهدئ من روعها في تلك الليلة المميزة لكل فتاة….لم تسمع منها سوى التهديد و الأوامر و الإهانة منذ وطئت قدماها هذا المكان الذي كرهته اكثر من أي شيئ في الحياة حتى انها أصبحت تتمنى إحراقه….
ظلت تصرخ و تبعده عنه دون جدوى ليحذبها هو بنفاذ صبر ليدفن وجهها و جسدها داخل صدره و هو يضغط عليها غير آبه بوجع ذراعيها حتى خبت مقاومتها شيئا فشيئا و سكنت حركاتها و لم يعد يسمع سوى صوت شهقاتها الخافتة….
ظل يمسح على ظهرها العاري بيديه صعودا و نزولا قبل أن يهدر بثبات :”اللي عملتيه داه مايتكررش ثاني عشان متتعرضيش للعقاب… انا إديتك عشرة مليون جنيه مقابل إتفاقنا، يعني انت بقيتي ملكي…انا أقدر أعمل فيكي اللي أنا عاوزه فمتخلينيش أفقد أعصابي من اول يوم….تسمعي كل اللي بقلك عليه بالحرف الواحد و مين غير دلع انا لسه بعاملك على إنك مراتي علشان لو عاملتك غير كده مش حتستحملي دقيقة…داه آخر تحذير ليكي ومتنسيش إن حياتك و حياة عيلتك كلها في إيدي…..
انا حدخل آخد شاور و اطلع الاقيكي على السرير… و بالملاية بس…. ..مفهوم…..
__________________________
بدلت هبة فستانها و ارتدت ملابس أخرى بيتية مريحة ثم طوت الفستان بعناية و وضعته بحرص في الكيس و معه الحذاء…إبتسمت بسعادة و هي تضم الكيس إلى صدرها متشبثة به بكلتا يديها…. أول هدية من حبيبها عمر، تذكرت ملامحه الحانقة في آخر الحفل عندما كانت على وشك المغادرة صحبة أخيها الذي أصر والدها على موافقته لها و لم يدعها تغيب عن ناظريه مما أثار غضب عمر الذي لم يستطع الاقتراب منها….
أمسكت بهاتفها الذي أضاء فجأة دون صوت بسبب مكالمة ما…و من غيره سيهاتفها في هذا الوقت المتأخر.
فتحت السماعة ليأتيها صوته المعاتب و هو يقول باندفاع :”
ملحقتش اشبع منك كنت عاوز أرقص معاكي و أعرفك على أصحابي و عيلتي….
تجهم وجه هبة عندما ذكر عائلته لتهتف متسائلة:” عيلتك…
عمر بتأكيد:”أيوا يا بيبة انا حكيتلهم على كل حاجة و هما عارفين…
هبة بترقب:” طيب َ مامتك قالت إيه…
عمر بعدم إهتمام:”إحنا تكلمنا قبل كده في موضوع عيلتي و انت عارفة رأيهم…. هبة انا زهقت من الوضع داه و انت مش بتساعديني بالعكس كل يوم بترجعينا خطوات لوراء بخوفك داه…ميهمناش حد لا عيلتي و او عيلتك يهمنا إحنا و بس…هبة انا بحبك أوي من زمان و انت عارفة كده كويس… انا معدتش مستحمل بعدك عني….أرجوكي حسي بيا بقى “.
أنصت له هبة بإهتمام و قد شعرت بالذنب تجاهه فبسبب ترددها و خوفها من مواجهة عائلتها جعلته يتألم كل يوم…و هو لايستحق ذلك فمنذ ذلك اليوم الذي وجدها فيه و هو يعاملها كأميرة، لم يدخر جهدا في إسعادها كل دقيقة و كأن حياته تعمتد عليها…
تنهدت بصوت مسموع قبل أن تقول بتصميم :”خلاص يا عمر انا بكرة حتكلم مع بابا و حبقى أقلك إيه اللي حيحصل….
تهللت أساريره بعد أن كاد ييأس ليهتف بلهفة حقيقية :” بجد يا بيبة حتتكلمي معاه…يعني أخيرا حنبقى مع بعض…بس يا حبيبتي لازم تحطي كل الاحتمالات يعني يمكن ابوكي يزعل منك أو يحبسك في البيت… او يمكن يمد إيده عليكي و انا بصراحة مش حقبل بداه”.
أغمضت عيناها بخوف و هي تتخيل ماقد يحدث غدا مع والدها لكنها استطاعت السيطرة على نفسها و إخفاء قلقها ببراعة و هي تجيبه قائلة :” مش للدرجة دي… انا بقيت كبيرة دلوقتي و أكيد بابا..
قاطعها عمر و قد تفطن لمحاولتها إخفاء الحقيقة ليهدر بحزم:”هبة انا عارف كل حاجة فمفيش داعي تخبي عني…. أبوكي لسه زي ماهو…بيتعامل بإيده قبل لسانه مع أولاده و انا متخيل كويس حيحصل إيه… انت قبل ماتتكلمي معاه إبعثيلي رساله اوعي تنسي عشان لو حصلك حاجة حتصرف”.
هبة باقتناع:”حاضر….حقلك قبل ما اتكلم معاه”.
إبتسم عمر قائلا ليخفف قلقها الذي إستشعره من نبرة صوتها:” متقلقيش ياقلبي…. انا معاكي لأخر نفس ليا و مش حخلي حد يأذيكي او يلمس شعرة منك حتى لو كان أبوكي…دلوقتي يلا على النوم علشان عارف انك تعبتي اوي النهاردة…متنسيش تحلمي بيا زي ما انا بحلم بيكي كل ليلة…
ضحكت هبة على تصرفاته الطفولية التي تجعله قادرا على تغيير مزاجها ببراعة لتجيبه بخجل :”طيب تصبح على خير”.
قاطعها عمر قائلا باندفاع:”لالا إستني رايحة فين؟ هو مفيش حاجة فوق تصبح على خير دي… دايما لوحدها كده”.
تصنعت هبة الغباء رغم أنها قد فهمت مايرمي إليه:”تقصد إيه مش فاهمة”.
عمر بخبث:”يعني مافيش بوسة بريئة من الخد كده تحت الحساب لغاية ما ربنا يسهل و نتجوز”.
شهقت هبة من وقاحته التي فاجأتها لتصرخ به معاتبة:” عمر إحترم نفسك مش كفاية إني بكلمك من ورا أهلي و داه في حد ذاته غلط….
عمر بإعتذار و قد أيقن خطأه:” لالا خلاص يا حبيبتي خلاص أنا آسف و الله كنت بهزر معاكي متزعليش…. يلا تصبحي على خير و حكلمك بكرة الصبح ماشي “.
هبة بضيق :” ماشي سلام….
رمى عمر الهاتف من يده و هو يشد على خصلات شعره بضيق متمتما بحنق من نفسه:” غبي.. غبي.. إرتحت أهي زعلت… اوف لازم الاقي طريقة عشان أصالحها بيها…. تنهد طويلا قبل أن يكمل برجاء… إمتى حييجي اليوم اللي تبقى فيه مراتي و على إسمي “.
إبتسم بإتساع و هو يتخيل ذلك اليوم الذي أصبح يحلم به ليلا نهارا……
________________________
إستلقى أيهم على فراشه بعد أن أخذ حماما منعشا… إلتفت إلى ليليان التي كانت تنام بجانبه بعمق ليزفر بحنق من تصرفاتها الباردة معه….
تتعمد الإبتعاد عنه و تجاهله كلما سنحت لها الفرصة
تذكر فرحتها التي لم تستطع إخفائها عندما أخبرها بضرورة قطع شهر العسل و عودتهما إلى مصر بسبب زفاف صديقه….
نفورها منه و تصلب جسدها في كل مرة يقترب فيها منها…شعور التقزز و الرفض الذي يراه في عيناها كلما لمسها او قبلها…
استقام من مكانه متجها إلى الشرفة ليستنشق أنفاسها طويلة من الهواء النقي محاولا تمالك نفسه و المحافظة على رباطة جأشه فهو في الاخير أيهم البحيري.. القوي الصامد الذي لا يهمه سوى نفسه و من يفكر بها أصبحت زوجته… ملكه و تحت يديه و لايهمه ما تشعر به تجاهه….
_____________________
بعد دقائق خرج شاهين من الحمام يلف على جسده السفلي منشفة بيضاء اللون تاركا جزئه العلوي عاريا… كم بدا ضخما بكتفيه العريضين كالمصارعين… و طوله الفارع و عضلات صدره المنحوتة بدقة…
جال بعينيه أنحاء السرير ليجده فارغا ليقطب جبينه بحيرة كاتما غضبه الذي بدأ يتصاعد رويدا رويدا….
بسبب تلك الصغيرة التي رفضت الانصياع لأوامره، لم يكن يريد أن يؤذيها منذ الليلة الأولى، و ان ترى وجهه الاخر السادي الذي لايرحم كل من يتجرأ على عصيان أمره…و خاصة النساء.
افاق من تخيلاته على صوت خطواتها التي كانت تقترب ليلتفت وراءه ليجدها تخرج من غرفة الملابس و قد إرتدت روب حريري أبيض اللون
تقبض على جوانبه بكلتا يديها….
نمت على وجهه إبتسامة خبيثة و هو يتقدم نحوها ببطئ مستمتعا بملامحها الخائفة و جسدها الذي كان ينكمش كلما إقترب هو منها…. يقسم انها ستقع أرضا في أي لحظة من شدة خوفها….
انحنى ليحملها بخفة بين ذراعيه متجها بها إلى فراشه الوثير و هو يهمس في أذنها بغموض:”عاوزك دايما كده…خايفة مني عشان متبقيش زيها و تفكري تخونيني…
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية الشيطان شاهين)