روايات

رواية كسرة وضمة وسكون الفصل الثالث عشر 13 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية كسرة وضمة وسكون الفصل الثالث عشر 13 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية كسرة وضمة وسكون البارت الثالث عشر

رواية كسرة وضمة وسكون الجزء الثالث عشر

كسرة وضمة وسكون
كسرة وضمة وسكون

رواية كسرة وضمة وسكون الحلقة الثالثة عشر

وقبل أن تحتد شهد وتنفعل عليه وقفت السيارة أمام مكان جعل رقة تشهق من الصدمة عندما نظرت للوحة المعلقة للمصممة الشهيرة .. والمدوّن عليها اسمها بالخط العريض ” بيلا جود ” وقالت رقة بدهشة :
_ لا متقولش أن بيلا خلصت الفستان بدري كده ؟! .. ده تقريبا فاضل اكتر من ١٠ أيام على ما تخلصه ؟!
لم تدرك بعد مفاجأته، وضحك لذلك بتسلية، ثم أشار لها على المبنى المقابل مباشرةً “لاتيليه بيلا” وقال :
_ المفاجأة مالهاش أي علاقة بـ بيلا أصلًا، بصي كده على العمارة دي، مش قولتيلي آخر مرة كنا هنا أنك نفسك من زمان تعيشي في مكان هادي وشيك زي ده ؟
نظرت رقة لشقيقتها شهد بعدم فهم، بينما ابتسمت شهد بمرح وقد فهمت مقصد أشهد، فسألته رقة بغرابة :
_ تقصد إيه ؟!
تنفس أشهد ونظر للمبنى المقابل بابتسامة واسعة وقال :
_ تعالي ننزل من العربية وبعدين هتعرفي كل حاجة.
وبتلك اللحظة اترفع رنين هاتف ام بسنت وأجابت سريعا ، لتتفاجأ بارتفاع درجة حرارة صغيرها “حموكشة” وقالت باستئذان ولم تخبرهم بالأمر لكي لا تعكر فرحتهم :
_ طب أنا مضطرة أمشي دلوقتي .. عندي ضيوف في البيت جولي فجأة معلش.
عرض عليها أشهد باصرار أن يقلها للمنزل، ولكنها رفضت وأوقفت عربة أجرة سريعا وقالت :
_ لأ خليك مع البنات ..
وركبت أم بسنت العربة واسرعت بها في الطريق خلال ثوان.
( وبداخل المبنى .. تحديدًا بشقة الطابق السادس .. )
خرجت رقة وهي معصبة العينان بواسطة شريطة حمراء قد جهزها أشهد مسبقا، وسحبتها شهد من يدها وهي تضحك وتقول بخفوت :
_ خلاص كلها دقيقة وتشوفي المفاجأة يا سندريلا العشوائيات.
ضحكت رقة على كلماتها وهي تستمع لصوت بابًا يُفتح، وحينها فقط حررت شهد عينان رقة، لتجد أشهد يشير لها بالدخول مبتسما بطريقة راقية وقال :
_ شقتنا ..
تحركت رقة وهي تنظر له بدهشة، ثم سمت باسم الله في أولى الخطوات للداخل وخلفها شهد، وعندما أضاء أشهد الاضاءة اتسعت عينيها بذهول من المساحة الكبيرة للشقة وتشطيبها الفخم، ثم انتبهت لقطع الاثاث القليلة الموجودة ويبدو أنه قد أشتراها منذ فترة قريبة ولم ينتهي من تأثيثها بالكامل .. وسألها بلهفة :
_ عجبتك ؟
نظرت له رقة وهي تركض بالمكان في سعادة وقالت :
_ هي عجبتني بس !! .. ده ولا في الاحلام … أنا مش مصدقة اللي بشوفه!.
راقبها أشهد مبتسما بحنان ومحبة لسعادتها الصادقة وركضها بكل مكان تستكشفه .. فسألته شهد ببعض التعجب رغم فرحتها الصادقة لشقيقتها :
_ أنت هتتجوز في الشقة هنا ولا مع والدتك في الفيلا ؟
أجاب عليها أشهد بلطف وعينيه العاشقة على رقته التي بدت وكأنها فراشة تجلس على كل زهرة لثوان ثم تحلق سريعا وتهبط على زهرة أخرى بحماس وبهجة :
_ مع أمي طبعا .. أنا مقدرش أسيبها تعيش لوحدها، خصوصا أن حازم طول الوقت في شغله، لكن ده ما يمنعش أن يكون ليا مكان و مساحة خاصة بيا أنا ومراتي ..
ابتسمت شهد برضا تام واطمئنان وقالت بصدق :
_ ربنا يسعدكوا ويتمملكوا بخير.
واستدار لها أشهد وقال بخبث :
_ وعلى فكرة .. شقة الدور الخامس حازم قرر يشتريها.
ارتبكت شهد وتهربت من نظراته الخبيثة التي تشير لانتباهه للعلاقة العاطفية التي تُحلّق بالأفق بينها وبين شقيقه حازم فقالت بتوتر:
_ آلاه ؟! .. بجد! .. أنا هروح أشوف أختي.
وركضت شهد باتجاه شقيقتها بعدما اصطبغ وجهها بالحمرة، فاتسعت ابتسامة أشهد بمرح ثم توجه نحو أحدى الغرف ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وهن واقفتان بغرفة قريبة من باب الشقة ..
لاحظت رقة ابتسامة شهد الحالمة وهي تقف بجانبها فقالت لها بسعادة :
_ مكنتش متخيلة يا شهد أن هيجي أيام عليا حلوة أوي كده، ولا كنت أحلم أني احس بالفرحة دي كلها .. ده أنا بس قولت حاجة بعفوية قدامه، حققهالي ببساطة !.
ظلت شهد على حالتها الشاردة بابتسامة وعينان زائغتان للبعيد، فتابعت رقة بعاطفة تملأ عينيها :
_ انا عملت إيه حلو في حياتي عشان أقابل أشهد ويحبني أنا بالذات ؟! ..
خرجت شهد من شرودها وقالت مبتسمة وهي تضم شقيقتها بمحبة :
_ أنتي الحلو نفسه في حياة أي حد تعرفيه .. أنتي اللي مش عارفة قيمة نفسك يا رقة ..
نظرت لها رقة مشرقة الوجه وقالت ببراءة :
_ لأ عارفة والله، بس محدش متخيل انا شايفة أشهد أزاي .. ولا هو بالنسبالي إيه، هو نفسه مايعرفش أنا حبيته قد إيه .. من اللحظة الأولى وعرفت أني هحبه .. وتاني مرة كنت حبيته .. وتالت مرة ..
_تتجوزيني ..
استدار كلا من الفتاتين ليجدن أشهد مستند بظهره على باب الغرفة مبتسما بمحبة شديدة، وكرر الكلمة مرةً أخرى وهو يستقيم واقفا ويقترب لها ببطء وبنظرة عاشقة :
_ تالت مرة كانت .. تتجوزيني ؟
تورد خديها من الحياء وابتسمت وهي تنظر لعينيه مباشرةً ثم تهرب منهما .. فتنحنت شهد وقالت بمرح :
_ هتفرج على بقية الشقة، بعد أذنكم ..
وانصرفت شهد وخرجت تتجول ببقية الغرف لتترك لهما بعض الدقائق ليتحدثان بحرية .. وعندما وقف أشهد أمامها مباشرةً قال وهو يفتح قبضة يدها ويضع نسخة من مفتاح الشقة به:
_ دي نسختك، خليها معاكي، عارفة يا رقة من وقت ما شوفتك .. مافيش لحظة معاكي مش مميزة ، كل كلمة قولتيها وسمعتها منك بقصد أو بدون قصد ماينفعش تتنسي .. وحتى لو حاولت مش هعرف أنساها .. كل مرة بنتقابل بتبقى أجمل من اللي قبلها .. خلتيني أحب أشوفك كل لحظة يا رقة..!
ابتلعت رقة ريقها بتوتر وارتباك شديد من قوة حيائها وابتسامتها التي تجاهد لتخفيها كي تتحلى بالثبات أمامه، ولكنها رغما ابتسمت ونظرت له قائلة وهي تضم المفتاح بين اصابعها :
_ حكايتنا حلوة أوي يا أشهد .. شبه الروايات.
رد أشهد بثقة :
_ وهتبقى أحلى من الروايات .. أوعدك.
ثم نظر للغرفة وقال بحماس :
_ دي بقا هتبقى أوضة الجلوس .. محدش هيدخلها غيرنا احنا وولادنا .. هتبقى فيها ذكريات حلوة كتيرة لينا ..
ابتسمت رقة وهي تنظر للغرفة وقالت بمرح:
_ متخيلة شكلي وانا وخداك من ايدك وأنت مغمض عنيك وعملالك تورتة يوم ميلادك ..
نظر لها وقال بضحكة ماكرة :
_ وأنا برضه تخيلت نفس الشيء، بس أنا مش هاخدك من ايدك ! .. أنا هشيلك على طول لحد التورتة .. عموما اليوم ده مش بعيد، عيد ميلادك الجاي هيبقى بعد فرحنا، هنيجي نحتفل بيه هنا ..
نظرته الماكرة اربكتها فقالت بتوتر شديد:
_ أنا رايحة اشوف شهد راحت فين ..
راقبها أشهد بنظرة خبيثة وضحكة خافتة .. وبعد أنتهاء جولتهم بالشقة الجديدة أخذهما أشهد لمطعم قريب وأختار لهما أطباق طعام على ذوقه الخاص .. واعترفت رقة أنه مميز بكل شيء ، حتى بحبه الشديد لبعض المأكولات البحرية وطرق طهيها الفريدة ! … فقالت شهد بشهية :
_ أنا بحترم أي حد بيحب السمك .. بعرف أن ذوقه عالي.
نظر أشهد لرقة وهو يلوك الطعام بفمه في بطء وقال بتأكيد :
_ أنا ذوقي عالي ومميز في كل حاجة ..
ضحكت شهد وهي تنظر لأحمرار وجه شقيقتها من الحياء وقالت :
_ رقوقة أختي بتتكسف وهتفضل تتكسف حتى بعد خمسين سنة من الجواز .. الكسوف عندها ما شاء الله مضارع مستمر ..
ردد أشهد الاسم بتلذذ ونظرة ماكرة :
_ رقوقة.
ابتلعت رقة ما بفمها بصعوبة وهي تتحاشى النظر لعينيه، ثم رفعت كوب الماء لفمها ويدها ظهرت مرتعشة !.
تحدث أشهد بشيء كاد أن يغفل عنه وينساه:
_ بعت للسكرتيرة رسالة من ساعتين تكلم بيلا جود .. عشان تحضرلكم فساتين تحضروا بيها احتفال المشروع الجديد .. بعد الغدا هنرجع لأتيليه بيلا عشان تحضروا نفسكم ..
سألته شهد بتعجب :
_ وأنا كمان ..؟!
أكد أشهد :
_ طبعا .. أنتي دلوقتي من ضمن عيلتي وزي أختي الصغيرة .. وبعدين يا شهد أنتي ليكي غلاوة كبيرة عندي .. كفاية أنك السبب أن انا ورقة نتقابل .. حتى لو مكنتيش تقصدي.
ضحكت شهد وقالت بمرح :
_ والله ما كنت أتخيل لحظة أن الحكاية هتتقلب بجد !… النصيب خير من الف ميعاد بصحيح !.
وضحكت رقة بعفوية حتى قال أشهد بصدق واصيب ببعض الشرود والوجوم :
_ دي حقيقة .. لو الانسان يعرف مين نصيبه مكنش حد اتعذب واتكسر قلبه واتعقد لفترات طويلة من حياته ومعرفش ينسى .. وفي ناس ما بتنساش بسهولة!.
تاهت رقة بتفكير وقلق بجملته، ولأول مرة يغزو الشك قلبها من جهته ! .. وتوقف الطعام بفمها وهي تنظر له بصمت وعينيها تصرخان بالاسئلة !… حتى قالت شهد بمرحها ولم تلاحظ حالة شقيقتها :
_ طب تعرف بقا يا ابو النسب أن رقة أختي ما بقتش تتوتر من الأصوات العالية زي الأول ! ..
ابتسم أشهد لرقة فوجدها شاردة به وعلامات الحيرة مرتسمة على وجهها بوضوح .. فسألها بقلق :
_ بتفكري في ايه ؟!
أنكرت رقة وتظاهرت بابتسامة وقالت :
_ لا أبدًا .. عادي.
فقال بلطف ولم يشك بابتسامتها المزيفة:
_ الحفلة الاسبوع الجاي عندي في البيت.. يعني تجهزوا براحتكم،
و دي كمان هتكون مناسبة عشان أعرف رقة على كل موظفين شركتي ومعارفي .. هي دلوقتي حرم الباشمهندس أشهد شاهين .. ولازم الكل يعرفها.
وافقته شهد وقالت :
_ وأنا هعلمها اتيكيت الحفلات، اتعلمته من المسلسلات التركي.
اعترض اشهد وقال بحدة:
_ أنا عايزها زي ما هي كده، مش هحاول أغير فيها أي حاجة .. لا اتيكيت ولا غيره، وكون أني عايز الكل يعرفها ده مش معناه أني هحب أنها تبقى أجتماعية وتتعرف على الجميع!! .. أنا بقيت بحب أن كل شيء في حياتي يبقى له خصوصية .. وهي بقت من ضمن حياتي .. يعني الكل يبقى عارفها آه .. أنما حد يقرب منها لأ ..!.
ابتسمت شهد بإعجاب واعتقدت أن شقيقتها رقة ستسعد بما سمعته، بينما وجدتها شاحبة الوجه زائغة البصر والخوف اقتحم عينيها فجأة ! .. فوكزتها شهد لتنتبه لمَ يُقال، فابتلعت رقة ريقها وهي تتنفس بحدة وقالت وهي تنهض :
_ ثواني وراجعة ..
فابتسم لها أشهد بسماح .. وذهبت رقة بحركة سريعة نحو حمام السيدات بالمطعم .. وعندما دخلته وقفت أمام المرآة العريضة بالحمام ونظرت لإنعكاس وجهها بخوف، ثم حاوطت رأسها بيدها في قوة وقالت بضيق :
_ لأ .. مش هسيب الشيطان يضيع فرحتي ويلعب بعقلي ويشككني فيه… هو اكيد بيتكلم بعفوية ومايقصدش اللي جه في بالي !.
ثم نظرت لنفسها بالمرآة وقالت بعصبية :
_ أنتي عمرك ما كنتي سيئة الظن في حد ؟ .. يعني يوم ما تعملي كده يكون أشهد ؟!… ده غباء فعلًا.
تنفست رقة بعمق ثم ابتسمت وقالت بتأكيد :
_ بيحبني زي ما بحبه ويمكن أكتر .. أنا متأكدة !.
وحينما عادت لهدوئها بالفعل تفاجئت رقة بدخول أحدى الشقراوات إلى الحمام وتتوجه ناحيتها مباشرةً بنظرات مريبة، ثم وقفت الشقراء أمام المرآة وقالت وهي تصبغ شفتيها بقلم روچ في غنج .. وقالت بثبات وهي تنظر لرقة من المرآة :
_ أنتي بقا اللي اتجوزها أشهد ؟
ضيقت رقة عينيها بدهشة ثم أجابت بتوتر :
_ آه أنا .. أنتي تعرفيه؟!
ابتسمت الشقراء ونظرت لرقة مباشرة وقالت بعدما طالعتها بنظرة ساخرة من أعلاها لأسفلها :
_ ذوقه بقا يع أوي من بعدي ! …
ردت عليها رقة بعصبية وقالت :
_ انتي بقا نهال ؟! .. كنت متوقعة شوفتك في أي وقت ! .. خصوصا بعد اللي اتنشر في الجرايد بسببك !.
ضحكت الشقراء بسخرية ثم قالت باستهزاء :
_ أنتي كمان عرفتي نهال ! .. يا مسكينة ! .. واكيد قالك أنه حبك أنتي وبس .. لذاتك ولشخصيتك وبساطتك وبراءتك ! … ما تتصدميش، أصلي سمعت كل اللي سمعتيه وسيبته قبل ما أخد أكبر مقلب في حياتي ..
بهتت رقة من ما قالته تلك المرأة وكأنها تعرف سير الحديث ودقة تفاصيله بينها وبين اشهد، حتى اضافت الشقراء بإزدراء :
_ أنا مش كوبري ولا محطة ينسى بيها واحدة مش عارف يطلعها من دماغه ! .. ولا أنا رخيصة عشان أتجوز واحد معتبرني قلم على وش نهال يفوقها عشان ترجعله .. ما تفتكريش أنك الضحية الأولى ! .. بس خيبتك أنك صدقتيه لحد دلوقتي .. أنما أنا رميته وسيبته قبل ما يسيبني ويرميني .. ورغم أنه أذاني كتير وحب ينتقم مني لكني بعدت عنه ونسيته… بس مسكت عليه اللي يثبت كلامي ويخليني أردله شيء بسيط من أذيته وانتقامه.. يمكن يبعد عني ويتلاشاني!.
وأخرجت الشقراء هاتفها وأدارت مقطع الفيديو الذي كان عبارة عن اعتراف أشهد بأن كل هذا عبارة عن خطة لا يطيق استمرارها أكثر من ذلك ..
وعندما استمعت له رقة خطفت الهاتف ورأت أشهد وهو يتحدث مع شقيقها بهئئته كاملا، وتجمدت من الصدمة وكاد أن يتوقف قلبها، وأشتد كيد الشقراء عندما انتبهت لشرودها وصدمتها وقالت :
_ أنا شوفتكم بالصدفة في المطعم .. أصل ده المطعم اللي كان بيعزمني فيه على طول وبقا المفضل ليا .. وبصراحة مكنتش ناوية اتدخل، بس لما شوفتك هنا بالصدفة مقدرتش اسكت .. وعموما الف مبروك يا عروسة .. كل مقلب وأنتي طيبة!.
وضعت الشقراء قلم الروچ بحقيبتها، ثم أشارت لها بالوداع وخرجت من الحمام سريعا !! … ونظرت رقة للباب في تيهة واحساس بالضياع مخيف ! .. ثم سقطت أرضا فاقدة للوعي.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وبنفس الغرفة البيضاء التي تغمرها رائحة الأدوية فتحت رقة عينيها ببطء .. لتجد شهد ممسكة بيدها وعينيها حمراء من الدموع وهتفت عندما انتبهت لإفاقة شقيقتها :
_ حصلك ايه يا حبيبتي ؟! .. ده انا اترعبت لما واحدة دخلت الحمام ولما لقيتك مغمى عليكي صوتت ولمت الكل .. وأشهد بقا هيتجنن لما شافك !.
سقطت من عينان رقة دموع وظلت صامتة، ثم سألت :
_ أشهد فين ؟!
أجابت شهد لتطمئنها :
_ كان برا من شوية ، هو قال أنه هينقلك من هنا لمستشفى تانية احسن ..
وقبل أن ترد رقة بشيء فتح باب الغرفة ودخل حازم قائلا بمزاح :
_ ماينفعش تبقي مرات أخو الضابط حازم شاهين ويجيلك هلع من حتة واد بلطجي ولا يسوى ! .. ده انا خليت وشه شبه الرصيف المقلوب من كتر الضرب ! … لا فوقي كده واللي يزعلك بس شاوريلي عليه ..
نظرت له رقة بصمت لبعض الوقت، ثم قالت لشقيقتها :
_ سبيني وأخرجي يا شهد .. عايزة اتكلم مع حضرت الضابط حازم شوية
رد حازم بسخرية :
_ حضرت الضابط حازم!…. عموما معلش .. لسه مستجدة في عليتنا.
ونظرت شهد بغرابة وشك لشقيقتها، ولكنها مع الجدية الشديدة الظاهرة على رقة تحركت ببطء وقلق للخارج، واعتدلت رقة بجلستها وحمدت أن الممرضات تركوها بحجابها وملابسها .. ثم نظرت لحازم بجدية وقالت بثبات عظيم :
_ أشهد محبنيش صح .. خطط يرتبط وخلاص بأي واحدة .. ووقعت أنا في طريقه بالصدفة .. فقرر يتجوزني، بنت فقيرة وغلبانة مش هتقدر تفضحه ولا ليها حد يقفله وياخدلها حقها، هتبقى فرصة هايلة ياخد بيها حقه من واحدة غيرها، أشهد لسه منساش نهال … وعمل ده كله بسببها ؟!
زي ما والدتك في يوم قالت وأنا كنت عبيطة وماصدقتش !.
ذهل حازم مما سمعه منها، وارتبك وانعقدت الكلمات بحلقه، فهو رغم مسيارته لشقيقه في أمر هذه الزيجة ولكنه يعتقد داخليا أن أشهد لم يشفى ويبرأ من جراحه القديمة .. ومن أكبر دوافعه لهذا الزواج هو الوقوف ضد نهال !!، وصمت حازم واضطرابه الواضح وتردده بالأجابة كان إجابة كافية لمَ تريد معرفته رقة .. فقالت والغليان ملأ صوتها وعينيها وكأنها تحولت لفتاة أخرى :
_ أنا كده فهمت …
تحدث حازم بتوتر وقال :
_ الإجابة دي مش عندي .. لازم تتكلمي مع أشهد.
وقفت رقة أمامه وقالت :
_ أنت لو عندك حقيقة تانية مكنتش اترددت لحظة تدافع عن أخوك .. بس أنا هسامحك أنت عارف ليه ؟ .. لأن على الأقل كان عندك شوية ضمير وحاولت توقفه عن اللي بيفكر فيه .. أنا شوفت بنفسي وسمعت.
ضيق حازم عينيه بشك وقال :
_ سمعتي وشوفتي ايه ؟! .. الكلام ده وصلك منين أنا عايز أفهم ؟!
سخرت رقة وقالت بنظرة انتقام غريبة عن طبيعتها وخصالها :
_ وصلني متأخر للأسف .. بس يمكن في فرصة أخيرة أنقذ بيها نفسي … قول لأخوك أني هعرفه مين هي رقة اللي استغلها واستغل براءتها وطيبتها لمصلحته .. وأن ورا الوش البريء ده واحدة تانية هتكسر قلبه وهتنتقم منه ومش هيوصل حتى لضلها … وورقة طلاقي توصلني وإلا ههد الدنيا فوق دماغه.
نظر لها حازم بذهول ولتحولها المخيف هذا !! … حتى خرجت رقة من الغرفة وركضت خارجة من المشفى دون أن يرها أحد ..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية كسرة وضمة وسكون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *