رواية كبرياء صعيدي الفصل الثالث عشر 13 بقلم نور زيزو
رواية كبرياء صعيدي الفصل الثالث عشر 13 بقلم نور زيزو
رواية كبرياء صعيدي البارت الثالث عشر
رواية كبرياء صعيدي الجزء الثالث عشر
رواية كبرياء صعيدي الحلقة الثالثة عشر
نظرت “هدى” إلي وجه “عطر” بحزن ولم تصدق أن ابنها دُمر زواجه وكأن الحزن كتب على جدران هذا المنزل كتعويذة لا يمكن الفرار منها، تحدثت “عطر” بهدوء شديد قائلة:-
-معلش يا مرات عمي أنا كدة هكون مرتاحة
قاطع “عيسي” حديثها بنبرة قوية قائلًا:-
-خلاص يا أمى كفاياكي بكى، عطر عندها امتحانات وجامعة ولازم تسافر عشان مصلحتها
نظرت “عطر” له بصمت ولم تعقب، جاءت “دهب” من الخارج وقالت بهدوء:-
-أنا حطيت الشنط فى العربية، والله هنتوحشك جوي يا ست عطر
تبسمت “عطر” بعفوية ثم قالت بحزن على رحيلها:-
-وأنتِ كمان يا دهب هتوحشينى، هونتي عليا كتير هنا
دمعت عيني “دهب” حزنًا لتعانقها “عطر” بلطف وربتت على ظهرها ثم ألتفت إلى “فيروزة” وقالت:-
-هتوحشينى يا فيروزة، أبقي قوليلى على فرحك عشان أجي
أجابتها “فيروزة” ببكاء شديد على فراق “عطر” وهى كانت بمثابة الأخت والصديقة لها هنا قائلة:-
-أكيد أنا مش هتجوز من غيرك يا عطر خلى بالك ولازم تيجي عشان تشتري معايا الفستان وتكوني جنبي
أومأت إليها “عطر” بنعم ثم خرجت للخارج مع “حِنة” التى صعدت للسيارة أولًا،نظرت “عطر” إلى “عيسي” زوجها الواقف صامدًا أمامها ولا يبالي برحيلها عنه وشعرت بوخزة فى قلبها تؤلمها بسبب الفراق الذي فتحت بابه بينهما فقالت بلطف:-
-خلى بالك من نفسك يا عيسي وشكرا على كل حاجة عملتها عشاني
لم يقوى على الرد عليها وهو الآن يودعها ولا يعرف متى سيراها من جديد، فتاته الصغيرة التى سرقت قلبه والآن ترحل دون أن ترد هذا القلب لصاحبه، تأمل عينيها الزرقاء وملامحها كأنه يحفورها بداخل قلبه المُلتهب الذي يصرخ بالداخل لأجلها فقال بجحود مصطنعًا القوى وكبريائه يتملكه:-
-أنا معملتش غير الواجب يا بت عمي
تألمت كثيرًا من تلقيبه لها وحتى اسمها لم يلفظه بشفتيه مُعلنٍ عن غضبه من قرارها بالرحيل عنه وطلبها للطلاق منه، تأملته وهو يقف أمامها يمسك نبوته بيديه الأثنين بقوة وملامحه باردة لا تبدي أى رد فعل على رحيلها فقالت بضيق من كلماته الأخيرة:-
-أنا فعلًا كنت بنت عمك
ألتفت لكي تصعد للسيارة مع “منصور” أحد رجاله الموثقين وأغلقت الباب مُتجاهلة النظر إليه فنظرت “حِنة” عليه مُتعجبة صموده وكبريائه الذي يراها ترحل عنه ولم يوقفها أو يمنعها بل فتح لها باب الرحيل برحب شديد، أنطلق “منصور” بالسيارة لتخرج تنهيدة قوية من بين ضلوع “عيسي” على رحيلها مُعباة بالإنكسارات والخذلان الذي أحتله حين تخلت زوجته عنه من أول عقبة واجهتهما فى طريقهما ورحلة زواجهما..
دلف إلى مكتبه صامتًا والجميع مندهشون من صموده هكذا وهدوئه، دمعت عينيه حين أصبح وحده فى الغرفة ووضع يده على قلبه يقاوم هذا الألم والغصة الموجودة بين أوردة قلبه العاشق، دق باب المكتب ليمسح دموعه سريعًا وأذن بالدخول وكان “مصطفي” مساعده الذي قال فور الدخول:-
-وصلت لمرت السواق اللى خبط عربية أبا الحج
أومأ “عيسي” بنعم وخرج معه ليذهب إلى هذه المرأة ……
____________________
ترجل “ناجى” مع “خديجة” ابنته من سيارة الأجرة بعد عودتهما من النيابة، نظر مطولًا للمطعم وقال بهدوء:-
-أستن أهنا يا خديجة دقيقة وطالع
أومأت إليه بنعم ووقفت محلها تنتظره بعد أن دخل “ناجي” المطعم ووقع نظره على الطاولة الخاصة بـ”حامد”فأسرع نحوه بلهفة وصدمة القبض على أولاده ما زالت تتملكه وقال بضيق:-
-عاوزك تساعدني يا بيه
نظر “حامد” إلى “ناجي” بأشمئزاز وترك الشوكة من يده ثم قال بغضب سافر:-
-أساعدك، ما انا ساعدت جبل سابج لما خلصتك من أبوك وأخوك وأنت طلعت عيل ومخلصتش اللى عليك
جلس “ناجي” على المقعد المقابل للطاولة بتوتر بعد القبض على أولاده وقال بأرتباك:-
-أعتبرها خدمة انا مستعد أدفع أى حاجة تمنها، عيسي بلغ عن ولادي التينن وأتجبض عليهم ، ساعدني الله يخليك وأنا هعملك اللى عايزه كله
عاد “حامد” بظهره من الخلف بلا مبالاة ولا يهتم لأى شيء أخر وقال ببرود سافر:-
-أسف انا مفتحهاش ملجأ ولا عاشجك فى الضلمة عشان أفضل أعملك وأنت نايم فى العسل
وقف “حامد” من مكانه ليغادر المكان وخلفه مساعده بينما هرع “ناجي” خلفه وكاد “حامد” أن يصعد السيارة، رأت “خديجة” والدها وهو يتحدث مع هذا الرجل وشبه يترجاه فغضبت كثيرًا من هذا الرجل وإذلال والدها فذهبت نحوه وقالت:-
-بابا
ألتف “حامد” إلى الصوت وهكذا “ناجي” ليُدهش عندما رأى “خديجة” فتاة متوسطة الطول ليست بقصيرة وبجسد ممشوق ترتدي فستان وردي اللون ضيق وفوقه طبقة أخر كالقفطان المفتوح وردي وترتدي حذاء أبيض اللون، ذات العيون العسلية الفاتحة كأشعة الشمس الذهبية وبشرة متوسطة البياض يحتل خدودها الممتلئة نقط بنية (نمش)تُزيدها جمالًا على جمالها وشعر بني طويل مسدولًا على ظهرها وتضع حجاب بمنتصف رأسها كرابطة لها، تحدث “ناجي” بنبرة جادة قائلًا:-
-أستن يا خديجة بس..
قاطعه “حامد” الذي لم يرفع نظره عن هذه الفتاة قائلًا:-
-بنتك !!
أومأ “ناجي” بنعم له فتبسم “حامد” بمكر وعينيه الخبيثتين تلتهم هذه الفتاة من الرأس لأخمص القدم، أبتلعت “خديجة” لعابها بأرتباك من نظرات هذا الرجل لها وأغلقت القفطان بيديها مُشمئزة من نظراته وكيف لرجل بعمر والدها أن يحدق بها بهذا النظرات التى قرأتها “خديجة” جيدًا فهي نظرات رجل يطمع بهذه الفتاة التى أمامه وقال:-
-أركب يا ناجي
صعد “حامد” بالمقعد الخلفي فتشبثت “خديجة” بيد والدها وقالت:-
-بلاش يا بابا
تحدث “ناجي” بضيق شديد من عناد ابنته وتذمرها قائلًا:-
-محدش هيساعدنا ويطلع أخواتك غير الراجل دا
أنهي “ناجي” حديثه وصعد بالسيارة بجانب “حامد فتأففت “خديجة” بضيق وصعدت بالمقعد الأمامي جوار السائق فقال:-
-ولادك أتقبض عليهم كيف؟ وليه؟
كانت “خديجة” تحدق بالشوارع من النافذة بينما “حامد” يتحدث وعينيه تتفحصها جيدًا وكأنه سُحر بجمال هذه الفتاة أو لم يري أنثي من قبل، لم يستمع لكلمة واحدة مما قالها “ناجي” وهو شاردًا بها حتى وصلوا لشركة “حامد” وأتجه إلى مكتبه وبعد أن جلسوا جميعًا قال “حامد” وعينيه تحدق بمساعده :-
-عز ، خد ناجي بيه يجعد وي المحامي وشوفه الجضية هتوصل لأي
فهم “عز” نظرات رئيسه فقال بهدوء:-
-أتفضل يا ناجي بيه
نظر “ناجي” لأبنته وقال بجدية مُتحمسًا لمساعدة أولاده:-
-مهتأخرش عليكي
أومأت إليه بنعم رغم خوفها من البقاء فى هذا المكتب مع هذا الرجل المختل، خرج “ناجي” مع “عز” وظل “حامد” يرمقها بنظراته وهو جالسًا على مقعده خلف المكتب فقال:-
-تشربي أي؟
-شكرًا
قالتها “خديجة” وهى تجلس على الأريكة بعيدًا عنه، تبسم “حامد” وهو يرفع سماعة الهاتف وقال بعفوية:-
-هاتلي الجهوة بتاعتي وواحد عصير برتقال فريش وأى كيك او أى حاجة على ذوجك
وضع السماعة محلها ووقف من مكانه ليذهب نحو “خديجة” ثم جلس على المقعد المجاور للأريكة وقال:-
-جولتلي أسمك اي؟
تأففت “خديجة” بجدية وقالت:-
-مجولتلكش … واسمي خديجة
تبسم على جرائتها وقوتها فوضع قدم على الأخري بغرور ثم قال:-
-عاشت الأسامي يا جميل
أندهشت من أحتكاكه بها ورمقته بنظرة ثاقبة رجل بعمر والدها تقريبًا لكنه فى الشكل أصبي بكثير من والدها شعره الأسود الكثيف وعينيه البنية بدون لحية مما يجعله أصغر سنًا بجسد رياضي كأنه يحافظ على صحته ويرتدي بدلته الزرقاء بقميص أبيض ورابطة عنق مخططة بألوان كثير، تبسم “حامد” وهو يري عينيها تتفحصه ثم قال:-
-أنتِ خريجة اي؟
تنهدت بضيق وقالت بملل:-
-دبلوم تجارة
دلفت السكرتيرة بالقهوة ووضعت الصينية أمامه على الطاولة وغادرت فتابع حديثه وهو يأخذ فنجان القهوة بيده:-
-ليه أنتِ عندك كام سنة
تنهدت “خديجة” بضيق شديد ثم قالت بعبوس من أسئلته:-
-24 سنة ومش متجوزة ولا مخطوبة وبحب عيسي ولد عمي تحب تسأل حاجة تانية
ضحك “حامد” على ذكائها وقد فهمت معني نظراته وخمنت جيدًا السؤال القادمة عن حالتها الاجتماعية ثم قال بعد أن ارتشف رشفة من قهوته:-
-ههههه وذكية
نظرت للجهة الأخري بضيق شديد من هذا الرجل ………
_____________________________
وصل “عيسي” مع “مصطفي” إلى منزل السائق واستقبلته السيدة بوجه مُنهك من الحزن فقال “عيسي” بهدوء:-
-جوزك ميت كيف؟
-ولاد الحرام كتير يا بيه، منه لله
سألها “عيسي” بهدوء ما قبل العاصفة وبداخله بركانٍ ناريٍ فقال بحدٍ وتحدٍ:-
-جصدك اي؟ جوزك أتجتل ليه؟ جولي متخافيش أنا هحميكي أنتِ وعيالك ولا مش خايفة على عيالك؟
تنهدت بهدوء شديد ثم قالت:-
-مخرباش يا بيه أنا كل اللى أعرفه أن فى واحد أديله فلوس كتير جوى عشان …
صمتت ولم تكمل الحديث فتابع “عيسي” بثقة قائلًا:-
-عشان يجتل نصر الدسوقي مش دا جصدك
أتسعت اعين هذه المرأة وقالت بثقة شديدة:-
-لا يا بيه، جوزي جالي أن اللى دفع له ..دفع له عشان يجتل كبير بلد جنبينا أهنا وهيدفع له اكتر لما يخلص وهيسفرنا مصر
أتسعت أعين “عيسي” على مصراعيها وهو يستمع لهذا الحديث المختلف عن حديث “رؤية” حين أخبرته أن “خالد” أراد أن يتخلص من أخيه “نصر” فقالت المرأة مُتابعة الحديث:-
-أنا حذرته أن بلاش يجري وراء الفلوس ما دام الرجل دا كبير ومهم هيفتح علينا نار وإحنا غلابة مإحناش جد الناس دى بس هو مسمعش منى والفلوس لمعت فى عينيه وطلع عشان يجتله ومرجعش وبعدها الناس لاجوا جتته على الطريق واللى دفعله مظهروش تاني وراح هو
سألها “عيسي” حيرة مما يسمعه:-
-متعرفيش مين الناس دول؟ مجالش جصادك اسمهم أو رجم تليفونهم أى حاجة توصلني ليهم
-لحظة واحدة
قالتها ووقفت من مكانها تحضر هاتفها وهى تتحدث بثقة :-
-مرة رن علي الرجل من تليفوني عشان معهوش رصيد
أخذ “عيسي” الهاتف وحفظ الرقم فى هاتفه ثم رحل بعد أن ترك المال لهذه المرأة…..
__________________________
أوصلها “منصور” إلى شقة جديدة وكانت مفروشة بأثاث جميل وألوانها الجميل ثم أعطها المفتاح وقال:-
-أتفضلي المفتاح، عيسي بيه أشتري الشجة دى وفرشها وسجلها باسمك
نظرت للعقد والمفتاح بأندهاش ثم أخذتهم ورحل “منصور”، سقطت دمعة من عيني “عطر” بأختناق كأنها لم تتحمل البقاء هنا دونه فقالت “حِنة”:-
-كان لازمته أي الفراق ما دام تعبك أوى كدة
لم تُجيبها “عطر”، بل دلفت إلى الغرفة وحدها وجلست على الفراش بحزن خيم على قلبها دون أن تتجول فى الشقة وكأن روحها لا تقوي على فعل شيء، ظلت على الفراش حزينة ومسكت هاتفها ثم فتحت صندوق المرسلات بينهما ولم تقوى على كتابة رسالة له فألقت بالهاتف على الفراش وهكذا جسدها وبدأت نوبة البكاء فى هدوء و”حِنة” تستمع لبكاءها من الخارج ولا تعلم لما قررت هذه الفراق ما دامت أصبحت تكن له المشاعر الآن ويحتل قلبها …..
بدأت تتأقلم على حياتها بدونه فى شقتها الجديدة وعادت لجامعتها بعد أن خسرت سنة جديدة بسبب مرضها الذي أخرها عن الامتحانات …
_________________________
جلس “عيسي” على الفراش بغرفته ويمرر يديه على الفراش بلطف مُشتاقًا لها ولوجهها ورائحتها، لا يصدق بأنه لم يستطيع ضمها سوى ليلة واحدة وفارقته بعدها، أشتاق لعناقها وعبيرها وضحكتها، فتح هاتفه على صورة الانستجرام الخاصة بها وظل ينظر إليها بأشتياق واليوم شاركت صورة جديدة لها وهى تحمل كوب نسكافيه ورقي داخل الجامعة وبين يديها كتبها وترتدي نظارة نظر دائرية جميلة، كانت مُنهكة فى الصورة وكتبت على الصورة (أول امتحان ميد ترم ) لم يصدق أن اليوم بدأت امتحاناتها، صُدم عندما وجد شاب كتب لها تعليقًا على صورتها بدعوة مما أفزعه واشتعلت نيران الغيرة بداخله مما جعله يغادر الغرفة كالثور الهائج …
_____________________
خرجت “عطر” من غرفتها تحمل كوب من الكاكاو الساخنة فسألتها “حِنة” بدهشة:-
-أنتِ مش هتروحي المراجعة
أجابتها “عطر” بتعب وخمول فى جسدها قائلة:-
-لا ، جسمي تاعبني شوية هذاكر هنا
أومأت إليها “حِنة” بنعم وهى جالسة على السفرة تقطع البطاطس شرائح، شعرت “عطر” بدوران فى رأسها وأهتز جسدها على سهو ليسقط منها الكوب أرضًا مما جعل “حِنة” تفزع من مكانها وقالت بلهفة:-
-حصل أي؟
مسكت “عطر” رأسها بألم وقالت:-
-دوخت شوية، أنا هنضفها
أخذتها “حِنة” من يدها بقلق وقالت:-
-أنا هنضف، طمنني عليكي بس أنتِ كويسة
أومأت إليها بنعم وجلست على الأريكة لتنظف “حِنة” الأرضية وألتفت لترى “عطر” غاصت فى نومها على الأريكة فتركتها محلها ووضعت غطاء عليها ربما حصلت على حمي بسبب تغير الجو وقدوم الشتاء وأعدت الغداء لأاجلهما وصنعت حساء دافئ لها، جهزت السفرة وأقتربت تقظ “عطر” برفق وقالت:-
-عطر، يا توتا يلا أصحي عشان تأكلي
فتحت “عطر” عينيها بتعب شديد وخمول فى جسدها وقالت:-
-كُلي أنتِ يا حِنة
أوقفتها “حِنة” بالقوة رغمًا عنها وأخذتها للمرحاض تغسل وجهها، جاءت “عطر” للسفرة وهى تنظر إلى ساعة الحائط قائلة:-
-يا أنا نمت كل دا
نظرت “حِنة” إلى الحائط وكانت الساعة الرابعة عصرًا فتبسمت بخفوت وقالت :-
-أقعدي كُلي عشان أعملك كوباية ينسون
جلست “عطر” على مقعدها جوار “حِنة” وأخذت الملعقة لكن سرعان ما تركت الملعقة ووضعت يدها على فمها بأشئمزاز من رائحة الطعام فنظرت “حِنة” لها وقالت:-
-مالك…
لم تكمل كلمتها حين هرعت “عطر” إلى المرحاض تستفرغ ما فى معدتها فدُهشت “حِنة” من تصرفاتها وبدأت تشك فى الأمر، خرجت “عطر” من المرحاض تلتقط أنفاسها بصعوبة ووجهها شاحبًا فقالت “حِنة”:-
-تعالي أقعدي، بقيتي أحسن دلوقت
أتكأت “عطر” برأسها على الأريكة بتعب فتابعت “حِنة” بقلق:-
-لا كدة كتير قومي ننزل نحلل
دُهشت “عطر” من كلمتها وقالت بفضول وتساؤل:-
-نحلل ليه؟
أجابتها “حِنة” وهى تقف من مكانها:-
-عشان اللى عندك دى أعراض حمل يا عطر … قومي
وقفت “عطر” بدهشة من كلمتها وأتسعت عينيها على مصراعيها وهى لا تستوعب الأمر وكلمة الحمل، رغم دهشتها لكنها لم تعارض قرار “حِنة” بل تحمست للنزول وعقلها يسأل هل تحمل بداخلها جزءًا من هذا الرجل الذي سكن قلبها وفارقته رغم العشق، ذهبت لأقرب معمل تحاليل من الشقة وأجرت تحليل دم وجلست تنتظر مع “حِنة” تضع يدها على بطنها بقلق وتفكر ماذا ستفعل إذا كان بداخلها طفلًا منه؟ وماذا إذا تحمست ولم تكن حامل؟ خرجت الموظفة تقطع تساؤلات وتقطع شكوكها باليقين حين تبسمت وقالت:-
-مبروك
لأم تشعر بأي شيء أخر ولا حتى بعناق “حِنة” لها، بل ذهب عقلها فى غيبوبة من هول الدهشة ولا تصدق بأنها تحمل طفله الآن بداخلها وكأن القدر عقد رباطًا بينهما حتى تلغي قرار الانفصال عنه بهذا الطفل، عادت للشقة وما زالت لا تستوعب الأمر وفكرت كثيرًا كيف تخبره؟ أم تخفي الأمر عنه؟ هزت رأسها بالنفى تهرب من أفكارها وجلست على مكتبها فى الغرفة وفتحت الكتاب هاربة من أفكارها بالمذاكرة، دلفت “حِنة” إليها تقول:-
-أنا هنزل أشتري حاجات وقولتلك متقعديش على الكرسي كدة، قومي أرتاحي فى السرير
أومأت إليها بنعم فغادرت “حِنة”، فتحت الكتاب وعقلها لم يقبل بهذا الهرب وظل يفكر فى جنينها وبسمتها رُسمت على شفتيها كأنها قبلت بهذا القدر وكونها عالقة معه، فتحت هاتفها على اسمه وحاولت الاتصال به لكنها صُدمت عندما سمعت صوت رنين هاتف امام غرفتها فوقفت من مكانها بالهاتف والكتاب فى يديها، فتحت الباب وصُدمت بوجوده أمامها، تأملها “عيسي” باشتياق ورغم ذبولها ونحافتها أكثر، وجهها شاحبًا، أقترب أكثر وهى ما زالت لا تستوعب وجوده حتى وصل أمامها تمامًا فرفعت يدها تلمس وجنته ففزعت حين أدركت أنه حقيقي فعلًا وهرعت للداخل …
دخل “عيسي” خلفها فقالت:-
-أنت دخلت أزاى؟
-معايا مفتاح مش شجتي؟
تمتمت بدهشة من وجوده وقلبها على وشك الأنفجار للتو داخلها من سرعة نبضاته المجنونة لأجله قائلة:-
-أزاى دى شقتي أنت سجلتها باسمي مينفعش تدخل كدة
أقترب أكثر منها وهى ترمقه بنظرها فى صمت فتراجعت للخلف حتى وصلت للحائط وتراه يقترب منها فتنحنحت بحرج من قربه حتى حصرها فى الحائط ونظراته تلتهمها ويتأملها وهى تقف أمامه مُرتدية عباءة بيتي قصيرة تصل لركبتها وبنصف كم زرقاء تليق بعينيها الزرقاء، خجلت من نظراته وتوردت وجنتيها فتمتمت بخفوت وصوت يكاد يخرج من حنجرتها وأنفاسه الدافئة تضرب وجهها وعنقها من قربه قائلة:-
-عيسي!!
لم يتمالك أعصابه أكثر أمام جمالها ونبرتها الدافئة المُثيرة وهى تلفظ أسمه فأقترب أكثر حتى التصق صدره الصلب القوية بجسدها وشعر برجفتها، عينيه لم تقطع عناق عينيها الزرقاء الساحرة ويده اليمنى ما زالت تحتضن خصرها النحيل باستماتة متشبثٍ بها، رفع يده اليسري إلى جبينها الملتهب من حرارة المرتفعة بسبب ربكتها وهى بين ذراعي هذا الأسد، أبعد خصلات شعرها الحرير حتى تركها أسيرة خلف أذنيها فقال بهمس دافئ:-
-أتوحشتك يا عطري
أبتلعت لعابها مُرتبكة وهذا الرجل كأنه أعلن الحرب عليها حتى يفقدها كل قواها وصمودها أمام بدءًا بمحاصرتها بين قبضتيه وشعورها بضربات قلبه المتسارعة والآن كلمته الناعمة المذيبة لجليد قلبها وأشعال نيران الشوق بها فهى الأخري مشتاقة لها حد الجنون فقالت بتلعثم مُرتبكة:-
-عيسي أنا… هو أنت… أحم أنت جاي لحد القاهرة… عشان تقولى أتوحشتك
ترك أسر خصرها وأخذ يدهافى كفه البارد ورفعها إلى فمه ووضع قبلة على أناملها الصغيرة أذبت كل جمودها وسرقت كل صمودها أمامه من رقة قبلته ثم قال بخفوت:-
-وأجيلك أخر العالم يا عطري لو تحبي، أنا جلبي ميت بلاكي
لم تتحمل مقاومته أكثر فسقط الكتاب من يدها الأخري أرضًا وأرتمت بين ذراعيه لتبدأ هي بأطفاء هذه النيران المُشتعلة بداخلهما بعناقها، طوقها بقوة حتى تخمد نيران الشوق بداخله لأجلها، معوضًا ليالى الفراق بينهما ليخرجها من بين ضلوعه ورفع رأسها للأعلى لتتقابل عيونهما من جديد وهمس نبرة لم يسمعها سواها:-
-بحبك يا عطري، بحبك جوي
أجابته بنفس دفء النبرة ويديها مُتشبثة بعباءته قائلة:-
-وأنا بحبك يا عيسي… بحبك ومكنتش أعرف أني…….
قاطعها هذه المرة بقبلته التى أعلنت الانتصار على حرب الفراق الدائمة بينهما ووصل الوصال المقطوع بين قلوبهما وروحهما……….
______________________
تابع “حامد” التحقيقات كاملة لمدة الشهر ونصف مع المحامي وحدد موعد المحاكمة فجلس “حامد” مع “ناجي” بمكر وقال:-
-أظن أنى عملت اللى عليا والمحامي حضر التحجيجات كلتها وطمنك أن فى المحكمة هيطلع نصر براءة وخالد هكذا
أومأ “ناجي” بنعم وقال بإمتنان:-
-أنا معارفش أشكرك أزاى وأنا لسه عند كلامي، أنا مستعدة أعمل أى حد عشان اردلك الجميل
تبسم “حامد” بخبث شيطاني وقال بنبرة تهديد واضح:-
-جميل أي؟ أسمع يا ناجي أنا راجل عملي ومبعملش حاجة لله ولا للجمايل ، كل حاجة عندي وليها تمن وتمن اللى عملته خديجة
أتسعت أعين “ناجي” على مصراعيها بصدمة ألجمته فى محله ولم يستوعب الكلمة الأخيرة وذكر اسم ابنته من هذا الرجل فقال بتلعثم وهو لا يفهم ما يرمي له هذا الرجل:-
-خديجة!! مش فاهم
وضع “حامد” قدم على الأخري بغرور قاتل وقال:-
-تجوزني خديجة بكرة ، تاني يوم الصبح تلاجي المحامي فى المحكمة ويجيبلك البراءة
كاد “ناجي” ان يتحدث معترضًا :-
-بس…
قاطعه “حامد” بنبرة غليظة وتهديد واضح مُتحدثًا:-
-بس اي؟ أنت هتضحي ببنتك مجابل ولادك الرجالة، فكر زين يا ناجي بنتك جصاد عيالك التينن الرجالة
أبتلع “ناجي” لعابه بصمت لا يملك جواب وهو امام خيارن أم أن يضحي بابنته أو بأولاده “خالد” و”نصر” وقد فهم الآن لما غير “حامد” رأيه حين رأي “خديجة” بصحبته وهذا الرجل الماكر قد حدد ثمن المساعدة قبل أن يفعل شيء وهو الجاهل الذي تلاعب به كدمية وعليه أن ينفذ الآن أمر صاحبه الذي يملك خيوط الدمية فى يده…….
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية كبرياء صعيدي)