رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الفصل الخامس 5 بقلم أميرة مدحت
رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الفصل الخامس 5 بقلم أميرة مدحت
رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) البارت الخامس
رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الجزء الخامس
رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الحلقة الخامسة
وقعت مغشياً عليها بين ذراعيهِ بعد ما مرت بهِ من خوفها الزائد والصدمات التي تلقتها الليلة، شعر بالقلق لـ سكونها المُفاجئ، تطلع لـ وجهها لـ يجده شاحب، نظر لـ ملامحها الواهنة بتوتر عاجزاً عن التفكير في التصرف، ربت على وجنتها بخفة مُناديًا عليها بقلق :
_روان!!.. روان!!.. رُدي علياا..
هز رأسه في حيرة وبدون أن يفكر أنحنى بـ جذعه ليضع ذراعه أسفل رُكبتيها ليحملها بين ذراعيهِ، أتجه بخُطوات مهرولة إلى غُرفته ليمددها برفق على الفراش بحذر، نظر حولهِ نظرات سريعة لتقع عيناه على زُجاجة عطّره، فـ سار نحو التسريحة ليأخذها، عاد إليها وهو ينثر بعض العطّر على راحة يده، قرب كفي يده المُبتل بالعطّر من أنف “روان” لـ تستنشقها، أرتجفت شفتاها مُخرجة آهة خافتة، تحركت رأسها لا إرادياً مع تلك الرائحة القوية التي أخترقت أنفها بدون سابق إنذار، أستمر “طائف” في تقريب كفي يده من أنفها مُجبرًا إياها بالإستنشاق، حتَّى تُفيق تماماً، تجاوبت معهِ وبدأت تستعيد وعيها، زفر بإرتياح مرددًا في شئ من القلق :
_روان، روان سمعاني؟؟..
أصدرت تأوهات توضح مدى الألم الجسدي الذي تشعر بهِ، فتحت عيناها لـ تجده يُحدق فيها بقلق، أنتفضت من مكانها وهي تضع يدها على رأسها لـ تتأكد من وجود حجابها وهي تغمغم برعُب:
_هو إيه إللي حصل؟؟.. إنت عملت فيا إيه؟؟!!..
كان مُدرك سبب خوفها ورهبتها منه، حاول أن يتحدث بنبرة هادئة ولكن خرجت حادة عندما قـــال :
_تفتكري هعمل إيه؟؟.. إنتي أُغم عليكي وأنا كُنت بفوقك!!..
نكست رأسها لتنساب عبراتها بغزارة، نفخ بإختناق وهو يُشيح بـ وجهه للجهه الأُخرى للحظات معدودة ثم عاد ينظر إليها ليسألها بضيق :
_بتعيطي ليه دلوقتي؟؟..
رفعت رأسها ناحيته لـ تطَّالعه بـ أعينها المُتلألئة بالدموع قائلة بإختناق :
_أنا آسفة على طريقة كلامي معاك، أنا عارفة إنك وديت نفسك فـ مُشكلة كبيرة عشاني، بس إنت مش متصور خوفي أد إيه من الراجل ده!!..
هتف بإقتضاب :
_لأ مفيش، أنا مقدر خوفك، بس في حاجة لازم تعرفيها.
صمت لثواني مُترددًا في إخبارها بـ هذا الأمر، عقدت حاجبيها بحيرة مُتسائلة :
_حاجة إيه؟؟..
أجابها بإرتباك :
_أنا طائف رأفت الحديدي، إبن رأفت الحديدي إللي عرض عليكي الصفقة.
شعرت بالإضطراب بعد معرفتها بـ هويته، عاد من جديد تُحدق فيه بخوف، أستخدم يده في التلويح گـ نوع من التوضيح :
_بس ماتقلقيش، أنا بقولك أنه مش هيعملك حاجة، أنا بوعدك.
بلعت ريقها بصعوبة وهي تشعر بالذُعر بداخلها وتومئ برأسها إيجابياً لهُ، زفر بتعب وهو يجلس على طرف الفراش، أمعن “طائف” النظر في ملامح وجهها التي تلوثت بـ الأتربة وبـ دماء جرحها، أقترب منها قليلاً قم وضع يده على فكها ليثبته أمام أعينه التي بدأت في تفحص به من خدوش وجروح سطحية، حاولت إبعاده بـ قبضتها ولكنه شدد من قبضته قائلاً بحدة :
_إستني.
عاد ينظر بدقة على الجروح ثم ضغط على شفتيهِ مُتابعًا بندمٍ :
_أنا آسف على الوقعة إللي وقعتهالك.
تمتمت بتوتّر :
_عادي، أحسن من إللي كان هيجرالي هناك.
أرخى قبضته عن فكها هاتفًا بجدية :
_طب بُصي أنا هامشي دلوقتي، روحي أغسلي وشك كويس، وعندك التلاجة مليانة أكل، والكمودينو إللي جنبك ده إفتحي الدُرج التاني هتلاقي علبة إسعافات الأولية، خُديها عشان تُحطي مرهم على الجروح دي.
تابع بجدية أخف عن ذي قبل بعد أن سكت للحظةٍ:
_ولو حد خبط أوعي ترُدي، أنا هأقفل عليكي باب الشقة بالمُفتاح وكمان بالنسبة لـ هدومك، هجبلك لبس جديد على الساعة تسعة الصُبح عشان بعديها تمشي على طول من هنا، بدل ما حج يشوفك وخصوصاً هُما عارفين مين صاحب الشقة دي.
حركت رأسها بخفة ليُضيف بإرتباك :
_مُمكن طلب؟؟..
نظرت لهُ بريبة قبل أن يطلب بـ :
_ياريت متقوليش لـ عزَّ أيَّ حاجة من إللي حصلت ومن إللي طلبه والدي منك.
أتسعت عيناها بصدمة ليغمغم بهدوء :
_أنا أنقذتك عشان مش عاوز مشاكل أكتر ما هيا موجودة ومكفية، فـ ياريت متقوليش أيَّ حاجة من إللي حصلت.
أومأت “روان” رأسها إليهِ وهي تُجيبــه :
_طيب.
سألها برجاءً :
_توعديني؟!..
أجابتــه دون أن تبتسم :
_أوعدك.
تنفس بـ راحة ثم نهض من مكانه متوجهًا نحو باب الغُرفة، ألتفت برأسه ليرمقها بنظرةً أخيرة قبل أن يخرج من الغُرفة بل من المنزل بأكمله، بينما هبطت “روان” من على الفراش متوجهه بخُطوات مُتثاقلة نحو المرحاض، وهي تشعر أنها بداخل كابوس مُزعج أو فيلم سينمائي يُقص على المُصراعات بين رجــــال الأعمـــال.
************
عاد “طائف” إلى القصر لـ يستقبل أول كارثة، كان يخلل أصابع يديهِ بـ داخل شعره الأسود، وهو يشعر بـ صُداع كبير من قلة النومّ ومن كثره الأحداث التي مر بها، كان ينظر حوله بنظرات مُرهقة إلا أنه صُعـــــق وبشدة حينما وجد والدهِ “رأفت الحديدي” جالسًا على مقعد فخم كبير، يحدجه بـ عينين حادتين گالصقر وعينين قاسيتين لا تُرحم، سحب نفساً عميقاً قبل أن يتحرك نحوه بخُطوات هادئة، هبَّ والدهِ ثائرًا من مكانهُ وهو يصرخ فيه :
_وديتها فين؟؟؟..
لم يستطع إجابته، فـ رفع يده للأعلى لـ يصفعه بـ قوة على صدغه، أغمض عينيهِ وقد أرتعش جسده للحظة من قوة الصفعة، أمسكه من تلابيبه وهو يهدر بصوتٍ جهوري :
_وديتها فين يا طائف؟؟.. إزاي تعمل كده من أساسه؟؟.. إنت أكيد مش إبني!!!..
قالها بغضب وهو يتركه لـ يتراجع للخلف عدة خُطوات بينما دافع “طائف” عن نفسهُ قائلاً بنفي:
_لأ أنا إبنك، أنا عملت كده عشان إحنا هنودي نفسنا فداهية، دي قضية خطف أُنثى!!!..
صاح بهِ بغضبٍ جامح گالأسود :
_بتتصرف من دماغك ليه؟؟..
طفح بهِ الكيل حيثُ قال بنبرة عالية :
_لأنك هترفض فالآخر، إنما دلوقتي مش هيبقى فيه أيَّ مشاكل.
إبتسم بتهكم وهو يقول بإستنكار غاضب :
_البت دي مش سهلة، البت دي ياإما هتروح البوليس ياإما هتروح لـ عزَّ الدين السيوفي.
نطق بهدوءً :
_هي وعدتني أنها مش هتقول حاجة ولا كأن في حاجة حصلت.
هدر فيه بعصبية وقد ظهرت عروق نحرهُ :
_إيه الضمان؟؟!.. إيه الضمان أنها مش هتنطق؟؟..
هز كفيهِ بقلة حيلة وهو يرُدَّ :
_للأسف الشديد مفيش ضمان!!.. بس هي واضح أنها مش من الناس إللي بتكدب.
أشار بإصبعيهِ قائلاً بتهديد صريح :
_طب أُقسم بـالله يا طائف لو راحت البوليس أو لـ عزَّ، ليكون آخر يوم في عُمرها.
هز رأسه إيجابياً وهو يتمتم :
_ماشي، بس متقربش منها زي ما وعدتها.
تمتم بإستخفاف :
_كمان وعدتها!!..
أضاف قبل أن يترك المكان :
_إنت أكيد مش إبني، لأ أنا كُنت كده ولا أُمك كانت كده، مش عارف إنت طالع لمين؟؟..
ترك المكان بأكمله متوجهاً بخُطوات سريعة نحو الدَرَج ليصعد عليهِ وقد عقد النية بالذهاب إلى غُرفته لـ يبدأ من جديد التفكير في خطة شيطانية التي ستكسر عدوه الوحيد والأبدي “عزّ الدين السيوفي”.
أمّا “طائف” فـ ظلّ واقفاً بـ مكانه يُتابع إنصراف والده لـ ينطق بـ :
_ربنا يُستُر، أنا مش مرتاح لـ إللي هيحصل.
************
في صباح يوم التالي، ذهبت “روان” إلى الشركة بعد خروجها مُباشرةً من منزل “طائف”، حيثُ أجلب لها بعض من الملابس المُحتشمة لـ ترتديهم عوضًا عن ملابسها التي ترتديها، والتي أصبحت مليئة بالأتربة والغبار بالإضافة إلى قطع كوم جُزء صغير بسيط من قميصها الأبيض، أصر “طائف” بأن تتناول وجبة الإفطار وبعدها بالذهاب إلى الشركة، وبالفعل عقب تناولها الطعام والشراب، جعلها تخرج من المنزل دون أن يراها أحد من يُمكن البناية، أستقلت سيارة الأجرة وأمرته بالتحرك نحو شركة “عزّ الدين السيوفي”.. وها قد وصلت!!..
قبل أن ندخل مكتبها أتى لها أمر بالذهاب إلى رب عملها، شعرت بالخوف وهي تُسير نحو مكتبه، طرقت على الباب بتوتر لـ تستمع إلى صوته الغاضب وهو يأذن بالدخول، تمتمت وهي تدخل لـ نفسها بذُعر :
_أُستر يارب.
دخلت المكتب لتراه جالساً ينظر لها بترقب، بلعت ريقها بصعوبة وقبل أن تبدأ أن تتحدث قال بلهجة لا تُغتفر :
_إيه إللي أخرك سيادتك لحد دلوقتي؟؟..
تلعثمت وهي تُجيبــه :
_آآآ… أصـ.. ل.. آآ
نهض من مكانه والغضب يشتعل بداخل حدقتيهِ، حينما أقترب منها ووقف أمامها كانت أستطاعت أن تقرأ ما بداخلهما، قرأت بهما الجحيم!!!..
نطق بصوتٍ گالسيف يجعل الجسد يرتجف من كثرة الخوف من نبرته القوية :
_أصل إيه؟؟.. رُدَّي!!..
عقد لسانها عن اللفظ، شعرت بأن حروف العالم قد طارت من عقلها من شدة التوتّر الذي أجتاحتها، عندما وجدت أمامها الذئب بـ غضبه المشحون، كاد أن يتحدث إلا أنه أبتلع كلماته وضيق عينيهِ بريبة وهو يرى الخدوش والجروح السطحية التي في وجهها، أشار بكفي يده ناحية الجروح مُتسائلاً بغلظة :
_إيه الجروح دي؟؟..
ردَّت بخفوت :
_أصلي عملت حادثة وأنا جايه على هنا، في عربية خبطتني فوقعت على الأرض جامد.
بدا غير مُقتنع ما قالته ولكن أظهر العكس حيثُ قال بإقتضاب :
_ألف سلامة عليكي.
_الله يسلمك يا مستر عزّ.
نطق بخشونة :
_طب خلاص أنا مش هحاسبك على التأخير، روحي على شُغلك وأنا رايح مشوار مُهم وهرجع تاني بعد ساعة كده.
طأطأت رأسها قائلة بأسف :
_طيب أنا آسفة يا مستر عزّ.
أجابها بهدوءً :
_مفيش داعي للأعتذار، يالا على مكتبك وأنا ماشي.
هتفت مُبتسمة :
_تمام يا مستر عزّ، مع السلامة.
أجابها وهو يتحرك :
_مع السلامة.
*************
كان “رأفت” يجلس على الأريكة واضعاً رأسه بين راحتي يده، تنهَّد بضيق وهو يشعر بالغضب بسبب أفعال نجله الوحيد، إذا أستمر على ذلك فـ حتماً سيضيع كُل شيء في لحظة.
ماذا لو علم عن قتله الكثير من الأبرياء؟؟..
ماذا لو علم عن تجارته الغير مشروعة؟؟..
تفكيره في ردة فعله جعل الإختناق يزداد بداخله، أبعد رأسه حينما أستمع إلى صوت جرس الباب، إبتسم بتهكم وهو يرى إحدى الخدامات متوجه نحو الباب لـ تفتحه، مُعتقدًا عودة إبنه الوحيد من الخارج، ولكن سُرعان ما تلاشت إبتسامته لـ يحل مكانها الوجوم، هبَّ واقفاً من مكانه، تحركت شفتاه تلقائياً مُغمغمًا بـ :
_عزّ الدين السيوفي!!..
وقف “عزّ الدين السيوفي” أمام “رأفت الحديدي” وقد تقوس فمه بإبتسامة قاسية مرددًا بعينين ظالمتين گالظلام الدامس :
_أيوة يا رأفت يا إبن الحديدي.
************
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2))