رواية مرسال كل حد 2 الفصل السادس والخمسون 56 بقلم آية السيد
رواية مرسال كل حد 2 الفصل السادس والخمسون 56 بقلم آية السيد
رواية مرسال كل حد 2 البارت السادس والخمسون
رواية مرسال كل حد 2 الجزء السادس والخمسون
رواية مرسال كل حد 2 الحلقة السادسة والخمسون
بصتله هدية باستغراب: ايه الي حصل خلاك تتحول مرة واحدة كدا؟
قعد في زواية الأوضة على كرسي بيتكلم بتردد: مفيش.
“يعني ايه مفيش؟ أنت من بعد ما شوفت الموبيل وأنت اتحولت”. قالت الأخيرة بتمسك الموبيل, أحمد جري بيحاول ياخده قبل ما هي تشوفه, بس هي مسكته قبله, الغريبة إنه كان بيقولها تسيب الموبيل من غير ما يلمسها, بصيت لجونير بسأل: هو فيه ايه في الموبيل ممكن يخليه يتحول كدا.
“إذا كنت تريد معرفة ما بالهاتف فيمكننا عرضه لك”.
“يعني ايه؟ هو خالد متحكم بتلفون أحمد كمان؟”
“كل الأجهزة الالكترونات التي يمتلكها أحمد فالسيد خالد متحكم بها حتى الشركة وما يتوارد إليها ويخرج منها”.
“أنا مش فاهم ايه البني آدم ده, عنده هوس غريب بالتطفل والتحكم في كل حاجة”.
اتنهدت ببص تاني عالشاشة كانت هدية بتقرأ بصدمة, سابت الموبيل بتبصله بقهرة: ده مش حقيقي صح؟
سكت بيبص في الأرض, بصتله بتتقدم ناحيته: أنت عملت التحاليل دي امتى طيب؟
“من كام يوم”؟
اتقدمت تجاهه تاني بتحاول تمد ايدها ناحية وشه بس هو كان بيتراجع لورا وهو بيقول: ابعدي, أنا مش هتحمل تتعدي.
“بس أنت واحشني”. قالت كلماتها بتعيط بتتقدم ناحيته وهو بياخد خطوات لورا بيكمل: هدية أرجوك ابعدي.
“ليه, مش يمكن هو كذاب”.
“أنا عملت نفس التحاليل في تلات أماكن مختلفة والتلاتة دلوقتي بعتوا نفس النتيجة, مستحيل تكون غلط”.
“عادي ما هم كلهم بشر وممكن يغلطوا”. قالت الأخيرة بتضمه بتتخفى بين أكنافه بتعيط, حاول ينفك عنها بيبعدها وايده بترتعش: هدية أرجوك ابعدي.
كانت ضامه كطفل يخشى أن يضل أمه, بتعيط بتكتم جسمها بيرتعش من الخوف والقلق بتشهق بالبكاء, أحمد كان متجمد مكانه, لا عارف يواسيها ولا قادر يبعدها عنه, بنبرة تخللها شهيقها بالبكاء ولومها: أنت خاين لوعدك, وعمري ما هصدقك تاني, كل شوية تقولي قد ايه إنك خايف أسيبك تاني زي هند وأنت أهو الي عايز تسبني لا وبنفس مرضها كمان علشان مقدريش ألمسك, قد ايه أنت قاسي, مش بعد ما خسرت كل حاجة علشانك تسبني, مش بعد ما استنيت 19 سنة تمشي دلوقتي, مش بعد ما استسلمت ليك كليًا تغدر بي دلوقتي.
كانت بتقول كلماتها بدون وعي بتتخفى فيه بتعيط بحرقة, كانعاجز قدامها لحد ما اتمالك شجاعته, بيبعدها عنه وهو بيقول: أنا آسف.
حاولت تقرب منه بس جي ون وقف حائل بينها وبينه بيقول: آسف سيدتي, تلك آوامر. أحمد محاوليش يبصلها وقعد على السرير متجاهل عياطها وهي بتكلمه: بس أنا عايزة أفضل معاك النهاردة, علشان خاطري, الليلة دي بس.
أحمد قام من مكانه وأخد مفاتيح عربيته, وكان جي ون لسه ماسك هدية الي كانت بتبص لأحمد بقهرة بتناديه والعياط بيقتلها, خرج برا الأوضة بيتفادى إنه يضعف قدامها.
مكنتش عارف هل المفروض أحس بالشفقة تجاهه ولا ده عقابه على كل الي عمله, هل ممكن يكون فعلا نفس مرض هند الي ماتت به, بس الي مش فاهماه للآن إن خالد قال إنها ماتت بنفس المرض المعدي رغم إن راشد قال إن آخر ليلة كانت نايمة في حضنه, مش قادر أربط ما بين الأمرين أكيد فيه حاجة غلط, كنت مشوش لحد ما سمعت صوت بيقول: أكيد دي خطة من خطط خالد.
بصيت ناحية الصوت ليقته حسام بيقعد جمبي, بصتله باستغراب مش فاهم: ازاي؟
“خالد بطبعه شخص أناني, عايز يكون الأول عند الكل ولما حس إن هدية قربت من أحمد, بدأ يحس بالخطر, وده ممكن يكون الي خلاها يتلاعب بالنتايج علشان يثبت لأحمد إنه المخلص الوحيد الي فضل جمبه.
“بس ليه؟ هو قالي إنه بجد بيحبه وإلا مكنش خوفه عليه جبر يعمل باب لأوضته”.
“ما هو علشان بيحبه عايزه ملكه وحده, نفس حب التملك الي عند أحمد بس على كبير”.
“مش يمكن مجرد استنتاج وأحمد فعلًا عيان”.
اتنهد حسام بيبص لجونير: جونير ابعتلي التقاير دي.
“علم وينفذ سيدي”.
“هو عادي جونير ينفذ كلامك”.
“جونير أصلا كان الأليف بتاعي بس هو بقى مع خالد طول الوقت”.
“أنتوا متصالحتوش؟”
سكت لوهلات بيبصلي بعدين دور وشه عني بيتنهد: لا.
“عامة مش هتدخل بينكم, ده قرارك في الأول والأخر”. قومت من مكاني وأنا بقول كلمتي الأخيرة, بصلي حسام بيسأل: أنت هتروح لعمر؟
“لا تميم”.
“تميم؟ ودلوقتي؟ ليه؟”
“حاسس إني محتاج أتكلم معه”.
“ينفع متجبلوش سيرة عن المرض لحد ما نتأكد”.
“مكنتش هكلمه عن أحمد أصلًا”.
“طب استنى هجي معاك, مينفعيش تروح لوحدك بليل”.
أومأت راسي بالإيجاب وساعدني حسام أخرج من متاهة الخروج دي واخدنا عربيته لحد بيت تميم, رنيت الجرس وفتحلي الباب حارس في التلاتين من عمره, الي استغربته انه سمحلي انا وحسام بالدخول من غير ما يسألني أنا مين, لحد ما فهمت ليه بعد ما ليقت رماح واقف على باب القصر بيبتسملي, أتقدم ناحيته بيبتسم بسأل: لسه فاكرني؟
ابتسم بيسلم علي: فيه ناس صعب ننساهم, وأنت روحك بتفكرني بأحدهم.
ابتسمت بعدين كملت: مش مستغرب وجودي في الوقت ده؟
“بص على اعتبار إنك شبهها في تصرفاتها الطفولة فوجودك هنا إما لسبب ضروري أو لسبب تافه عادي, هي بالنسبالها مكنتش بتميز الوقت عامة وأظن عندك نفس الاستراتجية.
ابتسمت: بصراحة كنت جاي علشان أشوف تميم.
“هو المفروض إنه حاليًا, بس هل هو نايم أو بستيعد في الذكريات مش عارف بصراحة”.
“احنا قلقناك طيب من النوم”.
“لا عادي كنت برسم وبستعيد نفس المأساة لحد ما ليقتك في الكاميرات”.
“علشان كدا الحارس سمحلنا ندخل بدون ما يسألنا”.
“بالظبط, بس عامة تعالوا وأنا هشوفه”.
قال الأخيرة بيتقدم لداخل القصر وأنا وحسام استنينا في غرفة الاستقبال”.
وفي الاثناء دي بصيت لحسام بسأل: أنت سمعتنا ازاي أنا وخالد؟
“واضح إنك وأخوك بتسألوا أسئلة مش في مكانها ولا وقتها”.
“فضول بصراحة”.
اتنهد بيسرد: تدراكت إن خالد مهكر الأليف الآلي بتاعي لأن جدي حاول يتصل بي كذا مرة وديما كان الاتصال بيتقطع لحد نزل من سفره مخصوص وجالي البيت, وقتها بدأت أحس إن فيه حاجة غلط, شيكت على الأليف, ليقته متهكر فعلا وحد تاني بيتحكم فيه غير وطبعا مفيش غير خالد, كنت جاي علشان أسأله عن السبب بس حاولت اتصل به مردش فتحت كاميرات المخبيء بتاعنا على أساس أكلمه من خلاله لو ليقته جوه بس ليقتك أنت وخالد وخالد كان مستحيل يكشف مكان المخبيء ده لحد علشان كدا شوفت وسمعت كل حاجة من خلال الكاميرات والمستشعرات المرتبطة بأليفي.
وقبل ما أرد ليقت تميم واقف على مدخل الاوضة بيبصلي بنظرات حذر: عايز ايه؟
بصله رماح بعتاب: دي طريقة تستقبل بيها حفيدك بعد كل السنين دي؟
“أنا ماليش حد غيرك, لا عندي ولاد ولا أحفاد”. قال كلماته الأخيرة وكان لسه هيمشي لحد ما وقفته بباشر: أنا عارف إنك يمكن بتكرهني, يمكن علشان خالد أو يمكن علشان شايفني حفيد مرسال مش حفيدك لأني اتربيت في بيتها بس أنا جاي النهاردة بصفتي هادي أحمد تميم غير مقرون بأي حد تاني او بمثل أي حد تاني غير نفسي.
صمت لوهلات ودار وشه ناحيتي بيسأل: طيب يا هادي أحمد تميم الغير مقرون بأي حد تاني ولا تمثل إلا نفسك, عايز ايه؟
“جيت علشان اعتذر”.
بصلي باستغراب فتابعت: أنا عارف إنك شايف أننا كلنا بنكرهك بما فيهم زين لأني أدركت إنه لما ساب راشد وجه يدور عليك, مجاش علشان يرجعلك بعد الغياب ده كله هو جه علشان يلوم عليك وينفي كونك أبوه من حياته, زي ما أحمد عمل, بس أنت غبي.
بصلي باستغراب تخلله نقمه: أفندم؟
“أنا آسف مش قصدي بس دي الحقيقة, صحيح إنك خسرت هند بس أولادك لسه عايشين وكل واحد فيهم كون عيلته الخاصة, بدل مانت مكتفي بس برماح ليه متفكريش في عيلتك الأكبر, أنا بحترم صداقتكم الي دامت العمر ده كله, ومقدر إنه كان معاك لما كل عيلتك خذلتك بس أنتو كمان خذلتهم, أنت كمان محاولتش تتماسك بأحمد لما قرر يطردك برا حياته بعد ما خلاص كنت هتقرب منه, رغم كونك متيقن إن خالد السبب وإنه عمل كدا من ورا قلبه بس علشان خاطر أمه وأنت للأسف محاولتش تتمسك به, أحمد غرق في البحر الي خالد أجبره يكون فيه بسببك, هو من الأساس عنده تروما من الماضي بسبب كرهك لمرسال وانتقامك الي عماك لحد ما خسرته وخسرت كل حاجة, وحتى زين استسلمت لكونه رفضك ومحاولتش تشرحله حتى مشاعرك أو أنك عايزاه, زين كان متلغبط بين مشاعره لأبوه الي رباه وحمى مامته وبين أبوه الحقيقي الي دمره ودمر أمه, عايزه يتقبلك كدا عادي من غير ما تقدم أي تنازلات تبين فيها حتى إنك فعلا عايزاه, إنك فعلا بتحبه, أنت بتعاني من الوحدة وبتكابر وبتعاند زيك زي ولادك وأحفادك علشان مهما كان صاحبك ده جزء من عيلتك فالعيلة تبقى عائلة ووجودها هو نعمة أنت محاولتش تسعى ليها.
بصلي لوهلات صامت بعدين تابع: ليه بتقولي أنا الكلام ده؟ ايه الفايدة الي هترجعلك؟
“هو أنتوا عيلتكوا دي كلها مصالح في مصالح مجاش على بالك مرة إن فيه حد بيعمل كدا علشان عايز يلم العيلة تاني, علشان كاره التفكك والكره والأمراض النفسية الي عمالة تتغلغل في شريان كل واحد فيكم, علشان حاسس إن فيه بذرة حب موجودة في قلب كل واحد بس محتاجة بس الي يسقها علشان تكبر, مجاش على قلبك إني بجد عايز أعمل كدا علشان بحب عيلتي, أنت بتحب ولادك بجد يا تميم؟ أقصد تعرف يعني ايه مشاعر حب وكدا وامتنان وحنان؟ أنت عارف أنا بردو كنت زي زين رباني أب مش أبوي بيولوجيًا بس ربني على مباديء أبوي الحقيقي معندوش منها, كان ديما يقولي, العائلة أولًا ثم يأتي أي شيء آخر بعدها, العيلة هي الي بتسند لما بتقع, وهي الي بتحب بدون مصالح, وهي بتدعم وتشجع لما تحس إن مفيش أمل, هي السكينة بعد عناء يوم طويل, هي الرحمة بعد زحمة تكسير خواطر من الدنيا, هي المودة الي أي ناس عايش ومتعايش بها.
رماح بص لتميم بيكمل على كلامي: هو معاه حق يا تميم, محدش عارف الأيام مخبية ايه, انا مش دايم ليك, ويمكن لقدر الله لو جرالي حاجة, أنا مش هبقى مطمن عليك من بع…
قاطعه تميم بغضب: بس اسكت, كذا مرة أقولك متفوليش بحاجة زي دي. قال كلمته الأخيرة وسبنا ومشي, رماح لحقه بيناديه: تميم استنى.
مش عارف ليه بس فضولي قادني أمشي وراهم, لحد ما ليقت رماح دخل ورا تميم أوضة, وقفت أنا على باب الاوضة من بعيد براقبهم, كان تميم قاعد على كرسي المكتب مميل راسه وكأن جبل من الهموم تراكم عليه, رماح جر كرسي وقعد قصاده, ابتسم بيرفع وشه: أنت اتضايقت مني.
بنبرة تخللها نقمه ونبرة تباكي بيحاول يخبيها: علشان أنت غبي, أنت عارف كويس أني ماليش غيرك, وإني كل يوم بصحى بنفس وسواس الخوف عليك, مش ناقصك انت تزودهولي, مش عايز أفكر فأزاي هكون من بعدك, أنت عارف إني من اللاشيء متفتت, عارف إني مجروح ومش حمل جرح تاني, عارف إني لسه بتعذب بغيابها وأنت الوحيد الي مهون علي شطحات الألم الي مش بتخلص, أنت عارف أنك أنيسي.
“عارف بس عارف بردو إن مش بس غياب هند الي وجعك, وعارف كويس جدا قد ايه هيفرق معاك لو رجعت أولادك لحضنك تاني, عارف قد ايه أنت كنت بتغير من مرسال علشان هي قادر تحضن وتلم أحفادها وأولادك وأنت مش عارف حتى تكلم حد فيهم مكالمة صوت, خايف توجههم وديما بتهرب منهم علشان شايفينك شرير قصتهم, الأب الجبروت الي قتل أمهم.سكت لوهلات بيبصله لحد ما اترمى بين أكنافه بيتختفى بيكتم صوت بكاؤه, يبدو إن كل واحد فيهم كان لابس قناع مش قناعه, احنا في النهاية بشر والضعف فطرة اتخلقنا به, سبتهم ومشيت من غير ما يحسوا بي وسبتلهم ملاحظة على ورق بالمكان والميعاد, طلبت من حسام نمشي لحد ما وصلني لبيت عمر الي بمجرد ما فتحت الباب ليقته بيضمني بسألني بلهفة: كنت فين؟
“كنت بعمل كام مشوار بس”.
“ومش بترد علي لي وأنا بتصل بك”.
“أنا آسف, أصل طلبت من دي بي إنها تفصل كل مكالماتي”.
“كدا يا هادي؟ أنا كنت بموت من القلق, كنت خايف إنك تمشي, تسبني لمجرد إنك شايف نفسك نقطة ضعف بتفكرني بها”.
“أنا فعلا كنت هعمل ده بس بعدين أدركت إني محتاجك وإني لي حق فيك أكتر من أي حد من ولادك, وجودك في حياتي مبقاش تفضل منك, هو فرض عليك علشان مفيش أب بسيب ابنه لمجرد إنه شبه أمه أو حتى بيتخلى عنه مهما كان السبب”.
ابتسم: على فكرة أنت مفكش شبه من هدية ولا بتفكرني بيها عامة فكنت هتمشي على الفاضي.
ابتسمت: قصدك إني أحلى.
ابتسم بيضرب مؤخرة رأسي برفق: لا طبعًا هي, بس أنا لما بشوفك مش بفتكر غير مرسال, أنت روحك كلها روح مرسال بطفولتها.
“يعني كل الدراما الي حصلت دي وفي الاخر طلعت شبه مرسال”.
“وأنت تطول يا ابني”.
“شوف أديك اعترفت”.
ابتسم بيضحك, بصتله بتابع: من مدة طويلة أول مرة أشوفك بتضحك.
“أنت كان معاك حق, فيه ناس حوالي تستحق إني أكمل علشانهم وأولهم أنت لأن الحياة مش بتقف على حد خاصة لو الشخص ده هو الي استغنى عنك, أوقات بنبقى لازم نموت علشان نتولد من جديد”.
“يعني أنت مش زعلان من هدية أو عليها؟”
“هي صفحة قررت أقفلها مع نفسي علشان أفوق لصفحة جديدة في حياتي, لا أنت ولا أمي ولا مريم ولا مازن يستحقوا إنهم يتفككوا بالشكل ده علشان عيلتنا نقصت واحد, صحيح الألم مش بايدنا بس أنا قررت أتصالح مع الفكرة, يمكن هدية كانت حب حياتي الوحيد لكن خلاص هي الي اختارت زي مانا كمان قررت أختاركم”.
“أنت عارف إني بحبك؟”
ابتسم بيضمني ليه: عارف.
ابتسمت بنفك عنه بتابع: أنت عارف مشكلة آل تميم ايه؟
بصلي باستغراب: آل تميم؟ قصدك جدك؟
“أه, مشكلتهم انهم متحضونهوش وهم صغيرين خاصة الولد خالد ده, اكيد اتولد في مافيا مش عيلة طبيعية بالعقل ده”.
ابتسم بيضحك بيمسك ايدي بيدخل وبيقفل الباب بيعقب: وأنت بقى الي تمام علشان اتحضنت وأنت صغير.
“ولسه وأنا وكبير أهو, واضح إن الحضن ده له سر غير طبيعي, أنت عارف أن الانسان من وقت للتاني بيحتاج يتحضن علشان بيعاني من الجوع الجلدي”.
“طب يلا يا أستاذ هادي آل تميم اتفضل على اوضتك علشان الساعة بقت 5 الفجر, ومن أول بكرا يبقى لينا كلام تاني في حوار المواعيد دي.
“بمناسبة بكرا أنت عندك مانع تكون في نفس المكان الي هدية هتكون فيه؟”
بصلي باستغراب: ليه؟
“لأن ناوي بكرا أجمع كل العيلة وأنت أهم فرد فيها بالنسبالي”.
ابتسم بيمسح على شعري: مقدريش أوعدك بس هحاول.
ابتسمت وطلعت على أوضتي, ولسه هطلب من دي بي تتصل بأحمد إلا وليقت جونير بيدخل من الشباك, بصتله باستغراب: بتعمل ايه هنا؟ أنت مش المفروض تكون مع خالد؟
“السيد حسام طلب مني أن أظل لجانبك في حالة إذا أردت أن ترى السيد خالد وكيف تجرى أموره”.
ابتسمت: هو مفهمك علشان أراقب حركة خالد وهو في الحقيقي بعتاك علشان يخلني أطمن عليه من وقت للتاني على أساس إنه مخصامه وكدا
“أظن ذلك فمستشعراتي الآلية تستشعرت توتره وخوفه وتردده وهو يطلب مني ذلك”.
“طب خلاص وريني خالد عامل ايه دلوقتي”.
“علم وينفذ”. قال كلمته الأخيرة بيفتح شاشته بيعرض صورة خاد وهو لسه في المكان الي سابه فيه حسام منقبع بذاته, مميل راسه على ركبته حاففهم بايده الي ملطخ من أثر الدم الي نزل نتيجة ضربات حسام, بيعيط بصوت عالي كطفل مشرد, صوت شهيقات بالبكاء كانت متواصلة من أثر بكاؤه المتزايد, وكأنه خسر آخر شخص فكر أنه بيحبه, مش عارف أتعاطف معه ولا أحقد عليه, المشكلة إن لسه فيه جزء من قلبي زعلان عليه, هل أنا مشفق عليه لأني مدرك أديه شعور الوحدة والنبذ ده مميت, ما يمكن كان بيعمل كل ده علشان احساسه بالتهميش, يمكن كان عايز ينبهم إنه موجود حتى ولو بالشر, هو مش مبرر بس هو في النهاية أثبت وجوده والكل بردو بعد عنه حتى أكتر شخص كان واثق إنه مستحيل يبعد عنه, اتنهدت عقلي شارد بيتخبط في عقلي مشاهد كتير, أنا قلبي واجعني, أنا مكنتش عارف إن لحظات ضعفهم توجعني بالشكل ده, مكنتش متخيل إني هقول كدا بس أنا كسرة أحمد وخروج من البيت تايه مكسور وجعتني, عياط وحرقة هدية لسه بتسمع بقلبي, حتى انقباع خالد وصوته تنهداته وشهقاته بأنه خسر كل حاجة, مش عارف أعمل ايه, اتنهدت ببص لجونير: ينفع تتصل بزين.
“لمَ؟”
“ولا اقولك حددلي موقعه بس وأنا هروحله”.
“في الواقع السيد زين ليس في المنزل”.
“أمال فين؟ ثم أنت عرفت منين؟”
“السيد خالد متحكم في الأليف الآلى الخاص به لهذا يمكنني رؤية تحركاته لحظة بلحظة”.
“ده الي هو ازاي مش فاهم؟”
“السيد خالد واجه السيد زين بحقيقة كونه عمه لكن السيد زين طلب منه ألا يخبر أحمد بالحقيقة الآن وطلب منه مساعدة”.
“مساعدة؟”
“حينما أتى السيد زين لشركة السيد أحمد لأول مرة وطلب منه العمل لديه في الشركة وافق السيد أحمد بعدما أجر كل تحقيقاته واكتشف حقيقة الأمر لكنه أخفى علمه بالأمر أيضًا, في تلك الأثناء تقرب كل منهما من الآخر لكن السيد زين اكتشف أن السيد أحمد يعاني من نوبات اضطراب وأحيانا يفقد الوعي بعدما أتى للمنزل عدة مرات ولم يكن على مرام, كما أن خالد كان يتصل به حينما يغشى على السيد أحمد وهو من كان يوصله للمشفى ثم يغادر قبل أن يراه, لهذا طلب من خالد أم يصنع له جهاز يستشعر حالات الاضطراب التي تحدث له وجهاز تعقب حتى يعلم مكانه, ويبدو أن الجهاز استشعر اضطراب مشاعره وحزنه فالجهاز لا يستشعر فقط اضطراباته الجسدية بل أيضًا مشاعره التي تتضح من لغة جسده لهذا خرج وتعقبه لمكانه وفي تلك الأثناء اخترق السيد خالد أليفه وهو يعد له هذا المستشعر ويربطه بأليفه”.
“يعني تقدر تظهرلي زين دلوقتي؟”
“أجل”.
“طب يلا”.
فتح جونير شاشته تاني بيعرضلي المشهد من خلال الأليف الآلي الخاص بزين, كنت شايف أحمد قاعد على طرف السور المحاط بالنيل شارد تايه بدون وعي, الصمت بيحفه والحزن بيعلوه, ظهر زين من ورا أليف بيتقدم ناحية أحمد بقلق: أستاذ أحمد!
ابتسم من غير ما يبصله: لسه مصر تتظاهر إنك مش عارف إني عارف إنك أخوي؟
بخوف رد زين: طب انزل الأول وبعدين نتكلم.
دار أحمد وشه وجسمه ناحية زين وهو لسه قاعد عالسور: متقلقيش أنا مش غبي للدرجة دي علشان أرمي نفسي من هنا, أكيد مش هضحي بلحظة كنت مستناها من 19 او عشرين سنة في لحظة ضعف.
“تقصد هدية؟”
“معنديش غيرها”.
“طب انزل علشان نتكلم”.
“في ايه؟”
“بخصوص التحاليل”.
بصله باستغراب بينزل من فوق السور: محدش يعرف إني عملت تحاليل.
“أنت أكيد دورت عني لما جيت أشتغل وأنت عارف كويس إني لما اخترت قسم الماركتنج مكنش عندي أي خبرة فيه قبل كدا لأن مهنتي الأساسية اساسًا دكتور بس أنا عملت كدا علشان كنت فاكر إنك أكيد هتكون ناقم علي, كوني اتربيت مع الشخص الي اتحرمت منه وأنت صغير أكيد هتفكر إني السبب في بعدها عنك, كنت خايف أواجهك خاصة إنك مكنتش من النوع السلس في التعامل علشان كدا كنت محتاج أقرب منك الأول وتفهم إني مش الشخص الوحش الي متخيل, علشان كدا وقفت شغل في المستشفى بمجرد ما بدأت الشغل في شركتك بس أوقات كانوا بيطلبوني مناوبات بليل أو في الاجازات لما الوضع بيكون طاريء, وفي اليوم الي أنت عملت فيه التحاليل أنا كنت موجود, ولما سألت عرفت تفاصيل التحاليل الي عملتها حتى أنا كنت مستنيها, وشوفت النتيجة امبارح على فكرة التحاليل كانت كويسة جدا بس تفاجئت من شوية بحسام بيبعتلي التحاليل الي وصلتك, كان عايز يتأكد من صحة التحاليل لأنه شاكك إنها مش سليمة, الغريبة إن التحاليل كانت بتقول إنك بتعاني من نفس المرض المعدي الي جه ليها فترة, بس ده مش حقيقي, أنت تمام, مش عارف مين ممكن يكون له مصلحة من ده.
“يعني أنا تحاليلي تمام؟”
“أه”.
أحمد ابتسم بيتقدم ناحيته: زين أنت بتتكلم جد.
“أه”.
أحمد ابتسم بيرفعه من الأرض بيلف به: يعني عادي أقدر ألمس أي حد كدا.
زين ابتسم مذهول: أحمد نزلني ا أنا مش هدية لناس هتستعبطنا.
ابتسم بينزله: معلش الحماس أخدينا شويتين, بس قصدك بايه بمرض معدي جه ليها فترة معينة هو مش المفروض إنه اتكرر تاني وده كان سبب موتها.
“لا طبعًا مين فهمك كدا؟”
“أمال هي ماتت من ايه؟”
“لوكيميا, كانسر في الدم”.
“ايه؟ بس خالد فهمني إنه…”
“ايه؟”
“مش مهم, ممكن بس تبعتلي النتايج الحقيقية”.
“ماشي, بس مش عايز تدور مين لعب في النتايج”.
“مش لازم”.
“طب لو أنت لسه مضطرب, تحب تبيت عندي النهاردة”.
“لا, عايز أروح بيتي”.
زين ابتسم بيربت على كتفه: خلاص أشوفك بكرا. قال الأخيرة بيهم بالمغادرة لحد ما أحمد وقفه بيسأل مستغرب: زين لحظة.
بصله زين باستفهام فتابع: عرفت منين إني هنا؟ هدية نفسها متعرفيش أنا فين؟
ابتسم بثقة بيرد: لما أنت دورت علي وعرفت كل معلوماتي هل تدخلت وسألتك عن مصادرك؟ قال الأخيرة بيمشي, أحمد اتنهد بيركب عربيته بيطلب منها تتصل بخالد, وبما إن جونير كان معي فالاتصال جالي لكن أنا مردتيش, فجرب يرن على فونه وبردو مردش, فاتصل بحد من الحرس وطلب منهم انهم يطلبوا من خالد يستناه في المكتب, المميز في جونير إنه بمجرد ما زين مشي قدر ينقل على الأليف الآلي الخاص بأحمد الي وصل البيت بيدخل مكتبه حيث كان خالد قاعد مستنيه في صمت مميل راسه.
دخل أحمد المكتب بيقعد على الكرسي الي قصاده بيتابع: أكيد عرفت أنا عايزك ليه.
“طالما عايزيني بعد ما شوفت النتايج يبقى أكيد اكتشفت حقيقية الموضوع, وإني الي زيفتها”.
“مش ده بس الي اكتشفته, كونك بتبعت من كود المستشفى فده معناه إنك مهكر الأليات الخاصة بالمستشفى”.
“شوف عايز تعاقبني ازاي؟ مبقتش فارقة”.
“مش دي المشكلة أنا بس مش فاهم ليه عملت كدا؟”
رفع وشه بيبصله: هتفرق معاك؟”
بصله أحمد باستغراب مزجه قلقه: مين الي عمل في وشك كدا, وليه عيونك حمرا كدا؟
“ومن امتى وانت بتسأل أسئلة زي دي؟”
سكت أحمد لوهلات وبعدين تابع: أنت عارف إني اكتشفت إنك كنت بتكدب علي في حوار تميم؟ وإنه مالوش ذنب في موت هند, ليه خلتني أطلعه من حياتي وأكره بالشكل ده؟ ايه الي هتستفيده؟
“وأنت من امتى وأنت بتحب تميم؟”
“أنا عمري ما كنت عايز أكره تميم, أنا بس كنت عايزه يديني مبرر واحد على الي عمله في أمي غير كرهه لمرسال, علشان أنا بكره كرهه لمرسال لأنها عمرها ما أذيته ولا أذت أي حد فعذره أقبح من ذنبه”.
سكت خالد بدون كلام مميل راسه, تابع أحمد حديثه بيبصله: خالد أنت بتكرهني؟!
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية مرسال كل حد 2)