رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم أميرة مدحت
رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الفصل الحادي والعشرون 21 بقلم أميرة مدحت
رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) البارت الحادي والعشرون
رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الجزء الحادي والعشرون
رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2) الحلقة الحادية والعشرون
جلسا على مقعدين متقابلين، تقدم الخادم نحوهما، ووضع الطعام على المائدة في أطباق كبيرة بيضاوية، كان من نوع السمك البوري، تأملها وهي تدس المعلقة بداخل فمها، حدق بملامحها الرائعة بل أروع ما رأى، ثم إبتسم إبتسامة لم يكن يعلم أنه يمتلك بمثل جاذبيتها وهمس بصوتٍ رجولي :
_إنتي إزاي قمر كده ؟؟..
أرتسمت إبتسامة على شفتيها مفرطتيْ الرقة والحمراوين بدرجة مثيرة :
_بـجــد!!..
هتف بذات الهمس :
_أجمل حاجة شوفتها في حياتي كانت عينيكـي، عينـيكـي إنتي وبس يا ياسمينا.
أخفضت عينيها على الطبق وهي تشعر بالخجل الشديد، هتفت بصوتها الرقيق :
_إيه يا عز؟؟.. إنت عارف إني مش أد الكلام الحلو ده.
هتف بإبتسامة واثقة :
_لأ إنتي أده، بس بعشقك وإنتي مكسوفة.
تابع بإبتسامة خطفت أنفاسها من قوة جمالها :
_وبقيتي أجمل بعد ما لبستي الحجاب.
تورد وجهها وتدفقت الدماء الدافئة في عروقها، ظلت إبتسامة المشرقة تلوح على ثغره، وقد عزم أن يفاجئ معشوقتهُ الليلة.
**************
جلست “روان” على الفراش وهي تطلق زفيرًا حارًا، رفعت رأسها للأعلى وقد أغمضت عينيها بقوة، تلك الوحدة تكاد تقتلها خنقًا.. تقتلها ببُطء، تمنت لأولُ مرة وجوده جوارها، فتحت عيناها وهي تهتف بإشتياق بعد أن لمعت عيناها بالدموع :
_وحشتني أوي يا طائف.
هبطت دمعتين من عينيها وهي تردد :
_حُبنــا شبه مُستحيل بسبب أبوك.
تابعت بغلٍ واضح :
_ربنا يخدك يا رأفت يا إبن الحديدي، ربنا يخدك وأخلص من قرفك.
**************
حدق “إيهاب” به بنظراتٍ مدهوشة، في حين كان “طائف” في حالة شرود، حيثُ قال وهو في عالم آخر :
_مش عارف حبيتها إمتى ولا إزاي!!.. بس يمكن دافع حُبي ليها إني كنت بدور على بقعة بيضاء إللي جوا قلبي، والبقعة دي مظهرتش إلا لما هي دخلت حياتي.
أصغى إليه بإهتمام شديد ثم سأله بدون تردد :
_قولتلها؟؟..
أومئ رأسه إيجابياً، ليسأله سؤال آخر :
_طب وقالت إيه؟؟..
طأطأ رأسه بآسى وهو يُجيب :
_رفضت حُبي ليها، رفضته جامد.
كانت ردة فعلها متوقعة من وجهه نظر “إيهاب”، فلو كان مكانها، لكان فعل هذا التصرف، فالحب هو الأمان، أضاف “طائف” بصوتــــه الحزين :
_بس هي عندها حق، أنا لو مكانها كنت هبقى مرعوب، هي محتاجة أمان، أمان أفتقدته من زمان، وأنا مش هقدر أديها ده، مينفعش أكون أناني، لازم تعيش براحة، لأن ده أبسط حقوقها.
هتف “إيهاب” بنبرة رجولية قوية :
_عندك حق، بس حقيقي يا طائف، أنا فخور بيك جدًا.
نظر حوله نظراتٍ سريعة وهو يسأله :
_إنت من ساعة ما خرجت من المُستشفى لغاية دلوقتي عملت إيه؟؟..
أجاب بنبرة عادية :
_بدور على شُغل، أي شغل المهم إني أشتغل عشان أنا محتاج أجمع مبلغ معين في دماغي، عشان أفتح شركة تبقى ليا أنا، أنا على مدار السنين دي جمعت مبلغ كويس جداً من شغلي فالشركة بتاعت والدي.
هتف “إيهاب” بحذرٍ :
_بس دي فلوس حرام؟؟..
إبتسم بإطمئنان وهو يُردف بـ :
_ماتقلقش، والدي بدأ فالأعمال الغير مشروعة من سنة و٣ شهور، لأن تصرفاته العدوانية ظهرت في خلال الفترة دي.
هز “إيهاب” رأسه هاتفًا بإبتسامة :
_طب كويس جدًا، وأوعدك إني هشوفلك بعلاقاتي ومعارفي شغل ليك.
تابع وهو يربت على كتفه :
_وإن شاء الله خير، بس قول يـارب.
وضع “طائف” كف يده على يد “إيهاب” الذي يضعه على كتفه وقد أرتسمت بسمة صغيرة على شفتيه :
_يـارب يا إيهاب.
**************
دخل “عزّ الدين” غرفته وهو يحاوط خصرها، ترك سترته على الأريكة ثم بدأ بفتح أزرار قميصه الأسود وهو يحدق فيها بشغف واضح، جلست على طرف الفراش لـ تنزع حذائها عن قدميها ثم بدأت في فركهما بتمهل، ضاقت نظراتها نحوه مُتسائلة بإستغراب :
_إنت بتُبصلي كده ليه؟؟..
قالتها وهي تنهض تنزع لـ تنزع سحاب ثوبها الأسفل، بينما رد وهو ينزع قميصه :
_إنتي مش متصورة الخروجة دي معاكي فرقت معايا أد إيه.
نزعت ثوبها عنها وجذبت منامتها الحريرية لـ ترتديها سريعًا، تنهدت بعمق وهي ترد عليه :
_صدقني يا عز، الخروجة دي متعرفش عملت فيا إيه، أنا فعلاً كُنت محتاجة أخرج أوي.
أرتدت منامتها وبدأت تعبث بخُصلات شعرها وهي تنفضها في الهواء، دنا منها “عزّ الدين” بخطوات هادئة، ثم حاوط خصرها بقوة بذراعه الأيمن، بينما هي تنظر له بإستغراب شديد، فـ مزاجه مُنذ عودته ليس سيئـًا على الإطلاق، كادت أن تتسائل عن سبب ذلك التغير ولكن لم يمهلها لحظة واحدة، حيث ضمها بقوة بذراعه الآخر، دفن وجهه عند عنقها وشعرها، وأستنشق عبيرها الذي مازال يجعله في حالة جنون، تعلقت ولم تحاول أن تتراجع، فتلك اللحظات تكون من أجمل لحظات حياتها.
أبتعد عنها ليسند جبينه على جبينها قائلاً بهمسٍ :
_عايزك تستعدي.
سألته بخفوت :
_أستعد لـ إيه؟؟..
تراجع ولكن لم يبعد يديه عن خصرها قائلاً بإبتسامة مشرقة :
_إحنا محتاجين نبعد عن الناس لفترة، نبقى لوحدنا شوية، نبعد عن المشاكل والهموم والحزن، نبقى مع بعض، أنا وإنتي وبس!!..
تساءلت بإبتسامة توضح مدى إندهاشها :
_مش فاهمة بردو أستعد لإيه؟؟..
رفع يده ليخلل بأصابعه داخل شعرها الطويل قائلاً بإبتسامة جذابة :
_إحنا هنسافر لمدة أسبوعين كده، وهوريكي في الأسبوعين دول أيام عمرك ما هتنسيها .
صفقت بيدها قائلة بحماس :
_بجد، هانروح فين؟؟..
زادت إبتسامته إشراقًا وأصبحت جذابة أكثر عن ذي قبل وهو يقول بعينان لامعة ببريق رائع :
_هانروح فرنسا، باريس Paris.
حدقت به بصدمة عارمة وهي تقول بدهشة :
_باريس!!.. مش معـقــول!!..
توقفت على أطراف أصابع قدميها لـ تتمكن من تقبيل صدغه بقُبلة مطولة مليئة بالمشاعر جعلتــه قد أطلق العنان لـ مشاعره الرجولية، طوقت عنقه بذراعيها وهي تتراجع برأسها، هبط بوجهه سريعاً إليها يُقبل شفتيها بنعومة.. وشغف.. يودّ حقًا أن يأخذها الآن إلي مكان بعيد عن عين البشر، إنفصلا عن العالم في لحظات من الشغف، حاولت الإبتعاد عنه وهي تقول بأنفاس لاهثة :
_عز، مش هينفع.
قَبّل عنقها بسخاء ولم يُرد عليها، فقررت دفعه قائلة :
_عز، قولتلك مش هينفع، ده مش وقته.
همس بغيظ ولا يُزال يلهث :
_ماشي يا ياسمين، بس أعملي حسابك، أننا هناخد ميعاد مع الدكتورة عشان لازم نبدأ نتابع.
ضحكت وهي تقول :
_حاضر
رمقها بغيظ مكتوم، في حين كانت تحاول كتم ضحكاتها، هتف مع ذاته بضجر :
_الله يخربيتك يا ياسمين، خلتيني مهووس بيكي.
**************
في صباح يوم جديد، خرج “عزّ الدين” من المصعد بخُطوات هادئة ثابتة، فرك طرف ذقنه وهو ينظر للجميع بتفرس، عقد ما بين حاجبيه وهو يجد سكرتيرتـه “روان” جالسة أمام مكتبها تتفحص بعض من الأوراق، أقترب منها وهو ينطق إسمها بخشونة، فهبت واقفة على الفور وهي تُحيه بصوتٍ خالي من الحياةُ، في حين سألها بجدية :
_حمدالله على سلامتك، كنتي تخليكي في البيت ومرتبك كان هيوصلك.
هتفت ببسمة صغيرة للغاية لم تصل لعينيها :
_مكنش في داعي يا مستر عز، أنا الحمدلله بقيت كويسة.
أشار بإصبعيه آمرًا إياها بصرامة :
_طب تعالي ورايا.
تحركت خلفه بهدوء وهي تتأكد من تعديل حجابها حفاظاً على شكلها، دخل “عزّ الدين” الحجرة وهي خلفه، فتح أحد أدراج المكتب بالمفتاح، وأخرج دفتر شيكات نقدي وقلم حبري من جيب سترته، لحظات وكان يمد لها الشيك الورقي وهو يردد :
_أتفضلي.
سألته بتعجب :
_إيه ده يا فندم؟؟..
هتف بصوتٍ أجش :
_أنا وعدتك إن في مُكافأة هتاخديها عشان إخلاصك ليا، وإخلاصك ده عرض حياتك للخطر، أتفضلـي.
عارضته مرددة :
_لأ يا فندم أنا مش محتاجة ومش عايزة.
نظر لها بحدة هاتفًا :
_أنا قولتلك خُدي يبقى تاخدي.
هتفت برجاء :
_يا مستر عز، أنا..
قال بصرامة شديدة :
_أنا شيكاتي مبترجعش وكذلك كلمتي، أتفضلي.
ألتقطه منه ونظرت في الرقم بداخله بتوتر، لتجحظ عيناها هاتفة بصدمة :
_خمسين ألف جنية!!!.. لأ يا فندم ده كتير، أنا برفض.
هتفت بقوة :
_مفيش حاجة أسمها رفض يا آنسة روان، أنا كلمتي زي السيف، وإنتي عارفة ده كويس.
حقًا أنها على علم بذلك، رغماً عنها أخذته، هتفت بشُكر :
_حاضر يا مستر عز، وشكراً جداً.
هتف بجمود كما أعتادت :
_مفيش داعي للشكر، تقدري تروحي تكملي شغلك، وأبعتيلي مستر إيهاب.
أومأت رأسها بخفة ثم تحركت ناحية باب الحجرة لتدلف للخارج، بينما جلس هو على المقعد الجلدي قبل أن يصدر هاتفه رنين صاخب، أخرجه من جيب بنطاله ثم أجاب على الهاتف دون أن ينظر من المتصل وكأنه كان ينتظر تلك المكالمة، حيثُ قال بجدية :
_هَـاا.. إيه الجديد؟؟..
صمت لكي يستمع إلى رد الطرف الآخر، سأله “عزّ الدين” بحدة :
_متأكد من الكلام ده؟؟.. طب كمل.
صمت لثواني معدودة، ثم قال :
_ماشي تمام، مع السلامة.
أغلق الهاتف ثم وضعه على سطح المكتب، رفع عينيه الحادة ناحية الباب الحجرة حينما شعر بدخول “إيهاب”، ألقي عليه السلام قبل أن يجلس بهدوء، سأله “عزّ الدين” بترقب :
_أخبار طائف إيه؟؟..
رد بجدية :
_روحتله إمبارح زي ما إتفقنا، لقيت حالته سيئة جداً.
سأله بذات النبرة :
_حالته سيئة عشان عشان روان رفضته بعد ما أعترفلها بحبه؟؟.. ولا من موضوع أبوه.
رد “إيهاب” عليه :
_من الأتنين، والأتنين أصعب من بعض.
وقف فجأة” عزّ الدين” ثم أولاه ظهره وهو يهتف بنبرة غريبة :
_محدش هيحس بيه غيري أنا يا إيهاب.
سأله بفضول :
_أشمعنا ؟؟..
رد ببساطة :
_لأنه أترفض من أول حب في حياته، وأنا لما ياسمين رفضتني، كانت هي أول حب في حياتي، فحالتي أتدهورت، وكمان حقيقة والده بشعة، وأنا حقيقة والدتي كانت بشعة يا إيهاب.
أستدار له وهو يسأله :
_المهم هو قالك حاجة على موضوع الشغل ده؟؟..
هز رأسه بجدية مجيبًا :
_أيوة، من ساعة ما خرج من المستشفى وهو بيدور على شغل بس مش لاقي.
هتف بثقة غريبة :
_ولا هيلاقي.
قطب جبينه بدهشة متسائلاً :
_طب ليه؟؟.. ليه بتقول كده؟؟..
أجاب بنبرة عملية :
_جتلي مكالمة من دقيقتين، المكالمة الهاتفية دي بتأكدلي أن رأفت بلغ كل إللي يعرفهم وإللي ميعرفهمش أن محدش يشغل إبنه، وهو بيعمل كده عشان يرجع لحضنه.
نظر له بذهول، وقد ساد الصمت على المكان حتى قاطعه “عزّ الدين” بصوتــــه الآمر القوي الحاد :
_إسمعني كويس يا إيهاب، ونفذ إللي هقوله بالحرف الواحد لأني قررت أساعده بس بطريقتي.
**************
بعد ساعة، دخل “طائف” مدخل الشركة برفقة “إيهاب” بعد أن وصلت إليه مكالمة هاتفية منه صديقه الجديد، زفر زفيرًا حارقًا وهو ينظر حوله نظراتٍ جامدة گالجليد، أستمع إلى همس من بعض الموظفات ولكن لم يعبأ بهم، دخلا المصعد ليهتف بتساؤل :
_هو عاوزني في إيه عز؟؟..
أجابه ببسمة متحمسة :
_إن شاء الله هتشتغل هنا، هو بلغني بـ ده.
سأله بحيرة :
_أشتغل إيه هنا؟؟..
هز كفيه مرددًا :
_لأ في دي معرفش، بس متستعجلش إنت كده كده هتعرف.
خرج من المصعد متوجهين ناحية مكتب” عزّ الدين”، ألتفت” طائف” عفوياً بعينيه وهو يخلل أصابع يده بداخل شعره، لـ يتصلب جسده حينما رأها، بلع ريقه بصعوبة وعيناه تعبر عن ما بداخلهما، أشتاق حقاً لرؤيتها، أقترب ناحيتها غير شاعراً بما يفعله وبما حوله..
كانت تُسير بالممر متوجهه إلى مكتبها، سُرعان ما شهقت وهي تسمع صوتـه الذي لم تُخطئه أبدًا وهو ينطق بإسمها، أستدارت له وقد وضعت يدها على صدرها تهدئ من ضرباته التي أوشكت على تحطيم قفصها الصدري، نطقت إسمه بهمس :
_طائف ؟؟..
**************
جلس “منصور” بداخل غرفته، أقترب من الكومود ليفتح الدرج الثالث والأخير، أخرج هاتفه الذي لا أحد يعرفه حتى أقرب الناس إليه، ضغط على الرقم الوحيد الذي في قائمة الأتصال، ثم وضعه على أذنه منتظراً الرد بفارغ الصبر، أتاه الرد بعد لحظات من الطرف الآخر قائلاً :
_أيوة يا منصور، إيه الأخبار؟؟..
رد عليه بإحترام :
_كله تمام يا Boss، بس….
صمت للحظاتٍ ليُصيح الأخير فيه بريبة :
_ما تنطق!!.. بس إيه ؟؟..
هتف “منصور” بقلق :
_يعني قلقان شوية من إللي بيحصل ده.
قست تعبيرات وجهــه وزادت ظلمة عينيـه الرمادية مرددًا بغلظـة وصـرامــة :
_مينفعش تخاف وإنت بقيت من ضمن رجالة عز الدين السيوفي.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية براثن الذئاب (على ذمة ذئب 2))