روايات

رواية التل الفصل السادس 6 بقلم رانيا الخولي

رواية التل الفصل السادس 6 بقلم رانيا الخولي

رواية التل البارت السادس

رواية التل الجزء السادس

التل
التل

رواية التل الحلقة السادسة

_ لاه
نظر إليه الجميع بدهشة وأولهم حسان الذي تحدث بحدة
_ انت بتجول ايه؟
نهض خالد من مجلسه وتحدث بثبات
_ بجول مش هطلج إلا لما اقعد معها لول.
نظرت إليه ياسمين بوجوم وقررت الموافقة كي تعرف ما ينوي الوصول إليه فنهضت بدورها
_ موافجة.
تطلع إليها بحنين جارف وتمتم بامتنان
_ تعالي نجعد لحالنا
أشار لها لغرفة المكتب ودلفت معه ثم أغلق خالد الباب خلفه فوقفت هي تنظر إليه تنتظر حديثه
لكن ما أدهشها حقًا هو رؤية ذلك الانكسار داخل عينيه وكأنها ترى شخصًا آخر وخاصة عندما تحدث برجاء
_ ياسمين أنا آسف، اديني فرصة خليني اكفر عن ذنبي في حجك وأوعدك مش خليكي تندمي.
شعرت بصدق حديثه لكنه جاء متأخرًا فردت بهدوء
_ للأسف ياخالد مبجاش ينفع انا وانت نفس قصة جواد وشمس اتحكم علينا نعيش مع بعض مجبرين خلينا نخرج على الاجل من غير خسائر وجرح جلوب اكتر من اكدة
الأفضل إننا ننسحب بهدوء لأن جلبي خلاص جفل بالنسبالك
_ بس اني بحبك.
_ بتحبني بس عمرك ما حسستني بده يبجى بلاش منه افضل، خلينا ننسحب بهدوء وبلاش نجرح بعض أكتر من إكدة.
تقدم منها خطوة ارتدتها هي للخلف مما جعله يندهش من مدى رفضها له فغمغم بألم
_ للدرچة دي رافضة جربي؟
اشاحت بوجهها بعيدًا عنه وتمتمت بجمود
_ خالد أنا عمري ما حبيتك وانت خابرة إكدة من البداية ومع ذلك اصريت تتزوچني
يمكن انت خفت تجول لجدي لا، بس لو وجفت چامبي لما جولتلك مش ريداك كنت هحترمك على الأجل بس انت أصريت يبجى تتحمل.
تحدث بصدق
_ بس أنا فعلاً مجدرتش أجول لجدي لا لأنك خابره زين هو ممكن يعمل ايه، كان عندي امل تحبيني بعد الجواز زي ما حصل مع يسر وعدي ….
قاطعته بانفعال
_ متقارنش نفسك بعدي، عدي عمره ما ظلم يسر ولا فكر حتى يخونها
إنما انت الخيانة في دمك من قبل حتى ما نتزوچ، انت خنتني بعد فرحنا بأسبوع واحد وكنت بتعرفها كل اسررنا وجليت مني جدامها.
هز رأسه بنفي وتحدث رافضاً اتهامها
_ محصلش عمري ما فكرت أجل منك
قطبت جبينها بدهشة وهي تسأله بتهكم
_ كل اللي عملته ده ومقلتش مني؟!
ابتسمت بمرارة وتابعت
_ خلينا نخرج بالمعروف ياخالد وبلاش نفتح في الماضي، خلينا نحتفظ باللي باقي بينا وهي صلة الدم وكفاية اللي حصل لحد كدة.
شعر خالد بأنه حقًا خسر تلك المرة
_ يعني خلاص مفيش أمل؟
هزت راسها بنفي
_ خلاص ياخالد مبقاش ينفع.
في الخارج
كان جواد جالسًا على جمر ملتهب وهو منتظر انتهاء الأمر والخروج من القصر
لم تخفى عليه نظرات عدي المُدينة له وهي بقتل أخته كما يزعم الجميع والآن يفرق بين أخيه وزوجته
و يحيى الذي ينظر إليه باشفاق وفي نفس الوقت يدينه
يعلم جيدًا بأن العيون كلها مصوبة تجاهه لكنه لم يبالي
هو موجود فقط لأجل أخته وبعد خلاصها سيتركهم خلفه ويذهب دون الالتفات لهم.
خرجت ياسمين بصحبة خالد وحسان يأمل أن تكون نفوسهم تراضت وانتهى الأمر
لكن خاب أمله عندما وقف خالد أمامها ويلقي كلمته بعد صمت دام للحظات
_ انتي طالق.
لم تتخيل أن تكون وقع الكلمة على أذنها بتلك الحدة
نعم كانت تأمل الخلاص منه يومًا لكن لم تتخيل أن تؤلمها كذلك
أما حسان فقد نظر إلى خالد بغضب تلاشاه وهو يمضي على قسيمة الطلاق وخرج من القصر تاركًا الجميع خلفه غير عابئ بشيء
مضت ياسمين بدورها وانسحبت بهدوء مع أخيها وخرجوا من القصر وهو يشعر بالنصر رغم دموع اخته التي لازمتها حتى عادوا إلى المزرعة.
فهذا انسب كل لها، وهنا ارتاح قلبه الذي لم يهدئ مطلقًا منذ أن تركها في القصر ورحل
الآن فقط استرد باقي عائلته من ذلك القصر وانطوت صفحته..
_______________
في محطة القطار
جلست توليب على مقعدها تنتظر انطلاق القطار إلى وجهه لا تعرفها
وبدأ الخوف يتسرب إليها
ماذا ستفعل إن لم تجدها؟
وماذا إن لم يسمح لها أحد بالبقاء إذا علموا بمصابها
ماذا لو صادفت الشرطة هناك وتم القبض عليها
لا لن تذهب ستعود
نهضت مسرعة عندما دوى صوت القطار معلنًا عن انطلاقه واستدارت لتترجل منه لكنها تعثرت في أحد المارة وسقط كلاهما أرضًا
نظرت إليها توليب معتذرة
_ أنا اسفة مكنتش أقصد
نهضت نور وهي تتمتم بتفاهم
_ حصل خير.
انتبهت توليب لتحرك القطار فنهضت مسرعة لتترجل منه لكن فات الأوان وانطلق القطار مسرعًا إلى وجهته
فأسندت رأسها بكمد على الباب وأخذت تنظر إلى الطريق من نافذته فتتساقط دموعها رغماً عنها وظلت على ذلك الحال لحظات حتى استسلمت وعادت لمقعدها
مرت ساعات طويلة داخل القطار وكل واحدة منهم تتساءل ماذا ينتظرها
وعند كل محطة يفكر كلاهما بالترجل والعودة لكن يمر الأمر عليهم بالاجبار ويظلوا في أماكنهم
ظلوا على ذلك الحال حتى وصل القطار إلى وجهته
ترجل الإثنان وخرجا معًا دون أن تلتفت إحداهما للأخرى
أشارت توليب لسيارة أجرة وتقدمت منه تسأله
_ ممكن توصلني لقصر حسان الخليلي؟
رحب الرجل وسمح لها بالصعود
أما نور فلم تعرف عنوانهم أو اسم عائلتهم
فجلست على الرصيف تفكر ماذا تفعل
فكل ما تعرفه عنهم بأن أحدهم يدعى مراد والآخر مؤيد
ظلت على ذلك الحال لحظات حتى فكرت في الذهاب لكبير البلدة وهو يساعدها
فاقتربت من سيارة أجرة وسألت الرجل
_ ممكن توصلني للعمدة أو أي حد كبير في البلد.
رد الرجل بتهذيب
_ تحت امرك.
صعدت السيارة وانطلق السائق متخذًا طريقه
وظلت هي تفكر ماذا لو لم يستطيع أحد التعرف عليهم
فالاسماء تتشابه والقرية تبدو كبيرة
فقررت نور أن تسأل السائق
_ تعرف حد في البلد اسمه الدكتور مراد وله أخ مهندس معماري اسمه مؤيد
فكر الرجل قليلًا ثم سألها
_ تجصدي مراد العوامري؟
هزت رأسها بحيرة
_ مش عارفة اسم عيلتهم بس كل اللي اعرفه إن عندهم حالة وفاة من أسبوع
أومأ الرجل مؤكداً
_ يبجى هما، أخوهم كان عايش في مصر؟
أكدت مسرعة
_ اه بالظبط
_ يبجى هما، عشر دجايج ونكون عنديهم
تنهدت نور براحة
_ متشكرة اوي.
_ لا شكر على واجب
عادت نور بظهرها للوراء وهي تشعر بالراحة فقد تساهلت الأمور في طريقها لكن لا تعرف ما يخبأ لها فور وصولها.
_____________
ظلت توليب تنظر للطريق من نافذة السيارة تشاهد الحقول والخضرة التي تحتل جزءً كبيرًا من تلك البلدة الصغيرة
تذكرت حينما أتت إليها في زفاف ياسمين
بصحبة ابيها وإلين
كيف كان جالساً بجوارهم يشرح لهم أهمية الزراعة وكل شيء متعلق بها
كانت سعادتها لا توصف بتلك المناظر الخلابة
تلك الأطفال الذين يمرحون في الطرقات بأمان
والنساء الذين يحملن الطعام لأزواجهم في الحقول
وأخرى تساعد زوجها في جمع الثمار.
النخيل الذي يحمل التمر بمختلف انواعه
والأطفال تتدارى حوله وهم يمرحون بحرية.
كل شيء حولها تراه كأنه يعاد مرة أخرى أمامها
ظلت على حالها حتى بدأ القصر بشموخه يظهر أمامها تدريجيًا وبدأ شعور الرهبة يتسلل إليها حتى فكرت في التراجع
لكن إلى أين، فهذا هو المكان الوحيد الآمن لها
توقف السائق أمام القصر وظلت هي للحظات تنظر إليه وشيء بداخلها يطلب منها التراجع لكن فات الأوان
ترجلت من السيارة لتحاسب السائق ثم انطلق عائدًا بسيارته
نظرت للقصر بوجل ثم تقدمت من أحد الرجال ويبدو أنه مكلف بالحراسة فسألته
_ لو سمحت ممكن اقابل ياسمين
نظر لها الرجل بتفحص واجاب بهدوء
_ ست ياسمين هملت الجصر.
اتسعت عينيها بصدمة كبيرة وشعرت بأن الدنيا تلتف بها
فقد بدأ الليل يسدل ستائره
والقطار لن ينطلق إلا في الصباح فماذا ستفعل الآن.
وقفت توليب بصدمة لا تعرف ماذا تفعل
فلا يمكنها العودة الآن
ولا تعرف مكان تقضي فيه ليلتها وقفت حائرة حتى ظهرت تلك السيارة التي تقدمت من البوابة الكبيرة فأسرع الجميع بفتحها كي تعبر السيارة لكنها توقفت أمام توليب
❈-❈-❈
ترجلت نور من السيارة وشكرت السائق ثم تقدمت من المنزل تفكر فيما يقابلها بداخله
طرقت الباب والخوف سيد الموقف
فتفتح لها أحد العاملات وسألتها بوجل
_ لو سمحتي ممكن أقابل الست أم مراد؟
أومأت لها وقالت بترحيب
_ اتفضلي هي موچودة چوة.
دلفت نور وهي تحمل حقيبتها وتجوب عينيها المكان حتى استقرت على والدته والتي تجلس في بهو المنزل بكمد وبجوارها ابناءها
تقدمت منها العاملة وهي تقول
_ في واحدة بتسأل عليكي
نظر الجميع إلى نور التي ظهرت من خلف العاملة بنظراتها المرتبكة فغض مراد بصره عندما وجدها أمامه دون حجاب وبنطال أسود ضيق قليلًا وغمغم بضيق
_ استغفر الله العظيم.
نهضت سلمى لترحب بها
_ أهلًا وسهلًا اتفضلي.
تركت نور الحقيبة من يدها ونظرت إلى آمال وقالت بصوت واهن
_ لو سمحت ممكن اتكلم مع حضرتك لوحدنا؟
تطلعت إليها أمال بوداعة وقالت بترحيب
_ اتفضلي يابنتي مفيش حد غريب دول ولادي.
اخفضت عينيها بحزن عميق وتمتمت
_ معلش بس أنا جيالك في موضوع شخصي.
اندهش الجميع وأول ما قام هو مراد الذي نظر إلى أخيه
_ يلا يا مؤيد عشان نروح المشوار اللي جلتلك عليه.
أيده مؤيد وخرج معه كما فعلت سلمى مع سهر وتركوهم وحدهم
أشارت لها أمال بالجلوس
_ اتفضلي يابنتي تعالي جانبي
جلست نور على الأريكة بجوارها وقالت بغصة
_ البقاء لله الأول
ردت بصبر
_ الحمد لله على كل حال خير يابنتي
تناولت نور حقيبة اليد وأخرجت منها عقد الزواج وقدمته لها بريبة
نظرت أمال للورقة بحيرة فيبدو أنها قسيمة زواج وسألتها
_ ايه دي يابنتي؟
_ افتحيها وانتي تعرفي.
أخذت أمال الورقة وفتحتها بين يديها فتتسع عينيها بصدمة وهي تشاهد صورة ابنها بجوار صورة تلك الفتاة بعقد زواج رسمي لهما.
نظرت إليها أمال بصدمة فتخفض نور عينيها بألم
_ أيوة أنا وآسر متجوزين بس كان مخبي على ولده عشان كان رافض جوازنا ولما عرفت إني حامل قرر يواجه أبوه بس ملحقش….
توقفت نور بهلع عندما تراخي جسد أمال وفقدت الوعي..
_______________
في النيابة
قررت النيابة أخلاء سبيله لعدم ثبوت أي أدلة تدينه بل كل الأدلة تشير إلى توليب
عاد توفيق إلى المنزل ويبدو عليه القلق على صغيرته
لم يعرف ما حدث لها ولم يخبره أحد عنها شيئاً
فتح تميم الباب ودلف خلف والده الذي حمل هموم الدنيا على كاهله
اسرعت إليه سلوى بلهفة
_ توفيق حمد لله على السلامة
جلس على المقعد بارهاق وغمغم بتعب
_ الله يسلمك ياسلوى
جلست بجواره وهي تسأله بتأثر
_ عامل ايه دلوقت؟
عاد بظهره للوراء وتحدث بتعب
_ تلات أيام مروا عليا وانا في الحبس كأنهم تلات سنين ربنا يستر ومحدش يقدر يوصلها
آمنت خلفه وقالت بتعاطف
_ طيب انا هروح اجهزلك الحمام وبعدين احطلكم الغدا
أومأ لها توفيق وذهبت لتحضر ملابسه ثم نظر إلى تميم يسأله
_ أختك فين دلوقت؟
أخفض تميم عينيه ولم يستطيع الرد
مما جعل القلق يتسرب لقلب توفيق فعاد يسأله
_ مترد عليا أختك فين؟
تمتم تميم بوجل
_ مش عارف
عقد حاجبيه مندهشًا ونهض وهو يسأله
_ يعني ايه مش عارف؟ هي مش عند إلين؟
هز رأسه بنفي
_ أنا روحت امبارح اسأل عليها إلين قالتي أنها بعتتها الشقة اللي في ….. ولما افتكرت انها نسيت المفتاح راحت وراها بس ملقتهاش والبواب قالها إن محدش دخل العمارة.
امسكه توفيق من تلابيبه وهدر به
_ وانت كنت فين؟ وإزاي واقف قدامي كدة من غير ما تقلب الدنيا عليها.
اسرعت سلوى تبعده عنه وهي تتساءل
_ ايه ياتوفيق في ايه؟
نالها نصيبًا من غضبه وهو يهدر بها
_ فين بنتك ياهانم؟ ولا انتي شيلاها من حسباتك.
نظرت سلوى إلى تميم وقالت بقلق
_ تميم قالي أنها عند إلين وانا مردتش اروحلها عشان محدش ياخد باله.
تحدث تميم باحراج
_ ماما متعرفش حاجة.
صاح به يعنفه
_ انت تخرس خالص ومسمعش صوتك، كنت فاكر إني سايب راجل في البيت بس يظهر إني كنت غلطان وتطلعت عيل
نظر لسلوى وتابع بتعنيف
_ وانتي ياهانم ياللي مصدقتي وخلصتي منها متصلتيش على إلين ليه واطمنتي على بنتك.
انقبض قلبها بخوف على ابنتها وغمغمت بخوف
_ انا انشغلت بيك وقلت هي مع صاحبتها
نظرت إلى ابنها وقالت بانفعال
_ اختك فين؟
عاد يخفض عينيه ولم يستطيع الرد عليها فهو بحث عنها ولم يجدها
دفعهم توفيق بعيدًا عنه وهو يقول بغضب
_ خليكم انا اللي هدور عليها
لحق به تميم لكنه منعه بحدة
_ خليك مكانك مش عايز اشوفك قدامي.
توجه إلى منزل إلين التي فرحت برؤيته
_ أهلاً ياعمو حمد لله على السلامة
_ الله يسلمك يا بنتي، أومال فين توليب؟
قطبت جبينها بدهشة وسألته
_ هو تميم معرفش مكانها؟ انا من وقت ما خرجت من الشقة وانا معرفش عنها حاجة وحتى الفون أدهم خلاها تقفله.
نهش القلق قلبه وعاد يسألها
_ طيب متعرفيش حد من اصاحبكم ممكن تروح عنده؟
هزت راسها بنفي وقالت
_ لأ انت عارف إن توليب ملهاش اصدقاء غيري.
شكرها توفيق وذهب يبحث عنها في مكان آخر
لم يترك مكان الا وبحث به فزاد عليه الأرهاق وعاد إلى المنزل والخوف لا يرأف به
وما إن دلف المنزل حتى اسرعت اليه سلوى تسأله بلهفة
_ عرفت حاجة عنها ؟
هز رأسه بنفي وهو يلقي بجسده على الأريكة
_ ملهاش آثر.
انقبض قلبها خوفًا على ابنتها وغمغمت بقلق
_ يعني راحت فين؟ انا خايفة تكون اتخطفت.
اسند رأسه على ظهر الأريكة وأجاب بوجوم
_ ياريتني اعرف، والمشكلة أن فونها مقفول يعني مش هنعرف نوصلها إلا إذا كلمتنا هي.
_ خلاص نبلغ الشرطة
رد بسخرية تغلفها المرارة
_ هقولهم ايه؟ اقولهم دوري على بنتي اللي مطلوب القبض عليها؟ واللي بنفسي هربتها منهم؟
جلسوا جميعاً بكمد وقلبهم يأن بحزن عليها وتوفيق لم يكف عن الاتصال عليها وإرسال الرسائل ربما تراها
……..
انتبهت سهر التي كانت تتداري لتسمع حديثهم لسقوط أمال فأسرعت إليها بعد إن نادت سلمى ونظرت إلى نور بغضب
_ انتي عملتي فيها ايه؟
هزت نور رأسها بنفي
_ معملتش حاجة..
قاطعتها سلمى
_ مش وقته ياجماعة روحي يا سهر هاتي الجهاز والانسولين بسرعة.
رمقتها سهر بنظرة حانقة ثم ذهبت لتحضر الجهاز
وتقوم بالاتصال على مؤيد كي يعرف ما يدور.
هم مؤيد بالصعود لسيارته لكنه توقف قائلاً
_ استنى نشوفهم بيتصلوا ليه
أجاب مؤيد
_ خير ياسهر..
قاطعته بلهفة
_ الحج يامؤيد البنت اللي چات دي معرفاش جالت ايه لأمك خلتها سجطت من طولها
أغلق مؤيد الهاتف بخوف ونظر لمراد قائلاً بقلق
_ امك تعبت تعالى نشوف فيه ايه
عاد كلاهما إلى الداخل ليتفاجؤا بوالدتهم غائبة عن الوعي وسلمى تقوم بقياس السكر لها.
تقدم منهم يسألهم بقلق
_ ايه اللي حصل؟
شحب وجه نور عندما رمقها مراد متسائلًا فاخفضت عينيها بأسف دون النطق بشيء
لكن سلمى انتشلتها من اعينهم الحانقة
_ متقلقوش السكر مش عالي أوي هتفوق دلوقت
اعطاها مراد جرعة مخففة من الأنسولين فبدأت آمال تفتح عينيها رويدًا
وقع نظر مراد على تلك الورقة التي سقطت على الأرض فمال ليلتقطها فتتسع عينيه بصدمة وهو يقرأ محتواها
رفع نظره إليها فرمشت هي بعينيها مرات متتالية وقد هربت الدماء من عروقها حتى كادت أن تسقط بدورها لكنها تماسكت
سألها مراد
_ ايه اللي في الورجة دي؟
ازدردت لعابها بصعوبة بالغة وتمتمت برهبة
_ دي قسيمة جواز.
هدر بها مراد
_ خابر انها جسيمة زواج بس إزاي واحنا منعرفش حاچة عن الموضوع ده.
رافت سلمى بحالة الفتاة رغم انها لا تفهم شيء فتقدمت من زوجها تقول بتعاطف
_ مراد براحة على البنت مش شايف وشها عامل ازاي.
صاح بها مراد بغضب
_ خدي سهر وادخلوا چوة دلوجت.
اجفلت سلمى لعلمها بمدى غضبه واشفقت على الفتاة وسحبت سهر التي عاندت قليلًا ثم ذهبا معًا للداخل
تمتمت أمال بتعب
_ براحة ياولدي خلينا نفهم في ايه.
صاح مراد بوالدته
_ اسكتي انتي يا أما خليني افهم
عاد بنظره اليها غير عابئ بحرمانية النظر إليها من شدة غضبه وعاد يسألها
_ جولي ايه الحكاية بالظبط
اهتزت نظراتها وحاولت التحلي بالشجاعة أمام تلك العيون التي لا ترأف بحالها فتمتمت بألم
_ أنا كنت متجوزة آسر من غير أهله ما يعرفوا لأنهم كانوا رافضين جوازنا، قالي انه حل مؤقت بس لحد ما يقنع والده وفي اليوم اللي قرر يواجهه فيه عمل الحادثة ومات
غشت الدموع عينيها وتمتمت بحزن
_ وللأسف عمته طردت ماما وهددتني عشان كدة جيت اتحامى فيكم.
لم يقتنع مراد بحديثها وعاد اسئلته
_ وانتي عرفتي طريجنا إزاي؟ واحنا اول مرة نشوفك.
اخفضت عينيها وهي تمحو عبراتها بظهر يدها وتمتمت بألم
_ لأن ماما الله يرحمها كانت شغالة عندهم واسر كان مواعدني إن لو ابوه اصر على الرفض هنيجي نعيش عندكم بس للاسف مات قبلها.
لم يقتنع مراد بحديثها وعاد يسأل
_ معجول آسر أخوي كان جايلك العنوان بالتفصيل؟
حاول مؤيد تهدئة الأمر لكن مراد صاح به
_ استنى انت.
ثم نظر إليها ينتظر اجابة فتمتمت بألم وهي تمسح عبراتها
_ كان حكيلي عنكم وقالي ان بلدكم اسمها التل في المنيا، لما نزلت من القطر سألت السواق واديته المعلومات اللي اعرفها لقيته عارفكم وجابني على هنا.
عاد مراد ينظر إلى الورقة ويقرأ محتواها بتمعن فكل شيء بها صحيح اسمه كاملا واسم والدتهم وصورته والامضاء التي يعلمها جيدًا
طوى الورقة بين يده ونظر إليها بحدة
_ والمطلوب؟
لاح الانكسار في عينيها وتمتمت برهبة
_ أنا مش عايزة حاجة غير أنكم تحموني، عمته اتسببت في موت ماما وهددتني انها هتأذيني لو مبعدتش وانا مليش مكان اروحه وخصوصاً إني حامل.
اتسعت اعينهم بصدمة أخرى وكأن صدمة واحدة فقط لا تكفي فتأتي ما هي أشد وأقوى.
هز مراد رأسه بصدمة وهو يغمغم بنفور
_ استغفر الله العظيم، استغفر الله العظيم.
كل ذلك يحدث وأمال تكتفي بالدموع التي تتساقط بغزارة من عينيها فهي تعلم ابنها جيدًا لا يسمح لأحد بالتدخل اثناء حديثه
أما نور فقد شعرت بأنها غير مرحب بها بينهم وعليهم الانسحاب بكرامتها
مالت لتأخذ حقيبتها وهي تقول بألم
_ أنا أسفة إن كنت عملتلكم ازعاج وانا بنسحب…..
قاطعتها أمال برجاء
_ هتهمليني بضي عيني وتروحي فين؟ خليكي يابنتي الله يرضى عليكي انتي الحاچة الوحيدة اللي بجيالي من ريحة الغالي.
نادى مؤيد على زوجته التي أسرعت إليه
_ خير
اشار لها على نور وقال بأمر
_ خديها چوة خليها ترتاح لول من الطريج وبعدين نكملوا كلامنا
لم تستطيع نور الرفض لأنها حقًا متعبة من الطريج وتشعر بألم شديد بعد تلك السقطة التي تعرضت لها في القطار.
سارت معها لكن نظرات سهر اجفلتها فنادى مراد على سلمى والتي جاءت بعد ذهاب نور
_ نعم يامراد
_ خليها تلبس عباية من بتوعك وتغطي شعرها ده.
اومأت له وأسرعت إلى غرفتها لتخرج لها عباءة وحجاب وذهبت إلى الغرفة التي كانت خاصة بآسر عندما يأتي من خلف أبيه.
وجدت سهر تخرج من غرفتها وما إن رأتها حتى سحبتها بعيدًا لتقول بسخط
_ البنت دي مش مرتحالها وشكلها إكدة خطافة رچالة، وجودها اهنه غلط علينا.
نهرتها سلمى
_ ياشيخة حرام عليكي انتي مش شايفة حالتها
همت بالذهاب لكن سهر منعتها
_ انا جلتلك وخلاص وانتي حرة
تركتها ودلفت للداخل فتجد نور تجلس على المقعد وتضع وجهها بين يديها وتبكي بقهر على حالها
اشفقت عليها سلمى وجلست بجوارها لتقول بحزن
_ بلاش عياط عشان البيبي.
رفعت نور وجهها الذي شحب من شدة البكاء وتمتمت بخفوت
_ متخيلتش إن كل ده هيحصل، ومكنتش اعرف إن الموت قريب مننا بالحد ده والا كنت ضغطت على قلبي اللي ضعف قدامه ووافقت إن ده يحصل.
ربتت سلمى على كتفها وتمتمت بتأثر
_ لعله خير ربنا عمره ما بيجيب حاجة وحشة ويمكن ربنا عمل كدة عشان يترك لولدته عوض عنه جزاء لصبرها، اتركي امرك لربنا وهو هيعمل الاصلح ليكي.
ناولتها الملابس وقالت بتعاطف
_قومي البسي الهدوم دي وحاولي تنامي شوية.
اومأت لها بامتنان وأخذت الملابس وخرجت سلمى لتتركها ترتاح قليلًا
في الأسفل
جلس الجميع بوجوم وكأن على رؤوسهم الطير ومراد لا يكف عن الاستغفار
ومؤيد لا يستوعب تلك الصدمة حتى الآن
اما أمال فقد ظلت تحمد ربها على ذلك العوض الناتج عن صبرها
فقد عوضها الله بقطعه من ابنها تهون عليها ذلك الفراق الذي نحرها بغير رحمة
واول من قطع الصمت هو مؤيد
_ هنعمل ايه دلوجت؟
نظر مراد إلى والدته التي عاد الأمل يغزو روحها وتمتم بنفور
_ انا لو اتكلمت هجول كتير خليني ساكت افضل.
نظرت إليه آمال بعتاب
_ ايه يا مراد مستكتر عليا عوض ربنا؟
مسح وجهه بيده وغمغم بنفي
_ حشي لله ياأمي بس ربنا عرفوه بالعقل إزاي عايزاني اصدق اللي بتجوله ده.
تحدث مؤيد بحكمة
_ بس العجد صحيح والبيانات الموجودة بتأكد صحته
زم فمه دلاله على مدى غضبه وغمغم باستياء
_ هنعرف كل حاچة بس مش دلوجت.
رمقته آمال بعتاب
_ ليه يا ولدي مستكتر عليا الفرحة والبنت شكلها غلبانه ومش بتاعة الكلام ده.
_ ياأما بصي للموضوع من جهة تانية دي واحدة منعرفش عنيها حاچة بقول نتأكد لول من حديتها وبعدين نحكم.
سأله مؤيد بحيرة
_ وهتعرف إزاي؟
_ في واحد صاحبي شغال في السجل هديله اسم آسر لو فعلا جوازهم حقيقي هيظهر في السجل ولو مش حجيجي
نظر أمامه وهو يتابع بتوعد
_ يبقى جبته لنفسها.
_ طيب ولو طلع حجيجي.
تنهد بتعب
_ وجتها يحلها الحلال.
❈-❈-❈

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية التل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *