رواية سدفة الفصل الرابع عشر 14 بقلم آية شاكر
رواية سدفة الفصل الرابع عشر 14 بقلم آية شاكر
رواية سدفة البارت الرابع عشر
رواية سدفة الجزء الرابع عشر
رواية سدفة الحلقة الرابعة عشر
وقبل أن يرفع بصره ردد لنفسه بهمس متعجبًا:
“سنامكي!! عايزه سنامكي!”
كان قلبها يختلج ونظراتها تتذبذب وتتجول في المكان باضطراب، رفع رائد بصره وطالعها بنظرة خاطفة عاقدًا جبينه فأسقطت نداء بصرها أرضًا وأخذت تتحدث في سريرة نفسها؛ هل غابت كل كلماتها لتنطق بذلك؟ والآن!! تسائلت هل سمعها؟ هل عرفها؟ فإذا عرف بأنها نفس الفتاة التي كانت تُحدثه عبر الهاتف فحتمًا سيظن بها الظنون! ازدردت ريقها بتوتر والتساؤلات تتجول برأسها، وأفاقت من خضم أفكارها على صوت أحد العمال الذي طرقع أصابعه أمام وجهها وهو يقول:
“يا آنسه…”
وكأنها كانت نائمة واستيقظت لتوها! وانتبهت لمكان تواجدها، التفتت له قائلة ببعض الصدمة:
“هه… نعم!”
“بسألك عايزه بكام؟”
وقبل أن تجيبه اقتـ حمت وئام المكان وهي تلهث أثر ركضها! وبمجرد أن رأت نداء خاطبتها بتعجب وبأنفاس متسارعة:
“إنتِ بتعملي إيه هنا؟!”
علقت نداء مستفهمة:
“بشتري حاجه… مالك بتجري كده ليه؟”
قالت وئام بنبرة متقطعة وهي تحاول استجماع كلماتها:
“خـ… خناقه…. و…”
لم تكمل حين تذكرت ما أتت لأجله فتجاهلت نداء وخاطبت العامل:
“بابا فين يا انس؟”
عقب أنس:
“خرج من شويه”
اشرئبت وئام برأسها لترى رائد عاقدًا حاجبيه باستفهام وهو ينظر نحوها، فأشارت له بيد وهي تضع الأخرى على صدرها الذي يعلو ويهبط بعنـ.ـفوان وقالت بنبرة مرتفعة:
“الحق رامي بسرعه يا رائد رايح يتخـ ـانق…. ”
التفت يحيى أثر صوتها وأنهى المكالمة على الفور ليتابع رائد الذي هرول نحو وئام متسائلًا:
“يتخانق مع مين؟!”
قالت باضطراب:
“هو بابا فين؟ تعالى إنت بسرعه رامي… أ أ…أ”
توقف الكلام على طرف لسانها من فرط قلقها وأخذت تشير خلفها وكأن الأحرف حُبست داخل جوفها ورفضت الخروج! أخذ رائد يسألها عما حدث وهو يشير ليحيى ليتبعه، وسحبت وئام نداء من يدها وسار رائد ويحيى أمامهما بخطوات واسعة أقرب للركض ووئام تشرح ما حدث بأنفاس مضطربة وبارتباك بالغ:
“طردوا ريم وبالبيجامه… وضـ.ـربوها…. ورجليها اتعـ ـورت و….”
التقطت وئام أنفاسها الاهثة وصمتت حتى سمعوا أصوات كبكبة الناس وبدأت الرؤية تتضح عندما وصلوا الشارع وتجمع أهله أمام بيت ضياء، ركض رائد قائلًا بقلق:
“اجري يا يحيى رامي بيتخـ.ـانق بجد..”
تبعه يحيى راكضًا وهو يقول:
“إيه الحكايه النهارده!”
توقفت وئام مكانها وتركت يد نداء التي ابتعدت عنها عدة خطوات لتتابع ما يحدث!
أما وئام فقد تردد صدى اسمه في أذنها، إنه هو! «يحيى!» فقد أصبح لذكر اسمه أثر جلل على قلبها!
فخلال عام لم يتوقف خلاله رائد عن مدح صديقه الودود الخلوق وكان يُسمعهم صوته الشجي فتعلقت به وئام به دون إرادة منها! ودوون أن تراه!
فقد كان ذلك التعلق يزحف لقلبها رويدًا رويدًا حتى تملك منها كليًا، كانت تتجسس على محادثة أخيها معه عبر الهاتف وتتابع معظم أخباره، بل كانت تتعمد أن تتحدث عله يسمع صوتها لكن يحيى كان يبعد الهاتف عن أذنه إذا تدخلت وئام فهو يعلم كم يغار رائد على أخوته ويخشى أن يخون صديقه من مجرد سماع صوت أخته!
تخيلت وئام مشاهد كثيرة لأول لقاء بينهما وحين علمت أنه سوف يحضر حفل عقد قران أخيها التهجت وأخذت تستعد لأول لقاء، ولكن لم تتخيل أن يكون أول لقاء بينهما وهي بهذا المنظر! أخذت تُطالع ملابسها، فكانت ترتدي إسدال الصلاة الخاص بوالدتها وترفعه قليلًا لتستطيع السير بخطوات واسعة فظهر أسفله بنطال منامتها الأحمر وحذائها الأصفر فضلًا عن مظهر وجهها المضطرب!
قالت بهمس ساخرة:
“وأهي انتهت علاقتنا قبل ما تبدأ أصلًا ربنا يعوض عليا… منك لله يا صالح”
انتبهت من شرودها على صوت صالح المرتفع:
“إنت مالك أصلًا بتتدخل بيني وبين أختي ليه!!! طيب والله الجوازه دي ما هتتم يا رامي!”
قالها صالح هادرًا بحدة وهو يدفع رامي الذي كان يمسكه من تلابيبه، وحينها هتف رائد بغضب مغلف بالسخرية:
“لا والله! ومين بقا اللي هيوقف الجوازه ان شاء الله! إنت؟!”
صالح بتهكم:
“أيوه أنا اللي هوقفها وميشرفناش نناسب أشكالكم”
انقض رامي على صالح مرة أخرى وهو يقول:
“الظاهر إنك عايز تتربى يا صالح”
تدخل يحيى ووقف حائلًا بينهما وهو يقول:
“صلي على النبي يا رامي واهدوا كده انتوا أهل… الناس بتتفرج عليكم”
هتف صالح بصوت جهوري:
“وأنا عايز الناس تتفرج…”
هجـ ـم صالح على رامي فدفعه رائد ووقف أمام رامي ووقف يحيى يُهدأ صالح، وتعالت أصوات الشجار، فصاحت فاطمة:
“منك لله يا ريم على اللي عملاه فينا ربنا يدوخك”
ضغط رامي على أسنانه بغيظ والتفت ينظر نحو ريم التي ولتهم ظهرها وغادرت دون كلام متجهة نحو بيت دياب….
قالت شيرين وهو تلوح بيدها في وجه فاطمة:
“حرام عليك يا شيخه اتق الله متدعيش على بنتك”
فاطمة بغلظة وحدة:
“ملكيش دعوه يا ست إنتِ… أنا موجهتش كلام ليكِ”
كادت شيرين أن تجادلها لولا أن أشارت لها نداء ألا تفعل فابتلعت شيرين كلامها وكانت ملامحها محتقنة، زفرت محاولةً كظم غيظها، ثم خاطبت هيام تلك التي تقف جوار والدتها تضع يدها على فمها وتبكي بصمت:
“خدي أخواتك الصغيرين وامشي إنتِ بتعيطي ليــــه!”
لم ترد هيام فخاطبت شيرين نداء بنبرة يشوبها الشجن:
“خديهم يا نداء وروحوا ورا ريم”
أومات نداء ووقفت تُطالع رائد بقلق فدرت بها شيرين:
“يلا يا نداء متقفيش إنتِ كمان”
بقلم آيه شاكر
استغفروا❤️
★★★★★
في مرسى مطروح، في شرفة من الطابق الرابع تُطل على شارع واسع تقطعه السيارت ذهابًا وإيابًا، وتتعالى أصوات أبواقها…
كان «ضياء» يجلس في شرفة منزله يحتسي فنجان من الشاي وقد اقترب وقت غروب شمس هذا اليوم، كان شاردًا يفكر في حياته وما آلت إليه، ليقطع خلوته دخول شاب يشبه ريم كثيرًا لولا شاربه ولحيته، شاب بمنتصف العشرينات متوسط القامة يمتلك شعر أسود كثيف ومموج، جلس قبالتة ضياء ووضع المفاتيح على الطاولة وهو يقول:
“إيه يا حبيبي قاعد لوحدك ليه؟!”
وضع ضياء كوب الشاي على الطاولة أمامه وهو يقول:
“حمد الله على السلامه يا محمد”
أطلق محمد تنهيدة طويلة وقال:
“الله يسلمك يا بابا”
ابتسم ضياء وهو يتأمل عيني محمد البندقية والتي تشبه خاصة والدته تلك التي توفيت قبل ثلاثة أعوام، كانت زوجته الثانية؛ زوجة مطيعة يسكن ضياء إليها كلما ضاقت عليه أموره ولم تغلق بابها في وجهه قط!
كانت عكس فاطمة في كل شيء، بشوشة الوجه راضية بقدرها وتحمد ربها على كل عطاءه، لم تكن تسخط لغيابه عنها مع انها كانت تبغي قربه والأهم من كل ذلك أنها كانت تحبه وكثيرًا، ومنذ أن فقدها لم يذق للحياة لذة…
أخرجه من خضم أفكاره صوت محمد بعد أن اعتدل في جلسته وحمحم مرتبكًا ثم قال:
“احم… هو أنا بفكر في حاجه كده يا بابا…”
طالعه ضياء بانتباه فاسترسل محمد:
“بصراحه يا بابا نفسي أتعرف على أخواتي وخصوصًا ريم…”
اتسعت ابتسامة ضياء حسن تذكر ابنته وقال بحب:
“ريم دي أرق وأجمل وأحلى بنت في الدنيا”
محمد باشتياق:
“نفسي أتعرف عليها يا بابا… وبعدين هتفضل مخبيني عنهم لحد إمته!!”
زفر ضياء متنهدًا وقال:
“فاطمه مراتي لو عرفت إني متجوز عليها مش هتسكت هتقلب الدنيا”
سند محمد ظهره لظهر المقعد وقال بحسرة:
“يعني أنا مكتوبلي أفضل وحيد طول عمري! بابا أنا لوحدى!”
“وحيد ليه! أنا معاك يا محمد وعمري ما هسيبك”
طالع محمد الشارع بوجه حزين ولم يرد على والده الذي أخذ يُطمئنه أنه بجواره ولن يتخلى عنه….
بقلم آيه شاكر
صلوا على خير الأنام ❤️
★★★★
في بيت دياب وبالتحديد في غرفة الضيوف كانت الوجوه متجهمة وملتهبة، والجميع يرتدي عباءة الصمت…
يجلس عمرو وعامر جوار بعضهما منكسين الرأس ويحاوطان وجههما بكلتا أيديهما، ويجاورهما رامي
وفي المقابل يجلس رائد جوار يحيى وعلى يسارهما شيرين التي تضع يدها على خدها بتبرم…
وعلى نحوٍ أخر كان الفتيات في غرفة وئام…
جلست نداء أسفل قدم ريم تتفحص جـ.ـرحها وقالت:
“إنتِ لازم تروحي مستشفى يا ريم الجرح عميق”
ريم بلامبالاة:
“مش مهم”
“هو ايه اللي مش مهم!”
قالتها هيام هادرةً بعد أن وثبت في مكانها ليقاطعهما صوت دياب الذي أتى من الخارج بعد أن دلف للبيت وهو يقول بلهفة:
“فيه إيه! إيه اللي أنا سمعته ده!!!”
نظروا لبعضهم ولم يخلع أحدهم عباءة الصمت فاستطرد دياب:
“فين ريم؟”
نهضت شيرين واقفة وهي تقول:
“جوه في أوضة البنات”
توجها للغرفة وتبعهما الصغيران عمرو وعامر وبمجرد أن رأت ريم عمها هبت واقفة وضمته باكية فربت دياب على ظهرها وقال بانفعال:
“معلش يا حبيبتي أنا هكلم ضياء يجي يتصرف معاهم”
لم ترد عليه فقط ارتشفت دموعها وخرجت من حضنه لتجلس وهي تكبح تاوهها من آلم قدمها…
وكلما بكيت ريم نظر كل من عمرو وعامر لبعضهما، خاطب عمرو توأمه بهمس:
“إحنا مش هنسكت على اللي بيحصل ده!”
عامر بنظرة ذات معنى وبتصميم:
“هنجيب حقهم”
وضع عمرو يده في يد أخيه ودلفا لغرفتها ثم أغلقا الباب…
من ناحية أخرى انتبه دياب لوجود نداء فقال:
“ازيك يا نداء”
ردت بحرج:
“الحمد لله يا عمو إزي حضرتك؟”
أومأ دياب وهو يحمد الله ثم خرج من الغرفة…
جلست «نداء» جوار ريم وربتت على كتفها بشفقة ثم حاوطت كتفيها بذراعها فسندت ريم رأسها على صدر نداء بوهن وانخرطت في بكاء مرير…
تنهدت شيرين بقـ ـوة وهزت رأسها بقلة حيلة وقد أشفقت عليها، وبعد تنهيدة طويلة نطقت:
“اللهم لا حول ولا قوة الا بالله”
قالتها قبل أن تخرج من الغرفة…
★★★★
“وإنت بقا فارد عضلاتك ورايح تتخانق مع عيال عمك!”
قالها دياب وهو يُطالع رامي بحدة، فعقب رامي مفسرًا:
“مقدرتش أسكت… إنت شايف حالة ريم يا بابا!”
رفع دياب نبرة صوته قائلًا:
“كنت تكلمني يا رامي! مش تروح تتخـ ـانق وتفرج علينا الناس”
تدخل يحيى لتهدأة الحوار:
“معلش يا عمي الواحد في ساعة الغضب مبيبقاش شايف قدامه”
علق رائد:
“العيال دول أصلًا مشافوش تربية و….”
قاطع رامي حديث أخيه قائلًا في هدوء ودون أن يرفع بصره بأحد:
“أنا عايز أكتب كتابي على ريم النهارده”
رائد بتعجب:
“إزاي!!! والناس اللي عزمناهم بعد بكره… والمأذون و…”
نطر رامي لـ رائد قائلًا:
“الناس هيجوا عادي ونعمل الحفله بعد بكره… والمأذون أنا هتصرف وأجيبه”
دياب بحزم:
“مش هيحصل الكلام ده يا رامي كل حاجه هتتم في ميعادها…”
وثب رامي واقفًا وخاطب والده:
“بابا ريم مش هينفع ترجع البيت ده تاني”
تجاهل دياب انفعال رامي وأخرج هاتفه من جيب جلبابه قائلًا:
“أنا هكلم ضياء دلوقتي وهو هيتصرف”
نهض يحيى وربت على كتف رامي قائلًا:
“أقعد يا رامي ومتاخدش قرارات وإنت غضبان”
زفر رامي متنهدًا وجلس مجددًا منتظرًا حديث والده عبر الهاتف مع عمه…
بقلم آيه شاكر
استغفروا 🌹
★★★★★
وبعد فترة كان لابد من رحيل نداء فقد ودعت الشمس السماء وأوشك الليل على إسدال ستارة…
“بالله عليكِ يا وئام لازم تاخدوا ريم المستشفى”
قالتها نداء وهي تستعد للرحيل فردت هيام:
“أكيد طبعًا متقلقيش شويه وهقول لـ رامي”
انحنت نداء لتقبل رأس ريم وتربت على كتفها وهي تقول:
“خلي بالك من نفسك”
أومأت ريم بملامح جامدة دون أن ترفع بصرها…
خرجت نداء من بيتهم بعد أن ودعتهم وهي تدعو الله أن ييسر أحوالهم…
توقفت بعد أن سارت عدة خطوات لتربط حذائها تزامنًا مع خروج يحيى من البيت ومعه رائد الذي أبصرها فترك يحيى وأخذ يعدو نحوها حتى وقف قابلتها وقال:
“استني هوصلك”
اعتدلت نداء واقفة وقالت بتوتر:
“لـ… لأ مفيش داعي لسه بدي وفيه مواصلات”
ابتسم وقال بمراوغة:
“أحيانًا كده بنغلط من غير ما ناخد بالنا فبنكشف حاجات مستخبيه”
رمقته بنظرة خاطفة ثم أشاحت بصرها وقالت:
“مش فاهمه قصدك!”
تنحنح وقال بابتسامة:
“ابقي شيلي الايك اللي عملتيه على البوست بتاعي أصل حد من إخواتي البنات يشوفه ودول مبيسكتوش!”
لم تعقب على كلامه وهرولت من أمامه وعلامات التوتر تتجول بين خلجات وجهها، فوقف رائد ينظر لأثرها مبتسمًا وشاردًا، انتفض حين قال يحيى بمكر:
“مش هتوصلني ولا ايه؟”
“هـ… هوصلك… هوصلك طبعًا”
يحيى متخابثًا:
“هي مين دي يا صاحبي؟”
تلعثم رائد وأخذ يشير لمكان نداء الفارع وهو يقول:
“دي… دي…”
أطلق رائد تنهيدة ليهدأ ويستأنف:
“هي يا يحيى…”
ابتسم يحيى ثم ربت على كتف رائد قائلًا:
“لا أرى لك علاج غير الزواج يا صديقي”
ابتسم رائد وقال:
“ادعيلي”
وسارا معًا يتبادلان الحديث…
بقلم آيه شاكر
★★★★
في اليوم التالي وصل «ضياء» وجلس قبالة أخية دياب الذي قص عليه ما حدث جملة وتفصيلًا، وكانت ريم تجلس جوار والدها تلوذ بصمتها وهو يحاوطها بذراعه خوفًا عليها وشفقة مما قابلته في غيابه…
وبعدما انتهى دياب من الحديث سألها ضياء بنبرة حانية:
“اتكلمي يا ريم احكيلي اللي جواكِ أنا عايز أسمع منك”
تنحنحت ريم بخفوت لتجلي حلقها الذي ظنته قد صدأ من فرط صمتها وسكونها الذي لاذت به، قالت بهدوء:
“عمي قالك كل حاجه يا بابا أنا كنت حكياله…”
أزاح ضياء ذراعه عن كتفها وربت على ظهر يدها، فنظرت لعينيه واسترسلت بحزن تجلى بنبرتها:
“رغم إني ليا عيله كبيره بس أنا لوحدي محدش بيحبني ولا حد بيفكر فيا وكأني سراب..”
سقطت منها دمعة فالتقطتها بإصبعها وأكملت:
“أنا ساعات بحس إن أخواتي مش أخواتي وأمي مش أمي! وإلا ليه بيعاملوني كده! أنا لوحدي يا بابا ومن زمان مش من النهارده”
صك ضياء أسنانه وهدر بها:
“ليه مقولتليش يا ريم؟!”
“وحضرتك فين يا بابا! إنت كمان مش موجود عشان أقولك… مش جنبي عشان أحكيلك..”
“يا بت إنتِ أكتر واحده بكلمهها في التلفون”
لاذت بالصمت مجددًا فنهض ضياء واقفًا وخاطبها:
“طيب قومي تعالي معايا”
هزت رأسها بعـ ـنف وهي تردد:
“لا يا بابا أرجوك مش عايزه أروح هناك… أنا مش عايزه أشوفهم”
“سيبها على راحتها يا ضياء”
قالها دياب فاومأ ضياء وخرج من البيت ودياب يوصيه أن يهدأ ويتصرف بحكمة! سار بخطوات مكتنزة وصوت ريم يرن برأسه:
“أنا لوحدي يا بابا”
ويختلط معه صوت محمد:
“هفضل لوحدي لحد امته! أنا لوحدي يا بابا!”
بقلم آيه شاكر
★★★★★
“منكم لله… دلوقتي أبوكوا يجي شايط عليا!”
قالتها فاطمة بقلق بعد أن رأت ضياء يدخل للشارع قبل قليل، عقبت رغدة بتأنيب:
“ما أنا قولتلك افتحلها الباب يا ماما قولتي لأ مش هتمشي”
خرج صالح من غرفته وقال:
“أنا رايح الشغل….”
تبعه مؤمن وقال بتوتر:
“و… وأنا كمان خارج مع أصحابي”
نظرت فاطمة لرغده وقالت وهي ترفع إحدى حاجبيها:
“وإنتِ مش هتهربي إنتِ كمان؟!”
رغدة بثبات ظاهري زائف:
“أنا عن نفسي مش خايفه! هيحصل ايه يعني!”
انتبهوا جميعًا على صفعة مدوية لإغلاق باب المنزل بعد أن دلف ضياء، ابتلعت رغدة ريقها باضطراب ووقفت تنتظر ما هو آت…
جلس ضياء على أقرب مقعد قابله دون أن ينطق فدنا منه صالح وقال بتوتر:
“إنت سمعت من طرف واحد يا بابا… ومن حقنا ندافع عن نفسنا”
ضياء بنبرة هادئة:
“اتفضل دافع عن نفسك”
ابتلع صالح ريقه وهو يخترع كلام لم يحدث قال بتخبط:
“البت دي من يوم ما اتخطبت وهي مش مظبوطه… أ… أ… أنا كنت بقولها وبفهمها تاخد بالها من تصرفاتها لأنها كانت خارجه مع الواد ده! قامت خرجت من البيت وقالت كلام محصلش… حـ… حتى اسأل ماما وأخواتي..”
التقطت فاطمة لجام كذبته قائلة وهي تفرك يدها:
“أيوه فعلًا ده اللي حصل…. دا غير إنها كدابه وتعباني أخر تعب”
صمت ضياء للحظات اختلجت أفئدتهم خلالها ثم نهض واقفًا ووقف قبالة رغدة محدقًا بعينيها وسألها:
“حصل كده فعلًا يا رغده؟”
ارتبكت وأسقطت بصرها أرضًا وهي تقول:
“أ… أ… حصل”
بدل ضياء نظره لزوجته حين قالت:
“وإسمع بقا يا ضياء إحنا مش موافقين على الجوازه دي…. لازم تتفركش”
أومأ ضياء وهو يلوي فمه بسخرية، ونظر لـ مؤمن الصامت وسأل بنفس هدوئه:
“وإيه كمان؟”
عقب مؤمن:
“والبت ريم دي لازم تربيها يا بابا…. اه بت كذابه…”
اقترب ضياء من مؤمن وصفعه فوضع مؤمن راحة يده على وجهه واتسعت أعين الجميع مترقبين رد فعل ضياء التالي، فهدر ضياء بنبرة مرتفعة:
“كتب الكتاب في ميعاده وعلى فكره انتوا مش معزومين”
رغده بسخط:
“إنت إزاي مصدقها ومكذبنا كلنا يا بابا!”
ضياء بحدة:
“عشان دي الوحيده اللي شبهي ومتأكد إنها مبتكذبش زي ما أنا متاكد إنكوا بتكذبوا”
أشار لهم واحد تلو الأخر مستطردًا:
“أما إنتوا شبه أمكوا يعني متربتوش”
رفعت فاطمه سبابتها في وجهه وقالت:
“إنت بتغلط فيا يا ضياء؟ وقدام عيالك!”
لوح ضياء بقبضتة يده في وجهها وهو يقول بحده:
“يا شيخه حسبي الله ونعم الوكيل فيك”
ارتفع صوت فاطمة وهي تقول:
“إنت أكيد مش طبيعي….”
تركهم ضياء وخرج من البيت صافعًا الباب مرة أخرى بعنـ ـف ووقفت فاطمة تندب حظها وتصيح:
“أكيد شيرين سحرتلك إنت كمان!! خربة البيوب ربنا يخرب بيتها”
من ناحية أخرى سار ضياء وهو يخرج هاتفه ويطلب رقم محمد وبمجرد أن أجاب قال ضياء:
“كتب كتاب ريم أختك بكره هتيجي تقف مع أختك ولا مش جاي…”
★★★★★★
في صباح يوم كتب الكتاب قبل أذان الظهر بساعة وفي شارع جانبي جلس عمرو على حجر كبير وقد التف حوله ما يقرب من خمس وعشرين طفل من عمره أو أصغر قليلًا، خاطبه أحدهم:
“الخطه جاهزه يا بوص ومستنين منك إشاره؟”
أشار عامر لثلاثة أطفال وقال:
“إنتوا هتقفوا يمين البيت”
أشار لثلاثة أخرين وقال:
“وإنتوا هتقفوا شمال”
أشار لباقي الأطفال وقال:
“وإنتوا هتتوزعوا بالترتيب وكل واحد هيستلم مهمه…”
صاح أحد الأطفال ليُحمس البقية:
“يا رجاله أهل البوص بتاعنا اتهـ ـانوا… وإحنا اللي هنجيب حقهم”
رفع أحدهم يده وصاح:
“معاك يا بوص…”
ردد خلفه جميع الأكفال قبل أن ينطلقوا لخارج الشارع استعدادًا لتنفيذ مخططهم…
بقلم آيه شاكر
سبحان الله وبحمده 🌹
★★★★
وصلت نداء مع والدتها لتساعد شيرين في تجهيز الطعام…
فقد قضيت نداء يومين في توتر وارتباك واضطراب وخصوصًا عندما علمت بتفاعلها مع منشور رائد على تطبيق الفيسبوك عن طريق الخطأ وايضًا كان يشغلها هل كشفها رائد حين طلبت شراء السينامكى أم لم يسمعها من الأساس!
حين لمحها رائد ابتسم وخرج من البيت ليستقبل صديقه يحيى المُكلف بالتجهيز للحفل فهو من كلف نفسه بتلك المهمه كهدية لـ رامي….
كانت نداء تجلس جوار ريم تُحاول اغتـ ـصاب الإبتسامة منها بإلقاء عدة طرف وهي تضع القناع الطبي باللون الأبيض على وجه هيام، حتى قاطعهم نقرات على باب الغرفة ففتحت وئام ليظهر رامي بهيبته وقال:
“ناديلي ريم”
وبعد دقائق كانت ريم تقف جواره في شرفة البيت تنظر أمامها عاقدة ذراعيها أمام صدرها وهو يقف واضعًا كلتا يديه بجيبي بنطاله ينظر أمامه ويرمقها بين لحظة وأخرى في صمت قطعه قائلًا:
“كل حاجه هتبقى تمام يا ريم… متقلقيش”
أومات ريم دون أن تنطق فأردف بمرح:
“روق بقا يا مسكر مبحبش أشوفك كده”
ابتسمت ريم وهي تُطالعه وقالت بامتنان:
“حقيقي شكرًا لوجودك”
أطلق تنهيدة طويله وهو يشيح بصره عنها قائلًا بنبرة مرحة:
“لأن الحلال أجمل سأنتظر حتى المساء”
يعلم أنه اقترف بعض الأخطاء في سالف علاقتهما لكن ومنذ أن ارتبط بها رسميًا وهو يحافظ عليها من نفسه ليبارك الله لهما حياتها…
بقلم آيه شاكر
★★★★
استقبل رائد صديقه وأوصله لشقة رامي الخالية من الأثاث والتي سيُقام بها الحفل كانت بالطابق الثالث، أشار يحيى نحو آدم الذي يركض بأنحاء الشقة وقال بضحك:
“قالي أثتحلفك بالله تاخدني معاك فاضطريت أجيبه”
قال رائد بضحك:
“معقوله يا آدم تسيب ثونه لوحده وتيجي”
آدم بمرح:
“ما أنا “وثيت“ وصيت اخواتي عليه متقلقش”
جذبه رائد من يده وقال:
“طيب تعالى أعرفك على عمرو وعامر عشان تلعب معاهم”
أردف رائد:
“وإنت بقا يا هندسه شوف هتبدا منين على ما أجيلك”
“ماشي يا معلم”
أخذ يحيى يتفقد الشقة ويلف بأنحائها حتى دلف إلى إحدى الغرف تزامنًا مع دخول وئام للشقة وهي تنادي بنزق:
“يا رائد… يوووه شكله مش هنا!….”
التفتت حولها وجال في خاطرها فكرة! لمَ لا تُجرب أن تزغرد، التفتت حولها ثم أغلقت الباب وأخذت تحاول وتطلق عدة زغاريد ثم خاطبت نفسها قائلة بزهو:
“طيب والله حلوه…”
اطلقت زغرودة أخرى ثم طفقت تغنى وهي تدور بأرجاء الشقة متراقصة على ألحانها حتى لمحت طيف أحدهم عند مرورها من أمام إحدى الغرف…
عادت خطوتين للخلف فأبصرت يحيى الذي يحك رأسه المنكس للأسفل بحرج…
وقفت مكانها تُطالعه بصدمة قبل أن تلتفت خلفها إلى المرآة فتبصر ذلك القناع الطبي على وجهها فرددت بهمس:
“أنا ربنا يعوض عليا”
“لا تغفلوا عن الدعاء لإخواننا في فلسـ ❤️ـطين”
بقلم آيه شاكر
★★★★
خرجت نداء من الغرفة تبحث عن الفتيات، فأبصرت رائد يقف أمام باب البيت بعد أن سلم يد آدم لـ عمرو، ودون تفكير دنت منه تريد أن تقول له كلامًا قد حضرته مسبقًا، هتفت باضطراب:
“اسمع يا… يا اسمك ايه إنت…”
التفت لها فاسترسلت بانفعال:
” صفحتك دي لقيتها قدامي بالصدفه قدامي وفتحتها بالغلط… وكمان عملت لايك بالغلط…. لكن يعني كلها صدفه مش أكتر”
أربكتها ابتسامته وصمته وتحاشيه النظر نحوها، فولته ظهرها لتغادر لكنه ناداها:
“نداء…”
نظرت له بوجوم وقد ارتسم الاستفهام على ملامحها، فأردف:
“مفيش حاجه في حياتنا بتحصل بالغلط أو بالصدفه”
لم تجبه فقط اكتفت بازدراد لعابها فتلك هي جملتها التي قالتها له في أول محادثة لهما، استأنف وهو يستعد للمغادرة:
“عايز أقولك كلام كتير لكن هأجله لبعد فرح رامي…”
ابتعد خطوتين ثم عاد إليها وأشار لنفسه قائلًا وهو يوقع كلماته:
“وعلى فكره أنا عمري ما كنت ولا هكون عقابك”
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية سدفة)