رواية نقطة ومن أول السطر الفصل الأول 1 بقلم إسراء عاشور
رواية نقطة ومن أول السطر الفصل الأول 1 بقلم إسراء عاشور
رواية نقطة ومن أول السطر البارت الأول
رواية نقطة ومن أول السطر الجزء الأول

رواية نقطة ومن أول السطر الحلقة الأولى
على تلك الصخرة الفاصلة بينها و بين البحر مجرد انشات بسيطة وقفت تتذكر اخر لقاء لها به قبل ان يرحل بلا اخبار ، مرت ثلاث سنوات تقتفي اثره و لكن كأن الارض انشقت و ابتلعته ، ضرب نسيم البحر وجنتها الحمراء اثر البرد لتغمض عينيها تسترجع لحظات الالم و الفراق
– مش هقدر اواجه يا ديما ، الحرب خلصت و انا انتهيت
بصوت ملأه اليأس و نظرات ملأتها الحسرة خرجت كلماته ثقيلة تدمي روحه ، لترد بنبرة مواسية بها امل :
= انت مش اول واحد شركته تفلس و مشروعه يفشل يا شريف ، الدنيا صعبة و فيها النجاح و فيها الفشل .
ليقطع كلامها بغضب و هو يقول :
– دي تالت شركة تتقفل ليا في سنة واحدة ، اول ما ببدأ اقوم على رجلي كله بيهاجمني ، متواطئين ضدي عشان رفضت ابقي منهم .
سألته بصوت مهموم حاولت ان تخفيه :
= و الحل ! ، انا فاتحت بابا و هو موافق مبدأياً ، تعالى اقعد معاه بس و عرفه عليك و بعدها نقرر هنعمل ايه .
ليرد عليها و هو ينظر بحيرة :
– مش هقدر يا ديما ، هقوله ايه شركتي فلست و ما عنديش حاجة اقدمها لبنتك الا قلبي .
عادت من شرودها على صرخات الاطفال حولها و لكنها لاحظت شيئاً ، دق قلبها لثوانٍ ، هي تعرف تلك العيون جيداً ، تنظر لها من زجاج مطعم فخم في الجهة المقابلة ، و قبل ان تعي اي شيء ، رحلت تلك النظرات !!!!!
—————-
القت اخر صندوق و هو فارغ في مكب النفايات الخاصة بالعقار القاطنة فيه و عادت إلى شقتها و هي تتنفس بعمق ، اتخذت قراراً صائباً صحيح انه صعب و لكنه صحيح ، لن تنتظر ان يبرح جسدها ضرباً و يخط علاماته عليها مرة اخرى
وضعت الصغار الغافين على الاريكة الجلدية في اسّرتهم و عادت تحتسي كوباً من الشاي الاخضر الممزوج بالليمون و هي تنظر إلى القمر المكتمل الليلة و هي تتنفس بعمق متذكرة مثل هذا المشهد منذ شهر فقط
– ايه ده !!
القت بسؤالها و هي تريه إحدى القمصان الخفيفة من خامة الستان وجدتها اسفل سريرهما و هي تنظف المنزل
ابتلع شهاب ردوده الواهية حين قاطعته بصراخ :
– ده لبس الحلوة الي جبتها و انا عند ماما بالعيال ، كنت فاكرني مش هعرف ، لا انا عارفة كل حاجه .
– اهدي بس يا لينا ، ما حصلش حاجه من الي في دماغك دي خالص
ضحكت بقوة و هي تقول بسخرية :
– لا يا شيخ ، امال كانت بتعمل ايه في اوضة نومي بقميص زي ده ، بتلعب بالية .
تصبب جبينه بالعرق و هو يلتفت بعيناه في انحاء الغرفة و يلعن تلك العاهرة في افكاره الي عادت تكمل :
– وحياتك يا شهاب لتبقي اخر مرة ، انا مش هروح عند بابا زي كل مرة لا ، انت تطلع برا تاخد حاجتك و تمشي و إلا وحياة بناتي لهكلملك عمك و خالك و اوريهم كل حاجه ، اسكرينات بكلامك معاها و قميصها الي لقيته في اوضي نومي تحت سريري .
صرخ بها هو الاخر و هدر :
– انتي اتجننتي و لا ايه ! ، بتطرديني من شقتي ، طيب ايه رايك بقا انا مش همشي و انتي مش هتمشي ، و عمي و خالي اصلا مش فاضينلك ، زهقو منك و من مشاكلك و من خناقك الي كل شوية معايا .
نظر لها لثوانٍ و عاد يكمل :
– انتي السبب في كل ده ، من ساعة ما ولدتي و انتي كل شوية حجج و اعذار و عياط لما اتقفلت منك و جالي اكتئاب ، عرفت انه اكتئاب بعد الولادة بس ايه بقاله سنة و شوية اهوه و انا زهقت ، الكام ساعة الي بقعدهم في البيت يا بتشتكي يا لما بيبقي مزاجك رايق العيال بتزن و عايزاكي ، و انا فين من كل ده !! ، انا ما قصرتش معاكي في حاجه ، بس انتي بقا مقصرة ، و اوي كمان
احتدت نظراتها بشر و هي ترد :
– يا جبروتك يا اخي ، كل ده و انا الي مقصرة ،لا يا حبيبي انت الي الخيانة في دمك ، من بعد سنة جواز بصيت بره ، اول مرة عشان بتفكر تتجوز لاني اتاخرت في الحمل مع اني ما كلنش عندي حاجه تمنع و الدكاترة كانوا شاكين فيك ، و بعد كده اصل دي غلبانة بتدور ع شغل و تسحب منك بالالافات و انت ماشي وراها و التانية اصل عندها مشكلة و بساعدها و بعدها التالتة و الرابعة ، لا يا حبيبي انا مش مقصرة طول ما البنات نايمين انا ليك و معاك بس انت الي مش واعي ع طول قدام الفون يا نايم ، طول اليوم مسحولة في الشغل و البيت و البنات و مع ذلك حافظت ع نفسي ، روحت لاكبر عيادة في اسكندرية عشان اهتم بجسمي و بشعري و برضه مش عاجب ، انا مش مقصرة انت الي اناني .
مسحت عبراتها الي هبطت رغماً عنها و عادت تنهي هذا الحوار :
– بس هنا و كفاية ، شنطتك برا فيها لبسك و هستنى المأذون يجيلي ، و بابا هيكلم اهلك ، لحد هنا و خلصت يا شهاب
عادت من شرودها و خيوط الشمس تداعب عيناها و صغيرة تشد ردائها القطني و هي تقول :
– ماما ، انا خايفة بابا ييجي و تتخانقو تاني ..
ابتلعت غصتها مع اخر رشفة من الشاي الذي برد و اخذتها بين احضانها و قالت :
– ما تخافيش يا حبيبتي بابا مسافر مش هييجي هنا
و اخدتها و عادت بها إلى سريرها و دثرتها جيداً ثم ذهبت لسريرها لتقاوم كوابيسها !!!
____________
وقفت جواره تستند إلى سور الشرفة الحديدي و عيناها معلقة باشقائها الذي يلهون امامها بمرح ، التفت لترى ملامح الوجوم لازالت مخطوطة بوضوح على وجه خطيبها ، هي لا تتذكر انها فعلا شيئاً يضايقه ، وضعت يدها على كفه بهدوء و هتفت :
– مالك !
سحب يده بقوة و رد بجمود :
– مفيش
احتدت نظراتها و ردت :
– امال قالب وشك عليا ليه !
– انا وشي شكله كده ، من يوم ما شوفتك و هو كده .
رفعت حاجباها بصدمة امام رده الوقح ، ظهرت الشراسة تدريجياً على ملامحها الجميلة و بصوت مرتفع ردت :
– نعم ! ليه ان شاء الله ، هو انت مغصوب عليا و لا ايه ، انت الي جيت لحد باب بيتي تطلبني من اخويا ، انا لا جريت وراك و لا كنت اتكلمت معاك قبل كده ، و لولا بنتك انا كان عمري ما وافقت عليك ، بس انا حبتها و هي حبتني .
نظرت لها بعيون جامدة و امسك معصمها بقوة و هتف :
– اول و اخر مرة صوتك يعلى عليا انتي فاهمه ! ، انا بقا كده شكلي كده و طبعي كده ، ساكت و قالب وشي زي ما بتقولي ، و محدش له دعوة بعمل ايه و ليه و ازاي ، و لا حتى انتي …
توسعت عينلها بصدمة من جرأته و ما لبثت ان نفضت يده عنها ، و رفعت يدها و اخرجت خاتم خطبتها و القته بوجهة و قالت و هي ترفع رأسها بشموخ :
– و انا زهقت منك و من اسلوبك الوحش ده و الي انت بتقوله ده ما يلزمنيش ، انا مش كرسي و لا كنبة و لا مربية ليك و لبنتك ، الجوازة دي ما عدتش تلزمني .
ثم رفعت كفها و بسطته ناحية الباب و هتفت :
– نورتنا ، و انا هبقي اتكلم مع اخويا .
هل حقاً القت خاتمها بوجهه و رفضته … بل و طردته !! ، رفع عيناه بصدمة و هو يحاول استيعاب ما يحدث و لكن سرعان ما هتفت لتزيد صدمته و هي تنادي شقيقها :
– تعالى يا مالك ، وصل ابيه عبدالله للباب ، لاحسن دايخ شوية .
و تركته و رحلت ليخرج هو من المنزل و شياطين الانس و الجن تطارده بغضب …..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية نقطة ومن أول السطر)