رواية عازف بنيران قلبي الفصل السادس والأربعون 46 بقلم سيلا وليد
رواية عازف بنيران قلبي الفصل السادس والأربعون 46 بقلم سيلا وليد
رواية عازف بنيران قلبي البارت السادس والأربعون
رواية عازف بنيران قلبي الجزء السادس والأربعون
رواية عازف بنيران قلبي الحلقة السادسة والأربعون
هل اخبروك
بأن عيني في غيابك لاتنام
.هل أخبروك
بأن الفؤاد بعدك يأبي الكلام
.هل أخبروك
كيف تاهت نفسي مني بين الزحام
.هل أخبروك
محاولات قلبي للهروب اليك ليقرءك السلآم
..هل أخبروك
أن الحياة بعدك ماهي الا ساعات وايام
..كذبو لو أخبروك
اني بدونك أكون على مايرام
فيا عازف الناي كفى لقلبُ انهكه الأحزان
مهلا عازفي..فأي قسوة انت معذبي
أرى الرحمةِ في القلوب موطنها
ولكن قسوة قلبك كالحجارة اخترقت الجدران
مهلا مهلا معذبي ..لقد حكمت واصدرت القرار
فجف الحبرُ ورُفعت الأقلام
كما رُفعت الجلسة وانتهى القرار
❈-❈-❈
استيقظ بعد فترة وجدها بأحضانه بتلك المنامة التي أصابت عقله قبل قلبه، هز رأسه وكل ماخطر على ذهنه أنها تقوم بإغرائه ..، تذكر حديث فرح وفريال، شعر بألما يفتك به، ولم يشعر بنفسه كلما تذكر تلك الصور وهو يدفع ذراعها بعنف عنه، حتى هبت من نومها فزعة مما أدى إلى آلامها
-مالك في ايه؟!
صرخ بصوت هز أرجاء المنزل
-بتعملي ايه هنا..جاية اوضتي زي الحرامية وبتنامي في حضني بشكلك دا ليه، ايه جاية تغريني، لا فوقي ال زيك
وضعت كفيها على شفتيه، مع انسياب عبراتها، ورغم آلامها التي تحرق احشائها همست وعيناها كزخات المطر عندما فقدت سيطرتها بالكامل
-اسكت ياراكان، متكملش،هنخسر بعض وأنا مش عايزة أخسرك، أهدى من فضلك، بلاش فضايح الكل سمع صوتك دلوقتي
دموعها كالشلال، تهز رأسها رافضة نظراته وحديثه الذي أدمى قلبها
-قومي أمشي من هنا..
استدارت متحاملة على آلامها التي ازدادت
-راكان اسمعني..دفعها بقوة صارخا عندما تذكر صورة أخيها وهو يقبلها وصورها الاخرى
-قولت بررررة!!
دفعها بقوة حتى سقطت من فوق الفراش على ظهرها تصرخ من شدة آلامها والدماء تنسدل بها، وغمامة سوداء تحاصرها
انسابت دموعها بقوة ، حاوطت بطنها ببكاء وانهارت من آلامها تهمس
-هموت، بطني آه قالتها ببكاء ..ظن أنها تمثل عليه، ولكن شعر بانسحاب انفاسه، عندما نظرت إلى كفيها اللذان تلون بالدماء تهمس
-ابني، راكان ابني..ابنك، ثم هوت على الأرضية لم تشعر بما حولها
اتسعت حدقتيه بصدمة، اعتدل ولكن هناك غمامة سوداء حاصرته، ولم يعد لديه القدرة على الحركة، والمًا بدأ يفتك بجسده كاملا، ناهيك عن صداعه المزمن الذي يداومه
صاح بصوتا مرتفع، ورغم ارتفاعه إلا أنه هزيل
-ليلى، حاول وحاول أن يتوقف، ويسيطر على اغمائه، تحرك بهدوء متحاملا على الامه.. إلى أن جثى بجواره، ثم رفع رأسها على ساقيه، حاول أن يفيقها
-ليلى ..ظل يردد اسمها، جذب هاتفه وقام بمهاتفة والدته
-ماما تعالي اوضتي، ليلى بتنزف..هبت فزعة من نومها
-يارب استرها، ياترى ايه ال حصل..؟!
استيقظ أسعد من نومه
-فيه ايه يازينب !!
ارتدت مأزرها وهتفت بحزن
-راكان كلمني وبيقول ليلى بتنزف، حبيبتي بقالها شهر بتضغط على نفسها عشان متزعلوش وهو مش راحمها
اتجهت للخارج وهاتفت سيلين
كانت تغفو تتوسد ذراعه، يحاوطها بذراعه الأخرى
استمع إلى رنين هاتفها، جذبها لأحضانه، وبسط كفه يتناول هاتفه، نظر بساعته وتحدث
-ايه دا ، خير يارب
أيوة ياطنط..تحدثت سريعا
-كويس ياحبيبي إنك صاحي، ليلى بتنزف يايونس، تعالى بسرعة، معرفش ابن عمك عمل فيها ايه
نهض سريعا من فوق فراشه، بعدما وضع زوجته على الوسادة، خرج ووصل بعد أقل من دقيقتين
بغرفة راكان
دلفت زينب، وضعت كفيها على صدرها مذهولة من حالتها الشاحبة
-ايه ال حصل يابني.. أطبق على جفنيه متألما
-زقيتها ياماما ووقعت، قالها بانهيار
جحظت عيناها وانعقد لسانها للحظات وهي تجذب اسدالها
اعدل مراتك ياحضرة المستشار ، يونس جاي خليني ألبسها، ولا عايزه يدخل وهي باللبس دا
قطب حاجبه متسائلا:
-ويونس جاي ليه..اعدلتها زينب عليه جالسة، ورفعت نظرها تنظر إليه بغضب
-امسك مراتك ضمها، ولا اخلي يونس يشيلها كدا، حاوطها بذراعه يقربها إليه بتملك، هنا هزة عنيفة أصابت جسده من رائحتها التي اخترقت رئتيه بعنفوان، وكأنها ملاذه، جذبها مرة أخرى أقوى حتى اختفت بأحضانه، ثم جذب اسدالها من والدتها وألبسها وهو يضمها بذراعه، ووالدته تساعده
توقفت والدته واتجهت للأسفل
-هشوف يونس جه ولا لسة..أوقفها قائلا:
-هخدها المستشفى، مش عايز يونس يكشف عليها، قالها متحاملا على نفسه، ومازالت اغمائه يسيطر عليه بقوة،
-استنى ياراكان، اتجننت ناسي ضهرك يابني، احنا مصدقنا انك بدأت تتحرك، وممكن توقعى بها لا قدر الله ودي حامل، قالتها حتى تقنعه..تحركت وهي تحثه على الهدوء والتمهل
جلس بجوارها يمرر يده المرتجفة على ملامحها، وينظر إليها بعقل وقلب مشوش
ملس على وجهها حتى توصل إلى شفتيها، ارتعشت أنامله وهناك ذكرى أصابته بقوة
-دي فروالة طبيعي، متنسيش الفراولة دي خاصة براكان بس
وضعت رأسها بعنقه تستنشق رائحته
-مش الفراولة بس حبيبي، ليلى كلها ملك.. رفع ذقنها بعدما أخرجها من أحضانه، ملتقطا كرزيتها، كور قبضته يضغط عليها يهز رأسه رافضا ما شعر به كيف كانت حياتهم هكذا، وهي التي كسرته أمام نفسه
دلف يونس بجوار زينب، ثم قام بحملها دون حديث
أوقفه غاضبا:
-انت ازاي تعمل كدا من غير ماتاخد رأيي
تحرك بها يونس وهو يتحدث
-انت مين عشان اخد رايك، انت ولا حاجة واحد عايز يقتل ابنه بايده
شعر وكأن تحت أقدامه فوهة بركانية، زوجته بين ذراع رجل غيره، تحرك خلفه، بعدما جذب معطفه، وصل إليه وجده يضعها بجوار زينب، اتجه بجوار يونس
وصلوا بعد قليل، استدار يونس لحملها، أوقفه بتحذير
-استنى عندك، خليهم يجيبوا سرير، حاوطها يرفعها من خصرها حتى حملها ..صرخت والدته
-راكان اتجننت، انت تعبان..وصل يونس بالمقعد المتحرك ووضعها بحنان، توقف متألما لبعض الوقت، ثم تحرك خلفهم،
وصل إلى الغرفة التي يتم الكشف بها، دلف بهدوء بعدما أشار إليه يونس
-جوا الدكتورة بتكشف عليها، دلف بهدوء بعدما طرق الباب
بحث بعينيه عليها وجدها متسطحة على الفراش وبدأت تفتح عيناها في بداية إفاقتها
تلاحقت أنفاسه الحارقة من شدة النيران التي تعصف بجسده عندما استمع إلى الطبيبة
-ممكن اعرف ليه يامدام ليلى مبتحفظيش على نفسك، آخر كشف حذرتك من التوتر، للأسف الجنين وضعه مش تمام، ولازم تتحجزي في المستشفى لحد ما ندخل للشهر التامن الجنين مكملش لسة
ألقى بجسده على المقعد وهو ينظر إلى الشاشة وترقرق الدمع بعيناه، من العاطفة التي اجتاحت جسده وهو يسمع إلى نبضه
تسائل بلسان ثقيل
-يعني هيعيش يادكتورة…أطبقت على جفنيها من صوته الحزين، اعتدلت بمساعدة زينب التي انتظرت إجابة الطبيبة
-هي هتتجحز عشان اقدر اسيطر على الوضع في أي وقت، النبض ضعيف جدا، غير كمان المدام عندها سكر حمل، والجنين نزل في منطقة الحوض ..اتجهت بنظرها إلى ليلى
-حذرتك من شهر وقولتلك حاولي تبعدي عن أي انفعال، وال كنت خايفة منه حصل، النزيف مش حلو ابدا وخصوصا إن في أعضاء في جسمه مكملتش، الموضوع مش موضوع رئة للأسف
❈-❈-❈
نهض متحركا متجها إليها عندما وجدها تحاوط جنينها بكفيها، وانسابت عبراتها بشهقات
-أنا موافقة اقعد هنا، بس المهم مايحصلوش حاجة، انا خسرت واحد قبل كدا مش مستعدة أفقد واحد تاني ..ضمتها زينب لأحضانها ..
-الدكتورة لسة بتقول ايه حبيبتي، لازم الهدوء، وصل إليها، ثم ضمها من أكتافها
-آسف مكنش قصدي صدقيني..
حاوطت خصره وكأنها لم تحتاج غيره يضمد روحها، شهقت ببكاء مرتفع
-مدام ليلى لو سمحتي انا لسة مخرجتش من الاوضة، الانفعال دا ممكن يخسرك طفلك..انحنى يطبع قبلة على رأسها
-اهدي ياليلى، لو عايزة ابننا يجي بالسلامة…رفعت عيناها تحتضن نظراته، يكفي أنه بجانبها ويدعمها حتى بعد مافعله
-عايزه ياراكان ..عايز الولد..حرب شعواء بداخله، هناك احداث مضادة تضرب عقله بقوة، كيف له أن يتعامل معها بعد ماصار بينهما وماعرفه، ولكن عليه الهدوء حتى يعلم ماذا حدث في السبع سنوات الماضية، هل ربه رحيما به حتى ازالها بالكامل، ام شيئا اخر
أومأ برأسه واردف
-هو فيه اب يرفض عياله ياليلى..افترت شفتيها بسمة امل وهي ترفع كفيها إلى وجنتيه
-انت احسن وأحن اب في الدنيا..حمحم مبتعدا واتجه بنظره الى الطبيبة التي تتحدث مع زينب
-خلاص يادكتور، شوفي اللازم واعمليه، المهم الولد يكون كويس ويجي بصحة كويسة
بعد فترة كانت تغفو بسبب الأدوية التي حقنت بها، دلفت سيلين بجوار يونس إليها
-ماما ليلى عاملة ايه دلوقتي..اتجهت إلى يونس وعيناها تسائله برجاء
أطبق على جفنيه واتجه إليها يربت على كتفها
-هي كويسة متخافيش، وانا هتابعها بنفسي، شوفت السونار وكل حاجة، زي ماالدكتورة قالت بس مية الجنين للأسف بتقل
جلست سيلين تطالع شحوب ملامحها بحزن
-ياحبيبتي ياليلى، صعبانة علي اوي ياماما، دي كانت بتعد الايام عشان يجي
ملست على وجهها وتسائلت
-يونس وشها شاحب خالص، مفيش حاجة تغذيها شوية
أشار إلى محلولها وأجابها
-حبيبتي دا فيه كل حاجة ، سبوها ترتاح، انا خصصت ممرضة على قدها بس
نهضت زينب واتجهت إليه
-يونس راكان مش في حالته،لازم تاخد بالك عليها كويس، مفيش حد يدخل عندها غير حد واثق فيه، الممرضات ياحبيبي كلمة بتوديهم وكلمة بتجبهم
-متخافيش ياماما زينب، إن شاء الله كل حاجة هتكون تمام
أشارت سيلين إلى الفراش الآخر
-دا عشان راكان ولا الممرضة
تحرك للخارج وهو يحتضن أكتافها
-راكان.. والله نفسي اضربه، ال حايشني عنه؛ أنه مش فاكر حاجة
ربتت زينب على ظهره
-هو معذور ياحبيبي المهم انت خلي بالك كويس، انا لازم ارجع البيت عشان الولاد
-طيب راكان فين يايونس..تسائلت بها سيلين
-راح لنوح، قالي تعبان ومش قادر اقعد، فعلا زي ماما زينب ماقالت
بمزرعة نوح وصل إلى المزرعة وظل بالسيارة لبعض الدقائق، بدأت ذكريات تظهر أمام عينيه ولكن بصورة غير واضحة، ترجل من السيارة متجها إلى اسطبل الأحصنة، نظر حوله بضياع توقف وكأن هذا المكان يربطه بها ..تحرك بين الزروع، يتحرك بخطوات متمهلة، تذكر حديثها
-ابعد عني وإياك تقرب مني، انت ولا حاجة، أنا دلوقتي مرات اخوك، وبعد كام يوم فرحنا ..قالتها وتحركت من أمامه
ظل يتحرك ببطئ ورغم خطواته البطيئه الا أن أنفاسه كانت كالمتسابق في سباق..وصل إلى مكان ما يحاط ببعض أشجار الفاكهة، جلس على بعض الأعشاب وسحب نفسا لينظم عملية تنفسه عندما شعر بإنسحاب الأكسجين
أطبق على جفنيه وشعر باحترق جفنيه من دموعه التي حاول منعها، ولكنه فتح عيناه فجأة ولاحت ذكرى أمام عيناه
-بحبك مولاتي..قالها وهو يقتنص ثغرها ..بدأت بعض الصور تظهر امامه بوضوح، وهي تعانقه وتتراقص معه على انغام الموسيقى.، صورة، خلف صورة، وذكريات قديمة مع ذكرياته التي بدأت تضارب عقله ، تسارعت أنفاسه ، كور قبضته يضغط بعنف حتى شعر بتمزق وريده
آه حارقة خرجت من جوفه وهو يمسك رأسه ويضغط عليها بصرخات وأنين قلبه الذي لا يعلم بما يشعر، تضارب ماضي مع حاضر واحداث غريبة وشعور مخيف سيطر عليه، حتى شعر بدوران الأرض تحته، وغمامة سوداء بدأت تداهمه بقوة، وصل إليه نوح وتوقف على بُعد مسافة يناديه، ولكنه لم يستمع إليه من أصوات دماغه التي تضاربه بقوة..وصل نوح إليه
-راكان ..ايه يابني بنادي عليك من فترة؟! رفع عيناه التي تحولت للون الاحمر من غضبه وآلامه، فهمس عندما شعر بعدم سيطرته على الاغماء
-نوح ..قالها ثم سقط على الأرضية، ذهل نوح من حالته، جثى إليه محاولا افاقته، رفع هاتفه يحاكي يونس
-يونس الحقني راكان أغمى عليه وميفوقش
كان يونس عائدا بزينب وسيلين فتحدث بهدوء حتى لا يشعر أحدا فتحدث
-حبيبي يانوح هوصل ماما زينب وهعدي عليك حاضر، مش هتأخر، اتصل بالدكتور يشوفها
-هي أسما تعبانة يايونس..تسائلت بها سيلين، كان يونس شاردا يتذكر حديث الطبيب
-هو حالته هتكون متقلبة، يعني ممكن يكون كويس وفي لحظة يتحول ويشتكي من دماغه، وممكن يتعب ويوصل للأغماء لو حاول يضغط على نفسه عشان يتذكر
-يونس..صاحت بها سيلين، اتجه بأنظاره
-نعم حبيبتي!!
-نعم حبيبتك، بقالي ساعتين بكلمك على فكرة وانت مش هنا، بسأل اسما عيانة
قطب جبينه متسائلا
-أسما مين؟!
جحظت عيناها ترمقه غاضبة
-أسما مرات نوح كنت بتكلمه وبتقوله شوفلها دكتور
حمحم عندما شعر بالارتباك فأردف:
-اه ،بيقولي تعبانة وبيغمى عليها وبترجع
-ليكون حامل..قالتها زينب.
أفلت ضحكة وهو يشير بيديه
-قولي يارب واهو يكملوا الخامس، اصلهم مابيجبوش غير التوأم
ضحكت سيلين تلكزه
-هتنق عليهم يادكتور، قول ماشاءالله
دنى يغمز إليها:
-انا مش قصدي حاجة ياسيلي، انا قصدي انهم عندهم مزاج عالي اوي، هجيب منه الوصفة
ضحكت زينب عليه
-فعلا دكتور ستات يابني زي ما قالوا
رفع بصره بمرآة السيارة قائلا:
-والله ياماما زينب انا مظلوم مع بنتك، بصي شوفيها كدا، هتروح تصرخ وتقول، بطني وجنبي وتنام
قهقهت سيلين تضرب كفيها ببعضها
-عايزني أعمل ايه يادكتور، اطنطط ولا ايه
أشار بكفيه عليها
-شوفتي اهو ..يابنتي بنتك متعرفش عنك حاجة، لولا أمير وكوكي كان زمانها اتشردت
عقدت ذراعيها متأففة:
-مش هتكلم عشان حضرتك ناسي حملي، وعارف النوم دا غصب عني
جذب رأسها ثم لثم جبينها
-حبيبة قلبي بهزر معاكي…
وصل بعد قليل إلى مزرعة نوح، وجد الطبيب مغادرا، توقف أمامه
-ماله راكان يادكتور، وليه أغمى عليه
-دا عادي يادكتور يايونس، انا فهمتكم قبل كدا، انا غيرت العلاج وان شاءالله يتحسن عليه
بالداخل، جالسا على الأريكة يحتضن رأسه بين راحتيه، دلف يونس بجوار نوح
-راكان..قالها يونس بهدوء، رفع بصره وأوما برأسه
-أنا كويس الحمدلله، لازم أمشي، هروح لليلى عايز اطمن عليها
-مالها ليلى..تسائل بها نوح..دلفت أسما بالقهوة واستمعت إلى سؤاله
-ليلى فيها حاجة..جلس يونس بجواره، يطالعه بحزن، ثم اجابه
-تعبت واتحجزت في المستشفى، واحتمال تخسر الولد
شهقة خرجت من جوفها، فتحركت تضع الذي تحمله، أمسكت كوب العصير
-اتفضل ياحضرة المستشار..رفع نظره إليها يتناول كوبه، وذاكرة آخرى تحاوطه عندما استمع إلى صوتها
-ليلى اتجوزت سليم عشان تنقذ اختها ..أغمض عيناه متألما ثم نهض بهدوء، أنا هروح المستشفى..قالها وتحرك للخارج..نظر نوح إلى يونس
-ايه ال حصل..ربت يونس على ظهره وتحدث
-ولا حاجة ، همشي وبعدين نتكلم..وصل إليه بالخارج،
❈-❈-❈
واستقل السيارة بجواره ، وهو يتجول بأنظاره على المكان كالغريب الذي أضاع طريقه
حمحم يونس مؤنب نفسه ثم تحدث
-راكان ليه جيت هنا وانت تعبان..رجع بجسده واطبق على جفنيه
-يونس مش قادر اتكلم، وديني لليلى لو سمحت، مش قادر أسوق
وصل بعد قليل للمشفى، كانت قد استيقظت منذ فترة، بحثت عنه ظنا من أنه بجواره، ولكن ليست الأمنيات بالتمني
رفعت كفيها تزيل عبراتها التي تكورت بجفنيها، ثم وضعت كفيها تحتضن أحشائها، تذكرت ابنائها، أمسكت الهاتف وهاتفتهم،أجابها أمير سريعا
-مامي، حضرتك فين!!..سيطرت على نوبة بكائها وأردفت:
-ميرو حبيبي عامل ايه، واختك حبيبي بتعمل ايه، صحيت؟!
اتجه إلى كيان التي تجلس تمط شفتيها وتضع كفيها على وجهها بحزن ..جلس بجوارها وفتح الكاميرا الخاصة بمحموله
-مامي كلمي كوكي فيديو، فتحت هاتفها ..ظهرت أمامها صورة ابنتها العابسة
قطبت جبينها متنصنعة العبوس
-كوكي عاملة ليه كدا، شكلها نوتي اوي
هزت رأسها وبكت
-مامي أنا زعلانة، مشيتي انتِ وبابي وسافرتوا وسيبتي كوكي هنا، كوكي زعلانة من مامي وبابي، ثم أعطت الهاتف لأخيها وتحركت تصيح
-انطي داليا، انطي داليا…تنهدت بحزن ثم اتجهت لأبنها
-أمير خلي بالك من اختك حبيبي، متخلهاش تاكل تشكولت كتير، حاول ماتخلهاش تزعل…دلف راكان بتلك الأثناء، رفعت بصرها إليه وتقابلت النظرات للحظات ثم اتجهت واسترسلت
-خليها تروح لقمر، ولو حبت تبات هناك، متزعلهاش بس خلي بالك منها
-اوكيه يامامي، حضرتك هتتأخري عندك
انبثقت عبرة رغما عنها
-لا ياحبيبي، مامي تعبانة شوية، هتقعد عند الدكتور يومين عشان ارجعلك بزين، مش انت عايز البيبي
-ياااس..قالها الطفل بفرحة..اوكيه يامامي، متخافيش على كوكي، بوسيلي بابا اد البحر
رفعت نظرها للذي جلس صامتا على المقعد واجابته
-حاضر ياحبيبي..قالتها ثم أغلقت هاتفها تضعه بجوارها، وتراجعت بجسدها تغمض عيناها تنتظر حديثه
انكمشت ملامحه بألم، فنهض مقتربا منها بخطوات سلحفية، فقد كان الألم بداخله أقسى من أن يوصف ممزوجا بالخوف والحزن في آن واحد، هناك حروب بين عقله وقلبه، قلبه الذي يتمنى قربها، وعقله الذي ينفرها بكل قسوة
حاول الضغط والسيطرة على نفسه حتى يصل لمبتغاه، تحامل على نفسه، واتجه إليها
جلس بجوارها، وشعور يراوده أن يضمها لأحضانه، رائحتها التي استحوزت عليه، حالتها التي بها، قلبه الذي يئن ويدمى، كل هذا يضاربه بقوة، لم يشغل عقله كثيرا، فجذبها يحاوطها عندما غلب القلب العقل
وضع ذقنه على رأسها، وهو يحاوط جسدها بذراع، ويضع كفيه على أحشائها،..هزة عنيفة أصابت جسده، اغمض عيناه وحاول أن يسيطر على ضعفه بحوذتها..سحب نفسًا هامسا لها
-ليلى احكيلي ازاي اتجوزنا بعد ال حصل، عايز اعرف لو سمحتِ
كان همسه كزخات المطر الذي ينزل بصحراء قالحة ليحولها إلى أرض تدب بها الحياة
رفعت أناملها على وجهه وتعمقت بشمسه تشبع روحها الضائعة منذ فقدانه..تمسحت به كقطة أليفة يكفيها هذا الشعور، لا تترك شيئا يعكر نقاء حياتهم التي صفوت بعد مرورهم بالصعاب
همست له بصوتها الحنون:
-أهم حاجة لازم تعرفها، انك كنت روحي وأنا روحك ياراكان
دا المهم في ال عدى.. لمساتها له بتلك الطريقة ماذا تعني، كيف لها تعامله بتلك الطريقة بعد ماصار بينهما ،ظلت نظراته ترمقها بهدوء وعقله
ظلت نظراته ترمقها بهدوء وعقله ينفي حديثها فتسائل
-سليم مات ازاي..باغتها بسؤاله الذي نزل على قلبها كالصاعقة، تجمد كفيها على وجنتيه وترقرقت عيناها بطبقة كرستالية، ظلت لفترة تحاول أن تسيطر على ألمها وهمست
-مش فاهمة سؤالك؟!
تراجع للخلف ونظر إليها بغموض متسائلا :
-إيه ال في سؤالي مش مفهوم، عايز أعرف ازاي اخويا مات، هو مكنش مريض
حررت من صدرها نفسا ناعما، عندما أيقنت حربه الداخلية ..فأعتدلت بجلوسها تطالعه بأنين قلبها
-سليم مات في حادثة..قطب مابين جبينه
-مات في حادثة ازاي وسليم بيعرف يسوق كويس
فركت كفيها عندما عجزت عن الرد عليه، ماذا تقول له، أنه السبب
-عادي ياراكان، هما كل ال بيعملوا حوادث بيكونوا مبيعرفوش يسوقوا
انعقد حاجبه وتحدث:
-دي مش اجابة، انت بتحاولي تخبي حاجة
نزلت بساقيها بهدوء من فوق الفراش، بعدما أزالت الكانولا وبسطت كفها له
-تعالى معايا نروح مشوار
نظر إليها ثم نظر لكفيها، فنهض واقفا متجاهلا كفيها ..تحرك متجهـًا للنافذة وأخرج تبغه ينفثه وينظر للخارج ثم تحدث وهو يواليها ظهره
-بحاول اقنع نفسي أننا اتعاملنا كزوجين، بس الفكرة مش مقنعة، استدار يرمقها وهي مازالت واقفة فتحدث
-نسيتي قولتي ايه قبل فرحك على اخويا، تحرك إلى أن وصل أمامها ونظر لسواد ليلها
-اقنعي عقلي ازاي وافقت عليكي وازاي انت وافقتي بعد ال حصل بينا، دنى منها حتى اختلطت انفاسهما
-اقنعي عقلي انك خلتيني في وقت من الأوقات اقرف من نفسي وكنت على لحظة هخون أخويا ال هو روحي
قطبت جبينها غير متداركة لما يقوله، أمسكت كفيه واحتضنته
-عمرك ماكنت خاين ابدا، ولا عمرك حاولت تقرب مني وانا متجوزة
ابتسم بسخرية وتلك الأيام تضارب عقله بقوة فهز رأسه كالمجنون واجابها
-ايوة عايز اعرف مين فينا ال خان سليم
تجمد جسدها حتى شعرت بانسحاب أنفاسها، وصخرة قوية تطبق على صدرها حتى منعت تنفسها، فشحب وجهها تنظر إليه بصدمة وذهول، ولم تشعر بعبراتها التي أغرقت وجهها وتمتمت بتقطع
-تقصد إيه ؟!..ارتجف جسدها وهو يسحب نظره بعيدا عنها
تراجعت للخلف تستند على الجدار حتى تصل للفراش، عندما فقدت توازنها، تضع كفيها على أحشائها ..جلست بهدوء رغم نيران صدرها وارتجافة جسدها..تسطحت على الفراش بقلبا يئن ويدمى من حبيب خذلها..لم تعد تحتمل قسوة كلامه
ابتلع كلامه واتجه إليها بعدما وجد حالتها، هو يعيش حرب طاحنة، لم يشعر به احد
جلس بجوارها ثم حمحم :
-ليلى عارف إنك مضايقة من كلامي، بس عايزك تساعديني
رفرفت باهدابها وصوته الحزين، جعلها غير قادرة على تجنبه، هي تعلم بضياعه ولكن كيف لها ان تتحمل اتهماته الشنعاء
-فيه مكان عايزة نروحوا ممكن تساعدني نروح هناك من غير كلامك المؤذي لروحي
-طبعا حبيبي.. ابتسمت عيناها من كلمته التي اخرجها بعفوية
انعقد لسانه وتاهت مفرادته ولم يقو على الحديث عندما نظرت إليه بحب، هو لا يعلم كيف اخرجها، ولكن شعر بدقات عنيفة اصمت اذنه، فنهض قائلا:
يلا، ووعد مش هزعلك.. ابتسمت رغم حزنها القاطن بقلبها، واتجهت بخطوات هزيلة، وكفيها يحتضن بطنها التي بدات تؤلمها
❈-❈-❈
دلفت الممرضة، تنظر إليها بذهول
-الحركة ممنوع يامدام.. طوقت ذراعه، وابتسمت للمرضة قائلة:
-هنروح مشوار ونرجع، وان شاء الله مفيش حاجة هتحتصل لبيبي، باباه معايا.. قالتها وهي تنظر بعمق عيناه
اطبق على جفنيه عندما استنشق رائحتها، ولمسة كفيها الناعم لأنامله، عقله محصور، وصدره مقبوض، ودقات نارية بقلبه، لايعلم مصدرها أكان عشق ام ألم وفراق، كل ما يشعر به آلام قلبه منها في ذكرياته المستعصية النسيان
تحرك بهدوء بجوارها، نظر لوشحاها وخصلاتها التي تدلت منه
-استني.. توقفت تطالعه باستفهام ظنا رفضه للخروج
رفع كفيه، وخبأ خصلاتها تحت حجابها.. انفاسه كانت قريبة منها، شعرت بمعذوفة قلبها تمنت عناق منه يحطم ضلوعها، لم تفكر كثيرا، حاوطت خصره ووضعت رأسها بصدره تستنشق رائحته المختلطة برائحة عطره ورائحته الرجولية.. تجمد كفيه من فعلتها، وشعر بتذبذب بجسده كاملا.. استمع لهمسها
-هنا آماني وتعلقي وعشقي الذي آلمني حد الوجع، هنا المعنى الحقيقي للحب.. رفعت وجهها وتعانقت نظراتهما
-دقاتك دي خاصة بيا انا وبس، مستحيل قلبك يكون ملك لغيري
رفعت كفيها ووضعته فوق نبضه
-دا ملك ليلى بس.. ظل يطالعها بنظرات مشتتة، ودقات تصيب قفصه الصدري، كيف لها الثقة من حبي لها، وهي التي اوجعتني حد الموت..نعم هو عشقها، ولكنها اوجعته، واستباحت نزيف روحه
حمحم ثم انزل كفيها واحتضنه بين كفيه متحركا للخارج ثم أردف
-قولتي هنروح مشوار نسيتي ولا إيه.. وصلت بعد قليل الى المنزل الريفي الذي ابتاعه لتحويله لدار للمفقودين
هناك اصلاحات كثيرة بجوار المنزل، ولافتة يُكتب عليها
“دار ليلى للممفقودين” وبجوارها مدرسة ومسجد مكون من ثلاث طوابق.. جذبت كفيه وتحركت الى المنزل البسيط بجوار الدار، خصص هذا المنزل لها، بعيدا عن الدارحتى يكون ل خصوصيتها عندما تأتي إليه
دلفا حتى وصلوا الى الاريكة، جلست عندما شعرت بوجعا
وزع نظراته على المنزل بالكامل، ثم توجه إليها
-البيت دا بتاع مين؟! تسائل بها راكان
ابتسمت واشارت إلى الأريكة
-ممكن تيجي ترتاح، انا تعبت من الحركة والكلام، ممكن تاخدني في حضنك شوية
نهضت واتجهت إليه، تحتضن وجهه بين راحتيه
-لو سمحت حبيبي مش طالبة منك غير انك تاخدني في حضنك شوية بس
حاوط نظراته بالمنزل، وأصوات كثيرة متداخله
-بابي ياله عشان تجبلي مانجو، حبيبي ياله عشان نطفي الشمع ..تخيل حركات أمير حوله بالمكان، وهناك طفلين آخرين لم يعلمها ..خرج من تخيلاته على صوتها، وهي تستمد برأسها على كتفه
-حبيبي عمرك مابعدتني عن حضنك،رفعت نفسها وحاوطت عنقه، مش يمكن لما تاخدني في حضنك وتحس بحبي بعدها تفتكر حياتنا
انحبس النفس بصدره، ونبضاته تتسارع وتساعد قلبه على ضخ الدم لمخه الذي صار بعد ماتخيل علاقتهما المتقاربة
تراجع للخلف وكأن عضلاته لسانه تعطلت، واصيب بجلطة شلت مخارج الحروف، وبالكاد استطاع الوصول إلى الاريكة وألقى نفسه فوقها، يمسح على وجهه بعنف، يبعد تلك الصور التي تضرب ذاكرته، حاضره بماضيه
دنت منه بعدما وجدت تشتته
جثت أمامه واحتضنت كفيه الذي شعرت ببرودهما، ثم رفعته وطبعت قبلة حانية عليه
-عارفة تشتتك، بس متأكدة انك هتفتكر كل حاجة، عندي امل في ربنا كبير، ماهو مش هقدر اقف قدام دا لوحدي
دنت من شفتيه ثم طبعت قبلة بجوارها، ونظرت لعيناه هامسة
-مش بتفتكر أي حاجة خاصة بينا ابدا
ابتلع غصة مريرة عبأت جوفه بطعم الصدأ عندما اهتز داخله من قبلتها حتى تمنى قربها، طالعها بنظرات متساىلة حائرة غير مستوعب شعوره، دقات عنيفة اصابته، هنا فقد السيطرة وتحكم قلبه.. فجذبها يحثها على الوقوف.. نهضت ببطء وجلست بجواره
تلاقت النظرات بينهما بالعشق، فاقتربت تضع رأسها بعنقه تستمتع بقرب أنفاسه، وآهة خفيضة خرجت من بين شفتيها
-راكان صدقني حبيبي احنا بنحب بعض اوي، ازاي قلبك مش حاسس بيا، مش بيقولوا القلب بيصدق قبل العقل
رجفة قوية أجتاحت جسده، رفع ذراعه وحاوطها يضمها بعنف، مطبق جفنيه، تاركا لقلبه سلطة التحكم
ابتسمت بأحضانه وتمسحت به كالقطة أليفة تهمس له بأعذب الكلمات العاشقة لروحيهما
اخرجها من أحضانه، ينظر لسواد ليلها الذي انطفى بريقه، لامس وجنتيه بإبهامه، عضلات وجهه ثابتة رغم رعشة قلبه من قربها، شعرت بتخبطه، لمست ذقنه وابتسمت حتى انير وجهها
-بحبك معذبي.. ثم طبعت قبلة مطولة على خاصته.. ابتعدت ودقاتها العنيفة التي شعرت باختراق صدرها منتظرة ردة فعله، حاولت معه بشتى الطرق، مثلما قال لها طبيبه
ظل ثابتا جامدا بمحله، نظرات فقط إليها، سحبت نفسا واخرجته بهدوء، تحاول السيطرة على ألم قلبها
وضع كفيه على شقه الأيسر تحديدًا موضع نبضه، عندما شعر بألما ووخز يعيق خروج تنفسه قائلا
-دا بيوجعني اوي، مش عارف من إيه، ازاي اتجوزنا ياليلى بعد ال حصل، بعد مابعتيني وجيتي وقفتي قدامي وقولتي هوجعك لما أتجوز اخوك، كنتِ بتنتقمي مني ببشاعة مش كدا، ليه معرفش
اتسعت حدقتيها بصدمة، تهز راسها رافضة
-زفرت بنفاذ صبر وأصبحت قاب قوسين او ادنى من فقدانها للوعي بعد حديثه المؤذي، ناهيك عن آلام جسدها
تراجعت بجسدها للخلف وسحبته، تضع رأسه على ساقيها
-حبيبي ريح دماغك دلوقتي وان شاء مع الوقت تفتكر كل حاجة
تسطح مغمض عينيه يهرب من حصارها الذي فرضته عليه
حركت كفيها بخصلاته، وابتسامة سعيدة تشق ثغرها
تحدث حالها
-الحمدلله المهم هو جنبي،مرت دقائق وهي تطالعه بنظراتها العاشقة ، جذب كفيها ووضعه تحت وجنتيه بعدما طبع قبلة عليه هامسا مابين النوم واليقظة
“بحبك مولاتي”اتسعت ابتسامتها بحبور قلبها، وانحنت تطبع قبلة على ثغره
-ومولاتك بتعشق معذبها حبيبي.. ظلت كما هي منحنية بجسدها تضع جبينها فوق خاصته، حتى شعرت بالأماها.. نزلت بجسدها بعدما وضعت رأسه على الوسادة، وتسطحت بجواره.. مقتربة من انفاسه ثم ذهبت بنومها
استيقظ على رنين هاتفه، وجدها تدفن راسها بعنقه.. رفع خصلاتها ووضعها بهدوء يطالعها بصمت
-أنا بحب ليلى أوي ياراكان وخايف متكنش بتحبني.. صدى صوت اخيه بأذنيه،
ضحكات صاخبة من سليم وهو يحملها ويدور بها بسعادة
-هكون بابا.. رفع كفيه المرتعش على وجهها ومازالت نظراته ثابتة بجمود، وذكرى أخرى
-اتجوزك، بعد ماكنت مرات الباشمندس سليم المحترم اتجوز واحد بتاع ستات كل ليلة في حضن واحدة.. تراجع بجسده بعيدا عنها، وصدى صوتها
“ماكرهتش حد قد مااكرهتك ياراكان البنداري”.. ماما قولي لابنك المحترم يبعد عندي
وضع كفيه على اذنيه، وكأن داخله حمم بركانية، انفجرت داخل مخه الذي انكر ارتباطه بها، بكرهك ياراكان يابنداري
قاطع وسواسه واصواته الصاخبة بعقله
صرخة عاتية خرجت من اعماق روحه، فنهض فزعا من جوارها، حتى شعرت به، فاعتدلت
-حبيبي مالك تعبان ولا ايه، ياله نمشي عشان دواك
لم يتحمل صوتها، كفى وجوده بجوارها. نهضت ووصلت اليه، حاوطت خصره
-حبيبي.. حاسس بأيه؟!
-بااااس.. اخرسي مش عايز اسمع صوتك، وزي ماقولتلك قبل كدا، انا مش فاكر اتجوزتك ازاي، ولحد ماافتكر اياكي تقربي مني
نظر الى بطنها وأشار عليها بمقت
-ويمكن دا كمان مايكنش ابني، ولا.. تحاملت على نفسها ووصلت إليه تضع كفيها على فمه، وانسابت عبراتها
-خلاص، انا مش مراتك، ولا كننا اتجوزنا، واعتبره مش ابنك، بس اياك ثم اياك تطعني في شرفي ياحضرة المستشار!!
دموعها كزخات المطر من عينيها، ارتجفت شفتيها كما اهتز جسدها من شهقاتها، واكملت بانين قلبها
-بص عليا واحفظ شكلي دا كويس، بس مش عايزاك تحفظ دموعي ووجع جسمي، احفظ انك كسرت قلبي وولعت فيه حتى بقيت من غير قلب
شهقة ملتاعة خرجت من صدرها، ورفعت عيناها الباكية، ولكزته بصدره
-بدل دا محسش بيا، يبقى مالوش لازمة الكلام
وانا اوعدك.. وعد من ليلى المحجوب، وافتكر الأسم دا كويس، ليلى المحجوب مش ليلى البنداري ابدا، لابعد عنك وارميك من حياتي، دنت حتى لمست ثغره واكملت بقلبها الدامي الذي ينزف
-عشان ليلى البنداري دفنتها بايدك ياحضرة المستشار، حاولت وضغط بس انت دوست، دوست اوي وعديت.. وزي ماقولتلك طول حياتي.. انت معذب قلبي وبس
تراجعت بخطواتها متجهة للخارج بخطوات مبعثرة، وقلبا مفتت محطم،
تحرك خلفها إلى أن وصل إلى السيارة..وجدها تجلس بالخلف تغمض عيناها، همست من بين آلامها
-وديني المستشفى بسرعة..شعر بالعجز أمامها، هكذا كانت حالته الميؤس منها، كأنه مأسورًا خلف قضبان عقله، قام بتشغيل المحرك يتابعها من مرآة السيارة..وضعت كفيها على أحشائها متألمة، وشعور بسائل لذج يخرج من بين سيقانها
شهقة خرجت من فمها، وضعت كفيها على شفتيها عندما علمت بفقدان جنينها ، أما عنده تخيل بكائها من حديثه
ظل يقود سيارته بهدوء رغم حربه الشعواء التي تضرب عقله وقلبه..فجأة توقف بالسيارة حتى اصطدم بالقيادة متجها إليها وعيناه لهيبا كنيران جهنم ثم قال
-افتكرت ازاي حملتي في كيان
فتحت عيناها عندما كانت تغلقها من الألم الذي تشعر به، ورغم توقف السيارة بتلك الطريقة، إلا أنها لم تشعر سوى تخبط جسدها بقوة، ثم استندت مرة أخرى بالمقعد، غمامة تضربها، وكأن صوته يصل إليه من مسافة بعيدة
أكمل حديثه الذي حطم قلبها وجعلت آلامها أضعاف مضاعفة حتى وصلت حالتها إلى الاغماء، وانتهت الرحلة مع جنينها عندما صرخ بها قائلا
-بعتيلي ليلة يامدام بمقابل فلوس ..عشان كدا حملتي في كيان، نظر إلى بطنها وتحدث متهكما
-وتلاقي دا زي الأول ..استدار يقود السيارة بهدوء بعدما ألقى قنبلته، ولم يشعر بإغمائها كاملا
وصل بعد قليل إلى المشفى وجد حمزة ودرة يترجلون من سيارتهما..اتجه إليه حمزة
-ايه يابني بتصل بيك مبتردش ليه؟!
فتحت درة الباب الى اختها مبتسمة
-ألف سلامة عليكى ياأم العيال..لم ترد عليها..انحنت تمسك كفيها لتساعدها
-انزلي حبيبتي براحة، رفعت نظرها إلى عيناها المنغلقة.. صدمة اذهلتها عندما وجدته اغمائها، وكأنها فارقت الحياة
صرخت درة باسم زوجها
-حمزة الحقني ليلى مش بتتنفس..
تحرك إليها سريعا حتى وصل إليها يصرخ على المسعفين بإحضار نقالة
أما ذاك الذي توقف متيبسًا وكأن روحه فارقت جسده، همس من بين شفتيه باسمها وحمزة يحملها بين ذراعيه كأنها ودعت الحياة
ارتجف جسده بالكامل، عندما وجدها بتلك الحالة، وجهها الشاحب الذي تحول الى الزرقة، وخصلاته التي تتحرك للأسفل من تحت كف حمزة ..كطائر ذبيح مكبل الأرجل ومقطوع العنق ..جلس مكانه عندما فقد القدرة على الحركة ..فتح جاكتيه عندما شعر بإنقباض صدره ومنع تنفسه
وصل يونس الذي رجع للتو، وجده جالسا ووجه السحب وحالته التي ظن أنها من عدم تذكره ..جلس بجواره ثم سحب نفسا وتحدث بهدوء….. راكان هتفضل كدا، يعني حتى شغلك مش عايز ترجعله، ماهو انت عمرك ماهتفتكر حياتك وانت بالشكل دا
كأن صوت يونس أعاد روحه فانبثقت دمعه من جفنيه، وارتجفت شفتيه وهو يتحدث بتقطع
-يو..نس !! انق..ذها، انقذ مراتي ..ضيق يونس عيناه متسائلا
-راكان مالك..بتر سؤاله اتصال حمزة بالأعلى
-يونس تعالى المستشفى بسرعة، ليلى حالتها صعبة، والدكتورة بتقولي لازم دكتور يونس يجي يشرف بنفسه، يااما هتحولها
-ايه..قالها يونس بتوهان، اتجه بنظره الى راكان الذي اومأ برأسه وعيناه المترجية فهمس مرة أخرى
-انقذ مراتي يايونس..هب يونس من مكانه متجها إلى الداخل سريعا ، وصل إلى غرفتها، وجد الممرضة تجهزها للعملية
-في ايه، مالها مدام ليلى ..نظرت إليه بأسى وأردفت
-للأسف فقدت الجنين، وعندها نزيف الدكتورة هتولدها حالا
-دخليها كشف الاشاعات الأول، وبعد كدا يبقى اقولك هنعمل ايه
اتجه إلى غرفة الكشف ..جذب المسعفون ليلى إليه
-دقائق مرت عليه وهو يشعر بكم الحزن والألم الذي حاوطته بسبب ابن عمه الذي تحول لشخصًا اخر
املا ضعيف ظهر أمامه حينما أردف أمام شاشته
-الجنين فيه نبض، إجابته الطبيبة التي تقف بجواره تضع كفيها بجيب معطفها الطبي
-مفيش مية يادكتور، والنزيف شغال ، رفع بصره إليها في علاج لدا كله،المهم الجنين فيه نبض يادكتورة، والباقي هيتعالج
-هيموت يادكتور..قالتها عندنا توقف يونس متجها إلى ليلى التي لم تشعر بحالتها
-جهزي مدام ليلى للعناية، وحطي جهاز التنفس، التنفس عندها ضعيف
سحبتها الممرضة وتحركت، أسرعت درة خلفها وهي تبكي على أختها
-ايه يايونس، ليلى اخبارها ايه..تسائل بها حمزة، رفع نظارته الطبية وهز رأسه
-الوضع مش كويس، معرفش ايه ال حصل ، وايه ال خرجها، راكان مش طبيعي ابدا ياحمزة
تحرك حمزة متجها إليه بالخارج
-هيفوق يايونس، متنساش دا كله غصب عنه، توقف خطوة واستدار إليه
-خلي بالك من ليلى، نورسين فاقت وعرفت أن راكان فاقد الذاكرة بلاش يلعبوا في المنطقة دي، لو وصلوا محدش هيقدر عليهم في حالة راكان دي
تفهم يونس حديثه فتحرك متجها لغرفة العناية، أما حمزة وصل إليه، وجده كما هو جالسا بمكانه
-قاعد كدا ليه مش عايز تطمن مراتك
-عاملة ايه، لسة عايشة!!
زفر حمزة بهدوء ثم أجابه
-مش هلومك ولا هتكلم معاك، بس حياتك مع ليلى غير ال في دماغك
-عايز اروح..صدمة أصابت حمزة فسأله
-مش عايز تطمن عليها، ولا على ابنك
-لا..همس بها ثم اتجه إلى سيارته..ظلت نظراته عليه إلى أن اختفى أثره بالسيارة
مسح على وجهه بغضب، وتأفف بضجر
-دا مش طبيعي فعلا..وصل إلى منزله بعد فترة، قابلته ابنته
-بابي جه ..أسرعت إليه ..توقف للحظات أمامها، وجد سرعتها إليه
جلس وفتح ذراعيه إليها
-حبيبة بابي وحشتيني..حاوطت عنقه ثم طبعت قبلة على وجنتيه
-وحشتني اد البحر..وصل أمير بعدما صف دراجته بجوار الشجرة واتجه إليه متسائلا
-فين ماما؟!..التفت إليه راكان وعجز عن إجابته ، خطى إليه حتى وصل إليه
-ماما قالت هتجيب زين وتيجي، وصلت زينب إليهم
-حمدالله على السلامة ياحبيبي
مراتك عاملة ايه..كانت نظراته على أمير، فأجابها
-تعبانة ومش هتيجي دلوقتي..انساب دموع أمير وتحدث من بين بكاؤه
-عايز اروح لها..أطبق على جفنيه ثم تنهد وأجابه
-هي هتخف وتيجي، ادخل مع اختك شوفوا اي العاب دلوقتي ، وانا هنام شوية واجيلكم
-بس انا عايز اطمن على مامي ، انا حلمت بيها يانٓانٓا، والله حلمت بيها بتعيط وبتقول لبابا أنا زعلانة منك
كور قبضته اعتقاد أن أمير يقصد اخيه، ولكن قاطع شروده عندما توقف بالقرب منه وأردف
-أنا زعلان منك يابابا عشان بتزعل ماما، هي كانت بتعيط كتير وحضرتك عيان، دلوقتي هي بتعيط اكتر وتعبت اكتر، انا مش هكلمك تاني غير لما ماما تبطل عياط..قالها الطفل وتحرك للداخل سريعا
تنهدت زينب بحزن، ثم ربتت على كتفه
-متزعلش منه ياحبيبي هو طفل مش فاهم حاجة
بشقة عايدة وفرح
جلست مع العاملة التي تعمل بقصر البنداري
-مية ألف جنيه، ولو عملتي المطلوب هديلك قدهم
اومأت العاملة مبتسمة وتحدثت
-ولا يهمك يامدام ، هغير الدوا، ومحدش هياخد باله متخافيش
وضعت عايدة ساقًا فوق الأخري بتباهي وأردفت
-مش عايزة الذاكرة ترجعله وياريت تاخدي بالك كويس
بعد شهر بغرفة يونس دلف إليها يبحث بعينيه عنها
-سيلين ..خرجت بجوار ابنتها
بابي ..حملها وهو يرفع بالهواء
حبيبة بابي ..ايه الجمال دا
نزلني يابابي، عايزة أروح لأمير ويامن..
أطلق ضحكاته،وداعب وجعها
-قمري مش مصاحب غير الولاد، روحي ألعبي مع كوكي برة، وأنا ومامي هنيجي وراكي ، متبعديش ياقمر عشان الحفلة فيها ناس كتيرة، متبعديش عن أنطي داليا
-حاضر يابابي ..قالتها الطفلة وهرولت إلى الأسفل
رفع بصره إلى سيلين التي تجلس على الفراش متألمة..اتجه إليها
-مالك ياسيلي!!
أطبقت على جفنيها مردفة
-تعب الحمل حبيبي، حضرتك دكتور وعارف
رفع حاجبه بسخرية وتحدث
-تصدقي كنت ناسي..انتِ لسة في الشهر الرابع ياسيلي، يعني حتى مش باين انك حامل ياقمري ..المهم تعالي عايزك
قطب جبينها وتسائلت
-ايه دا ؟!
حك ذقنه وغمز إليها:
-فستان لليلى، عايزك تقنعيها تلبسه، وكمان لازم تنزل الحفلة بأي طريقة
عقدت ذراعيها على صدرها ورفعت حاجبيها
-ناوي على ايه يادكتور الستات، والله راكان لو فاق ليعمل منك كفتة
جذبها من خصرها بقوة واضعا جبينه فوق جبينها
-بتغير ياقمري ولا ايه..رفعت عيناها إليه
-متزعلش راكان يايونس لو سمحت، كفاية نوح عليه، وعمو عاصم، هتيجي انت كمان ..انسابت دموعها وتراجعت بعيدا عنه مردفة
-راكان صعبان عليا اوي يايونس، شوفت حالته بقت ازاي
احتضنها يونس يمسد على خصلاتها
-حبيبتي أنا مش ضده بالعكس ، مش عايزه يخسر بيته، والصراحة ليلى اتحملته كتير، ولو عملت ال ناوية عليه بعد الحفلة هيكون دا اخر طريقهم
انا بحاول اخليه يفتكر شوية، لو فتحتي الفستان وشوفتيه هتعرفي قصدي
أومأت برأسها وامسكت العلبة وتحركت إليها
بغرفة ليلى
دلف إلى الغرفة بهدوء لأول مرة، كانت تجلس بالشرفة تغمض عيناها وتستنشق رائحة الزهور المنعشة، التي يتميز بها فصل الربيع ، تنظر إلى الأضاءة التي أنارت الحديقة بالكامل، وبدأ المدعون بالحضور..ابتسمت بسخرية عندما شعرت بوجوده
خطى إلى أن وصل إليها
-ليلى..همس بها مقتربا منها، استدارت برأسها رمقته بنظرة ثم رجعت تنظر إلى الخارج
تحرك حتى جلس بمقابلتها
-ممكن نتكلم ..ظلت كما هي وأجابته :
-لا..عندي صداع وماليش مزاج اكلم حد
افترت شفتيه ابتسامة، ثم دنى بجسده يحاوطها بذراعه
-ليه فقدتي الذاكرة..تهكمت بسخرية وتحدثت ومازالت لم تعريه
-اه ونسيت حبيب عمري، تقول ايه بقى، ظروف عقل مفوت
جز على أسنانه واردف :
-اتعدلي عشان متغابش عليكي، انا ..نهضت من مكانها ودنت حتى اختلطت انفاسهما، تغرز نظراتها بعيناه
-ولا حاجة ياراكان يابنداري، انت ولا حاجة، وخليك عايش في دور الاهبل، دفعته بقوة حتى سقط على المقعد وتحركت قائلة :
-اطلع عايزة اقفل البلكونة وانام، فيه حاجة طبقت على صدري ومش قادرة اتنفس
هب من مكانه ووصل إليها بخطوة، يجذبها بعنف
-انتِ بتقولي ايه يابت ..رفعت ذراعها تحاوط عنقه واقتربت تعانق عيناه هامسة بالقرب من خاصته
-بقولك ياحبيبي انك ولا حاجة ايه عندك اعتراض
أطلق ضحكة رجولية صاخبة ثم فجأة جذبها من خصلاتها يستنشق رائحتها التي اشتاقها كثيرا، ثم همس بجوار أذنها
-الليلة هترجعي تباتي في حضني تاني يالولة
رجفة أصابت جسدها من أنفاسه التي ضربت عنقها، لحظات وهو يتابعها بعينيه الصقرية، استدارت إليه وتحدثت بتقطع
-أنا هروح مع بابا بعد الحفلة زي ما اتفقت مع عمو أسعد، وقبل أي ماتتكلم وتسوء الظن كعادتك
-هفضل هناك عشان مااكرهكش ياراكان، رفعت عيناها المترقرقة بالدموع وطالعته بألم قلبها
-كفاية وجع بينا دلوقتي الولاد، ولحد ماترجع لطبيعتك أنا هفضل عند بابا، فلو سمحت بلاش نوجع بعض..سحبت نفسًا وطردته ثم أردفت
-ياريت نطلق أحسن ..قالتها وتوجهت تفتح إليه الباب
-ودلوقتي اطلع برة اوضتي، وياريت تحترم رغبتي
اومأ برأسه وتحرك للخارج، توقف بمقابلتها، ونظر بساعة يديه
-ساعة..قدامك ساعة والاقيكي تحت بين الناس، لو منزلتيش
هطلعلك ، والبسي دا..قالها وتحرك للخارج..أغلقت الباب خلفه بقوة وهي تصرخ بعصبية
-يخربيت غرورك واحد مستفز..تسارعت أنفاسها ودت لو أطبقت على عنقه..استمعت إلى طرقات على باب غرفتها، ثم فتح الباب ودلفت سيلين..نهضت ليلى سريعا، ظنًا أنه هو، ولكن تسمرت عندما وجدتها سيلين تنهدت براحة ثم اتجهت تجلس
دلفت سيلين تضيق عيناها
-ليلى ..في ايه ؟!
أمسكت خصلاتها تجذبها بعنف وتصيح بصوتها
-اخوكي المستبد دا هقتله، وحياة ربنا هقتله البارد دا
ضحكت سيلين ووضعت فستانها أمامها
-خدي البسي دا وهو يموت لوحده..ضيقت عيناها ثم فتحت العلبة
-يخربيتك ياسيلين دا أنتِ عايزاني انا ال أموت
قهقهت سيلين عليها وتلاعبت بحاجبيها قائلة:
-وحياتك يونس مش انا ..قطبت جبينها وتسائلت
-يونس !! ليه ناوي على ايه
رفعت كتفها متجاهلة
-وحياتك ولا أعرف، شاف راكان جابلك فستان فحب يلعب بأعصابه شوية
أمسكت الفستان وهزت رأسها رافضة
-بس اللون دا راكان مابيجبوش، صممت ورسمت ابتسامة
-بس حلو الأحمر برضو، أهو احسن من الأسود بتاعه
قهقهت سيلين
-الله يرحمك يالولة، تنزلي الحفلة بفستان احمري ناري، لا وايه على البياض انسى ياباشا ..دا الليلة هتكون فراولة
ظهر الألم على وجهها عندما اردفت بها سيلين بعفوية، فرفعت بصرها
-هجهز وانزل، وكويس عجبني اللون الأحمر
..بالأسفل وقف بجوار حمزة يرمق راكان الواقف بجوار أحد أصدقائه
-وحياة امي راكان رجعتله الذاكرة..قالها يونس هامسا
لكزه حمزة متسائلا:
-اتجننت يلا، بتكلم نفسك
مط شفتيه للأمام وتحدث
-مش ملاحظ حاجة، قطب حمزة مابين جبينها متسائلا
-قصدك ايه يا دكتور النسوان
قهقه يونس وأشار على نوح الذي يدلف إلى الحفل بجوار أسما
-كدا كملت على الآخر، نوح مكنش معزوم وجه، تفتكر ايه ال هيحصل مع الأخوين الأعداء
-هتولع يامعلمي، اتجه بأنظاره إلى ليلى التي وصلت إلى الحفل بجوار سيلين،واطلق صفيرا
-هي كدا ولعت فعلا..الله عليا وحياة عنيا، راقب وشوف، الواد راكان بيشتغلني
-قصدك رجعتله الذاكرة..رفع كوب عصيره وارتشف ونظراته على راكان النارية لليلى
-حيوان..اصبر عليا ياراكان
توقف أسعد أمام ليلى
-تعالي ياليلى، وصلت ليلى إليهما
-ازي حضرتك ياعمو..ضمها من أكتافها
-دي مرات راكان ياسيدي، وام لي العهد..وصل إليها بخطواته المهرولة
جذبها من معصمها للداخل
-عايزة توصلي لايه ياليلى
نزعت كفيها
-اتجننت بتشدني كدا ليه، نظرت حولها وحاولت الأبتسام
-الناس بتبص علينا، انا مش عايزة أوصل لحاجة ياراكان، كل الحكاية ماما زينب قالتلي لازم انزل عشان الناس جاية تبارك لحفيد البندارية، مينفعش اكون مش موجودة، أما لو عليك مش عايزة أشوفك قدامي صدقني
-متخلنيش أتغابى عليكي يامدام لو سمحتي..هتطلعي تغيري الزفت ال لابساه دا
أشارت على فستانها وتحدثت
-ماله ..بشجع الأهلي حتى لسة فايز النهاردة أربعة ، ابعد بس يانفساوي
تحركت خطوة ..جذبها بعنف، ورمقها بنظرات نارية
-لو متلمتيش..رمقته بغضب ثم
دفعت ذراعه بقوة واختنق صوتها
-كفاية كسر فيا ياحضرة المستشار لو سمحت، تعلقت نظراتهما، نظراته النارية بنظراتها المتألمة
-كنت حاسة إن السعادة هتتخطف مني، بس متوقعتش تكون انت ال هتخطفها
قالتها وتحركت مهرولة إلى. الأعلى..صعدت إلى غرفة رضيعها ..اقتربت من فراشه ، جلست بجواره تمسد على خصلاته..ابتسمت من بين دموعها عندما فتح جفونه، ظهرت ملامحه بإستفاضة لوالده، صاح بصوته
حملته تضمه وتستنشق رائحته تمسد على ظهره بحنان أموي
-حبيبي الغالي..وضعته على ساقيها وظلت تطالعه بنظراتها الباكية فهمست له بصوتها المبحوح بالبكاء
-تعرف انت جتلي من الموت، شوفت فيك عذاب أشكال وألوان، بتمنى حبيبي تتمتع بحنان بابا ..عارفة أنه الأيام دي ضايع ومش في حالته، بس أن شاءالله هيرجع بسرعة، دا ثقتي بربنا، بدعي ربنا ليل نهار يرجعلنا بسرعة
كان يقف على الباب يستمع حديثها، اتجه مغادرا عندما استمع صوت أسما وسيلين على الدرج
دلف إلى غرفته يفك رابطة عنقه، استمع الى صوت الألعاب النارية بالأسفل
جلس على فراشه يتذكر منذ اسبوعين، دلف الى غرفته وجد العاملة تضع علبة دوائه وتحمل علبة فارغة..جلس ولم يعريها اهتمام،
-انا كنت برتب الاوضة ياباشا..تحركت من أمامه ولكن توقفت عندما صاح بها
-استني عندك…ارتعش جسدها فاردفت بارتباك
-محتاج حاجة ياباشا!!
-اول مرة أشوفك هنا..ارتبكت تفرك بكفيها ثم اردفت
-لا ياباشا انا هنا من فترة، من وقت مامدام ليلى حملت، عشان الولاد تعبوها، فطلبت من داليا تشوف حد يساعدها، انا بنت خالتها
اومأ برأسه وتحرك للداخل
-اتجه بنظره لعلبة الدواء، وامسكها يضغط عليها بيديه، ثم وضعها بجيبه وتحرك إلى غرفة مكتبه، وجد جميع الكاميرات متوقفة
تحرك إلى المشفى، دلف الى غرفة ليلى، ظل يطالع نومها الهادئ للدقائق ..ثم تحرك إلى أن وصل إليها ..انحنى يطبع قبلة على جبينها ثم همس بجوار أذنيها
-تنينة الحلوة تنينك افتكر كل حاجة بس لازم ألعب شوية، ابني أمانة عندك، بتمنى تسامحيني، عارف هطلعي نار من ودانك لما تفوقي، المهم انكوا بخير، وضع كفيه على بطنها
-حافظي على ابننا ال بغبائي كنت هموته
تحرك إلى الخارج واتجه إلى طبيبه يضع امامه تلك الحبوب
-عايزك تغيرلي الحبوب دي، عايزة حاجة اقوى
امسك الطبيب الزجاجة قائلا
-بس دي أقوى حاجة، الذاكرة مش هترجع بالعلاج بس، لازم متغطش على نفسك
زفر باختناق ثم تحدث
-طيب ليه الحبوب دي غير التاتية، حتى شكلها غير
قطب جبينه وتسائل
-ازاي؟!!
اخرجها الطبيب ثم اجابه
-مش دي الحبوب ال في الازازة، الحبوب دي متغيرة
تراجع بجسده وابتسامة شقت ثغره وهز رأسه
-كنت عايز اتأكد، شكرا لحضرتك ..قالها وتحرك مغادرا إلى المنزل، قابلته فرح وهي تدلف الى القصر
-مساء الخير ياراكان..أوما برأسه
-عاملة إيه..نظرت إلى منزلهم وتحدثت
-جاية اشوف سارة، نفسي نرجع بيتنا، ماتقول لعمك كفاية ظلم لماما بقى، هو هيسمع منك، مش بعد العمر دا كله يرمي امي كدا عشان حتة بنت جابتلو ولد
طالعها بغموض وتسائل
-هو انتوا مشيتوا من البيت ليه
دنت منه وتحدثت
-بابا اتجوز على ماما، بعد ماليلى راحت اشتكت ماما لعمو أسعد، عشان ماما اكتشفت خيانتها، فحبت تنتقم من ماما، فبابا طلق ماما
أطلق ضحكة صاخبة..ضيقت عيناها متسائلة
-بتضحك على ايه..تعمق النظر بمقلتيها وأردف
-اصل ليلى طلعب هيرو ياقلبي، مفيش مصيبة في البيت محصلتش من غيرها، حتى خلت عمي ال كان بيموت في مراته يتجوز عليها ويطلقها
عقدت ذراعها وأردفت بغل
-شوفت اجرام اكتر من كدا
رفع كفيها يداعب خصلاتها
-متخافيش هاخد حق طنط عايدة وهخلي عمو يرجعها معززة مكرمة كمان، استني بس ليلى تولد وبعد كدا كله هياخد حقه
-هي ليلى هتولد ..مش بيقولوا الولد مات في بطنها
تحرك من أمامها
-مات ولا عايش ميهمنيش يافروحة ..
خرج من شروده على أصواتهم بالخارج..خرج وجد أسما تحمل طفله وتشير إليه
-هجيب له بنوتة بقولك اهو ياسيلي ابعدي عن الولد
وصل إليهم متسائلا
-واخدينه فين؟!
لم تجيبه أسما، ولكن سيلين اردفت
-بابا عايزه..أخذه من أسما وضمه لأول مرة أمامهم
-الولد مش هينزل تحت، مش شايفين الزحمة، معرفش ايه لزوم الحفلة اصلا
قالها وتحرك بالطفل للداخل..كانت تطالعه أسما وهو يضم ابنه
-راكان هيجنني ياأسما، تخيلي بيقول الولد مش ابنه
ربتت على ظهره رغم نيرانها المحترقة على صديقتها
-نوح اهدى عشان خاطري، كفاية عليا ليلى، هتموت من وقت ماسابها في المستشفى مازرهاش ولا مرة، ياحبيبتي ياليلى كتير عليها ال بيحصل
مسح نوح على وجهه وكأنه يقتلع جلده من الغضب
-مش عارف ألومه، انا متكتف ياأسما ..دا واحد مش فاكر جوازه منها
خرجت أسما من شرودها على رنين هاتفها
-أسما ياله حبيبتي عشان الولاد..ابتسمت إلى سيلين
-نوح عايزنا نمشي سلام حبيبتي
بعد قليل انتهاء الحفلة بعدة ساعات ، صعد إلى غرفة ابنه لأول مرة منذ ولادته وجدها تقوم بٱطعامه
دلف وجلس بجوارها، رفع كفيه يمسد على خصلاته ثم انحنى يطبع قبلة على رأسه
ارتجف جسدها، واهتزت نظراتها تنظر اليه بتساؤل
رفع بصره إليها واقترب يضمها إلى أحضانه
-ليلى أنا افتكرت كل حاجة..آسف ..انسابت عبراتها على وجنتيها وشهقات مرتفعة، حتى وصلت إليها زينب ظنا أن ابنها ابكاها كعادته، وجدته يجلس بجوارها يضمها بإشتياق، وهي تبكي بأحضانه
-اهدي حبيبتي، والله غصب عني..بتر حديثه عندما استمعوا الى انفجار صاخب بالخارج
-اسعد برة ..ابوك لسة برة ياراكان..هب متجها إلى النافذة ينظر بالخارج
-دي عربية ولعت..هنزل اشوف في ايه تحت، ماما خليكي مع ليلى لما ارجع
وضعت طفلها وهزت رأسها رافضة نزوله
-فيه ضرب تحت وهو نازل ازاي ياماما
خرجت زينب بجوار ليلى وتحركوا إلى الخارج ..وصلوا إليه وجدوا أسعد بجوار راكان
-مين ال ولع في العربية..تحدث أحد الأمن
-راكان باشا في حاجة لازم تشوفها
صعدت ليلى إلى غرفة ابنها بعدما اطمئنت عليه متجهة إلى رضيعها، وجدت باب الغرفة مفتوح، تذكرت هبوط زينب معها، نظرت بالغرفة تبحث عن ابنها كالمجنونة، ذهبت إلى غرفة أمير وجدته يغفو بجوار كيان
هرولت إلى الأسفل بأقدام حافية عندما وجدت أحدهما يحمل طفلها ويقفز من شرفة ابنائها
صرخت باسم زوجها وتحركت سريعا الى الأسفل تعبر البوابة الرئيسية إلى القصر، متجهة إلى تلك السيارة التي توقفت بأحد جوانب السيارة
استمع إلى صياحها راكان
وصل يونس الذي دلف بسيارته للتو إليها
-مدام ليلى في ايه..لكنها هرولت خلف السيارة تصرخ باسم ابنها، توقفت السيارة حتى ظهر راكان يسرع خلفها ولكن أسرعت السيارة عندما ظهر راكان..ظلت تسرع وتصرخ باسم ابنها إلى أن جثت على ركبتيها، هرول خلف يونس الذي ظهر أمامه وصوت زوجته ولكنه لم يراها
جحظت عيناه عندما وجدها بتلك الحالة وهي تنظر إلى السيارة وتصرخ باسم ابنها ، هنا أحس بقبضة تعتصر صدره، كور قبضته ضاغطا على مفاصله، وصاح بصوتا زلزلت له الأرض
-الحقوا العربية دي، هموتكم لو مجبتوش الولد
نهضت متجهة إليه كالقطة الشرسة، بدأت تلكمه وتصرخ
-عايزة ابني ، انت السبب الولد دا ابني لوحدي،انت مالكش حق فيه..صرخت وصرخت إلى أن انهارت بين يديها ساقطة كورقة خريف
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عازف بنيران قلبي)