روايات

رواية كبرياء صعيدي الفصل الثامن عشر 18 بقلم نور زيزو

رواية كبرياء صعيدي الفصل الثامن عشر 18 بقلم نور زيزو

رواية كبرياء صعيدي البارت الثامن عشر

رواية كبرياء صعيدي الجزء الثامن عشر

كبرياء صعيدي
كبرياء صعيدي

رواية كبرياء صعيدي الحلقة الثامنة عشر

” أخذ الحق حرفة”
تنحنحت “عطر” بحرج من خدمته رغم قساوته معها وقدمت صنية الطعام له بينما هو جالسًا فى شرفة الغرفة صباحًا، نظر “عيسي” لها بهدوء بعد أن سمع صوتها الخافت وقال بجدية قاطعًا شروده:-
-أجعدي يا عطر
تأففت بضيق من لطفه بعد أن كسر قلبها وروحها ليقول بحدة أكثر:-
-أجعدي
-أقعد ليه؟ إذا كان مش طايقاك وجايبالك الأكل دا غصب عني بعمل بأصلي زى ما أنت بالظبط وريتني أصلك يا أبن الأصول
قالتها بضيق شديد مُنفعلة من خدمته رغمًا عنها، أخذ كوب الشاي الساخن بعد أن رفع الغطاء عن الكوب تاركًا الطعام وأخذ رشفة منه وهو يشعل سيجارته، جلست بقلق عليه وسحبت سيجارته من بين شفتيه وقالت بلهفة:-
-مفيش سجاير على الصبح كدة، أفطر الأول
نظر إلى قلقها ببسمة خافتة لتقول بأرتباك من نظراته وحرج من ظهور قلقها هكذا:-
-على الأقل قدر تعبي ومجهودي فى المطبخ
تناول فطاره تحت أنظارها الثاقبة التى تراقبه علنًا ليقول بهدوء:-
-عايز أتكلم وياكي شوية، حتى لو كارهني بس معنديش غيرك أفضفض وياه وأمنه على أسراري واللى بيدور فى بالى
صمتت بأهتمام من مقدمة حديثه ليأخذ كوب الشاي من جديد بعد أن أنهي فطاره وقال:-
-فى كام حاجة شاغلين بالي يا عطر وبفكر فيهم مرة واحدة وفى نفس الوجت، أولهم اللى بيلعب بعلاجتنا من أول الرسالة اللى جتني يوم ما كتبت عليكي والكلام اللى اتنشر عنك فى البلد يوم الصباحية وأخيرهم حملك اللى صدمنى أن حد عرف به وأنتِ فى مصر
ظلت تسمع لحديثه ثم نظر إلى وجهها الملاكي، كانت صامتة وتنظر إليه بأهتمام شديد وجميلة جدًا، مع شروق هذا الصباح شعر “عيسي” أن قلبه قد هُزم من جديد أمام جمال فتاته، ترتدي بيجامة بكم سوداء عليها قلوب حمراء صغيرة وشعرها مُنسدل على كتفيها يحيط بوجهها الصافي وعينيها الزرقاء، تابع حديثه قائلًا:-
-تاني حاجة بجي ثأر أبويا وجدي، أنا فاضلي خطوة واحدة وأعرف اللى عملها ومعرفش هعمل ساعتها أي؟، وعمي وعياله اللى مش سايبني فى حالى يا عطر، أنا خابر زين أنهم أساس المصايب اللى نازلة على رأسي دى، وفيروزة عاوز أجوزها لعامر بجاله كتير خاطب ومن حجه يتجوز إذا كان أتجوزت
ظلت صامتة ولم تتفوه بكلمة واحدة، أطفئ سيجارته وألتف نحوها أكثر ثم أخذ يدها فى راحة يده ثم رفع نظره إليها ليقول:-
-سامحيني يا عطر، لأن زعلك أول حمل تجيل على كتافي
تنهدت بهدوء وعينيها تنظر إلى يديهما المُتشابكة فقالت بلطف:-
-أحم.. عيسي أنا ..
-أنا راضي أعمل أى حاجة عشان ترضي وتسامحي والله أول وأخر غلطة ولو أتكررت أبجي أعملي اللى يريحك وجتها
قالها بلطف شديد وصدق لمس قلبها حتى خمدت نيران قلبها وعقلها فتنهدت بأريحية ثم قالت ببراءة وحنية:-
-أخر مرة يا عيسي
-والله وغلاوة عطر عندي أخر مرة
قالها بترجي وأستماتة قوية لتقول بعفوية:-
-ماشي يا عيسي، هعديها المرة دى لأنها أول وأخر ومرة لكن أوعدني الأول أنك مش هتعمل كدة تاني وأنك هتسمعني قبل ما تحكم عليا لانها مش سهلة أنك تتهمني فى شرفي وأوعدني أنك مرتفعش أيدك عليا تاني لأن لو عملتها …
وضع يده على وجنتها بدفء وبسمة مُبهجة تنير وجهه ثم همس إليها بحُب:-
-لو عملتها تاني أجطعيلي يدي
-بعد الشر عنك يا عيسي بس لو عملتها مش هتشوف وشي تاني ولا هتعرفلي مكان
قالتها بجدية صارمة ليوافقها بثقة ودفء:-
-حاضر أوعدك
تبسمت بلطف، فتح ذراعيه إليه لتقف من مكانها وتذهب إلى ذراعيه تختبيء بيهما فطوقها بهما باستماتة وأحكام حتى لا تفر منهما مرة أخري وهمس إليه:-
-أخيرًا يا حبيبة جلبي، أتوحشت ضحكتك جوي يا عطر، أتوحشت راحتك وكل حاجة فيكي يا حبيبتى
-أنت كمان وحشتني أوى يا عيسي
قالتها بلطف ويديها تستكن فوق صدره القوي، رن هاتفه يقطع لحظتهما الدافئة فأبتعدت عنه وهو يضع الهاتف على أذنه وقال بجدية:-
-عملت أي يا مصطفي
-كله تمام يا عيسي بيه
تبسم “عيسي” بحماس ورفع خصلات شعرها بيده كأنه فخورًا بوجودها جواره وتحدث فى الهاتف ويده تداعب وجنتها بأبهامه:-
-جدع يا مصطفي، أنا هغير خلجاتي وجايلك
أغلق الهاتف وقال بلطف شديد:-
-أفطري يا ست الستات وأنا هطلع ومهتأخرش عليكي بليل، لو أحتجتي حاجة كلميني يا روح جلبي
خرج من الشرفة لتخرج “عطر” خلفها وهى تمسك فى يدها ساندوتش مربي بالفراولة وقالت:-
-خلى بالك من نفسك لو رجعتلي متعور تاني ….
قاطعها بحماس ونظرته الشيطانية أرعبتها وجعلت جسدها يقشعر ذعرًا وكأنه لن يرحم أحد فقال:-
-متخافيش يا حياتي، جهزلي خلجاتي على ما أتسبح
دلف للمرحاض وقبل أن يغلق الباب ألتف إليها وهو يقول:-
-عطر، أنا عندي ميعاد مهم مع ناس كبار أختري خلجات زينة كيفك وتكفي لهيبة جوزك يا عطري
أومأت إليه بنعم وذهبت إلى غرفة الملابس لتخرج له عباءة رمادي وقفطان كحلي مع وشاح رمادي بخطوط كحلية رفيعة ومسحت نوبته الأسود جيدًا وأخترت حذاء وساعة وعطر فرنسي، وقف “عيسي” يلف عمامته أمام المرآة بعد أن أرتدي ملابسه التى أخترتها بنفسها، ألتف ليأخذ نبوته فوضعت “عطر” قفطانه على أكتافه ببسمة دافئة ليقبل يديها وجبينها ثم قال:-
-جهزى حالك على المغرب أكد، هعدي عليكي تروحي للدكتور يطمن عليكي وعلى البيبي
أومأت إليه بنعم ببسمة مُشرقة وقلبها كان مُشتاق لرؤية هذا الصغير الموجود بأحشائها فخرج من الغرفة، مر على غرفة والدته ودخل ليراها أستيقظت من قليل وتصفف شعرها، أقترب منها وقبل يدها ورأسها ثم قال:-
-صباحك فل يا ست الكل
-صباح النور والرضا يا ضنايا، عيني عليك باردة، مد يدك هات المبخرة دى خليني أبخرك يا ولدي من عين الحسود
تبسم “عيسي” بعفوية وقدم المبخرة لوالدته لتُديرها فوق رأسه مرات متتالية وهى تدعي له بالكثير فأخذ يدها ووضع قبلة عليها ثم قال بهدوء:-
-تسلمي يا ست الكل، أنا عايزك تعدي بعد العصر أكدة على خالتي سكينة وتجولها بكرة تيجي مع عامر عشان نحدد ميعاد الفرح، بكفايهم ناطرينا بجالهم كتير وأنا الكبير أتجوزت من حجهم هم كمان يتجوزوا
تبسمت “هدى” بعفوية وضحكت غير مصدقة الأمر:-
-يعنى فيروزة كبرت وهتجوزي وهتهملني فى الدار لحالي، الدار فضيت يا ولدي علينا
-بكرة تتملي عيال وتعمر كيف ما كانت وأكتر
قالها بهدوء ثم غادر المكان، لايبالي بشيء بقدر ما يذهب إليه…
________________________
فى شركة الشبل للأخشاب بوسط المدينة، دلفت “كارما” فتاة فى العشرينات من عمرها ترتدي بنطلون جينز وقميص نسائي طويل يصل لركبتيها وفوقه قفطان بناتي بنفس الطول وشعرها البني مسدول على ظهرها وكتفها الأيسر وتحمل فى يدها حقيبة خضراء مكعبة، رحب “حامد” بها كثيرًا وعانقها لتقول بعفوية:-
-وحشتني، وحشتني أوى أوى يا بابا
أخذ بيدها لكي تجلس على الأريكة الجلدية السوداء جواره مُحدثها بأندهاش:-
-غريبة أمك هملتك تيجي لهنا
-أنت عارف ماما ونشفان دماغها، بس أنا أقنعتها أن أجي أقضي الإجازة هنا معاك
قالتها “كارما” بعفوية ثم تابعت الحديث:-
-وبصراحة هى واقفت بسرعة عشان عايزة تتأكد أنك أتجوزت ولا لا، لأن جالها ورقة من المأذون أنك أتجوزت
تأفف “حامد” بضيق ثم وقف من مكانه غاضبًا من تجسس ابنته وزوجته عليه وعاد للجلوس على مكتبه قائلًا بحدة:-
-أيوة هو دا السبب الحجيجي وراء مجيتك أهنا
وقفت “كارما” من مكانها مُندهشة بسبب والدها ورد فعله ثم قالت:-
-دا اللى ضايق حضرتك يا بابا، لكن أنك تتجوز ومن بنت فى عمري دا طبيعي بالنسبة لك
تحدث “حامد” بضيق شديد من عتاب ابنته له وقال بحدة:-
-اي يا كارما على أخر الزمن هتحسبيني
تنهدت بضيق من برود والدها رغم فعلته وقالت بخنق:-
-لا يا بابا أنا مقدرش أحاسبك حضرتك حر فى تصرفاتك وحياتك لكن على الأقل لو عايز تتجوز أتجوز واحدة تناسبك مش …
قاطعها بحدة صارمة يقول:-
-مش جيت لامك لحد عنديها وجولتلها ترجع وتعيش ويايا لكن هى اللى ركبت دماغها وهجرتني وأنا عجاب ليها وعشان أربيها مطلجتهاش وخليتها كيف البيت الواجف أكدة
-وهى أحترامنا ليا ولمشاعري سمعت منى وقبلت وموصلتش الموضوع للمحاكم، تيجي حضرتك وصُب البنزين على النار
قالتها “كارما” بضيق شديد وقبل أن يجادلها “حامد” دلفت السكرتيرة إلى المكتب وعلى وجهه معالم الذعر والخوف تقول:-
-الريسبشن أتصلوا وجالوا أن عيسي بيه الدسوجي تحت وعاوز يجابل حضرتك
فزع “حامد” من مقعده ووقف مذعورًا بعد أن سمع أسمه وقال بتلعثم:-
-جولتي مين؟
أبتلعت لعابها هى الأخرى وقالت بتمتمة:-
-عيسي بيه الدسوقي
تحدث “حامد” بارتباك واضح فى ملامحه ثم قال:-
-خدي كارما ولما يطلع دخليه ومدخليش علينا حد
خرجت “كارما” مع السكرتيرة متعجبة من ذعر أبيها من هذا الشخص فسألت بقلق:-
-مين عيسي الدسوقي دا؟
تنهدت السكرتيرة بخوف شديد ونظرت حولها ثم قالت:-
-عيسي بيه الدسوقي كبير البلد، أكبر رجل أعمال فى الصعيد كلته وأكبر راجل فى الصعيد كلته بيعمله ألف حساب مجرد ما يتذكر أسمه، حتى الداخلية بتعمله حساب لأنه الوحيد اللى بيحمي رجالتهم لما يطلعوا الجبل للمطاريد، عيسي الدسوقي معندوش فى جلبه رحمة ولا عنده عزيز، رمي أهله وعمه وعياله فى الشارع كيف المتسولين وضرب نار على ولد عمه عشان يطلج مرته بالقوة وأتجوزها هو، عيسي الدسوقي لو لمحتى ضله كأنك لمحتي الموت ما بالك لما تلمحيه هو ذات نفسه، الله يسطرها علينا النهاردة
أندهشت “كارما” مما تسمعه عن جبروت هذا الرجل ولم تذهب بل قررت أن تجلس لتشاهد الوحش بعينيها، خرج “عيسي” مع “مصطفي” من المصعد ومر فى الرواق وكلما مر على أحد أنتفض قلبه رعبًا من وجوده هنا وترك السلام خوفًا منه، لمحته “كارما” ولم تتوقع أن هذا الرجل ذو السمعة المُرعبة الذي يهابه الجميع حتى والده وذكر أسمه جعل والدها ينتفض رعبًا من مقعد هو شاب فى مُقبل عمره بهذه الوسامة لكن تعبيير وجهه كانت حدة كالسيف المسموم وصوت دقات نبوته بالأرض الرخامية تفزع كدقات القلب المتصلبة، دلف للمكتب وقابله “حامد” ولأول مرة يتجمع الأثنين معًا، جلس على المقعد الأمامي للمكتب ومقابله “مصططفي”، تحدث “حامد” بدهشة قائلًا:-
-نورت مكتبي المتواضع يا عيسي بيه
تبسم “عيسي” بسمة خبيثة شيطانية ثم قال:-
-ولسه لما تعرف أنا جيك ليه، هينور أكتر
تنحنح “حامد” بقلق ونظر إلى “مصطفي” ثم إلى “عيسي” وقال بهدوء شديد:-
-خير
أتكئ بيده على نبوته ببرود شديد ثم قال بكبرياء وغرور:-
-بصراحة أنا متعودتش أكون مديون لحد، الحمد لله دايما ربنا بيطول فى عمري عشان أرد ديوني وجتي، وعمري ما أتاخرت علي سداد الدين اللى فى رجبتي، وأنت ليكي عندي دين لازم اوفيه
لم يفهم “حامد” الأمر حتى تحدث “عيسي” مُتابعًا:-
-لو سألت أى حد هيجولك أن مكنش ليك تدخل حرب أنت مالكش فيها، بس أهو خشومية منك أنك تدخلها وجلبك يجيبك تجف جصادي فيها
-عشان يعنى اللى حصل وي ولاد عمك فى القضية دى…
قاطعه “عيسي” بنبرة ساخرة وضحكته تملأ المكان قائلًا:-
-هههه لا دي مالهاش مببرات، كان واجب عليك جبل ما تحط يدك فى يد عمي تسأل مين هو عيسي الدسوقي وكيف بيكون مصير اللى بيعديه، وأنت ما شاء الله متأخرتش فى عداوتي كسبتها على طول
-يا عيسي بيه أسمع بس
ضرب “عيسي” الأرض بنبوته بقوة صارخًا به بضيق مما فعله:-
-أسمع أنت يا حامد يا شبل، وعز وجلالة الله لو أدخلت فى أمور تخصني مرة تانية لأكون محيك من فوج الأرض وأوعي تفكر أن تجارة الأثار اللى دايرة بينك وبين ناجي الدسوقي أنا غافل عنها، تبجي أهبل لا مؤاخذة لأن المطاريد اللى بتأجرهم عايشين فى الجبل واكلين وشاربين ونايمين بحمايتي أنا ولو خيرتهم يبجي هيولعوا فيك من جبل ما أطلب
أبتلع “حامد” لعابه بقلق ثم قال بتمتمة:-
-أنت عاوز أي بالظبط يا عيسي
ضحك “عيسي” وهو يقف وهيندم ملابسه بكبرياء ثم قال بغرور:-
-عيسي حاف أكدة، وماله ملحوجة ولو على اللى عايزة فأنا خدت اللى عايزة وأكتفيت أكدة ودي نعتبرها جرصة ودن أصغيرة مني تعرفك حجمك وقيمتك جبل ما تجف جصاد عيسي الدسوقي مرة تانية
ألتف ليغادر من المكتب ولم يفهم “حامد” حديثه الأخير فوقف من مقعده ينظر من النافذة على “عيسي” وهو يصعد بسيارته، رن هاتفه ليجيب وكانت الخادمة من منزله تبكي وتتحدث بهلع فقال بضيق:-
-أهدي وأتكلمي براحة مفهماش منك حاجة
-فى رجالة هجموا على البيت وخطفوا الست خديجة من الجنينة
قالتها ببكاء شديد لتتسع عيني “حامد” على مصراعيها بصدمة ألجمته وقد فهم أخيرًا كلماته الأخير وتهديد “عيسي” له، لتحل به الصدمة التالية حين دلف مساعده “عز” إلى المكتب بتوتر وخوف وهو يلهث بقوة من هول الصدمة التى حلت بهما وقال:-
-الحكومة جبضت على المعلم والمساخيط اللى وياه
أتسعت عيني “حامد” من هول الصدمة بعد أن فشلت عملية التسليم للأثار وقبض على رجاله والأثار وخطفت زوجته من منزله وكأن “عيسي” يرسل له رسالة واحدة (لن يمنعه أحد إذا أعلن الحرب حتى حدود أرضه سيتخطاها) …..
_________________________
صعدت “عطر” مع “هدى” فى السيارة وأنطلق “عبدالجواد” بهن إلى منزل “سكينة” أختها وكان أذان العصر يأذن فتحدثت “هدى” بهدوء:-
-جولتلك أجعدي فى الدار أرتاحي يا بنيتى، حبلك واعر يا عطر دا كلام دكاترة
تبسمت “عطر” بعفوية وقالت:-
-زهقت من قاعدة البيت، وبعدين أنا مبعملش أى مجهود يا مرات عمي
توقفت السيارة فجأة فأرتطمت رأس “عطر” بالمقعد الأمامي، صرخت “هدي” بضيق وقلق:-
-مش تخلي بالك يا عبدالجواد، دا أنا منبهة عليكي يا راجل تسوج براحة 0.. أنتِ زينة يا بنيتي
أومأت “عطر” بعفوية إليها ليقول “عبدالجواد” بقلق:-
-حجك عليا يا ست الناس… مش تفتحي يا ست
نظرت “هدى” لترى امرأة وقفت أمام السيارة دون خوف وبعد أن توقف “عبدالجواد” أقتربت من نافذة “عطر” باكية وهى تقول:-
-يا ست الناس وتاج رأسنا بالله عليكي تسمعيني
فتحت “عطر” النافذة بدهشة وتذكرت وجه المرأة جيدًا، هى نفسها المرأة التى تحدثت عنها بالسوء وألقت الماء المتسخة عليها، تشبثت المرأة بالنافذة بعد أن فُتحت لتقول “هدي” بجدية:-
-فى حاجة يا ست
-شالله يخليكي يا ست الناس تسامحني وتغفرلي جهلي وذلة لساني والله من يومها وأنا ملجياش الوكل لعيالي
أندهشت “عطر” من حديثها ودموعها التى تسيل على وجنتيها، ترجلت “عطر” من السيارة وهكذا “هدى” فأخذت “عطر” يدها بعدم فهم وقالت:-
-أهدي بس وفهمني، أساعدك أزاى
أنحنت المرأة تقبل يدها لتسحبها “عطر” سريعًا قبل أن تفعل وقالت :-
-أستغفر الله، أنتِ بتعملي أيه
-أحب على يدك ورجلك والله لو ترضي بس تخليني أشوفي رزجي ورزج عيالي ، شالله يتجطع لساني وما أوعي أجوم من مكاني جبل ما أزعلك يا ست الناس، دا أنتِ ستي وست البلد كلتها والله
قالتها ببكاء شديد فنظرت “عطر” إلى “هدى” بعدم فهم فترجل “عبدالجواد” وهو يقول:-
-يالا يا ست بكفاياكي
أعطاها مبلغ من المال فألقته السيدة وهى تتشبث بذراع “عطر” وقالت:-
-سامحيني يا ستي الله يخليكي تسامحني
أخبرته بما فعله “عيسي” ومُنذ أن تحدثت عنها بالسوء ومنعها رجال “عيسي” من البيع فى السوق ومنع التجار من أعطاها أى شيء ولم تجد الطعام لأطفالها، دُهشت “عطر” من قساوة زوجها على أهل البلد ولأول مرة تخرج من السراية وتفهم سبب خوف الجميع منه وشعرت أنها تتعرف على زوجها من جديد وأنه ليس باللطف التى تراه، بل وحشًا يسير على الأرض وسطهم بتدمع عينيها من حديث السيدة فربتت “عطر” على يدها بلطف وقالت بهدوء:-
-حقك عليا، أنا أسفة ليكي والله
أنحنت السيدة لتقبل قدمها من الذعر وهى تقول:-
-دا أنتِ اللى حجك عليا يا ست هانم
أنحنت “عطر” سريعًا قبل أن تفعل وربتت عليها بلطفها ورحمتها وهى تقول:-
-أنا مش هانم ولا نيلة، متزعليش حقك عليا وأفتحي محلك وبيعي من دلوقت وأنا أوعدك محدش يتعرضلك من جديد وخدي دول
فتحت حقيبتها لتخرج كل المال الموجود بداخلها وقالت:-
-دا كل اللى معايا والله، خديه وهاتي أكل لعيالك لحم أو فراخ وغذيهم ومن بكرة وديهم مدارسهم متخافيش أنا مسامحاكي
غادرت المكان وسط دعوات كثيرة من السيدة لها وهكذا بعد المارة لكن بداخلها غضب سافر من زوجها ومما فعله لهذه السيدة وهى تتواعد له بالكثير حين يعود لها، وصلوا إلى منزل “سكينة” وهى شاردة بهذه السيدة حتى قاطع شرودها صوت “سكينة” تقول:-
-أشربي عصيرك يا بتي ، أنا حاجاتي نضيفة والله
تبسمت “عطر” بلطف وقالت:-
-أكيد يا طنط، شكرًا تعبتك
ضحكت وهى ترفع كنكة القهوة عن النار وتقدم الفنجان لأختها ثم قالت:-
-والله يا خيتي، أتحددت وياه كتير وهو اللى فى رأسه فى رأسه، معاوزش أبدًا يهملها أهنا هو مصمم يتجوز وياخد مرته على سكندرية وياه
تأففت “هدى” بضيق شديد وقالت:-
-يعنى هو عامر ولدك دا مُصمم يتعب جلبي وياه، جولنا معاوزش يجعد ويايا فى السراية ماشي كبره ورجولته منعينه لكن كمان يأخد بنيتي ويهج ويتعب جلبي … كتير عليا أكدة
-أتحددت وياه كتير جوي وجالي أنه أتفج وي عيسي بيه
تأففت ” هدى” بضيق شديد وقالت بغيظ من عناد ابنها وقالت:-
-أنا خابرة زين أن عيسي هيجول أنها تجعد مكان ما جوزها جاعد
___________________________
كانت منهارة من البكاء وهى مقيدة اليدين خلف ظهرها وعلى فمها لاصقة تمنعها من الحديث وقدميها الحافيتين مقيدتين، ترتدي عباءة بيتى وشعرها مرفوع بمشبك الشعر، فتح باب الغرفة فنظرت إلى الباب لتُصدم عندما رأت “عيسي” يدخل من الباب وخلفه “منصور” الذي جلبها من منزل زوجها دون خوف عندما أقتحمه، جلس “عيسي” أمامها وأبعد اللاصقة عن فمها وهو يقول:-
-شوفتي، كيف الكلبة جبتك من داره
-أنت فاكر أن حامد هيسكتلك…
صفعها بقوة على وجهها لتصرخ من قوة الصفعة ونزفت الدماء من أسنانها وقال بغضب سافر:-
-وأنتِ فاكرة أن جوازك منه هيحميكي مني ولا مش هطولك إياك وأنتِ فى داره
بصقت الدماء أرضًا وهى تلهث بوجع ثم قالت بألم وعناد:-
-أنت عايز اي؟
-حج مرتي، أنا مستغربتش لما أمك الحرباية اتكلمت عنها بالسوء ولا لما أخوكي أذاها، أصل البجاحة دى تطلع منهم عادي لكن أنتِ ، كانت صدمة بالنسبة لي لما شوفت اسمك منور جصادي، كيف … جوليلي عملتيها كيف وأنتِ بتجوليلي مرتك بتخونك، عملتيها كيف وجبتي تحليل الحمل؟ كيف …كيف عجلك مجالكيش دا عيسي الدسوقي اللى بلعب عليه وجادر يدفني حية
أبتلعت لعابها بخوف منه بعد أن عرف أنها من بعثت له هذه الرسائل لتقول بغيظ شديد:-
-طب ما تسأل نفسك كيف دوست على جلبي ورميتني كيف الكلبة وراء ضهرك وأنت بتطلجها من أخوي عشان تتجوزها، كيف وجفت جصادى وبتجولي هتجوزها
هز رأسه بنعم بغضب مكبوح بداخله وقال:-
-ايوة صح ، أنتِ كيف الكلبة وأهو جه اليوم اللى اوريكي فيه كيف عيسي الدسوقي بيعامل الكلاب….
غادر المكان وهى تصرخ بخوف مما هو قادم ليقترب “منصور” ويكمم فمها مرة أخرى ……

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية كبرياء صعيدي)

‫8 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *