روايات

رواية هجران رحيل الفصل الثامن 8 بقلم شامة الشعراوي

رواية هجران رحيل الفصل الثامن 8 بقلم شامة الشعراوي

رواية هجران رحيل البارت الثامن

رواية هجران رحيل الجزء الثامن

هجران رحيل
هجران رحيل

رواية هجران رحيل الحلقة الثامنة

صف “أدهم” سيارته بجانب بوابة القصر حين لمح طيفها، فنزل من السيارة واقترب منها فوجدها جالسة على الجانب الآخر من الرصيف تلاعب طفلاً صغيراً، فقال بتسأل:
-نور أنتى بتعملى ايه هنا ومين دا ؟.
رفعت “نور” رأسها إليه ثم رددت قائلة:
– معرفش أنا لاقيته قاعد هنا لوحده وبيعيط شكله تايهه من اهله.
-طب هاتيه وتعالى ندخل جوا واكيد أهله هيجوا يسالوا عليه الأمن لأن مينفعش تفضلى قاعدة فى نص الشارع بالشكل ده!.
أجابته “نور” بأعتراض:
-لا أنا هفضل قاعدة هنا بيه وهما اكيد هيجوا دلوقتى.
نظر إليها مطولاً ثم قال بخضوع:
-ماشى ياستى أدينا واقفين لحد لما يجوا لما نشوف اخرتها معاكى ياست نور.
بينما هى ظلّت تداعب الطفل بكل حب ولين، فنظر إليها “أدهم” بابتسامة بشوشة كم هى بريئة كالاطفال وحنونه كالأم، أنها حقآ تملك مشاعر جميلة مثلها، ولديها حب كبير يسع الكل، بعد لحظات جاءت أم الطفل تبكى فقامت بضمهِ إلى صدرها، ثم شكرتهم وذهبت بطفلها إلى البيت المجاور.
وجهت “نور” بصرها نحوه وقالت باسمة:
-أنا داخله القصر عن أذنك.
ذهبت من أمامه وتركته بمفرده يتطلع لاثرها بابتسامة عريضة، ظهرت “رحيل” من خلفهُ وقالت بود:
– الحياة فُرص يا أدهم، و الأمل لا يموت والطرق تتسع لا تضيق، حاول تستغل الفرصة اللى قدامك قبل ماتندم أنك ماستغلتهاش، وأنت وحدك صاحب القرار فاختر ما يليق بقلبك، و إياك تضيع من أيدك الشخص اللى حبك بجد من كل قلبه.
تركته فى حيرته من أمره، بعد تفكير طويل وجد أن حديثها صحيحاً وإن لم يستغل الفرصة التى أمامه فسوف يندم كثيراً لذا أخذ قراره باستغلال كل فرصة تأتى إليه.
فى حديقة القصر مساءاً أجتمعن شباب العائلة فى جو أسرى جميل مليئ بالحب والدفئ، يلعبون الشايب ولم يتبقى أحد سوى “هشام” و “مازن”، فكان الوقت عصيب على كل منها خوفاً من الخسارة، بينما الباقى كانوا ينظرون بترقب لما سيحدث، وبعد لحظات قليلة أمسك “مازن” ورقة الشايب، فاطلق “هشام” على أثر ذلك قهقهه عالية مما جعل الجميع يضحكون على ضحكته الجميلة.
فقال “مازن” منزعجاً:
-لا والله كدا خم وظلم يعنى ايه دى تانى مره البسه أنتم متفقين عليا لا وربنا دا أنا اموتكم فيها.
رد عليه “هشام” بنبرة لعوبة وهو يرقص أطراف حاجبيه:
– وأنا اعملك ايه ما أنت اللى متعرفش تلعب.
أردف الاخر بضيقٍ:
-أنا اللى معرفش العب والا انت اللى مستقصد أمى.
-مهما تقول ايه هيتحكم عليك يعنى هيتحكم عليك ياميزو يلا يارجاله نبدأ بالحكم وأول واحد هيحكم عليك مراد.
تبسم “مراد” ابتسامة خبيثة ثم قال:
-طبعا هو احنا عندنا أغلى من مازن علشان ننفذ فيه الحكم
-هو أنتم ليه محسسنى أنى رايح اتشنق مش كدا ياجدعان الله.
رد “مراد” بكل أريحية فقال باسماً:
– بص يامازن أنا مش هحكم عليك بحكم كبير دا لأنك أخويا وابن عمي حبيبي، و حكمى أنك هتغسل عربيتى وعربية هشام وأدهم كمان شوفت أنا حنين معاك ازاى.
أجابه ” مازن” ساخراً:
-دا من ذوقك والله أمال لو مكنتش حنين كنت عملت ايه وبعدين أنا مال أمى ماتغسلوا عربيتكم لأنفسكم ولا أنا الشغاله اللى جبهلكم أبويا.
-هتنفذ اللى قولتلك عليه وأنت ساكت فاهم.
تأفف “مازن” احتجاجاً :
– وربنا دا ظلم طب خليها عربيتك بس متبقاش ظالم ومفترى.
نظر إليه ” مراد” ثم قال بحده:
– بقى أنا ظالم ومفترى طب وربنا لتغسلهم غصب عنك.
تفوه “مازن ” هامساً:
-ربنا ع المفتري ياشيخ.
– بتقول حاجه يازفت.
– لا لا لا.
بينما “هشام” وجه حديثه إلى الفتيات فقال:
– دوركم يابنات.
اردفت “رحيل” بنبرة لطيفة:
-أنا عفيت ميزو حبيبى من الحكم.
صاح “مازن” فارحاً: -قلبى وربنا.
بينما “نور” تبسمت شفتاها فقالت بود:
-وأنا كمان يامزاميزو عفوت عنك.
– ياروحى أنتى خدى بوسة. ثم ألقى إليها قبلة فى الهواء، فشعر شقيقه بالضيق والغيرة من هذا التصرف، فلما جاء الدور عليه قال بخبثٍ:
– بقولك ايه يامزاميزو أنا نفسى بقا اشرب عصير كوكتيل من أيدك العسل دى وعاوزه طبيعى وفرش كدا ومتلج ها.
نظر ” مازن” باتجاهه وقال مندهشاً :
-أنت بتكلمنى أنا!.
-امال بكلم نفسى قوم اخلص.
-بس أنا مش بعرف أعمل حتى كوباية الشاى هعمل ازاى عصير الكوكتيل وبعدين ياأدهم أنت يابابا جاى تحقق أحلامك عندى مش كدا يابابا مش كدا.
– معرفش اتصرف دا حكم عليك ولازم يتنفذ.
نهض “مازن” وقال بنبرة اشبه بالبكاء:
-واقسم بالله أنتو عيلة ظالمه والناس دى كلها شهادة عليكم ثم نظر إلى “نور” وقال:
– بقولك ايه ياعسل ممكن استعين بيكى للمساعده.
أردف “أدهم ” بضيقٍ:
-لا ياروح امك هتروح تعمله لوحدك.
نهضت “نور” وقالت باستفزاز:
-استنى ياميزو أنا جايه اساعدك ياروحي ثم ذهبت من أمامهم تحت نظرت “أدهم” المشتعلة بالغضب، فهمست “رحيل” بداخلها وقد ارتسمت ع شفتيها ابتسامة خبيثه:
– دى البداية يادومى لازم نعمل كدا علشان تعترف بأنك بتحبها وتبطل تكابر نفسك العمر بيجرى بسرعة وأنا مش هسيبك تضيع نفسك بسبب مخاوفك لازم تفوق من اللى أنت فيه بدل ما تخسر البنت اللى بتحبك.
بعد دقيقة فتظاهر “أدهم” بأن لديه مكالمة، فذهب إلى الداخل حتى يرى ما يحدث بالمطبخ، فوقف بعيداً عنهما ليراقب ماذا يفعلون، ولكن شقيقه شعر بوجوده فدن من “نور” وقال هاسماً:
-على فكره الوحش واقف بيراقبنا فخلى بالك و اتعاملى كأنك مشوفتهوش.
-تمام.
قامت “نور” بأخراج الفاكهة التى ستصنع به العصير من الثلاجة، فبعد أن غسلت الفراولة وضعتها بالاطباق، ثم قامت بتقطيع باقى الفواكهه، بينما “مازن” المشاغب كان يأكل من الفراولة دون أن تلاحظ الاخرى، وقال:
-تعرفى يابت يانور الفراولة من أيدك سكر اه وربنا.
– دا علشان أنت بس اللى مسكر ف حاسس أنها مسكرة من أيدي ياميزو.
أردف وهو يأخذ اخر قطعه فراولة من الطبق:
-طب تعرفى يانور أنك بتبقى قمر أوى لما بشوفك وأنتى بتتكسفى بتبقى عامله زى الفراولية بخدودك الحمرا اه وربنا.
تحدثت “نور” وهى تختلس نظرة إلى “أدهم” بطرف عينيها فلاحظت احمرار وجهه من الغيظ فاقتربت من “مازن” اكثر حتى تشتعل غيرته أكثر من ذلك فقالت بدلال:
-بجد ياميزو يعنى أنا قمر وعامله زى الفراولية الحمرا.
أجابها الاخر ببلاهه:
-طبعآ دا أنتى قمرين مش قمر واحد يافراولة أنتي.
-تعرف يامزاميزو يابخت اللى هتكون مراتك دى هتبقى أسعد واحده فى الدنيا كنت اتمنى أبقى مراتك وحبيبتك علشان حنيتك وكلامك الجميل دا بجد يابختها بيك.
رد عليه بغمزة مارحة:
– ياحب احنا لسه فيها ويبقى يبختك أنتى بيا.
اردف “أدهم” بغيظٍ مكتم:
-استنى عليا يامازن الكلب أما وريتك و سويت وشك بالاسفلت مبقاش أنا أدهم، قال يبختك بيا وأنتى ياهانم استنى بس أنتى عليا قاعده تحبيلى فيه ماشي يانور ماشي.
انهت تقطيع المانجا ثم استدارت حتى تاخذ الفراولة فوجدت الطبق فارغاً، فنظرت إلى “مازن” الذى كان يتظاهر بالانشغال فى تقطيع الموز، فقالت هى متسائلة:
– هى فين الفراولة اللى أنا غسلتها يامازن.
نظر إلى الطبق الفارغ امامه فقال بذهولٍ:
-ايه ده يانور هى الفراولة راحت فين.
-افندم! .
– الصراحه يانورى الفراولة من كتر حلوتها كلتها ومقدرتش مكملش اكل الباقى بس متزعليش ياروحي أنا هجيب بقية الفراولة من التلاجة وأنتى قطعى الموز.
همس “أدهم” بغيرة واضحة:
– نورى وروحى لا بقا أنا جبت أخرى، ثم دخل مندفعاً إليهما فقال “مازن” منفزعاً:
-فى ايه ياأدهم خضتنى ياشيخ.
-بقالكم ساعه بتعملوا العصير ولسه مخلصتوش.
-ما احنا قربنا نخلصه اهو.
– بقولك ايه اطلع برا ومشفش وشك هنا.
أجابه “مازن” بنبرة خبيثةً :
-معلش يادومى أنت عارف أنى محكوم عليا وأنا دلوقتى ف وضع الحكم اطلع برا أنت ومتعطلناش بقى لو سمحت.
نظر إليه “أدهم” بغضبٍ وهو يقبض ع يداه بقوة :
-عارف لو مطلعتش برا دلوقتى مش هضمن ايه اللى ممكن هيحصلك. ثم اكمل بزعيق انا قولت بررررررا.
تحرك “مازن” سريعاً و بخوف لانه يعلم أن اخاه متهور وعصبى جدآ
بعدما ما خرج اقترب “أدهم” من “نور” التى أخذت تتراجع بخطواتها الى الخلف بتوتر، فنظراته لها لا تبشر بالخير، استندت على الحائط، ليحاصرها بكلتا ذراعيه فقال منزعجاً:
– عايز اعرف كنتو بتقولوا ايه بقى.
رمشت “نور” بجفنها عدة رمشات متتالية من أثر الارتباك، فقالت بتوتر:
– ولا حاجه بنتكلم عادى يعنى.
– كدابة يانور عارفة ياهانم لو لمحتك بتتكلمى مع مازن تانى أو قريبة منه هعمل فيكى ايه.
أردفت الأخرى بعد أن تحلت بالشجاعة قليلاً رغم نبضات قلبها الخائفة:
-وأنت مالك بيا اصلا وكمان أنت مين علشان تمنعنى اعمل ايه ولا معملش ايه وبعدين ياريت ياأستاذ ماتتدخلش بينى وبين مازن ولا أى حد فاهم.
تحدث “أدهم” بغضب و بحده:
– أنا ابقى ابن عمك ومن حقى لما اشوف تصرف غلط منك احاسبك عليه.
-وياترى ايه بقى التصرف الغلط يااستاذ أدهم.
– وقفتك مع مازن وضحكك وكلامك ودلعك المقرف وبعدين هى فى واحده محترمه من أسبوع كانت بتعترف لواحد أنها بتحبه ودلوقتي واقفه تحب فى أخوه وعايزة تتجوزوه ها ردى عليا.
تجمعت الدموع فى عيناها فقالت بنبرةمختنقة:
-قصدك ايه بالكلام دا قصدك أنى واحده مش محترمة
وإن أنا كنت بضحك عليك مثلا.
أردف ساخراً:
-والله كل واحد عارف نفسه كويس وعارف أخلاقه.
نظرت إليه وتفوهت حزناً وقهراً والدموع تسيل على وجنتيها:
-أنا مسمحش ليك بأنك تتهمنى فى أخلاقى وبعدين أنا مازن بعتبره زى أخويا ولو أخلاقي فيها حاجه وحشه هتمسك أنت كمان لأن أنا بنت عمك.
أنهت جملتها ثم جاءت أن تذهب لكنه منعها ممسكاً بيدها، حاولت أن تبتعد عنه لكنه ضمها إليه، ظلّت تبعده عنها لكنه زى الحجر لم يتزحزح،،
فلما فشلت من الابتعاد سندت على صدره وبكت بأنهيار، شعر “أدهم” بالذنب والشفقة اتجاهها، فتفوه بكلمات حنونة كى يهدئها فقال معتذراً:
-أنا اسف حقك عليا سامحينى يانور مكنش قصدك اجرحك بكلامى وعمرى ما شككت فى أخلاقك ابدا والله العظيم أنتى مفيش احسن منك ولا من تربيتك، ابتعد عنها ليحتضن وجهها بين كفيه و مقبلاً راسها برفق ولين ثم قال مازحاً:
-طب ياستى ان شاءالله لسان يتقطع لو قالك كلمة تانية بعد كدا تزعلك أو حتى أموت.
-بعد الشر عليك متدعيش ع نفسك تانى.
تبسم فاهه حباً لينبض قلبه باسمها، فقال هامساً:
-أنتى جميلة اوى يانور.
طأطأت رأسها خجلاً لكنه رفع وجهها إليه وقال بلطف:
-بصيلى خلينى أشوف عيونك الجميلة دى.
نظرة إليه برقة والبسمة تزين ثغرها من أثر كلماته التى راقت لها، فأكمل وهو يُجفف وجهها من الدمع فقال بحب:
– مش عايز اشوف دموعك دى تانى لأنها غالية أوى و بتوجعنى لما بشوفها، وبعدين عينيكي الحلوة دى تستاهل تشوف كل حاجه حلوة زيها، ثم أضاف حين نظر إلى الفاكهة الموضوعة على المطبخ:
-يلا خلينا نعمل العصير ونخرج ليهم بدل ما مازن الرخم يطب علينا ياقمر.
ضحكت بخفة ثم قالت بمرح:
-هتساعدنى يعنى.
-طبعآ هساعدك أنتى عايزة مازن يأكل وشنا برا ويفضحنا يلا هاتى الفراولة يافراولتى واقعدى أنتى وأنا هعمل العصير ف ثوانى.
هتفت “نور” رافضة :
-لا خليك أنت وأنا هعمله.
-قولت لا أنا اللى هعمله ومش عايز اعتراض منك.
ظلّت تتابعه وهو يعمل العصير بكل سلاسة لتغمرها سعادة لا متناهية، فقد أوشك حلمها على التحقق، فهمست بداخلها:
-أنا هفضل جنبك ومعاك لحد مانتخطى أنا وأنت كل حاجه واقفه عقبه ما بينا وايدى هتبقى ماسكه فى ايدك طول العمر، و عمرى ما هتخلى عنك ابدا أنت حبى الاول والاخير أنت قدرى و حظى الحلو من الدنيا.
فى الخارج جلس “مازن” بجانب شقيقته وهمس قائلاً:
– بقولك ايه أنا مش هكمل معاكم فى الخطة دى ياما دا أدهم كان هياكلنى جوا وطردني من المطبخ أنا معنديش غير عمر واحد وطبعا الواحد مننا لازم يحافظ عليه أمال يخليه يروح هدر.
أردفت “رحيل” بخفة:
-خلاص ياسيدى مدام أدهم طردك يبقى الغيرة اشتغلت واحنا مستغنين عن خدماتك.
تحدث “هشام” قائلاً:
-أنت يابنى فين العصير.
أجابه “مازن”:
– العصير أدهم هيجيبوا.
-يخربيت عقلك هو أنت خليته هو اللى يعمله بدالك.
-وأنا اعمله ايه هو اللى قالى خلاص أنا هعمله علشان أنت فاشل ومابتعرفش تعمل اى حاجه فى حياتك.
بعد لحظات جاءت “نور” وأعطت لكل نفر منهما كأسه وجلست بجوار “رحيل” والسعادة تتراقص بداخلها.
تفوهت “رحيل” بابتسامة رقيقة :
-شكلك فرحانة.
– اوى يارحيل مش عارفة اوصفلك فرحتى، تعرفى أنه كان حنين أوى معايا جوا وقالى كلام حلو.
-ربنا يفرح قلبك دايمآ يانور.
مرت بضع دقائق..
فقد انشغلت “نور” بالحديث مع “أدهم”، بينما “مراد” نهض من مكانه وجلس بجانب “رحيل” فظلّ محدقاً بها وهى تنظر إلى السماء الصافية فوقها، فقال متسائلاً:
-لسه بتعدى النجوم زى زمان.
أجابته دون أن تنظر إليه فقالت برقة:
-عمرى ما بطلت اعدهم تعرف أنا بحب أفضل باصه كدا للسماء طول الليل بحس براحه نفسيه.
نظر “مراد” هو الاخر إلى السماء بعد أن سند على ذراعيه ثم قال: -فاكرة زمان لما كنا بنسافر ونروح المصيف ولما كنا بنسهر بليل نسمع اغنية ع الكاست ولما كانت بتخلص كنتى بتخلينى ارجع اشغلها ليكى تانى من أول وجديد، ولما كنا بنقعد نقطع البطيخ أنا وأنتى ولما كنت باجي اكله بالشوكة تاخديها منى وتقوليلى مفيش احلى من أننا ناكلها كدا ولما كنا بنطلع بليل أنا وأنتى نتسابق بالعجل وتبقى السما فوقينا شايفانا، افتكر لما كنا نقعد قدام البحر بليل كنتى وقتها بتحبى تعدى النجوم وتقوليلي بأمر عد معايا يامراد.
نظرت إليه بوجه مشرق بالراحة فقالت بابتسامة:
– تعرف أنا تقريبا مش فاكرة أى نوع من المسؤولية طول ما أنت كنت جمبي، اوقات كتير بقعد افتكر زمان لما كنا بنبقى مسافرين واحنا على طريق السفر بليل مكنتش وقتها بعمل حاجه غير افضل باصه للسما من شباك العربية واشوف النجوم بتقعد تكتر كل لما بنقرب من البحر.
تنهدت “رحيل” ثم أضافت قائلة:
– تعرف أن السماء بتجدد فيا حاجات كتير يمكن كانت دايما ثابته مش بتتغير طول السنين، و يمكن كانت دايما بتساعدنى ارسم أحلامى و يمكن بتبقى دايما هاديه ومبتسمه رغم اللى بيحصل ع الارض،،
يمكن شافت دايما دموع واحلام وابتسامات كتير فبقت تسمع بس وتطبطب فى كل الأوقات.
تحدث “مراد” قائلا:
-على رأى الكاتب مارك توين لما وصف احساس السماء وقال: بمجرد أن تتذوق طعمها ستبحث عنه إلى الابد..وفعلا صدق فى كلامه.
ثم نظر إليها بحب فقال باسماً:
-يمكن يارحيلي إذا نظر الناس إلى النجوم كل ليلة فإنهم سيعيشون بطريقة مختلفة لأنهم عندما ينظرون الى ما لانهاية حينها سيدركون ان هناك أشياء اكثر أهمية مما يفعله المرء طوال اليوم ثم نظر الى السماء بأعين لامعه ضاحكة بفعل العشق …
اخذت “رحيل” تدقق النظر إليه فشردت فى تفاصيله الجميلة، لاحظت أنها كانت مشتاقة إلى “مراد” ابن عمها الذى كان لطيفاً و دومآ بجانبها قبل أن يغيرهُ العالم، والآن فقد بدء يرجع كما كان تدريجياً، دق قلبها بسعادة حقيقية فشعرت بشعورٌ جميلةٌ لم تعهده من قبل فى حياتها.
التفت “مراد” نحوها بطلته المبجهة وابتسامته الوسيمة التى جعلت قلبها يخفق بشدة، أصتبغ وجهها باللون الوردى من تلك النظرة المهلكة، التى إذا رائها أحدٌ لقال أنها نظرة عاشق وليس مُحب فقط.
اشاحت وجهها عنه بحياء لتنظر بأتجاه أخر، بينما هو دن منها وقال هامساً بجانب أذنيها:
– أنك زاهية وبرّاقة كالورود حتى تَظُن من فرط رِقتك أن جميع الأشياء الجميلة التي تُوجد في هذا العالم سُقيت مِن قلبِك رحيلى.
فى وقت متأخر من الليل كانت جالسة أمام المرآة تمشط شعرها، تفكر فيمن سلب عقلها اليوم، فكان لحديثه وقعٌ خاص على مسمعها، تبسم فاهها حين تذكرت همسه ووصفه لها، نهضت وأتجهت إلى الفراش لتسترخي عليه، ثم أخذت تفكر فى أمر قلبها الذى نبض “لمراد” ، وفى هذا الوقت أدركت أنها لم تشعر بمثل هذة المشاعر مع “سامر” فقالت بذهولٍ:
-أنا عمرى ماحبيته أنا اللى اوهمت نفسى بده واللى كنت بحسه ناحيته كان مجرد اعجاب مش اكتر لكن مراد المشاعر اللى حسيتها معاه الفترة الأخيرة دى أول مرة احسها واعيشها أنا أول مرة قلبى يدق لحد اصلا وأخذت تفكر فى حياتها حتى غلبها النعاس.
بعد وقتٍ قليل نهضت من فراشها وهى تصرخ بشدة فدلف إليها والدها بعد أن سمع صوتها أثناء مروره من أمام غرفتها، فقام بضمها بين احضانه ليربت على ظهرها برفق وقال بنبرة قلقة:
– اهدى ياحبيبتى اهدى دا كابوس وانتهى.
كانت ترتعش بقوة وتبكى بين يدي أباها، حاول أن يبعدها كى يُسقيها كوب ماء لكنها رفضت أن يتركها، فقال “سليم” برفق:
-خلاص ياروحي متخافيش.
تحدثت ببكاء وشهقات متقطعه:
-بابا متسبنيش أرجوك أنا أنا خايفه أوى.
قال مهدئاً:
– أنا جمبك يابابا متخافيش ياعمرى.
-كان حلم وحش أوى يابابا كان فى حد بيحاول يأذيني والدنيا كانت ضلمه أوى والمكان شكله يخوف.
أجابها قائلاً بهدوء:
-محدش يقدر يأذيكى ياوحيدتى طول ما أنا معاكى مش هسمح لحد يقرب منك حاولى تنامى ياحبيبتى ومتخافيش أبدآ طول ما أنا عايش.
ظلّت متماسكة بملابس أبيها، فقالت ببكاء:
– علشان خاطرى يابابا خليك معايا ومتمشيش.
-حاضر ياحبيبتى مش هسيبك.
بعد لحظات غفت “رحيل” بأحضان أبيها بأمان، ليغفى هو أيضاً بجانبها..
فى صباح يوم جديد
استيقظ “سليم” من غفلته ونظر إلى وحيدته بحب أبوي و قبلها على رأسها بحنية بالغة، ثم نهض من جانبها بحذر حنى لا يُوقظها، ولكن توقف حين نادته أبنته قائلة بأبتسامة ودودة:
-صباح الخير بابا.
– صباح النور ياقلب أبوكى طنينى عليكى أنتى كويسة؟.
-ايوة ياحبيبى أنا كويسة.
-طب الحمدلله متعرفيش قد ايه أنا خوفت عليكى امبارح لما سمعت صراخك قلبى وجعني أوى وفكرت أنه حصلك حاجه.
اقتربت من أبيها وضمته باشتياق ثم قالت بنبرةٌ مختنقةٌ مؤلمةٌ:
– تعرف يا بابا أنك وحشتنى اوى أرجوك متزعلش منى ولا تبعد عنى أنت متعرفش الأيام اللى فاتت مرت عليا ازاى واحنا مش بنتكلم .
تألم “سليم” لألم ابنته فقال برفق باسماً :
-أنتى كمان ياروحي وحشتينى وبعدين أنا مش زعلان منك ياوحيدتي، وخليكي عارفة أني بحبك يابنتى وعمري ما ازعل منك دا أنا معنديش اغلى منك أنتى واخواتك ودايما بدعي ربنا أنه ميحرمنيش منكم.
تبسمت “رحيل” بخفة ثم قالت:
-ولا منك يااحسن اب فى الدنيا.
بعد لحظات من الوقت كان “مراد” فى الصالون يحتسى القهوة الخاصه به بهدوء تام، فقاطع هذة اللحظة دخول “رحيل” فنظر إليها بابتسامة مشرقة وقال :
-صباح الخير.
اجابته “رحيل” بنشاط وحماس :-صباح النور.
-رايحة فين كدا.
رددت “رحيل” بابتسامة ساحرة:
– جاية معاك الشركة أصل العيال الرخمين مشيوا وملحتقش حد فيهم ومفضلش غيرك اللى هياخدنى معاه.
بهت وجهه قليلاً وهو ينظر لتلك الملابس التى ترتديها فقال متسائلاً:
– أنتى هتروحى كدا الشركة.
-كدا اللى هو ازاى مش فاهمه!.
أشار بيده لثوبها ثم قال:
-يعنى هتروحى باللبس دا.
اردفت “رحيل ” متعجبة:
-اه هروح باللبس دا ماله يعنى دى جيبه وبلوزة.
أجابها مبتسماً فقال ساخراً:
– الصراحة هو اوتفيت هايل بس ياخسارة مش هتخرجى بيه.
قالت منزعجة:
-ليه بقا إن شاءالله.
نظر إليها “مراد” نظرة حادة:
-يعنى الأستاذة مش واخده بالها بأن الزفته قصيرة شويتين.
مدت “رحيل”شفتيها إلى أمام ثم قالت بملل:
– لا عادية خالص.
-رحيل متعصبنيش الجيبه قصيرة جدآ دى حته محصلتش أنها تيجى لحد الركبة اطلعى فورا غيرى أم القرف ده والبسى حاجه تغطى جسمك ياهانم.
ربعت كلتا يديها وقالت ببرود:
-وأنا مش هغير هاا.
-لا هتغيرى يارحيل ياما مفيش خروج من هنا وأنا قاعدلك اهو وورينى بقا هتخرجى أزاى.
أردفت “رحيل” بعند:
– لا هخرج يامراد ومش هتقدر تمنعني.
نهض “مراد” من مقعده وقال بعدم صبر:
-لا بقا مابدهاش أنتى اللى جبتيه لنفسك.
جاءت “رحيل” تهرول من أمامه حين وجدته يتجه نحوها بغضب، ولكنها وجدت نفسها فى الهواء فقد أمسك بها من رجليها ورأسها منقبلة إلى الأسفل.
أتجه بها إلى غرفتها صاعداً على الدرج، فأخذت الاخرى تضربه على جسده الصلب بكل ما أتت به من قوة بيدها الصغيرة ولكن كل هذا لم يؤثر به ولم يحرك به ساكناً.
فصاحت صارخة:
-أنت يابنادم أنت نزلنى، بقولك نزلنى، أنت مابتسمعش بقولك نزلنى.
– رحيل أخرسى.
ولج لغرفتها وقام بألقاها على الفراش حدفاً، فتأوهت متألمة:
– مش براحه هو أنا كيس زباله بتحدفه.
لم يبالى لحديثها فقال بلهجة أمر:
-قدامك خمس دقايق لو القرف دا متغيرش متلوميش إلا نفسك.
اوقفه صوتها العنيد عن الخروج:
-وأنا مش هغير القرف ده وهو دا اللى عندى إذا كان عجبك.
دن نحوها وقال بغضب جحيمى:
-أقسم بالله لو مغيرتيش هاجى اقطعلك القرف اللى عليكى بنفسى وأنتى عارفة أني قد كلمتي ولما بقول حاجه بنفسها فوراً.
حدقت به بعند فقالت بإصرار شديد:
-والله متقدرتش تقرب مني ولا تعمل أى حاجه.
قرب منها ليهبط لمستواها حتى كاد أن يلتصق بها فقال ساخراً:
-شكلك حابة تجربي بنفسك وأنا معنديش مانع.
فقام بإمساك أطراف ثوبها من مقدمة رقبتها كى يقطعه، فاوقفته فى طرفة عين وقالت لاهسة:
– خلاص يامراد أبعد هعمل كل اللى أنت عاوزه بس ابعد واطلع برا.
همس أمام شفتيها وقال بمرح :
-شطورة ياريرى أحبك وأنتى بتسمعى الكلام.
ثم ذهب إلى الخارج، فتنفست بهدوء وقامت بتغير ملابسها قبل أن يتهور ويفعل ما قاله.
وبعد لحظات خرجت من غرفتها وهى ترتدى فستان طويل اكثر احتشاماً مصتبغ بلون اللافندر فجعلها أكثر جمالا.
أنبهر “مراد ” حين رائها فأقسم بداخله بأنها هى من جعلت الفستان ذو أطالة جميلة.
تبسم قائلاً :
-شكلك كدا احلى وأجمل بنوته ماشاء الله عليكى ربنا يحميكي.
بادلته الابتسامة بحياء ثم قالت بلطافة محببة:
– مش هنمشى بقى.
– طبعاً هنمشى ياريري.
كان “مراد” يتحدث فى هاتفه بصدمة:
-أنت بتقول ايه مستحيل. ثم نظر خلفه وبالفعل تأكد بأن هناك سيارة تتابعهم، فوجهه بصره نحو محبوبته خوفاً وقلقاً، ولكنه تصنم حين توقفت عيناه بصدمة إلى النافذة بجوار “رحيل” فوجد سيارة أخرى بجانبها، بينما هى تعجبت من نظراته فأردت أن تعرف فيما ينظر، توقفت عيناها هى الأخرى على تلك السيارة،،
تابع “مراد” تلك السيارات التى خرجن منها وجوهٌ ملثمة تصوب أسلاحتهما عليهما يشيرون نحوهه، وفى لحظةً أنطلق سريعاً حين بدوا بضرب النار عليه، فبدأ يغلق جميع النوافذ.
صرخت “رحيل” فزعاً من صوت طلقات النار ومن سرعة العربية، فبكت خوفاً مما يحدث، كان يسمع صراخها بقلة حيلة ولكنه قام باخراج مسدسه وتعميره فهو الآن فى موقف عصيب يخشي أن يصيب محبوبته مكروهاً.
نظرت إليه “رحيل” بخوف فقالت ببكاء:
– أنا خايفه يامراد هو ايه اللى بيحصل.
رد عليها برفق حتى يطمنها:
– متخافيش أنا معاكى.
أنهى جملته وهو يضغط على زر ليميل مقعدها إلى الوراء حتى لا يصيبها شئ، ثم قال بنبرة هادئة:
-حبيبتى متخافيش أوعدك أننا هنكون بخير.
ثم فتح النافذة وكانت طلقته سريعه أصابت عجلة السيارة التى بجانبه فجعلتها تنقلب، ثم زاد من سرعته حتى يتخلص من السيارة الأخرى، ولكن سائق تلك السيارة اقترب نحوهه بنفس السرعة،
ليخرج منها رجلاً مصوباً سلاحه باتجاهم فقام بأطلاق رصاصته السامة تزامناً مع صرخة رحيل.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية هجران رحيل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *