روايات

رواية صبري الفصل الثاني 2 بقلم مروة حمدي

رواية صبري الفصل الثاني 2 بقلم مروة حمدي

رواية صبري البارت الثاني

رواية صبري الجزء الثاني

صبري
صبري

رواية صبري الحلقة الثانية

تقف بنافذتها عيناها معلقه على اول الحى تنتظره لا تصدق بأنه اليوم هو يوم زفافه، كذبت عيناها وهى ترى حبال الإضاءة وقد انارت الشارع باكملة تلك الذبائح التى وزع لحمها صباحا حتى انها كذبت أذنيها وهو يعطى لها منها نصيب بيدها ويخبرها بضرورة تواجدها هى ووالدتها اليوم مساءٍ فى الحفل.
دخلت والدتها إلى الغرفة نظرت لها بحزن فدائما ما كانت تشعر بأن ابنتها تميل لهذا الشاب الطيب الخلوق ولكن اين هم منه؟ كيف استطاعت التفكير بأمر كهذا؟
هزت رأسها بقلة حيلة تتمتم لنفسها “وهل على القلب سلطان”
أجلت صوتها منادية: يالا يا وردة يا بتى لسه ملبستيش الاستاذ صبرى زمانه على وصول هو وعروسته وعيزنهوش يزعل منينا الرجل جمايله مسلسلانا يابتى.
لم ترد عليها هى من الأساس لم تستمع لها، لتقترب منها أدارتها لها، نظرت لعينيها الدامعة بقوة، متجاهلة السؤال عن ما بها.
“البسى جلبيتك الجديدة علشان نحضر فرح الاستاذ صبرى”
ورده بتوهان ” فرحه”
الأم بتأكيد:ايوه يابتى فرحه ويالا همى.
مشت بآليه تنفذ ما اخبرتها به والدتها بينما الأخرى تدعو برجاء أن يقتلع ذاك الحب من قلب ابنتها الأخضر، متأملة أنها عندما تراه جوار عروسة ستفيق لحالها؛ هكذا أملت..
مر الوقت وها هى تجلس بجوار السيدات فى انتظار العروس هناك من يغنى وهناك من يطلق الزغاريط من الحين للأخر ولم يخلو الأمر من الأحاديث الجانبية.
اعيرة نارية بالهواء أعلنت عن وصول الموكب، لتسوقها قدماها للخارج والسيدات خلفها بفضول لرؤية كيف تبدو العروس المنتظرة، بينما هى عيناها لم تتركه ابتسامته سعادتة التى أشرقت وجهه، جلبابه ناصع البياض تلك التى تتبأطا ذراعه، هذة النظرات التى يختصها بها كل هذا أكد لها أن كل ما يحدث حقيقى، لم تستطع الوقوف اكثر أطلقت ساقاها للريح هاربة من ذاك المكان، ارتمت على فراشها تدفن رأسها تحت الوسادة حتى لا تصل لها تلك الأصوات التى تؤكد لها مرة بعد مرة أنه أصبح لأخرى غيرها بعدما هائمت به روحها.
أخذت تدعو الله بقلب مكلوم.
“يارب ابعدها عنه يارب زيحها من طريقه يا كريم مش هى دى ال هتسعده ، مش دى ال هتشيله فوج رأسها، انا بصيت عليها زين؛ عينها اطلعت على الكل الإ هو، يارب ابعدها عنه يارب”
عادت من شرودها تهمس بصوت وصل واضحا لوالدتها.
“يا ريتني ما كنت دعيت الدعوة دى، يا ريتها فضلت جنبه وفضل هو بعقله وعافيته ياريت كان انجطع لسانى وقتها ولا حوصل ال حوصل”
الام : كله ال بيحصلنا يابتى سوا خير أو شر مقدر ومكتوب يا حبييتى ادعى يابتى يزيح عن الغلبان ده مافيش حاجة بعيدة على ربنا.
ورده: يارب.
بينما بمكان اخر ، ايقظته زوجته من نومه .
-حسين قوم يا راجل شوف البلاوي ال بتتحدف علينا فى نصاص الليالى.
حسين: عايزة ايه يا بومه الساعة دى.
زوجته: مش انى، فى رجالة قاعدين تحت فى المندرة جاين ليك بشكوى.
حسين وهو يزيح الغطاء بزهق: وماتستناش الشكوى دى للصبح.
زوجته وهى تندس تحت الغطاء: روح جولهم هما الحديت ده انا ماليش صالح.
هبط إلى أسفل وهو يكاد لا يرى شيئا امامه دخل إلى المضافة ملقيا السلام بإهمال وهو يجلس على الأريكة.
يتحدث وعينه نصف مغلقة: خير ايه ال رماكوا عليا الساعة دى؟
جميعهم بصوت واحد: صبرى.
وكأنها كلمة السر، سريعا ايقظت عقله ونشطت كل خليه بجسده حتى يفيق، ليعتدل سريعا بجلسته ينظر لهم بريبه لبعض ثوانى وهناك آلاف الظنون والسناريوهات تجرى داخله عقله، لينطق بعد برهه بكلمة واحده.
“ماله”
لم يزد عليها ولكنها كانت كافية وافية ليبدا كل شخص منهم بشكواه منه ليلا كيف يبكى يضحك، يصرخ فى نفس الوقت كيف يضجرهم بصوته والأخير هو وقوفه عاريا فى بهو منزله المكشوف.
فى الحقيقة ارتاح كثيرا عندما علم انهم فقط متضايقون منه ولا شئ اخر كما اسعده حديثهم وللغاية لذا ترك لهم الحديث يستمتع بكل كلمة تخرجهم من فاهمهم دون تعليق حتى انتهوا.
صمتوا ناظرين له بانتظار حديثه.
حسين بعد فترة من الصمت: والمطلوب؟
جار٤: شوفلنا صرفة معاه.
جار٢: يمشى من البيت إحنا تعبنا.
جار٣مكملا: او حتى يروح مستشفى المجانين أو المدعوكه ال اسمها المصحة!
هنا هب حسين من مجلسه كمن لدغة عقرب.
” وهو عيل عويل زيك ولد إمبارح هيجولى اعمل ايه مع ولد اخوى لا وكمان عايزنى ازعطه من داره وارميه فى مصحة يتبهدل.
جار٣ بهمس: ده على اساس انك مراعيه ماهوه اهنه ماهو متبهدل ومبهدلنا معاه.
حديثه وصل له والباقين واضح ولكنه أثر الا يعلق عليه، ليلتف لهم بمكر.
” الا جولولى اخبار الزرعة السنة دى ايه؟
نظروا لبعضهم بدون فهم ليجيب أحدهم: زينة ومبشرة بالخير.
حسين وهو يذم شفتيه: يعنى بعدما ما هتبيعوا المحصول هتقدروا تسدوا تمن إيجار الأرض الجديد.
الأربعة فى وقت واحد: إيجار الارض الجديد؟
حسين وهو يجلس على الاريكه يضع إحدى ساقيه تحته والاخرى يثنيه ينظر لهما وهو يفرك كفيه ببعضهما.
_اومال فاكرين ايه؟ ماهو علشان انجله بيت جديد أو حتى مصحة فلازم ليه مصاريف كتير وبعدين دى فى الاول والاخر أرضه وانا موزعها عليكم وقولت اهم من العيلة يزرعوها بدل ما تبور وهما يستفيدوا واجرتها اهو تنفع الغلبان ده فى مصاريفه لكن طالما المصاريف هتزيد يبقى الاجره هتزيد كومان اومال هجيب من فين انا؟ هسرج ياك!
تهاوى الأربعة على المقاعد وقد شحب وجههم لم يستطع أحدهم الحديث فلقد وضعهم بين شقى الرحى.
نظر لهم واعتلت ابتسامة رضا ملامحه، ليتنهد وهو يهز رأسه بنفاذ صبر.
_طيبة قلبى دى موداينى فى ابو نكله، اسمع ياد منك ليه.
انتبهوا له الأربعة.
_انى مش هغلى عليكم الأجره.
تهللت وجوهم من جديد.
اكمل متابعا: وصبرى مش هيتحرك من بيته.
احدهم: بس..
الحج حسين مقاطعا: من غير بسبسه، استحملوا ولد عمكم فى شدته واقفلوا شبابيكم زبن بالليل والأوضة ال بتطل على الشارع بلاش نومه فيها اصلها محبكتش يعنى.
احدهم: ووقفته الجديدة ملط، نعمل فيها ايه؟ وحريمنا فى البيت؟
الحج حسين: ال عنده معزة يلمها، اكده ولا اكده بلاه كله بالليل ايه ال يخلى حرمه تطل من الشبايبك بالليالى يا دكر منك ليك.
ابتلع كل واحد منهم ريقه بصعوبة وقد اهانهم ببراعة دون أن يخطئ بحرف.
ليكمل: انقلبوا على بيوتكم وماتجونيش مرة تانية فى وجت زى ديه البيوت ليها حرمه.
هزوا رؤسهم وخرجوا دون حديث يجرون خلفهم أذيال الخيبة.
جلس على الأريكة يستعيد حديثهم بسعادة متحدثا بغل
” خلاص هانت قربت قربت جوى، شويه إكده جدام وأزود العيار”
استند برأسه إلى الخلف شاردا فى ذلك اليوم الذى تغيرت به حياته للأفضل.
محمد بخوف: طمئنى يا دكتور على اخويا هيرجع تانى زين؟
الطبيب بعدما نزع نظارته الطبية وتعلقت به زوجين. من العيون فى انتظار حديثه بلهفة خوف وترقب وزوج ثالث شارد بمكان أخر.
الطبيب: ما تقلقوش هو الموضوع فى الاول كان صدمة عصبية بس انتوا أتاخرتوا شوية واتحول لفوبيا وخوف مرضى كان محتاج شوية جلسات يهدئ وحد يطمئنه أنه كويس وأنه هو وسطكم فى امان وبعد ال حصل مع مراته وعيلتها حسه أنه انكسر قدام نفسه وقدامها وقدامكم وده زود الضغط على دماغه.
الحج حسين: يعنى ايه الحديت ده يا ضاكتور؟ ولد اخويا هيبقى زين ولا لا.
محمد وهو ينظر إلى أخيه الشارد بسقف الغرفة: بالله عليك يا دكتور فهمنى يعنى هيرجع زى الاول ولا لا.
الدكتور بابتسامه صغيرة مطمئنة: هو الموضوع هياخد وقت شوية بس صبر منكم وتعامل بهدوء وتتفهموو وضعه.
محمد : هشيله فوق راسى لأخر يوم فى عمرى.
حسين بنزق: اومال ده احنا نشيلوو جو عيونا اومال.
خرج الثلاث من عيادة الطبيب محمد يمسك باخاه الشارد فى ملكوت خاص به وقبلهم ببضع خطوات عمهم يسير بضيق كم كان يتمنى أن يزف له الطبيب خبر فقدانه لرشده على الأخير حتى تهدى تلك النيران المستعرة بقلبه ولو قليلا ولكن ..
“اخ على الحظ المجندل ال حداى”
هكذا همس لنفسه قبل أن يبصر لتلك السيارة القادمة بسرعه اتجاهم ليسرع بالقفز على الجانب الأخر من الطريق بينما أبناء أخاه لم يسعفهم الوقت انهمك محمد بازاحه أخاه الشارد يبعده عنها لتصطدم به هو ليطير جسده بالهواء ساقطا على بعض أمتار والدماء تتدفق من وجهه وقد ولى سائقها هاربا ولم يلتفت ولو لمرة واحده للخلف .
ليجثو صبرى على قدميه أمام جثة أخيه الراكده بدمائه، يتحسس بيده يهمس باسمه ولا يتلقى أى رد ليبدأ بالصراخ مناديا عليه …
ابتسم بانتشاء متذكرا ذاك اليوم عندما اخذه من يده وجعله يقف بعزاء أخيه وهو على حالته التى زادت سوءٍ؛ ليتأكد الجميع بأن حالته أصبحت مستعصية، كيف اخبرهم بحديث الطبيب بأنه لا رجاء منه بعد الان، كيف ترك منزله القديم المبنى من الطين ليعيش بمنزلهم الجديد بمنتصف البلده وقد بناه صبرى خصيصا لمحمد ليستقر به عندما يتزوج.
أطلق تنهيده عاليه براحه وابتسامه ساخره اعتلت ملامحه وقد تبسم له الحظ ليدير هو كل شئ يمتلكه اولاد اخوه الوحيد .
مر خاطرا بعقله لتحتد ملامحه ناظرا أمامه متحدثا بغل يقطر من كلماته..
– اهى خلفتك يا عبد الصمد يا خوى واحد سكن التربة والتانى اتجن، خلفتك ال ابوك بسببها فضلك عليا ووهب ليك حتة الأرض ال حيلته انت وعيالك بحجه أنى فلاطى ومش بينلى رجاء للخلفة وانك انت ال هتحافظ عليها، بجيت تديني كل اول شهر زى الشحات حسنتك وانت فاكر نفسك بتكرمنى حتى أولادك مشيوا على ال انت رسمته انت وابوى بجيت استنى كل شهر هلت ولدك عليا بالمصروف مستنى صدقته من مالى وحجى فى الاخر كله بجا ليا ولوحدى بتاعى كل ال عملته وشقيت عليه صب فى حجرى كل ال ولادك كملوه بعدك بتمرمغ فى نعيمه وولدى من بعدى.
عايرتنى بقلة خلفتى يا ابوى ، كل شهرين بقى ليا عروسة لحد ما وحده منهم بطنها شالت واهو انا ال كسبت وضحكت فى الأخر.
أشرق صباح .
قام الطبيب احمد من جلسته وهو يفرد ذراعيه، فرك عينيه بيديه لعله يفيق وهو يستمع لاصوات ضجه عالية قادمه من الخارج.
طرق على الباب يعقبه صوت الغفير جابرمناديا: ياضاكتور احمد، يا ضاكتور.
فتح له الباب وهو يتثاءب: صباح الخير يا عم جابر.
عم جابر: صباح الخير يا ضاكتور، نمت زين؟
احمد: انتوا هنا عندكم اسود مش نموس يا عم جابر.
عم جابربابتسامة: بكرة تتعود عليهم يا ضاكتور.
احمد: ايه الدوشة ال بره دى.
الغفيرجابر: ابدا دول اهل البلد اول ما عرفوا ان دكتور الصحة الجديد وصل بجا كل ال رجله وجعاه ال معدته ماشية عليه ال حداها عيل عايز يطعم ال معرفش ابصر ايه؟! جاب بعضه وجه؛ فاصحى كده وفوج للناس دى وانا هروح اريح هبابه.
احمد: انت هتسبنى لوحدى هنا وانا معرفش حاجه ولا حد ولا ايه الوضع.
الغفير جابر: الواد على ولدى شغال كاتب هنا معاك بعته يجيب إفطار ليك وزمانه على وصول ما تجلجش.
الطبيب يهز رأسه ليرحل الآخر.
انهمك مع المرضى وقد تزاحمت الغرفة بهم ، هذة تسحبها لها من يده حتى يكشف على صغيرها الممدد على الفراش ، لتتشابك معها أخرى تأمرها بالابتعاد فقد اتت هى اولا واخر يحاول سحبه من معطفه من الخلف.
” سيبك من الحريم ال عايزة الحرج دى، امانه لتطل على البجرة وتشوفها بطلت حلب ليه؟
احمد بنفاذ صبر: يا سيد هنا وحده بشرية مش بطرية.
طفل صغير أمسكه من بنطاله يهزه حتى ينتبه له: أمى بتجولك عندكوا وسيلة تيجى تأخدها.
احمد بنزق: خلصت قول لأمك هنجيب بكرة.
ووضع يده على اذنه يلتف حول نفسه بحيرة تكاد اصوات صراخ الرضع من حوله تفتك برأسه، حتى دخل عليه أحدهم: صباح الخير يا دكتور، شكلى كده اتاخرت عليك!
أكمل وهو يصفق بيده بعدما وضع ما بيده من طعام على المكتب..
‐يالا على بره، استنوا فى الأوضة ال جبنا وبالدور وال يدخل يكشف يدخل معاه واحد بس ويستحسن لوحده مش ناقصة وجع دماغ وصداع يالا، بيتك بيتك…هش هش.
بدقيقة أصبحت الغرفة فارغة الإ منهما ليلتفت برأسه متابعا…
-ما تبدأش كشف لوحدك معاهم، هيطلعوا عنيك ومش بعيد حد يلبسك نصيبه يادكتور.
اشار له الاخر وهو يضيق عينيه متسائلا: على!
ليهز رأسه بايجاب: ايوه على بن عم جابروالكاتب هنا.
ابتسم الطبيب على ذاك الشاب، جلس سريعا على الكرسى يفتح الكيس بلهفة جائع بعدما تغللغت الرائحة إلى أنفه واثارت معدته.
احمد: جيت فى وقتك ده ايه الدوشة دى! مرستان، مش كفاية دوشة بالليل وكمان بالنهار…
على بحزن : جصدك صبرى، ربنا يشفى عنه هو ده كان فى حد فى عقله الكبير، اللاه يسامح ولد الحرام ويشفى عنه يارب.
احمد: شكله عزيز عليك أنت ووالدك!
على: ده صاحبى، أطيب قلب ممكن تشوفه.
احمد: حصله ايه؟
على: بعدين يادكتور هبجى احكيلك بس الاول نفضوا المولد ال بره ده!
احمد بتخوف: وهو هيبقى كل يوم زى كده!
على بضحكه صغيرة: لا، ده بس علشان الوحده بجالها فترة من غير ضاكتور والناس اشتهته كيه الفاكهه وعلى رأى ال قال الغربال الجديد له شده، ده احنا هتعدى علينا ايام مفيش دبانه هتعبرنا.
احمد بهمس لنفسه: الله يقرفك يا شيخ، يالا يكون احسن برضه بعد ال شفته فى النص ساعه دى.
مر اليوم تحت إشراف على وتنظيمه للمرضى للدخول على الطبيب حتى انتهوا وشكره احمد على مساعدته.
احمد: مش عارف من غيرك كنت هعمل ايه؟
على: تستنانى ما تعملش حاجه دول يبلعوك صاحى، بعدين ده شغلى يا دكتور ال باخد عليه مورتب ياله هم أمى شيعت صنيه الغداء من بدرى وكنت معينها فى الأوضة حداك لحد ما تخلص واه ياريت اوضتك تبجى تقفلها بالمفتاح من هنا ورايح زى ما انا دخلت ممكن وسط الزحمه غيرى يدخل ويقلبك ويمشى ولاد المؤذية كتير.
احمد: مكنش ليه لزوم تعب الحجه ده يا على!
على: تعبك راحة ده انت ضيفنا.
احمد: هروح اغسل ايدى وجاى.
على: اكون انا روجت المكان.
خرج من غرفة الكشف، انتبه لوجود شئ ما يتحرك أمامه وهو يتلصص يمينا ويسارا ضيق عينيه بشك وسار بخفه باتجاهه حريصا على عدم اصدار أى صوت.
تأمل ذاك الغطاء الملتفحة به” البرده” ليعلم أنها أنثى..
احمد: ودى مالها دى كمان بتعمل ايه عند اوضتى؟ جايه تسرق زى ما قال عاى ولا عايزة تكشف واتلغبطت؟!
قطع تساؤله رؤيتها لها صاعده الدرج المؤدى إلى السطح ، ليرفع احد حاجبيه وقد أثارت فضوله لمعرفة ماذا تريد تلك الملتفحة؟
**
استيقظت بعد سويعات، لتهب من على الفراش مرة واحده ولسانها يردد ما كان يدور بخلدها أثناء نومها المتقطع ” صبرى”
بسرعه توجهت إلى نافذتها حتى تراه وتطمئن عليه، لم تجده بموضعه ليله أمس، دب القلق بأوصالها وهى تقف بالنافذة تنتظر مروره، سيره ذهابا وايابا بصحن الدار- كعادته- ولكن هذا لم يحدث.
لتضرب بيدها على صدرها بخوف” يا حومتنى ليكون عيىئ ولا راقد فى حته بالدار جوه بعد نومته فى الطل امبارح بعز البرد”
الام دالفة إلى الغرفه تنظر إلى الفراش الخالى من ابنتها لتتنهد بضيق تحدثها دون أن تلتف لها وهى تعلم أين تقف الان: وبعدهالك فى الوقفة دى! هو صبح وعشيه وفجرية! مش هنشوفوا مصالحنا ولا أكل عيشنا عاد!
وردة بتهته: ياما..
الام: جومى طسى وشك بشويه ميه وغيرى ريقك اكون اخدت الخضار من ام ميحسن واجعدى بيه اكون انا جبنت الرايب ال شيعوه ببت الحج كمال..
وردة وهى تشير للنافذة: بس ياما، ده..
الام بتجاهل: انتى ليه هتبسبسى، بقولك همى اول الشهر جرب عايزين نلموا الأجره للى ما يتسمى يالا انقلبى..
وعلى ذكر سيرة ذاك الشخص، اقشعر جسدها بإشمئزاز لا تعلم السبب تحديدا هلى هى نظراته الوقحة أم مايقترفه بحق حبيب قلبها.
بعد خروجها من الغرفة نظرت الام لاثر ابنتها: يابتى عارفة انى بجسى عليكى بس اسوى ايه لو انكسرت علينا الأجرة وقتها السداد هيكون صعب علينا والخسيس ده يبيع ويشترى فينا بعد ما اتملك..
وبنبرة صادقة أكملت..” الله يشفى عنك يا صبرى يا ولدى، كنت باب مانع عنا الكلاب”
خرجت من المنزل، تهرول ناحيه الباب بمقابلتهم، تحاول استراق السمع لأى همسه اى صوت أو حركه ولكن للأسف؛ لا شئ.
صارت بمحاذاة السور ويدها تسير على الحائط ترفع رأسها لأعلى تنظر لذلك البيت وعيناها تسأله عن موضع صاحبه منه الان؟!
توقفت أمام باب الوحده المفتوح على مصراعيه والناس يدلفون تباعا، تبادلت النظر للمبنى وللبيت وجالت بعقلها فكرة ما، لتسير بخفه للداخل تتطالع المبنى بعيناها، نظرت إلى الدرج ثم إلى أعلى ومنه إلى البيت المجاور.
يد وضعت على كتفها أفزعتها..
-جاية تكشفى انتى كمان يا ورد.
ورد بلجلجه: ها، لا، ده بس قولت اشوف الخلج الكتير دى جايه هنا ليه؟
‐الضاكتور الجديد جه، فكل ال حداه عله جاله.
هزت رأسها والتفت لتخرج لتوقفها صوت المرأة: ابقى حشيلى ربطتين كزبرة على جنب اخدهم منك وانى معاودة بعد ما اخلص كشف للواد.
ورد: حاضر ياخيتى.
خرجت هامسة لنفسها: لما الزحمه دى تخف اعاود وابرد نار جلبى.
قضت الوقت على الفرش الصغير الخاص بها وبوالدتها وعيناها لا تنزاح عن بوابه الوحده حتى هدأت الحركة بداخلها، نظرت إلى الفرش الفارغ برضا متمته..
” الحمدلله، جبرنا”
أمسكت الكيس المخبئ بعنايه تحت أحد الاقفاص لتضعه تحت ذراعها واحكمت وضع الغطاء عليها ودخلت من الباب تتلفت يمينا ويسارا حتى وقفت أمام الدرج، تتطلع له بخوف ولكن قلقها ورعبها عليه تغلبا على خوفها ما إن رأءها احدهم، لتصعد بسرعه متلهفة…
لم تنظر مرة واحده للخلف، لكانت أبصرت ذاك المراقب وقد صعد خلفها بصمت، وقف على الدرج متوارى بجسده وعيناه تتبعانها وهى تسير كالمجذوبه تنظر لاسفل تنتقل من بقعه إلى أخرى، حتى وقفت وأمسكت بحافة الحائط تميل بنصف جسدها إلى أسفل لدرجه جعلته يخرج من مخبأه برعب من ان تسقط ولكنه توقف بمكانه وهو على بعد خطوات منها، يراها تعتدل بوقفتها تخرج شيئا من أسفل ملابسها وبهدوء اسقطته لاسفل…
كانت تبحث عنه كمجذوبه والسطح يكشف لها مناطق كثيرة بالمنزل سوا الرواق الموصل بين الغرف العلوية سطح منزله صحن الدار وخلفه، بحثت عنه بعيناها حتى وجدته يتسطح الاريكه أسفل الحائط بين منزله والوحده ينام بعمق مرتديا جلباب فقط وقد تغير لونه من كثرة اتساخه، تأملت ملامحه وقد اشتاقت لها لأول مرة منذ فترة تتطلع نحوه بهذا القرب لتسقط دموع عينيها تباعا عليه وعلى حاله، كيف كان وكيف أصبح.
تذكرت ذاك الكيس لتخرجه من تحت ردائها وبهمس تحدثه كأنه يستمع لها..
” ده وكل يا حبه الجلب حته جبنه خضرا من ال بتحبها ودبداب وبصل أخضر وليمون اجرشه لأجل البرد ما يتملكش منك، الباب اتفتح وعلى قد ما هقدر هطل عليك يا غالى.
همت بالتحرك ليختبئ الطبيب سريعا خلف عمود خرسانى بالمنتصف لتتحرك من أمامه وعيناه لا تفارقها حتى هبطت الدرج وبنفس الطريقة تسحبت حتى خرجت من البوابه بينما هو خرج من مخبأة وكلماتها التى استمع لها جعلته ينظر بفضول إلى ما كانت تنظر له، ليتفأجا بذلك النائم وجسده لا يستره سوا جلباب بالى والكيس إلى جواره..
-يا ترى ده مين ده كمان؟ ومين هى دى وتقربله ايه؟
وعلى ذكرها بسرعه توجه ناحيه الحافة المطله على الحى ليجدها تخرج من الباب تتوجه نحو فرش من صناديق فارغة أمام الوحده تجمعه بعنايه وتضعه فوق رأسها رحلة إلى داخل الحى وعيناه عليها حتى اختفت من امامه داخل منزل صغير بالجهة المقابلة على بعد منهم.
ليهبط الدرج بفكر مشغول وسؤال واحد يتردد داخله: هو ايه الحكاية؟

يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية صبري)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *