روايات

رواية هجران رحيل الفصل التاسع 9 بقلم شامة الشعراوي

رواية هجران رحيل الفصل التاسع 9 بقلم شامة الشعراوي

رواية هجران رحيل البارت التاسع

رواية هجران رحيل الجزء التاسع

هجران رحيل
هجران رحيل

رواية هجران رحيل الحلقة التاسعة

بعد ما أصاب الملثم هدفه فر هارباً، أوقف “مراد” سيارته بجانب الطريق، فنظرت نحوهه “رحيل” بخوفٍ وقلق فلفت انتباها تساقط قطرات الدماء من كتف “مراد” الخلفى، رفعت عيناها اللامعة بالدمع تدريجياً لتنظر إليه بوجه شاحب من شدة القلق عليه، فتحدث هو بألم:
– متخافيش أنا كويس.
رددت عليه بصوت ضعيف وهى تبكى:
-احنا لازم نروح المستشفى دلوقتى أنت بتنزف.
لم يجيبها بسبب ذلك الدوار الذى بدأ يشعر به، فدنت منه وقامت بفك حزام الأمام ثم هبطت من السيارة وأخرجته هو أيضاً منها لتجعله يجلس مكانها، لتبدأ هى بقيادة السيارة لتتجه به إلى أقرب مستشفي، بعد أن وصلت تم نقله إلى غرفة العمليات، بينما هى جلست بجانب الباب تبكي بأنهيار على ما أصابه فأخذت تدعي ربها أن يُنجيه.
بعد لحظات جاءت العائلة بعد ما علموا بماحدث، اقتربوا من “رحيل”التى كانت فى حالة صدمة شديدة والدماء تغرق ملابسها ويدها، دن “حمزة” منها بحذر والخوف يمتلك قلبه فقال متسائلاً:
– طمنينى يابنتي على مراد هو كويس مش كدا.
اردفت “حنان” ببكاء :
– ايه اللى حصل معاكم يارحيل وايه الدم ده كله.
اقترب “أدهم” من شقيقته المنصدمة ليمسد على معصمها برفق ثم قال بقلق:
-رحيل حبيبتى ردى عليا أنتى كويسه.
لم ترد على تساؤلاتهما، وفى تلك اللحظة خرجت الممرضة من غرفة العمليات، فمنعها “حمزة” الذى أردف بنبرة قلقة:
-لو سمحتى أنا ابنى جوا ممكن تقوليلى ايه اللى حصله وهو كويس ولا لأ ؟.
الممرضه: -حضرتك هو دلوقتى فى أوضة العمليات والدكتور شوية وهيخرج يطمنكم عليه عن أذنكم.
تفوهت “حنان” ببكاء:
– أنا خايفه أوى ياحمزة عليه.
أجابها الأخر قائلاً بهدوء:
-متخافيش ياحبيبتى ابننا هيبقى كويس بإذن الله.
بينما الجد اقترب من حفيدته بهدوء ليقول :
-حبيبة جدو ردى عليا متقلقنيش عليكى.
رفعت رأسها إليه ثم بدأت تشعر بالأرض تحوم بها فوقعت بين أحضان جدها، ليحاصرها “أدهم” بين يديه وهو يقول:
-روح يامازن نادى لأى دكتور بسرعة.
بعد لحظات خرج الدكتور من غرفة الكشف، فأردف “سليم” بتسأل:
-ها يادكتور طمنى عليها.
-اللى حصلها ده بسبب خوفها وصدمتها وعلى العموم أنا اديتها ابرة وشوية هتفوق وهتبقى كويسة عن اذنكم.
نظر “أدهم” على غرفة شقيقته بحزن لما أصابها وأصاب صديقه ورفيق عمره، تجمعت الدموع بعيناه حزناً ليربت “هشام” على كتفه وهو يقول:
– متقلقش هيبقوا كويسين.
بعد مرور مدة من الوقت خرج الطبيب من غرفة العمليات فاقتربت العائلة منه فقال هو أنه بخير وتم نقله الى غرفة عادية.
ولجت “حنان” إلى ابنها بعد ما سمح لهما الطبيب بالزيارة، فقامت بوضع يدها على رأسه وقالت ببكاء خافض:
-حبيبى حمدلله ع سلامتك ياقلب أمك.
أجابها “مراد” بصوت مجهد:- الله يسلمك، ثم حول بصره بأركان الغرفة باحثاً عن محبوبته فقال بقلق متسائلاً:
– هى فين رحيل..هى حصلها حاجه؟.
أردف “هشام” باسماً :
-حمدلله ع سلامتك يابطل متقلقش هى بخير.
حاول أن ينهض من فراشه ولكنه تألم كثيرآ بسببه الجرح، فتفوه “حمزة” بتوتر:
-استنى هروح انادى للدكتور.
تحدث الآخر بأرهاق:
-يابابا أنا كويس لكن رحيل فين هى حصلها حاجه وأنتم مش راضيين تقولولي.
صاح “مازن” مندفعاً:
-هى محجوزة فى الاوضه اللى جمبك.
نظر الجميع إليه بغضب، فحاول الأخر أن ينهض وهو يقول بنبرة قلقة:
-محجوزة ازاى يعنى مش فاهم أنا عايز أشوفها.
مانعه الجد قائلاً:
-ممكن تهدأ قولنا أن هى كويسه هى بس أغمى عليها من اللى حصل وكانت محتاجه أن هى ترتاح وشوية هتلاقيها جاية.
تفوه “مراد” وهو يحرك رأسه نافياً:
-لا أنتم بتكدبوا عليا أنا هقوم اشوفها بنفسي.
تحدث “حمزة” بيأس:
-والله يابنى جدك كلامه صح هنكدب عليك ليه يعنى.
نظر إليهما بضيقٍ فقلبه لن يهدأ حتى يرأها أمامه.
فى الغرفة المجاورة انتفضت “رحيل” من على الفراش بفزعٍ فوضعت يدها على قلبها لتستنشق بعض الهواء، فكان قلبها يهبط ويعلو بضربات مسرعة فقالت بخوفٍ :
-دا اكيد حلم مش حقيقة!.
سمعت صوت الممرضة بجانبها تقول متعجبة :
-أنتى كويسة ياأنسة؟.
أردفت “رحيل” ببكاء: -هو ايه اللى حصل.
-واضح أنك حصلك صدمة وحضرتك مستحملتيش فأغمى عليكى.
نهضت “رحيل” من فراشها ونزعت المحلول من يدها فخرجت بعض الدماء منها فتألمت بشدة، فقامت بوضع يدها على فمها لتكتم تأوهاتها، ثم سارت بخطوات غير متزنه تحت اعتراض الممرضة، وحين خروجها من الباب وجدت شقيقها “أدهم” أمامها فقال بتسأل وهو يتفحصها:
-أنتى كويسة ياحبيبتى…ايه اللى قومك بس من سريرك أنتى لسه تعبانه.
نظرت إليه “رحيل” بأرهاق وبأعين دامعة:
-مراد ياأدهم عايزة اشوفه واطمن عليه أرجوك خدنى له.
-حاضر يارحيل تعالى .
فقام باسندها وبعد لحظات دلفت “رحيل” لغرفة “مراد” بهدوءٍ تام، فلما دخلت ورائها بخير شعر بالارتياح فاعتدل فى جلسته، ليشير إليها بأن تأتي نحوه، فلما دنت منه قام بأحضانها بقوةٍ واشتياق رغم ألمه، ولم يبألي لأى أحد من أفراد عائلته، فكل شئ بالنسبة له هين مدام محبوبته بين ذراعيه فهذا يكفيه، أتاه صوتها الخائف المرتعش:
– أناا خفت عليك أوى كنت خايفه يامراد انه يحصلك حاجه وحشه.
همس لها فى أذنيها لكي يجعلها تطمئن فقال برفق:
-متخافيش عليا ياحبيبتى أنا مفيش اى حاجه وحشه هتحصلى طول ما أنتى جمبى.
أرتسمت علامات التعجب على وجه الجميع، فهمهم “أدهم” حتى ينقذ الوضع فقال بمرح:
-حمدلله ع سلامتك يابطل تعيش وتاخد غيرها.
ابتعدت “رحيل” عنه بحياء بسبب نظرات من حولها ومن نظرة والدها المتوجه إليها، فتحدث “مراد” بحرج بسبب نظرات عمهِ فقال: -الله يسلم يا أدهم.
فأردف “سليم” بتسأل: -متعرفش مين اللى عمل كدا.
هتف “مراد” بغضب جحيمى:
-لا بس اكيد هعرفه ولما أعرف هو مين هخليه يندم ع اليوم اللى اتولد فيه.
فقال والده:
– أهم حاجة أنك قومت لينا بالسلامة والحمدلله أن رحيل متأذتش.
وجه ” مراد” بصره نحو “رحيل ” التى كانت جالسة بجانب شقيقته وقد أرتسمت على ملامحها علامات الخوف والذعر، ود لو أن ينهض ويضمها بين أحضانه لتطمئن، فما حدث لم يكن بالشئ الهين عليها فتلك مرتها الأولى التى تتعرض بها لحادث هكذا، أغمض عيناه بأرهاق وتعب فهو الآن عاجزٌ على فعل أى شئ.
*************************************
فى صباح اليوم التالى خرج “مراد” من المستشفى برفقة اصدقائه.
وفى جناحه كان جالساً على الأريكة، فولجت إليه “رحيل” وقالت بوجه بشوش: – عاملين ايه.
أردفت “حنان” بابتسامة :
– الحمدلله بخير، كويس أنك جيتى يارحيل هطلب منك مساعدة بسيطة.
-اتفضلى ياعمتو.
نهضت “حنان” من مكانها وهى تقول:
– بصى حاولى تغيرى لمراد على جرحه لحد محضر الاكل واجيبه.
تبسم ثغر ” مراد” بابتسامة رقيقة وماكرة بنفس الوقت، فقالت الأخرى برقة:-حاضر ياعمتو.
أعطت لها زوجة عمها بعض الأدوية والمراهم ثم خرجت من الغرفة واغلقت الباب خلفها، تقدمت “رحيل” من “مراد” وجلست بجانبه بحذر وقالت بحرج:
-ممكن تحاول تقلع التيشرت علشان اعرف احطلك المرهم.
تبسم “مراد” بخفة على توترها فقال:
-حاضر هقلعه بس ممكن تساعديني لان مش عارف ارفع دراعى اللى متصاب فيه.
دنت منه بحياء وهى تبعد وجهها بعيداً عنه فقامت بمساعدته تحت نظراته السعيدة من قربها، ثم جلست خلفه وبدأت بتغير الجرح تألم “مراد ” من وضع المرهم فحاول أن يكتم وجعه ولكن فلت منه صوت تأوه مؤلم بسبب الجرح.
نزعت “رحيل” يدها خوفاً فقالت ببكاء :
– أنا آسفه أني وجعتك.
– اهدى أنا كويس يلا كملى.
بدات تكمل بيد مرتعشة والدموع تتساقط من عيناها حزناً، فهى تعلم بأنه يتألم لكن يتحامل على نفسه من أجلها حتى لا تحزن، أنهت ما تعمله وقالت بصوت مبحوح:
– أنا خلصت.
التفت بجسده إليها ليمسك يدها بحنان وبيد الأخرى مسح دموعها، ثم قال بلين:
-مابحبش اشوف دموعك الغالية بالنسبالي.
نظرت إليه بوجه حزين فقال بلطف:
-ممكن افهم ليه الحزن دا كله.
– مش عارفة أنا ليه خايفة لحد دلوقتى.
احتضن وجهها بين كفيه وهو ينظر إلى عيناها التى فُتن بها ليقول برفق:
-عيزك متخافيش طول ما أنا عايش.
ثم أضاف وهو مازال محدق بتلك العيون التى هى عبارة عن سلاح صامت يفتك قلبه باستمرار:
-ممكن بقى مشوفش القمر بيعيط تانى، عايز اشوف ضحكتك دايمآ اللى بتنور دنيتى.
تبسمت “رحيل” بخجل، فقال فارحاً:
-ايوه كدا خلى الدنيا تضحكلى، تعرفى أنا كنت خايف عليكى اوى خوفت لتتاذى أنا لو كان حصلك حاجه كنت هموت.
ثم جذبها إلى صدره ليضمها بخفة ليستنشق عطرها المميز الذى يعشقه، زادت دقات قلبه أكثر مما ينبغى بسبب قربها المهلك، فأخذ يملس على شعرها الناري بلطف ولين ثم همس معترفاً:
– بحبك.
اتسعت عيناها على مسرعهما بصدمةٍ ألجمت لسانها وتصنم جسدها ليطرق قلبها نبضات عالية كادت أن تصل إلى مسمعه.
ابتعد “مراد” قليلاً وهمس بجانب شفتاها:
-انا بحبك اوى يارحيل ومن زمان، أنتى روحى وقلبى والنفس اللى بتنفسه، وليكى فى كل حاجه فى حياتى نصيب وفى احلامى وفى أنفاسى حتى دقات قلبى هناك دوماً نبضات تتغنى باسمك طفلتى.
ثم اخذها فى قُبلة ليهدأ ضجيج قلبه المتهالك شوقاً إليها، ثوانٍ وابتعد عنها ليسند جبينه على جبينها وهو يتنفس تنفسها ثم قال باسماً:
-تقبلى تكونى مراتي وحبيبتي وشريكة حياتي وأم ولادي؟.
حركت ” رحيل” رأسها بالإيجاب بحياءٍ تحت تأثير قبلته وكلماته وهمسه لها، فقد شعرت بارتفاع خفقان قلبها وتورد وجنتيها بالاحمرار.
فابتسم “مراد” بسعادة ثم قال:
-حبيبتي أنا مش عايز منك قرار دلوقتى فكرى براحتك وأنا هستناكى خدى وقتك فى التفكير.
اومات له بالايجاب ثم ابتعدت عنه لتهرول إلى الخارج هاربة من أمامه، وتلك السعادة تغمرها بشدة فهى الآن لم تصدق ما حدث للتو.
***************************************
فى بيت عائلة ندى.
ولج أبيها إلى غرفتها فوجدها نايمة فتنهد بقلة حيلة:
-ندوش يلا ياحبيبتي اصحى الفطار جاهز.
خرج من الغرفة ثم دلف ثانياً فوجدها كما هى:
-يابنتى حرام عليكى قومى بقى بقينا الظهر وأنتى لسه نايمة شاطرة بس تيجى بليلى تزنى عليا أنى اصحيكى بدرى ولما أجى اصحيكى متقوميش.
نهضت “ندى” من على السرير وقالت بتذمر:
-خلاص يابو ندى اهو قومت.
-بقالى ساعتين عمال اصحى فيكى ياشيخة حرام عليكى تعبتينى معاكى.
-ما أنت يابابا بتيجى فى أوقات غريبة.
رفع حاجبيه وقال متعجباً :
-أوقات غريبة اللى هى ازاى مش فاهم.
-كنت بحلم حتة حلم إنما ايه عسل.
ضحك الأخر بخفة على ابنته ثم قال:
– يلا ياهبلة تعالى خلينا نفطر ياأمو حلم عسل.
فردت “ندى” يدها على مسرعهما وهى تتنفس بعمق ثم قالت: -خمس دقايق وهتلاقينى وراك ع طول.
نظر إليها بشك:
-متأكده يعنى مش هتخلينى اخرج وترجعي تنامى تانى.
-عيب عليك ياجدع هو أنا بتاعت كدا.
-دا أنتى أم كدا اخلصى بقى ياندوش. أنهى جملته وهو يخرج من الغرفة، بينما هى كانت تتقلب على الفراش بكسل، فلاحت هاتفها يُضيئ فجذبته إليها لتجد مكالمات كثيرآ من صديقتها، فصاحت قائلة:
-يانهار أسود دى نور هتنفخنى ولسه هتكمل كلامها وجدت “نور” تهاتفها فأتاها صوتها الغاضب:
-أنتى يازفته برن عليكى من بدرى مش بتردي ليه ياهانم.
-كنت نايمة يانور.
-دا أنتى ابرد خلق الله ياشيخه روحى ربنا يسامحك قلقتينى عليكى يازفته.
-ماخلاص يانور ماقلنا كنت نايمة وبعدين ايه كل الرنات دى حد يرن ع حد فوق ال٢٠٠ رنه مش كدا ياماما.
– ما أنا قولت اكيد البعيدة ماتت.
أردفت “ندى” ساخرة:
-يعنى هو لو أنا مت وأنتى فضلتى ترنى كانت المرحومة هتقوم ترد عليكى مثلآ.
-بقولك اي أنا مش فاضيلك هتيجى ولا لأ اخلصى .
-هاجى ويلا غورى خلينى اقوم ادوش.
بعد فترة خرجت إلى غرفة المعيشة فوجدت أبيها مجهز الفطور دنت منه وقبلت يده ثم قالت بابتسامة:
-صباح الخير ياحجوج.
-قصدك مساء الخير احنا بقينا الظهر يلا اقعدى افطرى.
– أنا بعد ما أفطر ياحج هخرج اروح لنور ورحيل.
-ماشى ياحبيبتى بس حاولى ماتتاخريش.
-حاضر .
***********************************
أقبلت “رحيل” نحو جدها وقد حلقت روحها فى أجواء السعادة والحبور حتى أصبحت الدنيا لا تسعها من فرط سعادتها.
فأردف الجد بحنيه:
-وشك منور النهاردة ياريرى وكمان خدودك حمرا زى الطماطم.
طأطأت رأسها خجلاً، فأكمل باسماً:
-لا شكل الموضوع كبير أوى قوليلى ايه سر لامعة عينيك الجميلة.
تفوهت “رحيل” بحياء وقد تورد وجهها خجلاً:
-جدو مراد.
ضحك الجد بخفة ثم قال مازحاً:
-ايوه بقى الموضوع فيه مراد قولى عمل أى الواد ده خلى بنوتى مبسوطة بالشكل ده.
لمعت الفرحة فى عيناها الزرقاء فقالت بنبرة سعيدة:
-تعرف ياجدو مراد اعترف ليا أنه بيحبنى وعايز يتجوزنى.
صاح الجد بسعادة وسرور:
– ياااااه اخيراً نطق دا أنا كنت مستنى اللحظة دى من بدري.
– هو حضرتك كنت عارف.
الجد:
-طبعا ياحبيبتى مراد بيحبك من زمان و أنا كنت عارف بس قوليلى أنتى بتحبيه.
وضعت خصلة متمردة خلف أذنيها وقد افترّ ثغرها عن ابتسامة عذبة، فقالت:
-الصراحة ياجدو مش عارفه بس الفترة دى حسيت معاه بشعور حلو أوى أول مرة احسه مع حد، وقلبى كل ما بيشوفه أو يقرب منه بينبض بشدة بحس أنه هيخرج من مكانه من قوة دقاته، أنا ببقى مبسوطة وأنا معاه بحس أنى مالكة الدنيا دى كلها.
أنهت حديثها وهى تمسك كف يد جدها لتدور به بسعادة لا توصف، وتلك الضحكة الجميلة لم تفارق محياها، فقالت بحب:
– عارف ياجدو أنا حاسة دلوقتى أنى طايرة فى السماء من كتر الفرحة.
ضحك الجد بسعادة فقال مازحاً:
-وأنا شكلي هطير من الدنيا بسببك يابت براحة أنا مش قدك يابكاشة.
ارتمت الأخرى بين ذراعيه ثم قالت بسعادة ممتزجة بالخجل:
-أنا بحبك اوى ياجدو.
تبسم الجد بالسعادة من أجلها فقال:
-وأنا اكتر ياقلب جدو.
ابتعد قليلاً ليجلس على الاريكة ويجلسها بجانبه ثم تسأل:
– هتعملى ايه معاه.
تنهدت بعمق ثم قالت بلطف:
-هو قالى مش عايز اسمع منك رد دلوقتى وفكري براحتك وأنا الصراحه محتاجه اتاكد من مشاعرى اكتر ناحيته فاهمني ياجدو.
أجابها الجد بطيبة:
-طبعا ياحبيبتى فاهمك و قريب هتعترفى بحبك له لأن أنا متأكد من شعورك ناحيته.
نظرت إليه “رحيل” بحياء فقامت بوضع برأسها على كتفه، فمسد هو على شعرها بحنان وحب لحفيدته الرقيقة.
*************************************
فى المساء كانوا الفتيات جالسين فى الحديقة، فتحدثت “ندى” بزهق:
-أنا هقوم أمشى.
أردفت “رحيل” بهدوء:
-لسه بدرى خليكى شوية.
-لا كفاية كدا عليكم لما أقوم يلا باى.
تفوهت “نور” قائلة :
-باى ياعسل متنسيش تطمنيني عليكى لما توصلى.
-حاضر.
كانت تسير بخطوات بطيئة تبحث فى حقيبتها على شئ، فلم تنتبه إلى تلك السيارة المقبلة نحوها سريعة، رفعت نظرها فجأة وصرخت بقوةٍ مفزعةٍ وهى تسقط أرضاً، حين توقفت السيارة أمامها، نظرت إلى يدها التى سقطت عليها فوجدت بها خدش بسيط، اشتعلت عينيها بالغضب فنهضت من مكانها واقتربت من السيارة وفتحت باب السائق، فوجدت شاب جميل بأعين زرقاء، فصاحت منفعلة:
– أنت يااخ أنت ايه أعمى مش بتشوف قدامك مدام أنت مش بتعرف تسوق عربيات بتركبها ليه ولا هى أرواح الناس لعبة فى ايد اللى جابوك.
وقف “مازن” يحدق به بصدمة من جمالها المبهر وشعرها الأسود الذى زادها جمالاً ولكنه قال بغضبٍ:
-أنا اللى أعمى ولا أنتى اللى عامية.
– أنت متخلف يابنى.
شعر بالضيق بسبب لسانها السليط ليقول بحده:
-تعرفى تخرسى خالص مبقاش غير أم شبر ونص اللى تتخانق معايا ثم قام بدفعها يلا ياشاطرة من هنا.
تراجعت “ندى” للخلف بسبب تلك الدفعة فقالت بنرفزة:
-والله لاوريك أم شبر ونص هتعمل فيك ايه يامتخلف أنت، و على حين غرة اقتربت منه سريعاً و أمسكت كف يده وأغرست اسنانها الحادة بها، ليصرخ “مازن” متألماً من قوة فكها، تركت يده حين وجدتها تنزف دماً أمامها، ثم ركضت مهروله وهى تقول بانتصار:
-احسن تستاهل.
صاح “مازن” بصوت عالٍ غاضباً وهو ينظر إلى يده المتورمة:
– اااااه ياعضاده يابنت العضادين وربنا لو لمحتك تانى ماهخلى حته فيكى سليمة.
بعد مرور اسبوعين تعلق “أدهم” اكثر ب “نور” حتى أنه لم يستطيع أن يفارقها.
بينما فى فترة علاج “مراد” كانت “رحيل” دوماً بجانبه ولم تفارقه ولو للحظة، حتى أنها كانت تقوم بجميع احتياجاته الخاصة به مما زاد هذا من قربهما، وكل هذا تحت نظرات العائلة المندهشة، من كان يصدق أن تلك الفتاة التى كانت لا تطيق ذاك المدعو “مراد” وتكره وجوده، تستغل كل دقيقة تمر فى حياتها بجانبه، فمشاعرها نحوه أصبحت قوية، فتلك الفترة أكدت لها أنها تملك مشاعر حب حقيقية له، وهى الآن تنتظر اللحظة المناسبة كى تعترف بمشاعرها إليه.
داخل القصر مساءاً
جذبت “رحيل” “نور” من معصمها إلى غرفتها، فتفوهت الأخرى بأنزعاج:
-يابنتى فى اي براحة عليا عايزة ايه أنتى دلوقتى.
أجابتها “رحيل” وهى تخرج من خزانة ملابسها ثوب أسود طويل مرصع بالالماس، ثم مدت يدها إليها وقالت بأمر:
-خدى البسى دا فوراً.
أردفت “نور ” بعدم فهم:
-ودا ليه بقا إن شاء الله.
-ياستى هنخرج نسهر شوية.
-بس أنا مش قادرة اخرج النهاردة خليها يوم تانى.
تحدثت “رحيل” بأعتراض :
-لا ياعسل هتقومى زى الشاطرة كدا وهتلبسي الفستان دا اخلصى بقى يانور.
-طب ما أروح البس حاجه من عندى مش لازم البس دا.
نظرت إليها “رحيل” بضيقٍ وقالت:
-ما عندى وعندك واحد يازفته ويلا اخلصى لحد لما أدخل أنا كمان اغير.
ولجت إلى الحمام لتبدل ملابسها، بثوب مصتبغ باللون القرموزي، فكان من قماش الحرير الناعم وله فتحه طويلة من اليسار، قامت بتصفيف شعرها لتجعله مفرود على طول ظهرها، ثم وضعت لمسه بسيطه ببرونز عبارة عن فراشة بنفس لون الثوب، تبسمت برضا على هيئتها الرائعة، ثم خرجت من الحمام فوجدت “نور” تجلس على الفراش بملل، فقالت بانبهار:
– واو يانور شكله تحفه عليكى.
– بجد.
-بجد ياقلبي تعالى بقى كدا، فجعلتها تجلس أمام المرآه لتمشط شعرها وترفعه إلى الأعلى ثم وضعت لمسات قليله من الميكاب جعلتها أكثر أنجذاباً، ثم قالت بود:
– قمر ياخواتى.
تحدثت ” نور ” بلطف :
-بس مهما اعمل مش هبقى احلى ولا أجمل منك ياقلب أختك.
-حبيبتي يانور.
بعد مغادرة البيت وقفت “رحيل” فى مكان مظلم لتغارد السيارة تحت مناداة الاخرى لها، نزلت “نور” خلفها وهى تقول بتوتر:
-رحيل أنتى روحتى فين أنا بدات أخاف…يارحييل.
أخذت تنادى عليها والدموع تتصاعد إلى عيناها، وفى هذا الاثناء اشتعل المكان بالانوار التى تزينه بطريقة رائعة، فكانت الأرض مملوءه بالورود الحمراء، أستدارت بجسدها إلى الخلف فوجدت “أدهم” راكعاً على قدميه ممسكاً بيده خاتم من الماس الخالص.
فأردف المحب العاشق :
-عمرى ما تخيلت أنى أقع فى الحب تانى، لكن أنتى الوحيدة اللى قدرتى تحيى المشاعر فيا من أول وجديد، أنا لأول مرة ابقى مبسوط بالشكل ده، أنا مقدرش اوعدك أنى اخليكى أسعد واحده بس اللى اقدر أوعدك بيه أن أنا هعمل كل اللى اقدر عليه علشان أسعدك يافراولتى، ودلوقتى تقبلى تتجوزيني يانور موافقه تكوني شريكتي فى اللى باقى من عمرى.
التمعت عيناها بالفرح والسعادة فأجابته بحب:
-اه موافقه.
نهض “أدهم” ليضع الخاتم فى أصبعها، ثم رفعها إلى أحضانه ليدور بها بسعادة وحب.
اقتربت العائلة منهما وهم يصفقون بسعادة من أجلهما، فأردفت “نور” برقة:
– أنا مش فاهمه حاجه هو كل دا حصل امتى.
أجابها “أدهم” بلطف:
-احنا بقالنا كام يوم بنحضر المفاجأة دى ليكى ياحبيبتى.
اقترب منها “حمزة” وقال باسماً:
-الف مبروك ياحبيبتى.
-الله يبارك فيك ياحبيبى.
بعد ما باركت العائلة لهما اشتغلت موسيقى هادية ليرقص عليها كل ثنائي، حتى “مازن” و”هشام” الذين قاموا بالرقص معاً بطريقة مضحكة، مما جعلوا الجد يضحك من كل قلبه عليهما .
دن “مراد” من “رحيل” ليقبل كفها برقة بالغة ثم قال بلين باسماً:
-تعرفى أنك أجمل بنت شافتها عينى و أني بشكر ربنا أنك فى حياتى، بجد يارحيل أنتى نصيبى الحلو من الدنيا.
انبسطت اسارير وجهها وشع بريق عيناها بالحب، وافترّ ثغرها عن ابتسامة عذبة، فقال الآخر بود:
-ممكن القمر ده يرقص معايا.
تفوهت “رحيل” بسعادة وهى تنهض معه:
-ممكن طبعا.
كانت ترقص معه بخجل مفرط تحت نظراته الصامته، فكان يتأمل جمالها الذى اخذ عقله، وعينيها التى ليس هناك شيء في هذه الدنيا يفوق جمالها.
فقال هامساً:
-إذا وقفت أمام حسنك صامتًا، فالصمتُ في حَرَم الجمال جمالُ.♥️♥️

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية هجران رحيل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *