روايات

رواية هجران رحيل الفصل العاشر 10 بقلم شامة الشعراوي

رواية هجران رحيل الفصل العاشر 10 بقلم شامة الشعراوي

رواية هجران رحيل البارت العاشر

رواية هجران رحيل الجزء العاشر

هجران رحيل
هجران رحيل

رواية هجران رحيل الحلقة العاشرة

فى بداية يوم جديد وخاصةً فى حديقة القصر كان تتجمع العائلة معاً فى جو لطيف، جاءت “رحيل” وجلست بجانب والدها وقد يبدو على معالم وجهها الخوف والتوتر، فربت والدها على يدها بحنان ثم قال:
-حبيبتى مالك أنتى كويسه؟.
نظرت له بوجه شارد وقالت:- اه.
– ازاى بس ووشك شكله مخطوف.
تجمعت الدموع فى مُقلتها وقالت بنبرة مختلطة بالبكاء:
-أنا خايفة يابابا.
تحدث “سليم” بقلق:-من ايه بس ياحبيبتى.
-مش عارفة حاسه أن فى حاجه وحشه هتحصلى عارف يابابا كل الاحساس الوحش اللى فى الدنيا أنا حاسه بيه دلوقتى.
هتف أبيها باطمئنان:
-متخافيش ياوحيدتى مش هيحصلك اى حاجه وحشه أنا جمبك وأخواتك وكمان مراد.
تفوهت “رحيل” برجاء:
-ممكن تاخدنى فى حضنك وتحضنى أوى.
ضمها أبيها بين ذراعيها وهو يشعر بقلق لا يعرف ما الذى أصابها فجأة.
بعد عدة ساعات كانت “نور” جالسة بغرفتها تحمل بيدها كتاب عن التوعية الزوجية، فرن هاتفها لتشاهد رقم محبوبها على الشاشة، فاتسعت ابتسامتها حين أتاها صوته قائلاً:
-السلام عليكم .
-وعليكم السلام.
تحدث “أدهم” بود:
– لاقيت نفسى فاضى قولت لما اتصل اسمع صوتك أصلك وحشتينى .
أجابت الأخرى عليه بحياء فقالت:
-وأنت كمان وحشتني.
– بجد وحشتك.
-طبعا وحشتنى.
أردف “أدهم” بصدقٍ:
– تعرفى أنا بحبك قد اي.
وضعت خدها على يدها وهى تقول بمرح: -قد ايه؟
– قد الدنيا دى كلها مكنتش متخيل أن هتيجى بنت وتخليني أحبها بالشكل ده، بجد يانورى أنتى احلى حاجه حصلتلى فى حياتى تعرفى لو كان ليا عمر تانى كنت بردو هحبك.
-يعنى أنت مش ندمان أنك حبيتنى.
رد “أدهم” بحب:
– ابدا أنا ندمان ع الايام اللى ضيعتها وأنتى بعيد عنى وأنا حاليا مستنى ميعاد فرحنا بفارغ الصبر علشان تكونى ملكى لوحدى وبس.
تحدثت “نور” بفرحة غامرة لا توصف:
-تعرف ياأدهم أنا مش متخيلة بجد كل اللى بسمعه منك ولا متخيلة أنى دلوقتى خطيبتك وحبيبتك كمان أنا كنت بقعد احلم كتير وكنت بقول أن دا حلم وصعب انه يتحقق.
– ودلوقتي حلمك بقى حقيقة ياروحي واتحقق خلاص يانورى، معلش ياقمرى أنا مضطر اقفل دلوقتى علشان عندى اجتماع، ولما اخلصه هكلمك تاني سلام.
أردفت “نور” بسعادة: سلام..
كانت تتحدث “ندى” فى الهاتف مع صديقتها “رحيل”، فقالت بنبرة قلقة:
-أنا دلوقتى فى ام شركتكم ومتوتره وخايفة بشكل لا يوصف.
أجابتها “رحيل” بهدوء:
-متخافيش ياندى هما هياكلوكى وبعدين مراد هو اللى هيعمل معاكى الانترفيو وأنا معرفاه أنك صحبتى وشاطره جدا.
-ياراجل يعنى هو ع اساس لما تقوليله شاطرة جدا هيشغلى ع طول.
-متقلقيش أنتى ناسيه أنك كنتى بتطلعي الأولى ع الدفعه وكمان كنتى ممتازة.
تفوهت “ندى” بتوتر وهى تقطم أظافرها بأسنانها:
-طب اقفلى دلوقتى السكرتيرة بتشاور ليا.
-تمام ياحبيبتى بالتوفيق.
اقتربت السكرتيرة منها وهى تقول:
-اتفضلى مستر مراد مستنيكى جوا.
طرقات “ندى” الباب فسمح لها بالدخول، وعندما ولجت إليه تحدث قائلاً:
-ازيك ياآنسة ندى اتفضلى اقعدى.
جلست على المقعد مقابله بارتباك، فتحدث باسماً:
-رحيل بتشكر فيكى أوى.
-اه يمكن علشان صحبتها مش اكتر.
أردف “مراد” بجدية:
-تمام هشوف cvبتاعك وبعدها نحدد، بعد لحظات أضاف قائلاً:
-ماشاء الله الملف بتاعك ممتاز وكل اللى موجود فيه بيدل ع شطارتك وتفوقك وتقديرك العالى فى الدبلومات، أنهى حديثه وهو يرفع سماعته ليطلب من السكرتيرة أن تأتى “بمازن”.
ثم قال:
-بصى ياندى الصراحة احنا محتاجين واحدة متفوقة زيك تكون مساعدة لمدير الحسابات، هو هيجي دلوقتى وهعرفك عليه.
أردفت “ندى” بتوتر وهى تحرك قدميها بإستمرار:
-يعنى كدا أنا اتعينت ولا لسه هتشوفونى الأول فى الشغل!.
تبسم “مراد” ابتسامة بشوشة وقال:
-ممكن تبطلى توتر وياستى أنا عينتك لأن فعلا احنا محتاجينك هنا معانا.
ضحكة الاخرى بسعادة فقالت:
-بجد مش عارفة أشكر حضرتك أزاى.
– مفيش شكر خالص دا عادى جدا، أنا بس عايز تثبتيلى أنك فعلآ مش بس كنتى متفوقة فى الدراسة لا وكمان فى الشغل وأنا واثق فيكى أنك هتعملى شغل حلو.
– طبعا أنا هكون عند حسن ظن حضرتك.
دلف إليهما ” مازن” وقال : -كنت طالبنى.
أردف “مراد” قائلاً :
-اه أعرفك على الآنسة ندى المسؤوله الجديدة اللى هتبقى معاك فى الحسابات.
نظر إليها “مازن” فحين رائها قال صادماً:-أنتى؟.
-أنت.
تفوه “مراد” متعجباً:
– أنتم تعرفوا بعض !.
نطقوا فى فم واحد : لاااااا.
تحدث “مراد” بجدية وهو ينظر إلى “مازن” الذى كان يقف مشتعلاً من كثرة الغيظ ليقول بحده:
-تمام اتفضلى معاه ياندى لو حصل أى مشكلة ابعتيلى، ثم وجه حديثه إلى الآخر فقال بحده:
– ياريت نشتغل كويس ومسمعش أى شكوى منك فاهم.
أردف “مازن” بضيقٍ:- فاهم ، ويلا ياانسه.
خرجت “ندى” قبله وهي تتمتم ببعض الكلمات المنزعجة:
– ياربى يوم لما اتعين واشتغل يبقى شغلى مع المتخلف ده.
-أنتى بتقولى ايه مين دا اللى متخلف.
تحدثت الأخرى باللامبالاة فقالت:
-مش عارف الناس بتاخد الكلام ع نفسها ليه ميكنش ع رأسهم ريشه.
بصلها بطرف عيناه ليقول بأنزعاج :
-اتفضلى معايا خلينى أعرفك الشغل هيتم ازاى.
بعد لحظات فى المكتب
-ها فهمتى!.
-اه فهمت أمال أنت فاكرانى مابفهمش.
أردف “مازن” بضجر:
-ياربى هو أنتى كل كلمة هتقعدى تردى عليا بعشرة أنا مابحبش كدا وكمان عايزك تعرفى أني بحب الانضباط ومش عايز اشوف غلطة فى الشغل وإلا مش هيحصلك كويس.
تفوهت “ندى” باستفزاز وهى تداعب خصلات شعرها:
-طب حاسب ع نفسك ياخويا لأحسن يطقيلك عرق ولا حاجه.
ثم ذهبت إلى مكتبها الذى يقع أمام مكتبه، ليردف الآخر فى نفسهِ:
-استنى عليا يا أم شبر ونص أما وريتك وخد منك حقى مابقاش أنا مازن والله ووقعتى تحت أيدي.
فى غرفة “رحيل” كانت جالسة تنظر إلى هاتفها الذى يُضيئ باسم “سامر”، كانت ستلقى الهاتف أرضاً ولكنها تراجعت لتجيب على اتصالاته، فأتاها صوته المزعج:
– محدش سمع صوتك ياريري هانم، فينك كدا مختفية بقالك فترة ومش بتردى على مكالماتى.
أردفت “رحيل” بضيقٍ:
– عايز ايه منى ياسامر.
– عايز اقابلك النهاردة ضرورى ياست البنات.
– وأنا مش هاجى وياريت تبعد عنى وتنسى أى حاجه كانت مابينا.
تحدث “سامر” بنبرة خبيثة:
– ازاى بس يا بيبي أنتى نسيتي أنك حبيبتي ودلوقتى عايزة تبعدي عنى، بس يكون فى معلومك أنا مش هبعد عنك مهما حصل وأن كنتى زعلانة منى فى حاجة تعالى نخرج ونقعد مع بعض ونصفى اللى مابنا.
كانت هترفض هذا اللقاء ولكنها وجدتها فرصة حتى تنهى تلك العلاقة التى تورطت بها، فهى الآن تحب “مراد” حب صادق نابع من قلبها، لذا ستستغل الفرصة لغلق الماضى لتبدأ حياة جديدة طاهرة مع من اختاره قلبها.
-رحيل رحتى فين.
أردفت “رحيل” بملل:
-مفيش خلاص تمام ياسامر نتقابل النهاردة.
– تمام ياقمر هستناكى بعد ساعة.
بعد ساعة كانت تقف تنتظر وجوده أمام النادى بعد لحظات جاء “سامر” مبتسماً فقال:
– أنا جيت اهو ياروحي.
-سامر أنا كنت عايزة اتكلم معاك فى موضوع مهم.
نظر إليها “سامر” متعجباً فقال:
-موضوع ايه؟.
تفوهت “رحيل” بعدم ارتياح:
-تعالى نقعد فى أى مكان واحنا نتكلم.
تبسم ثغر “سامر” بخبثٍ فقال:
-تمام خلينا نروح نقعد ع كافية هو مش بعيد أوى عن النادى هنروح بعربيتى يلا.
سارت “رحيل” أمامه وهى تشعر بالخوف والتوتر، وعندما اقتربت من السيارة جاء الآخر من خلفها بشرٍ وحقد ليضع على أنفها منديل معطر بالمخدر، كتم به أنفاسها إلى أن فقدت قدرتها على التحرك فخارت قواها بين ذراعيه ليدخلها سيارته السوداء، ليتجه بها إلى شقته الخاصة.
وفى هذا الأثناء فى غرفة الاجتماع ذبذب هاتف “مراد” معلناً على رسالة وصلت للتو، فوجه بصره نحوها لينصدم بشدة وهو يقرأ محتواها الذى كان عبارة عن:
– بنت عمك وحبيبتك رحيل مع واحد فى الشقة ومش دى أول مرة ودا العنوان علشان تتأكد بنفسك فاعل خير.
فى نهاية الرسالة يوجد صورة “لرحيل” بين احضان “سامر”.
خرج مسرعاً من غرفة الاجتماع وعيناه يتوقد منهما الشرر، فكان ملامحه عابسة من الغضب، رحل بسيارته إلى ذاك العنوان، بينما “أدهم” ذهب خلفه عندما راءه بتلك الهيئة التى لا تبشر بالخير.
فى شقة المعادى الخاصة بالمدعو “سامر”…
بدأت “رحيل” تستعيد وعيها فحركت رأسها فى كل إتجاه بثقل محاولة رؤية ما حولها، فهمست بكلمات ثقيلة حين لمس “سامر” جسدها، فقالت بدوران شديد:
– أنت بتعمل اي ابعد عني أرجوك.
اقترب منها اكثر وقال بنبرة خبيثة:
-اهدى يابيبى جه الوقت اللي كنت مستنيه من زمان علشان اخد منك اللى عاوزه دا أنا استنيتك كتير أوى يارحيل.
مد يده وقطع طرف ثوبها من بداية عنقها صرخت بضعف فهى لا تقوى على الحراك، فقالت بخوف وبكاء:
-أبعد عنى ياحيوان أبعد.
أحكم قبضته على خصلاتها النارية وقال غاضباً:
– اخرسى مسمعش صوتك، فقام بكتم صراخها ليحاول تقبيلها.
وفى تلك اللحظة وصل “مراد” إليهما فوجد الباب مُوارباً، فلما دخل رجت الصدمة كيانه عندما وجد محبوبته فى أحضان رجلٌ آخر غيره، فصاح صيحةً مفزعةً مزقت أحشاء السكون، جعلت كلاً من “سامر” و”رحيل” يفزعون لها، نظرت إليه “رحيل” وقد اضطربت نفسها وتسرّب الهلع إلى فؤادها الذى انفطر وكاد يتطاير شظايا من هول ما حلّ بها، أنهمرت عيناها بالدمع خوفاً وحزناً مما سيحدث، حاولت أن تنهض من على الأريكة لكن لم تساعدها رجليها على الوقوف، فهى تشعر بدوار يكاد أن يفتك بروحها، فقالت خائفة مبررة:
– مراد متفهمش اللى حصل ده غلط أنا معرفش أنا جيت هنا أزاى.
لم يسمع ما تقول فكل ما يسيطر عليه الآن هيئتها وهى بأحضان ذاك الرجل، ترقرقت عيناه حزناً وانكساراً فهو لم يصدق أن قلبه سينكسر بهذا الشكل وعلى يد من أحب، شعر بطعنة قوية تؤخز قلبه لتجعله يموت ببطء شديد، والآن كل ما يستحوذ عليه شعور الغضب الممتزج بالذل والاهانة، بينما “رحيل” شحب وجهها رعباً فكان لسانها عاجزٌ عن النطق، فكل ما يظهر ويسمع منها دموعها وبكائها المرير، فكانت تحرك رأسها لا ارادياً بالنفى لتلك التهمة الذى وقعت عليها،،
اقترب “مراد” بطرف عين من ذلك الندل ولكمه بضربه قوية اسقطته أرضاً، فقال غاضباً:
-اااه ياحيوان أنا هقتلك أنت والزبالة التانيه.
ثم انهال عليه بالضربات العنيفة فحاول الآخر أن يحرر نفسه من قبضة ذاك الأسد الجاريح، ولكنه لم يستطيع فقال بذعر والدماء تقطر من أنفه:
-دى مراتى وكل اللى حصل واللى كان هيحصل كان بمزاجها.
نظر إليه “مراد” بصدمه اعتلت وجهه فقال مندهشاً:
– ايه مراتك !.
أبتعد “سامر” زحفاً على قدميها، ليخرج من جيب سترته ورقة:
-اه مراتى متجوزين أنا وهى عرفى واهى القسيمه.
أخذها “مراد” من يده ليقرائها ثم اطبق عليها بقوةٍ وهو يحدق ناظراً إلى “رحيل” التى ترتجف من أثر البكاء الممتزج بالدوار، تحدثت بصوت ضعيف متقطع فقالت خوفاً:
– لا وال والله ك ك كداب يامراد ماتصدقهوش.
دن نحوها “مراد” فتراجعت للخلف بخطوات متعثرة، فقام هو بجرها من شعرها وقال معنفاً:
-والله لاوريكي وهعرفك ازاى تعملى كدا من ورانا، والله لاقتلك يارحيل هقتلك.
حاولت “رحيل” بدفع يده عنها لكنه شدّ قبضته أكثر فتأوهت متألمة ثم قالت ببكاء كاد يمزق صدرها:
– والله يامراد معملتش حاجه أنا أنا معرفش أى حاجه من اللى بيقولها ومعرفش أنا جيت أزاى هنا.
صاح الاخر عالياً ليقول بغضب أعمى عيناه:
– اخرسى مش عايز أسمع نفسك أنتى فكرانى هقتلك بالسهولة دى لا تبقى غلطانه أنا هخليكى تتمنى الموت يارحيل هانم.
أنهى جملته وهو يصفعها بعنف على وجهها فصرخت “رحيل” بألم وهى تحاول أن تحمى وجهها:
– لا يامراد أرجوك أنا معملتش حاجه.
بينما “سامر” استغل أنشغال “مراد” فحاول أن يفر هارباً ولكنه لمح طيفه ليدنوا منه ليلقنه درساً لن ينساه الآخر.
ثم أخرج مسدسه وأطلق رصاصته ولكنها لم تصيب هذا النادل، جاء ليضرب الثانية لكنها ضربت فى السقف، بسبب تلك اليد التى منعتها، فكانت يد “أدهم” الذى جاء مسرعاً قبل أن يتهور ابن عمهِ ففعل شئ شنيع.
تحدث “مراد” والشرر يتطاير من عينيه فقال غاضباً:
– أبعد ياأدهم خلينى اخلص ع الحيوان ده.
صاح “أدهم” بغضب مماثل:
– أنت عايز تودى نفسك ف داهيه علشان كلب زى دا ميسواش تعريفه.. اهدى كدا.
ثم وجه نظره إلى شقيقته وقد انتفخت اوداجه غضباً ليقترب نحوها بخطوات متواعدة، ارتجفت “رحيل” ارتجفاً فاشاحت وجهها عنه خوفاً من تلك النظرات المخيفة، فسرّت قشعريرة بجسدها من الخوف والهلع، فحست بأن أنفاسها تضيق على صدرها من أثر ذلك، وددت لو أن روحها تفيض بها الآن إلى ربها فتلك النظرة التى شاهدتها بأعينهم كانت كفيلة بتدميرها نفسياً قبل أن تكن جسدياً.
بعد مدة ولجوا إلى القصر فقام “أدهم” بدفع شقيقته أرضاً فى غرفة المعيشة أمام العائلة، نهض “سليم” من مكانه وقال غاضباً:
-أنت اتجننت أزاى تعمل كدا فى أختك.
تحدث “أدهم” بغضب وهو يتوعد لها:
– اسأل المحترمة جايبها منين، ثم أطبق يده على خصلاتها فتألمت بشدة، فأضاف قائلاً:
-قوليله ياهانم…قولى لأبوكى أن احنا جبناكى من شقة وكنتى مع واحد ومتجوزاه عرفى.
ثم دفعها مجدداً بعيداً عنه، فركضت إليها صديقتها “نور” لتحتويها بين ذراعيها، فكانت “رحيل” تبكى حزناً، فقال والدها منصدماً:
-أنت كداب رحيل عمرها ما تعمل كدا، أنت أزاى تتهم أختك بالشكل ده وتمد أيدك عليها.
تفوه “أدهم” بنبرة حزينة:
-أنا لو أطول اقتلها كنت قتلتها بسبب العمله الوسخه دى.
أردفت “رحيل” بنبرة خائفة فقالت ببكاء نافية:
-والله ماعملت حاجه يابابا أنا معرفش روحت هناك أزاى أنا بجد مش فاكرة حاجه صدقني.
تحدث تلك المرة ذاك “المراد” بلهجة تحمل قدراً من القهر والحسرة:
-بطلى كدب أنا شوفتك بعينى وأنتى فى حضنه وورق الجواز العرفي اهى. مد يده إلى عمهِ الذى انصدم حين قرأ ما بداخلها.
ثم نظر إليها بصدمة وخذلان:
-أنتى يارحيل تعملى كدا قصرت معاكى فى ايه علشان تكسرينى بالشكل ده.
أجابت عليه بكل حزن :
-بابا وحياتى عندك ماتصدق اللى حصل.
نهضت من مكانها واتجهت إلى امها وهى تذرف الدموع فقالت ببكاء:
-ماما أرجوكى صدقينى أنا عمرى ما اعمل كدا.
لم تجيبها فنظرت إليها بقسوةٍ جعلت قلب “رحيل” ينكسر بشدة فقالت بخذلان:
-أنتم مش مصدقني بابا أرجوك رد عليا قول حاجه أنا بنتك رحيل وحيدتك…أزاى محدش منكم مصدقني دا أنا بنتكم حتى يابابا.
رد “سليم” بألم ينخر صدره:
– للأسف أنا بنتى ماتت ومبقاش عندى غير ولادى أدهم ومازن وبس.
افتر ثغر “رحيل” منصدماً من حديثه، فشعرت بقهر وخذلان وحزن من عائلتها ومن أنهم لم يصدقون حديثها ولا يثقون بها لهذة الدرجة، فاقت مش شرودها على يد تجذبها بقوة، فكانت يد ذاك “المراد” الذى جذبها من شعرها وجرها على الدرج متجهاً بها إلى غرفتها، فصرخت بفزع منه، فصاحت مستنجدة بأبيها الذى تخلى عنها، فقالت بصريخ ممتزج بالبكاء:
-بابا ألحقني خليه يبعد عنى يابابا، ابعد عنى يامرررراد والله أنا مظلومة معملتش حاجه.
لما يبالى لأمرها فكل مايسيطر عليه الآن الغضب، حاولت امه وأباه منعه لكنهم لا يقدرون عليه.
بينما “سليم” كان يستمع لصراخها بقلب منفطر ولكن هى أخطأت ويجب أن تتعاقب ….
وفى هذا الأثناء شعر الجد بالتعب فجلس على الأريكة بأرهاق، ركضت نحوه “نور” وهى تقل بلهفة:
– جدو أنت كويس؟ .
انتبه الجميع لكلامها فأردف “حمزة” بقلق:
-نور أجرى هاتى أدوية جدك بسرعة.
-حاضر.
فى غرفتها قام “مراد” دفعها بقوة على الأرض ثم دن منها واحكم قبضته على فكها وقال بغضب عارم:
-والله يارحيل هخليكى تتمنى الموت ومتلقهوش وحياة كسرة قلبى اللى أنا فيها والنار اللى قايدة جوايا ما هرحمك.
-مراد وحياة حبى عندك متاذنيش أنا بجد معرفش أى حاجه من اللى حصلت دى صدقنى أنا بجد مش فاكرة حاجه.
-اخرسى مسمعش صوتك وهتفضلى هنا محبوسة لحد ما تموتى.
وخرج مسرعاً وأغلق الباب خلفه حتى لا تخرج منه.
بينما هى مالت بجسدها على الباب وهى تقول بألم:
-لا يامراد متسبنيش. فظلت تصرخ وتدق على الباب بكلتا يديها لكنه لم يستجيب إليها.
اقترب من العائلةوقال بلهجة أمر:
-محدش يفتح ليها باب أوضتها ولو سمعت ان حد حاول ميلومش إلا نفسه أنتم فاهمين.
وقفت “نور” أمام غرفة صديقتها محاولة فتح الباب ولكنه محكم باقفال فقالت بيأس وهى تبكي:
-رحيل حبيبتى أنتى سمعاني أنا نور.
– نور افتحيلى الباب أرجوكى أنا عايزة أخرج من هنا.
– مش معايا المفتاح قوليلى ايه اللى حصلك.
أجابتها الأخرى بأرهاق:
-أنا مش عارفه كل اللى فكراه أن روحت اقابل الحيوان سامر علشان أنهى الموضوع واقوله ابعد عنى لكن الزباله خدنى ع خوانه وشممني حاجه مخدرة ومحستش بعدها بحاجة غير وأنا بفوق، ثم اكلمت بقهر ودموع:
– ولما صحيت لاقيته بيحاول يقرب منى وفى اللحظة دى دخل مراد وبعدها حصل اللى حصل نور أنتى مصدقني صح.
أردفت “نور” بحزن:
-اه ياروحي مصدقاكى أنا هقولهم اللى حصل وهما هيعرفوا الحقيقة.
تفوهت “رحيل” بنبرة منكسرة:
-محدش هيصدقك هما رفضوا يسمعونى.
-أنا هنزل وهحاول ياحبيبتى …و متخافيش كل حاجه هتتصلح.
فى غرفة المعيشة كان “سليم” يضع رأسه بين يديه وهو يقول:
– بنتي أنا تعمل كل ده للدرجاتي هونت عليها أنها تفضحني.
جاءت “نور” وهى تقول:
– يعنى أنت ياعمو مصدق أن رحيل تعمل كدا ازاى وأنت ابوها والمفروض تكون عارف وواثق أنها من المستحيل تخون ثقتك فيها.
صاح بوجهها “أدهم” فقال غاضباً:
– نووووور اخرسى بقا ومتدخليش فاللى ملكيش فيه.
-بس أنتم لازم تسمعوني كل اللى حصل كان مجرد لعبة منهم.
امسك يديها بعنف ثم قال محذراً:
-عارفه لو لمحتك بتحاول تانى تجيبى سيرتها أو أنك بس حاولتى تروحى عندها هعتبر كل حاجه مابينا.
ثم أبتعد عنها فبكت حزناً من طريقته الفاذة.
فى المساء
كانت تجلس وحيدة حزينة فى غرفتها التى حبسها بها حبيبها، تضم ركبتها الى صدرها، فقد تورمت من كثرة البكاء، تذكرت حديثهما فهى لم تتوقع أن يظنوا بها ظن سوء هكذا، تجدد الدمع فى مقلتها ثانياً عندما وقعت كلمة أبيها عليها مجدداً فهى الآن ميتة بالنسبه إليه، فكيف لأب مثله يتخلى عنها بتلك السهولة ولا حتى يصدقها. وبعد لحظات فتح باب غرفتها وولج منه “مراد” فقام بغلق الباب خلفه.
نظرت نحوه بهلع من هيئته المخيفة فبدأ يقترب إليها بخطوات بطيئة، فأردفت “رحيل” بقلق:
-مراد أنت بتقرب ليه لو سمحت ممكن تخرج شكلك مخوفني.
لكنه اقترب منها أكثرها ليجذبها إلى صدره العريض ليتنفس عنقها، فكان فى حالة سكر لا يعى لما يفعله، فقالت هى ببكاء:
-مراد ابعد عنى أنت سكران مش فى وعيك.
دفعها الآخر على الفراش ليقول بحده:
-أنا هوريكى هعمل فيكى ايه.
نظرت إليه بصدمة وخوف فلأول مرة تراه هكذا، ظلت تحرك رأسها بهسترية والدموع تتساقط من عيناها، فقال هو بغضب:
-ايه بتعيطى هو أنا لسه عملت حاجه دا أنا هخليكى تعيطى بدل الدموع دمع.
بدا جسدها ينتفض بشدة من الخوف فتحدثت ببكاء :
-لا لا بلاش تكسرنى يامراد.
أنهت جملتها بصريخ حين دن منها….

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية هجران رحيل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *