روايات

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 البارت الثاني والأربعون

رواية أحببتها ولكن 7 الجزء الثاني والأربعون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة الثانية والأربعون

«”أستطيع أن أكون الضـ ـحية والجا.ني في آنٍ واحد”»
كان يسير في إحدى الحارات التي يقيم بها يرتدي بنطالًا مِن الخامة الشهيرة “چينز” يعتليه سترة قطنية بيـ ـضاء وحذاء بنفس اللو.ن، كان يسير مثل كل يوم متوجهًا إلى شقته بعد أن قضىٰ الليل بأ.كمله في الخار.ج يُنـ ـهي أعماله المطلوبة مِن قِبَل إحدى الر.جال ذوي الهيبة والصر.امة المعر.وفة، كما يُلقبو.نه هم بـ “الزعيم”، أحد الر.جال التي تما.رس الأعمال المشبو.هة، كـ تصد.ير وأستير.اد المو.اد المخد.رة دون عِلم الحكو.مة، أو أختـ ـطاف الأطفال الصغيرة والإتجا.ر بهم سو.اء بيـ ـع أعضا.ءهم أو جعلهم عبـ ـيدًا عند الآخرين
العد.يد والعد.يد مِن تلك الأعما.ل المشبو.هة، كانت هناك أعين تتا.بعه دون أن يشعر بهِ الآخر أو هكذا أد.عىٰ إليه، سار خلفه حتى رأه يخطو دا.خل بِنْايته لتعلـ ـو الأبتسامة ثغره ويُخر.ج سلا.حه مِن خلف ظهره يلحـ ـق بهِ عا.زمًا على إنها.ء حياته كما تطلب مِنهُ
بينما وقف الآخر أمام باب شقته بعد أن أخر.ج مفتاحها وقبل أن يُحر.كه شعر بفوه المسد.س يو.ضع على رأ.سه مِن الخـ ـلف تليها صوته محذ.رًا إياه مِن التهو.ر قائلًا:
«أثبـ ـت مكانك يا حِيـ ـلتها وأر.فع إيديك لفو.ق»
تيبـ ـس جـ ـسد الآخر في مكانه وترا.خت يده مِن على المفتاح بهدوءٍ غير معهو.د وهو ينظر إليه بطر.ف عينه، أحقًا يطلب مِنهُ الأستسلا.م؟، إنه أ.بلهًا بالتأكيد فهذا الذي يخشا.ه الجميع يأتي أ.حمقًا كهذا ويقوم بتثبـ ـيته، تعا.لت بسمتهِ على ثغره وهو يسخر مِن حما.قة الآخر ثم مـ ـدَّ يده في جيب بنطاله بكل هدوءٍ وهو يتحدث مع الآخر يلهو.ه عن فعلته
وما هي إلا ثوانِ وكان يُخر.ج مد.يته في حركةٍ سر.يعة ملتفتاً إلى الآخر بعد أن أمسك مسد.سه ليقوم بضـ ـرب أنفه برأسهِ جعل الآخر يترك مسد.سه ويصر.خ أ.لمًا مِن ضـ ـربتهِ ليقوم هو بمحاو.طة عنقه بذراعهِ تزا.منًا مع وضع مد.يته على نـ ـحره وهو يقول بنبرةٍ حا.قدة:
«بتثبـ ـت مين يا حِيلـ ـتها، أنتَ شكلك جديد في الشغلا.نة لسه ومش عارف بتتعامل مع مين، إللي بعتك يا رو.ح أُ.مّك معرَّفكش مين هو “شـريف عمار” ولا إيه؟»
وها هو الفارس الذي ر.حل وأخذ معه كل ما هو جميل عاد مرةٍ أخرىٰ بعد أن ظن الجميع أنه ذهب ولَم يَعُد، هو بالفعل ذهب في رحلةٍ طو.يلة المدىٰ أستغر.قت شهور بعد أن كانت ستمتـ ـد إلى سنوات، عاد وقام بالنجا.ة مِن أياديهم الملو.ثة التي كانت تقوم بتشو.يه نقا.ءه، ولَكِنّ المتو.قع أنه حد.ث ذلك بالفعل وتشوَّ.ه نقا.ءه ليصبح آخر أكثر خطو.رة وو.حشية مِن هذا النقـ ـي التي جبر.ته الحياة على عيش حياةٍ لا تشبهه ولا يشبهها، اليوم قد عاد “شـريف”، ولَكِنّ ليس الذي نعهـ ـده بل هو آخر أكثر قسو.ة وو.حشية
«ها، تحبّ بقىٰ الحلوة دي تز.ور أنهي جزء، بتخد.م صاحبها خد.مة العُمر دي، دي “سـوسـو” يا.ض، يعني بر.قبة مليون مطو.ة» أنهـ ـىٰ “شـريف” حديثه وهو يشـ ـدد مِن وضع المد.ية على نحـ ـر الآخر ليصبح الأمر خطـ ـيرًا، فـ ضغـ ـطة صغيرة وسيُلـ ـقىٰ حد.فه لا مجا.ل، أبتـ ـلع غصتهِ بصعو.بة محاولًا مقاو.مة قو.ة ذراع الآخر الذي كان يقيـ ـد حركة جـ ـسده ولَكِنّ قو.ة بِنْية “شـريف” تضا.هي بِنْية الآخر التي كانت ضئـ ـيلة جدًا ولذلك صاحب القو.ة يفوز دومًا
«يا ر.ياسة مش ر.جولة دي على فكرة، شيـ ـل مطو.تك يا مَعلَّمة ونتكلم فيفتي فيفتي» نطق بها ذاك الشا.ب الذي كان أسفل قبـ ـضة “شـريف” يطلب مِنهُ تركه كما يز.عم هو حتى يتحدثا وديًا بينهما وبين بعضهما وكأنه يضحك على طفلًا صغيرًا ما.زال يُحاول أستيعا.ب الكو.كب مِن حوله، ولَكِنّ اللعب جاء في الوقت المتأ.خر مع الشخص الخا.طئ فليس “شـريف” الذي تلا.عبه على تلك التفاهات أيها الأخر.ق
«المَعلَّمة قال طالما مطو.تك خر.جت وأز.عجتها يبقىٰ ز.فرها ود.لعها، وبصراحة “سـوسـو” بتز.عل لمَ متسـ ـلّمش على ضيوفها» نطق بها “شـريف” بنبرةٍ با.ردة وهو يز.عم على تنفـ ـيذ ما يحو.م داخل رأسه فهذه ليست المرة الأولىٰ التي يحد.ث بها ذلك، بينما هذا الشا.ب شعر حقًا بخطو.رة الوضع وأيقـ ـن أن “شـريف” ليس كما كان يتو.قع البتة فهذا ضـ ـربة واحدة مِنهُ وسيقـ ـضي عليه لا محال
ثبـ ـته “شـريف” ثم قام بفـ ـتح باب المنزل ومِن ثم سـ ـحبه إلى الداخل مغلـ ـقًا الباب خلفه تاركًا الآخر الذي بدأ يسـ ـعل لشعوره بالإختنا.ق بعد أن هـ ـدده “شـريف” بطريقةٍ غير مباشرة، ألتفت إليه ينظر لهُ بكل بر.ودٍ ثم تقدم مِنهُ عدة خطوات ثا.بتة ومِن ثم جذ.ب مقعد مِن مقاعد الطاولة والتي تسمىٰ في اللغة الدار.جة “سُفرة” وجلس عليه في وضع معا.كس وهو ير.مقه بكل ثبا.تٍ
«قولي بقى يا حِيـ ـلتها كدا زَّي الشاطر مين باعتك تخلَّـ ـص عليا، وقبل ما تفتـ ـح بوقك وتتكلم لو فكرت تعـ ـبَّط فـ الكلام هتلاقي “سـوسـو” وصاحبها مزَّ.علينك، ها، قولي كل حاجه بالتفصـ ـيل الممـ ـل انا بالي طو.يل، بس مع الناس الدوغري، إنما الناس اللي بتلا.وع مبتا.خدش معايا خمس دقايق على بعض، مين با.عتك وعايزك تمو.تني ليه بقىٰ؟» أنهـ ـىٰ “شـريف” حديثه بنبرةٍ أكثر برو.دة وهو يتطـ ـلع إلى ذاك الشا.ب الذي بات التخـ ـبط عنوانًا إليه وشعر حينها بالر.عب فإن كذ.ب سيـ ـلقىٰ حد.فه وهو لن يُضـ ـحي بحياته لأجل الآخر ولذلك أخذ الإعتر.اف طريقًا إليه أسـ ـفل نظرات الآخر وأستماعه إليه
«بصراحة بقىٰ كدا أنتَ شكلك ر.جولة وابن بلد وأبقىٰ عـ ـيل وا.طي لو حَوَّ.رت عليك ولا غـ ـشيتك، بُص يا ابن خالتي اللي با.عتني ليك واحد أسمه “سـيد طبـ ـنجة” دا بقىٰ تقيـ ـل أوي فـ السوق وعارف كل حاجه وعارف مين معاه ومين عليه وإيه اللي بيحصل فـ السوق وبأمانة يعني هو عِرِف إنك و.اد كدا تقـ ـيل وحـ ـمش وتـ ـحت طو.ع معـ ـلّمك فـ قالي روح خلَّـ ـص عليه سُكـ ـيتي وانا بصراحة مقدرش أقوله لا وأنتَ سِيد العا.رفين، بس عشان أستجد.عتك انا قولت أقولك الحكاية كلها وخلّي بالك عشان دا مبير.حمش وقا.سي على اللي مِنُه فـ ما بالك بقىٰ بالغر.يب، هو بيكر.ه أي حدّ تبع “الزعيم” اللي أنتَ درا.عه اليمين وبقاله مدة بيخـ ـطط يو.قعه فـ ملا.قاش غيرك درا.عه اليمين واللي بيخلّـ ـصله شغـ ـله كله فـ قال مضر.بش ليه عصفورين بحجـ ـر واحد وأخلَّـ ـص، أديني قولتلك كل حاجه أهو واجبك بقىٰ يا ابن بلدي تحا.مي أخوك اللي أستجد.عك»
أنهـ ـىٰ الشا.ب حديثه وهو ينظر إلى “شـريف” يستشـ ـف مِن معالم وجهه أي شيءٍ يطمئنه أنه قام بتصديقه أو حتى مسا.عدته، بينما الأ.خر فقد زفـ ـر مطو.لًا ثم نظر إليه نظرةٍ ذات معنى وقال متسائلًا بنبرةٍ با.ردة:
«أسمك إيه؟»
«محسوبك “خميس” يا ابن بلدي»
أطا.ل “شـريف” النظر إليه ثم تنهـ ـد وقال بعد أن قرر أخذه في صفو.فه كي يطيـ ـح بعد.وه بعيدًا:
«أنتَ هنا مِن أمتى يا “خميس”، يعني جاي بإرا.دتك ولا لقيت نفسك هنا مِن غير ما تعرف جيت أزاي ولا مين جابك»
«واللهِ يا ابن بلدي انا ما أعرف جيت هنا أزاي، انا وا.د على باب الله بيجـ ـري على أكل عـ ـيشه عشان يصر.ف على بيته ومراته وبنته، انا حتى معرفش انا جيت هنا أزاي بس لقيت نفسي عبـ ـد هنا أخَد.م على الكل ومقولش لا، لا هنا بتطـ ـير ر.قاب وبيني وبينك انا بصبَر نفسي وأقول معلش مسيرك تر.جع لمراتك وبنتك وحـ ـقك يجيلك، بس عارف لمَ كل دا يبقىٰ فـ الهو.ىٰ، انا واللهِ ما شبههم انا مُجـ ـبر»
أنهـ ـىٰ “خميس” حديثه بصوتٍ متحشر.ج بعد أن فشـ ـل في إخفا.ء حز.نه وو.جعه الذي يزد.اد حجـ ـمه مع مرور الأيام ويز.داد شو.قه إلى امرأته وصغيرته التي حُرِ.مَ مِنها ومِن رؤيتها وسماع صوت ضحكاتها التي أعتاد سماعها كل صباح، بينما تنهـ ـد “شـريف” بعمـ ـقٍ وأشار إليه ليُـ ـلبي الآخر مطلبهِ ويجلس أمامه، أخر.ج “شـريف” عُلبة سجا.ئره ومدَّ يده بها إلى الآخر الذي أنتشـ ـل واحدة مِنهن دون أن يتحدث، أخر.ج “شـريف” واحدة ووضعها بين شفـ ـتيه ثم أخر.ج قد.احته وأعطاها إلى “خميس” الذي أخذها وقام بإشعا.ل سيجا.رته ثم أعطاها إلى “شـريف” الذي فعل المثـ ـل ثم وضعها في جيب بِنطاله
«مش لوحدك اللي بتعا.ني على فكرة، انا زَّيي زَّيك بالظبط، برضوا جيت هنا وانا معرفش جيت أزاي، سيبـ ـت مراتي الحا.مل وعيلتي كلها اللي تعـ ـتبر كل حياتي، سو.اء كان أبويا أو أخويا أو أُمّي، عيلتي كبيرة وبتحبّ الحياة، بس أكيد أتخـ ـطط لوجودي هنا دلوقتي، يعني انا وأنتَ واحد فـ الو.جع بس الشاطر اللي يد.اريه ويكمل طريقه، انا أستجد.عتك يا “خميس” مع إني كُنت ناوي على بلا.وي معاك بس بما إنك طلـ ـعت مجـ ـدعة وابن بلد انا كمان هطـ ـلع جد.ع معاك وهو.فَّرلك الحما.ية الكا.ملة ومش همـ ـشي مِن هنا غير وأنتَ فـ إيدي، تر.جع لبيتك وعيلتك ومعاك حـ ـقك كا.مل كمان، تمام كدا يا ابو الر.جولة؟»
أنهـ ـىٰ “شـريف” حديثه وهو ينظر إلى “خميس” الذي بات الأمل يتجـ ـدد داخل قلبه مِن جديد في عودته إلى عقـ ـر داره بعد أن كان قد فقـ ـد الأمل مدىٰ الحياة، تبسم إليه وهتف بنبرةٍ هادئة:
«ليك عليا لو ر.جعنا بعون الله هكون عاز.مك فـ بيتي وتنورني وقتها بصفتك صاحبي، قولت إيه؟»
«قولت لا إله إلا الله» نطق بها “شـريف” الذي أبتسم إليه بهدوءٍ غير معهو.د وهو يُفكر في ذلك “السيد” الذي ظهر إليه مِن العد.م وأرسل هذا المسـ ـكين الذي لا يفـ ـقه شيئًا ليُنهـ ـي حياته دون سا.بق إنذ.ار
«متشر.فتش بابن بلدي يعني، إيه يا عم هتا.خدني فـ د.وكة ولا إيه مش عشان فرق عضلا.ت يعني تعمل معايا كدا، سهل أطلّع عضلا.ت برضوا كلها برو.تينات وبتا.كل بعضها فـ الچيم» أنهـ ـىٰ “خميس” حديثه المرح إلى “شـريف” الذي ضحك بخفة وزفـ ـر بهدوءٍ وقال:
«يا عم لا طبعًا مقدرش، انا أسمي “شـريف” حلو كدا وأنتَ “خميس” أدينا خا.لصين يا ابن بلدي»
«عا.شت الأسامي يا “شـريف”، متجوز بقىٰ ولا أعز.ب لسه ومد.خلتش القفـ ـص، أحكيلي عنك» أنهـ ـىٰ “خميس” حديثه وهو ينظر إلى “شـريف” منتظرًا سماعه بلهـ ـفةٍ غير عادية يبدو كـ الطفل الصغير الذي وجد ضا.لته بعد سنوات مِن البحث وفقد.ان الأمل
«لا يا سيدي متجوز ومراتي حا.مل، بس معرفش عنها حاجه مِن عشر شهور تقريبًا، كلهم فاكرني ميـ ـت، وانا فكرتني همو.ت زَّيهم، حصلت مشا.كل بيني وبين أختها الله يرحمها، مع إن اللي زَّيها ميستاهلش الر.حمة دي بس فـ الآخر مـ ـيتة، حصلت مشا.كل كتير زَّي اللي بتحصل فـ أي بيت يعني وخـ ـطفتني انا ومرات ابن عمي الحا.مل وقتها عشان تسا.ومني وتقولي إني عيلتي تحـ ـت إيديها، شويه شَـ ـد على شويه جَـ ـذب الأمر أنتهـ ـىٰ بينا إحنا الاتنين مِن على حا.فة تلـ ـة بقينا فـ قا.ع البحر تحـ ـت، وقتها المفروض إنها كانت تقـ ـع لوحدها بعد ما خدت رصا.صة مِن ابن عمي وللعلم ظابط عشان دما.غك متروحش بعـ ـيد وتفتكرنا مسجـ ـلين خطـ ـر ولا حاجه، بس هي محبّـ ـتش تمو.ت لوحدها خد.تني معاها، ربنا مأ.رادش إني أمو.ت لسه وكان في أمل فـ نجا.تي وحاول ابن عمي التاني واخويا وابن عمي اللي خـ ـطفت مراته يساعدوني بس فات الأو.ان وقتها وو.قعنا جذ.ع الشجرة مشا.لنيش انا وهي قام واخدنا وعلى تحـ ـت، لمَ و.قعنا راسها خبـ ـطت فـ حجر كبير تحت أنتـ ـهىٰ أمرها ساعتها، إنما انا بقى قعدت حـ ـبة تحت لحد ما ربنا بعتلي إللي يلـ ـحقني، بس للأسف شكله هو السـ ـبب إني أكون هنا أصلًا بس أحسن مِن إني أمو.ت آه المو.ت حـ ـق مقولتش حاجه بس حكمة ربنا ساعتها كانت فوق كل شيء، انا راضي بس فكرة إنك الشو.ق ياخدك تشوف عيلتك وتطمن على مراتك دا و.حش أوي، مشيت وانا سا.يب الحبايب كلهم بما فيهم مراتي اللي ملحـ ـقتش أفرح وانا معاها، أكيد زمانها ولدت دلوقتي بس الله أعلم جابت إيه، كله خير أكيد ومسيرنا نر.جع للحبايب تاني»
أنهـ ـىٰ “شـريف” حديثه بنبرةٍ خر.جت متأ.لمة حينما تذكَّر ناهد وطفله الذي حُرِ.مَ مِنهُ دون و.جه حـ ـق، مسح بـ كفيه على وجهه عدة مرات أسـ ـفل نظرات “خميس” الذي ربت على فخذ.ه موا.سيًا إياه فهو أيضًا يعلم هذا الشعور المقـ ـيت ويعلم كم هو مؤ.لمٌ
«وَحِد الله يا عم، قريب هتر.جعلهم وتشوفهم وتطمن على مراتك وتشوف أبنك أو بنتك وتمـ ـلىٰ عينك مِنهم، مسألة وقت مش أكتر» أنهـ ـىٰ “خميس” حديثه وهو يمسّد بـ كفه على ذراع الآخر الذي حاول تما.لُك نفسه قد.ر المستـ ـطاع والتحـ ـفظ على ثباته الذي تلا.شىٰ في غمـ ـضة عين، فكر “خميس” كيف يساعده حتى يطفـ ـئ نير.ان شو.قه إلى عائلته، ولذلك أقترح عليه بقوله:
«طب بقولك إيه انا عندي فكرة تخر.جنا مِن هنا بأي طريقة وأهو حتى لو فشـ ـلنا يبقىٰ أسمها حاولنا»
رفع “شـريف” ينظر إليه يسأله بعينيه عن تلك الفكرة التي لربما تنجح وتنجدهما مِن هذا الجحيم الذي فـ ـتك بهما في زهرة شبابهما يقوم بتعذ.يبهم كل يوم حتى أُرهقـ ـت رو.حهما ود.مت، أسترسل “خميس” حديثه مرةٍ أخرىٰ وهو يقترح عليه بقوله:
«أكيد انتَ مبتعرفش تشغـ ـل موبايلك عشان متتكـ ـشفش وينتـ ـهي بيك الأمر تحـ ـت التر.اب، انا معايا موبايل محدش يعرف عنه أي حاجه هفـ ـتحه وانتَ تد.يني أكونت ابن عمك الظابط دا نقوله كل حاجه واهو جايز يتحرك ويساعدنا نخرج مِن هنا»
لمعـ ـت مُقلتي “شـريف” ببر.يق الأمل الذي عاد يحيـ ـى بداخلهِ مرةٍ أخرىٰ ولذلك حـ ـسهُ على فعل ذلك بتلـ ـهفٍ ليقوم الآخر بإخر.اج هاتفه وفتحه أمام أنظار “شـريف” الذي كان كالطفل المتـ ـلهف ينتظر شارة العودة إلى داره مرةٍ أخرىٰ، أعطاه أسم ابن عمه “ليل” وبدأ الآخر يبحث عنهُ وسط عددٍ مهو.لٍ مِن أشخاصٍ حاملي نفس الإسم حتى أو.قفه “شـريف” بتلـ ـهفٍ وهو يضـ ـغط على أسم ابن عمه الذي ظهر ولذلك أنتشـ ـل الهاتف مِن بين يدي “خميس” بسرعة البر.ق وبدأ يتفحصه حتى رأىٰ منشورًا مثبـ ـتاً على صفحته
حيث كانت صورة لهُ وهو يحمل صغيرته بين ذراعيه يجلس على إحدى الأرائك الخشبية الموضوعة في الحديقة وبجواره يقف صغيره يمـ ـيل برأسه تجاه والده بحركةٍ طفولية مبتسم الوجه وقد كتب الآخر أعلىٰ تلك الصورة اللطيفة
الحمد لله حمدًا طيبًا مباركةً فيه
الحمد لله الذي أنعم عليَّ بنعمهِ التي لا تُعد ولا تُحـ ـصىٰ
الحمد لله في السـ ـراء والضـ ـراء
الحمد لله في كل وقت وكل مكان
الحمد لله دائمًا وأبدًا
اليوم قد رزقني الخالق طفلةٌ كـ الحوريات الصغيرات
اليوم قد أعطاني الله نعمة أخرىٰ حتى أشكره عليها كل يوم
اليوم قد رزقني بـ نبـ ـضٍ ثانِ لي، رزقني طفلةٌ أخرىٰ
تلك التي هي قطـ ـعةٌ مِني، أبنتي وحبيبتي وصغيرتي الجميلة
أميرتي التي جعلتني أنتظرها ليالِ وأشهرٍ لا أعلم كيف مضت
تلك التي أعطتني در.سًا قا.سيًا في الصبر على مدار التسعة أشهر الماضية
اليوم جاءت لي حتى تمنحني الحُبّ ولكي تزداد غر.يستي الأبوية عن ذي قبل
أمسُ كُنْتُ أحملُ صغيري “رائد” بين ذراعي
كان أول طفلٍ لي وأول فرحتي العا.رمة التي ستـ ـبقىٰ الأفضل دومًا على طول السنوات القادمة
كان صغيري ساكنًا بين ذراعي ينعم بد.فءٍ لا يعلم أنه السـ ـبب بهِ
هو أول مَن حَرَكَ غر.يستي الأبوية وجعلني أ.خرًا لا أعرفه
هو هذا البطل الصغير “الرائد” في معاركه كالشجا.ع القو.ي
ها هو صغيري اليوم يقف بجو.اري يلتـ ـقط تلك الصورة الد.افئة بر.فقتي أنا وصغيرتي
ها هو صغيري أصبح صاحب الثلاثة أعوام اليوم
وها هي صغيرتي أصبحت صاحبة العشرة أيام اليوم
لَم تكن اللحظة مناسبة لإعلاني ومشاركتي هذه الفرحة
ولَكِنّ ها أنا اليوم أشارككم سعادتي وفرحتي بقدوم أميرتي
ها هي صغيرتي قد جاءت تُنير حياتي رفقة أخيها
تلك الجميلة قد أسميتُها “رودينا”
وها هو “رائدي” يقف بجواري
وها هي “رودينتي” تقبـ ـع بين ذراعي
أذاقكم الله لـ ـذة تلك اللحظات
سقـ ـطت عبرات “شـريف” حينما أنهـ ـىٰ قراءة منشور ابن عمه ثم قام بتـ ـكبير الصورة ونظر إلى تلك الصغيرة التي كانت تقبـ ـع بين أحضان أبيها، أبتسم بحنوٍ وطا.لعها ثوانِ قبل أن يتذكر “ناهد” أيضًا ولَكِنّ لن يستطيع جلب حسابها الشخصي على هاتف “خميس” ولذلك شعر أن كل شيءٍ يعا.نده حتى لا تخـ ـمد نير.انه
زفـ ـر بعمـ ـقٍ ثم بحث في حسابه الشخصي ليرىٰ ذاك المنشور الذي كتبه مؤ.خرًا “فاروق” بعد أن نشـ ـر صورته رفقة تلك الصغيرة ليرىٰ أخيه قد شارك هذا المنشور كذلك على صفحة أخيه حينما ذكره وقد كتب أعلا.ها
اليوم رُزقنا بـ حورية بحر صغيرة
اليوم جاءت تلك الحورية صاحبة العينين الخضراوتين تُضـ ـيف إلى منزلنا الفرحة والسرور واليُسر
اليوم طر.قت الصغيرة بابنا تستسمحنا في الولوج والمكو.ث بيننا
اليوم أصبحتُ العم الشـ ـرير إلى تلك الصغيرة البريئة
ها قد جاءت إبنة أخي الرا.حل الحبيب جعلت قلوبنا تتر.اقص فرحةً وحُبًّا صا.فيًا لها وحدها
إبنة أخي وأبنتي الجميلة التي سر.قت لُبـ ـي منذ أول نظرة
إنها كما قال “حُذيفة” مِن قبل عنها حورية صغيرة
وكأنها نسخة مصغـ ـرة مِن أخي الحبيب الرا.حل
كلما نظرتُ في وجهها رأيته حيثُ كان صغيرًا مثلها
اليوم طرقت السعادة بابنا وجلبت معها تلك البريئة
اليوم هو يوم سعادتنا الحقيقية
اليوم يوم مو.لدنا معها
اليوم يوم الفرحة والسرور
اليوم طرق “الشروق” باب منزلنا يطـ ـيح بالظلا.م بعيدًا
اليوم رُزقنا بفتاةٍ أسمتها والدتها “شـروق”
فـلـتُـرحـبـوا مـعـي بـ صـغـيرتـنـا اللـطـيـفـة
“شـروق شـريف عـمار داوود الـسيد”
أسال الله رب العرش العظيم أن يحفظكِ أيتها الجميلة وأن يجعلكِ الله مِن حوريات الجنة وأن تكوني العوض الجميل إلى والدتكِ.
بارك الله في مولودتنا.
كان قلبه ينـ ـبض بعنـ ـفٍ وهو يقرأ تلك الكلمات التي جعلته يشعر بالعديد والعديد مِن المشاعر الجيا.شة والمفر.طة، ومع قرأته لأسمها سقـ ـطت عبراته دون تو.قف هذه المرة وهو يرىٰ ذاك الإسم المحبب إلى قلبه قد لُقبت بهِ فتاته مثلما كان يتمنىٰ دومًا وها هي “ناهد” قد حـ ـققت أمنيته وأسمتها “شـروق”، وها هي أصبحت “شـروقه” بعد عتـ ـمةٍ طا.لت بهِ لأسابيع وشهور وسنين
ضغـ ـط على الصورة ثم قام بتكبيرها وهو يرىٰ أبنته الصغيرة الجميلة نائمة بسلام داخل أحضان عمها الذي كان يحملها بين ذراعيه ويقف في إحدىٰ الأماكن المتواجدة في القصر يحـ ـملها بحنوٍ بين ذراعيه مبتسم الوجه، أتسعت بسمة “شـريف” حينما رأىٰ أبنته وأخيه وشعر في هذه اللحظة أن السعادة تغـ ـمر قلبه وآهٍ لو كان يمتلك أجنـ ـحةٍ الآن لكان طار إليهم سريعًا دون ذر.ة تفكير واحدة ومعانقتهم جميعًا
ترك الهاتف وسجد لربه سجدة شكر قد طا.لت وهو يبكي بفر.حةٍ غير عادية وهو يشكره دون تو.قف على إعطا.ءه تلك النعمة الكبيرة التي كان يتمناها دومًا وينتظرها، أبتسم “خميس” إليه بعد أن رأىٰ المنشور وسقـ ـطت عبراته تأ.ثرًا بحالة “شـريف” وهو يشعر بالسعادة كونه أستطا.ع مساعدته وإسعاده بهذه الطريقة.
________________________
«”لكل مقامٍ مقال”»
كانوا جميعهم يجتمعون في بيت العائلة بعد أن حضر كبيـ ـرهم جميعًا “بـطرس”، ذاك الرجُل الذي يكر.ه الظا.لم والمتـ ـكبر والمتجـ ـبر الذي يستـ ـعرض سيطـ ـرته على امرأةٍ ضعـ ـيفة، ها.شة كـ الر.يشة، دام الصمـ ـت المكان دون أن يتحدث واحدٍ مِنهم، بينما وز.ع هو نظراته بين “كاترين” التي كانت تنكـ ـس رأسها للأسفل بكسـ ـرةٍ واضحة وبجوارها صغيرها “جرجس” الذي كان يشعر بالخو.ف منذ أن جلس بينهم، ثم وز.ع نظراته على الشبا.ب الأربعة حتى رأى الشـ ـرار يتطا.ير مِن مُقلتي كلًا مِن “مـينا” و “بـيشوي” الذي كان يأ.كل أخيه وزوجته بنظراته التي تشبه السِـ ـهام الحا.دة
أبعـ ـد بصريه عنهم ثم وجهها أولًا إلى ولده الغير متعـ ـقل بالنسبة إليه “يـوحنا” الذي يسير خلف امرأته وامرأة ولده “چـون”، أخذ “بـطرس” نفسًا عميقًا ثم زفره بهدوءٍ شديدٍ وقد قرر قطـ ـع هذا الصمت الممـ ـيت بقوله الهادئ والجا.د في نفس الوقت:
«مبدئيًا وقبل ما أقول أي حاجه، “لارا” هتاخد شنطة هدومها وعلى بيت أهلها وملها.ش قُعاد هنا غير بإذن مِني انا، المشا.كل محصلـ ـتش فـ البيت دا ولا بدأت غير لمَ رجلك دبـ ـت هنا، وانا هيكون ليا كلام مع أهلك وبدون أعترا.ض، ثانيًا بقى يا أستاذ “يـوحنا” يا عاقـ ـل يا ابني يا را.جل، أو أقول عاقـ ـل ليه، انا عُمري ما شوفت فيك ذ.رة تعـ ـقُل صدفة حتى، يا كبير البيت يا اللي المفروض تكون أب تاني لـ بنت أخوك، فاكر نفسك را.جل وانتَ شايف بنـ ـت أخوك بتضـ ـرب مِن أبنك ومِن اللي متسو.اش دي، ها، دي أما.نة أخوك يا “يـوحنا” ليك، تبقىٰ قاعدة فـ بيتها مُعززة مكـ ـرمة فجأة تلاقي نفسها مضر.وبة ومتها.نة ومر.مية فـ الشارع وسط الر.جالة الغُر.ب، تر.ضاها على حر.يم بيتك، طب ابنك، ابنك اللي أمنّـ ـلك عليها فـ غيا.به دا مأ.ثرش جو.اك، الواد يبقىٰ مسا.فر وطا.فح الد.م عشان بيته وفاكر نفسه سا.يب اللي مِنُه فـ إيد أمينة ير.جع مِن نص الشهر على مكالمة ابن عمه يقوله أنزل مراتك مضـ ـروبة عـ ـلقة مو.ت هي وابنك وعندي، ردّ يا “يـوحنا”»
في تلك اللحظات كان “يـوحنا” جالسًا ينكـ ـس رأسه إلى الأسفـ ـل وهو يتمـ ـنىٰ أن تنشـ ـق الأرض وتبتلـ ـعه في هذه اللحظة وهو يسمع حديث والده الذي كان أشبه ببخا.ت السُـ ـم الملعو.نة، بينما أكمل الآخر حديثه وقال ملتز.مًا بصرا.متهِ:
«وانتَ يا أستاذ “چـون” يا ابو الر.جولة والشها.مة كلها، إزاي تسـ ـمح لنفسك تتهـ ـجم على مرات أخوك الكبير وتديها علـ ـقة مو.ت هي وأبنها، مين سمحلك ها، وبأي و.جه حـ ـق، سر.قتك، أتهـ ـمتك تهـ ـمة كدا ولا كدا، تر.ضىٰ “بـيشوي” يقوم يديها دلوقتي نفس علـ ـقة المو.ت اللي خدتها مراته على إيدك، بس هنا الوضع هيختـ ـلف، عشان هيبقى واخد حـ ـق مراته وابنه مرة واحدة، وبعدين مِن أمتى وشغـ ـل الهمـ ـج والعر.بجة دا عندنا ها، هو كل واحد مغلو.ل مِن “مـلاك” وعياله هيروح يلطـ ـش فيهم شويه ولا إيه، ردّوا أتخر.ستوا ليه دلوقتي، وانتِ يا هانم يا كبيرة، مش ناوية تحتر.مي نفسك وتخلّيكِ فـ حالك شويه، مالك ومال “ليزا” هي فـ حالها على طول بتنكُـ ـشي فيها ليه ولا بتقولوا يا شـ ـر أشطَـ ـر، طبعًا انا مش هسكوت على حـ ـق بنت أخويا، وحـ ـقها هير.جع مِن حَـ ـباب عنيكم، “ديفيد”، هتر.فع قـ ـضية على “چـون” والهانم مراته بالتعـ ـرض على “كـاترين” و “جـرجس” وانتَ اللي هتكون المحا.مي بتاعهم ومسؤ.ول قدامي تر.جعلهم حـ ـقهم بالقا.نون، كان سهل أوي أخلِّي “مـينا” و “بـيشوي” ياخدوا حـ ـقهم بنفسهم، بس إحنا مش همـ ـج زَّيكم ولا بلطـ ـجية، وأخد الحـ ـق حر.فة مش سهل يتـ ـقنها أي صيا.د، ومش عشان أنتَ ابني ودا حفيدي هسمـ ـح بالمهز.لة دي تحصل وتيجوا على الضعـ ـيف، حـ ـق الو.اد الصغير هير.جع قبل أمه، وحاجه كمان، بعد ما الليلة دي كلها تخـ ـلص يا “ديفيد” تعمل محضر عد.م تعـ ـرض ليهم وتضمن سلامتهم وبكدا الحـ ـق يكون ر.جع لصحابه وكله مترا.ضىٰ، تمام يا رجا.لة؟»
أنهـ ـىٰ حديثه وهو ينظر إلى كلًا مِن “مـينا” و “بـيشوي” يسألهما إن كانا مـ ـرضيان عمَّ قاله أم لا، ليجد الرضا في مُقلتيهما ولن يستطيعا إضافة شيءٍ بعد حديثه، ضـ ـرب بعـ ـصاته على سـ ـطح الأرض ونظر إلى الجميع بضـ ـيقٍ واضحٍ حتى أستقرت مُقلتيه على حفيد ولده الرا.حل الذي كان ملتـ ـصقًا بجوار والدته والخو.ف يستوطـ ـن عينيه الر.مادية الو.اسعة، أشار إليه بالإقتراب مِنهُ وهو مبتسم الوجه بعد أن زا.ل التجـ ـهم والعبو.س معالم وجهه البشو.شة
نظر الصغير إليه ثم بعد ذلك إلى والديه وخاله ليرىٰ “بـيشوي” يربت على ظهره برفقٍ وهو يبتسم إليه يخبره بالذهاب، وبالفعل تحرك الصغير تجاه الجد الأكبر بهدوءٍ حتى تو.قف أمامه دون أن يتحدث، فيما جذ.به “بـطرس” بحنوٍ ضاممًا إياه إلى د.فء أحضانه مربتًا على ظهرهِ برفقٍ مبتسم الوجه ثم تحدث بنبرةٍ هادئة وقال:
«عايزك يا قلب جدو تروح تغـ ـيَّر هدومك زَّي الشاطر وتظبط نفسك عشان “كـيرلس” هياخدك ويفسحك فـ أي مكان تحبّه ولو على “بابا” و “ماما” ملكش دعوة بيهم مش هيقولوا حاجه عشان انا قايلهم ولو أحتاجت أي حاجه سو.اء نفسك تاكل حاجه أو لعبة تجيبها تقول لـ “كـيرلس” أوعىٰ تيجي مِن غير ما تكون جايب وعامل اللي نفسك فيه، أتفقنا يا بطـ ـل؟»
أنهـ ـىٰ “بـطرس” حديثه الهادئ والحـ ـنون وهو ينظر إلى الصغير الذي حرك رأسه بر.فقٍ وهو ينظر إلى جده ثم هتف بنبرةٍ هادئة ومـ ـطيعة قائلًا:
«حاضر يا “جدو”»
أبتسم إليه “بـطرس” ثم لثم جبينه بـ قْبّلة حنونة ممسّدًا على ظهره أسـ ـفل نظرات “بـيشوي” الذي كان ينظر إلى صغيره مبتسم الوجه وبجواره “مـينا” الذي كان يتطـ ـلع إلى هذا الصغير الذي أقرب إليه مِن نفسه، فـ “جـرجس” ليس فقط ابن شقيقته بل هو ولده الصغير المدلل الذي يجعله في أقـ ـصىٰ مراحل السعادة والحُبّ الذي لا يظهر إلا إليه هو فقط، أما عن البقية فكان الغضـ ـب والحقـ ـد باد.يان على وجوههم أجمع فمنذ زمن وهم يكر.هون “مـلاك” وأولاده وكذلك زوجته دون سـ ـبب وكأنهم منبو.ذين.
ر.مقهم “مـينا” نظرةٍ قا.تلة مليئة بالأنتصا.ر والخـ ـبث الخـ ـفي الذي يظهر فجأ.ة دون هوادة وكأنه أصبح المنـ ـتصر في هذه اللحظة، ولِمَ لا وهو هكذا بالفعل، لقد جعلهم جميعًا يستشـ ـيطون غـ ـضبًا بأقل مجهو.دٍ مِنهُ فـ ماذا عن البقية حينما يتخذ القر.ار ويتحرك هو، فـ بمو.قفهم ذاك تنطـ ـبق عليهم تلك المقولة الشهيرة ألا وهي «”لكل مقامٍ مقال”»، لذة الإنتصا.ر على غر.يمك لها مذا.قٌ خاص، وها هو يتذ.وقها الآن متلـ ـذذًا برؤيتهم يستشـ ـيطون غـ ـضبًا أمامه هكذا
_______________________
«”جميع الذ.نوب تُغتـ ـفر، إلا ذ.نب المظلـ ـوم الضـ ـعيف”»
يتعر.ض المرء يوميًا إلى الظُـ ـلم سو.اء كان عن عمـ ـدٍ أو دون قصد، ولربما يعفو عن ذلك ويتغا.ضىٰ عن الأمر وكأن شيئًا لَم يحد.ث ظنًا مِنهُ أن الما.كث أمامه لا يقصد ذاك، في حين أن المرء الآخر لا يتغا.ضىٰ عن ذلك الفعل ويظل طابعه السـ ـلبي يحو.م بداخله مسـ ـببًا إليه الشعور بالضـ ـيق الشـ ـديد والحز.ن وقد يسـ ـبب إليه أذ.ىٰ نفسي ويتخذ الطريق مجر.ىٰ آ.خر سلـ ـبيًا يُلقـ ـي بصاحبه إلى الهلا.ك.
كان هذا المسـ ـكين الوسيم صاحب الخصلات البُنية النا.عمة يقيم في غرفةٍ مظلـ ـمة وبشـ ـدة، الظلا.م يحو.م المكان، حتى ضوء القمر قد حُرِ.مَ مِنهُ، أصبح لا يعلم النهار مِن الليل، لا يعلم هذا الآذان لأي صلاة، حتى الطعام والشراب يأخذهما على فتراتٍ طو.يلة وكأنه ذ.ليلًا، لا أحدّ يعلم أنه تر.بىٰ وتلـ ـعلع وسط عائلة غنـ ـية، عائلة ذاقت جميع خيرات الله عز وجل، عائلة لَم تبخـ ـل عليه بشيءٍ البتة، إذًا لا مشـ ـكلة في إعطاءه أنينة ماء، أبسط حقو.قه كإنسان، أصبح جسـ ـده لا يتحـ ـمل هذا الجفا.ف وهذا الجو.ع وهذا الأ.لم، هذا الشا.ب القو.ي الذي يجد جميع الأنظار تستقر عليه بمجرد طلتـ ـه البهية اليوم أصبح آ.خرًا
كان أنينـ ـه يعلـ ـو بين الفينة والأخرىٰ أ.لمًا، جـ ـسده يؤ.لمه بسبب تلك الضر.بات القو.ية التي تلقاها على أيديهم، وكأنهم جاءوا بهِ إلى هُنا للأ.نتقام مِنهُ على شيءٍ لَم يكتر.ثه هو، أصبح يشعر بأ.لمٍ غير عادي داخل جـ ـسده الذي تلقـ ـىٰ الضـ ـربات العنيـ ـفة، حتى أصبح جـ ـسده يد.مي وعلاما.ت الضـ ـرب في كل مكان، أصبح جـ ـسده يؤ.لمه لا يحتمل لمسة صغيرة، كان ينكـ ـس رأسه إلى الأسفـ ـل ويبكـ ـي بضـ ـعفٍ غير معهو.د وكم تمنىٰ وجود أخيه معه في هذه اللحظة
سَمِعَ صوت تلك الأ.لة الحا.دة تحـ ـتك في الحا.ئط مصد.رةً صوت صر.يرٍ مز.عج جعله يغمض عينيه بقو.ةٍ يحاول تجا.هل هذا الصر.ير المز.عج حتى أنه لَم يتحمل وصر.خ بهم بغـ ـضبٍ جا.م حتى يتو.قف الآخر عن هذا الفعل المز.عج أسفـ ـل نظرات السعادة النابعة مِن مُقلتي الآخر الذي كان يستمتع بتعذ.يب روحه دون المسا.س بها
كان “يزيد” يجلس على ركبتيه في منتصف الغرفة وكلا ذراعيه مفرودان في الهواء يلتف حول معصميه ما يسمىٰ في اللغة الدارجة بـ “جنا.زير حـ ـديدية” طويلة، كان على ذاك الوضع منذ عشرون يومًا حتى أصبح يتمنـ ـىٰ رحمة ربه التي كانت أفضل مِن أي شيءٍ، كان يدعو ربه في ضوء النهار وظُلـ ـمة الليلُ، كان ير.جوه برو.حه المتها.لكة أن ير.حمه وتستقر الراحة داخله
«رَبِّ إِنِّي مَسَنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ»، نطق بها “يزيد” بنبرةٍ متأ.لمة ومتها.لكة بعد أن رفع رأسه عا.ليًا ينظر إلى الظلا.م الد.امس حوله، ألتمعت العبرات داخل مُقلتيه ثم تسا.قطت على صفحة وجهه وهو يشعر بالضـ ـعف الشـ ـديد، فبعد عشرون يومًا خا.رت قو.اه أمامهم، فـ رأىٰ أنهم يغضـ ـبون مِن ثبا.ته وصمو.ده أمامهم وهذا ما كان يزيد جنو.نهم نحوه أكثر وينها.لون عليه بالضـ ـربات العنيـ ـفة حتى كاد يُقتـ ـل على أيديهم
«رَبِّ إِنِّي مَسَنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ»، ظل ير.ددها دون تو.قف وهو يبكي متأ.لمًا، يطلب مِن ربهِ الر.حمة والمعو.نة والصبر على ما أصا.به، يبدو أن الأمر ليست مجر.د تـ ـهمة وقد نُسِبَـ ـت إليه فحسب، بل هو مـ ـخطط شيطا.ني للأ.نتقام مِنهُ في شيءٍ لَم يكتر.ثه هو، ولَكِنّ الظـ ـلمُ لا يطول وستأتي ر.حمة رب العالمين تسـ ـكن رو.حه وتشـ ـفي جرو.حه وتُعينه على ما أصا.به.
________________________
«”صد.مة لم تكن في الحُسبان”»
كان يجلس في الحديقة يرتشف فنجان قهوته وهو ينظر إلى شاشة حاسوبه الذي كان يعمل عليه منذ الصباح مستـ ـغلًا يوم إجازته في إنها.ء أعماله الأخرىٰ، صدح رنين هاتفه عا.ليًا يعـ ـلنه عن أتصال هاتفي مِن صديقه “عـزام”، ترك “علي” فنجان قهوته ثم أخذ هاتفه لتنتا.به الد.هشة حينما رأىٰ هذا “العزام” يهاتفه، ظل مد.هوشًا عدة لحظات ثم أجابه وهو مازال على د.هشته وصد.مته
«أزيك يا “علي”، عارف إنك مش مصدق إني بتصل بيك خصوصًا بعد آخر مرة شوفتني فيها مِن تَلت سنين، كل دا مش مهم دلوقتي هتعرفه بعدين انا دلوقتي عايزك فـ حاجه أهم بكتير»
كان “علي” مازال مصد.ومًا وكأن أحدًا قد قام بضر.به على رأسه بـ عصـ ـا حـ ـديدية جعلته يفقـ ـد حاسه الإد.راك والنطـ ـق معًا، فمازال يتذكر آخر مرة رأىٰ بها “عـزام” وسَمِعَ صوته كانت منذ ثلاث سنوات مضت وبعدها أختـ ـفىٰ تمامًا وكأن ليس لوجوده أ.ثر مِمَّ جعله يصا.ب بالجـ ـنون حينها وقد قام بقلـ ـب القاهرة بأكملها رأسًا على عقب حتى يأتي بهِ ولَكِنّ كان الفشـ ـل حليفه حينها
«”علي” مش وقتك دلوقتي خالص انا بكلمك بخصوص ابن عمك “يزيد” دلوقتي»
أستطاع جذ.به مِن قو.قعة أفكاره وصد.مته حينما ذكر أسم “يزيد” مِمَّ جعله ينتبـ ـه إليه ويهتف بنبرةٍ مهتـ ـزة وعقله مازال مشو.شًا أ.ثر الصد.مة التي تلقا.ها منذ قليل على يد هذا الصا.رم
«”يزيد؟، ماله، وعرفت إيه عنه قول» تبد.لت نبرته في لمـ ـح البصر حينما أنـ ـتبه إلى ما يحدث حوله وقد عاد إلى شخصيته المعهو.دة مرةٍ أخرىٰ منتظرًا سماع حديث الآخر على أحـ ـر مِن الجمـ ـر
«انا عرفت إن “يزيد” مقبو.ض عليه ومحكو.م عليه بسـ ـبب قضـ ـية أتلـ ـفئتله، المهم دلوقتي انا قدرت أوصل لـ “يزيد” بمعرفتي وعايز أقولك تقول لـ “حُـذيفة” يتصرف فـ أسرع وقت ويخر.ج أخوه، “يزيد” تـ ـعبان أوي جوه وواكل ضـ ـرب غير طبيعي وشكله صعـ ـب أوي لازم تتحر.كوا انا مش عارف أزاي مش عارفين تخرجوه لحد دلوقتي وتجيبوا دليل براءته مستنيين إيه مش فاهم، ربنا يستر أصلًا وميكونش حصل لـ “يزيد” حاجه دول معذ.بينه ومقـ ـطعين جـ ـسمه يا “علي”»
ألقـ ـىٰ إلى ما بجبعته د.فعةٍ واحدة والغـ ـضب سيطـ ـر على نبرة صوته حينها فقد أستطاع الولوج إليه والجلوس معه والاستفسار على ما حدث إليه ليُصد.م حينما أخبره “يزيد” ما يحدث معه كل ليلة وما يتلقا.ه على أيديهم، وحينها بدأ الشـ ـك يحو.م حول فؤاده والتأكد أن ثمـ ـة طرفًا آخر هو مَن يتحكم في ز.مام الأمور وهو مَن يُعطيهم الأوامر
أما عن “علي” فلا داعي لذكر ما أصا.به، يُشبه مَن تلـ ـقىٰ ضـ ـربة الغد.ر الممـ ـيتة، حديث “عـزام” كان إنذ.ارًا إليه لـ يُيـ ـقن أن الأمر لن يمر بسلام على الجميع، أنتفـ ـض في جلسته ليأخذ أغراضه سريعًا ويتحرك إلى موقع سيارته عاز.مًا على إحر.اق الجميع وكل مَن تسـ ـبب في إيذ.اء هذا البر.يء
_______________________
«”ضُـ ـرِبَت رو.حه في مقتـ ـلٍ”»
وصل “حُـذيفة” إلى مقره وهو يسابق الرياح في سر عتها، توجه مباشرةً إلى وجهته ليرىٰ الآخر ينتظره وهو يدور حول نفسه والتخـ ـبط با.ديًا على معالم وجهه، تقدم مِنهُ مسرعًا والشـ ـر يتقافـ ـز مِن مُقلتيه، رأه الآخر الذي تهـ ـللت أساريره وهتف بتـ ـلهفٍ وقال:
«أخيرًا يا عم إيه كل دا بقىٰ دا أتفاقنا؟»
تجا.هل “حُـذيفة” حديثه الفا.رغ ذاك مِن وجهة نظره ثم قال بنبرةٍ حا.دة وغا.ضبة:
«مش وقتك أخويا فين؟»
«تعالى معايا بس متعملش صوت محدش يعرف حاجه»، أنهـ ـىٰ حديثه وهو يتجه نحو تلك الغرفة ولَحِقَ بهِ “حُـذيفة” وهو متلـ ـهفًا لرؤية أخيه وولده الحبيب الذي أطا.حت بهِ الدنيا دون هوادة، كلما أقترب كلما زا.دت نبـ ـضات قلبه علوً.ا وكأنه في إحد.ىٰ السباقات الها.مة وتوجب عليه الفوز، توقفا أمام الباب الفا.صل بينهما وبينه وهُنا شعر “حُـذيفة” أنه لا يستطيع الصمو.د أكثر مِن ذلك، يوَّد أقتحا.م تلك الغرفة ورؤية أخيه الحبيب
فتح الآخر الباب بهدوءٍ ليرىٰ “حُـذيفة” الظلا.م الدا.مس يقابله، ولج الآخر وقام بالضـ ـغط على ز.ر المقبـ ـس المتواجد في إحدى أركان الغرفة ليُنير المصباح ذو الإضاءة الضعيـ ـفة الغرفة ويظهر أمامه أخيه “يزيد” الذي كان مازال على سابق عهده ينكـ ـس رأسه أرضًا ود.ماءه على كنزته البيـ ـضاء التي تلطـ ـخت بهِ وكذلك بقـ ـع الد.ماء الصغيرة متسا.قطة على سـ ـطح أرضية الغرفة
جحـ ـظت عينيه بصد.مةٍ كبيرة وهو يرىٰ ما لم يتو.قعه يومًا أن يراه، يرىٰ أخيه على تلك الحالة المؤ.لمة التي جعلت الأ.لم يعـ ـصف بجـ ـسده ويحو.م حول فؤاده الذي شعر أن الأ.لم يعتـ ـصره دون رحمة، جـ ـسده تصـ ـلب وجعله يشعر أنه لا يستطيع الحـ ـراك أو النطـ ـق ببعض الكلمات البسيطة، كم تمنىٰ المو.ت في هذه اللحظة بدلًا مِن أن يراه بهذه الحا.لة، كم شعر بالعجـ ـز والأ.لم أمام هذا المو.قف الذي جعله يشعر بالضعـ ـف الشـ ـديد
بينما “يزيد” لَم يستطع ر.فع رأسه والنظر إلى الزائر فبالتأكيد هو فردًا جديدًا جاء لإكمال حـ ـفل التعذ.يب ذاك على جـ ـسده الذي خا.رت قو.اه وضـ ـعف بشكلٍ ملحوظ، بدأ يـ ـئن و.جعًا علّه يجعل القابع أمامه ير.أف بحاله وألا يُكمل وصلة تعذ.يبه على جسده الذي أصبح أي مكانٍ بهِ يؤ.لمه، شعر بهِ تخد.ر وفقد حاسه الشعور على أياديهم، لا يعلم ما الخـ ـطأ الفا.دح الذي أقتر.فه ليكون هذا العقا.ب القا.سي عقا.به، ألا يعلمون أنه حفيد “اللواء ليل سالم الدمنهوري”، حسنًا أين الأد.لة التي تُثبـ ـت إتها.مه بتلك التـ ـهمة الكبيرة، ألا يعلمون أنه يعلم الحلا.ل والحرا.م، ألا يعلمون أن شقيقه شيخٌ يُحدثه كل يوم عن د.ينه وتعا.ليمه حتى لا يسـ ـقط في مثل تلك الفـ ـتن
سَمِعَ صوت أقدام الآخر تقترب مِنه ليهـ ـتز جـ ـسده بشكلٍ ملحوظٍ وبدأ يُهـ ـيئ جـ ـسده لتلـ ـقي المزيد مِن الضر.بات العنـ ـيفة دون رأ.فة والآن تذكّر “يزيد” حديث أخيه حينما حا.دثهُ عن الرحمة التي تنـ ـتزع مِن قلوب بعض البشر الذين تظهر عليه القسو.ة لتصبح الر.حمة منتز.عة مِن أفئد.تهم وهُنا نتذكّر تلك الآية الكريمة ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ﴾
جلس على ركبتيه أمامه بجسـ ـدٍ مترا.خي وهو ينظر إليه بعد أن ألتمعت العبرات داخل مُقلتيه يرىٰ أخيه الصغير بهذه الحالة المؤ.لمة، مـ ـدَّ كفه ووضعه أسفـ ـل ذقنه يرفع رأسه برفقٍ إليه ليظهر وجهه الوسيم الذي كان يغـ ـطيه الجر.وح والد.ماء وبعض الكدما.ت المتفر.قة واحدة بزاوية شفتيه وأخرىٰ أسفـ ـل عينيه، لقد قاموا بتشو.يه وجهه الجميل ود.فنوا روحه حيـ ـة دون ر.حمة، بينما نظر “يزيد” إلى أخيه وهو يشعر أن عقله يُصور إليه تواجده بجواره لكثرة تمنيِه بجواره في تلك اللحظات الصعـ ـبة والمؤ.لمة
شعر بترا.خي عضلات جسـ ـده ولاحت أبتسامة خفيفة للغاية تكاد لا تُرىٰ بعد أن شعر بد.فء كفي أخيه يحاو.طان وجهه وفي هذه اللحظة أصا.بت القشعريرة جسده وشعر أن غْـوثه قد جاء في ميعاده لإنقا.ذه مِن قسو.ة تلك الو.حوش وشـ ـرهم
«”حُـذيفة”»، نطق بها “يزيد” بنبرةٍ مؤ.لمة وو.اهنة وهو ينظر إليه يتأكد مِن أنه أمامه بالفعل، يتمنىٰ ألا تكون تهيؤ.ات مِن عقله الباطـ ـن يكفيه ما هو عليه الآن لقد رأىٰ قسو.ة الحياة الحقيقية طوال العشرون يومًا التي مضت، كل ما يريده الآن عناق أخيه إليه وطمئنته أنه لن يتركه وير.حل مهما حد.ث
«انا موجود يا حبيبي، انا موجود ومعاك أهو، متخا.فش أقسم بالله العلي العظيم ما في إيد هتتمـ ـد عليك تاني طول ما انا عايش، على جثـ ـتي لو إيد أتـ ـمدت عليك، غْـوثك بقىٰ معاك ومش هيسيبك مهما حصل»
أنهـ ـىٰ “حُـذيفة” حديثه ثم سار.ع في ضم أخيه إلى د.فء أحضانه ممـ ـسّدًا على ظهره بر.فقٍ شـ ـديدٍ ليسمع أ.نينه المتأ.لم فور أن لامس كفه ظهره الذي كان يد.مي، شعر “حُـذيفة” بتشـ ـنج عضلا.ت جسـ ـده فور أن رأىٰ أخيه يتأ.لم ويتعذ.ب بهذه الو.حشية، لقد جُـ ـن جـ ـنون البشر وأنتز.عت الر.حمة مِن قلوبهم، سقـ ـطت عبراته على صفحة وجهه وهو يمسّد على خصلاته البُنية وهو يعتذر إليه على تأ.خره فمنذ ذاك اليوم وهو يبحث رفقة أصدقائه وأولاد عمومته عن دليلٍ واحدٍ يُثبـ ـت برا.ءته ولَكِنّ باتت جميع محاولاته فا.شلة فـ الجا.ني الحقيقي با.رع في إز.احة التُـ ـهم عن طريقه
ضم أخيه المكـ ـبل وكأنه عبدًا لديهم إلى أحضانه أكثر محاولًا التحلي بالهدوء لأجله أولًا والأحتفاظ بثبا.ته أمام العساكر وزملائه في العمل، فـ هو لا يُحبّ إظهار ضـ ـعفه وقلـ ـة حيـ ـلته إلى بشري، فقد يظهر إلى ربه الذي يعلم ما بداخله مِن صرا.عاتٍ وتخبـ ـطات لا نها.ية لها، شعر بعد لحظات بترا.خي جـ ـسد “يزيد” بين يديه وكذلك رأسه التي وُضِعَت على كتفه دون حراك، شعر “حُـذيفة” بالقـ ـلق عليه وبات الخو.ف يحو.م حوله ليحاول جذ.ب أنتبا.هه إليه بقوله:
«”يزيد”، “يزيد” انتَ سامعني يا حبيبي، “يزيد” مالك؟»
بات الخو.ف يتمـ ـلَّك مِن قلبه تزا.منًا مع أستماعه لصوت الآخر الذي قال:
«”يزيد” فقـ ـد الو.عي يا “حُـذيفة”»
هُنا وشعر بالهـ ـلع على أخيه ليبتـ ـعد عنه فورًا ينظر إليه ليراه بالفعل فا.قدًا للو.عي تمامًا لا أستجا.بة إلى محاولات الآخر الذي كان يُحاول إفا.قته دون أستجا.بة، ضمه مرةٍ أخرىٰ إلى أحضانه وأخذ يصر.خ بالآخر بنبرةٍ غا.ضبة بقوله:
«واقـف بـتـعـمـل إيـه، أتـحـرك بـلـ ـغـهـم “يـزيـد” فـقـ ـد الـو.عـي لازم يـتـنـ ـقـل الـمـسـتـشـفـى فـ أسـرع وقـت، أتـحـرك يـلَّا»
ر.كض الآ.خر على صر.خاته يقوم بـ إبلا.غ سيده حتى يتم إلحا.ق ذاك المسـ ـكين الذي أستـ ـسلم لكل شيءٍ حوله بعد أن فقـ ـد السيطرة في تحمله قسو.تهم وو.حشيتهم تلك، بينما نظر إليه أخيه بـ عينين ملتمعتين وهو يتر.جاه أن يتحمل قليلًا لأجله فهو لا يستطيع العيش بد.ونه إنه رو.حه التي يعيش لأجلها وأخيه الوحيد الذي يحا.رب العالم لأجله الآن، لثم جبينه بـ قْبّلة حنونة وهو يضمه داخل أحضانه ويدعو إلى المولى عز وجل أن يحفظه وير.حمه مِن عذا.ب البشر الذين أنتز.عت مِن أفئد.تهم الر.حمة
_________________________
«”لا شيء يصـ ـعب على المرء، فهناك رب العالمين”»
كان يجلس بجوار ولده الذي كان يستند بظهره على الوسائد الموضوعة خلفه يتحدث في الهاتف مع أحدّ أصدقائه يطمئنه أنه بخير مثل كل مرة يذهب إلى المستشفى لتلقـ ـي جر.عته الجديدة بعد أن ر.فض أقتراح الطبيب في مكو.ثه داخلها لتلـ ـقي تلك الجر.عات، نظر إليه “معاذ” بهدوءٍ ليراه يجاهـ ـد لإخراج صوته والتحدث فهو مازال مـ ـتعبًا وآثا.ر الجر.عة مازال تفاعلها مستمر داخل جسـ ـده
أنهـ ـىٰ مكالمته أ.خيرًا وهو يزفـ ـر بعـ ـمقٍ ينال قسطًا مِن الراحة بعد أن شعر وكأنه يحا.رب العالم وليس التحدث بعدة كلماتٍ بسيطة عبر الهاتف، نظر إلى والده الذي يراه شا.ردًا ولأول مرة مِمَّ جعله يتعجب فهو يتذكر أنه لَم يرىٰ والده شا.رد الذهن هكذا، وضع كفه على كف والده وضغـ ـط عليه برفقٍ كي يجذ.ب أنتبا.ه الآخر الذي نظر إليه دون أن يتحدث
«أول مرة أشوفك سر.حان بالشكل دا، مش واخد عليك هادي كدا يا “بابا” بصراحة حاسس إن في حاجه مش صح بتحصل انا مش دريان بيها، مالك سرحان كدا ليه حدّ ضا.يقك؟»
أنهـ ـىٰ حديثه متسائلًا وهو ير.مقه بقـ ـلقٍ واضح فـ بالفعل هذه هي أول مرة والأمر مر.عبًا بالنسبة إليه، فيما أز.درد الآخر لعابه ونظر إليه هاتفًا بنبرةٍ هادئة صادقة:
«محدش يقدر يضا.يقني، ولا حدّ يقدر يز.علني غيرك يا “فادي”»
تفا.جئ “فادي” كثيرًا ليستمر في النظر إليه دون أن يتحدث منتظرًا سماع المزيد دون أن يقا.طع والده، بينما أكمل “معاذ” حديثه حينما قال بنبرةٍ هادئة مثل سابقتها:
«لمَ بشوفك رايح تاخد جر.عة الكيما.وي قلبي بيو.جعني، بتمنا.ها فيـ ـا بدل ما تكون فيك انتَ، انا حياتي كلها متمر.كزة فيك انتَ واخوك، مبقدرش أشوف واحد فيكم فيه حاجه بتو.جع أوي، وأول ما بتر.جع وجـ ـعي بيز.يد أكتر بحس إني عاجـ ـز على إني أساعدك، انا مش فا.رق معايا حاجه قدك، فد.اك كل فلوسي مش عايزها قصاد بس إني أشوفك بخير وزَّي الفُل، عافـ ـر وكمل اللي بيعافـ ـر ويواجه بيوصل يا “فادي”، صدقني بيوصل، الرحلة فردية انا عارف وصـ ـعبة وانتَ تعـ ـبت بس ربنا رحمته واسعة، حبة صبر كمان وعز.يمة وكل حاجه هتبقى أحسن، ربنا كان قادر يخـ ـلق الدنيا دي فـ يوم وليلة، بس حبّ يعلمنا الصبر، لازم يبقىٰ عندنا صبر وإيمان بيه وطالما أستعانت بيه فـ أتطمن، ربنا مبيخـ ـذلش عبد ظن بيه خير أبدًا»
كان “فادي” يستمع إليه بهدوءٍ دون أن يقا.طعه وهو يشعر أنه كان يريد رؤية مَن يهتـ ـم لأمره غير زوجته التي نالت مِن التعـ ـب والإر.هاق ما يكـ ـفيها، فمنذ أن أُصـ ـيب بهِ وهي تحمل كل شيءٍ على عا.تقيها دون أن تتحدث أو تشـ ـكو، وأدرك الآن أن “فيروزته” لا تليـ ـقُ إلا بهِ وحده، والآن يرىٰ حز.ن والده عليه وإخباره عن مدىٰ حُبّه إليه وتعـ ـلُقهِ بهِ
أعتدل “فادي” في جلسته ثم وضع رأسه على كتف والده الذي ضمه إلى أحضانه مثلما كان يفعل معه وهو صغير، بينما قام “فادي” بمعانقة والده حينما قام بـ لف ذراعيه حوله ينعم بد.فء أحضان والده وهو يشعر بالسعادة والطمأنينة
«انا بحبّك أوي يا “بابا”، ومِن غير ما تقولي حاجه انا عارف كل حاجه، مش لازم الإنسان يتكلم وياخد رد.ود أفعا.ل عشان يثبـ ـت للي قدامه أنه خا.يف عليه أو بيحبّه أو أي مسمىٰ مِن المسميات دي، نظرات العيون فَضَّا.حة بتتكلم أكتر مِن اللسا.ن وبتعبَّر عن كل حاجه، وانا عارف كل حاجه يا “بابا” مِن غير ما تقولي، مش عايزك تخا.ف عليا انا إن شاء الله هخـ ـف وأبقىٰ كويس، كفاية وجودكم معايا دي عندي بالدنيا واللهِ»
كان “فادي” صادقًا في حديثه بالفعل، لَم يخد.ع والده ببعض الكلمات الزا.ئفة بل أتخذ الصدق منهجًا في حياته ولذلك الجميع يحبّه، أبتسم “معاذ” الذي ألتمعت العبرات داخل مُقلتيه ثم شـ ـدد مِن عناقه إلى هذا الوسيم الذي كان نسخته المصغرة، يأخذ درجة بشرته البيـ ـضاء وأبتسامته الجميلة وخصلاته النا.عمة ومعالم وجهه التي كانت بشوشة بالإضافة إلى حِـ ـدة معالم وجه “فادي” التي قد ورثها مِن جده
تعا.لت الطرقات على باب الغرفة ثم ولج “عـز” بعد أن أخبرته “فيروز” أن “فادي” يلتزم الغرفة خاصته منذ تلقيه جر.عة الكيما.وي، نظرا إليه سويًا ويا لهذه اللحظة التي هي مـ ـرعبة للآخرين حينما تنظر إليك المُـ ـقل وتلك الأوجه المتشا.بهة وكأنهما نسخة من مصغرة مِن بعضهما، تقدم مِن مكتبه يضع حقيبته عليه بعد أن ألقـ ـىٰ عليهما تحية المساء
«مالك يا “عـز” داخل مكشـ ـر ومش طا.يق نفسك كدا ليه؟»، نطق بها “معاذ” الذي كان مازال على وضعيته ينظر إلى الآخر الذي كان متجـ ـهم الوجه
«مفيش حاجه يا “بابا”»، كلماتٍ بسيطة تو.اري خلفها كوا.رث كبيرة لا أحدّ يعلم عنها شيئًا سوىٰ صاحبها، فيما نظر “معاذ” إليه بأستنكا.رٍ شـ ـديدٍ ثم نظر إلى “فادي” الذي أبتـ ـعد عن أحضانه يعتدل في جلسته ينظر إلى أخيه الذي كان يقوم بتو.صيل هاتفه بـ شاحنه الخاص وكذلك حاسوبه الخاص بدراستهِ
«مالك يا “عـز”، انا عارف إنك فيك حاجه وعارف إنك مبتخـ ـبيش حاجه عليا، تعالى كدا أقعد وقولي راجع مضا.يق أوي كدا ليه ومش طا.يق نفسك»
أنهـ ـىٰ “فادي” حديثه وهو ينظر إلى الآخر الذي وجد أن أخاه قد حا.صره ولا مفـ ـر للهر.ب، د.ام الصمت بينهما قليلًا قطـ ـعه “معاذ” الذي أستعد للنهوض عندما شعر أنه حا.ئلًا بينهما ليتو.قف حينما منـ ـعته يد “عـز” الذي قال:
«عمرك ما هتكون عا.ئق بيني وبين أخويا، انا بس بحاول أدوَّر على حجج تعبا.نة أتحجج بيها بعد ما ابنك قـ ـفل عليا كل حاجه»
نظر إليه “معاذ” ليجلس مِن جديد وهو يراه يجلس أمامهما وهو يزفـ ـر بضـ ـيقٍ واضحٍ محاولًا التحلي بالهدوء حتى لا يد.مر المكان حوله بسـ ـبب ما حد.ث معه في جامعته التي بات يمقـ ـتها مؤ.خرًا
«زَّي ما أنتوا عارفين الفترة دي بمتحن الميدترم عملي عشان بعد شهر الفاينل وكدا، المهم كان عندي أمتحان النهاردة تشر.يح وانا واللهِ العظيم اللي عُمري ما حلفت بيه كد.ب رايح مذاكر والدكتور قايلنا إن إحنا اللي هنحط درجاتنا لنفسنا وهيشوف كل طالب بيعمل إيه، المهم انا بدأت ومركز جدًا وعايز بجد أنجح حتى لو هتـ ـقع مِني درجات بس تكون بسيطة يعني معقولة المهم هو سا.ب كل الطلبة ومفضلش وا.قف غير عليا انا وانا أتو.ترت أوي وتركيزي أتشـ ـتت وغـ ـصب عنّي غـ ـلطت في جزئية معينة فـ كأنه مصدق بقىٰ و.قعت، فـ الآ.خر لقيته مديني نص الدرجة ومش قادر أوصفلكم شعوري كان إيه وقتها انا كُنْت بغـ ـلي بمعنى الكلمة وحاسس إني هتجـ ـلط طول ما انا فـ الطريق مع العلم إن غـ ـلطة زَّي دي مش بـ نص درجة الامتحان مستـ ـحيل»
«طب وانتَ ليه مطلـ ـعتش على العميد وقولتله اللي حصل خصوصًا إنه كدا مستقـ ـصدك»، نطق بها “فادي” بنبرةٍ هادئة ليرىٰ إنفعا.ل أخيه الذي خرج د.فعة واحدة دون هو.ادة وكأنه ينتظر سماع تلك الكلمات حتى يثو.ر ويُخرج ما في جـ ـبعتهِ علّه يهـ ـدأ ولو قليلًا
«هيقولي إيه خلاص درجة وأتحطت والغـ ـلط هيتحط عليا انا وهيقولي لمَ تتخرج وتجيلك حا.لة وتتحـ ـط تحت ضغـ ـط هتعمل إيه، “فادي” يا حبيبي الناس عندها مليون ردّ يعـ ـجزوك مكانك ومبر.رات فا.رغة ملهاش لاز.مة، انا أقسم بالله ما مرعو.ب غير فـ المواد بتاعته عشان هو مِن أول السنة مستقـ ـصدني وعايز يو.قعني وخلاص أكمني شاطر وبجاوب على طول وكل درجاتي عا.لية، انا بجد مخنو.ق أوي وخا.يف مع إني بحبّ التشر.يح بس أول مرة أخا.ف مِنُه كدا بجد، انا عايز أنجح مفاضليش فيها غير سنة نفسي تعد.ي خا.يف أوي»
أستشعر “معاذ” خو.ف أبنه الصغير الذي كان يعـ ـض على أصابعهِ خو.فًا مِمَّ هو مقبلٌ عليه، مـ ـدَّ كفه وربت على فخـ ـذه برفقٍ مطمئنًا إياه بقوله الهادئ:
«طول ما انتَ مأ.ثرتش وعملت اللي عليك وزيادة يبقىٰ متخا.فش مِن حاجه، أعمل اللي عليك وبس، النتيجة دي مش بتاعتي ولا بتاعته دي بتاعت ربنا، ربنا بيدي كل واحد الدرجة اللي يستـ ـحقها واللي بتكون نتيجة تعـ ـبه طول السنة، متخا.فش انا عارف إنك بتسعـ ـىٰ وبتحاول وعشان كدا انا سيبتك تختار المجا.ل اللي بتحبّه ومفر.ضتش عليك رأي عشان لو حصل حاجه هكون انا السـ ـبب إني دخلّتك حاجه انا عايزك فيها مش انتَ اللي عايزها، بس هر.جع وأقولك ربنا موجود ولو أتظـ ـلمت فـ الدنيا فـ أكيد مش هتتظـ ـلم فـ الآخرة اللي هي فـ الأساس دار الحـ ـق، متخا.فش تفائل وخلّيها على ربنا طالما عملت اللي عليك وزيا.دة خلاص مش هاجي انا يعني وأضغـ ـط عليك وأقولك لا وحو.ار، فـ ـك وتعالى أقعد معانا القاعدة حلوة مَصدقت “فادي” فا.ق وبقىٰ كويس»
في هذه اللحظة شعر “عـز” بـ الراحة بعد أن أستمع إلى حديث والده الذي طمئنه وبدل حاله كثيرًا، أبتسم إليه براحةٍ ثم نهض واقترب مِنهُ يعانقه بـ حُبٍّ شـ ـديدٍ، أبتسم “معاذ” ومسّد على ظهره برفقٍ بحنان ولثم وجنته بـ قْبّلة حنونة
«مش بحبّك مِن فراغ واللهِ يا حج، طمنت قلبي ربنا يطمن قلبك دايمًا»، نطق بها “عـز” بنبرةٍ هادئة وصدقٍ تا.م، فيما شعر الآخر بالسعادة ولذلك لَم يتحدث، جلس “عـز” مرةٍ أخرىٰ ونظر إلى “فادي” الذي أبتسم إليه ليمازحه الآخر بمرحٍ حينما قال:
«تصدق يا “فادي” شكلك حلو كدا، انتَ يا.ض طالع حلو ليه كدا بجد، دا يا بخت “فيروز” فعلًا إيه، ما تسيبلنا حاجه يا عم مش كدا»
ضحك “فادي” ومعه “معاذ” الذي أبتسم وبدأ الآخر يمازحه وسريعًا أندمجا سويًا في الحديث أسفل نظرات “معاذ” الذي كان ينظر لهما وهو مبتسم فـ برؤية ولديه يجاوران بعضهما البعض هكذا يطمئن قلبه وتكف رأسه عن الضـ ـجيج.
________________________
«”ضُـ ـرِبَ في مقتـ ـل”»
كان يدور حول نفسه في إحدىٰ طرقات المستشفى أمام باب غرفة الفحص القابع بها أخيه الصغير، الخو.ف ينهـ ـش قلبه دون رحمة وكأنه أقسم على تعذ.يبه متلـ ـذذًا برؤية الخو.ف يحو.م حوله، وبعد القليل مِن الوقت خرج “الطبيب” ليلتفت إليه الآخر سريعًا مند.فعًا بقوله:
«خير يا دكتور طمني على أخويا»
«أتفضل معايا»، نطق بها “الطبيب” بنبرةٍ هادئة متوجهًا إلى مكتبه ليلحق بهِ “حُـذيفة” وهو لا يفهم شيء والخو.ف واضحًا على معالم وجهه، جلس على المقعد الموضوع أمام مكتب “الطبيب” وهو ينظر إليه ليرىٰ الآخر ينظر إليه وتحدث بنبرةٍ هادئة قائلًا:
«واضح إن الأستاذ “يزيد” ممـ ـتنع عن الأكل مش كدا؟»
حرك “حُـذيفة” رأسه برفقٍ وهو حقًا لا يعلم ماذا يقول فبالتأكيد آخر بحالته تلك مِن المؤكد أنه ممـ ـتنع عن الطعام، صمت “الطبيب” لحظات ثم أكمل حديثه وقال:
«الأستاذ “يزيد” أخوك لمَ عملناله فحو.صات وأشعة لقينا إنه عنده مشا.كل فـ الأ.معاء، وعنده حالة فقد.ان شـ ـهية، وعنده أنيميا حا.دة، الأنيميا لوحدها كا.رثة خصوصًا لو كانت حا.دة، فـ حالة أخوك لازمله حُـ ـقَن، بس مع وجود مشا.كل فـ الأمعاء الدنيا با.ظت خالص»
«انا أخويا عنده إيه بالظبط يا “دكتور”؟» نطق بها “حُـذيفة” بنبرةٍ هادئة متسائلة وهو ينظر إلى الطبيب الذي تنهـ ـد بهدوءٍ وقال:
«بُص يا “حُـذيفة” انا مش هكد.ب عليك، أخوك عنده مشا.كل فـ النخا.ع العـ ـظمي، يمكن الموضوع بان دلوقتي بعد ما حصلت تطورات والوضع أصبح متخذ منحد.ر الخطو.رة، أخوك باين عليه تعبا.ن أوي ومع الضغـ ـط والتعذ.يب اللي أتعر.ضله الوضع زا.د سو.ءً، أخوك لازم يدخل عـ ـمليات، لازم يعمل عملـ ـية زر.ع نخا.ع، وطبعًا لازمله متبر.ع مِن الدرجة الأولى واللي بيكون حدّ مِن الأخوات»
«وهو لازم يسافر بره ويعملها؟»، نطق بها “حُـذيفة” متسائلًا وبات الخو.ف والقـ ـلق با.ديان على معالم وجهه بشكلٍ ملحوظ خصيصًا حينما ظهر الإضطـ ـرب على نبرة صوته
«لا خالص إحنا ممكن نعملهاله هنا المستشفى فيها تيمز على مستوىٰ عا.لي وخبرة مفيش أي داعي للسفر بره أو الخو.ف» نطق بها “الطبيب” مبتسم الوجه يطمئنه، فكر الآخر لبضع دقائق قبل أن يتخذ القرار وينظر إلى “الطبيب” قائلًا:
«انا هكون المُتبر.ع يا “دكتور”»
________________________

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *