روايات

رواية صرخات أنثى الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم آية محمد رفعت

رواية صرخات أنثى الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم آية محمد رفعت

رواية صرخات أنثى البارت الرابع والثلاثون

رواية صرخات أنثى الجزء الرابع والثلاثون

صرخات أنثى
صرخات أنثى

رواية صرخات أنثى الحلقة الرابعة والثلاثون

تبلد قاتل يزحف لجسدها فأفقدها القدرة على الحركة تدريجيًا، تمدد جسد “فاطمة” على الفراش تاركة تلك الغمامة القاتلة تستحوذ على جسدها بكل ما تمتلكه من قوةٍ، أغلقت عينيها الباكية باستسلامٍ رغم معافرتها لعدم اغلاقها، ولسانها مازال يخفق دون توقف:
_علي… علي تعالى متسبنيش ليهم يا علي!
فقدت سيطرتها على جسدها بشكلٍ نهائيًا لتصبح كالمقيدة تشاهد ما يحدث برضوخٍ تام، ها هم الثلاثة وجوه يلتفون من حولها ، مثلما التف “عمران” و”علي”و “نعمان” بالخارج، يتشاجرون بعنفٍ بالغ على من يكون أول من يحصل على تلك النقية التي لم يمسها رجلًا قط، تعود لترى نفسها مقيدة بعجزٍ على سريرٍ حديدي وعينيها المحتقنة من البكاء تتوزع بينهم بتوسلٍ أن يرحموا ضعفها وبرائتها.
الشجار العنيف فقط هو ما تستمعه، مقايضات بينهم وتفاوضات ليحظو احدهم بالمرة الاولى، وبعد نصف ساعة من الجدال والاتفاقات على زهاق روحًا طاهرة عفيفة، اعتدى أولهم عليها اعتداء وحشي انتهكت فيه برائتها وذُبحت فيها لمرتها الأولى.
أغلقت عينيها باستسلام لمصيرها وأخر ما تحتفظ به وجه كل شخصٍ منهم، حتى اجتمع ثلاثتهم من حولها يتطلعون لها بانتصار لما أقترفوه بتلك المسكينة..
هزت رأسها المتعرق رافضة تواجدها بغرفة الذكريات القاتلة، تختبئ بالخلف وهي تشاهدوهم يعتدون على جسدها المقيد بالسرير بعدما انفصلت روحها عنه، يدها تكبت شهقاتها ظنًا من أنهم سيستمعون لها وينتبهون لوجودها فتذبح روحها هي الاخرى مثلما ذُبح جسدها.
انتفاضة فالاخرى وجسدها يرتعش كالغريق، تشعر وكأنها ستفارق الحياة في أي لحظة، فسقطت أرضًا تنزوي بأحدى الأركان، تضم ساقيها لصدرها وتبكي دون توقف إلى أن أتاها صوتًا من بعيدٍ يناديها بقوةٍ:
_فطيمـــــــة.
نغز قلبها بنغزة أعلمتها بأنها تعرف صاحب هذا الصوت قلبًا وقالبًا، فنهضت عن الأرض تحاول تتبع الصوت وهي تردد ببكاءٍ:
_علــي…. علـي ساعدني!
يد حنونة تزيح قطرات عرقها وصوتًا رجوليًا دافيء يخبرها:
_أنا جنبك وايدي في ايدك يا فطيمة… فوقي اللي إنتي شايفاه ده حلم مش حقيقة.. افصلي نفسك عنه وافتحي عيونك!
انقطعت انفاسها المحتبسة بصدرها، وتلوى جسدها الذي يحاول الحصول على الخلاص، فارتعب علي ورفعها إليه جالسًا من خلفها يحيطها بكلتا يديه إليه وهو يعود لحديثه:
_حبيبتي أنا جنبك مستحيل حد يأذيكِ وأنا حي.. افتحي عيونك هتلاقيني جنبك وحواليكي ومش هتلاقي وجود لأي حد غيري.
وتابع حينما لم تهدأ اضطراب أنفاسها:
_ثقي فيا زي ما اتعودتي.. أنتِ هنا معايا وفي حضني اللي مفيش مخلوق على وجه الأرض يقدر يطولك فيه… افتحي عينك يا فطيمة.
البرودة تتسلل لأطرافها، تزداد حالتها سوءًا بدرجة جعلته يفطن بأنها أبشع النوبات التي تتعرض لها، شعوره بالعجز جعله يضم وجهها بيديه وهو يترجاها بتوسلٍ حزين:
_فوقي يا فاطمة عشان خاطري… أنا آسف اني سبتك لوحدك كل ده مش هعملها تاني صدقيني!
ومرر يده بين خصلات شعرها وهو يقربها لصدره عسى رائحته المحببة لها تعيدها إليه، ولكنها مازالت متيبسة بين يديه تردد ببكاء:
_متسبنيش ليهم يا علي.. متسبنيش!
جذبها لأحضانه يضمها بكل ما فيه هامسًا بصوتٍ اخنقته دموعه العزيزة:
_على عيني اللي حصلك يا قلب علي… يا ريت الزمن يوقف بينا ويرجع من تاني أقسملك ما كنت هخلي مخلوق يمسك بشر.. كنت هحارب الكون كله عشانك يا فاطمة من أول خطيبك الحقير لحد الكلاب اللي اتسببولك في اللي انتي فيه ده.
واستطرد بتوسل وهو يقبل جبينها بعشقٍ:
_ارجعي لوعيك عشان خاطري… يهون عليكي وجع قلبي يا فطيمة؟ … افتحي عيونك!!
ومدد ساقيه ليتمكن من السيطرة على جسدها الماسد بين يديه، فأدارها إليه وضم وجهها بيديه يهزه بعنفٍ وصرامة:
_اسمعيني انتي هتفتحي عيونك حالًا ومش هتخليني ألجئ للمهدئ تاني… هتقومي وهتلاقيني هنا جنبك وهتتأكدي إن اللي في دماغك وهم مالوش مكان غير في مخيلاتك.
وسيطر على دموعه بقوةٍ وهو يهزها بنبرة آمرة:
_افتحي عينك يا فاطمة حالًا!
رفرفت بأهدابها على مهلٍ حتى تحررت من ظلام مقلتيها، فكان وجهه أول من قابلها، سحبت “فاطمة” عينيها للغرفة وهي تنسحب للخلف بفزعٍ، تراقب كل زواية لتتأكد بأنهم ليسوا هنا بالفعل.
استكانت حدقتيها بلقاء رمادية عينيه الدامعة، ففرق ذراعيه فاستجابت له وانزوت فيه وإليه!
شملها “علي” بين أحضانه وأعصابه مازالت ترتعش نافرة عن جسده لما خاضه ليجعلها تستعيد وعيها، فهتفت بصوت مبحوح:
_علي أنا كنت خايفة متجيش وتسبني ليهم يا علي.
ربت على رأسها ومازال شاردًا بالفراغ، جسده منهك للغاية، يشعر وكأنه هو الذي سيفقد وعيه الآن.
افتقدت لصوته الغائب عنها منذ عودة وعيها فنادته بقلقٍ ورأسها مستكين على صدره بتعبٍ:
_علي!
طال غياب صوته الدافيء، لا يصل إليها سوى صوت أنفاسه العالية، ابتعدت عنه واعتدلت بجلستها تتطلع له بذهولٍ يزداد مع كل دمعة تراها تنهمر من عينيه الشاخصة بالفراغ!!
بكت فاطمة بصدمة وحركته بتأثرٍ:
_علي!!!!.
رمش بعينيه وتمعن بها فوجدها تراقبه بخوفٍ وقلق ينهشه بعتاب نظراتها المستكشفة لحزنه، بدى حائرًا بما يقتحم رأسه بتلك اللحظة، ولم يجد سوى المجازفة ترحب به،فدنى منها وعينيه لا تفارق خاصتها، يعوض خوفه بها وحينما وجد يدها تتعلق برقبته أحاطها بفيضٍ من شوقه الجارف.
أزاح اسدال صلاتها وعينيه لا تفارق عينيها،يحاول أن يستشف أول خطواته بالنيل من هاجس خوفها، ترك عاطفته تعبر لها عن حبه البريء الذي لا يطمع بها جسديًا، يدفن شهواته بكل ما يملكه من قوة صبر ليجعلها لا ترى الا نظرات عينيه الدافئة التي لا تفارق عينيها بالرغم من أنها الآن باتت بين ذراعيه كأي زوجة.
أراد أن يحطم الصورة التي تكونت بعقلها عن شكل العلاقة بين أي راجل وامرأة بعدما نجح هؤلاء الاوغاد بترك تلك الصورة تزدهر بعقلها، فلجئ “علي” لطريقته هو ليعاونها على رسم صورة أخرى تنافس ما تُركت لها بقوة تجعلها تتمزق ولا تعود لمخيلتها أبدًا.
كان يمارس أقسى مرحلة من انضباط النفس ومعشوقته التي تمناها بين ذراعيه، يحارب ويحارب ليجعلها لا تفارق عينيه الشغوفة بعشقها، يجعلها تعتاد على وجوده بحياتها بشكلٍ جديد يمهدها للقادم من مستحدثات بعلاقتهما، يعلم بأن الأمر ليس هين عليه ولكنه سيفعل أي شيء ليعاونها أن تمحو كل ذكرياتها وتبدأ معه هو من جديد.
خطفت فاطمة نظرة خاطفة لذاتها فجحظت عينيها صدمة وابتعدت عنه مرددة بخفوتٍ حرج:
_علي!!
دنى منها يوقفها عن التراجع، محيطًا وجهها بيديه يرفعه بقوة إليه، تقابلت عينيها معه من جديد وتحرر صوته المحتفظ ببحته المميزة:
_قولتهالك قبل كده اني مش فارق معايا أي شيء غير قلبك يا فطيمة… مش عايز غيره!
واقترب يستند بجبينه على جبينها هامسًا بعشق:
_ارمي كل حاجة ورا ضهرك ومتشوفيش غيري أنا… ركزي في تفاصيل حبنا وقصتنا اللي ابتدت من أول لقاء جمعنا في مصر.
وأغلق عينيه بقوةٍ يجابه انتفاضة قلبه من قربها إليه لهذا الحد:
_اللي فات مش بتاعنا يا فطيمة اللي جاي هو اللي ملكنا… أنا الحاضر ومستقبلك.. أنا كل ذكرى حلوة هتتحفر جواكِ للأبد.
وفتح رماديته يتفحص تأثير كلماته وقربه منها فوجدها تغلق عينيها بخجلٍ بعيدًا كل البعد عن النفور تمكن من تفسيره جيدًا، فناداها بلوعةٍ:
_فاطمة.
فتحت شمس عينيها تقابل سكنة عينيه الثابتة كسطوع القمر المحتل ليله المظلم بضيائه الباهي، وألماسته تنفلت على لسانه الناطق:
_بيقولوا إن كل طبيب نفسي بيحتاج كل فترة إنه يزور طبيب زميل ليه يسمعه وأنا مستكفي بعيونك هما طبيبي فبالله متحرمنيش من الراحة والسكينة اللي بحسها وأنا جواهم!
أدمعت عينيها تأثرًا بكلماته، فأجبرت لسانها على تحرر كلمة واحدة تشمل ردها على كل حرف خرج منه:
_بحبك يا علي.
سحب نفسًا مطولًا وعاد يستند على جبينها من جديدٍ، يخبرها:
_وده المهدئ لكل وجع جوايا.. ردديها في كل مرة تلاقيني فيها مهموم أقسملك هتلاقيني بتولد من جديد على ايديكِ يا فطيمة!
ابتعدت برأسها للخلف ففتح رماديته يراقبها باهتمامٍ، فوجدها تبتسم وهي تنخفض عنه لتضع رأسها على صدره باستحياءٍ.
اعتدل “علي” بمنامته ليمنحها نومة مريحة بعدما تسلل النوم إليها، ضمها إليه وهو يتنهد بوجعٍ يزيد من حدته كلما تذكر ما مر به برفقتها منذ قليل، كان على وشك خسارة كل تقدم أحرزه بحالتها مع تلك النوبة الشديدة التي لم يختبرها رفقتها من قبل، لا يعلم كيف تماسك ليعيدها من جديد، ولكنه ركز على ثقته وإيمانه بالله عز وجل وفي حبه الشديد المدفون داخل صدرها محتلًا قلبها، حركه وتركه يعاونه على استعادتها وها هو تعود له وهو يحرز هدفًا أخرًا حينما فتح معها باب أخرًا بعلاقتهما المعقدة، ومازال يأمل بأنها ستكون زوجة له بارادتها!
******
أغلق باب غرفته وتحرك للفراش غاضبًا من اتخاذ والدته قرارًا كهذا، لم يكن بالشخص الذي يرضخ لأحدٍ مهما فعل، تسلل له صوتًا خافتًا يناديه:
_عُمران.
استدار بجسده للخلف فوجدها تقف أمام الخزانة ترتدي كامل ثيابها حتى حجابها، تألم قلبه لرؤيتها تأخذ حذرها بما ترتديه حتى وهي بغرفتها، فأشار لها بالاقتراب منه.
جلست “مايسان” جواره فضمها إليه بقوةٍ:
_اقلعي اللبس ده واقعدي على راحتك مستحيل يكررها تاني يا مايا.
أومأت له بخفةٍ وبالفعل نزعت عنها الجلباب الأسود والحجاب فجذبها لتغفو جواره، التقطت نفسًا مطولًا وأخرجته على مهلٍ قائلة:
_عمران عشان خاطري نفذ الكلام اللي خالتو قالت عليه، خلينا تتفادى شره وأذاه ونعيش في سلام.. إنت مش محتاج للشركة دي في حاجة ما شاء الله شركاتك محققة نجاح ونص المشاريع اللي بتيجي على شركة العيلة بتيجي عشانك إنت.
جذب ذراعها يجذبها إليه يربت بعشق على ظهرها، قائلًا بنبرته الرخيمة:
_هعمل اللي يريحك يا مايا.. بس وربي لأدفعه تمن اللي عمله النهاردة ده وبالغالي أوي.
شددت من تعلقها به بفرحةٍ انتقلت إليه:
_أيوه كده تبقى حبيبي الطيب الكيوت اللي بيسمع الكلام.
ضحك بصوته الرجولي وصحح لها ساخرًا:
_قصدك كده حبيب قلب جوزه قرطسه ومفكر نفسه قادر يمشي كلمة عليه!
شاركته الضحك وتنعمت بنومها مجددًا بين ذراعيه وتلك المرة قد حرص عُمران على غلق باب غرفته بالمفتاح تحسبًا لوجود شقيق والدته الآرعن!
********
مطرقة عنيفة هوت على ظهرها تقسمه لمرتها الثانية، فنزعت أخر ما تبقى لها من السند العتي، نالت مطرقتها الأولى بفعل زوجها الراحل والآن حان الدور لأخيها ينال منها بأسوء الطرق.
انزوت على فراشها تضم يدها من حولها، تهز كفيها على ذراعيها دون توقف وكأنها تزيح برودة جسدها المتبلد، ساقيها لا تتوقف عن الاهتزاز ودموعها تنغسق على وجهها كغسق الأمطار في ليلة شديدة الغيوم، تحاول تهدئة نفسها ولكن دون جدوى تزداد أنفاسها بالاختناق ويحتقن داخلها أمل الاسترخاء.
التقطت آذنيها صوت دعسات حذائه الثقيلة تقترب منها، ومن قبل أن ترفع عينيها الزرقاء إليه تسللت رائحته التي سكنتها لأعوامٍ تجعلها تتعرف عليه من على بعد حتى وإن كانت تخوض ظلامًا قاتلًا.
انخفض بها الفراش المنظم قليلًا فعلمت بأنه يجلس قبالتها الآن، فزادت من انغماس عينيها للأسفل تتحاشى رؤيته فتنفضح دموعها وحالتها الضعيفة إليه.
أصابع قوية دُفنت بين أصابع كفيها الرقيق بسيطرةٍ تخضعها لوجوده جبريًا، وقبضته الاخرى تدفع جسدها إلى صدره، وجهه الآن يميل على رأسها مدفونًا بين خصلات شعرها القصير بسكونٍ زاد من ربكتها، صوته الآن يتحرر بنبرة مغرية خافتة:
_متحاوليش تخبي ضعفك عني يا فريدة.. ممكن تخدعي كل عيلتك وأولهم سالم لكن أنا لأ.. أنا مدفون جواكِ وفيكِ.. فاهم وعارف كل نظرة خارجة منك.. ومقدر طول الفترة اللي فاتت تحكمك في نفسك عشان تحافظي على علاقة نعمان بيكِ.
واسترسل يهون عليها ما قد تلقيه على عاتقها:
_إنتِ عملتي اللي عليكِ علشان تحافظي عليه بس هو اللي للأسف طمعه وجشعه خلاه كفيف عن أي علاقات ودية يا فريدة..
وتابع ومازال رأسه ينحني فوق رأسها:
_طول عمره كده مستحيل يتغير أبدًا.. كل اللي في دماغه يسيطر على الشركة الأم المسيطرة على فروع عيلة الغرباوي..زمان عمي وأبويا وقفوا قدام بعض عشان الشركة دي جدي قاطعهم وفارقهم لحد ما اترجعوا عن اللي في دماغهم واتنازل أبويا لأبوكي عن الشركة عشان ميخسروش بعض.. موقفك اللي عملتيه من شوية ده فكرني باللي حصل زمان فمتندميش على قرارك اللي اخدتيه يا فريدة بالعكس انتي أخدتيه متأخر أوي. . شخص زيه مينفعش يكون موجود في حياتك وبين أولادك.
تحررت شهقة متقهقهرة داخلها، فرفعت يدها تتعلق بقميصه مرددة ببكاءٍ:
_ده اللي فاضلي من عيلتي يا أحمد… بابا وماما وأختي الوحيدة كلهم ماتوا مكنش ليا غيره وكنت بعتبره عيلتي كلها بس عمره ما حسسني إني أفرقله في شيء.. مفيش مرة نزل فيها لندن الا وطلب مني إتنازله عن الشركة كأنه بيعرفني إن ده الشيء الوحيد اللي بيربطنا ببعض!
أحاطها بقوة بين أضلعه وردد إليها بحزنٍ عميقٍ:
_ميستهلش… والله العظيم ميستاهل دمعة واحدة من عنيكِ الغالية دي…. اللي استغنى عنا احنا في غنى عنه يا فريدة.. قوي نفسك وادعمي قرارك لإنه هو الصح.. نُعمان عايز يكسر شوكة عُمران بأي شكل من الأشكال لآنه تبارك الله بقى له إسمه وده عمله بعيد عن شركات براند “الغرباوي”، وزي ما قال ابنك كون إنه سحب الشراكة بينهم فده هيوقع أسهم شركاته كلها لإن أغلب المشاريع اللي الشركة الأم بتنفذها عملائها مختارين الشركة لوجود” عُمران سالم” شريك مساهم فيها.. ضربة نُعمان القاضية جاية وبقوة.
انهمرت دموعها على وجنتها حتى ابتل قميصه من شدتها، وحررت صوتها الخافت تخبره:
_مكنتش عايزاه يهتم بالاملاك والثروة وكل ده كنت عايزاه يحتويني ويتمسك باللي فاضله من عيلته زي ما أنا كنت متماسكة بيه يا أحمد.
رفع ذقنها إليه لتقابل نظراته العاشقة لكل تفاصيلها، مشددًا على حروف كلماته:
_أنا عيلتك كلها يا فريدة… أنا أخوكي وأبوكي وحبيبك وجوزك وكل ما ليكِ في الدنيا كلها فبالله متقوليش إنك مالكيش حد في وجودي!
رفع ذراعيها تحيط برقبته وتضم ذاتها إليه، فاحتواها إليه وهو يعود لعاطفة كلماته العاشقة:
_عيشي يا فريدة وارمي وراكِ كل شخص وجعك وأذاكِ… عيشي جوه قلبي هو الوحيد الآمن ليكِ وقادر هيحميكِ وهيصونك بعيد عن كل ده.
وعاتبها بحزنٍ يلف يفترسه:
_هو ده عوض البعد وسنين الفراق يا فريدة؟ بعد كل اللي مرينا بيه رجعنا نكون مع بعض من تاني.. انسي كل الناس وكل الوحش وسبينا نعيش اللي اتحرمنا نعيشه مع بعض.. بلاش نفكر في اللي هيوجعنا لإننا مبقناش حمل وجع تاني.
وأبعدها عنه يطالبها بصرامة:
_اوعديني.
رفعت يدها تزيح دموعها ومنحته ابتسامة جعلت تعابيره المشدودة ترتخي تدريجيًا:
_أوعدك يا حبيبي إني هعيش اللي جاي من حياتي علشانك إنت وبس… كل حلم حلمت بيه عنك هحققه وأنت معايا.
ودنت منه تردد بحبٍ جعل قلبه يرتجف من قوة عشقها:
_أنا مش عايزة غيرك إنت يا أحمد!
عند ذاك الحد لم يكن عليه محاربة مشاعره، دنى إليها يعبر عن عاطفته حتى اختطفها لعالمٍ بُني على حقيقة شغفهما معًا.
*******
استيقظ باكرًا قبل الموعد الرسمي المحدد لموظفين الشركة، فنهض يتجه للراديو الصغير الخاص به، يفتح إذاعة القرآن الكريم ويحرر شرفة غرفته الصغيرة، ومن ثم يتجه للركن الصغير الخاص به يعد شطائر الفول الطازج وقدح من شاي النعناع الساخن، ثم حملهما وخرج يتناول طعامه ومن ثم إتجه لمكتبه المتواضع يرتدي نظارته الكبيرة ويباشر عمله بكل محبةٍ.
مضت عليه نصف ساعة كاملة حتى استمع لدقات بابه الحديدي، فرفع عينيه عن دفتر الحسابات فوجد أمامه نفس الشاب الذي أتى به “عُمران” بالأمس، رفرف بأهدابه بدهشةٍ، ونهض بخطواته الثقيلة التي تناسب جسده الكهل ليحرر مزلاق بابه وعاد لمقعده مرددًا:
_غريبة يعني إنك رجعت ولوحدك من غير ما عمران يجبرك!
اتشحت ابتسامة جميلة على وجهه البشوش، وإتجه لمقعده المقابل لمكتب “ممدوح” قائلًا بحماسٍ ولباقة:
_جيت عشان مفيش بشمهندس عاقل يفوت فرصة إنه يتعلم على إيد استاذ عظيم زيك.
ضم كفيه معًا وانحنى يستند عليه قائلًا بابتسامة صغيرة:
_مكنش باينلك رجوع على ملامحك المُجهدة امبارح؟
خلع “أيوب” عنه ذراع الحقيبة وقال بابتسامة مشرقة:
_والدي الشيخ مهران علمني مستسلمش بسهولة، وبعد اللي حضرتك عملته معايا امبارح كان لازم أبينلك اني مش الشخص اللي كونت عنه أفكارك امبارح.
بدى خبيثًا، ماكرًا، متحاذق مما دفع “ممدوح” ليسأله بنزقٍ:
_تقصد أيه!
أجابه ببساطة ومصدقية:
_من خلال الكام ساعة اللي قضتهم مع حضرتك حسيت أد أيه انك بتحترم وقتك وبتقدسه جدًا، فكنت بتحاول تضغط عليا بكل السُبل عشان تشوف إذا كنت هرجع تاني ولا لأ.. ولو رجعت يبقى أستحق وقتك اللي هيضيع معايا في تعليمك الخطوات الجاية لو مرجعتش يبقى وفرت عليا وعليك وقت ومناهدة.
تراخت شفتيه الغليظة عن ابتسامة تظهر لمرتها الأولى، فسحب رشفة من الشاي وقال:
_عجبتني… وشكلك هتكون تلميذي التاني بعد “عُمران الغرباوي”.
وأشار إليه بنظرة ارتخت عن حزمها قليلًا:
_تحب نبدأ؟
فتح سحاب حقيبته يخرج دفتره وبعضًا من اللوح هاتفًا بحماسٍ:
_أنا جاهز…اتفضل!
******
هبط للأسفل يفرك عينيه وهو يجاهد النوم بكل ما فيه، فكان بطريقه للمطبخ ليعد كوب من القهوة تزيح صداعه القاتل، فتوقف محله حينما لمح أخيه يجلس بالصالون يرتشف كوبًا من القهوة ويقرأ بأحد الكتب كالمعتاد عنه.
اقترب منه عُمران يردد ببسمة عابثة:
_صباح الخير يا دكتور.
انتبه”علي” إليه وأجابه بابتسامة هادئة:
_صباح الخير يا عمران… منزلتش شغلك ليه؟
إتجه إليه يجلس على ذراع المقعد ينتزع من يده الكوب وهو يرتشف منه كالمدمن المفتقد لمذاق الكوفين، وردد:
_بفكر منزلش النهاردة.. ورايا كام حاجة هخلصهم هنا على اللاب وكمان ساعة هنزل مشوار على السريع كده ممكن بعدها أعدي على الفرع اللي هنا أشوف الدنيا وأرجع تاني.
أغلق كتابه وأعاده على الطاولة وقال:
_المهم تنهي حوار الشراكة ده خلينا نخلص.
هز رأسه بخفوتٍ وردد بتهكمٍ :
_كلمت امبارح المحامي وبيرتب الاوراق… متقلقش.
هز رأسه بخفوت، فاتجه عُمران للأريكة يحتلها، وصاح بأحدى الخادمات:
_احضري لي حاسوبي من غرفتي رجاءًا.
أماءت له باحترامٍ وغادرت لتعود بعد دقائق بما تحمله فوضعته من أمامه، فتحه عُمران وشرع ببعض أعماله، وبين الوقت والأخر يختطف نظرات سريعة لأخيه الشارد والهموم تتثاقل بين حدقتيه الرمادية، فأخفض عمران شاشة حاسوبه وسأله بلهفة:
_مالك؟!
مسح على فمه بحركةٍ عشوائية وأجابه:
_مفيش.. بفكر ألغي سفري لمصر بس للأسف لازم أعمل المشوار ده.
اعتدل بجلسته يعيد سؤاله باستغرابٍ:
_وعايز تلغيه ليه؟ المركز أساسًا شبه مكتمل مكنش فيه غير المساحة اللي انت ضمتها ليه والفريق بينجز فيه على أكمل وجه لازم إنت كمان تتحرك وتختار الدكاترة والممرضين اللي هتحتاجلهم وبسرعة.
لف وجهه المهموم إليه:
_عارف بس اللي ربكني من السفر فاطمة حالتها مش مستقرة.. خايف أجازف وأبعد عنها يحصلها حاجة وأنا مش جانبها… فاطمة لسه متعافتش بشكل كامل.
ترك عُمران حاسوبه ونهض عن أريكته متجهًا لمقعد يجاور مقعد أخيه، وازدرد ريقه بارتباكٍ اتبع منهج سؤاله المتردد:
_علي.. هو إنت وفاطيما بتمارسوا حياتكم بشكل طبيعي؟
تقوس جبينه بشكلٍ ملحوظ، فاعتدل عُمران بجلسته يوضح له:
_أصل حالتها غريبة ومقلقة!
تعمق بالتطلع لعينيه الشبيهة لخاصته بلونها، ومنحه بسمة خافتة اتبعها قوله الذكي:
_لو سألتك نفس السؤال عنك إنت ومايا هتجاوبني؟
رمش بأهدابه عدة مرات في محاولةٍ لاستكشاف ما يود قوله، فتابع علي بنبرة رزينة:
_إنت قومت الدنيا كلها لما خالك اقتحم أوضة نومك وإنت دلوقتي بتعمل نفس الشيء يا عمران بتقتحم خصوصياتي أنا ومراتي فمتوقع مني أيه مثلًا؟
ابتلع ريقه بتوترٍ أخفاه بقوله:
_أنا آسف لو سؤالي ضايقك يا علي.. أنا بس آآ..
قاطعه بابتسامة واسعة وملامحه لم تتأثر مطلقًا:
_متعتذرش يا عمران أنا فاهمك وعارف إنك متعمدتش ده بس اللي لازم تفهمه إن مهما كان قربنا وحبنا لبعض في النهاية في خطوط حمرا محدش مننا يقدر يتخطاها.
هز رأسه بتفهمٍ:
_عندك حق.
اتجهت نظرات علي لحاسوب عمران وسأله باهتمامٍ:
_كنت بتقول إنك معاك تصميم لمكتبي بعد التعديل.. وريني أنا متحمس جدًا أشوف هترتبلي مكتبي ازاي انت وفريقك يا بشمهندس!
ضحك وهو يشير له بغرورٍ:
_بعينك تشوف حاجة… سافر إنت وارجع وكن على ثقة إن عمران الغرباوي هيبهرك.. يا ابني كفايا عليك إني مش بعمل ديكور لحد!
ضحك وهو يراقبه يعود لأريكته رافعًا رأسه للأعلى كالطاووس، فجذب الوسادة التي تجاوره وألقاها بوجهه هاتفًا:
_طاووس وقح!
غمز لها برماديته يجيبه بسخرية:
_طب انصرف علشان بخاف من الحسد وعايز أفرد ريشي!
تعالت ضحكات “علي” واستكان بجلسته يجذب كتبه، يعود لقرائته الصامتة بينما الاخير يتلذذ بكوب القهوة التي اتخذها عنوة ويتابع حاسوبه هو الأخر.
مرت الساعات ومازال كلا منهما منشغلًا بما يفعله، حتى اقتحم مجلسهما “مايسان” و”فاطمة”التي كانت تدفع طاولة صغيرة لتستقر أمام “عُمران” فاستقام بجلسته منتبهًا لها، فوجدها تردد ببسمة صغيرة:
_نسيت الاتفاق؟
وزع نظراته على أطباق الطعام الشهي ورفع عينيه لها يجيبها بامتنانٍ:
_أيه كل ده.. تسلم ايدك يا فاطمة تعبتك معايا .
أجابته بلباقة:
_يا رب يعجبك.
ابتسمت مايا ورددت بمشاكسة:
_كان نفسي أطبخلك الأكلة دي بنفسي بس للأسف مقدرش أنافس في الأكل المغربي قدام فاطيما خسرانة بالعشرة.
ضحكت لها ورددت بخجل:
_أنا أجي أيه جنبك يا مايا.
أشارت لعمران الذي يتابعهما مبتسمًا:
_متصدقهاش يا عمران دي بتشيل عنها العين.
واستدارت تجاه علي تشير إليه:
_تعالى هنا جنبه يا علي.. الأكل يجنن.
رفع معصمه إليه متفقدًا ساعته:
_الساعة لسه ١٢.. أنا بتغدى على الساعة ٣ فمش هقدر أعذروني.
منحه نظرة ساخطة وهو يلتهم ما بملعقته مرددًا:
_خليك حافظ على أكلك ومواعيده لما بقيت شبه خلة السنان.. نفسي تقتنع بكلامي وتأكل وتعيش حياتك وتقضيها ساعتين جيم كل يوم هتفرق معاك.
قذف علي وسادة أخرى إليه:
_كمل أكلك وانت ساكت.
ضحكت فاطمة وهي تتبعهما باستحياءٍ، فاخفضت عينيها للحاسوب المجاور لعمران حيث تركه مفتوحًا، لفت انتباهها جدول الحسابات المعدة وتقنيات تعيد لها ذكريات العامين التي مضتهما بالجامعة وبعدهما لم تتمكن من استكمال تعليمها.
لاحظ عمران وعلي تعلق نظراتها بالحاسوب وشرودها، فجذب عمران المنديل الورقي وأزاح بقايا الطعام عن منديله، وبخفة دفع الحاسوب قبالتها قائلًا باهتمامٍ:
_الSystem ده مش غريب عليكي صح؟
هزت رأسها بخفة، فقال ببسمة واسعة خبيثة لقرب تحقيق هدفه:
_تحبي تجربي؟
خطفت نظرة مرتبكة لعلي الذي ترك كتابه وراقبهما باهتمامٍ يفوق اهتمام أخيه، فقالت:
_أنا مش فاكرة أي حاجة.. فات فترة طويلة على ما كنت بالجامعة فمش عارفة هقدر ولا لأ.
ابتسم وهو يشير لها بالاقتراب بحماسٍ:
_بسيطة هعمل معاكي أول حسبة ومع الشرح هتفتكري.. تحبي نجرب؟
عادت ببصرها لعلي الذي منحها ابتسامة تبث لها الآمان المفقود، فعادت لعمران تكتفي بهزة رأسها، نهض على الفور يحمل صينية الطعام جانبًا ثم وضع حاسوبه عليها ودفعه لتكون بينها وبين فاطمة الجالسة على نهاية الأريكة، فاختار جلوسه على مسافة بعيدة منها لتفهمه حالتها باجتيازٍ.
ثلاثون دقيقة استغرقها لينتهي من أول ملف بمفهومه النظامي، بينما كانت تتذكر كل ما تلقتنه من قبل رويدًا رويدًا، ففتح لها ملفًا جديدًا ودفع الحاسوب لها يشجعها:
_نفذي الخطوات اللي عملتها لوحدك وبهدوء.. وأنا هشوف لما تخلصي.
هزت رأسها إليه وحملت الحاسوب لقدميها تفعل كما أخبرها به، بينما اتجه عمران ليجلس جوار مايا يستكمل تناول طعامه فوجدها تميل عليه تهمس:
_بتحاول تعمل أيه؟
مال لها يهمس هو الأخر:
_هساعد علي في علاج فاطمة!
بدأ يتسرب لها مفهوم ما يود عمران فعله، فتحمست للغاية لرغبتها الشديدة باستعادتها اتزانها النفسي.
لم يفوت علي تفصيلة صغيرة متعلقة بجلستها تلك، ليس كزوجٍ محبًا بل كطبيب يشخص حالة مريضته التي توشك على اتخاذ أول خطوة بمواجهة العالم بعدما كان افتراضي لها، يشعر بالامتنان لخطة اخيه باستدرجها للعمل، آن نجح بتلك الخطوة حينها سيُفتح لها العديد من الأفاق أولهم العودة لجامعتها وعيش حياتها الطبيعية.
جميع الانظار مسلطة عليها، حتى انتهت مما تفعله ورفعت عينيها لعمران الذي يتناول طعامها بهدوءٍ قائلة:
_خلصت.
جذب المناديل المعطرة ومسح يديه وفمه ثم اتجه إليها يجذب الحاسوب ويتابع ما فعلته ببسمة واسعة تدعي كل نقطة بها الانبهار رغم أن هناك بعض التعديلاات التي سيحتاجها من بعدها ولكنه وجدها نقطة محمسة للقادم، فأجلى صوته الرخيم:
_براڤو يا فاطيما.. لأ بجد ممتازة.
وأشار لمايا بجدية تامة:
_من بكره فاطمة تنزل معاكي الشركة وأنا النهاردة هخلي حسام يحط مكتب زيادة في أوضة مكتبك عشان تكونوا مع بعض وتعرفيها أكتر عن شغلنا ده لو مكنش عندها أي مانع إنها تشتغل معانا.
ترقب ردها على عرضه الذي فجأها، وخاصة حينما سألتها مايا:
_ها يا فاطمة أيه رأيك؟
وتابعت بمكرٍ تعاون زوجها وأخيه:
_أكيد مش هترفضي تكوني معايا ونروح ونيجي مع بعض.. أنا طول الوقت في الشركة وانتي هنا ومش بنلحق نتكلم ولا نقعد مع بعض!
لعقت شفتيها الجافة بلسانها وقالت:
_أصل.. أنا… آاآ..
وصمتت حينما لم تجد ما تقول، حينها رفعت مقلتيها تجاه ملاكها الحارس، ذاك الذي بعد كالبُوصلة لانحراف اتجاهاتها فوجدته يشير لها قائلًا:
_لو حاسة إن القرار ده هيريحك وافقي عليه بدون تردد يا فاطمة… متقلقيش وجود عُمران ومايسان جنبك هيديكي الأمان اللي هتفتقديه في عدم وجودي معاكي هناك.
قام بمهامه على أكمل وجه كطبيبٍ وكزوجٍ، يدعمها بقرارها ويخبرها بأن حالتها ستكون مستقرة فلا داعي للخوف، لذا لم تجد الا أن تؤمي برأسها مبتسمة فصاحت مايا بحماسٍ وهرولت إليها تحتضنها بفرحة، بينما سند عمران ظهره لمقعده وهو يغمز بمكرٍ لعلي الذي قابل خبثه بابتسامته الهادئة الجذابة.
*******
ساعات قليلة مضت وتفرق جمعتهم، اتجه عمران لشركته واتجه علي ليوصل زينب لجامعتها لحضور تلك المحاضرة المسائية، فحاول أن يعلم ما برأسها حتى يعرض عليها عرض الزواج من سيف كما شدد عليه يوسف، فقال:
_ها يا دكتورة طمنيني أمورك تمام بالجامعة؟
ابعدت عينيها عن هاتفها وأجابته ببسمة رقيقة:
_الحمد لله يا علي.. أول يوم كان صعب بس بعد كده الأمور تمام.
تابع القيادة بتركيز وقال بمكرٍ:
_طب الحمد لله… أنا من لما شوفتك واقفة مع سيف امبارح وأنا اتطمنت إنك هتقدري تكوني صداقات تساعدك جوه الجامعة.
ارتبكت للغاية فرفعت يدها تعدل من حجابها:
_دكتور سيف شخص محترم جدًا قابلته صدفة في الجامعة وفي عيادة دكتورة ليلى.
حرك رأسه بخفة ومازالت رماديته مركزة على الطريق، فلحق به فترة صمت قبل أن يسألها بلباقة:
_زينب هو أنا ممكن أسألك سؤال شخصي شوية ولو هيضايقك متجاوبيش وأنا هتفاهم ده.
_طبعًا يا علي إسأل بدون كل المقدمات دي.
هدأ من سرعة السيارة والتفت يتطلع لها ومازالت يده تتحكم بالمقود:
_انتي في حد في حياتك؟ يعني بتحبي حد أو مرتبطة بشكل خاص؟
تجهمت معالمها بشكلٍ مقبض، وكأنها ستستقبل الموت بين أحضانها بعد قليل، مجرد حديثه عن الأمر أعاد صورة “يمان” بمخيلاتها من جديدٍ، تمسكت بجزء من قوتها وقالت بتلعثمٍ وفوضوية:
_لأ طبعًا مفيش… وبعدين أنا متوقعتش انك تسألني سؤال زي ده لاني طبيعي قدامك وقدام الكل مش مرتبطة.
أسرع بالحديث مبررًا:
_فاهم كلامك طبعًا بس افترضت يكون في حد حتى لو علاقتكم سطحية.
هزت رأسها تتفي ذلك باقتضابٍ:
_لا مفيش.
سحب نفسًا مطولًا واسترده قائلًا بهدوء:
_طيب يا زينب امبارح دكتور يوسف طلب ايدك مني لاخوه سيف، يعني بشكلٍ ما حابب يكون في بينكم رابط رسمي بحيث تقدروا تتعرفوا على بعض ولو حصل توافق بينكم آآ…
اقتطعت حديثه بحدة وعصبية فجأته كثيرًا:
_أنا مش هتجوز يا علي.. هو عشان ساعدني في الجامعة ووقفت معاه يبقى هتجوزه!!! وبعدين انا لسه طالبة في ٢طب وبكمل لسه تعليمي جواز أيه اللي بيتكلم عنه!!!
صف سيارته أمام جامعتها والتفت إليها يحدثها بهدوء وعقلانية:
_اهدي يا زينب الموضوع مش مستاهل العصبية دي كلها منك هل أنا فرضت عليكي شيء!! أنا مملكش الحق ده عليكِ من الأساس أنا وصلتلك طلب دكتور يوسف ومن حقك تقبلي أو ترفضي ولازم تعرفي إني وصلتلك العرض ده لاني أعرف سيف وأعرف دكتور يوسف مربيه على أيه، الولد ده راجل وهيقدر يصونك ويحافظ عليكي وآ…
قاطعته للمرة الثانية بانفعالٍ:
_مش عايزة أسمع يا علي!!.. حتى لو كان ملاك بجناحين أنا مش عايزة ارتبط بحد من فضلك بلغهم بكده.
تمعن بحدقتيها بعمقٍ جعلها تشعر وكأنها مجردة أمامه، وقد لاقت حدثها حينما قال بشكٍ:
_مالك يا زينب؟ مندفعه وعصبية بشكل مش طبيعي، انتي في حاجة حصلت معاكي؟!
ابتلعت مرارة ريقها بصعوبة بالغة، وتعلقت بحقيبتها بكل قوتها، ففتحت باب السيارة وهي ترمقه بنظرة أخيرة هاتفة بحنقٍ:
_بطل تمارس مهنتك عليا يا دكتور.. أنا مفيش شيء!
وتركته وهرولت للجامعة راكضًا من أمامه بينما ظل هو محله يتابعها بنظرة ثاقبة ترى بوضوح ما تخفيه من حالة نفسية يقسم بأنها مازالت تخوضها حتى الآن.
تهدل جسد “علي” على مقعده باستسلامٍ وحزن اتبع همسه الخافت:
_فاطمة… ماما… ودلوقتي زينب… وجعي في عيلتي بيزيد!
*******
راقب “أيوب” مكتب “ممدوح” مطولًا ومن ثم عادت نظراته للطعام الذي تركه له “حسام” السكرتير الخاص بعمران على مكتبه، فنهض واتجه إليه يناديه بحرج:
_ممكن أستأذن عشر دقايق يا بشمهندس؟
رفع ممدوح عينيه له، فازاح نظاراته الطبية متسائلًا بدهشة:
_رايح فين في العشر دقايق دول؟!
رد عليه بوقارٍ:
_مش هتأخر عنهم والله… هطلع لعمران مكتبه وهرجع على طول.
ابتسامة صغيرة عادت تداعب وجه العجوز، فعاد ليستند على يديه كمعتاده وقال:
_أممم… عمران مجاش يوصلك النهاردة وبعتلك الأكل مع سكرتيره من غير ما ينزلك ودلوقتي عايز تطلعله مكتبه… انتوا متخانقين صح؟
أخفض عينيه أرضًا وكأنه يخشى لقاء مدرسه بفعلته التي أودت لتلك المشاجرة، ولكنه اضطر لاجابته بتحفظٍ:
_سوء تفاهم بسيط.
هز رأسه ومازالت أثر الابتسامة على شفتيه، فرفع اصبعه يحركه له:
_اطلع ولما تنزل نتكلم ونشوف إذا كان بسيط ولا يستاهل!
ابتسم أيوب بسرورٍ لتطور العلاقة بينهما، فخرج للمصعد يتجه لمكتب عمران بعدما سأل عليه من احد الموظفين.
اتجه لمكتب “حسام” السكرتير الذي ما أن رآه حتى رحب به بوداعةٍ، فهو يعلم بأن من قام عُمران بالسماح له بالدخول للسجلات برفقة استاذ ممدوح فمن المؤكد بأنه شخصًا هامًا للغاية إليه فبسط كفه يشير له بمحبة:
_بشمهندس أيوب هنا بنفسه! نورت الطابق كله.
ابتسم له وقال بتوترٍ جعله يكاد بالعودة مثلما أتى:
_هو أنا ينفع أقابل عُمران؟
أشار له باحترام للمقعد المقابل إليه:
_طبعًا… اتفضل استريح هدي مستر عُمران خبر حالًا.
اعتلى المقعد المقابل له، ورفع حسام السماعة يهاتف عُمران قائلًا:
_مستر عُمران بشمهندس أيوب هنا وعايز يقابل حضرتك.
لف بمقعده بالداخل بعصبيةٍ اعتلت حركة جسده الهادئ، فابتسم بتسلية وصرح له:
_سيبه قاعد نص ساعة وبعدين دخله.
ودون أي كلمة أخرى أغلق هاتفه بوجه حسام المتعجب لردة فعل عمران، فحجب انفعالاته بامتيازٍ وقال:
_شوية وهدخلك يا بشمهندس.. مستر عُمران معاه تليفون مهم.
هز رأسه وبسمته الساخرة بادية كسطوع الشمس بأحضان السماء، وهتف ببرود:
_مفيش مشكلة نستناه!
مرت خمسة وعشرون دقيقة ومازال أيوب يرسم دور البرود حتى سئم من ادعائه الكاذب، فنهض عن مقعده واندفع لمكتبه بكل ما أتى من عصبية اختفت حينما وجده ينهي صلاته وينهض بسجادته يطويها على الأريكة ونظراته الباردة تطعن الاخير دون اكتثار.
أتى حسام مهرولًا من خلف أيوب يردد بخوف:
_مستر عُمران أنا أسف والله بس البشمهندس آ..
أشار له عُمران قائلًا:
_روح انت يا حسام وبعد كده لما أيوب يعوز يشوفني يدخل على طول حتى لو كان مين عندي.
غادر السكرتير حائرًا بما يحدث، بينما اتجه عمران لمقعده يتأمل ذاك الذي يسدد قنابله إليه من مكانه فكبت ضحكة كادت بالانفلات منه وهو يشير له قائلًا بسخط:
_هتفضل واقف مبحلقلي كده كتير…اتفضل.
دنى ليجلس على المقعد ونظراته القاتلة لا تحيل عنه،فرفع الهاتف يتساءل:
_تشرب أيه يا عم الارهابي؟
بقى صامتًا يراقبه بغيظٍ يندفع داخله، فردد عمران لمن ينتظر سماع طلبه بالهاتف:
_كوبين من القهوة أعدها في الحال.
ثم اقترب بمقعده المتحرك مقتربًا من الطاولة الفاصلة بينهما، قائلًا بعمليةٍ مخادعة:
_خير يا بشمهندس أيوب.. في حاجة بتشتكي منها وجاي مخصوص تشتكيلي، أتفضل أنا سامعك.
خرج عن صمته أخيرًا، طارقًا بعنف على سطح المكتب الزجاجي:
_اسمع يا جدع إنت متحاولش تلعب بأعصابي وتختبرني كتير علشان صدقني أنا واخد حزام في الكارتيه وأقدر أبوظ خلقتك اللي فرحانلي بيها دي!
تحررت ضحكة منه وقال وهو يقترب متمعنًا التطلع للكدمة الزرقاء المحتضنة لوجه أيوب قائلًا:
_طيب اهدى انت بس عشان العلامة الحلوة دي ميصبهاش بكتيريا وتتنقل لوشك كله.
انتصب بوقفته وصاح بعنفوان:
_الظاهر اني غلطت لما طلعتلك… سيبني مرمي بره بقالي نص ساعة وعايشلي دور رجل الأعمال اللي معندوش وقت يهرش، لا فوق ده أنا أيوب ابن الشيخ مهران!
نهض يجابهه بجمودٍ:
_تو تو اهدى شوية يابن الشيخ مهران.. أخرة الرغي ده كله وبيتقالك ارهابي!! فاسمعني كده وهدي عضلاتك دي، أنا مسمحتلكش تدخل على طول علشان أنا ببقى غبي وغشيم لما بتعصب للأسف فكنت بهدي نفسي قبل ما أتنيل أشوفك بعد العملة السودة اللي هببتها!
وأشار للمقعد مجددًا بتحذير:
_فاهدى كده واقعد.. أنا أساسًا دماغي فيها كلاب صعرانه بتتعارك جوه ونفسها ونفسي أنا كمان معاهم أطلقهم عليك ونخلص!
طوفه بنظرة ساخرة أحاطته من رأسه حتى أخمص قدميه، وفجأة بادر بسحب عمران من جاكيته بقوة كادت باسقاطه على طاولته، فردد عُمران بتهديدٍ:
_متخلاهاش تبقى الناهية يا أيوب!
تركه بغضبٍ واتجه ليغادر فلحق به يناديه:
_استنى يا ابني..
وحينما لم يستجيب له قال:
_طيب والقهوة طيب؟!
تعالت ضحكات عمران وهو يراقب اشتعال ملامحه وهو يتجه للمصعد، فصعد خلفه ووقف جواره صامتًا حتى قال:
_هعنذرلك وأخدك في حصني وأبوس رأسك كمان بس بشرط تصرف نظر عن الجوازة السودة دي!
تنهد أيوب بتعبٍ من عناد عمران الذي مازال يصر على حديثه، فاستدار له يقول بإرهاقٍ:
_يا عمران افهمني حرام عليك فرهدتني معاك، أنا مقدميش حلول تانية… استسلم بقى وارضى بقراري وخليك جنبي الصديق الجدع اللي اتعودت عليه منك.
صوب له نظرة مقززة، واستدار عنه يمسح وجهه عده مرات، ثم عاد إلى مكانه يشير بيده:
_تعالى يالا تعالى أنا قلبي الحنين ده اللي مطمع المعاتيه اللي زيك فيا.
ضحك وهو يحتضنه بفرحة وشعوره المفتقد لوجود شقيق يكبره يعوضه به، شدد عمران من ضمه حتى توقف المصعد وانفتح أمام مجموعة من الموظفين الاجانب، اعتلت الصدمة وجوههم جميعًا وراقبوا ما يحدث بالمصعد بأعين جاحظة جعلت عمران يدفع أيوب للخلف وهو يصيح من بين اصطكاك أسنانه:
_الله يحرقك انت وهي في ساعة واحدة… خسرت سمعتي قدام الموظفين وشوية وهيعلقولي العلم الملون قدام مكتبي!!
وركله لخارج المصعد بعصبية:
_غور مش عايز أشوف وشك تاني.
سقط أيوب من فرط الضحك حتى عمران لحق به ولم يتمكن من السيطرة على ضحكاته. حتى وصلوا لدخل الشركة فسأله باستغراب حينما وجده ينحرف للمصعد السفلي؛
_مش جاي ولا أيه؟
رد عليه وهو يستعد لدلوف المصعد الاخر:
_أنا أخدت عشر دقايق من أستاذ ممدوح وبفضل برودك ووقاحتك بقوا ساعة وهتعاقب عليهم لبكره الصبح فأكيد مش ههرب وأخرج معاك هرجع لاستاذي واشوف اللي يرضيه وأعمله.
رفع عمران يديه للاعلى يدعو بفرحة:
_يارب يعاقبك بشهرين حبس انفرادي معاه تحت وتكون أم قردان دي حلت عننا وفكتها منك.
وعاد يتطلع له بصدمة:
_مصيبة تكون حبتها يابن الشيخ مهران!!! أقسم بالله لو حصل ولعبت بديلك كده أو كده متلومش الا نفسك.. متفكرهاش جوازة وتعيش سامعني!
هز رأسه في يأسٍ في تغير عقليته حتى وآن ظل باقي عمره يحدثه في الأمر، فتركه واتجه للمصعد بصمت بينما غادر عمران والسخط يعلو ملامحه كلما تخيل أيوب النقي.. التقي، مع تلك الفتاة العبرانية!
******
كانت تتابع حالة “آديرا” من وقتٍ لأخرٍ، فاستغلت وجود الممرضة التي استلمت العمل بالعيادة منذ صباح اليوم ووقفت أمام المرآة تتأكد من تناسق طالتها بفستانها الوردي البسيط وحجابها المشابه له، ومن ثم اتجهت لعيادة زوجها المجاورة لعيادتها بعد أن تأكدت من أنها لم تعد مزدحمة منذ ما كانت منذ ساعتين، فولجت لغرفة مكتبه فوجدته يسترخي على مقعده بارهاقٍ وحينما استمع للباب يُفتح استعد بجلسته للقاء القادم فتهللت أساريره حينما وجدها قبالته تتدلل بخطواتها إليه، فردد:
_ليلى!
تجاوزت المكتب وإتجهت لتجلس على ذراع مقعدن قائلة بابتسامة عذباء:
_بقالي فترة بستنى عشان أدخلك.. مكنتش أعرف إن جوزي حبيبي مشهور للدرجة دي!
ابتسم وأحاطها بذراعه إليه:
_جوزك حبيبك محتاج لفترة راحة جوه حضنك ينفع؟
نهضت عن المقعد وهي تشير له بحزمٍ غاضب:
_لا مينفعش.. أنا جايالك هنا زي أي مريضة ودورك تهتم بيا وتشوف مشكلتي أيه مش تحب فيا يا دكتور يا محترم.
ضحك بصوته الرجولي وقال بخشونة مصطنعة:
_طبعًا طبعًا… اتفضلي يا مدام ليلى وقوليلي مشكلتك أيه بالظبط.
جلست قبالته بابتسامة واسعة واستندت على مكتبه تتمعن التطلع به بدرجة أصابته بالفتنة فشعر وكأنه أحمقًا لاستماعه لدلالها، أما هي فقالت بمكر:
_جوزي يا دكتور نفسه يكون عندنا بيبي، فحبيت أجي النهاردة أكشف وأطمن على نفسي، وأكيد حضرتك هتكتبلي على مقويات ومنشطات وأي حاجة تسهل الموضوع ولا أيه؟!
رفع احد حاجبيه ساخطًا:
_منشطات!!
وزفر بنزقٍ:
_عنيا ليكي انتي وجوزك يا دكتورة… اتفضلي حضرتك.
صفقت بيدها بفرحة، واتجهت للفراش تستعد، ويوسف يتابعها بدهشة.
اتجه إليها واستند على العمود المطول مربعًا يديه أمام صدره العضلي، يراقبها وهي تكشف عن بطنها وتضع الملاءة البيضاء من حولها، مرددًا بسخرية:
_وبعدين؟!!! أخرة جنانك ده أيه يا ليلى!
ادعت البراءة هاتفة:
_جنان أيه يا يوسف؟.. مش قولت اتفضلي للكشف فاتفضلت.
هز رأسه بارهاقٍ وأشار لها:
_قومي يا ليلى أنا هكتبلك على تحاليل معينة هتعمليها وهديكي شوية أدوية .
هزت رأسها نافية وبتحدي قالت:
_لأ.. هتكشف عليا الأول وبعدها اكتب زي ما تكتب.
ضحك بسخرية:
_مش ده الجهاز أساسًا!
شددت على طلبها وعينيها لا تفارق خاصته بنظرة بعيدة كل البعد عن المرح:
_عايزاك تكشف عليا بالجهاز ده يا يوسف.
اندهش من طريقتها الغريب. واصرارها، ومع ذلك رضخ لها وجذب المقعد الصغير إليه، ثم وضع الجل الطبي ومرر الجهاز عليها ليريحها هي، ولكن لما لبث حتى جحظت عينيه في صدمةٍ وهو يتابع الشاشة من أمامه غير مصدقًا لما يراه، بينما هي تراقب كل انفعالاته بأعين دامعة وابتسامة واسعة.
تطلع يوسف لها وردد بعدم استيعاب:
_ليلى إنتي حامل!!!!
هزت رأسها تؤكد له رغم أنه طبيبًا ويرى الحمل بوضوحٍ على جهازه، ضحك يوسف بفرحة أدمعت عينيه وجذبها لتنهض أمامه محتضنها بحب ويديه تلتف من حوله ويدور بها بارجاء غرفته هاتفًا بسعادة:
_هكون أب… هشيل ابني أنا بين ايديا!! أنا بأحبك يا ليلى… ده أجمل خبر ممكن بسعدني لباقي حياتي.
ووضعها عن يده وخرج لعيادته فاتبعته باستغراب لتجده يقف بالخارج قائلًا بابتسامة جذابة للممرضة وهو يقدم لها مبلغ من المال:
_وزعي الحلوى اليوم على العيادة بأكملها.. زوجتي حامل وقريبًا سأرزق بابن.
ضحكت ليلى على مظهره وخاصة حينما التف من حوله عدد من النساء الحوامل الجالسات لترقب دورهن.
فطرقت على جبهتها بقلة حيلة والابتسامة تزداد على وجهها.
*******
بمكتب جمال.
فتح باب المكتب واشرأب بعنقه يخبره بابتسامة واسعة:
_فاضي يا بشمهندس؟
استدار للمتحدث هاتفًا بسرور:
_عمران! تعالى.
اتجه ليجلس أمامه واضعًا قدمًا فوق الاخرى بعنجهيةٍ تامة:
_وجودي هنا بشكل رسمي فسيبك من جو الصداقات اللي مبيأكلش عيش ده.. عايزك في شغل.
رفع احد حاجبيه باستنكارٍ:
_شغل أيه ده!!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية صرخات أنثى)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *