روايات

رواية التل الفصل السادس والعشرون 26 بقلم رانيا الخولي

رواية التل الفصل السادس والعشرون 26 بقلم رانيا الخولي

رواية التل البارت السادس والعشرون

رواية التل الجزء السادس والعشرون

التل
التل

رواية التل الحلقة السادسة والعشرون

محاولات كثيرة باءت بالفشل حتى كاد جواد أن يجن بسبب أختفاءه
عاد محاولاته للاتصال به لكن لا فائدة
مازال قيد الإغلاق
ظل يزرع الغرفة ذهاباً وإياباً والقلق لا يرحمه
دلف عامر الغرفة ليجده بتلك الحالة
تقدم منه يسأله بتوجس
_ خير يا ولدي؟
زم جواد فمه باستياء وغمغم بضيق
_ مراد راح المستشفى يشوف حالة الراچل ده ولسة مرچعش، وجافل تليفونه كمان
_ عادي يا جواد ممكن يكون فصل شحن ولا في مكان شبكته ضعيفة.
هز رأسه بنفي
_ لاه أني جلبي حاسس إن في حاچة، أني هروح المستشفى أسأل عليه
منعه عامر
_ هتروح فين بس، وهتطولهم ايه، اصبر لحد آخر النهار إن مرچعش يبجى نشوف في ايه.
وافق جواد على مضد وجلس على المقعد والقلق مازال مسيطرًا عليه
جلس عامر قبالته وتحدث بتردد
_ جواد ممكن نتحدت شوية بالعجل، أني خابر إن مش وجته بس هي فعلاً حالتها صعب جوي ورايده تبجى معاك في الظروف دي.
اشاح بوجهه بعيدًا عنه لكن عامر تابع
_ شوف يا جواد انا هحكيلك اللي حصل وانت احكم براحتك، اقعد الأول خلينا نتكلم براحتنا.
عاند جواد رغم رغبت قلبه الشديدة في معرفة أي نقطة تلين بها عقله
_ اجعد يا ولدي اني مش هخبي حاچة بعد النهاردة، ولازمن تعرف اللي حصل بالظبط
جلس جواد عندما ضغط عليه بالإستماع
_ طبعاً زي ما انت خابر أني الوحيد اللي خرچت عن طوع جدك واتزوچت برة ولاد عمي
شوفتها بالصدفة وهي چاية مع اخوها في زيارة للصعيد، حبتها من اول ما عيني شفتها واتعلجت بيها جوي
كانوا نازلين ضيوف عند الحاچ سلام وبدأت أجرب منها واشغلها لحد هي كمان حبتني
طلبتها للزواچ وهي وافقت
وأخوها بعد ما سأل عنينا ولقى اخته موافجة هو كمان وافج
وجدك كالعادة رفض ولما عرف إني طلبتها من أخوها جدام الحاج سلام مكنش ينفع يجول لأ عشان هبته جدام الراچل
بس كأنه عامل حساب كل حاچة ويكرها لحد ما هي اللي تسيبني وتمشي
وطبعاً كريمة ما صدجت ولجيت الفرصة
كانت بتنتجم منها وتأذيها لدرچة أنها جصتلها شعرها وهي نايمة
وجتها جلبت البيت على اللي فيه وهددت جدك لو اللي حصل ده اتكرر تاني انا هسيب البيت وأمشي.
وفي مرة كانت حامل في ياسمين أختك أم نعمة لجيتها بتحطلها برشام في اللبن عشان تسجطها بس ام نعمة شافتها ودلقت اللبن وعملت غيره
خافت على أمك وطلبت منها ما تخدش حاچة من حد غير من يدها هي ولما أصرت عليها تعرف السبب حكتلها وسكتت وجتها عن متعملش مشكلة
كانت بتتحمل عشاني اللي مفيش واحدة تجدر تتحمله ولما جدك يأس أنه يبعدها عني هددها بيكم وأنه هيتهمها بأنه شاف حد من العمال معها ولما رفضت او متخيلتش أنه ممكن يعمل كدة فعلاً نفذ وجدملكم في مدرسة داخليه برة مصر وچابلها الرچالة اللي هيشهدوا انها بتخوني غير طبعاً ما لفج لخالك تهمة وكان هيسجنه
وجتها خافت عليكم واضطرت انها تنسحب عشان متتبهدلوش في المدارس الداخلية لأنها عاشت فيها وعارفة هي صعبة جد ايه.
ولما عرفت الحجيجة سيبتها لأن خفت ارجعها جدك يأذيها ولا يعمل فيها حاچة
بس رچعت بعد عشر سنين على أمل أنكم كبرتو ومش هتخاف عليكم من تهديده
بس وجتها عرفت برچعتها ومنعتها
وضغطت عليها إننا نرچع لبعض وقولتلها إن دي الطريجة اللي هتخليكي تشوفي ولادك.
بس صراحة كنت أناني جوي وخبتها عن الدنيا كلها وآچي اهنه اسرج لحظات معها وأرجع تاني
سنة ورا سنة ووعد ورا وعد لحد ما حصلت الحادثة، خفت عليها لما تعرف تصر على انها تجف چنبك وجدك يعرف برجوعها
حتى طلاج ياسمين مكنتش تعرفه.
هي دي كل الحكاية.
نهض من مقعده وتحدث بجدية
_ أني خبرتك بكل حاچة واللي انت شايفه اعمله.
خرج من الغرفة تاركًا جواد في حيرته
ما بين قلبه الذي يطالبه الذهاب إليها وتعويضها عن كل ما مرت به
وعن عقله الذي يجبره على الرفض.
صعد عامر إلى شقته الأخرى فيجد كندا جالسة على المقعد بصمت مطبق
رأف بحالها وتقدم منها ليقول بجدية
_ أني راچع البلد دلوجت يوم واحد وهرچع تاني.
تحدثت كندا بهدوء عكس ما يعتمل بداخلها من نيران
_ مو بتفرق معي ترچع ولا لأ، خلص كل اشي بالنسبة إلي.
لم يجادلها بل تركها ودلف غرفته يبدل ملابسه وخرج من باب شقتهم وليس من الشقة الأخرى
فقد ظل طوال تلك السنوات يدلف ويخرج من باب شقته الأخرى كي لا يشك احد بشيء
فهو يعلم جيدًا بأن والده شك بالأمر وكان يراقب دخوله وخروجه حتى يعود للبلدة
وكأنه بتلك الطريقة يؤكد لها بأنه لم يعد يبالي بشيء.
________________
لأول مرة تشعر نور بذلك الفراغ وكأن شيئاً هامًا ينقصها
نظرت إلى هاتفها على أمل وصول رسالة منه تطمئنها وتعود إليها الحياة مرة أخرى لكن لا شيء
حاولت أكثر من مرة الاتصال به لكنها تتراجع
لا تملك الجرئة لفعلها
بماذا تخبره لقد هاتفها ليلًا وأخبرها بأنه سيعود اليوم مساءً فلما إذًا ذلك القلق.
دلفت الطبيبة التابعة لحالتها
_ عاملة ايه يا نور دلوقت؟
حاولت نور الابتسام كي لا يلاحظ أحد شئ وتمتمت بثبات
_ الحمد لله أحسن.
عاينتها بدقة ثم قالت
_ لاا احنا بقينا أحسن بكتير.
حاولت التجاوب مع الطبيبة كي تشغل تفكيرها قليلاً
_ بفضلك انتي بعد ربنا.
نفت الطبيبة بصدق
_ بس الفضل بعد ربنا يرجع للدكتور مراد يومين بحالهم مكنش بيسيبك لحظة واحدة وكان هيموت من القلق عليكي ربنا يخليكم لبعض.
اغمضت نور عينيها وهي تحمد ربها على خروج سلمى في ذلك الوقت
_ كدة تقدري تخرجي النهاردة بس تفضلي منتظمة على العلاج والراحة لحد ما نطمن أكتر.
خرجت الطبيبة وقد لامس حديثها عنه قلبها.
قلبها الذي لاحظت دقاته المستكانة لأول مرة منذ أن وعت على تلك الدنيا الظالمة
فقد وجدت به ما كان ينقصها حقًا حتى طغيانه الذي كان يمارسه عليها
انقضى النهار بصعوبة وكأن عقارب الساعة توقفت عن المهام بدورها
ما عادت تستطيع الانتظار اكثر من ذلك
امسكت هاتفها وقامت بمهاتفته لكنها صدمت عندما وجدته قيد الإغلاق.
ازداد شعورها بالقلق إزاءه وبدأت الأفكار السيئة تنتابها
فلم تستطع منع نفسها من سؤال سلمى عنه
_ سلمى هو دكتور مراد كلمك النهاردة؟
اغلقت سلمى الهاتف وقالت بقلق
_ لأ مكلمنيش غير مرة الصبح وقالي أنه هيرجع آخر النهار ومن وقتها وفونه مقفول
تمكن منها القلق فلم تعد تستطيع اخفاءه
فقالت بوجل
_ طيب اسألي مؤيد يمكن كلمه
_ مؤيد لسة قافل معايا من شوية وسألني هييجي أمتى.
ضغطت على شفتيها كي تمنع تلك الارتجافة وقلبها يؤكد بأنه قد أصابه مكروه
_________________
فتح مراد عينيه وهو يشعر بألم شديد يجتاح رأسه
هم بالتحرك لكنه وجد نفسه مقيد في أحد المقاعد
حاول افلات يديه من ذلك القيد لكنه لم يستطيع
تطلع إلى المكان كي يعرف أين هو لكن لم يستطيع التبين جيدًا بسبب الإضاءة الخافتة
انفتح الباب ودلف رجل وهو يتحدث في هاتفه
_ ايوة يا باشا فاق خلاص.
_……….
_ تمام اللي تشوفه جنابك.
أغلق الهاتف ووضعه على طاولة متهالكة بجواره ثم تقدم من مراد وتحدث بحدة
_ انا هفكك دلوقت بس أي غدر منك الرجاله اللي برة دي هتخلص عليك فاهم؟
رمقه مراد بنظرة ساخطة متوعدة وسأله بحدة وهو يفك قيدة
_ مين اللي بعتك؟
لم يجيبه الرجل والتزم الصمت وهو يحل وثاقه
_ بقولك مين اللي بعتك؟
رد الرجل بخشونة
_ متسألش عشان متتأذيش.
زم فمه بغضب وتحدث بانفعال
_ يظهر اللي بعتك معرفكش انت واقف جصاد مين؟
_ لأ عرفني وعشان كدة مأمن المكان كويس، هما كلهم يومين وهتخرج من هنا بلاش تتعب نفسك وتحاول تهرب
انه الرجل تهديده وخرج من المكان وأغلق الباب خلفه بإحكام
ظل مراد يبحث عن اي مخرج لكن لم يجد شيء حتى النافذة لا تسمح بعبوره منها.
انتبه لهاتفه الذي تركه الرجل على الطاولة لكنه مقيد ولن يستطيع الوصول إليه
عليه أن يصل إليه بأي شكل ويقوم بفتحه وحينها سيستطيع جواد الوصول إليه
حاول النهوض لكن لا فائدة فقد قيد الرجل قيده في المقعد
_______________
لم يستطيع جواد الانتظار اكثر من ذلك فلم يجد امامه سوى الاتصال بمؤيد والذي لم يعلم شيئاً عنه منذ أن هاتفه تلك الليلة
_ طيب انتو ليكم جرايب في مصر ممكن يروح عندهم.
انقبض قلب مؤيد على اخيه الوحيد وسأله بتوجس
_ ما تطمني يا جواد ايه اللي حصل وخبرني الحجيجة.
زم جواد فمه باستياء ولم يعرف بماذا يخبره
_ مفيش بس هو من وجت ما خرج الصبح ومرچعش لحد دلوجت وعشان إكدة بسألك يكون راح عند حد من جرايبكم.
فكر مؤيد قليلًا ثم تحدث بقلق
_ مظنش انه ممكن يروح عند حد من قرايبنا لأنه بالعادة بينزل في فندق، وبعدين هو جالي امبارح أنه هياچي اللية يمكن يكون في الطريج وفونه فصل شحن.
كان يطمئن نفسه قبل أن يطمئن جواد والذي بدوره يبحث عن أي ثغرة تطمئنه
_ طيب اني هستنى منك مكالمة تطمني لو رچع.
أغلق الهاتف ومازال القلق مسيطرًا عليه، ماذا يفعل؟
هل ينتظر اتصال مؤيد أم يذهب هو بنفسه يبحث عنه مرة أخرى
فقد ذهب للمشفى ولم يجده.
أما نور فقد ظلت تنتظره وقلبها يخفق بشدة والقلق يزداد ويزداد كلما مر الوقت ولم يعود
الكل يحاول الاتصال به لكنه مازال قيد الأغلاق.
طلب منها مؤيد العودة معه لكنها أبت بشدة وأصرت على البقاء حتى تطمئن عليه
_______________
عاد عامر إلى القصر وتوجه مباشرة إلى مكتب والده بل قلعته كما يطلق عليها
فتح الباب واندفع عامر ليجد والده جالسًا بشموخ كعادته خلف مكتبه
تقدم منه وهو يسأله
_ هو سؤال واحد مفيش غيره، انت اللي بلغت عن مرات جواد؟
عاد حسان بظهره للوراء ورد بمراوغة
_ مش بالظبط.
ضيق عامر عينيه متسائلًا
_ يعني ايه؟ ليك يد ولا لأ.
نهض حسان وتقدم من ابنه وهو ينظر إليه بكل جبروت وتابع بقوة
_ اللي يخرچ عن طوعي يتحمل آذايا، أني خيرته عايز تخرچ مرتك الصبح هتكون في بيتك مقابل إنك ترچع الجصر بس هو عاند يبجى يتحمل.
قطب عامر جبينه بدهشة من جبروت ذلك الرجل وكأن الدنيا تسير نهج مخططاته هو وحده ولا يبالي بمشاعر أحد
_ انت ايه؟ وايه اللي رايد توصله بالظبط
الأول بدأت بياسمين أختي الله يرحمها وموتها بحصرتها على چوزها بعد ما جتلته جدام عينيها وشردت ابنها ومحدش خابر حاچة عنيه، وبعدها وجيه لما حكمت عليه يتزوچ كريمة ويسيب اللي جالبه أختارها وعاش حياته معها في جحيم لحد ما مات.
عالى صوته هادرًا
_ وبعدها أني لما بعدت الأنسانة الوحيدة اللي حبيتها واتخلت عن كل حاچة عشاني وأجبرتها تتخلى عني وعن ولادها ووصلت بيك الحقارة إنك تهددها بالفضيحة عشان تبعدها عني
وبعدها كملت بولادي
دمرت ابني ولسة بتدمر فيه عشان ترچعه تحت سيطرتك ونسيت إن چواد بجى واحد تاني غير اللي ربيته
عمره ما هيرضخ ليك مهما عملت.
وصلت بيك حتى إنك تبعت خالد يهدد بنتي ويجبرها أنها ترجعه
رفع سبابته في وجهه وتابع بغضب
_ بس يكون في معلومك من بعد النهاردة مليكش صالح بيا انا وولادي
وعايز تعرف حاچة كمان؛ أني رچعت كندا.
اتسعت عين حسان بصدمة كبيرة وتابع عامر بتشفي
_ ومن خمس سنين كمان، واصدمك أكتر وأجولك أنها چات الجصر وشافت فرح ولادها كمان
وضع حسان يده على صدره وهو يشعر بألم شديد يجتاح قلبه فاستند بيده على حافة المكتب وتابع عامر بسخرية
_ عرفت بجا إنك كبرت ومبجتش تعرفي تمشي عيلتك على كيفك؟
رمقه عامر بأسف
_ ولعلمك بعد ما تموت مش هتلاجي حد منهم يترحم عليك لأن كلهم بيكرهوك.
اني ماشي من الجصر والبلد بحالها وهاخد بنتي معاي ومش هرچع البلد دي واصل اشبع بجا بالجصر واللي فيه.
خرج عامر من المكتب ولم ينتبه للذي سقط على الأرض وهو يضع يده على قلبه بألم شديد
_______________
لم يستطيع آدم الذهاب إلى القاهرة عندما علم بما كدث لزوجة جواد ونار الانتقام بداخله عادت تنبض من جديد
عليه أن يواجه ذلك الرجل ويكون انتقامه واضحًا دون تخفي
ذهب إلى القصر ودخله باندفاع ولم يبالي بنظرات العاملين الذين يرمقونه بحيرة
دلف إلى المكتب دون أن يطرقه فيجد حسان ساقطًا على الأرضية الصلبة كصلابة قلبه واضعًا يده على قلبه
لم يرق قلبه له بل تقدم منه ينظر إليه من علياءه وهو قابعًا تحت قدميه
فتطلع إليه حسان باستنجاد لكن آدم لم يبالي به وتطلع إليه بتشفي قائلاً
_ كيف ما اتمنيت بالظبط إني اشوفك مرمي تحت رچليا كيف ما رميت أبويا تحت رچليك غرجان في دمه.
لم يفهم حسان شيء وتابع وهو يميل عليه
_ خابر مين اللي واجف جدامك دلوجت؟
غمغم بغضب
_ أني ابن حسن الصوان فاكره زين ولا تحب افكرك.
ازداد تعرقه وأنفاسه التي أصبحت ثقيلة حتى أنه يواجه صعوبة في التنفس وتابع آدم تعذيبه
_ ورايد تعرف حاچة كمان؟
أني بعيد اللي أبويا عمله مع ياسمين حفيدتك وجريب جوي هتكون من نصيبي، بس بعد ما أخلص عليك وأرحم الناس من شرك.
أخرج آدم السلاح من جيبه ووضع به كاتم الصوت وهم بتصويبه لكن صوت أحدهم بالخارج جعله يتراجع ويضطر للوقوف خلف باب الشرفة
دلف خالد فيتفاجئ به ساقطًا على الأرضية
تقدم منه كي يتأكد مما يراه
فها هو حسان الخليلي ساقطًا على الأرض لا حول له ولا قوة
ضاع الجباروت وضاعت الهيبة وهو مستلقي يصارع لألتقاط أنفاسه
تطلع إليه بسخرية وهو يقول بفتور
_ معقول حسان الخليلي يقع الوقعة دي؟
زم فمه بحيرة وتابع
_ بصراحة نفسي اسيبك واجفل عليك الباب ده لحد ما تموت بس للأسف جلبي الحنين رافض يعمل إكدة
وخصوصاً إني لسة محتاچك حي
مال عليه ليغمغم بحنق
_ بس ورحمة أبويا لا أخليك تتمنى الموت في كل دجيجة.
لم يستطيع قلب حسان تحمل ذلك الكم من الصدمات وتطلع لخالد بحنق قبل ان يفقد وعيه.
________________
كانت ليلة صعبة على الجميع
واولهم جواد الذي لم يعد يستطيع الانتظار اكثر من ذلك وتوجه في الصباح إلى مركز الشرطة كي يقدم محضر أختفاء، فقد مر اربع وعشرون ساعة ولم يعود
سأله الضابط
_ طيب مقالكش هو رايح فين بالظبط؟
رد جواد بثبوت
_ كان رايح المستشفى بصفته دكتور عشان يشوف حالة امين الشرطة ده ومرچعش من وجتها وحتى أهله ميعرفوش عنه حاچة، أني چاي بس لجل ما يكون كل حاچة رسمية يمكن تفيدنا في القضية.
اومأ الضابط بتفاهم
_ طيب خلينا نروح المستشفى دلوقت وإن ملقناش دليل هنتخذ إجراءات تانية
في المشفى
توجهت الشرطة إلى المشفى وطلبت بتفريغ الكاميرات وقلب جواد ينتفض بخوف على صديقه
أخبرهم بميعاد خروجه وبدأوا التفريغ من ذلك الوقت ليروا دخوله بالفعل مما جعل قلب جواد يطرقه الأمل فقال بقلب لهيف
_ هو ده.
ظل الضابط يتابع التفريغ لكنهم لم يشاهدوا خروجه فقال الضابط للعامل
_ فرغلي كاميرات البوابة الخلفية.
وكذلك الأمر لم يروا خروجه مما اكد شك جواد
قال مدير المشفى الذي شاهد ما يحدث
_ لو عايزين تفتشوا المستشفى اتفضلوا.
قامت الشرطة بتفتيش المشفى فلم يجدوا سوى حقيبته التي تركها في المرحاض مما اكد شكهم في الأمر
شدد الضابط الحراسة على حسين ومنع دخول أي أحد إليه حتى الأطباء ماعدا مدير المشفى.
______________
في الصباح فتح رجل آخر الباب وهو يحمل طعام الافطار
وضعه على الطاولة المتهالكة وقال بغلظة وهو يخرج سلاحه من بنطاله
_ انا هفكك دلوقت أي حركة غدر هخلص عليك
لم يرد عليه مراد وتركه يحل وثاقه ثم باغته بضربة في جوفه بركبته جعلت الرجل ينحني متألمًا ثم لوى ذراعه خلف ظهره والذراع الآخر وضعه حول عنقه وغمغم بهدوء قبل أن يفقده وعيه
_ مش مراد العمري اللي يتثبت كيف الخروف.
تركه يسقط أرضًا ثم أخذ هاتفه وقام مسرعًا بفتحه والاتصال على جواد
لم يصدق جواد عينيه عندما رآى اسم مراد على هاتفه وهو يقود سيارته متجهًا إلى قسم الشرطة فأجاب مسرعًا دون تردد
_ مراد؟
رد مراد بحنق
_ أيوة زفت انت فين وسايبني مع المجرمين دول؟
أوقف جواد السيارة جانبًا ورد بروية
_ مخلتش مكان مدورتش فيه المهم انت فين؟
فتح مراد الباب قليلًا كي ينظر للخارج لكنه وجد كثير من الرجال بالخارج.
_ مش عارف بس هبعتلك اللوكيشن ووصله بسرعة للشرطة قبل ما حد منهم ياخد باله، وانت اطلع على المستشفى لأن الراجل ده طلع متخدر مش في غيبوبة.
قطب جواد جبينه بدهشة وسأله
_ كيف ده ومين اللي يعمل حاچة زي دي؟
_ مش وقته الراجل ده ممكن حياته تكون في خطر ابعتلي الشرطة وانت اطلع على المستشفى
أنهى مراد المكالمة وبعث له الموقع ثم وضعه في جيبه ورفع الرجل ليجلسه على المقعد مكانه وقام بتقييده.
أتصل جواد على الضابط ليخبره بكل شيء ولم يتأخر الضابط وأسرع بالاتصال إلى الشرطة القريبة من الموقع والتي داهمت المكان وقاموا بالقبض عليهم وإخراج مراد
أما جواد فأسرع إلى المشفى والغضب يتآكله وأقسم أن ينتقم ممن كان سبباً في كل ما يحدث
وصل إلى المشفى وتوجه إلى غرفة الرجل
هم الحارس بمنعه لكن الغضب تحكم به ودفع الرجل بعيدًا ودلف الغرفة
ارتبكت الممرضة التي تفاجئت بدخوله وسقطت الإبرة من يدها مما أكد لجواد ما اخبره به
فقالت الممرضة بارتباك
_ انت بتعمل ….
قاطعها جواد وهو يدنو منها يمسكها من عنقها والصق ظهرها بالحائط وهو يغمغم من بين أسنانه
_ مين اللي جالك تعملي إكدة؟
ازدردت لعابها بوجل وتمتمت برهبة
_ ا..انا.. معملتش حاجة..
قاطعها جواد بهدر ارعبها وشدد من قبضته حول عنقها
_ بجولك مين اللي جالك تحطي المخدر له؟
ارتعبت الممرضة أكثر وردت بخوف
_ والله ما اعرفه وهو جاني وطلب مني إني احطله مخدر وسابلي مبلغ كبير وكنت محتجاه، بس والله ما اعرفه
جذبها من عنقها وقربها من الفراش وهو يقول بأمر
_ فوجيه.
ارتبكت الممرضة اكثر وتمتمت بخوف
_ أرجوك بلاش، ده هددني.
هدر بها جواد وهو يرفع سلاحه في وجهها
_ جولتلك فوجيه يا إما أني اللي هخلص عليكي.
أومأت له بذعر عندما رأت السلاح مصوب إليها ودنت من الرجل وقامت برفع الأجهزة عنه ثم حقنته بمادة جعلته يرمش بعينيه وجواد ينظر إليه بغضب لو خرج منه لصرع الرجل قتيلًا في حينها.
_______________
في المزرعة
دلف عامر لينادي ابنته
_ ياسمين.
خرجت ام نعمة من المطبخ وهي تسأله بقلق
_ خير يا عامر بيه؟
رد عامر بحدة
_ اطلعي لياسمين وخليها تلم هدومها عشان هتاچي معاي.
لم تستطيع السيدة ان تستفهم منه وهو في تلك الحالة وصعدت لياسمين التي اندهشت بدورها
_ معجول هياخدني للجصر؟
هزت راسها بحيرة
_ معرفش يا بنتي بس هو متعصب جوي مردتش أسأله انزلي واسأليه بنفسك
وبالفعل نزلت ياسمين لتجده جالسًا على المقعد بوجه متهجم
تقدمت منه تسأله بقلق
_ مالك يابا في حاچة؟
حاول عامر أن يكون هادئًا عندما لاحظ الخوف بعينيها وتمتم بثبات
_ مفيش بس كل الحكاية إني سيبت الجصر وهنعيش في القاهرة
ازداد اندهاشها أكثر وهمت بسؤاله عن السبب لكنه قاطعها
_ جولتلك يلا بسرعة عشان ميعاد الجطر.
أومأت له ياسمين وعادت لغرفتها كي تحمل أغراضها وأغراض يزن الذي كان نائمًا بعد فترة طويلة من البكاء على توليب.
ترجلت الدرج وهي تحمل يزن ونعمة تحمل حقائبها ثم استقلت السيارة معه وانطلقوا إلى محطة القطار.
_________________
لم توافق نور على العودة إلى المنزل من دونه وأصرت على البقاء حتي يأتي وتعود معه
الخوف سيطر على الجميع ولم يعود مراد حتى الآن
رفضت نور تناول طعامها رغم محاولة الجميع معها وأصبح شعور الفقد مسيطرًا عليها
ماذا لو فقدته هو أيضًا
ماذا سيكون مصيرها إذا رحل عنها بدوره
دلفت المرحاض وظلت تبكي بهستيرية والخوف يفعم قلبها
لن تستطيع تحمل خسارة أخرى
لن يتحمل قلبها كل تلك الآلام وكأن الفقد أصبح قدرًا محتمًا في حياتها
أسندت ظهرها على الحائط وتضع يدها على فمها تحكم شهقاتها لكن لم تستطيع تلك اليد الواهنة كتمها.
بيد مرتعشة امسكت هاتفها الذي اخذته معها وأخذت تضغط بأناملها المرتجفة على أحرف هاتفها فتجمع كلمات خطت بدموعها المتألمة بغيابه تلك الرسالة وبعثتها له
_______________
تطلع جواد إلى الرجل الذي فتح عينيه أخيرًا وتحدث بوهن
_ انا فين؟
تقدم منه جواد ليميل عليه وتحدث بلهجة بثت الرعب في قلب الرجل
_ انت في جحيم جواد الخليلي، فوج إكدة لأني رايدك حي.
ازدرد الرجل جفاف حلقه وهو يرى نظرات جواد المرعبة وعاد يتظاهر بالتعب
بعث النقيب حسام لأحد الأطباء كي يعاين حالته والذي أكد بأنه بصحة جيدة ويسمح باستجوابه.
داهمة الشرطة مكان مراد في خلال دقائق وتم أخراجه بعد القبض على الموجودين وتم ترحيل الرجل للنيابة كي يتم استجوابه
________________
وصل عامر وياسمين إلى المنزل ودلف وهو يتخيل رد فعل ابنته عندما تعلم بوجود كندا كل تلك الفترة
أغلق الباب خلفه وتطلع إلى حفيده الذي بدأ عليهم التعب من طول الطريق وقال بهدوء
_ ادخلي نيميه في الاوضة دي وتعالي عشان رايدك في موضوع مهم.
أومأت له بصمت ثم دلفت الغرفة ثم قام بالاتصال على زوجته
لم تجيب من المرة الأولى وبعد محاولات كثيرة ردت بفتور
_ شو بدك يا عامر.
_ انزلي عشان تشوفي ياسمين وادخلي من باب الشجة مش من الباب التاني معدش عندي حاچة أخبيها.
اغلق الهاتف وتطلع إلى ياسمين التي خرجت من الغرفة وتقدمت منه تسأله
_ خير؟
أشار لها بالجلوس
_ اجعدي لول واسمعيني.
قطبت جبينها بحيرة وجلست بجواره تنتظر حديثه
_ الكلام اللي هجوله ده ياريت تسمعه زين وتجدري موجفنا أني وأمك، واظن انتي خابرة جدك زين وخابرة ايه اللي ممكن يعمله لو حد عصى اوامره، وعشان إكدة اضطرينا إننا نخلي عليكم.
لم تفهم ياسمين شيء مما يقول وبدأ هو في قص كل شيء منذ ذهابها حتى تلك اللحظة وياسمين تسمعه بذهول
هل كانت والدتها بذلك القرب منها ولم تدري؟
هل حضرت فرحها وصافحتها ولم تعرفها؟
خمس سنوات عاشت تحلم بها وهي بجوارها لا تفصلها عنها سوى ساعات قليلة؟
التفتت للباب حينما انفتح ودلفت منه كندا التي نظرت إليها باشتياق وتتساءل هل سينصفها القدر تلك المرة؟
أم ستكون ردت فعلها مثل جواد.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية التل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *