روايات

رواية كسرة وضمة وسكون الفصل السابع عشر 17 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية كسرة وضمة وسكون الفصل السابع عشر 17 بقلم رحاب ابراهيم حسن

رواية كسرة وضمة وسكون البارت السابع عشر

رواية كسرة وضمة وسكون الجزء السابع عشر

كسرة وضمة وسكون
كسرة وضمة وسكون

رواية كسرة وضمة وسكون الحلقة السابعة عشر

دهشت شهد لبرهة وبعدها تملّكها الغيظ من ردة فعله المستفزة الهادئة وصاحت:
_ هو ده الحل يعني من وجهة نظرك ؟! .. فكر في حل تاني !.
تحدث حازم وقال محاولا إقناعها برأيه :
_ على فكرة بقا دي إشارة ليكي، مش كنتي مترددة توافقي على الاقتراح بتاعي للخطوبة ؟! .. أهي جت من غير أي مجهود مننا، دلوقتي بقا هيبقى ليكي حجة قدام أختك وما تشكش فيكي !.
نفخت شهد بإحباط وقالت :
_ من جهة تشك فهي شكت وخلاص، لإنها شافتني واقفة معاك قدام الجامعة ، عشان كده هي تقريبًا مشيت من عند بيلا وراحت لمكان تاني مرضيتش تقولي على عنوانه .. رقة أختي بسبب أخوك مابقتش واثقة في حد !.
تفاجأ حازم من أنتقالها بتلك السرعة وقال بعصبية:
_ يعني هدور عليها من أول وجديد !! .. أنا هجيب بيلا وهخليها تعترف على مكانها بطريقتي.
اعترضت شهد وقالت بتحذير:
_ أوعى تعمل كده !! .. ومالكش دعوة برقة أو حتى بيلا وما تعكش أكتر ما أخوك عك .. المطلوب منك دلوقتي أنك تسكت وما تتكلمش مع أشهد خالص!، وأنا لما الاقيها هديت هكلمك على طول عشان تقول لأشهد يروحلها، أنما مقابلتهم دلوقتي مش مضمون نتايجها
رد حازم بشيء جعل شهد تحملق بصدمة:
_ موافق بس بشرط .. إننا نتخطب، وعشان تطلعي نفسك بريئة قدامها قوليلها أني جيتلك الجامعة أساومك بالخطوبة وإلا هقول لأشهد إنها مع بيلا .. وأنك اضطريتي توافقي عشان أسكت !.
هتفت شهد بأنفعال رغم التوتر الهائل بداخلها :
_ طب ما هي دي الحقيقة ! .. ما أنت بتساومني أهو؟!.
ابتسم حازم بتلاعب وقال :
_ ماشي كلامك .. ورغم ذلك أنتي عارفة أن نيتي خير للجميع وأني حددت ميعاد الخطوبة بعد امتحاناتك على طول.
لم يكن ذلك الأمر بحسبان شهد فقالت بتردد وقلق :
_ ميعاد الخطوبة ؟! … لأ .. مش للدرجادي !!
استفهم منها حازم ردها :
_ مش للدرجادي إيه ؟! .. أومال خطوبة سكيتي كده ؟!
صممت شهد وهي ترتجف من مجرد تخيل التنفيذ ومدى رد فعل شقيقتها :
_ أيوة مش موافقة على كده .. يعني أختي تكون هتطلق من واحد واروح أنا اتخطب لأخوه وبحفلة كمان ؟! .. ده أنا يبقى معنديش ريحة الدم !…
تنفس حازم بضيق وتغير مزاجه ثم قال :
_ طب أنا عندي فكرة تانية .. قوليلها أني مصمم أخطبك وهسيبلكم أنتوا اختيار المناسب ليكوا .. المهم نتهبب نتخطب بقا!.
سكتت شهد وهي تزم شفتيها بتفكير وعصبية ثم تمتمت بخفوت:
_ مش ده الوقت المناسب عشان أكلمها، دي هتتجنن من ساعة ما شافته في المطعم مع واحدة !.
ضيّق حازم عيناه بتعجب ثم أوضح موقف شقيقه وحقيقته :
_ أشهد مكنش في المطعم مع واحدة ! … ده كان في شغل وبيخلصه !.
ارتبكت شهد لأفصاحها لهذا الأمر ولكن قالت عصبية بما أنه سمع حديثها مع نفسها:
_ وهو شغل ايه ده اللي يفضل يرقص فيه مع واحدة وهي مرمية على صدره وابتسامات ونظرات وهمسات!! .. ده أنتوا الرجالة صنف نمرود ما يملاش عينكم غير التراب !!
ابتسم حازم بخبث وقال بشيء من السخرية ظهر بصوته :
_ واضح فعلًا إن أختك كرهته أوي ومابقتش عايزاه خالص!! .. يتمنعن وهنّ الراغبات !! ..
أطلقت شهد أسهم نارية من عينيها وصاحت به عبر الهاتف :
_ أصل أسمع كلامك اصدقك أشوف أمورك استعجب !! .. معتقدتش دي تصرفات واحد بيحب واحدة ويتجنن ويشوفها زي ما فهمتني !! ..
وهنا رد حازم بصدق ومنطقية:
_ وأنا مكدبتش عليكي يا شهد ودي الحقيقة فعلًا .. بس الشغل ماينفعش يقف دي بيوت مفتوحة ومصالح ناس ، ولو بتتكلمي عن اللي أختك شافته فأحب أقولك أن أشهد ما بيحبش السلو أصلًا وخصوصا بعد إصابة رجله .. فأكيد هو عمل كده مجاملة للعميلة اللي معاه اللي متأكد أنها هي اللي طلبت ! .. وهدوئه اللي ظاهر للكل ده أنا بشوف حقيقته بعد ما برجع واطلعله أوضته وأشوف حالته .. مش مطلوب منه أنه يعيط ويكسر ويدغدغ اللي تطوله ايديه !! .. خصوصا مع واحدة مختفية بمزاجها ومش عايزة حتى تسيبله نص فرصة يدافع عن نفسه ويفهمها الحقيقة !.
اقتنعت شهد بإجابته وقالت :
_ حاولت بكل الطرق اقنعها تقابله ورفضت ! ..
رد حازم بلطف وهدوء:
_ هي بتحبه أوي ولسه مصدومة خصوصا مع حكاية الفيديو اللي شافته … أنا شايف إنها معذورة برضه في رد فعلها، مش كلنا بنقدر نتحمل الصدمات في اللي بنحبهم.
واستطرد بخبث قاصدا شيء :
_ يعني أنا مثلًا .. محضرلك حتة خدعة وصدمة فيا أنما هتهبلك .. ده خطوبتنا هتبقى كده وكده جدًا !.
فهمت شهد مقصده وابتسمت وكتمت ضحكتها ثم تظاهرت بالجدية وهي تقول :
_ يا حج روح كمل نومك الأول وبعدين فكر تصدمني .. سلام بقا ورايا مذاكرة… وآه قبل ما أنسى، ماأشوفش وشك قدام الجامعة تاني وإلّا ..
سحق حازم أسنانه من الغيظ ثم هتف قائلًا :
_ أقفلي قبل الشخصية التانية اللي جوايا ما تظهر .. وساعتها نهاية قصتنا هتبقى مأساوية أكتر من أخويا وأختك .. اقفلي يا شهد قبل ما أفقد التحكم في قليل الأدب اللي جوايا وأرد عليكي!.
أجابت شهد سريعا :
_ حاضر ..
وبعدها أنهت المكالمة وهي تضحك ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
القى كريم بمكتبه ملف ورقي كبير على الأرض بعصبية زائدة، ثم قال لسكرتيرته بغضب:
_ أهم ٣ عملا عندنا راحوا في غمضة عين وورا بعض وفي أسبوع واحد !! .. انهوا شغلهم معانا من غير أي مقدمات ولا نقاش؟! أزاي ده يحصل ؟!
أجابت السكرتيرة عليه بتوتر وقالت:
_ دورت على السبب وعرفته بصعوبة، واللي عرفته يا فندم أنهم هيبدأو شغل مع شركة الباشمهندس أشهد شاهين، وسمعت يعني أنه هيبدأ معاهم مشاريع ضخمة أكبر من أمكانيات شركتنا !.
لم يكن هناك مجال لتفسر أكثر من ذلك، فهز كريم رأسه بانفعال وقال :
_ أنا كده فهمت .. كنت عارف أنه مش هيسكت !.
تعجبت السكرتيرة لجملته الاخيرة ولم تفهمها جيدًا، حتى أشار لها كريم بيده لتنصرف من أمامه وتغادر المكتب .. ثم تنفس كريم بغضب شديد وهو يصيح :
_ أسوأ قرار خدته لما وافقتك يا نهال على خطتك الغبية ضد أشهد شاهين .. وللأسف مضطر أكمل !!.
وفي خضم غضب كريم وحالته السيئة رفع هاتفه وأتصل بهاتف بيلا التي اجابت سريعا وقال لها بحدة :
_ أنتي فين ؟
اجفلت بيلا من نبرته الحادة دون مبرر معها وأجابت :
_ في الأتيليه .. ليه ؟
نهض كريم من مقعده وقال :
_ خليكي عندك ، أنا جايلك.
قلقت بيلا من حدة صوته وسألته باهتمام :
_ مالك .. في ايه ؟!
رد عليها كريم وهو يلتقط مفاتيح سيارته ويضعها بجيبه :
_ مخنوق وعندي شوية مشاكل في الشغل .. لو مش عايزاني أجي قوليلي ؟
أجابت بيلا سريعا وقالت :
_ لأ أتفضل طبعا .. أنا أصلًا كنت هتصل بيك عشان اخلص معاك شوية حاجات بخصوص شغلنا ..
وفهم كريم من صوتها المرتبك أنها أرادت رؤيته فقط ولكنها بررت موقفها بحجة العمل.. فقال بعجالة:
_ تمام .. ساعة بالكتير وأكون عندك.
وضعت بيلا الهاتف بعد إنتهاء الإتصال وهي تبتسم، شعور عانق قلبها حالما انتبهت إنه عندما ضاق صدره وكثرت همومه بحث عنها دونً عن الجميع !.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وبالجامعة ..
عندما انغمست شهد بالدراسة ومحاضرات هذا اليوم انتبهت من جديد لهمهمات البعض عليها .. فوكزتها صديقتها نور كي تتحكم بأعصابها وتتجاهل الأمر .. ولكن نظرت شهد لصديقة بثقة وقالت بصوتً تعمدت أن يصل لأكبر عدد حولها:
_ لما نحدد أنا وحازم ميعاد الخطوبة هبقى أعزم الكل يا نور ، لسه محددناش والله.
ذهلت نور وفغرت فاها محدقة لشهد ولمَ قالته .. فابتسمت شهد بإعتزاز لها واكدت:
_ هو كان مستعجل بس أنا اللي اصريت نأجل شوية.
لم تشعر شهد بتفاجأ الفتيات حولها ولكن التمست من بعضهن نظرات الحسد والحقد الواضحة، بينما انتظرت نور حتى انتهت المحاضرة وأوقفت شهد وهي تسألها بضيق :
_ أنتي بتأكدي الأشاعات وهتعملي لنفسك مشاكل كده !!.
اجابت شهد بتأكيد:
_ لأ ماهي مابقتش إشاعة ولا حاجة .. بقت حقيقة وفعلًا هنتخطب أنا وحازم قريب.
نظرت لها نور بدهشة واستفسرت :
_ أنتي وافقتي على خطته ؟!.
وهنا تملّك القلق من قلب شهد مجددّا وأجابت :
_ عندي أمل أني اقدر الم الشمل من تاني بسبب الخطوبة دي .. واللي مطمني أن رقة ما أتهمتش حازم بأي حاجة.
قالت نور بصدق وأرادت أن تحدثها بواقعية لكي تنتبه وتحذر :
_ بصي ياشهد عشان أكون واضحة معاكي .. الخطوبة دي يأما فعلا هتلم شملهم حتى لو على المدى البعيد .. يأما هتخسرك أختك للأبد، وحازم شكله حبك بجد ومش بسهولة هيفركش لو أشهد وأختك اتطلقوا ! .. وساعتها هيكون القرار بالنسبالك صعب .. أنتي فكرتي في كل ده ؟!.
تنفست شهد بثقل شديد جاثم على قلبها وأجابت :
_ فكرت وقررت يا نور .. المشكلة دلوقتي أني مش عارفة هفاتح رقة أزاي وأقولها!.
دعمتها نور وطمأنتها قائلة :
_ طالما قررتي يبقى توكلي على الله وكلميها وشوفي رد فعلها .. واللي اقدر اقولهولك وأنصحك بيه إنك ما تخسريش أختك عشان أي حد.
أجابت شهد بتأكيد :
_ مستحيل ده يحصل ما تقلقيش.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
تهيأت بيلا وحسنت مظهرها قبل أن يأت كريم لعندها، وعندما دخل لمكتبها جلس قبالتها دون حديث !
كأنه أتى ليصمت ! ..
فطلبت بيلا له مشروبه المفضل ونظرت له قائلة وهي لا زالت جالسةً على مقعد مكتبها :
_ لو كل مشكلة هتقابلنا في الشغل هتقفلنا كده مكنش حد أشتغل !.
أرجع كريم ظهره للهلف بجلسة أكثر ارياحية وكأنه يتحدث مع طبيبيا نفسيا وأجاب بصدق :
_ دي مش بس مشكلة يا بيلا .. ده عدو قاصد يخسرني كل شغلي وزبايني !! .. وللأسف قدر يعمل كده، ده واحد مستعد يعمل اي حاجة عشان يدمرني ! ..
ورغم بشاعة الفكرة وقبضة قلبها ولكنها قالت بلطف :
_ ومين قالك أننا كلنا مش بنقابل نفس مشكلتك ؟!، طب تعرف يا كريم أن في مصممة بتعمل نفس فساتيني بسعر أقل بكتير أوي لمجرد تضرب اسمي في السوق !.. وما تستغربش لو قولتلك أني لا أعرفها ولا عمري شوفتها ولا اتعاملت معاها .. بس هو ده قانون البيزنس ولازم تتحمله وتواجهه.
نظر لها كريم واستمع حديثها بتمعن ودقة، حتى ظهرت الابتسامة على شفتيها ببطء مما جعل بيلا ترتبك وتحمر وجنتيها بقوة .. فسألته بحرج :
_ كويس إنك ابتسمت .. بس هو أنا كلامي للدرجادي يضحك ؟!
ولأول مرة يشهر كريم بتلك الارياحية مع امرأة وأجاب بصدق :
_ لأ مش كده .. بس نادرا لما بشوف حد نضيف اوي كده من جواه … أنتي مريحة جدًا يا بيلا، وحقيقي بشكر كل الظروف اللي عرفتني عليكي.
اجابت سريعا وهي تنهض وأخفت ابتسامتها قائلة :
_ طب ممكن تيجي معايا وتفضيلي نفسك ساعتين بس ؟
وافق كريم دون تفكير وقال :
_ معاكي اليوم كله لو حبيتي.
أخذت بيلا هاتفها ومفاتيح سيارتها وقالت وهي تبتسم :
_ تعالى معايا هتتبسط أوي.
وأخذته بيلا وتوجهان نحو أحدى دور رعاية الأيتام .. ولم تخبره الا عندما وقفت بسيارتها أمام دار الرعاية وقالت مبتسمة بمرح :
_ صدقني هتتبسط أوي، شيل معايا من شنطة العربية شنط اللعب.
نظر كريم لدار رعاية الأيتام بشعور احتقار لنفسه وهو من ظن أنها ستأخذه لمنزلها لبعض الراحة !! .. وهتفت بيلا عليه ليخرج من السيارة ويشاركها بحمل الألعاب لداخل الدار .
وسار معها وهو ناظرا لها بشرود وأعجاب شديد مراقبا أدق تعابيرها وضحكاتها ولهفة الصغار عند رؤيتها وصراخهم بسرور وهي توزع عليهم الهدايا ..
وقفت بيلا بعد الأنتهاء وهي تنظر لسعادتهم بسعادة مماثلة حتى قالت :
_ أكتر مكان برتاح فيه ..
سألها مبتسما :
_ بتيجي هنا من زمان ؟
اجابت بصدق :
_ من قبل ما أبقى بيلا جود .. باجي هنا لما كنت لسه اسمي أمينة فتحي.
صمت كريم لوهلة ثم مصرحا برأيه :
_ أمينة أحلى من بيلا .. غيرتي اسمك ليه ؟
ابتسمت بيلا وقالت باعتراف :
_ كنت زمان شايفة أنه مش اسم ينفع لمصممة مشهورة ، وبصراحة أكتر .. الاسم ده بيفكرني بأيام صعبة عشتها.
نظر كريم لها بنفس الابتسامة والنظرة العميقة وقال :
_ أنا حبيت أمينة أكتر .. مش هقولك يا بيلا تاني !.
التفتت له بيلا وحاولت أن تستشفه حقيقة أمر هذا الرجل وما يفكر فيه .. فقالت مبتسمة بمزاح :
_ خلينا في بيلا دلوقتي.
رفض كريم وأصر :
_ لا يا أمينة .. كده أحلى، يمكن في ذكريات أجمل هتنسيكي الصعب اللي فات.
تحاشت بيلا النظر اليه وهي تبتسم وتظاهرت بالضحك مع الصغار والمرح معهم.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وبالمساء ..
حاولت شهد الاتصال مرارا وتكرارا على هاتف رقة، وبصعوبة حتى أجابت رقة قائلة :
_ معلش يا شهد كنت مشغولة طول اليوم بالشغل وما شوفتش التليفون.
عذرتها شهد وتحدثت بقلق :
_ ولا يهمك .. بس ،كنت عايزة اتكلم معاكي شوية.
شعرت رقة بشيء تخفيه شقيقتها فقالت :
_ طب ما تتكلمي ؟
ابتلعت شهد ريقها وقالت :
_ لأ .. عايزة أقابلك ، الموضوع ده مش هينفع في التليفون !
ران صمت لبعض اللحظات حتى قالت رقة بشيء من السخؤية :
_ ده موضوع ايه اللي ما ينفعش في التليفون ده ؟! .. أوعي تقولي أن حازم اتقدملك ؟!
دهشت شهد وتعجبت بأن افكارها باتت مقروءة لرقة لتلك الدرجة !، فقالت بقلق :
_ للأسف دي الحقيقة .. هو بالأصح بيساومني إننا نتخطب ، لأنه عرف أن بيلا معاكي وجالي الجامعة عشان كده .. وبيتشرط عليا اننا نتخطب والا هيقول لأشهد مكانك !.
وتوقعت شهد رد فعل قاس من شقيقتها، بينما ما كان أن رقة دخلت بنوبة من الضحك حتى قالت بعد لحظات :
_ وافقي .. شكله بيحبك يا شهد وواخدها حجة ، بس نصيحة من أختك، خلي قلبك يصبر ومايديش الأمان على الأقل لحد ما تتأكدي.
صدمت شهد من ردة فعلها وقالت بدهشة :
_ يعني أنتي مش زعلانة ؟!
أجابت رقة بصدق :
_ هزعل ليه يا عبيطة ؟! .. حازم أنا واخدة بالي من فترة أنه معجب بيكي بجد .. وانا عارفة انك أنتي كمان معجبة بيه، خدي فرصتك يا شهد وافرحي، بس ما تديش الأمان لحد ما تتأكدي أنه فعلا شاريكي وعايزك .. أنا مش أنانية عشان أحرمك من فرحة انتي عايزاها !.
سقطت من عين شهد دمعة وقالت :
_ مش هقدر أدخل في العيلة دي وأنتي مش معايا !.. مش هعرف أفرح وأنتي قلبك موجوع!.
تنفست رقة بقوة وقاومت حتى لا تضعف وتبك ، ثم قالت :
_ انا كنت عارفة أن حازم هيتقدملك في اي وقت .. وعايزاكي ما تتردديش وتوافقي، على الأقل عشان محدش يقول أني ضيعتلك فرحتك زي ما فرحتي ضاعت .. وافقي يا شهد وأفرحي، أنا واثقة فيكي وعارفة أنك مش غبية زيي وهتلغي عقلك بكلمتين حلوين.
بكت شهد بقوة وقالت بمحبة :
_ أنا أسفة يا رقة على كل لحظة وجعتك وفهمتك غلط فيها، أنتي ما اتغيرتيش زي ما كنت فاهمة .. أنتي لسه مصدومة و..
قاطعتها رقة قبل أن يتخذان هذا المنحنى العاطفي وقالت :
_ المهم دلوقتي أنتي .. انتوا اتفقتوا على ميعاد الخطوبة ؟
نفت شهد وقالت :
_ لأ طبعا .. الخطوبة شرط تكوني أنتي موجودة فيها وقدام الكل ، لو مش كده مش هوافق يا رقة.
فكرت رقة بضيق للحظات ثم قالت :
_ طب سبيني ارتب أموري وأفكر شوية مع نفسي يا شهد .. وعموما يستحسن تخلصي امتحاناتك الأول.
وافقتها شهد :
_ أيوة قولتله كده ..
قالت رقة بارتياح :
_ تمام .. كده قدامي لسه وقت.
لم تفهم شهد ما تفكر فيه فسألتها بشك :
_ قصدك ايه ؟
ابتسمت رقة بمكر ثم قالت :
_ ما اقصدش يا شهد .. اللي اقصده أني أفكر كويس قبل ما أواجه أشهد عشان الطلاق.
قلقت شهد أن تدخل معها بنقاش لن يثمر سوى عن زيادة التصميم والاصرار على الطلاق .. فقالت :
_ تمام ..
وهنا انتهت المكالمة واتسعت ابتسامة رقة وهي تقول :
_ هتكون الحملة بدأت وبقيت واحدة تانية !.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
بعد مرور عدة أيام ..
صدمت نهال بأمر الضرائب التي ستتسبب في انتهاء الفرع الجديد للشركة قبل أن ينشط عمله ويدر عائد مرضي .. وصاح كريم بها قائلا وهو ينظر للأوراق :
_ أنا متأكد أن أشهد برضه هو اللي ورا كل ده .. طول عمرنا بنخلص الشغل ما نغير ما حد يحس وما بندفعش كل المبالغ دي !! .. ده خراب بيوت !!، الفرع الجديد كده ضاع مننا، وبالشكل ده الشركة نفسها هضيع كلها !!.
تمتمت نهال بشراسة :
_ عملتها يا أشهد !!.
سألها كريم بغضب شديد :
_ الحل ايه دلوقتي ؟!
أشارت نهال بتحذير وقالت :
_ ما تعليش صوتك يا كريم وأنا هتصرف ما تقلقش، خليك بس في اللي أنت فيه مع بيلا وده هيبقى أحسن رد عليه … خصوصا بقا ان الحظ لعب لعبته وبيلا من نفسها هي اللي عرضت أن البت دي تكون الوجه الإعلاني للحملة .. يعني بعيدة عننا !.
صاح بها كريم :
_ طب والشركة دي هنسيبها تضيع ؟! … أشهد مش سهل يا نهال وهيدمرنا لو فضل كده !.
تذكرت نهال أمر الخادمة التي زرعتها بمنزله وكشف أمرها، وأنه الآن بات حربه عليها معلنة وواضحة .. فصرخت بوجه كريم وقالت :
_ وأنا نهال ما تنساش !! .. وهتشوف هعمل ايه.
نظر لها كريم بنفاد صبر ثم غادر المكتب دون أي رد ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وباليوم التالي بمكتب أشهد بشركته.
انتظر حازم رد فعل شقيقه أشهد بعدما أخبره بقرار خطوبته من شهد.. فطالعه أشهد وقال بحدة :
_ أنت ناوي تلعب بيها ؟! .. ما اتعلمتش من اللي حصلي ؟!
نفى حازم الأمر وقال :
_ لا يا أشهد ، أنا فعلا بحب شهد وعارف انها كمان حبتني ، واحنا الاتنين عارفين أن الخطوبة دي بجد مش فيك زي ما بنقول لبعض .. بس دي كانت الداخلة الوحيدة عشان أقنعها توافق .. اصلي لو دخلت جد كانت هترفض .. لكن قولتلها أنها خطوبة للم الشمل وكده ونحاول نصلح ما بينكم ونجمعكم وشوية كلام حلو من ده ولو ده محصلش هنفركش ببساطة .. ساعتها كان سهل إنها توافق بالحجة دي،انما لو دخلت جد كانت هترفض عشان أختها
وتابع حازم بتعجب :
_ بس اللي صدمني بقا رد فعل رقة ! .. دي وافقت جدًا وما رفضتش ، خلتني ندمت أني دخلت الداخلة دي من الأول !.
ابتسم أشهد بسخرية وقال :
_ ردود أفعالها بقت صدمة للكل ..
فكر حازم قليلا ثم قرر الاعتراف له بشيء بسيط من الحقيقة وقال :
_ وعلى فكرة لما شوفتها في المطعم كان بجد.
التفت له أشهد ونظر له بعينان حادتنان ثم على غير المتوقع ابتسعت ابتسامته … وقال بمكر:
_ كانت هتاكلني بعنيها لما شافتني برقص مع تارا ، لسه فاكر بصيتها وما شكتش لحظة أنها مش حقيقة !.
ضحك حازم وقال بعفوية رغم أنه انتبه أن لا يفصح له أمر صلتها ببيلا:
_ اللي عرفته انها كانت هتتجنن !
شرد أشهد بابتسامة واسعة وهو يتخيلها .. بينما اقتحم عقله فكرة ثعبانية لإجبارها على الظهور.
وبتلك اللحظة …
اطرق كريم على مكتب نهال بشركتهما قائلًا بغضب بعدما توالت الكوارث :
_ اشهد شاهين مكنش غبي ولا عبيط عشان تبوظيله حياته ومايعرفش أنك أنتي اللي ورا كل ده؟!
شغلنا كله اتضر والشركة هتضيع مننا بسببك! .. أشهد مش بيحاربنا وبس، ده ناوي على خراب بيتنا كلنا لحد ما نعلن أفلاسنا .. أزاي اتغابيت وسمعت كلامك وصدقتك!!
تنفست نهال بتوتر وعصبية ثم هتفت بكريم قائلة:
_ ما تعليش صوتك عليا وحاول تهدى!!
أنا كنت متوقعة أن ده اللي هيحصل .. سيبلي الموضوع ده وأوعدك هحله.
صرخ كريم فيها بغيظ:
_ عشان تغرقينا أكتر؟!… لأ، المرادي لازم انتي اللي تبعدي وتسبيني أنا أتصرف.
كادت نهال أن ترد بعصبية ورفض حتى باغتها صوت رنين هاتفها.. وفغرت فاها عندما قرأت الاسم الذي ظهر بهوية المتصل ورددت بدهشة:
_ أشهد..؟!
وحينما أجابت بقلق وتوجس ظهر بصوتها، تحدث أشهد بهدوء، وثبات وقال بلباقة:
_ مش محتاج أعرفك أنا مين، بس محتاج أسألك عن رأيك… إيه رأيك نتعشا برا النهاردة؟!
صدمت نهال ولم تستطع تصديق ما تسمعه أذنها، واجابت بدهشة:
_ نتعشا برا!! ..
اكد أشهد عرضه، فابتسمت نهال بسعادة وقالت:
_ حمد الله على سلامتك يا أشهد.. أخيرًا!!
رد أشهد بثقة تخفي سخرية منها:
_ كنت عارف أني في الآخر هرجعلك .. حضري نفسك وهعدي عليكي الساعة 8..
وانتهت المكالمة وهو يبتسم بسخرية وينفث دخان سيجارته بنظرة ماكرة .. حتى سأله حازم وهو معترضا تماما على ما يحدث:
_ ناوي على إيه؟ انت كده بتزود الأمر سوء!!!
نظر له أشهد وقال بضحكة ساخرة:
_ مش هي مختفية وبتعاندني وبتلاعبني ورافضة تظهر .. أنا هعرف أزاي اجننها وأخليها تظهر غصب عنها!!…

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية كسرة وضمة وسكون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *