روايات

رواية هجران رحيل الفصل الحادي عشر 11 بقلم شامة الشعراوي

رواية هجران رحيل الفصل الحادي عشر 11 بقلم شامة الشعراوي

رواية هجران رحيل البارت الحادي عشر

رواية هجران رحيل الجزء الحادي عشر

هجران رحيل
هجران رحيل

رواية هجران رحيل الحلقة الحادية عشر

بعد مرور مدة من الوقت نظرت بجانبها بحزنٍ وقهرٍ ودموعٍ وجدته نائم بهدوءٍ تام، بعد أن أخذ ما ليس من حقهِ، نهضت من فراشها بثقلٍ لتبدل ثوبها بثوب أخر نظيف وقد عزمت بداخلها على مغادرة هذا المنزل البغيط.
بعد لحظات ولجت لغرفة جدها الذى فزع من رؤيتها بتلك الهيئة المخزية، فوجهه يملئه بقع حمراء من أثر الصفعات، فألمه قلبه حزناً عليها، فقام بفتح ذراعيه ليحتويها برفق ولين فوصل لمسمعه صوت بكائها الحزين، ليرق قلبه رفقاً بها فقال بنبرة ممتزجة بالعطف والبكاء:
– مين اللى عمل فيكى كدا ياقلب جدو؟.
رددت “رحيل” بشهقات متعالية:-مراااااد.
مسد على شعرها بحنان ثم قال بنبرة قلقة:
-مراد! أبتعد عنها قليلاً ثم أضاف متسائلاً:
– طب قوليلى ياحبيبتى هو عملك حاجه تانيه.
نظرت له بالايجاب ثم بكت بحرقة فقالت:
– أنا مقدرتش ابعده عنى كان أقوى منى ياجدو، أنا حاولت بس معرفتش هو كان بيضربنى جامد لما كنت بحاول ابعده هو كسرنى باللى عمله، تعرف أنا قلبى دلوقتى بيوجعنى أوى حاسه كأن خنجر مطعون فيه مش قادرة اتحمل وجعه.
صدم الجد من أعترافها فقد كان يخشى حدوث ذلك، اغلق عيناه بقلة حيلة فهو الآن متألم لألم حفيدته الصغيرة، فأتاه صوتها الباكي الراجى:
-جدو علشان خاطرى مشينى من هنا مش عايزة اشوف حد منهم تانى عايزة ابعد عنهم عايزة انسى قسوتهم وظلمهم ليا وخصوصاً مراد، مراد اللى اعتداء عليا ومحاولش يسمعنى ولا يصدقنى انى معملتش حاجه، أنا ياجدو فعلاً معرفش كنت هناك أزاى.
ثم أخذت تقص عليه ما حدث، فأنهت حديثها وهى تلتقط أنفاسها المتقاطعة:
– أنا عمرى ما هسامحهم ابدا عمرى ابدا، حتى لو حطوا السيف على رقبتي مستحيل ارجع لقسوتهم تانى.
– أنا مش هخليكى هنا ثانية واحده بعد اللى حصل، وهحرم الكل من وجودك أنا هخدك وهمشي من هنا خالص ومحدش هيعرفلنا طريق ولا مكان وكل واحد منهم هيتحاسب وأولهم مراد الزفت وبعدك عنهم هيبقى عقاب ليهم.
نظرت إليه بأعين حمراء من أثر الدموع وهى تتحرى الصدق فى حديثه فقالت:
-بجد ياجدو يعنى هتمشيني من هنا.
أجابها الجد بحنيه:
-اه ياجدو وكمان هكون معاكى أنا لا يمكن اسيبك لوحدك مهما حصل. ثم قام بضمها إليه مجدداً ليهون عليها تلك الوقعة.
فى الصباح
وضعت الدادة أطباق الأفطار على السفرة، هبط “مازن” من على الدرج، وقام بشد المقعد ليجلس عليه وقال:
– صباح الخير يادادة.
-صباح النور يابنى.
جاء “هشام” جلس بجانبه وهتف بمرح:-صباح الخير ياجماعة.
مازن:-صباح النور.
-امال فين العيلة هو محدش منهم صحى ولا ايه!.
أردف “مازن” متعجباً :
-دى أول مرة تحصل أن هما يتأخروا كدا ع الفطار وحتى لما جينا امبارح كان الكل نايم بدرى.
تفوه “هشام” قائلاً:
– غريبة هي العيلة دى اتجننت ولا اي هما كل شوية بحالة.
تفوه “مازن” متسائلاً:
-دادة هو فى حاجة حصلت واحنا مش موجودين.
أردفت “سعاد” بحزن:
-هو أنتم معرفتوش اللى حصل امبارح.
نظر إليها “مازن” بقلق :
-لا هو فى ايه قلقتينى.
أردف “هشام” بخوف:
-بالله عليك قولينا أى اللى حصل وليه أنتى بتعيطى.
فقامت هى بقص عليهم ما حدث ليلة الأمس تحت صدمتهم ودهشتهم…
استيقظ “مراد” من غفلتهِ ليضع يده على مقدمة رأسه التى تؤلمه بشدة، فنظر حوله متعجباً لغاية ما بدا يستوعب أين يوجد، فبدأت الذكريات تدهمه رويداً رويداً، ففزع من مكانه وهو يلتقط ملابسه ليرتديها مسرعاً وهو يردد بقلق:
-مستحيل يكون اللى فى بالي حصل.
اختلس نظرة نحو الفراش فصدم مما رأى فقال خوفاً على محبوبته:
-أنا مستحيل اكون اذيت رحيل لا مستحيل.
ولكنه تذكر بعض المشاهد له وهو يسلب الفتاة روحها فتقطرت الدمع على وجنتيه بغزارة فقال نادماً:
– أنا اذيتها، ازاى عملت كدا فيها، أنا اذيتها جامد وعمرها ما هتسامحنى لازم اشوفها واتكلم معاها.
خرج من الغرفة باحثاً عنها ليجد والدته توقفه قائلة:
-مراد فى ايه وشكلك متبهدل كدا ليه.
– رحيل ياماما ماشوفتهاش.
تحدثت “حنان” بضيقٍ من تصرفاته:
-لا ما أنت حبسها فى أوضتها.
-مش فى أوضتها ومعرفش هى فين.
جاء الجميع على صوته العالى فتسأل والده:
– فى اي يامراد بتزعق ليه.
رددت “حنان” قائلة :-رحيل محدش منكم شافها.
تحدث “سليم” بقلق: -لا.
حمزة:-ياجماعه ممكن تهدوا هتلاقوها عند بابا.
ذهب مراد مسرعاً إلى غرفة جده وهم خلفه فوجد الباب موارب فولج للداخل، فراى الغرفة فارغة وحين ذهابه وقع بصره على الطاولة ليجد ورقة موضوعة عليها، فقام بفتحها بأيد مرتعشة ليقرا محتواها بندمٍ وحزن.
اقترب إليه “أدهم” ليتسأل:
– مراد ايه اللى موجود فى الورقة.
أعطاه إياها ثم غادر الغرفة، فقال “حمزة”:
-ماحد منكم يقول فى أى.
أجابه “أدهم” بضيقٍ:
-جدى خد رحيل ومشى وقال محدش منكم يدور علينا، وقال اعتبرونى ميت زى ما سليم اعتبر بنته ميته.
نظر الجميع إليه ومعالم الصدمة والحزن تعتلى وجههما، ثوانٍ وسمعوا صوت عالٍ يأتى من الأسفل، فوجدوا “مازن” يصيح غاضباً بعد ما علم بما حدث لشقيقته.
اقترب “أدهم” من شقيقه وهو يقول:-فى ايه يامازن.
صاح الاخر بصوت مرتفع نسبياً فقال غاضباً:
– هو ايه اللى فيه ايه يابرودك ياأخى أنت مش حاسس بالقرف اللى عملته أنت والبيه التانى.
تحدث “سليم” بحده محذراً:-مازن صوتك أنت اتجننت.
-أنا اللى اتجننت ولا أنتم، وبعدين هو تصرفكم دا تصرف ناس عاقله.
غضب “سليم” من نبرة صوته العالية فقام بصفعه على وجهه، فأمسكه “حمزة” وقال:
– ممكن تهدى الأمور ما تتحلش بالطريقة دى.
بينما “مازن” شدّ مفرش السفرة بكل ما عليه ليوقعه أرضاً ثم تحدث ببكاء:
-أنا مش عارف أنت ازاى كدا، أزاى تصدق أن بنتك ممكن تعمل حاجه زى دى، أنا ماشي لا يمكن اقعد معاكم هنا لحظة واحده وتؤام روحى بعيد عنى.
تفوهت “حنان” بقلق:
-هشام روح شوف أخوك المجنون ومتسبهوش لوحده.
– حاضر ياعمتو.
بعد عدت ساعات.
أردف “حمزة” فقال بيأس :
-أنا سالت كل معارفنا ومحدش يعرف عنهم حاجه.
رد “سليم” بتعب وارهاق:- وأنا بردو دورت فى كل حته نعرفها أو اى مكان يكونوا فيه ملقتهمش.
تحدثت “صفا” بحزن ولأول مره يظهر عليها :
-مش عارفة ليه عمى عمل كدا .
ربتت “حنان” على يديها فقالت مواسية:
-متقلقوش ياجماعه بإذن الله هيرجع هو ورحيل ما أنتم عارفين قد ايه بابا متعلق بيها ومابيحبش يشوفها زعلانه واللى حصل امبارح خلاه يتعب علشان كدا هتلاقيه قرر أنه ياخدها ويبعد شوية لحد ما تهدوا ورحيل كمان تهدى ماهو اللى حصل مكنش سهل بردو عليها.
نهضت “سليم” من على الاريكة بجسد مجهد:
-أنا هقوم ارتاح شوية ولو فى أى جديد ياحمزة قولي.
-حاضر روح ارتاح أنت بس وماتقلقش.
بينما “مراد” كان يقف بجانب النافذة وقد بدأت معالم الحزن والتعب على وجهه، جاء نحوه “أدهم” وهو يقول بقلة حيلة:
-أنا خليت كل رجالتنا تقلب الدنيا عليهم.
اومأ رأسه بهدوءٍ تام ليشرد عقله مجدداً فى هذة الفتاة التى أذاها إلى حد لا يغتفر.
وفى هذا الأثناء جاءت “ندى” من الخارج لتقترب من صديقتها “نور” التى تبكى فى صمت:
– ندى كويس أنك جيتى أنا محتاجاكى أوى.
– أنا جمبك ياحبيبتى اهدى، وبعدين أنا جاية أقولكم على حاجه مهما.
عندما التفت “مراد” رائها جالسة بجانب شقيقته فاقترب منها بلهفه وقال: – أنتى عارفة مكانها ياندى.
أجابته “ندى” بحزن:
– للأسف لا انا جاية اقول ليكم ع اللى عرفته من صديقة مرام المقربة.
– ايه اللى عرفتيه.
– صديقة مرام سمعتها بتتكلم فى التليفون وخلاصة الموضوع يعنى أن هى كانت متفقه مع سامر أن هما يعملوا كدا فى رحيل، وهو اساسا خدرها وخطفها وورقه الجواز العرفي دى اصلآ مزورة و هما عملوا كدا علشان يكسروها ويصوروها وياخدوا منها فلوس بعد كدا أو أن هما يفضحوها لو معملتش اللى هما عاوزينه دا كل اللى هى سمعته وقالته ليا، أنا عارفه أن مرام طول عمرها بتغير وبتحقد ع رحيل بس مش لدرجة ان هى تفكر تأذيها بالشكل البشع ده.
تفوهت “حنان” بصدمة:
-معقولة هو فى لسه بنات بالشكل دا، وبتأذى صحبتها بالطريقة دى.
صاحت “نور” بغضب :
-والله لوريها الزباله الحقيرة وهعرفها أزاى تأذى حد من عيلتى، دا أنا هخلى سيرتها الوسخه تبقى ع كل لسان.
جاءت أن تذهب كى تلقنها درس ولكن منعها “أدهم” الذى جذبها نحوه بقوة:
-أنتى رايحه فين ياهانم الحكاية مش ناقصة هى.
دفعته بعيداً عنها، ليكمل حديثه بضجر:
-نور ردى عليا زى ما بكلمك.
نظرت باتجاهه بأعين باكية ثم صرخت بوجهه قائلة بحزن:
– أبعد عنى وإياك تقرب منى أو تكلمني أنا بسبب تهورك أنت ومراد رحيل مشيت وسابتنى أنا بسببكم خسرتها هى بالنسبالى مش مجرد بنت عمى وخلاص، لا دى صحبتى واختى وكل حاجه حلوة فى حياتى بسببكم الانسانه الوحيدة الى بتفهمنى ودايما بتقف جمبى بعدت خالص عنى ويعالم هشوفها تانى ولا لأ.
ثم رفعت سبابتها فى وجهُ وقالت بحده:
-تقدر تقولى ياأستاذ أنت عملت ايه لاختك حلو، ياترى كنت بتسأل عليها زى ما بتسأل عليك، ياترى كنت بتسمعها زى ما كانت بتسمعك، وتفهمها زي ما كانت بتفهمك، تقدر تقولى أنت امتى اخر مرة سألتها اذا كان فى حاجه مزعلها أو مديقاها، أو أن هى موجوعه من حاجه تقدر تجاوب، طبعا متقدرش لأن ولا حاجه من دول أنت عملتها أو اى حد منكم عاملها، برغم أنها كانت بتحتاجكم ومش بتلاقيكم، بس وقت لما تحس أن حد فيكم فيه اى حاجه أو محتاج مساعدة او حتى دفعه قوية فى حياته كنتم بتلاقوها واقفة معاكم وفى ضهركم، تعرف ع طول كنت اسمع مرات عمى تقول أن هى مدلعه وان كل حاجه موجودة عندها وطلبتها كلها مجابه، تعرف أن دا ولا له لازمة هو أنتم كدا لما بتقدموا ليها الحاجات دى يبقى كدا عملتوا اللى عليكم وزيادة كمان مع ان دا ولا كان يفرق مع رحيل خالص قد ما كان بيفرق معاها بأنكم تهتموا بيها وتحتوها..ثم نظرت لزوجة عمها لتكمل بحزن:
-مش ابقى قاسية عليها ياعمتو، وأنت ياأدهم اقدر أقولك دلوقتى برافو عليك، أنت باللى عملته خسرت أختك الوحيدة اللى كانت سند ليك، وأنت كمان يامراد برافو عليك خسرت حبيبتك، أنت عارف أن هى كانت امبارح قبل ما تخرج من البيت كلمتنى وقالتلي النهاردة يانور هعترف لمراد أني بحبه وكانت هتوافق ع عرض الجواز اللى أنت عرضته عليها وكانت فرحانه.
أنهت جملتها وهى تصفق عالياً ثم أضافت بنبرة ساخرة:
– بس بجد برافو عليكم كلكم اقدر اهنيكم بخسرتكم لرحيل وأن هى عمرها ما هتسامح حد فيكم أبدآ حتى لو بيموت قدامها، احنا كل اللى بنحتاجه من أهلنا شوية حب و حنية واهتمام وحضن وطبطبه علينا وقت تعبنا ووجعنا أحنا مش عايزين غير احتواء منكم وقت ضعفنا، ومن أنكم تسمعونا وتحسسونا بالأمان وقت ما نخاف وانكم تثقوا شوية فينا ودا رحيل اللى كانت محتاجاه منكم وبالذات امبارح كانت محتاجه انكم تثقوا فيها وتصدقوها بس حصل العكس، فهنيئاً لكما جميعاً..ثم ركضت باتجاه غرفتها لتبكى على فراق جدها وصديقتها.
كان الجميع فى حالة ذهول من حديث تلك الفتاة التى ترك أثر مؤلم بداخل صدورهم، فوضع “سليم” يديه على موضع قلبهِ ليشعر بوخزة عنيفة جعلته يسقط أرضاً، هرول إليه “أدهم” ليقول بخوف:
-بابا مالك حد يتصل بالدكتور.
بعد لحظات خرج الطبيب من الغرفة، فأردف “حمزة” متسائلاً:
-طمنى يادكتور.
-اهدوا ياجماعه هو كويس جدا بس أتعرض لضغط جامد أنصحكم أنكم تحاولوا تبعده عن أى مشاكل أو أنه يتعرض لزعل علشان صحته متتعبش.
أدهم:- تمام يادكتور شكرا لحضرتك.
– على هى ايه بس دا واجبى عن اذنكم.
فلما دخلوا إليه تحدث “سليم” بحزن:
– أنا عايز بنتى.
رد “حمزة” فقال:- اهدى ياحبيبى علشان ماتتعبش.
-لا مش ههدا طول ما بنتى بعيد عنى أرجوكم خلوها ترجع هى وبابا مش هقدر ع فراقهم.
جلست “صفا” بجانب زوجها وهى تشعر بالقهر ينهش روحها فقالت ببكاء مرير:
-هترجع هى بس زعلانه مننا شوية بس هترجع اكيد.
اقترب “ادهم” بحزن من والده ليقبل يده ثم قال:
-اوعدك أني هعمل المستحيل علشان ارجعها حتى لو هيبقى فيها موتى.
دن “مازن” نحوه ليضمه برفق وهو يقول ببكاء معتذراً:
– بابا أنا آسف.
ربت “سليم” على ظهره بمواساة وقال بألم داخلى:
-أنا اللى آسف يابنى عارف أنى قصرت فى حقكم أوى وفى حق أختك رحيل لما موثقتش فيها ولا حتى حاولت اديها فرصه تدافع عن نفسها سامحونى.
تحدث “حمزة” بهدوء ليحثهم على المغادرة:
-يلا ياجماعة خلينا نخرج ونسيبه يرتاح شوية، وحاول ياسليم ترتاح وماترهقش نفسك بالتفكير ياخويا.
بعد خروجهما جذب “سليم” زوجته إلى صدره ليضمها برفق ثم قال بنبرة اشبه بالبكاء:
-تفتكرى بنتنا هتسامحنا ياصفا.
أجابته “صفا” بحزن وندم وكسرة:
-مش عارفه هى بس ترجع وأنا هعملها كل حاجه تطلبها منى علشان تسامحني، ثم اكملت ببكاء:
– أنا كنت قاسية عليها أوى ياسليم وكنت ع طول بجرحها بكلامى حتى لما كنت بشوف دموعها كنت بقسي قلبى عليها كنت فاكره ان دا الصح وأني كدا بربيها، أنا كنت وحشه معاها وكنت بقلل منها قدام اى حد، أنا وجعت بنتي كتير بكلامي أنا ياسليم كسرت نفسها، تعرف جوايا قهرة بتوجعني ع بنتى اللى ضاعت بسببى، مش قاردة انسى نظرتها ليا لما حست بخذلان منى حسيت أن هى ادمرت وقلبها وجعها وأنا كل دا كنت بحاول اتغاط عنه واقسى عليها اكتر، أنا فعلا طلعت أم مستهلش حتى أنى اشيل كلمة الامومة، أنا مستهلش ضفر رجليها حتى.
قامت بدس نفسها أكثر بين أحضان زوجها ليبكوا معاً على فراق فلذة قلبهما.
بعد يومين وتحديداً فى مخزن القصر..
كان “سامر” مُلقى على الأرض، ينظر باتجاه ذاك “المراد” الغاضب الذى كان يشمر ساعده، ثم قال بنبرة شرسة:
– دا أنت أمك داعية عليك لأنك وقعت فى ايد ما بترحمش.
دن منه ليجذبه من طرف قميصه بعنف وهو يقول بنبرة بغضب عارم:
– بقى أنت يروحمك كنت عايز تلمس حاجة مش بتعتك وبعد كدا تصورها، أنهى جملته وهو يلكمه بقوة على وجهه الذى أصبح مليئ بالكدمات الزرقاء، لينقض عليه بضربات متتالية بعد ما فقد صوبه وقدرته فى تحكم ذاته، فبدأ الآخر تخور قواه، بينما “مراد” قام بدفعه إلى الحائط وهى يضع يده على عنقهُ ليرفع جسده من على الأرض قليلاً، ليقول بانفعال:
– دا أنا هموتك ياكلب وبعدها هرميك لكلاب السكك تنهش فيك.
وفى هذا الأثناء ولج “هشام” إليه الذى اندهش من هذا المنظر هرول نحوهما محاولاً تخليص الرجل من قبضة ذاك الثائر:
– أبعد يامراد حرام عليك الراجل هيموت فى أيدك.
– أنا لازم اموته الحيوان ده.
بعد ما أنقذه من بين يديه قال معاتباً:
– حرام عليك أنت عايز تودى نفسك فى داهيه.
نظر إليه “مراد” بحزن وهو يتذكر هيئة محبوبته المخزية ليقول بألم يعصف قلبه:
-أنا بسببه دمرت رحيل، بسبب الندل ده أنا كسرتها.
جلس على الأرض ليبكى قهراً مما فعله فى تلك المسكينة الذى لا حول لها، ليقول داعياً:
– يااارب أنا ماليش غيرك، عارف اللى عملته كان صعب ومستحيل يتغفرلى، يارب نجيني من الهم والحزن اللى أنا فيه ورجعها ليا وأنا والله هعمل كل اللى هتقولي عليه وهعمل المستحيل علشان ترضى عني، أنا والله مش هقدر استحمل بعدها عني، عارف أني غلطان وغلطان أوى كمان، أنا وقتها مكنتش فى وعي ف يارب رجعها وأنا هتسحمل أى عقاب منها ألا بعدها عني.
بعد مرور شهرين ونصف
كان “مازن” جالس بمكتبه ينظر إلى صورة شقيقته الموضوعه عليه لتدمع عيناه على فراق تؤامه، ولجت إليه “ندى” التى قالت بلطافة:
-مازن أنت كويس.
– لا ياندى مش كويس أنا قلبى محروق على أختى، أنتى متعرفيش قد ايه هى وحشتنى ونفسى أشوفها.
– وهى كمان وحشتنى أوى بس هى هترجع.
– مش عارف ازاى هان عليها تسيب مازن تؤامها وروحها تعرفى أنا حاسس أن هى فيها حاجه وتعبانه لان أنا لما هى بتتعب بتعب معاها ولما بتكون فرحانه ببقى فرحان ولما بتكون زعلانه بتلاقينى زعلان زيها طلع فعلا زى ما بيقوله ان التؤام بيحسوا ببعض وأنا حاسس بيها علشان كدا أنا موجوع لان هى موجوعة .
وضع كلتا يديه على وجهه لينفجر بالبكاء كالأطفال فقامت الأخرى بوضع يديها على ذراعيه لتهدئه ولكنها بكت معه.
فى منزل يقع وسط دولة المانيا، كانت تجلس “رحيل” على الأرجوحة تنظر فى اللاشئ حاولها بوجه باهت مائل إلى الشحوب وكأنها أوشكت على مفارقة الحياة، كانت دوماً فى حالة شرود تام، بينما الجد كان يتابعها بصمت حزين على ما أصابها، فقد فعل ما بوسعه تلك الفترة حتى يخرجها مما هى فيه.
ثوانٍ وتقدم نحوهم رجل ليردف باسماً:
-صباح الخير ياعمي.
-صباح النور.
جلس “قاسم” بجانبه ثم وجه حديثه لتلك الفتاة:
-ايه ياست رحيل مش ناوية بقى تعملينا فنجانين قهوة من ايدك الحلوة دى.
نهضت من مكانها وهى تقول بارق:
-حاضر ياعمو هقوم اعملكم.
عندما ذهبت إلى الداخل تحدث “قاسم” قائلاً:
– هى هتفضل كدا أنا شايفها على طول ساكته وشارده.
أجابه الجد بحزن:
-والله يابنى أنا مابقتش عارف اعمل ايه علشان اخرجها من اللى هى فيه أنا قلبى بيوجعنى عليها.
-عارف ان اللى حصلها ياعمى مكنش سهل وهياخد وقت لحد ماتتخطاه بس احنا معاها دايما وهنحاول نخرجها من حزنها ومش هسيبها كدا مهما حصل دي زي بنتي.
-والله يابني أنا حابب اشكرك ع اللى عملته معايا ياقاسم وان أنت فتحت بيتك ليا ولرحيل، وكنت عايز منك خدمة تانية معلش ممكن تشوفلنا بيت تانى علشان نبقى نقعد فيه، عارف أني تقلت عليك يابني ف حقك عليا.
أردف “قاسم” معاتباً :
-ليه بس كدا ياعمى تزعلني منك دا البيت بيتكم وأنتم منورنى وبعدين أنا لا يمكن أخليك تمشى من هنا.
-ياحبيبى مينفعش احنا بقالنا شهرين قاعدين عندكم و كدا..
قاطع الآخر حديثه قائلاً:
-بعد اذنك ياعمى متكملش كلامك أنا اللى عندى قولته ومش هتمشوا من هنا، وبعدين حضرتك أنا بعتبرك أبويا، دا أنت من ريحة الحبايب دا بابا كان دايما بيعزك وبيحبك أوى، وقبل ما يموت وصانى عليك وقالي دا صديق عمري، بس حضرتك عارف ان السنين اللى فاتت مقدرتش انزل مصر بسبب شغلى واجى اشوفك، فارجوك تسامحني على تقصيري معاك.
ربت الجد على يديه ثم قال باسماً :
-عمرك ماقصرت ياقاسم وكفاية أنك كنت يابني بتتصل عليا ع طول، والله أبوك مكنش بس صحبى دا كان أخويا ربنا يرحمه ويغفرله.
-يارب ياعمى .
جاءت “رحيل” وقدمت إليهن أكواب القهوة، فأردف “قاسم”شاكراً:
-شكرا ياحبيبتى تسلم ايدك.
رددت عليه بتعب قائلة:- بالف هنا
جاء إليهما شاب وسيم بشعر أسود متثاقل، ليرفع نظرتهُ قليلاً وهو يقول باسماً:
– ريرى صباح الورد عليكى ياجميل.
-صباح النور يامروان.
-يلا قومى.
نظرت إليه بوجه مجهد لتقول متسائلة:
– أقوم ليه.
تبسم الاخر ثم قال بود:
-هتقومى كدا زى الشاطرة تغيرى هدومك علشان هنخرج مع بعض.
تنفست الصعداء وقد بدأ عليها الاعياء فقالت:
– مش قادرة والله يامروان خليها وقت تانى أكون فايقة.
جلس “مروان” بجانبها ليتفحص جبينها فقال بنبرة قلقة:
-أنتى كويسة ياحبيبتى بس مفيش سخنية طب فى حاجه بتوجعك.
أجابته بنبرة متثاقلة وهى تشعر بأنها ستفقد وعيها فقالت:
-لا بس حاسه بأرهاق، أنا هقوم ارتاح شوية فى أوضتي.
تحدث الجد :
-طب يلا قومى ارتاحى ولو حسيتى بأى تعب نادى عليا.
اومات رأسها بالايجاب ثم همت على الذهاب وهى تجرّ رجليها جراً، كل هذا تحت نظرات “مروان” القلقة فهو يشعر بأن به شيئ،،
لحظات وسقطت أمامهم مغشى عليها، ذهب الآخر إليها وحملها بين يديه سريعاً.
نهض الجد وقال خائفاً: – رحيل بنتي.
أمسك قاسم يديه فقال بهدوء:
-أهدى ياعمي خدها يامروان لاوضتها لحد ما اتصل بالدكتورة هناء.
بعد ساعة خرجت الدكتورة “هناء” برفقة شقيقتها زوجة “قاسم” الذى قالت: -طمنيني عليها هى كويسة.
أردف “مروان” بقلق:
– مالك ياخالتو ساكته ليه هى رحيل مالها.
تحدثت الدكتورة قائلة:
– رحيل حامل.
تفوه الجد بصدمة :
-ايه حامل، مستحيل!.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية هجران رحيل)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *