روايات

رواية مزيج العشق الفصل التاسع والأربعون 49 بقلم نورهان محسن

رواية مزيج العشق الفصل التاسع والأربعون 49 بقلم نورهان محسن

رواية مزيج العشق البارت التاسع والأربعون

رواية مزيج العشق الجزء التاسع والأربعون

مزيج العشق
مزيج العشق

رواية مزيج العشق الحلقة التاسعة والأربعون

جميعنا نحب النهايات السعيدة ، لكن في الحقيقة ، إنها فقط بداية حياة مليئة بالكثير و الكثير من المواقف الحلوة والمرة ، و لكن كل ما نأمله هو أن يظل ضوء الحب على تلك الحياة التي نعيشها مع أحبائنا مضوي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يوم زفاف مراد و نسمة
داخل أحد الفنادق الفخمة ، يقع مكان الزفاف في قاعة واسعة مزينة بأناقة و رقي على مستوى عالٍ.
الجميع يجلس على الطاولات المزينة بالورود البيضاء و الحمراء ، والمنظمة بطريقة مذهلة ، ويتحرك حولهم الأضواء الملونة ، ويستمعون إلى الموسيقى الصاخبة التي أضافت إلى العرس أجواء من البهجة والسرور في قلوبهم.
بينما كان العروسين يرقصون في ساحة الرقص ، كانت الرقصة الأولى ، حيث كانت نسمة تتمايل بهدوء وسلاسة بين ذراعيه ، بفستان زفافها البسيط والأنيق للغاية ، من تصميم أزياء شركات البارون ، واتفقت كارمن مع زوجها على إهدائه للعروس كهدية زفاف ، ووافق أدهم بسعة رحب عندما رآها متحمسة للغاية لذلك الأمر.
لكن مراد كان لهم جميعا بالمرصاد ، حيث رفض العديد من الفساتين التي قدموها لنسمة ، التي كادت تختنق من السخط على أفعاله ، حتى استقر اختيارهم على هذا الفستان ، مما أجبر مراد على الإذعان لهم على مضض عندما رأى بريق عينيها في الإعجاب به ، بينما كان الجميع على وشك الانفجار بسببه.
كان شعر نسمة على شكل كعكة أنيقة فوضوية ، حيث قامت بلف الأجزاء الجانبية من شعرها مباشرة فوق خط أذنيها ، وتم تثبيتها بدبابيس الشعر ، ثم إدخال باقي شعرها في حلقات فضفاضة مثبتها في مكانها.
كانت كارمن ترتدي فستاناً طويلاً خالي من التموجات ، أو الطبقات العديدة من قماش الساتان الأحمر القاني الذي يتميز بنعومة ملمسه وبريقه الشديد ، كان يتدفق في قالب واحد ، راسماً بوضوح نحافة خصرها ورشاقة جسدها الساحر ، بدون أكتاف فقط شريطين عريضين يتدليان من الأعلى بجانب الكتفين بطريقة أنيقة ، مع ترك شعرها منسدلا دون قيود ، فكانت رائعة الجمال والأنوثة بكل ما تحمل تلك الكلمة من معني.
أما روان كانت ترتدي فستاناً من الساتان باللون البيج العاجي يظهر بروز بطنها المنتفخ قليلاً ، مع طرحة أنيقة بنفس اللون.
بينما كانت يسر ترتدي فستان ساتان بني فاتح مع قماش شيفون من الخصر إلى القدمين بأناقة شديدة ، ومن الأكمام والصدر مغطاة بقماش دانتيل أبيض رائع يتناسب للغاية مع انتفاخ بطنها الكبيرة ، مع أيضا تسريحة شعر مفرود على كتفيها مع اكسسوار شعر من الكريستال واللؤلؤ على جانب شعرها ، لذلك كان لديها اطلالة مميزة وانيقة.
كان العروسين يرقصون في انسجام تام ، وهم يتحدثون بصوت منخفض ، بينما كانت عيناه تائهة في ملامحها الأنثوية المبهرة مع مكياجها الخفيف ، وابتسامتها السعيدة التي تزين ثغرها الصغير ، همس لها بشغف : مش مصدق اخيرا هعيش تفاصيل كل يوم معاكي
زمت شفتيها بخجل ، ثم همست بتوتر طفيف : علي فكرة ممكن تمل مني كدا!
ابتسم لها بعفوية وأجاب نبرة منخفضة نابعة من صمام قلبه : مش هيحصل عشان انا بحب اجمل وارق بنت في الدنيا
همست له بنبرة خافتة بسبب خجلها دون أن تنظر له : وانا كمان بحبك يا مراد
تسمرت عيناه الزرقاوان بإنشداه للحظات ، وقلبه يخفق بقوة بعد سماعه لهذه الكلمة من فمها ، و هما وجهًا لوجه للمرة الأولي ، واقترب منها بأذنه وقال بصوت هامس من صدمته : قوليها تاني!!
عضت علي شفتيها بإبتسامة قبل أن تهمس مجدداً : بحبك يا مراد
همس مراد بصوت أجش لا يخلو من الشوق ، وهو يمرر يده بلطف على خدها : خلاص مش قادر اسيطر علي مشاعري واكبت احساسي اكتر من كدا ما تيجي نمشي من الفرح دا بقي
نظرت حولها في إرتباك ، وقالت بتحذير رقيق : اعقل يمراد والناس دي كلها هنسيبهم
هتف بحماس ، وهو يضمها أكثر بين ذراعيه بسعادة : ما انتي طيرتي عقلي مني حاسس اني محظوظ اوي و ربنا رضي عني بأنه رزقني بيكي
أسترسل حديثه وهو ينظر لها وعيناه تشع بلمعة صدق وحب : بقيتي عيلتي و وجودك معايا محسسني ان حياتي ليها معني مش عايش وخلاص
تمتمت بنبرة حب ممزوجة بالمرح جعلته يضحك بخفة : ربنا يقدرني واطلع عينك قصدي اسعدك واهنيك
ردد مجددا بإلحاح : مصممة برده نستني!
قالت بتبرم و تذمر طفيف : وبعدين معاك يا مراد حد يسيب فرحه برده مايصحش .. قولي صحيح احنا هنخرج من هنا علي المطار
همس لها بحنان : ايوه يا قلبي
إلتمعت عيناها بفرحة قائلة بحماس طفولي : متحمسة اوي دي اول مرة هركب طيارة .. بس انت طبعا متعود علي السفر يا بختك
أجابها بثقة صادقة ، وهو يتأمل ملامحها بعشق جارف : انا فعلا سافرت كتير .. بس السفرية دي مختلفة لانك هتكوني معايا دا مخليني مبسوط و متحمس اوي
عانقته بشدة دون خجل لأول مرة ، لتهمس في أذنه بقلب يخفق بعشق لذلك الرجل : بحبك بجنون يا مراد
شدد من معانقته لها قائلا بشغف : وانا بعشقك يا روحي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند مالك و يسر
يرقصون معًا بحذر بالرغم من اعتراضات مالك علي ذلك ، ولكن بعد إلحاح يسر المستمر رضخ لطلبها ووافق.
ضحك وهو يحركها ببطء بين يده قائلا بسخرية : شكلك غريب وانتي بترقصي ببطنك الورمة دي
وكزته برفق في صدره قائلة باستياء : اخس عليك يا مالك انا ورمة
تأوه من ضربتها الخفيفة قائلا بسخط : انا بقول بطنك
ابتسمت يسر بإلتواء وقالت بخبث : علي فكرة هقول لبنتك لما تيجي انك قولت عنها ورمة واخليها تطلع عينيك
تنحنح مالك بصوت خافت قائلا بإبتسامة حنونه : لا خلاص دي عسل هي وامها المزة دي حتي وهي حامل
تنفست براحة وهي تضمه قائلة بحب : ايوه كدا احبك
مسد براحة يده على ظهرها بإستسلام من تقلباتها اللامتناهية ، لكنه يحب كل شيء منها رغم تعبه أحياناً ، قائلا بنبرة عميقة : وانا بموت فيكي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند روان و زين
كانوا يرقصون معًا رغم أنهم لا يعرفوا شيئًا عن الرقص ، والأسوء من ذلك ، هو أن روان حامل في شهرها الخامس.
خرج أنين خافت من شفتيها ، قائلة بألم طفيف : ما براحة يا زين دوست رجلي
تمتم بغضب وهو يبتعد عنها قليلا ، لينظر إلى وجهها : مش انتي اللي اصريتي نرقص .. بذمتك انتي عمرك رقصتي قبل كدا؟
سألته بإستياء ساخر : وهو انت بتوديني في حته عشان نرقص يعني .. وبعدين كارمن هي اللي علمتني وانا بعلمك اهو
ثم أردفت بتصميم مغري : فكر بقي هتوديني فين عشان تصالحني انا و النونو
تنهد بإستسلام ثم سألها : عايزة تروحي فين يا قدري؟؟
زمت شفتيها بتفكير ثم قالت بدلع : اي حته رومانسية كدا دلعني شوية
رفع حاجبيه ينظر لها بحب وقال بتذمر طفيف : هو انتي فضيالي خالص الايام اللي فاتت كنتو بتحضرو العروسة
ضحكت بخفة ، وهي تقوّي ربطة عنقه بإغراء متعمد جعله يتنهد بحرارة من حركاتها قائلة بهدوء ، بينما شفتيها مقوسة بلطافة : انت بقيت غيور اوي .. علي فكرة دا الواجب نسيب البنت لوحدها يعني!!
زمجر بإمتعاض قائلا بنظرة شغوفة : لا بس انا جوزك برده بدأت اندم اننا جينا علي مصر من وقتها دايما عند بنت عمك
ابتسمت إليه قائلة برقة بالغة أذابته بها أكثر : حقك عليا يا زيزو هتفرغلك الايام الجاية كلها انا ليا غيرك اصلا
زين بتمتمة : ثبتيني كالعادة
قبلت خده الشائك بجراءة دون أن تهتم بنظرات أحداً لتهمس بجوار أذنه : بحبك
غمغم بصوت مرتعش بمشاعر غامرة فؤاده ، وهي بين ذراعيه : وانا بعشقك يا بنت الشناوي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند أدهم و كارمن
إبتسم وهو يهمس لها بجوار اذنها : مرتاحة يا قلبي
لفت ذراعها حول عنقه أكثر قائلا بإبتسامة رقيقة : اوي يا حبيبي
عانقها أكثر سانداً خده بجانب رأسها قائلا بصدق : وانا مش عايز غير اننا انا وانتي وموكة نكون مبسوطين و مرتاحين سوا
غمغمت بنبرة خفيضة بجوار أذنه بكلمات مبهمة : يعني مش هترتاح اكتر لو زيدنا واحد كمان!؟
رمش بعدم فهم وقد إستحوذت علي كامل اهتمامه متسائلاً بفضول : ازاي يعني!!
ابتلعت لعابها بقليل من التوتر قبل أن تقول بنفس نبرة الصوت الهامس ، بينما كانت عيناها تتابعان ردود أفعاله بتمعن : بصراحة انا روحت للدكتور من يومين و عملت التحاليل
أومأ لها بخفة وقال بسرعة : وبعدين!!
سحبت نفساً عميقاً ، وقالت بابتسامة رقيقة جدا على شفتيها : الدكتور قال انه دلوقتي انا سليمة .. ومابقتش محتاجة للدواء يعني اقدر ابقي حامل من غير مشاكل
همس بحماس أمام شفتيها ، وقلبه ينبض بسعادة : بتكلمي بجد!!
أغمضت عينيها ، وأومأت مؤكدة بعد أن رأت تعبيرات وجهه المندهشة وعيناه التي تتألقان من الفرح : اه والله
سند جبهته فوق جبهتها ، متشرباً أنفاسها الدافئة بشغف ، وقد تحولت الدهشة في عينيه إلى مشاعر عميقة وسعيدة : يعني عن قريب هتجبيلي نونو صغير يبقي أخ لملك!!
أومأت برأسها وهي تنظر له بأمل : ان شاء الله يا حبيبي
ضمها علي صدره بعشق يسري في دمه ، وهو يقبل شحمة أذنها بلطف ويهمس لها : انا بعشقك يا كارميلة قلبي
همهمت بإبتسامة مشرقة : وانا كمان يا روحي
استمعوا إلى من يهتف لهم ، فذهبوا إليهم ، ووقف الجميع حول العرسان ، وتم التقاط صورة جماعية لهم ، وحيث كانوا سعداء جدًا في تلك اللحظة ، و ترتسم الابتسامة زاهية على شفاههم ، والسعادة تملأ قلوبهم العاشقة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
مرت ثلاثة أشهر على تاريخ زواج نسمة ومراد
في قصر البارون
أدهم الغرفة ليجد كارمن جالسة ، و حولها ورق مبعثر في كل الاتجاهات على السرير ، وشعرها مبعثر على وجهها بطريقة فوضوية من كثرة فركها فيه أثناء ما كانت تفكر بالتصميم الذي تعمل عليه ، لكن الأمر أصبح مزعجًا للغاية معها ، وبدأت تحاول إبعاده عن وجهها بغضب حتى تتمكن من التركيز في عملها.
كانت ملامحها بريئة وجميلة جدا ، وملك الصغيرة كانت جالسة على الأرض ممسكة بقلم تلوين بين أصابعها الصغيرة ، وأمامها ورق رسم كبير وتحاول تقليد والدتها بما فعلته بطفولة محببة.
ابتسم في مظهرهما اللطيف أمامه الذي نال إعجابه ليصفر بشكل عفوي ، فالتفت إليه ملك لتراه يفتح ذراعيه لها في دعوة صريحة لضمها ، فتركت ما كان في يدها وركضت إليه فالتقاطها من علي الأرض ، رافعا إياها بين ذراعيه مقبلا خدها الوردي بحب كبير.
ظهرت ابتسامة جميلة على وجه كارمن ، وهي سعيدة علي منظرهما الرائع معًا.
ظلت تحدق في أدهم بعشق وشوق جارف ينبع من أعماقها ، حيث لم تعد تذهب إلى الشركة كثيرًا في تلك الأيام لرعاية طفلتها قليلاً ، لكنها أيضًا تحاول استغلال الوقت أحيانا في العمل حتى لا تتكاسل ، بينما هو ملاحظ نظراتها مطولة إليه.
أنزل ملك من يديه بلطف بعد أن سألها عن أحوالها وماذا تفعل ، ثم تحرك نحو كارمن ، وجلس بجانبها على السرير ، طابعاً قبلة على جبهتها بعمق ، نزولاً إلى عينيها ، تبعها خدها المتورد مع عضة خفيفة عليه ، لتطلق كارمن ضحكة مدللة على مداعبته اللطيفة لها.
دمدم أدهم بإعتراض ، وهي تحرك وجهها بعيدًا عن شفتيه : لسه ماشبعتش عايز اكل التفاح اللي علي خدودك دول
همست كارمن بإرتباك وخجل : عيب يا ادهم ملك بتبصلنا
سعل أدهم بخفة ، بعد أن تدارك نفسه فتلك الجميلة سلبته ببساطة عقله ، متسائلاً بإبتسامة : بتعملي ايه؟
أجابت كارمن وهي تجعد حاجبيها بقليل من الحيرة : بشتغل علي موديل جديد بس لسه مش ظابط معايا كويس
زم شفتيه بتفكير ، بينما كانت عينيه علي الورقة التي بين أصابعها ، ثم قال بتساءل : اومال فين ماما و مامتك؟
أجابت بهدوء ، بعد أن التقطت الأوراق المتناثرة حولها ، وبدت كأنها تشعر بالملل : راحو النادي يغيرو جو مع بعض
مرر أصابعه في شعره ، وهو يشرد في أفكاره ، قبل أن يقول بصوته العميق : طب ايه رأيك اخدك انتي و موكة ونخرج احنا كمان!؟
رمشت كارمن بعينيها في براءة ، وهي تحدق فيه قائلة بحنان : بس انت لسه راجع من الشغل ومحتاج ترتاح!!
ابتسم لها بلطف ، وأمسك بيدها طابعا عليها قبلة رقيقة ، وقال بنفس نبرة الصوت العميقة : ماكنش فيه شغل متعب انهاردة .. اهي فرصة نغير جو البيت شوية وانتي تسترخي عشان تعرفي تشتغلي ببال رايق
عضت شفتيها ، وبدأ الشعور بالحماس يتصاعد داخلها متسائلة بحيرة : طيب نروح فين؟
قفزت ملك على ظهر أدهم ، تهتف بحماس طفولي ، بعد أن كانت تقف بالقرب منهم ، فيما كانت تتابع حديثهما بترقب : نروح الملاهي يا مامي
اتسعت عيني أدهم علي كارمن بصدمة ، لتقول بضحكة : انت ليه بتبصلي انت اللي طمعتها فيك اشرب بقي
قالت ملك بنبرة طفولية ، وتتوسل أدهم ببراءة : بابي عايزة اروح الملاهي بليز
انفجر أدهم ضاحكا على حماس الطفلة ، قائلا بعد أن سحب ملك برفق ليجلسها على قدميه ، ويبدأ في دغدغتها بلطافة : خلاص موافق يلا جهزو نفسكم
حدقت كارمن به ، تكاد تصدق ما سمعته ، قائلة بسؤال : انت بجد هتسمع كلامها!!؟
قال أدهم بابتسامة حنونة ، وهو يبعثر شعر ملك بأصابعه ممَ جعل ضحكاتها البريئة ترن في المكان : انا مقدرش افرض طلب لموكة قلبي ابدا
نظرت إليهم كارمن بغضب مصطنع ، وغيرة طفولية : طب روحو انتو انا مش رايحة
نظر أدهم إلى ملك ، وهو يغمز في لها ثم هاجم كارمن معها ، ودغدغها وسط اعتراضها وصرخها وهي تضحك معهم بشدة ، ثم طبع قبلة على خدها بخفة ، وقال بصوت هامس : انا كلي ليها ولأمها ام عيون زرقه مدوخاني
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد ساعة
داخل مدينة الملاهي
بعد أن قضوا وقتًا سعيدًا في لعب العديد من الألعاب ، قرروا بعد إصرار ملك الدخول إلى بيت الرعب وسط اعتراضات كارمن ، لكنها أذعنت لهم بعد أن استفزها أدهم ، ووصفها بأنها جبانة لأنها كانت تخاف من الدخول.
فجأة بعد دخولهم بيت الرعب بفترة وجيزة ، فقدت كارمن وعيها من شدة خوفها.
أصاب أدهم بالذعر وهو حملها بسرعة ، وتوجه بها مباشرة إلى المستشفى ، وتبعوه إلى ليلي ومريم بعد أن تلقوا هذا الخبر منه خلال الهاتف.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في ممر بأحد المستشفيات
كان أدهم يقف متوتراً أمام غرفة الفحص ، وبجانبه والدته التي كانت تحمل ملك النعاسة بين ذراعيها بعد أن كانت تبكي بخوف رغم عدم فهمها لما كان يدور حولها ، بينما كانت مريم بالداخل مع إبنتها.
خرجت الطبيبة من الغرفة ، وهرع إليها أدهم يسألها بقلق : طمنيني عليها يا دكتورة؟
قالت الطبيبة بإبتسامة : مافيش داعي ابدا للقلق المدام بس ضعيفة شوية وماكنتش واكله حاجة طول اليوم لكن هي افضل دلوقتي بس انا فهمتها ان ماتعملش مجهود مالوش داعي الفترة الجاية
سألت ليلي بعدم فهم : في ايه يا دكتورة انتي كدا قلقتينا!؟
ابتسمت لها الطبيبة وقالت بنبرة عادية : اطمني حضرتك دا اجراء طبيعي لكل اللي في بداية حملهم
تسمرت حدقتي أدهم عليها ، ليسأل مرة أخرى ببلاهة واضحة حتي تعيد ما قالته ، بينما دقات قلبه زادت ، وكأنه يريد التأكد مما سمعه منها : يعني كارمن حامل
أومأت له برأسها وقالت بإبتسامة لطيفة : ايوه يا فندم الف مبروك احنا عملنا ليها تحاليل و كشف هي حاليا حامل في شهرها التاني
لم ينتظر حتي لكي تنهي كلامها فقد تجاوزها ، و ركض بسرعة إلى الداخل فقالت ليلي بابتسامة سعيدة ، وهي تشكر ربها سرًا : الله يبارك فيكي يا دكتورة متشكرين جدا
ردنت الطبيبة بلطف ، وقد اتفاهمت شعور ذلك الرجل من خبرتها وتجاربها مع العديد من الحالات التي مرت بها بنفس الطريقة : دا وجبي عن اذنك تقدر تمشي معاكم بعد محلولها مايخلص
دخل أدهم الغرفة بابتسامة مليئة باللهفة ، وبالكاد يصدق أن أمنيته قد تحققت بالفعل ، وأن معشوقة قلبه ستلد له طفلًا.
وجدها جالسة على السرير ، وقد توجهت عيناها نحوه ، وظهرت ابتسامة مشرقة على وجهها ، رغم التعب الذي بدت عليه فقالت مريم بابتسامة : مبروك يا ابني
تمتم أدهم مبتسمًا ، وعيناه تتجهان إلى كارمن : الله يبارك فيكي يا روما
ابتسمت مريم بسعادة ، وقالت بلطف حتي تترك لهم فرصة التحدث معًا على انفراد ، فهي تعرف جيدًا كم من الوقت انتظروا قدوم تلك اللحظة المميزة : طيب انا هروح اشوف ليلي و راجعة
قالت كارمن بخفوت بعد أن رأت عينيه تلمع بالدموع ، بعد أن جلس على حافة السرير الذي تجلس عليه ، ثم شدها برفق نحوه وعانقها بحب ، فبادلته العناق بالمثل ، وهي تضم خصره بذراعيها بقوة لأنها كانت في حاجة ماسة إلى الدفء ، والطمأنينة التي يغمرها بها بسخاء كالمعتاد : مبروك حبيبي
مرت عدة لحظات قبل أن يبتعد أدهم عنها قليلًا مقبلا جبينها ، وقلبه قد أرتاح بعد أن كاد يخرج من ضلوعه من خوفه الشديد عليها ، رافعا وجهه المقتضب إليها قائلاً بهدوء : الله يباركلي فيكي بس قبل اي حاجة انا زعلان منك ومن نفسي
عبست كارمن بغير فهم ، وسألت بهدوء : ليه كدا؟!
أردف حديثه بعتاب يتخلله ندم الضمير الذي شعر به بسبب ما فعله دون التفكير في العواقب : زعلان منك عشان ما أكلتيش حاجة من الصبح وانتي عارفه انه غلط .. وزعلان من نفسي عشان غصبتك تدخلي بيت الرعب دا رغم اني كنت ملاحظ خوفك منه
ابتسمت له كارمن وهي تتنهد بارتياح ، إذ خطر ببالها أفكار كثيرة بعد أن رأت الحزن على ملامحه.
تحركت للأمام قليلاً ، ثم وضعت قبلة لطيفة على خده الشائك ، قائلةً بصوت خافت : حقك عليا انا بس ماكنش ليا نفس للأكل ونسيت اقولك
تلاشى تجعد حاجبيه تلقائيًا بعد أن قبلته ، وظهرت ابتسامة دافئة على وجهه قائلا بتحذير : بعد كدا هتاكلي قدامي وتهتمي بصحتك كويس مفهوم
ضحكت بخفة على كلماته ، وهي سعيدة لذلك الإهتمام منه ، وأقسمت أنها ستستغل هذا الشئ لصالحها من اليوم فصاعدًا ، هامسة بدلال : حاضر بس عايزة اقولك علي حاجة؟
مط أدهم شفتيه إلى الأمام ، وقال بحذر بعد أن لاحظ النبرة الماكرة في صوتها : قولي!!
قالت كارمن ، مشيرة بإصبعها السبابة ، محذرة أياه بطريقة مضحكة : اوعي لما يجي النونو تلعب معاه و تنساني
رفع حاجبيه ، وهو يضحك بصوت عالٍ على كلماتها التي احتوت على غيرة محمودة ، وتظاهر بالتفكير قبل أن يهمس بصوت أجش مثير ، وهو يغمس رأسه في رقبتها ويمرر أنفه بخفة عليها ، شعرت كارمن بدغدغة لطيفة تسري في جسدها بسبب لحيته التي مررها علي فكها ورقبتها الناعمة : انتي و ملك والنونو حياتي كلها و هنقسم اللعب علينا كلنا
ابتسمت كارمن بينما تسللت ذراعيها حول خصره تطوقه بها واضعة رأسها علي صدره ، بينما كانت تغلق عينيها مستمتعة بحنان همساته ولمساته التي يغدقها بها ، قائلة بتنهيدة عميقة : اااه يا روحي انت كل يوم بحبك اكتر و اكتر
رفع وجهه عن رقبتها المرمرية ، وكانت الابتسامة السعيدة لا تزال على وجهه ، قائلا بشغف ملئ بالعشق ، وهو يميل جبهته ضد جبهتها تزامنا مع دخول ليلى ومريم لكي يطمئنوا عليها : وانا بموت فيكي يا دنيتي ربنا مايحرمنيش منك ابدا
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور أكثر من شهرين
في قصر البارون
حيث كان الحال اليوم غير مألوف بالنسبة لسكان هذا المنزل ، في ذلك اليوم يكتمل العام الكامل من زواج أدهم وكارمن ، لذلك قرر أدهم الاحتفال به مع جميع أفراد الأسرة بعد أن دعاهم بنفسه للحضور.
كما أصر على أن ترتدي كارمن ثوباً أبيض من تصميمه الخاص ، في منتصفه فوق بروز بطنها الكبيرة شريط على شكل قوس أبيض أسفل الصدر مباشرة بفيونكة له تموجات عليه بالطول ، له اكمام طويلة و واسعة ، ومن اعلى الرسغ يضيق بشريط صغير ، وينزل للأسفل بإتساع بشكل انيق مع تموج بسيط ، وهذه هديته لها في هذا اليوم.
نزلت كارمن الدرج بحذر شديد بمساعدة زوجها ، فقد أصبحت حركتها ثقيلة بعض الشيء بعد أن أكملت شهرها الرابع من الحمل ، برزت بطنها بشكل ملحوظ للغاية.
توقفت عن النزول من منتصف الدرج بتردد طفيف.
نظر إليها أدهم ، وهو يجعد حاجبيه بعدم فهم ، وسألها بلهفة : حاسة بحاجة بتوجعك!!
هزت كارمن رأسها بنفي ، قائلة بنبرة هادئة : لا انا كويسة بس…
رمش أدهم بعيناه المتسمرة عليها قائلا بإستفهام : بس ايه؟
عبست كارمن بشدة ، بينما كانت على شفير البكاء ، قائلة بصوت مبحوح يتخلله التذمر : شكلي غريب يا ادهم وبطني كبيرة يعني كان لازم تحكم رأيك وتلبسني الفستان دا كلهم هيشكو دلوقتي من منظر بطني
تسللت ابتسامة بإرتياح على وجهه وأمال رأسه تجاهها ، وقبلها بخفة على جبهتها ، محاولًا طمأنتها حتى لا تصاب بالذعر كالمعتاد مؤخرًا ، قائلاً بأكثر نبرة هادئة يمتلكها ، بينما يكمل نزوله معها ببطء : انتي دخلتي في شهرك الخامس يعني عادي ان بطنك تبقي كبيرة و بطلي تبصي عليها عشان كدا هتخليهم يلاحظو بجد
رفعت كارمن حاجبًا واحدًا من كلماته الواثقة وقالت بقليل من الاقتناع : انت شايف كدا يعني!!
أومأ أدهم برأسه لها ، متابعًا خطواتها باهتمام شديد ، قائلاً بابتسامة واثقة : اتوكلي علي الله وانزلي براحة ولو حد سأل سيبهولي
قالت بضحكة مرحة تزيح بها التوتر الذي كان يرافقها في الأيام الأخيرة ، وهي تخفض نظرها للأسفل لأنها بالكاد تستطيع أن ترى الدرجات من بطنها البارزة أمامها : بدأت اشفق علي الحد دا من دلوقتي
ضحك أيضا معها بخفة على جملتها الساخرة ، واستمروا في نزول السلم بهدوء بينما كان الجميع متجمعين في انتظار مجيئهم.
هتفت كارمن بسعادة ، وهي تتجه نحوه بعد أن وصلوا إلى القاعة الفسيحة : جدو حبيبي
عانقها الجد بحب وحنان ، تبادلت معه كارمن العناق بمحبة وفرح من رؤيته مرة أخرى ، وكانت تشتاق إليه كثيرًا قائلا لها بنبرة خشنة : قلب جدك كيف صحتك يا بنتي!!
خرجت من بين ذراعيه ، ووقفت بجانبه تمسد على ظهره برفق قائلة بسرور : الحمدلله مبسوطة جدا انك جيت اخيرا وشوفتك كنت وحشني اوي
بادلها الجد الابتسامة بحنان ، وقال بمودة : وانتي كمان يا حبيبتي كل سنة وانتو طيبين و ربنا يسعدكم يارب
رد أدهم باحترام ، وابتسامة جذابة على وجهه : وانت بألف صحة وسعادة يا جدي
أجابته كارمن أيضاً بابتسامة رقيقة تزين ثغرها : ربنا يخليك لينا يا جدو
وأردفت بعد أن التفتت للذين يقفون على يمينها ، وكان قد بادر أدهم بالترحيب بهن عندما دخل معها مباشرة ، قائلة بابتسامة سعيدة وهي تقبل خدود كلتا المرأتين بمودة واحترام : ازيك يا عمتو و انتي يا طنط حنان عاملين ايه
ردت حياة بإبتسامة : الحمدلله يا حبيبتي .. انتي اللي اخبار حملك ايه؟
أجابت كارمن بإبتسامة صادقة : يعني الحمدلله تمام
ابتسمت حنان وهي تنظر إليها قائلة بمحبة : ربنا يقومك بالسلامه يا بنتي
جاءت روان إليهن من خلف كارمن قائلة مازحة : نحن هنا علي فكرة .. كل سنة وانتي طيبة يا كوكي
قالت كارمن بضحكة خافتة : وانتي كمان كل عيد جواز وانتي طيبة يا وزة .. اومال فين بنوتك هنا!!؟
ابتسمت روان ابتسامة عريضة وقالت بخبث : وانتي بالصحة والسعادة .. يا ستي هنوشة حبيبة امها نايمة فدبست زين فيها وقولت اجي نقعد مع بعضينا علي رواقة
صاحت حنان غاضبة على أسلوب ابنتها التي أفسدها زوجها كثيرا بعد أن أنجبت ابنتهما الصغيرة “هنا” : مفترية والله البنت يدوب تمت شهر مش هيعرف ياخد باله عليها سيبتها معه فين اروح عشان اخدها منه قبل ما تصحي
ردت روان بعبوس يتخلله الغيظ : انتي مش ملاحظة انك امي انا اقفي معايا شوية وبعدين هو ابوها كمان لازم يشيل برده اشمعنا انا اشيلها تسع شهور لوحدي يعني
مطت كارمن شفتيها مستاءة ، وهي تضرب رأس روان برفق قائلةً بسخرية : ياعيني علي الراجل انا بشفق عليه
حركت روان رأسها بعيدًا ، وهي تئن بتلقائية من ضربتها ، وقالت بتذمر طفولي وهي تخاطب والدتها : بس يا بت هو موجود برا مع باقي الرجالة يا ماما
وصل صوت الجد إليهما مخاطبا حنان بعد أن استمع إلى حديثهما وهو يقف مع أدهم : تعالي معانا يا حنان احنا هنقعد معاهم كمان خدي منه البنت
أومأت حنان بطاعة وهي توبخ ابنتها بازدراء واستسلام من جنونها الدائم : ماشي يا عمي ربنا يصبرني
★★★
تكلمت كارمن بصوت عالٍ قليلاً عندما دخلت الصالة الشاسعة المساحة في أحد أركان القصر ، حيث جلست جميع الفتيات بحرية : طمنوني عليكم يا بنات اخباركو ايه!!
قالت يسر بلا مبالاة وهي ترضع طفلتها الصغيرة “بسنت” ، التي كانت تبلغ من العمر أربعة أشهر فقط ، وكانت نسخة مصغرة من يسر ، حيث كانت تتميز بلون عينيها الواسعتين ، ورموشها الكثيفة ، وخديها ممتلئان بحمرة جميلة : احنا تمام اهو
رفعت نسمة يدها فقط وقالت بابتسامة كسولة : بالنسبالي تعالي انتي سلمي عليا انا مش قادرة اتحرك
هزت كارمن رأسها مستاءة من كلماتها ، وهي تمشي ببطء نحوها ثم عانقتها برفق قائلةً بابتسامة لا تخلو من التذمر : يالهوي علي كسلك يا نسمة بقيتي كسولة اوي اتحركي كدا انتي لسه داخله في شهرك الرابع اومال انا اعمل ايه!!
سألتهم روان بفضول ، وهي جالسة بجانب نسمة : اه قولولي صحيح عرفتو نوع الجنين؟
حركت نسمة رأسها ، نافية هذه الكلمات ، وسألت بحيرة : لسه شوية بس انا دايما نايمة علي نفسي ماعرفش مالي!!
قالت يسر بصوت خفيض حتى لا توقظ ابنتها التي كانت تنام ببراءة بين ذراعيها بعد أن أطعمتها : نسمة بتفكرني بنفسي ايام حملي في ياسين كنت بنام و اكل كتير .. دا الحمدلله اني قدرت اخس بعد الولادة .. كان زمان مالك اتجوز عليا يا اوختشي واخدت انا الصابونة .. عشان كدا مستنية شوية وهلعب رياضة من تاني عشان اخس بدل ما رجلي تيجي في الصابونة المرة دي بجد
ضحك الجميع علي ما قالته ، ثم أومأت إليها كارمن بفهم ، وهي تجلس بجانبها بارتياح قائلة بإصرار ، بعد أن خافت من فكرة اكتسابها للوزن ، مشيرة إلى نسمة بإصبعها : كويس انك قولتي الكلام دا عشان هنفذو انا والبت دي بعد ما نولد
مدت نسمة يديها باتجاه طبق الفاكهة على المنضدة أمامهما ووضعته في حجرها قائلة بلا مبالاة : ماشي بس حاليا خلينا ناكل براحتنا بقي عشان نعمل ريجيم جماعي عن اقتناع
اتسعت عينان كارمن بصدمة عندما رأتها تقطم التفاحة بشراهة ، قائلة بأسي علي حالتهم : مافيش فايدة لسه بتاكل برده
مدت روان يدها نحو طبق نسمة وتناولت منه موزة ، وهي تقول مؤيدة لرأي نسمة ، ثم قشرتها بخفة وأعطتها لكارمن التي أخذتها منها وأكلتها بتلذذ ، ونسيت أمر تخسيس الوزن تماما : ما عندها حق يا اختي هي حامل واحنا بنرضع لازم نتغذي كويس وبعد مدة كدا نبقي نعملو هي الدنيا هتطير
دخلت حنان عليهم بعد قليل حاملة طفلة صغيرة جدا بين ذراعيها ، قائلة بصوت خفيض حتى لا تصاب بالذعر وهي في حضنها : بت يا روان خدي هنا رضيعها
أخذتها روان من يديها بالطريقة الصحيحة وبحرص شديد ، فهي طوال فترة حملها ، كانت تقرأ كل ما يتعلق بتربية الأطفال حتى تعرفت على كل المعلومات عنها لتعتني بابنتها بشكل سليم ، وهذه كانت نصيحة كارمن لها ، و أيضا نسمة الحامل الآن في شهرها الرابع بدأت بقراءة الكتب على الإنترنت لفهم ما تحتاجه لتربية الأطفال.
همست روان بحنان وهي تتأمل في ملامح الطفلة بحب عميق ، رغم أن ملامحها غير واضحة حتى الآن ، لكنها جميلة بعيون عسلي فاتحة ، مثل بحر من العسل الصافي بنظراتها البريئة للغاية : تعالي يا روح امك عند ماما عشان تأكلك
★★★
سرعان ما إنسدل عليهم المساء في جو عائلي دافئ مليء بالضحك ، والقيل والقال بينهم دون توقف.
اجتمع الجميع في البهو الداخلي الفسيح بعد العشاء
قاطعت كارمن الحديث بين الجميع بالوقوف فجأة ، وجعلتهم ينظرون إليها بذهول وإستفهام.
لاحظت ذلك بعد أم وزعت نظراتها الهادئة عليهم ، وقالت بصوت عالٍ قليلاً وهي ترفع إصبعها السبابة : معلش تركزو معايا لحظة واحدة من وقتكم يا جماعة
أنهت جملتها ثم نادت علي كريمة التي جاءت مع بعض الخادمات ، أثناء جر حامل اللوحات الذي كان مغطى بقطعة قماش سميكة وكبيرة تخفي ما تحتها.
أصبح الجميع أكثر فضولًا مع مرور كل لحظة من الصمت ، منتظرين بفارغ الصبر فهم ما كان يحدث أمامهم
تحركت كارمن بخطوات بطيئة وهادئة نحو اللوحة ، بعد أن تراجعت كريمة وأولئك الذين يقفن بجانبها للخلف ، أثناء انتظارهم لمعرفة ما كان في اللوحة أيضًا بحماس.
وقفت كارمن تنظر إلى بريق الفضول الذي برَّق في أعينهم المتسمرة نحوها ، وخصَّوصا أدهم الذي كان يحدق بها في ترقب كبير ، وهو يضع يده اليمنى على حافة مقعده ورأسه مرفوعًا عالياً بكبرياء.
تحنحت كارمن بخفة لتوضيح صوتها بعد أن بدأت تتوتر قليلاً من النظرات المصوبة عليها ، وحاولت ترتيب كلامها قائلة بنبرة هادئة إلى حد ما ، بينما كان قلبها يدق مثل الطبول بين ضلوعها ، وهي تنظر إلى أدهم الذي يبتسم لها بفضول : انهاردة مر سنة كاملة علي جوازي منك يا أدهم .. كانت سنة فيها احداث كتير و مواقف اكتر .. كبرت معاك سنة قدمتلي حاجات كتير حلوة فيها .. وفي أخر السنة دي حابة أنا اهديك ذكري حلوة مني ليك يارب تعجبك
أنهت كلماتها وهي ترفع الغطاء عن اللوحة وهي تعض بتوتر طفيف على شفتها السفلى ، إتسعت عيون الجميع بدهشة وإعجاب بما رأوه.
لم يتمكن مالك من الصمت مطلقاً صفيراً عالياً من إعجابه بجمال رسمها.
أضافت بابتسامة رقيقة ، وبدأت ثقتها تزداد من نظرات أدهم اللامعة بصدمة التي كانت تراقبها بتمعن شديد : كل سنة وانت معايا وجنبي علي طول
كانت عيناه تتألقان بموجات من المشاعر تخصها وحدها ، حيث ألجمت الصدمة لسانه للحظة قبل أن ينهض من مقعده ويسير نحوها ، ثم أمسك كفها الرقيق بكلتا يديه ليرفعه إلى فمه ، ويقبله بحب وحرارة.
تسللت الحرارة إلى وجنتاها اللتين احمرتا خجلاً قبل أن يحتوي جسدها بين ذراعيه قدر المستطاع بسبب انتفاخ بطنها.
غمرت رأسها أكثر في صدره بابتسامة تطوق خصره بذراعيها ، وسعيدة بنظرات الجميع التي تشع إعجابا على جمال اللوحة التي رسمت عليها ملامح أدهم بوضوح وإتقان عاشقة لأدق التفاصيل في زوجها الذي يملأ حبه قلبها ، و كان كل الواقفين يبتسمون بسعادة على منظرهم الرومانسي.
استمعت إلى همسه الرقيق بجوار أذنها وهو يشدد عناقه لها ، بينما يكاد يصدق أنها نفذت تحديها السابق له دون أن يعلم أنها كانت تخطط لهذا الشيء منذ ذلك الحين ، وحتى الآن لتفاجئه بتلك المفاجأة الجميلة : كل سنة وانتي دايما معايا وفي قلبي وعيني و علي راسي يا احلي وارق ست في الدنيا .. كل سنة واحنا طيبين وربنا يخلينا لبعض و يبعد عننا وعن ولادنا كل شر
استنشقت كارمن عطره الذي أصبحت تدمنه أكثر فأكثر منذ حملها ، قائلة بصوت خفيض : امين يارب العالمين .. ربنا مايحرمنيش منك حبيبي .. كفاية بقي عشان بتكسف قدامهم
ضحك أدهم عليها بخفوت قبل أن يطلق سراحها من بين يديه ، ثم نظر إليها بتمعن ، ملاحظا احمرار خدها بإحراج من عناقه لها هكذا أمام الجميع ، ومتسألا بابتسامة بجوار اذنها : طيب تحبي تقولي المفاجأة دي كمان؟
هزت كارمن رأسها برفض ، وشبكت أصابعها في أصابع يده ، وأجابت بحرج : لا قول انت
تمتم أدهم بإبتسامة جانبية : ماشي
ثم أضاف بنبرة عالية لفت بها أنظار الجميع إلى حديثه : يا جماعة عندنا خبر كنا عايزين نقولكم عليه
تسائلت ليلي بإبتسامة : خبر ايه يا حبيبي!!
شدّ أدهم علي أصابعها بإبتسامة قائلا بنبرة هادئة تتخللها الحماسة : كارمن حامل في توأم ولاد
نظر إليهم الجميع بنظرات مندهشة قبل أن يتجهوا نحوهم ، يباركهم ويهنئهم على ذلك الخبر السعيد ، حيث كانت الابتسامة ترتسم علي شفاههم بسعادة حقيقية.
أكملت كارمن حديث أدهم الذي قاطعته التهاني التي أمطروها عليهم بفرح : قررنا إن شاء الله نسمي ولادنا محمد و عمر
هنا كانت الابتسامة حقًا لا توصف على وجوه الجميع ، وخاصة مريم وليلي اللتان احتضنتا كارمن معًا بحنان وحب كبير ، بينما أرسل لها أدهم الذي كان يقف ورائهما قبلة في الهواء دون أن يلاحظها أحد غيرها.
★★★
بعد عدة دقائق
وقف زين أمام المسبح ، بعيدًا عن التجمع في الداخل ، حتى يستطيع تدخين سيجارة في هدوء ، فجاءت روان من ورائه ، ثم وقفت بجانبه ، تهمس بمشاكسة : انت مش ملاحظ انك ناسي حاجة!؟
نظر إليها مندهشا ، مع رفعة حاجبه متظاهرا بالتفكير ، وقال ببرود ، وهو ينفث دخان سيجارة بين أصابعه : مش واخد بالي
نظرت روان إليه بحزن قبل أن تتنهد بضيق يثقل صدرها ، و تقول بنبرة خافتة بسبب الغصة التي تشكلت في حلقها من لا مبالاته مثلما حدث في الماضي : لا والله .. طيب
أمسك زين بمعصمها ، يمنعها من الابتعاد عندما رآها تتحرك من جانبه قبل أن يغلق عينيه بقوة ، متنهدا داخله بغضب لرؤية الحزن في عينيها ، ثم فتح عيناه ناظرا إليها بغضب من نفسه لأسلوبه القاسي معها عن غير قصد ، حيث أراد أن يراوغها قليلاً حتى يعودوا إلى منزلهم ، لكنها ستجعله يتراجع عن ذلك الآن حتي لا يزداد حزنها أكثر.
ألقى بعقب سيجارته على الأرض ، وداس عليها بقدمه قائلاً بتمتمة : لو بتعرفي تصبري علي رزقك كنت قدرت افجئك بالهدية اللي الفضول بياكلك عشان تعرفي اذا جبتها ولالا
دمعت عيناها رغماً عنها ، وضغطت على شفتيها بشدة لتبتلع الغصة في حلقها ، ثم همست بتحشرج : لا مش عشان كدا انت مش مخليني محتاجة حاجة او نفسي في حاجة بس دي غريزة جوايا عايزة اتأكد في كل مناسبة انك بتفكر فيا مش ناسيني بس كدا
لف زين ذراعه حول كتفها ، وقبل جبهتها بحرارة قائلا بحنان محاولا تهدئتها : ماقدرش أنساكي وانتي عارفة كدا ماتزعليش مني بس والله كنت محضرلك مفاجأة وباستعجالك حرقتيها
تغير مزاجها من حزن إلى مرح مرة أخرى بعد أن استطاع زوجها أن يملأ قلبها بالسعادة ، عندما علمت أنه يتذكرها في هذا اليوم المميز رغم عمله طوال الوقت ، قائلة بشقاوة وهي تتكئ أكثر على صدره الصلب : طب ما تيجي نروح البيت وتقدمهالي وانا هعمل نفسي متفاجئة بيها
هز زين رأسه بالموافقة على تفكير زوجته المشاكسة التي مهما كبرت ستظل كما هي ، بقلب أبيض نقي تغضب سريعا و بنفس السرعة ترضي ، قائلاً باستسلام : موافق يا مجنونتي
الخاتمة 2 (خطأ جميل) مزيج العشق
بعد مرور سنة
في فيلا مراد عزمي
تجلس نسمة في حديقة الفيلا الواسعة ذات المساحات الخضراء الرائعة ، حيث كان الطقس ربيع المشمش ، وبجانبها يحيي طفلها البالغ من العمر سبعة أشهر في عربته ، حيث كان نائمًا بعد أن تناول وجبته من الحليب.
أما هي فقد كانت تنظر إلى صور حفل زفافها بابتسامة شاردة ، وتتذكر تلك الليلة المميزة والخاصة جدًا في حياتها التي لن تنساها أبدًا.
Flash Back
في النمسا
بعد وصولهم إلى الفندق الذي سيقيمون فيه لقضاء شهر العسل ، والذي يطل علي بحيرة ورثير سي.
دخل كلاهما إلى الجناح المزين بالورود والشموع وتفوح منها رائحة رائعة.
ركضت نسمة إلى النافذة ، تشاهد جمال المناظر الطبيعية الجميلة في النمسا ، كانت منبهرة وسعيدة جدًا أنها سافرت لأول مرة في حياتها مع عريسها و حبيبها.
قالت نسمة بنبرة رقيقة عفوية مليئة بالحماس : المكان من هنا ساحر يا مراد .. تعالي بص كدا
همس مراد بجوار أذنها بعد أن وقف خلفها ، وهو يطوق خصرها ساندا جسدها على صدره : انا شايفو يجنن لانك معايا فيه يا قلب مراد
شعرت نسمة بتوتر طفيف ، وسرعان ما رفرفت بعينيها ، وقالت متلعثمة بسبب أنفاسه الساخنة التي تلفح جانب وجهها : مراد .. اهدا عليا شوية .. انا محتاجة كام دقيقة اخد نفسي واتعود علي المكان
زم مراد شفتيه بضيق طفيف ، لكنه تفاهم اضطرابها الطبيعي قبل أن يهز رأسه ، ليقول بهدوء : ماشي اذا عايزاني اسيبلك الاوضة لحد…
قطعت نسمة جملته ، وهي تستدير إليه بسرعة ، ثم لفت ذراعيها حول خصره واضعة رأسها علي صدره ، قائلة بإعتراض ناعم على فكرة ابتعاده عنها : ممكن تحضني وبس .. مراد انا محتجالك يمكن اكتر ما انت محتاجلي..
رفع مراد يديه ، وطوقها بذراعيه في استسلام كامل مستمتعا بدفئ جسدها ، ومسد على ظهرها برقة ، بينما كان يستمع إلى صوتها الخجول الهامس : معرفش ليه كنت بتحداك واتعصب كل ما اقابلك .. بس حقيقي انت حركت قلبي من اول مرة شوفتك فيها
ظهرت ابتسامة راضية من شفتي مراد من اعترافها له بما يدور في خلدها ، فسمعته يهمس لها بعاطفة صادقة : وانا مابقتش اشوف غيرك انتي وبس .. لكن خايف اكون بوترك بسبب قربي منك وكمان كنت خايف تضايقني من غيرتي عليكي في الطيارة
رفعت نسمة رأسها من علي موضع قلبه الذي كان ينبض بشدة من تأثير قربها منه ، قائلة بدهشة ممزوجة بجدية شديدة لا تتناسب مع كلماتها : مين قال اني مضايقة بالعكس .. انا كمان بغير اوي وممكن ارتكب جناية لو ابتسمت وفي بنت موجودة جنبنا عجبتها ضحكتك .. بتجيلي افكار شرانية اوي وممكن افقعلها عينيها بصوابعي
انفجر مراد ضاحكا عليها ، لأن هذا الجانب من شخصيتها لأول مرة تظهر به أمامه ، فهي لا تعلم أنه مهووس بها أيضا ، وربما أكثر منها ، قالت بغيظ عند رؤية ضحكته بتلك الطريقة الجذابة : يا غلس بتضحك علي ايه بقول نكتة انا!!؟
قهقه مراد مرة أخري بلطف ، ورفع وجهه لأعلى قبل أن يقول بهدوء بعد أن قرص أنفها برفق : لا يا قلبي بس دايما عجباني فيكي حتة الشر دي يا قطتي البرية
أومأت إليه نسمة ، وقالت بمرح : ماشي لو كدا اضحك براحتك حبيبي قدامي انا بس
اتسعت الابتسامة على فمه ، قائلا بسؤال ماكر ، بينما كانوا لا يزالون علي نفس وضعية وقوفهم : حبيبك مين!!
ضمت نسمة شفتيها متظاهرة بالتفكير ، وأجابت عليه بمراوغة : ابن الجيران كان معجب بيا جدا من واحنا صغيرين
فجأة احتدت عينان مراد من تلك المزحة الثقيلة على قلبه ، قائلا بزمجرة غاضبة : نسمة!!
رمشت بعينيها متصنعة البراءة ، وقالت بابتسامة ملتوية : نعم
انزعج جدًا من ابتسامتها الاستفزازية ، و دون تفكير دني برأسه إلى مستواها ، ووضع شفتيه بعنف لطيف على شفتيها مقبلاً أياها بقوة بعد أن ثبت رأسها بكلتا يديه.
ابتعد بعد لحظات قليلة بابتسامة انتصار علي إحمرار وجنتيها الخجولين كحبتين من التفاح الأحمر الداكن يشتهي قطفهن ، وعيناها مغمضتان بشدة.
مرت عليهم بضع ثوان في صمت ، محاولة تنظيم نبضاتها المتناثرة من حركته المفاجئة لها ، همست بصوت مصدوم لاهثًا ، بينما كانت عيناها تتجهان نحو صدره بخجل ، حيث تبخرت بوادر الجراءة التي ظهرت عليها منذ قليل : ايه اللي عملته دا!!
همس لها مراد بصوته العميق ، ناظراً مباشرة في عينيها ، بعد أن وضع أصابعه تحت فكها ، ورفع رأسها إلى أعلى : انتي السبب عشان عصبتيني .. هسألك تاني مين حبيبك!!
همست نسمة بعفوية شديدة ، بينما يطبع مراد قبلة صغيرة بين حاجبيها المتشابكين ، ليفرقهما بعيدًا عن بعضهما البعض : انت
ابتسم مراد لها بسعادة و رضا عن إجابتها هذه المرة ، وبينما كانت هي تفكر في شيء آخر.
سألته بإحراج ، وكانت تنظر إليه تارة وتغض بصرها عنه تارة أخرى : معلش كنت عايزة اسألك عن حاجة كدا!!
سحبها من يدها وجلس على حافة السرير الوثير في منتصف الغرفة ، ثم جعلها تجلس على إحدى رجليه ، ملاحظ خجلها الواضح منه ، ليتمتم بهدوء : اسألي اللي انتي عايزه
تنحنحت نسمة بخفة لتنقية صوتها ، بعد أن وضعت يدها اليمنى بشكل تلقائي خلف رقبته ، دون النظر إلى وجهه قائلة بإستفهام : هو انا المفروض دلوقتي اناديلك مراد ولا يحيي؟
سحب مراد الهواء إلى صدره بقوة قائلا بسؤال آخر : انتي حابة تناديني ايه؟
قامت نسمة بإمالة رأسها قليلاً ، وهي تفكر قبل أن تغمغم بصوت خافت لا يخلو من الفضول : قبل ما اجاوبك انت ليه مايبقاش اسمك يحيي!!
تنهد مراد ، وهو يزفر الهواء الذي ملأ صدره ، مردفا حديثه : لان يحيي طلعله شهادة وفاة لما كان عنده عشر سنين وكل فلوسي والشركات كمان بأسم مراد عزمي دلوقتي
كانت نسمة تنظر إليه بحزن وأسي علي حاله ، ويغمرها شعور قوي بأنها تريد تعويضه عن الحنان الذي فقدها طوال حياته ، فستكون له النور الذي يضيء أيامه ، لكنها رفعت كتفيها حائرة من كلماته ، ، وتمتمت مرة أخرى : طب انا احتارت صراحة قولي انت اناديك بإيه؟
أزاح خصلة من شعرها كانت شاردة على جبهتها بأطراف أصابعه من ناحيته ، لأنها كانت تعيق تأمله إلى وجهها بوضوح.
قال بهمس أجش أمام شفتيها ونظراته الحنونة لم تفارق عينيها : وانا معاكي بكون يحيي الطفل المحتاج دايما وجودك جنبه في كل وقت وانا برده مراد اللي بيعشق كل حاجة فيكي وبيتمني يفضل في حضنك عمره كله
كلماته الهادئة المنبعثة من صمام قلبه ، امتزجت بقبلة طويلة على شفتيها بث فيها جزء من حبه وولعه بها.
كانت في البداية قبلاته رقيقة ومتمهلة علي وجهها ورقبتها ، ثم تحولت إلى قبلة عميقة بشغف اكبر ، بعد أن تجرأت يده على لمسها
تبادلت معه القبلة بحب ممزوج بالخجل ، ليأخذها إلى عالمه الخاص المليء بالمشاعر الدافئة والعاطفة الجياشة حتى أصبحت زوجته قولاً وفعلاً.
Back
★★★
مازلنا في منزل مراد عزمي
….: كانت أيام جميلة
انقطع شرودها في ذكرياتها بصوت أجش سرعان ما تعرف عليها وهي تدير رأسها نحوه ، وهي تجيب بابتسامة : فعلا يا عمو حاتم
جلس بعد أن طبع قبلة صغيرة على جبين الطفل الصغير الذي كان غافي ببراءة ، يعبأ صدره برائحته النقية.
التقط حاتم صورة جماعية من وسط مجموعة الصور سارحاً فيها قليلا حتى افاق على صوت نسمة التي ، قالت بسؤال : ليه عمو ماقولتلهاش انك بتحبها؟
تمتم حاتم بابتسامة هادئة ، وعيناه لم تبتعد عن التي أمامه في الصورة : عشان حبي ليها مش محتاج اقوله او حتي اعبر عنه .. حبها عاش جوا مني سنين وهيفضل عايش حتي لو عمرها ماحست بيه
ابتسمت له وهي تنظر إليه بأسي ، ثم وصل لمسمعها صوت ذو بحة خشنة تحفظه بقلب محب لصاحبه : ايه الجمال دا .. هو القمر بيطلع بالنهار ولا ايه!!
طيرت شعرها بخفة ودلال إلى ظهرها دون أن تنظر إليه ، لكنها لم تستطع إخفاء ابتسامة جميلة تسللت إلى شفتيها ، لتتساءل بغرور زائف : عمو هو الراجل الوسيم دا بيعاكسني ولا انا بيتهيألي!؟
وضع حاتم الذي كان جالسًا على كرسيه قدمًا على الأخرى ، وأجاب بابتسامة ساخرة علي الذي يقف أمامهما ينظر إليهما بغيظ ، وحاجب مرفوعًا على استفزازهما له : اظاهر كدا انه بيعاكس
زمت نسمة شفتيها ، قائلة بتساءل بعد أن وضعت أصابعها على جبينها متظاهرة بالتفكير : ونعمل معه ايه دا؟!
ابتسم مراد بخبث و دهاء معروف عنه قبل أن يدنو بطوله المهيب إلي جوار أذنها ، ليهمس لها ببعض الكلمات بصوت لا يسمعه أحد غيرها : انا اقولك….
سرعان ما تلون وجهها بحمرة الخجل ، وجميع ألوان قوس ، إذ خرج منها شهقة عالية ، وكادت أن تنفجر من شدة الحنق والإحراج ، لجرأة ما قالها لها زوجها الذي لا يتنازل عن ثأره مطلقاً.
قامت نسمة بإلقاء إحدى الوسائد من خلف ظهرها عليه بغضب بعد أن رأته يضحك ، ويشاركه حاتم الضحك بصخب ، عندما صرخت بصوت خفيض حتى لا يستيقظ طفلها بسبب خجلها المفرط الذي يعشقه فيها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في قصر البارون
داخل جناح أدهم
استيقظت بقلق من نومها العميق ، حالما تحسست مكانه بجوارها ووجدته فارغًا ، متذكرة جيدًا أنهما ذهبا للنوم معًا هذه الليلة ، قالت بصوت نعسان ، وهي تدير رأسها في الغرفة : ادهم .. يا ادهم .. انت فين!!
نهضت كارمن من تحت الغطاء ، مرتدية رداءها المنزلي الخفيف ، ثم لبست في قدميها الخف الخاص بها ، بينما كانت تفكر إلى أين سيذهب في مثل هذه الساعة المتأخرة.
خرجت من الغرفة توزع نظراتها على المكان الهادئ ، ثم وجهت عينيها إلى الغرف الأخرى وهي تتذكر التغييرات التي حدثت في هذا الجناح بأكمله في الفترة السابقة ، حيث تم تغيير غرفة مكتب الخاص بأدهم إلى غرفة للتوائم ، وأصبحت الغرفة الصغيرة حضانة صغيرة بها ألعاب بسيطة للأطفال ، أما بالنسبة لملك الصغيرة ، حيث نقلت غرفتها إلى طابق الأوسط بجوار جدتيها ليلي ومريم ، لأنها لا تستطيع تحمل صراخ وبكاء التوائم طوال الليل.
سمعت صوت بكاء قادم من غرفة الأطفال.
دخلت كارمن غرفة التوأم بجدارها أزرق ، مثل ألوان عيونهم ، فقد أخذوا ذلك اللون من والدتهم ، مع حدة نظرات أبيهم ببراءة محببة ، فتلك الحدة لم تظهر بشكل جيد بسبب صغر سنهم.
فوجئت جدا بما تراه أمامها ، فكان أدهم جالسًا على كرسي بين السريرين ، يحمل أحدهما بين ذراعيه ، ويربت على ظهره بحنان.
بان الطفل البالغ من العمر ثمانية أشهر صغير الحجم جدًا على صدر أدهم العريض ، لكن شكلهما معًا كان أجمل مشهد في عيني كارمن المفتونة بزوجها الوسيم الحنون جدًا مع أطفالهما ، وقد ظهر ذلك بوضوح بعد ولادتها لذلك التوأم.
خرجت كارمن من شرودها قائلة برقة : حبيبي
رفع أدهم نظراته إليها ، ليتساءل بإبتسامة هادئة : ايه يا روحي صحيتي ليه؟
همست له كارمن بعد أن اقتربت منه ماشية على أطراف أصابعها حتى لا تُحدث ضجيجًا للنائمين بوداعة : انت اللي بتعمل ايه هنا!!
ألقى أدهم نظرة فاحصة على الطفل الغافي في حضنه ، وهو ينهض ببطء ، ثم يمشي بهدوء إلى السرير الصغير ويضع الطفل برفق فيه ، ويضع قبلة رقيقة على جبهته ، مستنشقًا رائحته الجميلة التي تغمره بالسعادة ، قبل أن يلتفت إليها ممسكاً راحة يدها في يده ، أخرجها من الغرفة ، وأغلق الباب خلفها بهدوء تحت نظرتها المستفهمة.
سار أدهم معها بخطوات هادئة باتجاه غرفتهما بصمت ، ثم أجاب على سؤالها قبل لحظات بهدوءه المعتاد بعد أن دخلوا غرفتهم معًا ، وأغلق الباب خلفهم جالسا معها على الأريكة الواسعة أمام سريرهم : كل يوم بقوم بعد مابنام بشوية وادخل اطمن عليهم
اتسعت عيناها مصدومة لما سمعته قائلة بهمس : بجد بتعمل كدا .. ازاي ماكنتش بحس بيك
تمتم أدهم وهو يرفع كتفيه بلا مبالاة ، بينما كانت عيون كارمن تلمع بفخر أن هذا الرجل الحنون هو زوجها : وفيها ايه لو عملت كدا بخفف من عليكي شوية .. نسيتي قد ايه كنتي تعبانة في حملهم وبعد ما اتولدو كنتي مش بتنامي خالص طول الليل من عياطهم!!
همست كارمن برقة ، بعد أن وضعت رأسها على صدره ، وطوقت خصره بذراعيها ، فيما ظهرت شبح الابتسامة على فم أدهم بحب علي حركتها العفوية ، التي تشعره بالسعادة عندما تفعلها ، محاصرا جسدها بذراعيه في المقابل : قد ايه انت حنون عارف ان كل يوم بيعدي بعرف فيك ميزة جديدة ماكنتش عارفها!؟
لثم شعرها بحنان ، قبل أن يسند رأسه على رأسها ، ويغمض عينيه مستنشقًا عطرها الخلاب ، ليتمتم بصدق : انا كلي ليكي انتي وهما ليا مين غيركم اهتم بيه!!
رفعت رأسها عن صدره ، وهزتها متفقة مع كلماته التي نالت أعجابها كثيرا ، ونظرت إلى الأعلى حتى ترى وجهه جيدا قائلة بشقاوة : اه انا بحسب اصلا هنفضل شغلينك كدا طول العمر في كل مكان
قرص أدهم خدها المتورد بخفة وقال بمرح : وانا علي قلبي زي العسل يا ستي
أردف بإستفهام : لسه ماقررتيش امتي هتبدأي شغل!؟
اعتدلت كارمن في جلستها ، وهي تعض علي شفتها السفلى ، قائلة بدلال يتخلله لا مبالاة بهذا الأمر : لا يا دومي انا أم لأربع اطفال دلوقتي محتاجين وقتي اكتر من اي شغل انا سيبت عليك انت كل الشغل
نظر إليها أدهم بعيون اتسعت في دهشة ، وتشكلت عقدة بين حاجبيه بطريقة لطيفة تعشقها ، وهو يتسائل بإنشداه : اربعة ازاي يعني!!
رفعت كارمن أصابعها ، وعدت عليها بهدوء أمام عينيه : قصدي علي ملك والتوأم وانت طفلي الكبير
مد أدهم فمه إلى الأمام مع رفعة حاجب واحد ، ضحكت كارمن بخفة على تعابير وجهه ، قائلاً بفكر مصطنع : كأنك بتثبتيني عشان مافتحش سيرة شغلك معايا تاني مش كدا
خرجت منها ضحكة خافتة ، وهي تعض شفتها السفلى وتومأ برأسها قائلة بمرح : هو كدا بالظبط لكن دا مايمنعش اني هجي الشركة في كبسات مفاجأة قصدي في زيارات ودية
ضحك بصوت عال على مزحتها المضحكة ، وقال بصوت أجش محذرا إياها : اذا كانت كبسات ودية ماشي .. بس اوعي يكون دا كلام ليل و يطلع عليه النهار يتنسي وبعدها اتركن علي الرف
همست له كارمن قبل أن ترفع نفسها قليلاً على حجره ، وتقبّل شفتيه بحب : ماعاش اللي يركنك علي الرف يا روحي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد مرور سنتين
في منزل زين الاسيوطي
داخل المطبخ ، الذي بدا فوضويًا ، مما يشير إلى عاصفة شديدة اندلعت فيه منذ لحظات.
خرج زين بوجه مغبر بالدقيق ، وتعبيرات وجهه المقتضبة لا تبشر بالخير ، إذ إمتلكته موجة من الغضب والسخط جعلت الدم يغلي في رأسه من تصرفات زوجته الحمقاء.
يسير خلفها بخطوات سريعة تكاد تشبه الركض حتى استطاع الإمساك بها من ذراعها ، لأنها لم تكن قادرة على الفرار من بين براثن ذلك الغاضب خوفا علي جنينها.
سحبها نحوه ، وهو ينظر إليها بنظرات إجرامية ، لكنها تتناقض تمامًا مع مظهره الفوضوي المضحك ، هادراً فيها بغضب : عارفه اني هعلقك علي باب الشقة زي الدبيحة بسبب افعالك اللي تشيب دي
حاولت روان التحدث بأرق نبرة تمتلكها ، لتستعطفه بها متظاهرة بالضعف و التعب ، ممسكة ظهرها حتى تنبهه إلى وجود طفلهما الذي عرفت نوعه منذ عدة أيام ، والذي سيأتي إلى العالم بعد أربعة أشهر كاملين : حرام عليك يا زين عملتلك ايه انا عشان تشخط فيا كدا!!
تركها برفق ، وهو يمسح وجهه بكلتا يديه محاولاً السيطرة على غضبه خوفاً عليها من نفسه أثناء فورة غضبه ، قائلا في سخط رغم إرادته بعد أن خفض عينيه على ملابسه المتسخة بالدقيق والبيض والزيت وغيرها : البهدلة دي كلها يا زفتة الطين و معملتيش حاجة
نظرت روان إلى مظهره المثير للسخرية ، حيث امتلأت ملابسه ووجهه ببقايا الكعكة مع بعض المكونات التي بقيت منها على طاولة تحضير الطعام في المطبخ ، وهي تكاد تكبح ضحكة عالية على مظهره المضحك حتى لا يغضب أكثر ، قائلة بشفاه ممدودة في تذمر مثل الأطفال : انت اللي بدأت الاول واكلت الكريز كله اللي هزوق بيه تورتة بنتك .. اعمل ايه بقي دلوقتي بعد ماخلصته!!
حالتها لم تكن أقل سوءًا منه ، فقد أصبح فستانها الأخضر الفاتح ملونًا بعدة ألوان طبيعية ممَ حدث بالداخل ، وشعرها الطويل أشعثًا بشكل فظيع ومضحك.
ضحك الآخر عليها بسخرية ، قبل أن يردف محذرًا أياها بعد أن أمسك شحمة أذنها شاداً عليها يعتصرها بين إصبعيه ، ممَ جعلها تعض علي شفتها بالألم من تلك القوة التي لم تكن شديدة ، ولكنها مؤلمة : كنت بهزر معاكي تقومي تهدي المطبخ فوق دماغنا .. انتي اللي هتنظفيه انا بقولك من دلوقتي عشان ماتجيش تعيطي بعد شوية .. وبعدين تعالي هنا بصيلي .. فيها ايه لما اكل الكريز انا بحبه ايه المشكله يعني!!
أنهى كلماته ، تاركًا شحمة أذنها ممسكًا بها من تلابيب ثوبها الواسع قليلاً ، لكنه أظهر بروز بطنها الكبيرة ، ثم همس في حنق من بين شفتيه ، حتي إستمعت صرير أسنانه المتكئ عليها بقسوة ، بدت وكأنها سنجاب ضئيل الحجم أمام صقر غاضب : عجبك كدا بذمتك دا منظر دكتور محترم وله هبيته وسط الدكاتره والعيانين في المستشفي
سحبت روان الهواء بقوة على صدرها ، وهي تتذكر عندما زارت المستشفى حيث يعمل زوجها ، ورأت ببؤبؤ أعينها نظرات الطبيبات والممرضات التي تكاد تغتصبه من كثرة التحديق به.
منذ ذلك الحين ، وهي تحاول كبح جماح غضبها حتي لا تنفجر فيه مثل القنبلة الموقوتة ، ولكن عند هذا الحد طفل الكيل ، قائلة بحدة تظهر فقط في أوقات سخطها الشديد ، موجهة نظرات التحذيرية إليه ممزوجة بالتهديد الصريح : كلمة زيادة عن منظرك ووقارك قدام البنات البسكوتش دول والله لا اجيب التليفون واصورلك بمنظرك دا عشان انزلها علي صفحتك عالفيس بوك يا دكتور يا وقور و هتبقي فضيحتك بصجات قدام العالم كله
تم عكس الأدوار هنا تمامًا ، حيث أصبحت نظرتها نحوه حادة مثل السيف الذي على بعد خطوة واحدة من قطع رقبته.
ابتلع زين لعابه بعد أن ترك تلابيب فستانها بسخط من بين قبضته ، وأقسم بداخله أن لا شيء سيمنعها ، وأنه إذا حاول استفزازها أكثر من ذلك ستفعل ما قالته دون ذرة تفكير واحدة ، بعد أن لاحظ جديتها ، حينما جاءت سيرة الطبيبات ، مدركًا غيرتها عليه ، قائلا بتذمر مزيف : عارفك مجنونة و تعمليها
روان ضحكت بخفة على رد فعله المضحك ، وهي تمد يديها لتلتقط قطع الكعكة من علي وجهه ، وهي تتذوقها بتلذذ قائلةً بأسي لا يخلو من الإغراء غير مقصود ، وهي تضم شفتيها وتاكل بقايا القطع المتساقطة بجانب فمها : والله طعمها حلو خسارة تعبي فيها الساعات اللي فاتت .. بقولك ايه ابقي اتصرف انت مع بنتك يا حلو انا مش هعملها تورته تانية كفاية ابنك اللي قاعد يضرب برجله في بطن…ي…
أما هو فقد نسي ما كانوا يتحدثون عنه منذ برهة ، بينما يراها وهي تبرم شفتيها الكرزية بهذه الطريقة ، لذلك اقترب منها مثل المسحور دون أن يحيد نظره عن حركات شفتيها ، ثم جذبها إليه بعد أن وضع كلتا يديه خلف رقبتها وانقض عليها ، يقبل شفتيها بعاطفة جياشه في قبلة شغوفة بعدما ابتلع بقية عباراتها في جوفه ، بينما روان صدمت بفعله المفاجئ ، لكنها سرعان ما اندمجت معه في قبلتهما بعمق أكبر.
نتيجة لذلك ، نسوا المكان الذي يقفون فيه وحالتهم المزرية.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في فيلا مراد عزمي
دخل مراد المنزل بهدوء ، ولكن سرعان ما اتسعت بؤبؤ عينه في حالة ذعر شديد ، عندما وجد دخانًا كثيفًا يتصاعد من المطبخ ، فقفزت إلى ذهنه العديد من السيناريوهات قد حدثت لحبيبته و طفله الصغير.
ركض بسرعة إلى هناك بعد أن كاد يقسم أن قلبه توقف عن النبض للحظة من شدة هلعه ، وهو يصرخ بقوة بينما الرؤية مشوشة بسبب الدخان الكثيف : نسمة .. ماجدة .. ايه اللي حصل هنا!!؟
جاءت صرخة مذعورة يتخللها الإختناق إلى أذنيه : مراد الحقني!!
رفع مراد رأسه وهو يحدق في كل الاتجاهات ليحدد مصدر صوتها من أين يأتي ، بينما ينبض قلبه بألف نبضة في اللحظة من شدة خوفه ، وهو يصيح باستنكار بعد رؤيتها واقفة على المنضدة الرخامية ، ويبدو أنها لم تصاب حتي بخدش يذكر : انتي ايه اللي مشعلك فوق كدا .. وراحت فين الدادة والبت اللي معاها!!
شعرت نسمة بالتوتر بعض الشيء ، وهي تحاول صياغة كلماتها حتى لا تلقي حدفها على يده ، فكيف تخبره أنها سئمت الجلوس دون عمل يشغلها حتى أعمال المطبخ ممنوع عليها فعلها ، فهي تعلم أنه حريص على راحتها ، لكنها تشعر بالملل الشديد واغتنمت هذه الفرصة لتسلية نفسها قليلاً ، لكن سوء حظها كان لها بالمرصاد في النهاية.
سحبت نسمة الهواء بقوة إلى رئتيها بينما كان مراد في المقابل يحدق بها ، منتظرًا تفسيراً لما حدث.
عضت شفتها بعد أن أغمضت عينيها بشدة في محاولة لتخفيف توترها ، ثم قالت بسرعة قبل أن تخونها شجاعتها ولا تستطع التحدث بتاتا : بنت الدادة بتولد راحت تشوفها .. و البت التانية اول ما الدنيا ولعت كدا .. جريت وسابتني لوحدي .. انا دخلت اعمل الغدا ويدوب ولعت علي الأكل لاقيت .. فار بيجري من ورا التلاجة والله دا اللي حصل
كانت عيناه مثبتتين عليها بفاهاً منفرج قليلا من الدهشة ، وتلجم لسانه لعدة ثوانٍ من الهراء الذي سمعه ، لا يستطيع تصديق فعلتها السخيفة التي كادت أن تودي بحياتها ، و وتوقف قلبه بسبب خوفه عليها ، مزمجراً بإنفعال وعيون حمراء من شدة الغضب : يا سنتك الطين يا نسمة .. كنتي هتولعي في نفسك وفي البيت و وقعتي قلبي في رجلي من الخوف عشان حتة فار!!
عبست ملامح نسمة بلطف ، وقالت بسخط رغم أنها كانت ترتجف من الذعر داخلها : هو دا اللي فارق معاك هولع في البيت .. ليه يعني مجنونة و لا بردانة وعايزة ادفي .. دا بدل ما تدور عليه و تموته!!
تمتم مراد بين شفتيه صراً علي أسنانه بقوة ، صارخًا في نهاية جملته بصوت عالٍ : انزلي يا نسمة من عندك بسرعة .. يلا
إنكمشت نسمة علي نفسها أكثر من غضبه الناري عليها ، ثم همست بتلعثم من شدة خوفها ، وهي تسب نفسها لعجزها الذي أدى إلى كل تلك الفوضى ، وأشد لأنها تعرضت لذلك الموقف السخيف أمامه : مش هعرف .. المكان..عالي وانا بدأت ادوخ مش هعرف..انزل لوحدي
تمتم مراد بكلام سئ يسب فيه نفسه ، لأنه في فورة غضبه نسي خوفها من المرتفعات ، وبالتأكيد ما حدث لم يكن بإرادتها.
توجه نحوها بعد إطفاء شعلة موقد الغاز ، حيث أمسك بخصرها بذراعيه القويتين ، فإرتمت على صدره متشبثة جيداً في عنقه ، وخبئت وجهها في تجاويف رقبته بعد أن لفت ساقيها حول خصره ، وشعور بالأمان والدفء يغزو جسدها المتيبِّس.
طوقت احدى يديه خصرها حتى لا تسقط ، ومسد على ظهرها برفق بيده الأخرى عندما شعر بها وهي تضع رأسها على كتفه وتعانقه بإرتجاف ، ثم صعد بها إلى غرفتهما في الطابق العلوي دون أن ينبس ببنت شفة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
غربت الشمس معلنة حلول المساء في منزل مالك البارون
وقفت يسر أمام مرآتها ، وبالكاد تصدق أنها إرتاحت قليلاً من صخب أطفالها الدائم الذين وضعتهم عند والدتها اليوم ، حتى تتمكن من تكريس القليل من الوقت لنفسها ، قائلة بصوت خافت ملئ بالأسي علي حالها لإنعكاسها في المرآة : اخيرا لاقيت شوية وقت صغنن لنفسي .. يا لهوي دا انا بقيت مقشفة بسببهم!!
كانت تضع ماسك للبشرة على وجهها ، وتشعر بالانتعاش والحيوية تضخ في جسدها وبدأت تغني بصوت خافت ثم بعد أن أنهت ما كانت تفعله ، صاحت بتذمر وإحباط : يالهوي عليا مش وقت كهرباء تقطع خالص انا لسه مخلصتش
ذهبت يسر إلى المطبخ بخطوات بطيئة ، متحسسة الجدار بيديها ، حتى وصلت إلى الرف حيث كانت تحتفظ ببعض الشموع.
في ذلك الوقت
دخل مالك إلى المنزل ، محبطًا من انقطاع التيار الكهربائي ، وهو يمشي بحذر ، ويخرج هاتفه المحمول من بنطاله ، ثم يضيء ضوء المصباح الصغير الموجود فيه حتى يرأى أمامه في ذلك الظلام.
صاح مالك بنداء علي زوجته التي فوجئ بأنها ليست في غرفة المعيشة كالمعتاد مع أطفاله : يا يسر انتي فين .. واد يا ياسين !!؟
وصل إلى مسمعه صوتها المتذمر قادمًا من المطبخ : مالك انا هنا في المطبخ .. تعالي نورلي مش شايفة حاجة!!
ذهب مالك إلى المطبخ بخطوات سريعة ، ولكن تسمرت قدميه عندما رآها واقفة مولية ظهرها إليه ، بينما كانت يسر تبحث عن ولاعة لإضاءة الشمعة ، وكانت ترتدي ثوب نوم قصيرًا وناعماً للغاية.
أدى إلى اندفاع الحرارة في جسده بقوة ، وعيناه اسودت برغبة عارمة من مظهرها الفاتن أمامه وهو يراها هكذا من خلال الضوء الخافت للمصباح ، فكيف عندما تأتي الكهرباء؟
تعجبت يسر من وقوفه عند باب المطبخ دون أي رد فعل ، وقالت بعبوس مستنكر : حبيبي لو معاك ولاعة نولهالي .. مش لاقية حاجة هنا و مفيش كشاف خالص معرفش وديتهم فين!!
لم تكد تنتهي من كلامها حتى شعرت بذراعيه يطوقان خصرها بشدة ، وأنفاسه ثقيلة حارة ، على رقبتها البيضاء تحرقها بحرارتها ، ثم سمعته يهمس بصوت أجش ممتلئ بالمشاعر : سيبك من الشمع دلوقتي .. فين العيال!!
لم تلاحظ يسر التي كان عقلها مشغولاً بالعديد من الأفكار عن مقصده بكلماته ، قائلة بعفوية : هيباتو عند ماما انهاردة
لمعت عيناه بموجة عالية من الشوق عندما سمع كلماتها ، وهو يقبل بشرة عنقها العاجي بشغف ، هامساً بصوت عميق بينما تضرب أنفاسه الحارة رقبتها مسببة دغدغة لطيفة في جسدها : طيب انسي الشمع والولاعة وخليكي معايا .. بشرتك ناعمة اوي و ريحتها تجنن هتموتيني بحلاوتك اللي بتزيد يخربيت جمالك
ارتفعت وتيرة أنفاسه بجانب وجهها ، وهو يضع يده على فكها ويجعله يستدير نحوه ، موزعا قبلاته الدافئة على خديها ، وعيناها مغمضتان بقوة.
ابتلعت يسر ريقها بصعوبة من المشاعر التي اجتاحتها ، وحاولت إبقاء أصابعه وفمه بعيدًا عن وجهها بتوتر واضح قائلة بلطف : بس انا يا حبيبي مش مستعدة!!
كانت تتلوى بين ذراعيه ، وهو يغمس رأسه في رقبتها بإلحاح ، ويهمس بصوت اجش : هش انا عايزك زي ما انتي كدا
فوجئ الاثنان باستعادة الكهرباء في المكان الذي أضاء بقوة وبشكل واضح من حولهما ، وسرعان ما رمشت أعينهما من ذلك الضوء القوي الذي ضرب في أعينهما.
حاولت يسر أن تستدير إليه ، لكنها سمعت زمجرته المصدومة قائلا بتمتمة كأنه يتحدث إلى نفسه : ايه البتاع الازرق اللي في ايدي وعلي بوقي دا .. جه منين!!!
سرعان ما أطلق صرخة خشنة عندما التفتت إليه بشعرها الأشعث الذي لم يكن مرتبًا على الإطلاق بسبب أصابعه فيه ، ووجهها كان ملطخ ببقايا الماسك ، وأصبح فوضويًا جدًا ومخيفًا بسبب أصابعه عليه أيضًا.
هتف مالك بذهول بينما كانت حالته لا تقل فوضوية عنها ، فجوانب وجهه ويديه ملطخة بقايا الماسك ، وهو يشير إلى وجهها بعيون جاحظة من محجريها : انتي عاملة في نفسك كدا ليه يا ولية!!؟
إنها لا تعرف ما يجب عليها أن تفعله حقًا ، إنها تريد أن تضحك بشدة على شكلها وشكله ، لكنها في تلك اللحظة غاضبة منه أكثر من أي وقت مضى ، فقد ضاعت كل جهودها بسببه هباءاً.
نظرت إليه يسر بعبوس ، وقالت بحسرة على حالتها : دا ماسك للبشرة .. يوه منك يا مالك بهدلتني وبهدلت نفسك
أطلق الآخر زفير مرتاحًا ، حيث كان مذعوراً حقًا مما رآه فجأة ، وقال مازحا : وقعتي قلبي يا شيخة .. افتكرتك اتحولتي وهتاكليني
عبست يسر أكثر ، ثم لكزته بخفة على صدره ، وتحركت راغبة في الخروج من المكان : بايخ
أمسك بعضدها ، يمنعها من المغادرة ، وقال بدهشة من هروبها : تعالي هنا .. رايحة علي فين!!
سحبت يسر ذراعها من بين قبضته بغضب ، وقالت بحدة : أحسنلك تبعد عني الساعة دي .. مش كفاية بوظتلي كل اللي كنت بحضرو عشانك من الصبح .. دا انا ماصدقت عرفت أسرب العيال من حضني عشان افضالك شوية تقوم تعمل فيا كدا!!
هز مالك رأسه بإنكار ، وهو يرفع كلتا يديه في الهواء قائلا ببراءة : انا معملتش حاجة
إتسعت عيناها بصدمة وقالت بإستنكار من لا مبالاته : كل دا ومعملتش حاجة!!
أومأ مالك بخفة ، وهي ينظر إلى عينيها بحب عميق ، قائلا بحنو ممزوج بالمرح لتخفيف حزنها : اه ماعملتش ولا حتي انتي كمان محتاجة تتشقلبي كدا عشان تعجبيني .. انا بحبك في كل حالاتك حتي بشعرك المنكوش دا .. بس ابوس ايدك روحي اغسلي وشك عشان مش قادر امسك نفسي عن الضحك اكتر من كدا
ابتسمت يسر على مزحته رغماً عنها قائلةً باستسلام للأمر الواقع : وربنا انك رخم
قال مالك بابتسامة حنونة ، ونبرة صادقة تفيض بمشاعر عميقة تجاهها : بس بعشقك يا عمري كله
ضحكت يسر بصوت عالٍ على نفسها مثل الحمقى ، وهي تحاول تمشيط خصلات شعرها الغير مرتبة بأصابعها ، قائلة بدلال و مرح بابتسامة صافية : وانا كمان بحبك اوي يا حبيبي .. هروح انقذ مايمكن انقاذه وارجعلك ماهو لازم نستغل الفرصة اللي مش هتتكرر كتير
أنهت كلماتها ، وهي تطبع قبلة حانية على خد زوجها على غفلة منه ، ثم ركضت خارج المطبخ.
قهقه مالك على طفولتها ، وجنونها اللطيف الذي لن يتغير مهما مرت سنوات عديدة عليهم.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في نفس التوقيت بفيلا مراد عزمي
دخلت نسمة غرفتها بعد أن إطمئنت إلى أن طفلها نام بسلام وبراءة محببة لقلبها ، بعد أن سردت له حكاية أسطورية يحبها كثيرا.
مررت نسمة عينيها في الغرفة متسائلة لماذا لم يكن زوجها في المكان ، لكن لم تمضي سوي برهة حتى سمعت مقبض باب الحمام ينفتح ثم خرج مراد منه ، وأدركت أنه استحم من خصلات شعره الأشعث المبتلة والملتصقة بجبهته ، مما ضاعفت من وسامته أكثر.
كان مراد يرتدي سروالًا قطنيًا أسود فقط ، تاركًا صدره عاريًا ، مما أبرز عضلاته الصلبة ومعدته السداسية التي عليها سقطت قطرات ماء من خصلات شعره المبللة ، و تسير ببطء متعرج على ثنايا بطنه ، قبل أن يمسك بمنشفة صغيرة ويجفف بها شعره.
سعلت نسمة بخفة وهي تشيح ببصرها بعيدًا عنه ، بمجرد أن لاحظت أن عينيه تتسلطان عليها ، بعد أن كانت تدقق النظر في جسده المثالي ، من كتفيه العريضتين إلى أصابع قدميه ، قائلة بسؤال ناعم عندما رأته يتجه نحو السرير الوثير : حبيبي .. انت هتنام ولا ايه!!
أومأ مراد إليها بعد أن تسلق السرير ، ووضع جسده عليه مسترخياً ، سألها بهدوء : ايوه يا حبيبتي .. ورايا شغل بدري .. نيمتي يحيي!!؟
أومأت نسمة برأسها متفهمة قبل أن تخلع عنها رداءها الحريري ، لتكشف عن ثوب نومها الجذاب ، جعل ذلك الشخص المستلقي على السرير تتحفز كل خلية في جسده ، بينما عيناه متسمرتان على هيئتها المغرية.
ابتلع مراد ريقه بصعوبة ، وبقيت نظراته مسلطة عليها ، متمعناً بالنظر إلى جسدها ، أثناء اقتربها منه وهي تتمايل في مشيتها أمامه كغصن البان حين تهزها الريح فسلبت عقله كلياً ، حيث اختفي النعاس من عينيه تماما.
سارت نسمة بخطوات غير مسموعة مثل فراشة ترفرف دون صوت باتجاه السرير ، لتتسلق بجانبه ، هامسة بنبرة متعبة : ايوه اخيرا نام بعد ما غلبني طول اليوم وهو بيلعب
رمش مراد بعينيه عدة مرات بعد أن أشاح النظر عنها ، ليستعيد شتات وجدانه التي فقدها أمام جمال زوجته الساحرة ، وتمتم باهتمام مغلف البرود ، لأنه لم ينس ما حدث منها في ذلك اليوم وهو يحاول يحاول جاهدًا السيطرة على أعصابه : وانتي بقيتي احسن دلوقتي!
شعرت نسمة بالحزن يخيم علي قلبها بعد أن لاحظت تجاهله بالنظر إليها ، لم تكن تعلم شيئاً عن الحرب المستعرة دخله بسبب شغفه بها الذي يزداد أضعافاً مضاعفة ، كلما وقعت عيناه عليها ، ويكاد يذوب من رقة صوتها الذي يجعله أكثر جنونا ، وهي تقول : الحمدلله .. هو انت لسه مضايق مني!!
زفر مراد الهواء المحبوس في صدره بإختناق على ذكر ذلك الحدث الذي تسبب له في هلع حقيقي ، قائلا بعد أن سلط عينيه عليها من جديد : اكيد مضايق لازم تاخدي بالك بعد كدا وماتخافيش من الفيران
زمت نسمة شفتيها بعبوس طفولي وهي تحدق به تارة ، ثم تخفض نظرتها تارة أخري ، قائلة بتذمر طفيف مليئ بالحرج : اي حد بيخاف منهم مش انا لوحدي
ابتسم مراد بخبث قائلا بهمس عابث : طب تعالي هنا
أنهى جملته تزامناً مع سحب ذراعها إليه بخفة حتى صعدت على حجره ، ولم يستطع مقاومة رغبة قلبه أكثر من ذلك ، حيث اعتاد على لمسها والاقتراب منها عندما تكون بجانبه.
غمرها مراد بين ذراعيه القويتين ، مطوقاً اياها بقوة لطيفة ، لتتكئ نسمة بجسدها علي صدره ، والتصقت به التماساً للدف براحة تامة كرد فعل لا إرادي منها ، وكأن هذا هو مكانها الصحيح غريزيًا.
مرر مراد عيناه الزرقاوان على وجهها ، محدقًا في ملامحها الجميلة ، من أول الغرة الناعمة على جبهتها ، وصولاً إلى عينيها الخضرتين الواسعتين ، التي يكاد يقسم أنها مثل الجنة بالنسبة له ، و لا يود الخروج منها لبقية حياته.
نزل إلى أنفها الصغير الذي لا يمل من مشاكسته ، محدقاً بعدها في التفاحتين اللتين توردان من ملاحظتها له بعد أن أطال النظر بها في صمت.
تسمرت حدقتيه علي شفتيها التي مثل الكرز الطازج الذي يود قطفه حتى يشبع جوعه .
أكمل مراد همسه بجوار أذنها بأنفاس ثملة من جمالها الذي أرهق فؤاده كثيراً : محلوية انتي بزيادة انهاردة!!
ابتسمت نسمة بخجل لإطراءه اللطيف ، لكنها سرعان ما رفعت كتفيها قائلة بثقة وغطرسة زائفة تفشل في إتقانها ، خاصة أمامه ، حيث تفضحها ردود أفعال جسدها لأقل لمسة منه : انا كدا كل يوم يا قلبي
صدر من فم مراد صفيراً بإعجاب علي كلامها الواثق ، ثم أحاط بجسدها أكثر على صدره قبل أن يتمتم بخفوت ملئ بالشغف : اموت انا في التواضع دا .. قربي عليا شوية
ابتعدت نسمة قليلا بوجهها حتى نظرت إليه مباشرة أمام وجهه متسائلة بدهشة : ليه بقي .. عايز ايه
رفعت مراد حاجبًا بإستنكار على كلماتها الحمقاء ، لكنه قال بنفس الهمس : ايه اللي عايز ايه دي .. هو انا ماوحشتكيش
توردت وجنتيها وهي تشيح بصرها عنه ، قائلة بخجل : لا .. وحشتني
أمسك مراد بفكها بين أصابعه برفق ، موجهاً وجهها أمامه مجددًا ، وسأل بنبرة ملتوية وهو يحرك طرف أنفه على طرف أنفها بمشاكسة محببة : طب ايه!؟
استنشقت كمية لا بأس بها من الهواء ، قائلة بتلعثم ممزوج بإحراج شديد : انت..انت..وراك شغل كتير الصبح..لسه قايل كدا وكمان أحم انا عندي حظر
إحتقن وجهه بقوة بعد سماعه كلماتها التي دمرت كل خططه ، لكنه مع ذلك يبقى مراد ، الذي لا يفقد الأمل بسهولة طالما أنه يريد شيئًا ، خاصة من التي أطاحت بعقله وتشتت قلبه ، فسيحصل عليها بأي وسيلة.
ابتسم لها مراد بفهم ، وقال بغمزة من عينيه الزرقاوين اللامعتين بلهيب ماكر تجاهها : طيب .. يعني مافيش حاجة كدا تحت الحساب لحد ما يتفك الحظر
أدعت نسمة الغباء حتى تستطيع فهم ما يصبو إليه ، وقالت بسؤال : حاجة زي ايه يعني!؟
أجاب مراد بإمالة رأس و إبتسامة واسعة : بوسة صغنتوته مثلا
شهقت نسمة في وجهه بطريقة مضحكة ، وهي تصفع خديها وتقول بذعر مزيف : لالالا يا فضحتي
رمش مراد عدة مرات لفهم ما قالته وصاح باستنكار : فضيحة ايه يا بت .. هو انا شاقطك .. انا ابقي ابو ابنك يا هبلة
تمتمت نسمة بمكر أنثوي تعلمته علي يدي ذلك الرجل ، وهي تمرر إصبع السبابة ببطء على فكه حيث أحرق جسده من الداخل ، وجعل تنفسه أثقل من ذي قبل : نام يا مراد
زم مراد شفتيه حتى أصبحا كخط مستقيم من الغضب ، وتمتم برفض متذمر خشن : لا مش نايم قبل ما اخدها
ابتسمت نسمة بإتساع محدقة بعقدة حاجبيه ، وملامحه الرجولية الوسيمة التي تجعل دمها يغلي ولعاً و شغفاً ، بمجرد النظر إليه تنسى أحيانًا أن تتنفس من حبها المفرط لذلك المخلوق.
لاحظ إطالتها النظر فيه ، وقد نال إعجابه ذلك كثيرًا ، حيث ظهرت ابتسامة خبيثة على وجهه قائلا ببرود استفزازي ، حتى يثير غضبها الطفولي عليه الذي يعشقه : لو خلصتي عد شعرات ذقني يلا انا مستني البوسة
جعدت نسمة حاجبيها بعبوس شديد ، وهي تنظر بعيدًا عنه بعد أن شتمت نفسها علي سلبه عقلها بهذه السهولة ، ثم همست بخفوت استمع إليه مراد ، وكأنها تتحدث إلى نفسها قبل أن تنظر إليه قائلة بقهر ، والابتسامة الماكرة عادت على وجهها مرة أخرى ، وهي ترفع سبابتها في وجهه بتحذير : بقي كدا .. طب اسمع مفيش بوس بعد كدا الا كل 8 ساعات ليك بوسة واحدة بس
حاول مراد أن يقطم إصبعها بأسنانه ، لكن في اللحظة الأخيرة لاحظت حركة فمه ، وأبعدت إصبعها عن متناول فمه بخفة بعد أن صرخت بذعر ، وزادت دقات قلبها رعباً ، ثم سمعت صوته الساخر يقول بتهكم على كلماتها ، متزامنًا مع رفع رأسها بعد أن وضع أصابعه تحت فكها ، بعد أن كانت نظرتها موجهة إلى إصبعها الذي كادت تفقده أمام براثن ذلك الفهد الخبيث : ليه هي بوسة ولا مضاد حيوي يا عبيطة .. هتجلطيني مش هتبطلي عنادك دا ابدا!!
ردت نسمة عليه بعد أن مدت لسانها إلى الأمام لتثير غيظه بإيماءة صبيانية مدللة منها وهي تتمايع بكلماتها : لا انا بموت في العناد
تمتم مراد بصوت أجش قبل أن يطبق شفتيه على ثغرها الوردي ويقبلها بشغف ، واضعا إحدى يديه على وجنتها والأخرى خلف رقبتها ، وهو يقبلها بشغف وحب ، ثم أخذ نفساً عميقاً وضربت أنفاسه الحارة بشرتها بتخدر سري في جسدها بمشاعر لذيذة معلنة استسلامها لقبلته العميقة بحب جارف : وانا بموت فيكي انتي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منتصف الليل داخل قصر البارون
داخل الشرفة الفسيحة في جناح أدهم
كان يجلس هو وزوجته مسترخيين على أرجوحة هزازة تتسع لشخصين بعد أن نام جميع سكان القصر ، وتحديداً التوأم المشاكس عمر ومحمد ، اللذين يبلغان من العمر ثلاث سنوات ونصف ، حيث إنهما كتلة من النشاط والحيوية والشقاوة غير طبيعية ، فقد دللتهم جداتهم بشكل مفرط ، وهذا يجعل زمام الأمور تفلت من كارمن أحيانًا ، وبالتالي تلجأ إلى أدهم حتى يسيطر على الموقف بصرامة ، والتي تستغلها جيدًا في هذه الظروف ، لأنها تعالجها بحكمة وحزم شديد.
تحت نظرات وضحكات ملك الساخرة ببراءة منهم ، و التي بلغت السادسة من عمرها ، ودخلت الصف الأول الابتدائي أيضا ، وينتهي بها الأمر مع التوأم في معركة كبيرة بينهم ، وبين ياسين الذي يبلغ من العمر الآن تسع سنوات ضدهم وحده حتى ينقذ ملك من براثنهم الوحشية بشجاعة ، لكن هذا في وقت اللعب فقط ، لأنهم جميعًا أصدقاء رغم فارق السن بينهم.
أما عند حدوث شجار في النادي يقاتلون سويًا على جبهة واحدة ضد الآخرين ، بتدخل يحيى الصغير أيضًا ، وفي النهاية ينالون عقابًا شديدًا من والديهم.
غمغمت كارمن بعيون مغلقة وهي تطوق ذراعيها حول خصر أدهم ، كهرة مدللة نائمة بين ذراعي مالكها : حبيبي انا عايزة شيكولاته
أتاها صوته الهادئ الذي لا يخلو من بعض الدهشة من كلماتها : ايه دا اوعي تكوني بتتوحمي!؟
رفعت وجهها عن صدره الدافئ حتى راحت تنظر مباشر إلى عينيه المتسعة بذهول ، منتظرا إجابتها باهتمام فقالت برقة : لا انا مش حامل .. كانت نفسي رايحة لها بس
غمغم أدهم بتفاهم قائلا بإبتسامة ماكرة : اصل انا فاكر موضوع الشيكولاته دي كويس من ايام حملك
أدارت جسدها للأمام من بين ذراعيه التي تحاوطها ، بحيث التصق ظهرها بصدره ، ورأسها أصبحت على كتفه ، تمتمت بدهشة بعد أن تذكرت تلك الواقعة : ياااه علي ذاكرتك الحديدية أمسك الخشب .. دا انا كنت نسيت اصلا
قال أدهم بينما كانت أصابعه تداعب شعرها من الخلف : والله نسيتي انا عمري ما هنسي .. يوم ما دخلتي عليا الاجتماع في ايدك الشيكولاته وملحوسة بيها بوقك وانا قاعد مع عملاء مهمة وبوستيني قدامهم وبهدلتيني
أغلقت عينيها بحرج ، ووضعت كلتا يديها على فمها لمنع صوت ضحكتها المرحة من الصعود في حلقها ، ثم قالت بأنفاس لاهثة ، وهي تلوح بيديها في الهواء ببراءة وتبرير : كنت مبسوطة اوي ساعتها .. انك افتكرت وبعتلي الشيكولاته .. اللي كان نفسي فيها ومن فرحتي عملت كدا .. مقدرتش امنع نفسي اني اشكرك
إبتسم أدهم وهو يميل برأسه ، ويقبل رقبتها وتحديداً على عرقها النابض بقوة ، بسبب إخفاء ضحكها ، وهمس بصوت رجولي عميق : دي كانت اول مرة في حياتي احس بالاحراج الجامد دا
أطلقت العنان لضحكها الشديد على كلماته ، ثم همست بدلال أنثوي بعد أن أدارت وجهها إليه ، ونظرت طويلاً داخل حدقتيه : اذوب انا في حبيبي المحروج
ابتسم لها أدهم بطريقته الجذابة وهو ينتقل ببؤبؤ عينيه إلى شفتيها ، التي تحركت أثناء الحديث بطريقة مغرية ، مما تسببت في زيادة خفقات قلبه بعنف داخل ضلوعه.
خفض رأسه نحوها أكثر ، ممسكًا بفكها بأصابعه ، متناولاً شفتيها بقبلة متأججة بالعاطفة ، باثاً غرامه و عشقه اللامنتهي لها بهذه القبلة التي ألهبت مشاعرهما معًا.
همست كارمن وهي تلهث بعد أن فصلت القبلة ، وإستدارت بوجهها إلى الأمام محاولة تهدئة تنفسها قليلاً : كنت .. عايزة اقولك .. علي حاجة!
تمتم بلطف وهو يمرر لحيته الخشنة على خدها المحمر من حرارة شعورها تجاهه ، مما تسبب في ارتعاش جسدها ، بينما كان يشابك أصابعه مع أصابعها : قولي
رمشت كارمن بعينها عدة مرات ببعض التوتر ، و هي تردف كلماتها بأنفاس متقطعة : ملك .. سألتني انهاردة .. ليه اسمها مش زي اسم اخواتها
وصل إليها صوته الهادئ قائلا بطريقة بإستفهام بعد أن جفل وكأن ماء بارد قد سكب عليه سهواً : وقولتلها ايه؟
اردفت كارمن بعد أن ارتسمت الجدية على وجهها : شرحتلها الموضوع بطريقة مبسطة عشان تقدر تستوعبها ووريتها صور ليها مع عمر كمان وهي صغيرة .. فرحت اوي لما شافتهم .. قولتلها انها بنوتة محظوظة عشان عندها اتنين بابا و كل الولاد عندهم بابا واحد بس
تنفس أدهم زفيرًا بطيئًا ، ملاحظًا أنه كان يحبس أنفاسه ، بينما كان يستمع لها بترقب كبير ، ثم قال بإعجاب لذكاء وفطنة زوجته : برافو عليكي يا حبيبتي .. دايما انا وانتي هنحكي لملك عنه الفترة الجاية اكتر .. دا حقها علينا
تمتمت كارمن في اتفاق مع رأيه ، بينما كانت عيناها تتجهان نحو السماء تحديدا إلى النجمة الوحيدة التي كانت تتوهّج في السماء المعتمة : معاك حق يا ادهم
حل صمت مطبق على المكان ، وسبحا كلاهما في أفكارهما حتى سمعته يقول بصوت عالٍ قليلا لجذب انتباهها : اسمعي
همست له كارمن بصوت خافت ، مترقبة لما يريد أن يقوله وقد اعتراها الفضول : نعم!!
أردف أدهم بجدية بعد التفكير في الأمر بعمق : احنا لازم الفترة دي نهتم زيادة عن الاول بملك كمان .. امي وامك كل واحدة واخدة واد منهم وماسكين فيهم بطريقة غريبة.
أومأت كارمن برأسها وهي تستدير نحوه بجسدها ، حيث راق لها جدًا كلامه ، محدّقة في زرقاوتيه الداكنة التي كانت تنظر إليها بحب واضح ، قائلة بدعم يتخللها بعض الاعتراض على تصرفاتهم : اه والله معاك انا بدخل علي ماما اوقات عشان اخد محمد أحميه او اغير هدومه الاقيها قاعدة تكلم معاه و مش راضية تسيبه وهو ماسك في الشيكولاته اللي بتديهالو كأنها راضعة مع اني قولتلها انها غلط عليه كتير
غمغم أدهم بصوت خفيض لا يخلو من السخرية : نفس الوضع مع ماما برده .. اكيد ملك هتبدأ تحس بغيرة منهم ومش هتستوعب دا كلو
خرجت غمغمة خافتة من فمها ، وهي تومأ برأسها في موافقه.
وأضاف أدهم بصوت أجش مليء بالمرح ، مشيرا إليها بإصبعه السبابة بتحذير ، محاولاً إخفاء ضحكته ، وهو يغمس وجهه في رقبتها بمشاكسة حتي تسللت له رائحة عطرها الهادئ : بس بقولك ايه .. انتي عارفاني مجنون هخطفك منهم كلهم واستفرد بيكي لو انشغلتي بيهم واهملتيني
رفعت كارمن رأسه عن عنقها وقرصت خده الشائك ، وقالت مازحة بينما كانت تقوس شفتيها بأسي مزيف : اخس عليك يا حبيبي مقدرش اعمل كدا طبعا .. انا هاخد اول طيارة علي طنطا بسببكو كلو
سرعان ما ضحكا معاً بصوت عال هز المكان فرحا قبل أن يقول أدهم بابتسامة حنونة تعلو شفتيه : انا دلوقتي بس بالي مرتاح .. اتحقق كل حاجة كنت بتمناها من ربنا الحمدلله .. وعوضنا عن كل حاجة خسرناها .. والأهم انه راضي عني عشان رزقني بيكي انتي في حياتي
همس لها أدهم بصوت خفيض ذو بحة خاصة لامست سويداء قلبها بعد أن دني رأسه إلى مستوى أذنها : انا بعشقك اكتر من نفسي يا كارميلة قلبي
ابتسمت كارمن بحب علي رقة كلماته ، واسمها المميز من فمه قبل أن تطوق عنقه بذراعيها ، وهي تغرس أصابعها في شعره البني الكثيف ، وتخبئ وجهها في تجاويف رقبته حتى تسللت رائحته الرجولية إلى أنفها.
همست بنبرة مليئة بالعشق ، خدرت جسد أدهم حرفيًا من أنفاسها الحارة التي تلفح جلده ، مغمضاً جفونه براحة وهو يشدد عناقه لها أكثر : وانا حياتي كلها ليك يا عمري كله
★★★
إن وجودهم معًا يشبه إلى حد بعيد ظاهرة الشفق القطبي ، حيث إنه أيضًا مزيج من الألوان الخلابة وهالة من الأضواء القطبية التي تضفي البهجة على الناظر ، لعل حدوثه لم يكن مقصوداً ، فهو مجرد خطأ وقع بالصدفة و ربما في نفس الوقت كان قدرهمها منذ البداية ، ولكن بالنهاية هذا الخطأ كان جميلاً بالنسبة لهم بقدر ما كان من المستحيل توقعه وحدوثه ، و هذا يؤكد أن الخطأ يمكن أن يكون جميلًا أيضًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمت بحمد الله

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية مزيج العشق)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *