روايات

رواية بيت البنات الفصل الثاني 2 بقلم أمل صالح

رواية بيت البنات الفصل الثاني 2 بقلم أمل صالح

رواية بيت البنات البارت الثاني

رواية بيت البنات الجزء الثاني

بيت البنات
بيت البنات

رواية بيت البنات الحلقة الثانية

– قتلِـ..ـتها، قَتَلِـ..ـت بنتي.
– اهدي، اهدي وفهمينا يا ندى!
– خلود، بنتي…
صرخت بها جنى وقد فقدت أعصابها بسبب أختها التي تصرخ بينما تردد كلماتًا غير مفهومة، بينما جلست وجيهة والدتها أرضًا أمامها تحاول تهدئتها: طب بس اهدي وفهمينا، فين خلود؟ وفين ناصر جوزِك؟؟
ولم تنطق أو تجيب بأي كلمة، فقط تتمتم بخفوت بإسم ابنتها، احضرت “جنى” هاتفها سريعًا ثم تحركت خارج المنزل لتقوم بمهاتفة هايدي شقيقة ناصر زوج أختها لتعلم منها ماذا يحدث.
– أيوة يا هايدي، في ايه؟؟ خلود بنت ندى فين؟؟
تفاجئت بها جنى تصرخ بصوت عالٍ يصم الأذان: ليكوا عين تتصلوا؟؟ ليكوا عين تتكلموا؟ منها لله أختِك، حسبي الله ونعم الوكيل فيها…
توسعت عيناها وهي لا تفهم أي شيء، سألتها بنفاذ صبر وضيق: لو سمحتِ من غير غلط، ايه اللي حصل خلاها منهارة بالشكل ده؟ وفين بنتها؟
وصلها صوت بكاء هايدي وهي تجيبها مولولة: راحت للبي خلقها، بنتها راحت للي خلقها وكله بسببها، كلنا بندعي عليها بسبب إهمالها، ربنا ينتقم منها بحق موت بنتها ده.
ثم اغلقت بوجهها دون أن تضيف كلمة أخرى، اغلقت جنى هاتفها بسرعة ثم تحركت عائدة للداخل سريعًا، ارتدت حذاءها وأعادت ضبط حجابها وهي تتحدث على عجلة وقلبها يكاد يخرج من مكانه: أنا راحة البيت عندها أفهم في ايه، خليكِ معاها لحد ما تهدى يا ماما اوعي تسيبيها..
كانت وجيهة امها تبكي هي الأخرى على حال ابنتها رغم أنها لا تفهم مالذي يحدث ولكن رؤيتها بهذه الحالة آلم قلبها جِدًّا.
رفعت وجيهة راسها لجنى التي تغادر: قالولِك ايه على التلفو…..
لكنها بترت باقي حديثها عندما اندفعت جنى للخارج بسرعة، هبطت سلالم البيت وهي تدعو الله دون توقف، تدعو أن يكون ما قالته هايدي نابعًا من خوفٍ أو قلق ليس إلا.
نظرت للطريف حولها تبحث عن أي وسيلة فارغة تقلها، نظرت لجانبها فوجدت جارها الذي يقطن بالبناية المقابلة لبناية منزلها يهبط من سيارته، لذا وبدون تردد تحركت نحوه مردفة بلهفة: يحيى!
نظر لها يحيى ذاك بدهشة ازدادات عندما رآها تفتح باب السيارة وهي تقول برجاء: معلش وصلني بسرعة لمكان وارجع تاني.
فتح عيناه بدهشة فقالت دون أن تصعد: بالله عليك بسرعة..
صعد أولًا وهي بجانبِه لازالت تردد “يارب” بلسانها دون كلل أو ملل، كان يطالعها يحيى بطرف عينه بعدم فهم: في ايه يا جنى؟؟ أنا مش فاهم حاجة.
أشارت له على الطريق: ادخل بس يمين بسرعة..
استجاب لطلبها وظل يفعل حتى وصلت لوجهتها، هبطت سريعًا من السيارة تتحرك ناحية منزل شقيقتها ندى، توقفت على أعتاب الباب وهي تستمع لأصوات الصراخ والبكاء.
ترددت بالدخول للحظات خشية أن يُلقى على مسامعها ما يفجعها، فهي لم تقنع حتى الآن بكلمات هايدي!
ولكنها دخلت بالنهاية، نظرت للجمع من حولها، الجميع يرتدي الأسود، لا تعرف أيًا من الوجوه أمامها.!
وقع بصرها على هايدي المرتمية في أحضان والدتها تبكي بوجع، اقتربت منها سريعًا: فـ .. في ايه؟؟
رفعت هايدي وجهها تنظر لمن اقتحم عليهم المكان بتلك الملابس الملونة، توسعت عيناها ما إن رأت وجه جنى فلم تشعر بنفسها وهي تقف تجذبها من رأسها.
حاولت جنى إبعادها ولكنه كانت تقبض بقوة على رأسها، وقفت أم هايدي وحماة ندى كذلك تجذب ابنتها بعنف: بس بس خلاص يا هايدي.
وقعت جنى أرضًا بعد أن صارت في حالة سيئة، عاد حجابها للخلف فصار نصف شعرها بالخارج ومبعثر أثر جذب هايدي له، وقفت بعض السيدات يستأذن بالخروج بعد أن قدموا واجب العزاء.
في حين وقفت لها أم هايدي تسألها بحدة: جاية ليه؟؟ جاية عايزة إيه تاني؟؟
ثم قالت والدموع تخرج من عينيها بلا توقف: حرام عليكوا مش كفاية اللي عملته أختِك؟!!
ثم أخذت تصرخ وهي تردد: حرام عليكوا حرام عليكوا.
ارتمت هايدي خلف والدتها فوق الاريكة تبكي من جديد، رحلت عنهم تلك الصغيرة، قتلها والدتها وهي الطفلة البريئة ذات الأسابيع! مَن سيحتمل مثل هكذا خبر؟!
بينما جنى أخذت تهندم ملابسها وتعدل من حجاب راسها والدموع تملئ عيناها، لما حدث بها أمام هذا الجمع ولما تحاول أن تنكره حتى الآن!
– اطلعي برة، قومي اطلعي برة يا**
صرخت بتلك الكلمات هايدي مرة أخرى وهي لا تتحمل وجودها بالمكان، وقفت جنى سريعًا تسألها بأملٍ وبأعين دامعة: خلود .. فين خلود؟
صاحت هايدي بصوتها المبحوح: اسألي أختِك، اطلعي بــــــرة!!
خرجت جنى من المكان والدموع تغطي عيناها، تسير جسدًا بلا روح، قدمها صارت كالهلام فوقعت تجلس على السلم بضعف.
اخذت تنفي براسها بينما تعبث في هاتفها بأيدٍ مرتعشة: أ .. أكيد في حاجة غلط، أيوة..
اتصلت على البيت فأتاها صوت والدها، سألته سريعًا: ندى قالت ايه؟؟ خلود فين؟؟
ولم يأتِها سوى ترديد والدها بـ “لا حول ولا قوة الا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون.”
صرخت وهي لا تفهم شيء: يا بابا قالت ايه؟؟ أنا في البيت عندها ومحدش راضي يفهمني، خلود فين؟؟
أجابها والدها على الهاتف في نفس الوقت الذي توقفت فيه سيارة ناصر زوج ندى امام البيت، خرج منها يحمل بين يديه طفلته الصغيرة، لم ترى جنى جمود وجهه وتلك الدموع التي يحاول أن يخفيها، لم ترى حزنه وقد كان كل ما يهمها هو أن تحمل ابنة اختها لتلعب معها كما اعتادت ان تفعل الفترة الماضية.
اقتربت منه سريعًا وهي تبتسم: خـ .. خلود ؟؟ هات أشيلها، دي … دي ندى هتموت من الخوف من ساعتها و…
– البقاء لله يابنتي، ربنا يصبركم.
قاطعها رجل في اواخر الاربعينات وهو ينظر لها بشفقة، نفت براسها وهي تنظر للطفلة بين يدي والدها: لأ يا عمو هي نايمة اهي!
– لا حول ولا قوة الا بالله
– لا إله إلا الله
– ربنا يرحمها.
– ربنا يصبركم.
اخذت تلك الجمل تنهال على مسامعها بينما يتحرك بها ناصر للداخل، وما إن ولج ازداد الصراخ وازداد معه بكاء من بالداخل.
ظلت هي في مكانها، جلست على الأرض في الشارع تبكي بينما تردد بحزن شديد: خلود!
اقترب منها يحيى الذي ظل سنتظرها بعد أن رأى حالتها، مد يده لها سريعًا يطلب منها بحرج وهو ينظر للناس والمارة: جنى! جنى قومي أما أروحِك بسرعة، قومي مينفعش اللي أنتِ عملاه ده!
نظرت له بينما تشير للبيت: خلود، خلود ماتت يا يحيى، طب … طب إزاي؟؟
– قومي يا جنى بقولِك! قومي بسرعة مينفعش كده!!
جذبها رغمًا عنها فوقفت أخيرًا على قدمِها تتحرك معه ناحية السيارة وهي تبكي بقوة تتذكر اللحظات القصيرة جِدًّا والتي قضتها كخالة مع خلود.
كانت ترفعها عاليًا،
تقرصها بخفة في وجهها،
تداعب انفها الصغير بيدها.
نظرت جنى لإصبعها الخنصر وهي تتذكر كيف كانت تتمسك به بإصبعها الصغير، كيف كانت تبتسم وهي نائمة، لقد قضت معه أكثر ما قضته ندى معها.!
وضع يحيى علبة المناديل أمامها بحرج وهو لا يعلم كيف يواسيها أو كيف وضع نفسه بهذا الموقف!
وصلا أخيرًا ففتحت الباب بضعف تتحرك صوب البيت بوهن لا ترى أمامها سوى الضباب لكثرة ما بكت.
وقف يحيى في مكانه بعد أن رحلت وهو لا يعلم أيتبعها أم يتحرك هو الآخر لبيته بهدوء! وفي النهاية اختار أن يذهب لمنزله..
كان بيتُها بالطابق الرابع ورغم هذا وصلها صوت بكاء شقيقتها وهي لازالت بالطابق الثاني، نظرت أمام باب منزلها فرات الكثير والكثير من الأحذية فعلمت بإنتشار الأمر.
جلست أمام باب البيت، غطت وجهها بين قدميها تبكي مرة أخرى وهي لا تعلم كيف عليها الدخول الآن ومواساة أختها؟؟ كيف تفعل وهي بحاجة لمن يواسيها.
– جنى!
رفعت وجهها فأبصرت وجه طارق ابن عمها القلق، صعد السلالم مقتربًا منها يسألها وهو يوزع أنظاره بينها وبين باب بيتها: في ايه؟؟ إيه الصوت ده؟ حصل حاجة ولا ايه؟؟
لا تعلم حتى بماذا تجيب!
ماذا تخبره؟!
ان طفلة اختها الرضيعة قُتلت؟! وانهم يتهمون أختها بهذا؟
فتح باب البيت فخرج من خلفه والده ووالده وشابان آخران، نطق والده ما إن رآه بلهفة: طارق! كويس إنك جيت، تعالى معانا أنا وعمك.
– آجي معاكم فين؟؟ وفي ايه اللي بيحصل؟؟
– تعالى بس يابني وهفهمك في الطريق.
نظر والد جنى لها ثم قال مشيرًا للداخل: قومي يابنتي، قومي ادخلي جوة!
امتثلت لأمر والدها ودخلت، كان الجميع ملتف حول أختها، أمها وزوجات اعمامها، جلست فوق إحدى الارائك؛ ظلت صامتة لبضع دقائق قبل أن ترفع رأسه تطرح سؤالها على “ندى”: أنتِ قتلتـ..ـيها؟؟
نظر الجميع لها، بما فيهم ندى.
في حين تابعت جنى: قتلـ.ـتي خلود يا ندى؟؟

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية بيت البنات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *