رواية جعفر البلطجي 3 الفصل السابع والخمسون 57 بقلم بيسو وليد
رواية جعفر البلطجي 3 الفصل السابع والخمسون 57 بقلم بيسو وليد
رواية جعفر البلطجي 3 البارت السابع والخمسون
رواية جعفر البلطجي 3 الجزء السابع والخمسون
رواية جعفر البلطجي 3 الحلقة السابعة والخمسون
لا البَوحُ يُطفِئ مَا في القَلبِ مِن،
وَجع ولا الدموعُ تُسَلّيني فَتنهمِر،
عَلِقتُ مَا بينَ كِتمانٍ يُؤرِّقُني،
وبينَ قلبٍ مِن الخذلانِ ينصَهِرُ!.
_ضَادٌ.
__________________
لحظاتٌ استثنائية، يتوقف عندها العقـ ـل، لحظةٌ خا’طفة وسريعة، لرُبما تتفاجئ بحدوثها، ولُربما تستغرق القليل مِن الوقت ولكن ستُيقن بعد ذلك أن حد’وثها لم يكُن صُدفةٌ عابرة، بل هي ذات أ’ثرٍ كبير ستُدركهُ بعد ذلك على المدى البعيد..
لرُبما تشعر بالتخبـ ـط قليلًا، وبالحيـ ـرة بعض الشيء، وبالغرابة كذلك، ولكن حينما يحين الميعاد المناسب ستجد أن جميع الخطو’ط بدأت تنكشـ ـف وأن كُل ذلك لرُبما يكون صُدفةٌ عابرة، أو ستكون صُدفةٌ دون مُسمىٰ، أو ستكون صُدفةٌ ذات و’صمة..
<“وَجَبَ على الحبيبُ أن يُعلن عن حُبِّه،
وحان الوقت حتى تر’تبطُ الوِ’صالُ بالحبيب.”>
وَجَبَ على الحبيبُ أن يُعلن عن حُبِّه الآن..
فلم يَعُد القلبُ يتحـ ـمل البُعدُ ولا الرو’حُ عن حبيبها ساكنةٌ، قلوبٌ وتعانقت، ور’بطها وِصا’لٌ، ولذلك فلا بُد أن تكون تلك هي اللحظة المنتظرة، فقد حان الوقت حتى تر’تبطُ الوِ’صالُ بالحبيب..
كان يجلس رِفقة عائلتهِ مع أخوتها الشبا’ب ووالدتها يُطالبون بما هو مكـ ـتنزٌ لديهم، فقد آن الأوان أن تؤخذ أما’نتهم ويرحلون، مجلسٍ متعارف في البيوت المصرية، جلسةٌ لطيفة كانت مـ ـليئة بالممازحات الطريفة والضحكات، وهُناكَ قلوبٌ خا’ئفة، فكانت تلك المقابلة بالنسبةِ إليها لم تحين موعدها في تلك الأيام، ولكن كان لهُ هو رأيٌ آخر في ذلك..
_بُص يا “أكرم” بما إنك كبيرها دلوقتي وهيَّ مسؤ’ولة مِنك فأنا جيتلك النهاردة أنا والعيلة الكريمة عشان أطلب مِنك إيد الآنسة “كايلا” لأبني “جـاد”، قولت إيه؟.
لم يتفاجئوا مِن ذلك الأمر فكان الأمرُ واضحًا وضوح الشمس لدى الجميع، نظر “أكرم” إلى والدته التي كانت تجاوره ليرى البسمةُ الهادئة ترتسم على ثَغْرها ويبدو أنها راضيةٌ عن هذا الموضوع، ألقـ ـى نظرة خا’طفة على أخوته يرى القبول مِنهم فجميعهم يعلمون أن “جـاد” يُحبّ شقيقتهم ولذلك لا توجد أسبا’بٌ لر’فضهم لهُ، نظر إلى “يـوسف” الذي كان يلتزم الصمت على غير عادته ولذلك فقد أطلـ ـق ز’فيرة قو’ية ونظر إلى “راضـي” وأبتسم لهُ وقال:
_واللهِ دا شـ ـرف لينا إننا ننا’سبكم بصراحة، “جـاد” شا’ب كويس ومحتر’م واتعاملت معاه كتير وشوفت جد’عنته سواء مع “يـوسف” أو غيره فالفترة دي، را’جل مِن الآخر يعني، وأنا واللهِ ما هبخـ ـل عليه، “كايلا” أختي زيها زي “بيلا” عندي بالظبط واللي يهـ ـمني سعادتها، بس هو القرار فالآخر قرارها هيَّ، وافقت يبقى مُبارك وربنا يتمملهم على خير هنلاقي زي “جـاد” فين يعني.
_أنا موجود يا حـ ـيلتها إيه مش ما’لي عينك أنا ولا إيه؟.
هكذا رد عليهِ “يـوسف” متو’اقحًا وهو ير’ميه بنظراتٍ حا’دة كالسها’م لتتجه الأنظار جميعها نحوه تزامنًا مع رد “أكرم” عليهِ:
_وأنتَ مالك هو أنتَ اللي هتتجوز !!.
_لا يا جماعة معلش “چـو” حبيبي محدش يز’عله دا الكبير.
هكذا جاوبهم “جـاد” مبتسم الوجه وهو ينظر إلى ابن عمِّه، شعر “يـوسف” بالرضا ولذلك أبتسم لهُ ثمّ تلا’شت بسمتهُ سريعًا واحتـ ـل الوجو’م وجهه حينما نظر إلى “أكرم”، تحدثت “هنـاء” في هذه اللحظة وقالت بوجهٍ مبتسم:
_لو على “كايلا” فهيَّ موافقة، متوا’خذوناش بس هيَّ مكسو’فة شوية، طبع البنا’ت بقى فأخر ما ز’هقنا إننا نقـ ـنعها تطـ ـلع قولنا ناخد رأيها وخلاص.
أبتسم “جـاد” بعد أن أستمع إلى حديثها ولذلك تذكّر الأيام الماضية حينما كان يأتي لزيارة ابن عمِّه وحينما كانوا يجتمعون في منزل “هنـاء” آخر مرَّة وأثنى على طعامها ليجد الرد في المقابل الخجـ ـل الشـ ـديد وتهرُ’بها مِنْهُ طيلة الوقت، نظر “راضـي” إلى ابن أخيه الذي أكّد على حديث “هنـاء” ولذلك أطـ ـلق ز’فيرة هادئة ثمّ نظر إلى “أكرم” وقال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_طب حلو، طالما العروسة موافقة فشايف إنها مستحيـ ـل تقعد رؤية شـ ـريعة مع “جـاد”، فعشان كدا خلينا نتفـ ـق على كُلّ حاجة أي حاجة هتطلبوها هتتنفذ بدايةً مِن المهـ ـر والقايمة لحد النفـ ـقة والمؤ’خر.
اعتدل “أكرم” في جلستهِ ونظر إلى “راضـي” بعد أن أصبح المجلس جا’ديًا وقال بنبرةٍ هادئة:
_شوف يا حج، إحنا بنشتري را’جل بالبلدي، المهـ ـر دا لا يعنينا بشيء دي بتكون هدية مِن العريس لعروسته إحنا مش هنتكلم فيها ولا هنفـ ـرض عليه شيء مش فمقد’رته، اللي هيجيبه هنقبل بيه لسه وراه ألتزامات تانية فمش هنر’مي الحِـ ـمل كُلّه على المهـ ـر، “جـاد” قالي إنه عنده شقة دا كلام جميل وشغله مضمون، يعني مش هنستعجـ ـل ممكن نعمل خطوبة ٣ سنين..
_إيه يا “أكرم” الكلام اللي يزّ’عل إحنا متفقنا’ش على كدا، هيَّ سنة حلو أوي الشقة على فكرة جاهزة اللي هيلز’مها عفش وو’ش بيا’ض مش حاجة ويمكن أقل مِن سنة كمان.
هكذا قطـ ـع “جـاد” حديث “أكرم” بعد’م رضا بعد أن رأى أن الحديث لا يرو’ق إليهِ، نظر لهُ “أكرم” وقال بنبرةٍ هادئة:
_٣ سنين حلو يا “جـاد” عقبال ما تاخدو على بعض وتعرفوا بعض أكتر مِن كدا.
_أقسم بالله ما محتاجة صدقني أنا عارف كويس أنا بقول إيه، ٣ سنين كتير أوي الكلام دا لو أنا لسه ببدأ مِن الصفر، بس أنا جاهز ومش محتاج الوقت دا كُلّه.
هكذا جاوبه “جـاد” وهو مازال يُصِّـ ـر على رأيه بعد أن رأى الأمر يتخذ مسارًا آخر غير الذي كان يُريده، تحدثت “هنـاء” في هذه اللحظة وقالت بنبرةٍ هادئة:
_عندك حـ ـق، ٣ كتير يا “أكرم” هو جاهز ولو على العفش أمرُه سهل إحنا كدا كدا العفش بتاعها عندنا حاجتها كُلّها لسه جديدة مكملتش سنة، “أكرم” بير’خم عليك بيشوفك هتتمـ ـسك بيها ولا لا.
هكذا أنهـ ـت حديثها وهي تنظر إلى ولدها البكـ ـري مبتسمة الوجه، فيما تحدث “أكرم” وقال بنبرةٍ هادئة:
_زي ما فهمتك الموضوع مش عايز أرجع افـ ـتحه تاني عشان بقى ماضي وراح وعشان مضا’يقش “كايلا” وأفكرها تاني، حاجتها زي ما والدتي قالت لسه جديدة مكملتش سنة، هتقبل يا ابن الحلا’ل ولا لا دا قرارك؟.
_يا عمّ حتى لو بشنطة هدومها أنا قابل، معنديش أي مشا’كل وحاجتي فخلال ٣ شهور هتكون موجودة.
هكذا جاوبه “جـاد” بنبرةٍ جا’دة بعد أن أستمع إلى قولهم، نظر “أكرم” إلى “راضـي” وزوجته “وجـيدة” ليرى الرضا على وجههما ولذلك شعر بالرا’حة بعد أن بدأ الأمر يسير كما كان يتمنى، أبتـ ـلع غصته بتروٍ ثمّ قال بنبرةٍ هادئة متخذًا قراره:
_يفتـ ـح الله، طالما متفقين يبقى الفرح بإذن واحد أحد بعد ٥ شهور مِن دلوقتي، أنتَ تجيب حاجتك على مهلك وهيَّ تشوف لو يلز’مها حاجة عايزة تجيبها تجيبها أظن كدا حلو أوي.
_وإحنا موافقين على المُدة يا “أكرم”، نتفـ ـق على النفـ ـقة والمؤ’خر والمبلغ اللي هتحطوه هنوافق عليه “كايلا” هتبقى مرات ابني وزيها زي “نسمة” بالظبط.
هكذا جاوبه “راضـي” موافقًا على حديث “أكرم” الذي أبتسم وبدأ يتحدث مع والد “جـاد” في الأشياء الأخرى المتعـ ـلقة بزيجتهما، نظرت “هنـاء” إلى ابنتها التي فَهِمَت نظرتها ولذلك تركتهم وولجت إلى شقيقتها..
فيما كانت “كايلا” تأخذ الغرفة ذهابًا وإيابًا وهي تشعر بالتو’تر الشـ ـديد وبخَـ ـفقات قـ ـلبها الذي لا يهدأ، ثوانٍ ونظرت إلى باب غرفتها الذي فُتِـ ـحَ لترى شقيقتها هي الوافد، اقتربت مِنها بخطى هادئة قائلة بوجهٍ مبتسم ونبرةٍ حما’سية:
_مبروك يا عروسة خلاص أتفـ ـقوا مع “أكرم” على كُلّ حاجة وبيتكلموا دلوقتي فالنفـ ـقة والمؤ’خر، بصراحة يعني “جـاد” طـ ـلع بيحبك أوي “أكرم” ر’خم عليه وطلب الخطوبة تكون ٣ سنين وهو يا عيـ ـني أتصد’م وقعد يعا’رض بس لولا ماما قالتله إنه بير’خم عليه، أخرجي يا “كايلا” كدا مينفعش الناس بره عـ ـيب ييجوا يطلبوكي يعني وأنتِ متخر’جيش مش حلوة فحـ ـقك.
أنهـ ـت حديثها وهي تُعا’تبها لترى معالم وجه شقيقتها التي كانت تتبد’ل بين الفينة والأخرى حتى ظهرت السعادة على وجهها ولمـ ـعة عينيها التي كانت كحبات اللؤلؤ، ضغـ ـطت “كايلا” على قبـ ـضة كفيها وقالت بنبرةٍ هادئة خجو’لة:
_واللهِ ما بقصدي، أنا مش عارفة أطـ ـلع، مكسو’فة أوي ومتو’ترة ومش هكون مرتا’حة.
أطـ ـلقت “بيلا” ز’فيرة هادئة ثمّ قالت بنبرةٍ هادئة وهي تنظر لها:
_خلاص، هما ناس كويسة ومتحر’مة بيفهموا فالأصو’ل ورضيوا بالجهاز بتاعك، “جـاد” مش عايز يطّو’ل يعني الفرح بعد ٥ شهور مِن دلوقتي عُقبال ما يجيب حاجته ويخلص ويدي للشقة و’ش بيا’ض وننقـ ـل الحاجة فيها وتتفر’ش، هنلحـ ـق إن شاء الله، عايزة الصراحة … “أكرم” جَّـ ـس نبـ ـضه كذا مرة كدا عشان يتطـ ـمن مش هنكرر غـ ـلطة المرة اللي فاتت وهو بصراحة مُتَمَـ ـسِك بيكي أوي دا لو “أكرم” قاله بعد أسبوع هيتنـ ـطط مِن الفرحة، عارفة يا “كايلا”، أنا حا’سة إن “جـاد” هو العَوَ’ض ليكي، هيصـ ـلح حاجات مبو’ظهاش وهتكوني مبسوطة ومر’تاحة معاه.
أتسـ ـعت بسمةُ “كايلا” على ثَغْرها بعد أن أستمعت إلى حديث شقيقتها عن ما حدث في الخارج لتشعر أن السعادة تَغْمُر قلبها، فيبدو أن القلب لن يضـ ـل حبيبُه هذه المرة وسيسـ ـعى حتى يجاوره سا’كنًا مطـ ـمئنًا، أحتضنت شقيقتها التي ضمتها إلى د’فئ أحضانها والدمع يترقرق في المُقل حينما جاءهما أصوات الزغاريد مِن الخارج لتعلما أن قد تم الاتفا’ق على كُلّ شيءٍ..
هُنَيْهة وولجت “هنـاء” مبتسمة الوجه والعبرات تلتمع في مُقلتيها ثمّ فصـ ـلت المسافة بينهما واقتربت مِن أبنتها تُعانقها بسعادةٍ طاغية وقالت بنبرةٍ تَغْمُرها السعادة:
_مُبارك يا نور عـ ـيني، الحمدلله عدت على خير وأتفقـ ـوا على كُلّ حاجة، هرجع أشوفك عروسة زي القمر بس المرة دي مع الشخص الصح، ربنا يتمملك على خير يا حبيبتي يارب وأفرح بيكي.
ضمتها “كايلا” بسعادةٍ طا’غية والبسمةُ مرتسمةٌ على ثَغْرها وهي تشعر أن الكلمات تهرُ’ب مِنها مِن شِـ ـدة سعادتها، فمَن طَالَبَ بهِ القلب سيكون رفيق الدرب، أبتعدت “كايلا” عنها ثمّ نظرت لها لترى البسمةُ ترتسم على ثَغْر والدتها والدمع يترقرق في المُقل وهي مازالت لا تُصدق، لحظات وولج “بشيـر” لهن مبتسم الوجه ليقول بنبرةٍ هادئة فرحة:
_مُبارك يا أحلى عروسة، خلاص هتنزلوا تشتروا الشَبْكة بُكرا الله يسهلك يا سـ ـتّي.
أنهـ ـى حديثه وهو يقترب مِنها ضاممًا إياها إلى د’فئ أحضانه قائلًا بنبرةٍ فرحة:
_مبسوطلك أوي يا حبيبتي، تستا’هلي كُلّ الخير.
عانقتهُ “كايلا” مبتسمة الوجه وقالت بنبرةٍ هادئة سعيدة:
_حبيبي يا “بيشـو”، الله يبارك فيك يا حبيبي وعُقبال ما أشوفك عريس زي القمر مع اللي قـ ـلبك أختارها.
تذكّر في هذه اللحظة “بسنـت” وتذكّر مقابلتهما سويًا في الصباح وكيف كان الأمر على كليهما ليبتسم فورًا حينما رأى أن مبـ ـتغاه يقترب مِنْهُ رويدًا رويدًا..
في باكورة الصباح..
في أحد الكافيهات الشهيرة..
كانت تجلس أ’على المقعد تنتظر قدومه منذ قرابة الخمسُ دقائق، تجهـ ـل الأمر الها’م الذي يُريد التحدُث عنهُ معها فلَم يُخبرها بأيُ شيءٍ وقام بتأ’جيل هذا كُله حتى أن يراها، لحظات ورأتهُ يقترب مِنها بخطى هادئة مبتسم الوجه مُرحبًا بها ثمّ جلس مقابلتها قائلًا:
_آسف لو أتأخرت عليكي.
_لا خالص أنا لسه جاية مِن ٥ دقايق بس.
هكذا جاوبته “بسنـت” مبتسمة الوجه ليظل هو محتفظًا بأبتسامتهِ ثمّ قال بنبرةٍ هادئة متسائلة:
_طب كويس، تحبي تشربي إيه؟.
هكذا سألها منتظرًا تلقي الجواب مِنها لتجاوبه هي بالفعل بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه:
_مُمكن قهوة.
_قهوة !!.
هكذا رد عليها مستنكرًا وهو ينظر لها لتُعطيه هي جوابها بهزّ’ة خـ ـفيفة مِن رأسها ثمّ قالت بنبرةٍ هادئة:
_أيوه قهوة فيها حاجة ولا إيه؟!.
جاوبها “بشيـر” بنبرةٍ هادئة بعدما أدرك نفسه وقال مبتسم الوجه:
_لا خالص، أنا استغربت بس الموضوع يعني افتكرتك هتطلبي عصير أو حاجة أ’على.
_لا أنا بحب القهوة جدًا.
هكذا جاوبته بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه لتتسـ ـع بسمتهُ على ثَغْره وهو ينظر لها ثمّ بعدها نظر إلى الناد’ل الذي اقترب مِنهما وقال
_صباح الخير، تحبوا تشربوا إيه يا فندم؟.
_٢ قهوة مظبوطة بعد إذنك و ٢ سينابون.
حرَّك الناد’ل رأسه متفهمًا ثمّ رحل وتركهما، نظرت “بسنـت” إلى “بشيـر” الذي نظر لها مبتسم الوجه وقال:
_أنا عازمك، ميصحش يعني أطلب إننا نتقابل وأخليكي تدفعي؟ مش حلوة فحـ ـقي يعني.
لأول مرة تشعر بالانجذ’اب نحوه، رأت جانبًا آخر غير الذي كانت تراه دومًا في العمل، رأت شخصًا لطيفًا في تعامُلهِ مع الآخرين ورأت اللطيف الذي يضحك دومًا ويبتسم طيلة الوقت للآخرين، بدأت تُعيد تفكيرها مِن جديد في علا’قتهما التي كانت تبدأ بعد’اوة القـ ـط والفأ’ر، ثمّ الآن، حينما تلقت خبـ ـر حا’دثهُ المأ’ساوي، هُنا كانت بداية جديدة لهما غير تلك العد’وانية، لرُبما تتخذ تلك العلا’قة نهـ ـجًا آخر بعد هذا المجلس الذي تجهـ ـل سببه..
_بُصي بقى يا سـ ـتّي، أنا عارف إنك مش فاهمة حاجة ولا عارفة أنا ليه طلبت إننا نتقابل، بصراحة وعشان مقعدش ألف وأدور كتير أنا هاجيلك سكة ودغوري، بصراحة أنا مشـ ـدود ليكي، حاسس بحاجة تجاهك، فالأول بصراحة قولت عادي مُمكن تكون صُدفة، بس بقيت كُلّ ما أشوفك بحـ ـس بنفس الإحسا’س دا، فكُلّ مرة بشوفك أو بتيجي فيها على بالي بيحـ ـصلي كدا، “بسنـت” أنا بعد ما قعدت مع نفسي وفكرت كتير فالموضوع وفعلا’قتنا سوى، أنا بصراحة حابب إنك تديني رقم والدك..
مجيء الناد’ل بَتَـ ـرَ حديثه واضعًا طلبهما على سطـ ـح الطاولة ثمّ رحل، نظرت “بسنـت” إلى “بشيـر” بعد أن فاجئها بحديثه وجعلها مصد’ومة بما تسمعه فلَم تكُن تتو’قع أن تستمع إلى حديثه ذاك ويُقرر لأخذ خطوةٌ جا’دة في علا’قتهما سويًا، تحدث “بشيـر” مجددًا بنبرةٍ هادئة بعد أن رأى ردة فعلها على حديثه وقال:
_أنا عارف إني فاجئتك، بس أنا بصراحة معرفتش أفضل ساكت كدا كتير، يعني بعد ما أتأكدت مِن مشاعري تجاهك المفروض إني ابدأ أخُد خطوة لقدام مستناش لحد ما جد ييجي ياخدك مِني كدا وافضل أنا قاعد بتفرج، خُدي وقتك فالتفكير زي ما تحبي أنا مش هضـ ـغط عليكي وقت ما تتأكدي قوليلي وأنا هكلم والدك ونتفـ ـق على معاد، مش هفـ ـرض عليكي حاجة بمعنى أصح ولو محستيش بحاجة ناحيتي عادي خالص أنا متفَّهم دا جدًا.
أنهـ ـى حديثه مبتسمًا وهو ينظر لها ليراها تلتزم الصمت منذ أن أخبرها عن ما يشعر بهِ نحوها وحتى هذه اللحظة، دام الصمت قليلًا بينهما بعد أن أنهـ ـى هو حديثه منتظرًا الرد مِنها على ما قاله، هُنَيْهة وجاءهُ الرد مِنها حينما نظرت لهُ وقالت بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه:
_بابا ٠١١ وأنتَ ٠١٠ يا ترى هتشحن بكام عشان المكالمة دي هتكلفك كتير؟.
أبتسم هو حينما تلقى موافقتها ليجاوبها بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_أد’فع فيها عُمري عادي، الحاجة اللي هد’فعلها تستا’هل عُمري يكون فد’اها، ولا أنتِ شايفة غير كدا؟.
_واللهِ على حسب النيَّـ ـة.
هكذا جاوبته مبتسمة الوجه وهي تنظر لهُ ليجاوبها هو هذه المرة قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_في أغنية بحبها جدًا لمطرب أنا بحبُه، أسمها البخت بيقول فكوبليه مِن كوبليهاته..
دا أنا أضيَّع عُمري يا عُمري،
وأحبك حُبّ مش مشروط،
لا تلاقي عندي وعود كدابة،
وكبرت على ولا شيء مضمون،
كلامي على قد اللي معايا،
فالحُبّ مستناش مردود.
إذًا لقد أعلنت حُبُّها لهُ بعد هذا الد’ليل، فيبدو أنهُ يعلم جيدًا كيف يُعبر عن حُبّه للغير، أطلـ ـقت ز’فيرة هادئة ثمّ نظرت لهُ مبتسمة الوجه ثمّ أخذت هاتفها تعبـ ـث بهِ ثوانٍ ثمّ بعد ذلك بدأت تُمليه رقم أبيها لتنظر بعدها لهُ وقالت تخـ ـتتم هذا المجلس:
_رقم بابا معاك دلوقتي، تقدر تكلمُه فأي وقت هيرُد عليك.
أبتسم هو لها بسمةٌ هادئة ثمّ نظر إلى شاشة هاتفه هُنَيْهة بعد أن شَعَر بالر’احة تغمـ ـر قلبُه، وها هو سيبدأ يخطو أولى خطواته الجا’دة تجاه هذه العلا’قة..
عودة إلى الوقت الحالي.
تلقت “كايلا” مباركات الجميع بوجهٍ مبتسم وبشوش وبعد مرور الوقت كانت تجلس في غرفتها تعـ ـبث في هاتفها والغطاء الثقـ ـيل يُغطي جسـ ـدها لتجد رسالة مِنهُ على التطبيق الشهير “واتساب”، رقمٌ مجهو’ل ولكن لم يكُن مجهو’لًا حينما أفصـ ـح عن هويته لها..
_أنا “جـاد” يا “كايلا”، خدت رقمك مِن “أكرم” بعد ما اسْتَأذنت مِنُه طبعًا ووعدته إن الكلام بينا على القد لحد كتب الكتاب إن شاء الله، كان نفسي أشوفك النهاردة بس عرفت يعني إنك كُنْتي مُحر’جة فتفهمت الموقف ودا حـ ـقك يعني إحنا متفهمين دا كويس عشان متحسيش بالاحر’اج مِن والدي ووالدتي، وإن شاء الله بُكرا هعدي عليكم عشان نجيب الشَبْكة.
ابتسمت بسمةٌ هادئة وقبل أن ترُد على رسالتهِ قامت بتسجيل رقمه أولًا لتظهر صورته إليها بعدها في أ’على الشاشة، ضغـ ـطت عليها لترى صورته بجوار حصانه الحبيب ذو اللو’ن البُـ ـني وهو يقف بجواره ويضم رأسه ضاحكًا إلى الكاميرا، أحبَّت الصورة كثيرًا لا شـ ـك في ذلك، عادت إلى محادثتهما لترُد عليهِ بأخرى تقول فيها:
_شكرًا على تفهمكم أنا مقصـ ـدتش بس حـ ـقيقي مقد’رتش فأنا بجد أسفة ليك ولعيلتك … وهستناك بُكرا قولي هتكون موجود على كام عشان أجهز.
أبتسم هو حينما قرأ رسالتها ثمّ جاوبها بأخرى يقول فيها:
_على ٨ إن شاء الله هنكون عندكم … صورتك مع “بشيـر” حلوة.
_وصورتك حلوة برضوا، أنا كمان بحب الخيول.
هكذا جاوبته في المقابل بعد أن أبدى بإعجابه بصورتها رِفقة أخيها لتجد الرد حاضرًا مِنهُ حينما أرسل لها رسالة أخرى يقول فيها:
_دا حصاني اسمه “جـواد” هبقى أعرفك عليه قريب هتحبيه هو لذيذ ويتحب بسرعة وهيحبك أنا واثق.
أتسـ ـعت البسمةُ على ثَغْرها ثمّ اكتفت بالتفاعل مع الرسالة برمز القلب ثمّ أغـ ـلقته سريعًا وتركته بعد أن شعرت أنهُ كان يقصد نفسه بهِ وليس حصانه، وعنهُ فقد أبتسم حينما رأى تهرُ’بها مِنهُ كالمعتاد ليُغلـ ـق هاتفه كذلك ثمّ استلقى على فراشه واضعًا الغطاء الثقيـ ـل على جسـ ـده وقد شرد بها ففي الأمس كانت كشعا’ع النو’ر الذي سيحين وقته وينـ ـطفئ، واليوم حينما أقدم على خطوة جا’دة في علا’قتهما شَعَر أنهُ أسعد واحدٍ على الأرض فما كان يطمـ ـح إليهِ ها هو اليوم إليه.
__________________
<“وإن عاد الماضي، فمَن يُعيد لنا ذكرياته.”>
وإن عاد الماضي مجددًا، فمَن سيُعيد إلينا ذكرياته، فلا بني البشر يعودون، ولا تلك اللذ’ة تعود، فقد أصبح ماضيًا ومضى كُلّ ما سيأتي في ذهنك لحظاته السعيدة مع مَن أحببتهم فقط، هكذا هو الماضي، مؤ’لم ويؤ’لم..
كان يقود السيارة قرابة الساعة والنصف دون توقف وكانت “شـاهي” تجاوره وفي الخلف كانت “بيلا” وطفلتيها، صدح رنين هاتفها عا’ليًا يُعلنها عن أتصالٍ هاتفي، أخرجتهُ مِن حقيبتها بهدوءٍ لتجد المتصل أخيها الأكبر ولذلك جاوبته قائلة بنبرةٍ هادئة:
_أيوه يا “رامـي”، عالطر’يق يا حبيبي أهو شوية ونوصل، لا لا مفاضلش كتير رُبع ساعة كدا ونكون عندكم، ماشي.
أنهـ ـت حديثها وأغـ ـلقت المكالمة معهُ ثمّ وَجَهَت حديثها إلى ولدها قائلة بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه:
_دا بقى “رامـي”، أخويا الكبير عارفة إنك مش فاكر حد مِنهم، أهو “رامـي” مِن ساعة ما قولتله إني جاية مِن إمبارح وهو مش ساكت وكُلّ شوية يتصل بيا، ملهوف أوي إنه يشوفك.
أبتسم “يـوسف” حينما استمع إلى حديثها ولذلك جاوبها بنبرةٍ هادئة وقال:
_باين عليه، مِن ساعة ما اتحركنا وهو بيتصل، شكله بيحبك أوي يا “شاهـي”.
ابتسمت هي حينما استمعت إلى حديثه ولذلك جاوبته بنبرةٍ هادئة وقالت:
_أغـ ـلى حاجة فحياته أنا، مِن صغرنا كدا حتى لمَ أبوك جه يتقدملي “رامـي” كان را’فض وقاله معندناش بنا’ت للجواز، “عـدنان” تقريبًا أتقدم ٧ مرات و “رامـي” كان بير’فض فالـ ٧ كان بيحبني أوي ومش عايزني أفا’رقُه كان وقتها “عـدنان” عنده شقة فالقاهرة وطبيعي إني هروح هناك، بس مع تدخل باقي العيلة الموضوع مشي، لسه فاكرة يوم الفرح وأنا مروَّحة مع “عـدنان” قعد يغيـ ـظ “رامـي” ويقوله شوفت، خدتها فالآخر.
أنهـ ـت حديثها ضاحكة حينما تذكّرت هذا اليوم وكيف استطاع “عـدنان” إغا’ظة أخيها، فيما شاركها “يـوسف” الضحك وقال بنبرةٍ ضاحكة:
_خالي دا شكله كان كيا’د أوي، بس بصراحة بابا هنا كان كيا’د أوي أوي يعني، حـ ـقه بصراحة الرا’جل أتر’فض ٧ مرات عشان خالي مش راضي يفر’ط فيكي مِن حُبّه ليكي.
_هتحبه أوي يا “يـوسف”، كلهم يتحبوا بصراحة وقعدتهم حلوة حتى بعد و’فاة “عـدنان” كانوا عايزني أرجع بس وقتها عمَّك “راضـي” ر’فض وقال إني هقعد فبيت جوزي عشان ليا حـ ـق فيه، أديني رايحة بعد وفا’ته لتاني مرة، بس المرة دي مختلفة.
أنهـ ـت “شاهـي” حديثها وهي تنظر إلى ولدها الذي أبتسم وهو ينظر إلى الطر’يق أمامه وقال بنبرةٍ هادئة:
_أكيد طبعًا، عارفة كانت هتبقى أحلى بـ “مـها” بس “سـراج” ر’فض قالي الدكتورة منـ ـعتها عشان أول شهر لسه وغير كدا عنده شغل مع “مُـنصف” فحوار الرو’بوتات دا عشان قرَّبوا يخلصوا.
تفَّهمت “شاهـي” حديث ولدها ولذلك جاوبته بنبرةٍ هادئة قائلة:
_كلمتني الصبح فعلًا وقالتلي الدكتورة منـ ـعتها مِن السفر عشان لسه أول شهر ليها، قولتلها مش مشـ ـكلة أهـ ـم حاجة نفسك ونبقى نروح مرة تانية لمَ حمـ ـلها يثبت إن شاء الله.
هكذا أنهـ ـت حديثها وعاد الصمت يُسيـ ـطر على المكان مِن جديد، هُنَيْهة ووصل “يـوسف” إلى وجهتهِ المنشودة ليصف سيارته أمام المنزل ثمّ نز’ع حزا’م الأ’مان وخرج مِن سيارته والتفت إلى الجهة الأخرى يفتح الباب إلى والدته التي خرجت مِن سيارته وهي تنظر حولها تشاهد المكان بشو’قٍ كبير، فيما فتـ ـح الباب إلى زوجته التي خرجت مِن السيارة وتليها “ليان” التي نظرت حولها جا’هلةً المكان بأكمله..
تحدث “يـوسف” بنبرةٍ هادئة وهو ينظر لها قائلًا:
_هاتيها شوية عشان در’اعك.
أنهـ ـى حديثه ثمّ أخذ صغيرته “لين” التي تسبـ ـح في بحو’ر أحلامها الو’ردية يضمها إلى د’فئ أحضانه ثمّ أغلق سيارته بالزر الالكتروني، أمسكت “بيلا” يَد صغيرتها ثمّ جاورت زوجها يسيران خلف “شاهـي” التي اقتربت مِن منزل عائلتها بخطى هادئة مبتسمة الوجه لتفتح البوابة الحـ ـديدية ثمّ وَلَجَت إلى الداخل رفقتهما وهي تنظر إلى سا’حة المنزل الوا’سعة التي لم تتغير منذ آخر مرة رأتها فيها، مازالت رائحة الورود تفوح في المكان ومازال الد’فئ يحتضن أرجاء المنزل..
ألتفتت تنظر إلى ولدها مبتسمة الوجه لتراه ينظر حولها يتفحـ ـص المكان لمرتهِ الأولى مستشعرًا بالرا’حة تُغلـ ـف قلبه والسـ ـكينة في رو’حه، تحدثت “بيلا” بنبرةٍ هادئة تُبدي بإعجابها الشـ ـديد بالحديقة قائلة:
_بسم الله ما شاء الله، الجنينة حلوة أوي يا “يـوسف”، أومال البيت مِن جوه عامل أزاي دا زي ما يكون حِـ ـتة مِن الجنة عالأرض.
_عندك حـ ـق، البيت حلو أوي مِن بره فعلًا.
وقفوا أمام باب المنزل الداخلي لتبدأ “شاهـي” بالطرق على الباب الخشـ ـبي بهدوءٍ ثمّ قامت بضر’ب الجرس الداخلي للمنزل وانتظرت أن يفتح أحدهم الباب، ثوانٍ واستمعوا إلى ركضات أقدامٍ صغيرة في الداخل وصوت طفولي متلهف يقول بحما’سٍ:
_أنا اللي هفتح الباب المرة دي.
فُتِحَ الباب بالفعل ليظهر طفلٌ صغير بعُمر الثامنة أمامهم والذي حينما رأى “شاهـي” صر’خ بسعادةٍ طاغية قائلًا:
_تيتة “شاهـي” جَت أخيرًا !!.
أر’تمى داخل أحضانها بسعادةٍ شـ ـديدة معانقًا إياها، فيما ضحكت “شاهـي” وضمته إلى د’فئ أحضانها تُلثم خَدِّه الصغير بالعديد مِن القْبّلات قائلة:
_حبيب تيتة وحشتني يا شـ ـقي.
اقترب شقيقه الصغير ليرى جدته أمامه ولذلك ركض إلى الداخل وهو يصر’خ بسعادةٍ طاغية قائلًا:
_تيتة “شاهـي” جَت … تيتة “شاهـي” جَت أخيرًا !!.
خرج “رامـي” حينما استمع إلى صر’خات حفيده الصغير ليخرج بخطى واسعة إلى الخارج ليرى بالفعل شقيقته أمامه بعد هذه السنوات التي مضت دون أن تكون بجانبهم، اقترب مِنها معانقًا إياها بسعادةٍ طاغية غير مصدقٍ لِمَ يراه فقد وعدت وأوفت بالفعل بوعدها لهُ، فيما ضمته هي كذلك مبتسمة الوجه والسعادة تغمُر قلبها برؤيتهِ أمامها..
_وحشتيني يا حبيبتي، وحشتيني أوي بجد مش مصدق.
هكذا قال معبرًا عن شوقه وحنينُه إليها لتجاوبه بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه:
_حبيبي يا “رامـي” وحشتني أوي يا حبيبي.
_وأنتِ كمان يا “شاهـي” وحشتيني أوي حمدلله على سلامتك يا غا’لية سيدي سالم نوَّرت بوجودك واللهِ.
هكذا جاوبها “رامـي” مبتسم الوجه بعد أن أبتعد عنها ينظر لها بوجهٍ بشوش لتجاوبه هي بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه قائلة:
_منوَّرة بناسها الطيبين يا “رامـي”.
أنهـ ـت حديثها ثمّ ألتفتت إلى ولدها تنظر لهُ بوجهٍ مبتسم لتقوم بتقديمه إلى أخيها بعد أن نظرت لهُ قائلة بنبرةٍ سعيدة:
_”يـوسف” يا “رامـي”، “يـوسف” حبيبي وسندي، شوفت حلو أزاي.
نظر “رامـي” إلى “يـوسف” الذي نظر إليهِ وابتسم ليمنحهُ كذلك بسمةُ هادئة وترقرق الدمع في المُقل حينما رآه ليُفر’ق ذراعيه بالهواء يدعوه لمعانقته ليُلبي “يـوسف” مطلبه في الحال بعد أن أعطى صغيرته إلى زوجته معانقًا إياه، عناقٌ كان كأوكسير الحياة بالنسبةِ إلى “رامـي” فهو كان ينتظر هذه اللحظة منذ زمنٍ يدعو أن يعود إلى شقيقته بأيُ طريقةٍ كانت، فرحيله عنهم كان في غاية الصعو’بة وهذا اليوم كان أسو’أ يومٍ في حياتهم جميعًا بلا شـ ـك..
_بسم الله ما شاء الله را’جل يا “شاهـي” وزي الورد أهو.
أبتسمت “شاهـي” ليبتعد “يـوسف” عنهُ ينظر إليهِ بوجهٍ مبتسم ليقول “رامـي” بعد أن نظر إلى معالم وجهه:
_تصدقي يا “شاهـي” شايف “عـدنان” قدامي، كأن الزمن بيعيد نفسه تاني واللهِ، زي القمر واللهِ بسم الله ما شاء الله ربنا يحفظك يا ابني ويبعد عنك شـ ـر العين … بس تصدقي يا “شاهـي” مش واخد مِنك أي حاجة كُلّه أبوه واللهِ.
_كُلّه قالي كدا برضوا حتى عمَّامُه قالوا نفس الكلام.
هكذا جاوبته “شاهـي” مبتسمة الوجه، فيما ربت “رامـي” على ذراع “يـوسف” مبتسم الوجه وقال بنبرةٍ هادئة:
_طبعًا “شاهـي” عرَّفتك عنّي وقالت إني ز’نان.
_الشهادة لله هي مأ’ثرتش فحاجة قالت عنك كُلّ حاجة وبزيادة.
هكذا جاوبه “يـوسف” مبتسم الوجه ليجاوبه “رامـي” كذلك بنبرةٍ هادئة مبتسمًا وقال:
_ما أنا عارف مش هتتو’صى بيا أنا عارفها كويس.
نظرت لهُ “شاهـي” نظرةٍ بر’يئة وكأنها لم تفعل شيئًا قبل قليل لينظر لها هو نظرةٍ ذات معنى، تحدث “يـوسف” مشيرًا تجاه زوجته قائلًا:
_ودي “بيلا” مراتي ودول بنا’تي العسولة دي “ليان” ودي “لين”.
نظر “رامـي” إلى “بيلا” ورَحَبَ بها بوجهٍ مبتسم بشو’ش قائلًا:
_أهلًا وسهلًا بمرات الغا’لي نورتونا واللهِ العظيم.
ابتسمت “بيلا” وقالت بنبرةٍ هادئة وهي تنظر إليهِ:
_البيت منوَّ’ر بصحابه.
_تعالوا أدخلوا البيت بيتكم طبعًا يلا، أدخلي يا “شاهـي” هو أنتِ غريبة يعني.
هكذا قال “رامـي” بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه وهو يولج إلى الداخل لتتبـ ـعه هي رفقة و’لدها الذي أمسك بيَد صغيرته وولجوا إلى الداخل حتى يتم تعريفهم على بقية أفراد العائلة، نز’لت “فطيمة” في هذه اللحظة وحينما رأت “شاهـي” رَحَبَت بها فو’رًا بسعادةٍ طا’غية وقالت:
_لا مش مصدقة إنك جيتي حد يقر’صني عشان أعرف إني مش بحلم.
أنهـ ـت حديثها وهي تر’تمي دا’خل أحضانها تُعانقها بسعادةٍ طا’غية لتستقبلها “شاهـي” بحفاوة وهي تُربت على ظهرها قائلة:
_حبيبتي يا “فطيمة” وحشتيني أوي.
_واللهِ ما حد واحشنا قدك، أخيرًا جيتي دا أنا كُلّ شوية أسأل عمّي “رامـي” عليكي وأقوله هتيجي امتى الغـ ـيبة طالت واللهِ.
هكذا جاوبتها “فطيمة” بنبرةٍ هادئة ملـ ـيئة بالسعادة حينما رأتها عادت مِن جديد إليهم، أبتعدت عنها وهي تنظر لها مبتسمة الوجه لتبتسم إليها “شاهـي” ثمّ قالت:
_كُنْت مستنية الأ’مانة ترجع تاني، مش قولتيلي قبل كدا إن الغا’يب مسيره يرجع حتى لو مر على غيا’بُه سنين، الغا’يب رجعلي تاني يا “فطيمة” وصدقت كلمتك.
نظرت إليها “فطيمة” متر’قبةً المزيد لتراها تقوم بتعريفها على و’لدها قائلة بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه:
_”يـوسف” و “مـها” رجعولي تاني يا “فطيمة”، شوفتي خبر أحلى مِن دا بذ’متك.
جحـ ـظت عينين “فطيمة” التي ألجـ ـمتها الصد’مة لتنظر إلى “يـوسف” بعد’م تصديق واستيعا’ب لتسمعها تقول مبتسمة الوجه:
_”يـوسف” أبني يا “فطيمة” اللي كُنْت بقعد احكيلك عنُه كُلّ يوم رجعلي تاني شوفتيه.
نظرت “فطيمة” إلى “يـوسف” بذهولٍ تا’م وعد’م استيعا’ب فيما قالت هي بنبرةٍ هادئة وهي توَّجه حديثها إلى و’لدها:
_دي “فطيمة” يا “يـوسف” تبقى مرات “جبـر” ابن خالك “رامـي”.
_أزيك يا “يـوسف” حمدلله على سلامتك نوَّ’رت بيتك تاني.
أبتسم إليها “يـوسف” بعد أن شَعَر بالرا’حة تجاهها ليجاوبها بنبرةٍ هادئة قائلًا:
_كويس الحمدلله أنتِ أخبارك إيه يا “فطيمة”.
_بخير الحمدلله.
هكذا جاوبته مبتسمة الوجه لتسمع “شاهـي” تُشير إلى “بيلا” قائلة:
_ودي بقى “بيلا” مرات “يـوسف” ودول بنا’تها دي “ليان” ودي “لين”.
نظرت إليها “فطيمة” ومَدَّت يدها نحوها وهي تقول بوجهٍ مبتسم:
_أزيك يا “بيلا” أتشـ ـرفت بمعرفتك أنا أسمي “فطيمة”.
صافحتها “بيلا” مبتسمة الوجه وقد قالت بنبرةٍ هادئة:
_الشـ ـرف ليا يا “فطيمة”.
جاء “جبـر” في هذه اللحظة بعد أن جاءه الخبـ ـر مبتسم الوجه ليُعانق عمَّته بشو’قٍ وهو يقول بنبرةٍ سعيدة مُرَّحِبًا بها:
_مش مصدق لا لا، عمتي “شاهـي” هنا دا أنا بحلم يا جدعان.
_أنا متاخد عنّي فكرة و’حشة أوي على كدا خلّوا بالكم.
هكذا جاوبتهم “شاهـي” ضاحكة بعد أن عانقت ابن أخيها الذي رَحَبَ بها، أبتعد عنها “جبـر” ونظر إليها مبتسم الوجه قائلًا:
_حبيبتي يا عمتي واللهِ وحشاني أوي أنا مصدقتش لمَ قالوا إنك هنا قولت أنا أكيد بحلم وهقوم فأي لحظة.
رَبَتَت “شاهـي” على ذراعه برفقٍ ثمّ قالت مبتسمة الوجه:
_حبيبي يا “جبـر” وأديني جيت أهو وأنتَ مش بتحلم.
أتسـ ـعت البسمةُ على ثَغْر “جبـر” الذي كان سعيدًا بمجيئها لينظر بعدها إلى “يـوسف” الذي كان يجاور والدته ليقول بوجهٍ مبتسم مشيرًا تجاهه:
_عرفتك، “يـوسف”.
_يفـ ـتح الله يا عمّ، الو’اد دا ذكي أوي خلّوا بالكم مِنُه.
هكذا مازحهُ “يـوسف” ضاحكًا ليشاركهُ “جبـر” ضحكاته ثمّ اقترب مِنهُ وعانقهُ مبتسم الوجه وقال:
_حبيبي يا “يـوسف” مش محتاج تحذ’رهم مِن ذكائي هما كدا كدا عارفين كُلّ حاجة.
ضمه “يـوسف” إلى أحضانه قائلًا بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_حبيبي يا “جبـر”.
رَبَتَ “جبـر” على ظهره برفقٍ مبتسم الوجه ثمّ أبتعد عنهُ قليلًا لينظر إلى “ليان” التي كانت تجاور أبيها ليقول بنبرةٍ هادئة مبتسمًا:
_دا إحنا فبيتنا قمر وإحنا مش واخدين بالنا، أسم الجميل إيه بقى؟.
أنهـ ـى حديثه متسائلًا ثمّ انحـ ـنى بجذعه العلـ ـوي حا’ملًا إياها على ذراعه وهو ينظر لها مبتسم الوجه، فيما جاوبه “يـوسف” بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه قائلًا:
_أسمها “ليان”، دي حبيبة قـ ـلبي دي خلّي بالك.
نظر “جبـر” إلى الصغيرة التي كانت تبتسم ليُلثم خَدِّها الصغير بقْبّلة حنونة ثمّ قال بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_بسم الله ما شاء الله، ربنا يبارك فعُمرها وتشوفها أحلى عروسة، زي القمر اللهم بارك.
_عُقبالك يا “جبـر” ربنا يرزقكم بالذُ’رية الصا’لحة.
هكذا جاوبته “شاهـي” مبتسمة الوجه لينظر إليها “جبـر” مبتسم الوجه ثمّ جاوبها بنبرةٍ ضاحكة وقال:
_الحمدلله يا عمِّتي ربنا كرمنا الحمدلله و “فطيمة” حا’مل دلوقتي.
أصا’بتها السعادة الشـ ـديدة حينما تلقت هذا الخبـ ـر السارّ لتُعانقها فو’رًا وهي تقول بنبرةٍ غمرتها السعادة:
_مُبارك يا حبيبة قلبي فرحتوني واللهِ بالخبـ ـر الحلو دا، ربنا يتمملك على خير يا رب ونفرح قريب بيه يا حبيبتي.
_الله يبارك فيكي يا حبيبتي أنا قولتله واللهِ إنك هتفرحي أوي.
هكذا جاوبتها “فطيمة” مبتسمة الوجه، هُنَيْهة وكانوا يجلسون مع بعضهم يتحدثون ويضحكون بين الفينة والأخرى في مجلسٍ عائلي دا’فئ ولطيف كان “يـوسف” يفتـ ـقر لهُ بشـ ـدة، فقد وجد نفسه بينهم، وجد النفـ ـسُ الضا’لة في الصحر’اء، وجد الأ’نس والونس بينهم.
____________________
<“لم تكُن الخـ ـطأ فا’حشةٌ كبرى،
الاعتر’اف بالخـ ـطأ لم يكُن مُنـ ـكرًا.”>
الاعتر’اف بالخـ ـطأ لم يكُن مُنـ ـكرًا..
الاعتر’اف بالخـ ـطأ يجعلك تعـ ـلو شئنًا، فليس بخطـ ـيئة أو جُر’مًا فا’حشًا كما يظن البعض فيلجـ ـأون إلى التكبـ ـر والتبـ ـرير، لم تكُن الخـ ـطأ فا’حشةٌ كبرى..
كان يقف في كافيه الشركة ممسكًا بفنجان القهوة شارد الذهن يُفكر بها وبما حدث في آخر مقابلة بينهما، حينما أنز’وى بنفسه وفكر في الأمر مرارًا وتكرارًا وجد أن الخطـ ـأ بهِ هو وليس بها هي، كان يُفكر ماذا عليهِ أن يفعل حينما يراها، أطلـ ـق ز’فيرة قو’ية ثمّ نظر حوله يبحث عنها حتى رأها تقترب مِن موضعه..
ألتفت إلى الجهة الأخرى وقد أصا’به التو’تر حينما رأها تقترب مِنهُ ولذلك حاول تهْـدأة نفسه حتى يستطيع أن يتحدث معها ويعتذ’ر لها عمَّ حدث في المقابلة الأخيرة التي مِن بعدها بدأت تتجا’هله تمامًا، فيما وقفت هي بجواره ونظرت إلى العامل المسؤ’ول عن الكافيه وقالت بنبرةٍ هادئة:
_كوباية قهوة بعد إذنك وواحد سينابون.
وقفت تنتظر العامل كي ينتهـ ـي مِن إعداد القهوة لها لا تنتبه لوجوده بجوارها فمنذ أن أبتعدت عنهُ وأصبحت و’حيدة مِن جديد، فيما كان هو يُحاول تما’لُك نفسه قدر المستطاع قبل أن يتحدث ويقول حرفًا واحدًا، لحظات فيها استجمع شجا’عته ثمّ ألتفت ينظر لها قائلًا:
_”ريـم” محتاج أتكلم معاكي رجاءًا.
نظرت لهُ واصا’بها التفاجؤ حينما رأته بجوارها، تحدث هو وقال بنبرةٍ هادئة را’جية:
_رجاءًا يا “ريـم” أسمعيني، محتاج أتكلم معاكي.
_أسفة يا “حليـم” مبقاش فيه بينا كلام خلاص.
هكذا جاوبته وهي تتجـ ـنب النظر إليهِ ليجاوبها هو قائلًا بنبرةٍ هادئة را’جية:
_عشان خاطري يا “ريـم” اسمعيني.
_وبعدين يا “حليـم”، وآخرة الموضوع دا إيه؟.
هكذا سألته بنبرةٍ حا’دة بعد أن نظرت لهُ ليجاوبها هو بنبرةٍ هادئة:
_عشان خاطري اسمعيني شوية، لاز’م ندي بعض فرصة يا “ريـم” ونسمع بعض ولو أنتِ اللي كُنْتي مكاني كُنْت سمحت إني أسمعك، أنا بطلب مِنك طلب لأول مرة معقو’لة تر’فضي كدا.
صمتت قليلًا تُفكر في حديثه هُنَيْهة لتُعطيه جوابها حينما وافقت على طلبه، أخذت طلبها وتوَّجهت معهُ إلى أحد الطاولات لتجلس أ’على المقعد وهو أمامها هو يُفكر كيف سيقول ذلك، وهي تنتظر سماعه وتشعر بالضـ ـيق الشْـديد مِنْهُ، دقائق أستغر’قها هو ثمّ بدأ حديثه وقال بنبرةٍ هادئة:
_أنا فالأول آسف على اللي عملته معاكي، لمَ ز’عقت فيكي جا’مد وطر’دتك بره المكتب، هحكيلك عشان مفضلش فنظرك إنسان معد’وم المشاعر، أنا أكتر واحد طيب وأكتر شخصية مسا’لمة، “حليـم” اللي قاعد قدامك دا النسخة الأسو’أ مِنُه، أنا بصراحة شوفت كتير أوي فحياتي، والدي خلاني فأسو’أ شخصية ممكن أكون فيها، بقيت عد’واني وزي اللعبة فإيده يحركها زي ما يحب، خلّى عقـ ـلي يطـ ـق، دخلت مصـ ـحة اتعا’لج بسـ ـببه، أداني أدوية أ’ثرت على خلا’يا المـ ـخ، شوفت الو’حش مِنُه، يعني بصراحة هو د’مرني خالص وعمل فيـ ـا حاجات كتير أوي، أبويا د’مرني، ولمَ قر’رت أتعا’لج صمم إنه يكمل عليا..
_أنا شوفت مِنُه كُلّ القسو’ة والجبـ ـروت وبقيت أكر’ه سيرته تتجاب حتى لو صُدفة، في تفاصيل كتير أوي حصـ ـلت أنا مش عايز أفتكرها بس فاليوم اللي اتعصـ ـبت عليكي فيه دا كان هو اللي جاي يقابلني عشان كدا مرضاش يقولك أسمه عشان لو أنا عرفت مش هقبل إني أقابله، بس أنا لمَ شوفته حسيت بحاجات كتير أوي كُلّها سـ ـلبية، جه د’اس عالجر’ح عشان ينز’ف أكتر لحد ما يتصـ ـفى خالص، أنا وقتها اتعـ ـصبت ورجعت مش طا’يق نفسي ولا شايف قدامي، وقتها غصـ ـب عنّي لمَ شوفتك بتردي على “صـلاح” اتعصـ ـبت أوي ومكُنْتش عايزُه يعرف حاجة بس هو طبعًا مسا’بنيش وعرف وسمع ز’عيقي فيكي وغلـ ـطني، وأنا لمَ هـ ـديت وقعدت مع نفسي لقيت إني فعلًا غـ ـلطان فعشان كدا قررت أشوفك وأعتذر مِنك، آسف تاني مرة يا “ريـم” أتمنى إنك تسا’محيني وتعذ’ريني.
هكذا اخـ ـتتم حديثه معها وهو ينظر لها را’جيًا بعد أن قر’ر أن يُخبرها بعض النقاط البسيطة فقط فلن يقد’ر على تذكُّر أكثر مِن ذلك، فيما كانت هي تستمع إليهِ طيلة الوقت دون أن تتحدث وقد اشـ ـفقت عليهِ فهي لاحظت أنه كان غا’ضبًا بعد مقابلته لهُ ولكن هذه التفا’صيل كانت تجـ ـهلها كُليًا ولكن في نفس الوقت كانت تشعر بالضـ ـيق الشـ ـديد مِنهُ فقد أها’نها بطريقةٍ سـ ـيئة لا يتحـ ـملها غيرها..
دام الصمت بينهما هُنَيْهة هو ينتظر قرارها حيا’ل ما قاله وهي تُفكر بينها وبين نفسها، كسـ ـر هو مجددًا حِـ ـدَّة هذا الصمت ليقول:
_لتالت مرة آسف يا “ريـم”، أنا صارحتك بالحـ ـقيقة ومكد’بتش عليكي فحرف، ومش عايز أخـ ـسرك، أنتِ الو’حيدة اللي أر’تحتلها هنا ومش هعرف أثـ ـق فحد تاني غيرك، سا’محتيني مش كدا؟.
أنهـ ـى حديثه متسائلًا وهو ينظر لها ينتظر ردها على ما قاله، يأمل أن لا تُخـ ـيب ظنه مثلما فعل غيره وتخـ ـلىٰ عنهُ فلن يحتمـ ـل أن تكون الخسا’رة أثنتين، وعنها فقد كانت تُفكر في حديثه فقد رأت الصد’ق في عينيه وهو يُخبرها عن أشياءٍ ليست مِن المفترضِ أن تُقال ولكن كما نقول دومًا أنهُ وجد الرا’حة بها ورأى الطمأ’نينة في عينيها ولذلك أفصـ ـح عن ما في جبعته..
_مصدقاك يا “حليـم”، متخيلتش إن الموضوع يكون كدا بس أنا ز’علت أوي وقتها وحسيت إني أتها’نت جا’مد، غيري مكانش هيرضى يسمعك بس أنا سمعتك عشان جوايا صوت خلاني أسمعك وأديك فرصة، وعلى فكرة أنا متعاطفة معاك جدًا عشان شوفت ناس كتير أوي كانوا مكانك فيوم مِن الأيام، مش مُلز’م تفتكره طالما بيضا’يقك سيرته، كمل وشوف حياتك وأعمل كيا’نك هو ميستا’هلش إنك تضا’يق نفسك حتى لو بينك وبين نفسك، تعرف … أنا بقالي هنا ٤ سنين أول مرة أخُد على حد أوي كدا وأسمع مشا’كله، كُنْت منزو’ية عن البشر بصراحة وفحالي، مش هد’وشك بحو’اراتي عشان عبيـ ـطة أحسن حاجة نروح نشوف الميتنج اللي بعد ٥ دقايق عشان عندنا شغل كتير النهاردة المفروض يخلـ ـص.
أنهـ ـت حديثها مبتسمة الوجه ثمّ نهضت لينظر هو إليها هُنَيْهة ليراها تتوَّجه نحو غرفة الاجتماعات وهي تُشير إليهِ ليبتسم هو بسمةٌ خـ ـفيفة ثمّ انْتَـ ـصَب واقفًا ولَحِـ ـقَ بها بخطى هادئة بعد أن استطاع إصلا’ح ما قام بإفسا’ده دون أن ينتبه فليس مستعدًا لخسا’رة أحدًا بسـ ـبب هذا الغريب مثلما أطـ ـلق عليه مؤ’خرًا.
_____________________
<“خُطى جديدة نخطوها سويًا،
ومستقبلٍ مشرق ينتظر استقبالنا.”>
دومًا يُريد الإنسان أن يخطو خُطى جديدة للأمام حتى يُحـ ـقق إنجازاته الأولية التي كان يُخـ ـطط إليها طيلة الوقت، خُطى نخطوها مع مَن نُحبّ ونهوى، وفي حينٍ آخر نجد أن ثمة مستقبلٍ مشرق ينتظرنا حتى يستقبلنا بترحابٍ..
في متجر المجو’هرات..
كان يجاورها وينتقيا سويًا خواتم الزواج وهي في حـ ـيرةٍ مِن أمرها، كلما أختارت واحدٍ ترى آخرًا أفضل مِنهُ حتى كادت تُصـ ـاب بالجـ ـنون، مَدَّ كفه بخاتمٍ ذهبي اللو’ن وهو يقول بنبرةٍ هادئة:
_إيه رأيك فدا؟.
نظرت هي إلى الخاتم ثمّ إلى الذي بيدها لتشعر بالتشـ ـتت كما المعتاد قائلة بيأ’سٍ شـ ـديد:
_وبعدين بقى كُلّهم أحلى مِن بعض وأنا مبقتش عارفة أعمل إيه بصراحة حا’سة إني هتجـ ـنن.
أبتسم هو حينما تلقى كلماتها تلك ورأى تر’ددها ليقول بنبرةٍ هادئة:
_طب ألبسي دا ونقا’رن بينه وبين اللي معاكي.
أخذت الخاتم الذي أختاره لها وأرتدتهُ لتنظر إلى يديها وهو معها ليجد أن الأثنين في غا’ية الجمال ولذلك قال حا’ئرًا:
_الـ ٢ أحلى مِن بعض.
_شوفت بقى عشان تعرف إني قرَّبت اتجـ ـنن بجد.
هكذا جاوبته بيأ’سٍ شـ ـديد وقد شعرت بالإحبا’ط ليُقرر هو الاستعا’نة بوالدته، نظر إليها وقال:
_ماما تعالي لحظة معلش.
اقتربت “وجيـدة” مِنهما لتجاوره متسائلة ليسألها هو قائلًا:
_أنهـ ـى واحد فيهم أحلى؟ عشان “كايلا” أحتا’رت وأنا معاها بصراحة.
نظرت هي إلى الخاتمين هُنَيْهة ثمّ قالت مبتسمة الوجه:
_اللي عاليـ ـمين حلو أوي.
نظر هو إلى ما تقصـ ـده والدته ليرى أنهُ نفس الخاتم الذي أختاره منذ ثوانٍ لينظر بعدها إلى “كايلا” ثمّ قال:
_ناخد رأي طنط “هنـاء” برضوا ولو أختارت اللي ماما أختارته يبقى خُديه.
_طب ولو أختارت التاني بقى؟.
هكذا سألته عن أحتما’لية حدوث هذا الأمر ليجاوبها مبتسم الوجه وقال:
_نجيب “نسمة” طرف تالت تختار هي والمشـ ـكلة أتحلت.
وبالفعل أقتربت “هنـاء” تنتقي خاتمًا لتختار الخاتم الذي أختارته “وجيـدة” ليبتسم هو ويقول:
_شوفتي الحمدلله محدش كسـ ـفني وأختاروا اللي أنا أخترته.
نز’عت الذي كان يستقر بيدها اليُسر’ى وقررت أختيار ما اجتمعوا عليهِ لتجاوبه بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه:
_ماشي يا سيدي وأنا أخترته أنا كمان.
_دورك بقى تختاريلي واحدة واللي هتختاريها أنا هوافق عليها ومش هعا’رضك.
هكذا جاوبها مبتسم الوجه لتُحرِّك هي رأسها برفقٍ ثمّ بدأت تنظر إلى جميع الخواتم الفضـ ـية أمامها هُنَيْهة حتى أستقرت على واحدةٍ منهن لتأخذها قائلة بوجهٍ مبتسم:
_أنا قررت أخُدلك دي إيه رأيك فيها؟.
أخذها هو مِنها دون أن يتحدث ثمّ وضعها في بُنصُرهِ الأيـ ـمن قائلًا بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_أنتِ لسه هتاخدي رأيي رأيي معروف يا فنانة دا أنا مصدقت اللحظة دي تيجي.
ضحكت هي بخـ ـفةٍ حينما أستمعت إلى حديثه لتجاوبه بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه قائلة:
_ماي تايب.
_شور يا فنانة.
هكذا جاوبها مبتسم الوجه ثمّ قال بنبرةٍ هادئة:
_فاضل المحبـ ـس دا بقى ليلة تانية لوحده.
_عندك حـ ـق بصراحة أنا محتا’رة مِن قبل ما الرا’جل يطّلـ ـع التصاميم.
هكذا جاوبته بوجهٍ مبتسم ليضع الر’جُل الأشكال العديدة للمحا’بس وقال بوجهٍ بشوش:
_دول أحدث تصاميم عندي لسه جايين إمبارح شوفيهم ممكن يعجبك مِنهم حاجة.
نظرت هي إليهم وهو معها ليبدأ بأختيار واحدٍ مِنهم بعد أن رأوا العديد مِن التصاميم والأشكال المختلفة أسـ ـفل نظرات الجميع السعيدة والفرحة بهذه اللحظة فكانت “وجيـدة” تتمنى رؤية و’لدها عريسًا هو و “راضـي” وها هو قد تحـ ـقق الحُلم، وعلى الجهة الأخرى كانت “هنـاء” تنظر إلى ابنتها مبتسمة الوجه لا تُصدق أنها ترى أبنتها عروسٌ للمرةِ الثانية وهذه المرة كانت مختلفة عن سابقتها..
وعلى الجهة الأخرى..
كان “فتـوح” يجلس أمام محله على المقعد الخـ ـشبي يُد’خن سيجارته المائة وهو ينظر إلى المارين ليقول سا’خرًا:
_الحارة بقت هادية وفيها را’حة كدا مِن ساعة ما ز’فت الطـ ـين دا غا’ر فدا’هية، إلهي ما ير’جع تاني.
هكذا تمتم بحـ ـقدٍ تجاه “يـوسف” متمنيًا مو’ته وعد’م عودته مِن جديد، حتى جاء “عصفـورة” وجاوره قائلًا:
_صباحك قشـ ـطة يا “فتـوح”.
_إيه الأخبار؟.
هكذا سأله “فتـوح” بنبرةٍ با’ردة وهو ينظر أمامه ليأتيه الجواب مِن “عصفـورة” الذي قال:
_كُلّه فُل الفُل، البضا’عة وصلت ونزلت السوق السو’دا وهتتبا’ع بمبلغ وقدره يعني بُكرا هتبقى بيه.
نظر إليهِ “فتـوح” بطر’ف عينه نظرةٍ ذات معنى ثمّ قال بنبرةٍ هادئة:
_حلو الكلام، فـ ـردة واحدة تمـ ـنها ١٠ بواكي دا مش أي حاجة يعني.
_عـ ـيب عليك يا عمّ بقولك هتبقى بيه بُكرا.
هكذا جاوبه “عصفـورة” ليُحرِّك “فتـوح” رأسه برفقٍ متفهمًا ثمّ قال بنبرةٍ هادئة:
_حلو الكلام، مش عايز حد يعرف حاجة عن الموضوع دا خالص حتى الد’بانة أديني بقولك أهو.
_متخا’فش ولا النمـ ـلة هتعرف.
تفَّهم “فتـوح” حديثه ثمّ نظر إلى متجر المجو’هرات الماكث بالقربِ مِنهُ حينما وصلهما أصوات الزغاريد ليقول متسائلًا:
_مين اللي بيزغرط دا؟.
_ولا حاجة، الو’اد الهلفو’ت اللي مع المحرو’س زي ضِـ ـلُه دا خطب البـ ـت “كايلا”.
أصا’بتهُ الصد’مة حينما تلقى هذا الخبـ ـر لينظر إليهِ معتدلًا في جلستهِ قائلًا:
_أنتَ قولت إيه !!.
_إيه مالك أتخــضيت كدا ليه، دا المتو’قع يعني الو’اد عـ ـينه عليها فالرايحة والجاية.
هكذا جاوبه “عصفـورة” دون أن يكتر’ث إلى الأمر، فيما كان “فتـوح” يشعر بالغضـ ـب الشـ ـديد والحـ ـقد تجاه “جـاد” ليقول بنبرةٍ حا’دة:
_ابن الـ***، أزاي يخطبها، دي بتا’عتي.
_لا بقى أنتَ كدا أتجـ ـننت رسـ ـمي ومو’تنا كُلنا على إيدك.
صُدِ’مَ “عصفـورة” حينما استمع إلى حديث رفيقه ولذلك نظر إليهِ مجحـ ـظ العينين غير مصدقٍ ما سَمِعَه فبالتأكيد قد فقـ ـد عـ ـقله لا محا’ل، نعم هو يعلم أنهُ مختـ ـل دومًا ولكن عند هذه النقـ ـطة ويجب أن يتوقف عن جـ ـنونه، فبفـ ـعلته تلك ستُفـ ـتح أبواب الجحـ ـيم الأبدي في وجوههم جميعًا وعندها سينتـ ـهي أمرهم تمامًا هذه المرة وهم يُلقو’ن في السجـ ـن مدى الحياة.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية جعفر البلطجي 3)