روايات

رواية في قبضة الأقدار الفصل العاشر 10 بقلم نورهان آل عشري

رواية في قبضة الأقدار الفصل العاشر 10 بقلم نورهان آل عشري

رواية في قبضة الأقدار البارت العاشر

رواية في قبضة الأقدار الجزء العاشر

في قبضة الأقدار
في قبضة الأقدار

رواية في قبضة الأقدار الحلقة العاشرة

أحياناً نتسائل لما لا يكتفي القلب بوظيفته بضخ الدماء الي جميع أنحاء الجسد فقط ! لما يحن و يشتاق و يتألم ! و يضعنا دائمًا بأمور مُعقدة تُرهق العقل و تُهلك الروح !
نورهان العشري ✍️
*****************
أخرجت زفرة حادة من جوفها علها تُهدأ ذلك الضجيج المُزعِج الذي يملئ داخلها منذ البارحه و لم يفلح أي شئ في إيقافه . فبعد ما حدث معه و صورته لم تفارق تفكيرها أبدًا . فعلته المباغته حين لامس جرحها بشفتيه بتلك الرقه لاقت صدي كبير بداخلها لا تعلم سببه . هل يمكن لأنها جاءت في أشد أوقاتها ضعفًا و إحتياجًا ! أو لتأثُرها بتلك الرسالة التي أيقظت الماضي بجراحه داخلها و لا تعلم من أين خرجت فقد كان يكفيها كل ما تمر به من صعوبات لا تعرف كيف ستواجهها و لم يكن ينقصها غزو الماضي الذي تتمني لو أنه ينمحي من ذاكرتها للأبد .
و لدهشتها أن هذا ما حدث وكأنه إنمحي ! كانت في الماضي تتحاشي أي شئ يُذكِرها بما حدث حتي الشتاء صارت تبغضه لإرتباطه بذكريات مؤلمه بقدر روعتها و لكن البارحه كان حضوره طاغيًا للحد الذي جعلها تنسي أمر تلك الرساله و لم تتذكرها سوي الآن حتي أنه أحتل أحلام المنام أيضًا و هي من كانت تهرب من سطوته في اليقظه ليتربع علي عرش أحلامها بلا منازع . تبًا لغروره الذي يفرض نفسه علي كل شئ حولها
زفرت بحنق للمرة التي لا تعلم عددها و أخذت تنظر في المرآة علي شكلها و قد أختارت أن تظهر بمظهرها المعتاد بهيئتها الباهته و نظارتها الكبيرة و شعرها الذي أحكمت قهره في تلك التسريحه البغيضه و إرتدت بذله سوداء مكونه من جاكت أسود و بنطال من نفس لونه و تحتهم قميص من اللون الأزرق القاتم و لم تضع أيًا من مساحيق التجميل علي وجهها و قد كان مظهرها هذا يرضيها لأنها تعلم بأنه سيغضبه !
” إيه يا فرح أنتي هتخيبي و لا إيه ! يتضايق و لا يتفلق . أنتي لابسه كدا عشان نفسك دي شخصيتك اللي إخترتيها . و مش هتغيريها عشان أي حد . و هو زيه زي أي حد !”
هكذا حدثت نفسها أمام المرآه بغضب و قد كان الحديث في المقام الأول موجهًا لقلبها حين شعرت بضعفه أمام ما حدث البارحه فأرادت تذكيره بألا يعطي الأمر أكثر مما يستحق .
صفعه خذلان واحدة في الحياة تكفي لجعل الإنسان يحيا المتبقي من حياته مصابًا بداء الحذر يتجنب كل الطرق و الأشخاص و حتي الروائح التي تحمل رذاذ قد يكون مُحملًا برائحة العشق.
نورهان العشري ✍️
****************
” لو تعرفي أتمنيت قد إيه اشوفك موطيه راسك كدا !”
أخترقت الكلمات قلبها لتصيبه بالذعر حين رفعت رأسها أمام تلك النظرات المُحمله بالكره و البغض و تلك الملامح المُحتقرة التي تحمل جرحًا كبيرًا كانت هي السبب الرئيسي به و قد شعرت في تلك اللحظه بأنها قاربت علي الإنهيار بسبب كل تلك الضغوطات التي مرت عليها منذ الصباح بداية من مواجهتها مع تلك الفتاة «سما» و حديثها المسموم مع ذلك المتغطرس لتأتي هي بكل حقدها و سمومها التي تقطر من عيناها قبل شفتيها و تكمل مثلث الرعب حولها، و لكنها لن تجعلها تنال مرادها و لن تعطيها إنتصارًا اليوم أبدًا
لذا رفعت رأسها بشموخ يتنافي مع إنهيارها الداخلي و توجهت إلي حيث تقف لتقترب منها خطوتان قبل أن تقول بسخريه
” يعينك ! يعينك تشوفيني موطيه راسي و لا مكسورة أبدًا !”
إبتسمت ساندي إبتسامه خاليه من المرح قبل أن تقول بتحدي
” تراهنيني !”
رغمًا عنها تسلل الذعر إلي قلبها و تجلي علي ملامحها مما جعل ساندي تبتسم بشر قبل أن تقول بتهكم
” إيه يا قطه بلعتي لسانك و لا إيه! ”
ظلت علي صمتها لثوان تحاول تنظيم دقاتها الهادرة و أنفاسها العاريه خوفًا من حقد تلك الفتاة و ما تحمله في جعبتها و لكنها قررت قطع الصمت قائله بنبرة مهتزة
” مش هتقدري تعملي حاجه . و لو فكرتي تأذيني عيلة الوزان مش هيسمحولك بدا ! ”
ساندي بسخرية
” عيلة الوزان إلي ما هتصدق تخلص منك بقرفك و بلاويكي ! دول أول ما ياخدوا أبنهم منك هيرموكي زي الكلبه . و هترجعي تحت رحمتي و وقتها هصفي حسابي معاكي صح ! ”
لم تقبل شخصيتها الحرة كل تلك الإهانات و آلمها قلبها بشدة حين ذكرت إمكانيه إنتزاع طفلها من بين يدها لذا ألقت كل شئ جانبًا و قالت بعنفوان و لهجه قويه
” أخرسي ! محدش يقدر ياخد أبني مني و إلي يفكر بس هاخد روحه . و الحساب إلي أنتي عايزة تصفيه دا مش معايا دا مع إلي سابك زي الكلبه و جه يجري ورايا . لما تموتي في ستين داهيه أبقي روحي صفيه معاه هناك !”
تصاعد الغضب بداخلها حتي أعماها فلم تتمالك نفسها إذ قالت بصراخ
” الكلبه دي إلي هتوريكي النجوم في عز الضهر و هتخليكي تندمي ندم عمرك أنك ظهرتي في حياتها!”
أقتربت منها خطوتان قبل أن تقول بلهجه خافته متوعدة
“و قبل ما أموت في ستين داهيه هتكوني أنتي سبقاني ! خليكي متأكدة من دا ”
لم تستطع إجابتها فقد أخرسها تهديدها و سهام نظراتها الحارقه التي جعلت الرعب يجتاح سائر جسدها الذي كاد أن يتلاشي و يخونها و لكن أرسل الله لها الغيث علي هيئه صوت شقيقتها التي قالت بفظاظه
” أنتي إيه الي جابك هنا !’
تجمدت ساندي بمكانها و أخذت تراقب فرح التي تقدمت تقف بجانب شقيقتها و تناظرها بقسوة جعلتها تتراجع قليلًا و تقول بتوتر
” أنا متعودة آجي هنا علي طول و أزور أهل البيت !”
فرح بفظاظة
” بما إنك متعودة تيجي علي طول يعني عارفه انهم مش ساكنين هنا و أن القصر وراكي . ”
ساندي بغضب
” أنتي مش هتعرفيني أروح فين و …”
قاطعتها فرح بقوة
” لا هعرفك . لما يكون وجودك حوالين أختي بيأذيها يبقي لازم أعرفك . ”
لم تجد ما تقوله أمام تلك الفتاة التي تناظرها بعنفوان و شموخ أخرسها فتابعت فرح بقسوة
” القصر وراكي أتفضلي روحي زوري إلي متعودة تزوريهم . وإياكي تقربي من مكان جنة موجودة فيه . و خليكي فاكرة إني مبقولش كلامي مرتين !”
من دون أن تتفوره بحرف واحد أنسحبت بكل ما تحمله من غضب و كره و حزن إلي حيث كانت تشير فرح التي التفت علي إثر ملامسه «جنة» لذراعها فتفاجئت بنظرات شقيقتها التي كانت ترتجف و يغلفها الدمع و جاءت نبرتها ضعيفه حين قالت برجاء
” أحضنيني يا فرح !”
لم تتفوه بحرف إنما امتدت يدها تحتضنها بقوة فإنهارت «جنة» باكيه بين ذراعيها و كانت ترتجف كطفل صغير تتعالي شهقاته بين أحضان والدته فأخذت تربت فوقها بلطف إلي أن هدأت حينها تحدثت فرح بلهفه
” مالك يا جنة حصل إيه ؟”
رفعت رأسها تناظر شقيقتها بإمتنان و ما أن شرعت تتحدث حتي إلتقمت عيناها ذلك الذي أتي من خلفهم و كانت نظراته مثبته فوقها بقوة أثارت حنقها فمسحت قطرتها و هي تبتسم لشقيقتها قبل أن تقول بصوت مبحوح
” مفيش يا حبيبتي. عادي هرمونات الحمل بس . ”
لم ترد أن يري ضعفها فقد أخذت قرارًا بأن تبقي قويه مهما كلفها الأمر من أجل صغيرها و من أجل أن تستطيع تخطي تلك الأزمه فضعفها هو من ألقي بها إلى قاع الجحيم الذي تعيشه الآن .
فهمت فرح شقيقتها حين رأت سليم يتجاوزهم فقالت بحنو
” تمام . روحي إرتاحي شويه و أنا هقولهم يبعتولك الفطار هنا .”
هزت جنة رأسها و عيناها ترسل نظرات إمتنان لشقيقتها علي تفهمها و قد شعرت «فرح» بها لذا إبتسمت بلطف قبل أن تتوجه إلي ذلك القصر الكبير حتي تباشر أول يوم لها في هذا العمل الذي أقحمت نفسها فيه بغبائها .
خطت أقدامها إلى البهو الرئيسي فوجدت إحدي الخادمات فأوقفتها قائله بلطف
” لو سمحتي ممكن تبعتي حد بالفطار لجنة !”
كادت الخادمة أن تجيبها و لكن صدح صوت خلفهم يقول بتهكم
” إيه هي السنيورة مش عايزة تشوفنا وولا إيه ؟ ”
رفعت فرح رأسها تطالع همت التي كانت تتدلي من الدرج و هي تناظرها بغضب فلم تجبها فرح و واصلت الحديث مع الخادمة قائله بلطف
” و لو سمحتي أعمليلي فنجان قهوة و هاتيهولي علي أوضه المكتب .”
أغضب تجاهلها تلك التي كانت تود إفتعال شجار معها عله يهدأ من نيران غضبها و لو قليلًا لذا توجهت قائله بصوت حاد
” أنتي .. أنا مش بكلمك . مبتروديش ليه مفيش أي إحترام ؟”
كان كل هذا يحدث أمام الفتيات الثلاثه «سما ، حلا ، ساندي » و قد كانت نظرات الشماته تحاوطها من كل جانب فغضبت كثيرًا من أسلوبها في التحقير منها لذا قررت إيقافها عند حدها أمامهم فرفعت رأسها بعنفوان و قالت بقوة
” لما تدي الإحترام وقتها تبقي تطلبيه ! دا أولًا . ثانيًا ليا إسم و أسمي . فرح . أنسه فرح عمران. ثالثًا بقي و دا الأهم . سؤالك أسخف من إني أرد عليه ! عشان كدا مش هرد . عن إذنك ”
أوشكت على المغادرة فأوقفها حديث همت الساخر حين قالت
” طبعًا هستني إيه منك غير قله ادب و قلة ذوق . الله يسامحه اللى حدفكوا علينا ‘
تخطت وقاحتها حدود المسموح له لذا إلتفتت فرح تناظرها بغضب تجلي في نبرتها حين قالت
” لو مش عايزة تشوفي فعلًا قلة الإدب أتجنبيني ! و خليكي فاكرة اننا مغصوبين عليكوا أكتر ما انتوا مغصوبين علينا . و كلها كام شهر و جنة تولد و أخد أختي و أبنها و أمشي من هنا و نرتاح و نريحكوا !”
إحتدت نبرتها كثيرًا حين قالت جملتها الأخيرة حتي جفلت همت التي لم تتوقع أن ترد الصاع صاعين و ظنت بأنها قد تخيفها و لكن علي العكس هي من أخافتها . دام صراع النظرات لثوان قبل أن يقطعه صوت صارم جاء من الخلف
” إيه يا همت أتعودنا نعامل ضيوفنا بالشكل دا ؟”
إرتفعت أنظار فرح إلي تلك السيدة التي كانت تدق بعصاها أرضًا و هي تنزل من علي السلم و عيناها معلقه بهم و لكنها لم تتأثر مثقال ذرة علي عكس همت التي تراجعت للخلف و قد بان علي ملامحها لمحات الخوف و تجلي في نبرتها حين قالت
” أنا مقولتش حاجه ؟ هي اللي ما صدقت تمسك فيا و كل دا عشان بسأل ليه جنة مجتش تفطر معانا !”
إرتفع إحدي حاجبيها الجميلين بسخرية و هي تطالع تخاذل همت أمام أمينه التي قالت بوقار
” طولي بالك يا همت هما لسه متعودوش علينا و لا عرفوا طبعنا . بكرة أن شاء الله يعرفوه و يتعودوا عليه !”
كانت تشعر بشئ مبطن بين كلماتها و أيضًا لم تكن مرتاحه لنظراتها و لكنها تجاهلت كل شئ و قالت بنبرة قويه
” و طبعكوا بيقول أنكوا تغلطوا في ضيوفكوا يا حاجه ؟”
” لا طبعًا مين غلط فيكي ؟”
هكذا تحدث أمينه بهدوء مثير للشك بادلتها إياه فرح حين قالت
” الغلط عارف مكانه يا حاجه و أنتي كمان عارفاه ! فمالوش لازمه الكلام . و عمومًا زي ما قولت للحاجه همت كلها كام شهر جنة تولد و نمشي من هنا و نرتاح و نريح !”
قالت كلمتها الأخيرة و هي تنظر إلي همت و الفتيات خلفها نظرات ذات مغزى فبادلوها النظرات بآخري حانقه فأجابتها أمينه قائله بغموض
” متحكميش علي بكرة يا بنتي . دا لا في إيدي و لا في إيدك . دا في إيد المولي عز و جل .قادر يغير كل شئ في غمضة عين . ”
لم ترتاح لحديثها و لا لنظراتها و لكنها هزت رأسها قائله بهدوء
” ونعم بالله يا حاجه . عن إذنك سالم بيه مستنيني في المكتب !”
ما أن تقدمت خطوتان إلي غرفة المكتب حتي توقفت قائله بإستفزاز
” آه.. متنسوش تبعتوا الفطار لجنة . و ياريت ميتأخرش !”
توجهت بخطً واثقه إلي المكتب و رأس مرفوع بعنفوان أصاب الجميع بالدوار من شدة الغيظ فكان أول المتحدثين همت التي قالت بإنفعال
” شايفه يا أمينه بتتعامل معانا إزاي ؟”
كانت نظراتها غامضه و ملامحها لا تُفسر حين إلتفتت إلي همت قائله بوعيد
” الصبر حلو يا همت . بيقولوا عليه مفتاح الفرج !”
***************
دلفت إلي المكتب بعد أن سمح لها بالدخول فحاولت إرتداء قناعها المعتاد حين توجهت بخطً واثقه إلي حيث يجلس و لكنه لم يكن ينظر إليها بل كان منكبًا علي الأوراق التي أمامه و ما أن وصلت إليه حتي نالت ساعته الثمينة إلتفاته منه تشير إلي تأخيرها فأغضبها ذلك كثيرًا و خاصةً حين قال
” أول يوم تأخير ١٢ دقيقه بالظبط عن المعاد المتفق عليه ! واضح أنك بروفيشنال فعلًا!”
خرجت الكلمات حانقه من بين شفتيها حين قالت
” والله أنا جايه هنا في معادي بس …”
قاطعها حديثه الصارم حين قال بفظاظة
” مش عايز مبررات و كفايانا عطله . ورانا شغل كتير !”
أبتلعت جمرات غضبها حين تفوه بتلك الكلمات و توجهت إلي حيث أشار لها و أخذ يشرح لها طبيعه العمل و قد وجدته شيقًا و في مجال عملها لذا شرعت علي الفور للبدأ به تحت نظراته التي كانت تتوجه إليها خلسه بين الفينه و الآخري رغمًا عنه .فقد أغضبه مظهرها كثيرا حين رآها بذلك الزي التنكري كما أسماه و تلك النظارات التي أصبحت تثير حنقه مؤخرا فهو لم ينسي ليله البارحه و مظهرها الساحر تحت ضوء القمر التي كانت تنافسه في فتنته و نظراتها التي لأول مرة يلمس بهم الضعف و الألم فقد شعر حين أقترب منها بأنها تريد ذلك القرب و بشدة . للمرة الألف التي يعنف نفسه علي أفكاره تلك و يذكرها بأن تلك الفتاة ليست ذو أهميه كبيرة بالنسبة إليه و بأنها ليست نوعه المفضل و لكن دائمًا ما يجد نفسه يعود لتلك اللحظه حين توقف أمام عيناها التي خاطبته بلغه أخترقت أعماقه و لامست وترًا حساسًا بداخله و قد تيقن بأن كل هذه القوة و الثبات الذي تبدو عليه ما هو إلا غلاف تحيط به ذاتها لأسباب مجهوله لا يعلمها أو ربما يتجاهلها !
فقد عنف نفسه بشدة حين إنفلت ذلك السؤال الغبي من بين شفتيه و قد كانت إجابتها سهمًا أصاب كبرياؤه في الصميم لذا أخذ قررًا بأن يتجنبها قدر المستطاع و أن يخرجها من عقله و لكن هيهات فما أن رآي مظهرها حتي أشتعل الغضب بداخله و أخذت الذكري طريقها لعقله مرة آخري !
” أتفضل شوف كدا لو في أي تعديل ؟”
دون أن يظهر علي ملامحه أي شئ مما يجول بخاطره أخذ ينظر إلي الأوراق أمامه قبل أن يقول بفظاظة
” إيدك لسه وجعاكي ؟”
فرح بهدوء
” لا بقت أحسن دي مجرد شوكه يعني !”
سالم بتهكم
” إلي يشوفك إمبارح ميقولش كدا !”
فرح بتقطيبه
“تقصد ايه ؟”
” يعني شكلك دلوقتي ميقولش أن مجرد شوكه تخليكي تعيطي !”
إغتاظت من سخريته و لكنها حاولت تجاهل إستفزازه حين قالت بهدوء
” غريبه . شكلك ميقولش إن ذاكرتك ضعيفه !”
رفع إحدي حاجبيه بأستفهام فقالت بفظاظه
” أفتكر إني قولتلك أن عيني كانت مطروفه . و عشان كدا كانت مدمعه ”
سالم بسخريه
” و عشان كدا بتبلبسي النضارة بالرغم انك مش محتجاها . عشان عينك متطرفش !”
قال جملته الأخيرة مرفقه مع نظرات ثاقبه إخترقتها بعنف و لكنها حاولت تجاهل ما يقصده و قالت بجفاء
” أنا الي أحدد إذا كنت محتجاها أو لا !’
تجاهل جفاءها الذي هو دليل علي خسارة وشيكه أمامه و تابع بلامبالاه
” طبعًا . و خصوصًا إن الزي التنكري دا مينفعش من غيرها !”
إغتاظت من سخريته المغلفه بلامبالاه و لكن سرعان ما تحولت غيظها إلي سعادة لحظية حين شعرت بأنها قد أغضبته بمظهرها و أرادت إستفزازه أكثر حين قالت
” أهو أحسن من زي أولاد الشوارع . و كمان لايق بعيلة الوزان . ”
شعر بسخريتها التي أغضبته فقال بجفاء
” يعني يا إما تخرجي بيجامة نوم قدام الناس كلها يا إما تلبسي زى أبله نظيرة دا !”
” نعم هي فين بيجامة النوم دي . أنا كنت لابسه شيميز و برمودا .”
خرجت الكلمات من فمها غاضبه فبادلها هو الحديث بهدوء مستفز
” إختلفت المسميات لكن في الآخر متتلبسش غير في أوضه النوم !”
زاد حنقها من حديثه المستفز و المُخجِل أيضًا فقد غزا الإحمرار خديها فقالت بإنفعال
” معتقدش أننا هنا عشان نتناقش في طريقه لبسي اللي هي حرية شخصيه و حاجه تخصني ”
لم يظهر علي ملامحه أي تأثر إنما تابع بلامبالاه و عيناه تتابع الأوراق أمامه
” عادي دا مجرد توضيح أننا مبنلزمكيش هنا بحاجه معينه.”
” بمعني !!”
” يعني مش مُجبرة تتقمصي شخصيه غير شخصيتك . خليكي علي طبيعتك أفضل !”
أستفزها حديثه للحد الذي جعل الكلام يخرج من بين شفتيها بإندفاع
” أنت ليه مقتنع أني بتقمص شخصيه غير شخصيتي و إن دا مش لبسي و لا دا شكلي مش فاهماك بصراحه ؟”
لم تحسب حساب له حين ترك ما بيده و تقدم يقف أمامها مباشرة و هو ينظر إلي داخل عيناها بقوة و هو يقول بصوت مليئ بالتحدي
” أنتي مقتنعه أن فرح دي هي فرح بتاعت إمبارح ! ”
أربكتها نظراته كثيرًا و تحديه المبطن فتسارعت أنفاسها و لكنها حاولت التماسك أمامه إذ قالت بقوة
” دي فرح اللي أنا بفضلها !”
” قصدك فرح الجبانة !”
كان تحديه يثير شعورًا داخلها يرهبها و كانت عيناه تكشف ما تريد إخفاؤه لذا قالت بنفاذ صبر
” حضرتك عايز إيه من كلامك دا ؟”
أجابها بلامبالاة
” و لا حاجه . أنا بس بحب أكون صريح مع الي قدامي .”
هذا الرجل يشكل خطراً ما عليها و هي لن تسمح بذلك لذا قررت أن تضع حدًا فاصلًا لما يحدث فاستجمعت ثباتها المتلاشي و قالت بنبرة متزنه قويه
” و أنا كمان بحب أكون صريحه مع اللي قدامي . و عشان كدا ياريت تكون علاقتنا و كلامنا في حدود الشغل و بس . مظهري مش مجال للنقاش بينا . و لو كان مضايقك أوي كدا يبقي ..”
قاطعها إذ قال بفظاظه
” بلاش تدي المواضيع أكبر من حجمها أكيد الموضوع مش ذات أهمية لدرجة أنه يضايقني .”
أصابتها كلماته في الصميم حتي أنها شعرت بألم لا تعلم من أين أتى و لكنها حاولت تجاهله و قالت بثبات
” تمام . ياريت نكمل شغلنا .”
بالفعل تابعا العمل سويًا دون أي حديث خارج نطاق العمل و لكن كان هناك غصه كبيرة عالقه بحنجرتها لا تعلم سببها ..
***********
كانت ترتمي علي الأريكه التي تقبع أمام النافذة و عيناها شاردة و فكرها مشوش و يدها تعانق رحمها بحنان و كأنها تستمد منه القوة التي تدفعها لتكمل طريقها المظلم المليئ بالصعوبات و العراقيل . و التي لا تدري الي أين سيأخذها ؟ فهؤلاء الناس لا يمكن التخمين بماذا يفكرون و هي لن ترهق نفسها بالتفكير أكثر بل ستحاول إتخاذ إحتياطاتها حتي لا تسمح لهم بحرمانها من صغيرها أبدًا.
قاطع شرودها الطرق علي الباب فظنت بأنها الخادمه أتت لتجلب الطعام فلم تهتم بوضع الوشاح حول كتفيها العاريتين فقد كانت ترتدي فستان أبيض ذو حملاتان رفيعتان و به نقوش زرقاء جميله يبرز جسدها الرشيق الذي إزداد وزنه قليلًا بسبب الحمل فتوجهت إلي الباب لتفتحه و سرعان ما تجمدت بمكانها حين شاهدته يقف بشموخ يناظرها بعيناه الغاضبه دومًا و التي تحولت إلي حمراء قاتمه لا تعلم السبب الغضب أم شئ آخر و لم يسعفها التفكير فقد كانت الصدمه تجتاحها فظلت تناظره مشدوهه و هو يبادلها نظراتها بآخري قاتمه فقد كانت جميلة للحد الذي جعله غير قادر علي التفوه بحرف و قد كانت نظراتها الصافيه النابعه من بحرها الأسود اللامع تأسرانه بشدة أهتز لها شئ ما داخل أعماقه و لكن سرعان ما تجاهله و إشتعلت جمراته مرة آخري حين وعي إلي مظهرها فقست ملامحه أكثر و قال بغضب
” أنتي إزاي تفتحي الباب بمنظرك دا ؟”
أعادتها كلماته إلي وعيها فخرجت منها شهقه فزع و علي الفور و دون أن تدري أغلقت الباب بقوة في وجهه و قد شعرت بالخجل يغمرها حتي كادت أن تذوب كقطعه من السكر بكوب من الشاي . و أخذت دقاتها تهدر بعنف داخل صدرها من فرط الصدمه و الخجل .
أما عنه فلم يتوقع فعلتها للحد الذي جعله يظل واقفًا مكانه غير قادر علي إستيعاب ما حدث فهل حقًا أغلقت الباب بوجهه !
تلك التي لا يعرف ماذا يسميها تخرج بهذا الرداء الفاضح لتفتح الباب و تطيح بثباته أمام سحرها الفتاك ثم تأتي من بعدها لتغلق الباب بوجهه بتلك الطريقه ؟
قام بصفع جبهته بعنف و ألتف عائدًا خطوتان للخلف و هو يعنف نفسه قائلًا
” غبي ! مكنش لازم تخبط بنفسك عليها. كان مفروض تبعتلها الخدامه تقولها أنك عايزها . أديك أديت الفرصه لوحده متخلفه زي دي تقفل الباب في وشك . ”
زفر بحنق و قد كان داخليًا يود أن يوبخ نفسه أكثر لتأثره بمظهرها الفاتن الذي باغته حين وقعت عيناه عليها و لكنه قرر تجاهل كل شئ و كأنه لم يحدث و هم بالمغادرة ليتفاجئ بصوت الباب يفتح فالتفت تلقائيًا ليجدها و قد لفت الوشاح حول كتفها و ناظرته بإستفهام تجلي بعيناها و لم تفصح عنه شفتاها و قد كان هناك إحمرارًا علي خديها يوحي بمدي إحراجها من رؤيته لها هكذا لذا قرر تجاهل كل شئ و قال بلهجه حادة
” ساندي بتهددك بأيه ؟!”
تجمدت في مكانها لثوان حين باغتها بسؤاله الغير متوقع و ناظرته بصدمه بينما عيناه تناظرانها بتفحص لكل همسه تصدر منها .
طال صمتها للحد الذي جعله يقترب منها و هو يقول بلهجه فظه
” لآخر مرة هسألك ساندي بتهددك بأيه ؟”
أخيرًا إستطاعت إخراج الحديث من بين شفتيها فقالت بإرتباك
” مين قالك إنها بتهددني ؟”
سليم بفظاظه
” مش مسموحلك تسألي مسموحلك تجاوبي و بس !”
عادت جميع حواسها إلي العمل و أزداد غضبها من حديثه فقالت بتهكم
” و مين اللي حط القوانين دي ؟”
سليم بإختصار
” أنا !”
جنة بجفاء
” يبقي تطبقها علي نفسك مش عليا !”
أوشك علي الحديث فسمرهم صرخه قويه جاءت من أمام القصر فجفل الإثنان و هرولا الي مكان الصراخ فوجدوا ساندي التي وقفت متسمرة و عيناها تكاد تخرج من محجريهما تناظر البوابه أمامها فالتفتت جنة حيث كانت تنظر فإذا بالدماء تتجمد في عروقها من فرط الصدمه و ضرب عقلها سؤال مباغت و هو
” هل يعقل للأموات أن يبعثوا من جديد !!”

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية في قبضة الأقدار)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *