رواية كسرة وضمة وسكون الفصل التاسع عشر 19 بقلم رحاب ابراهيم حسن
رواية كسرة وضمة وسكون الفصل التاسع عشر 19 بقلم رحاب ابراهيم حسن
رواية كسرة وضمة وسكون البارت التاسع عشر
رواية كسرة وضمة وسكون الجزء التاسع عشر

رواية كسرة وضمة وسكون الحلقة التاسعة عشر
وبعد فترة من الوقت أوقفت رقة السيارة الأجرة وشكرت السائق على معروفه أنه أتى بها وهي لم يكن بحوزتها أي نقود ! .. وقالت :
_ ثواني وهرجعلك بالأجرة ..
وعندما خرجت من السيارة وهي تحدث السائق وجدت ذراع أشهد يتمسك بها ويبدو أنه أتى خلفها حتى أتيليه بيلا ! …
نظرت له رقة بعصبية حتى يترك معصم يدها، ولكنه لم يفعل!
بل أعطى للسائق أجرته وابعدها خطوات بسيطة عن السيارة، أو بالأصح كان يريد أن يبعدها عن المارة ويأخذها حيث شقة الزوجية الذي جهزها تمامًا بالأيام الماضية .. ولكنها نفضت يدها منه بكل قوتها وأشارت له بتحذير وعينيها تهددانه ألّا يقترب :
_ أبعد عني أحسنلك وإلاّ!.
كانت عينيه تعانقها بعنف النظرات، لهفةً وأشتياق !
رغم ما بقلبه من غضب وعتاب ومحاسبة!
ولكنه بالنهاية رجلًا غرق بقلبه كاملًا في العشق !.
من أين له أن يعاتبها ويغضب وهو يجن شوقا ليأخذها بين ذراعيه ؟!.
تنهد أشهد بعمق وحاول أن يلجم غضبه بشتى الطرق :
_ من حقي اتكلم معاكي لوحدنا وأفهمك وأقولك كل حاجة !.
نظرت رقة بعينيه التي تعشقها، وقلبها يصرخ أن تنصاع لرغبتها المختبئة وترتمي بين ذراعيه باكيةً ومعاتبة، ثم تصفح وتغفر .. ولكن جرح كرامة الفتاة البريئة بداخلها أعمق أن تصبح بتلك السذاجة !..
ويبدو أن أشهد كان على قدر مخيف من الفراسة والفطنة وقرأ أفكارها بلحظة ! .. فقال بصوتٍ أظهر فيه حنينه قاصدًا التأثير عليها:
_ اللي بينا يستحق أنك تديني فرصة أفهمك .. لو أفترقنا هتكون أكبر خسارة لينا أحنا الأتنين!.
ابتلعت رقة ريقها بمرارة ولأول مرة تنهمر الدموع من عينيها بتلك الغزارة منذ صدمتها فيه، ومن شدتها لم تستطع كبحها !
حاولت أن تقول شيء .. لكنها اصبحت فجأة لا تجد الإجابات ! .. هي فقط تريد أن تلملم قلبها وتبتعد … نظرت له بعينان مغرورقتان بالدموع وفيهما عتابا مخيف جمده للحظات، ثم ابتعدت وأسرعت لداخل أتيليه بيلا ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
فتحت باب الغرفتان العلويتان من أتيليه بيلا اللذان لم تكمل بيلا أعدادهما تمامًا لإقامة رقة فيهما .. ولكنهما يكفيان الغرض للإنفراد بنفسها لبعض الوقت .. وقبل أن تغلق رقة الباب خلفها سريعا كانت يد أشهد تسبق قرارها !.
رجعت للخلف خطوتان بنظرة ظهرت خوفها بوضوح منه، أو بالمعنى الأدق من نفسها وها هما الأثنان بمفردهما ولا يفصلهما سوى خطوات بسيطة، واشتدت خطورة موقفها عندما دخل أشهد وأغلق الباب ووضع المفتاح بجيب جاكته الداخلي ..
ونظراته بها أحتواء وحنين جعلها في رعب أن تضعف وتغفر بتلك البساطة والسذاجة .. الأمر تراه ليس فقط أكذوبة .. الأمر بالنسبة لها ولقلبها البريء كارثي .. هي أحبت رجلًا بجنون ، وهو بدأ لعبته ليربح أشياءً أخرى لا يهم ما هي !
ولكنه لم يبدأ الطريق معها حباً ! .. وهذا الفارق والمؤلم الذي يعذبها !.
أشارت له رقة بتحذير كي يبتعد بيد ترتعش وقدمان تندفعان للخلف :
_ لو مطلعتش دلوقتي هصوت وألم الناس عليك!.
كانت هيبته خطرة ومخيفة، بدا أنه يملأ تلك الغرفة الصغيرة بوجوده وهيبته .. عدا عن رائحة عطره النفاذة التي تخترق أنفاسها بعنف ! ..
ولاحظت من سرعة حركته أنه بدأ يتعافى كليًا من إصابة قدمه إثر الحادث القديم، حتى أنه بدا رجلًا مفتولًا لا يعاني من أي شيء ! ..
ولدهشتها وجدته يخلع جاكته بابتسامة واثقة وكأنه نوى الجلوس هنا لبعض الوقت .. فقالت بضيق :
_ أنا قولتلك مافيش نقاش ما بينا !.
تركها تصيح مثلما تريد وتعامل بإرياحية وفك رباط عنقه ولا زالت عينيه تبتسمان لها باستفزاز !
أغمضت رقة عينيها بنفاد صبر ثم هتفت به :
_ مافيش داعي نعلي صوتنا هنا ونعمل مشاكل لبيلا !
القى أشهد جاكته ورابطة عنقه على أريكة قريبةً منه، ثم عاد ناظرا لها بنظرة ضيقة متسلية :
_ موافق .. شقتنا على بُعد خطوتين من هنا، تعالي معايا نروح ونتكلم هناك.
زمت رقة شفتيها بعصبية وهي تنظر لعينيه المتسليتان بإغضابها وصاحت بإندفاع ولم تحسب لحديثها حساب مع كرامته كرجل:
_ وهو في راجل يجبر واحدة تكمل معاه غصب عنها ؟! .. بقولك طلــ..
ولم يتركها تتابع هرائها هذا، واستطاع قطع المسافة بينهما برمقة عين وجذبها اليه بقوة أرهقتها وجعلتها تتنفس بسرعة عالية ناظرةً له بخوف .. فأقترب أشهد لها وقال بتصميم ونظرة ثاقبة لعينيها :
_ والله لو شاكك بنسبة ١٪ إنه غصب عنك ما كنت حتى هناقشك ! .. بس أنتي زعلانة .. وأنا براضيكي.
كانت رقة تلتقط أنفاسها بصعوبة وهي تنظر لعينيه بهذا القرب حتى ابتسم بعشق وهمس :
_ مش بعد ما خلتيني مجنون بيكي تبعدي وتمشي ! .. أنا مستعد اخسر أي شيء .. بس اكسبك أنتي!.
ابتلعت رقة مرارة بحلقها وقالت بدموع وعذاب :
_ كنت أنضف من إنك تلعب بيا اللعبة الرخيصة دي ! .. أنا لو سيبتك عمري ما هندم .. عارف ليه ؟
عشان صدمتي فيك وكلامك اللي شوفته وسمعته في الفيديو كسر ثقتي فيك للأبد .. الثقة الحاجة الوحيدة اللي ما بترجعش بالكلام يا أشهد ! .. لو فضلت تحلف وتوعد مية سنة جاية مش هتعرف ترجع البنت اللي حبتك من كل قلبها وسممت مشاعرها بكدبك وأنانيتك ! .. اللعبة دي أنت اللي بدأتها وأنت الوحيد اللي خسرت فيها !..
أنا كسبت نفسي من واحد أناني وخاين زيك !.
كانت كلماتها كالخناجر بقلبه، فظهر بعينيه خوف وحزن حقيقي عندما وضع يديه على ذراعيها وقال بقوة :
_ اقسملك بالله أني بحبك وماحبتش قدك ولا غيرك .. مش مهم أمتى حبيتك ، بس اللي واقف قدامك ده واحد فعلا مايقدرش يعيش من غيرك ! ..
أنزلت رقة يديه برفض كل ما يقول وقالت بسخرية بها لمحة حزن وحسرة:
_ أنت ما حبتنيش يا أشهد ! .. أنت طبعك كده !، اللي ما بتعرفش تطوله بيجننك ! .. أنت دلوقتي يمكن مقتنع بحبك ليا، بس الحقيقة هي إنك أناني ومابتحبش إلا نفسك ، بيجننك الرفض وبتحاول بكل الطرق تحوله لقبول ! .. ولقيت معايا سكة القبول هي إنك تقنعني إنك بتحبني !.. بس لأ ، أنا مابقتش ساذجة وغلبانة زي زمان ! .. وحتى ما بقتش أخاف من الصراخ والاصوات العالية ! .. لأني بقيت في كل لحظة عايزة اصرخ بكل قوتي ! .. شوفت أنت وصلتني لأيه ؟!.
هز أشهد رأسه رافضا ومصدوما فيما تقول .. ثم هزها من ذراعيها وصرخ فيها بغضب :
_ مين اللي فهمك وأقنعك بكده وسمم أفكارك بالشكل ده ؟! … أنتي لو فعلا نضجتي ومابقتيش ساذجة كنتي عرفتي تفرقي بين واحد بيحب بجد وواحد بيخدعك ! .. أنا مش محتاجك عشان أرضي غروري لو أنا فعلا مغرور وده طبعي ! .. انا قدامي الف واحدة يتمنوا نظرة مني ! .. يعني الشيء الوحيد اللي يخليني أتمسك بيكي هو أني بحبك بجد ! .. ايه الغلط في اني أحب مراتي واتمسك بيها وأرفض قرارها الغبي بالطلاق ؟!.
صاحت به وهي تبك غاضبة:
_ أنت من البداية كنت بتكدب عليا !.
اعترف أشهد بعصبية :
_ آه في الأول كدبت بس حبيتك ! .. غلطت بس فعلا حبيتك ! .. والفيديو حقيقي وقولت كده فعلًا، وساعتها برضه كنت حبيتك !، لكن كنت خايف أقول واعترف .. تجربتي مع نهال خلتني ما اثقش في حد بسهولة!.
قالت رقة بعدما عذبها بتصريحه :
_ تجربتك مع نهال أنت لسه ما اتخطيتهاش يا أشهد ولسه بتحبها ! … وأنا لا يمكن أسمحلك تعاملني كبديلة تنسى بيا واحدة تانية ! ..
وقبل أن يصب غضبه عليها بكت رقة بقوة واستدارت واستندت بيدها على نافذة الغرفة .. حتى شعرت بأصابع تلمس كتفيها كمن الأعلى برقة شديدة وصوتً يهمس لها قائلًا بدفء وعاطفة:
_ رقة .. أنا عمري ما أترجيت حد في حياتي، ولا حتى اترجيت نهال ترجعلي .. بس أرجوك سامحيني وسبيني أثبتلك كلامي وحبي ليكي .. سبيني أثبتلك أنك الأنسانة الوحيدة اللي حبيتها في حياتي .. واللي قبلك كان ولا حاجة ! ..
واستطاع أشهد أن يديرها ويجعلها تنظر له بعينيها الغارقتان بالدموع .. وأكد بنظرة عاشقة لها وصوت هامس :
_ حبي ليكي حب حقيقي، مابيجيش غير مرة في العمر، مش هتنازل عنه ولا مستعد أخسره .. مش متخيل واحدة غيرك معايا في اللي جاي ! .. سبيني اثبتلك، كل اللي عايزه منك تصبري وما تتسرعيش وتبعدي عني ! … في أيام حلوة كتير أوي مستنيانا.
نطقت بإندفاع لم يقبله قلبها ولا حتى عقلها :
_ ولو صممت على الطلاق يا أشهد ؟!
كانت تريد أن تعرف ردة فعله وأن كان صادقا أو كاذبا ونال مراده بالتأثير عليها .. وصدم أشهد من سؤالها المتمرد وتملك منه غضبا مخيف !
ودفعها على الأريكة بعنف واقترب منها متوعدًا بعينيه التي امتلأت بنظرات غاضبة حد الخطر :
_ لو صممتي تطلقي مش هتشوفي يوم راحة ! .. واللي هيقرب منك هدمره، ما هو أنا مش هتعذب لوحدي !… وبالنسبة لموضوع شغلك في الحملة فكده كده مرفوض .. أنا مراتي مش فرجة لعيون الناس ينهشوا بعنيهم في كل حتة فيكي !.. وبرضه طلاق مش هطلق!.
نظرت له رقة بدهشة ولعينه التي ظهر فيهما الأرهاق والحزن والعذاب ، ثم دفع أحدى المقاعد بقدمه في عصبية وخرج من المكان .. وجلست رقة صامتةً ناظرة للباب الذي خرج منه منذ لحظات وعاصفة تجتاح قلبها بعنف !
حتى باغتها إتصال على الهاتف الأرضي بالغرفة، وقطع سيل افكارها وانتفضت … وبعدما أجابت وهي تظن أنه هو وجدت صوت شهد الغاضب وهي تقول :
_ بقا كده يا رقة ! .. بتكدبي عليا ونفذتي اللي في دماغك برضه وأشتغلتي موديل !.
وجدت رقة نفسها تقول :
_ لا يا شهد .. أنا تراجعت وهسيب الحملة .. هخليني في التصميمات بس .
شكت شهد بالأمر فأقسمت لها رقة بأنها صادقة .. فقالت شهد بإرتياح مع فضول شديد ولهفة :
_ طب الحمد لله .. وقوليلي بقا ، حصل ايه مع أشهد ؟
ارتبكت رقة ولم تعرف بماذا تجيب !..فقالت :
_ اتفقنا نأخر موضوع الطلاق شوية .. على الأقل بعد خطوبتكم أنتي وحازم.
صمتت شهد للحظات بعدما انتابها اليأس للوهلة الأولى، لكن مع توتر صوت رقة تساءلت بابتسامة ماكرة :
_ يعني مابقتيش مصممة على الطلاق يعني ! .. عموما أنا برضه متفائلة ، ماهو مش من أول مرة هيعرف يلين دماغك اللي بقا زي الحجر ده !..
ابتلعت رقة غصة متكورة بحلقها وهي حقا لا تفهم ماذا يحدث وقالت بنفاد صبر :
_ أنا هقفل عشان مصدعة شوية يا شهد .. مع السلامة.
ولم تنتظر رقة رد شهد واغلقت الهاتف وهي تسرع للغرفة الأخرى وارتمت على الفراش بحالة شديدة من الصمت ويتزامن أمام عينيها ما حدث بآخر ساعة قد مرت !.
وختمت صمتها ببكاء ودموع أغرق وسادتها، وظلت هكذا كثيرا ثم أخذت رداء نوم فضفاض ودخلت الحمام لتأخذ دشا دافئ منعشا ..
وبعد دقائق كثيرة خرجت وهي تحمل رداء السهرة الذي حمل ذكرى تعيسة لن تنساها أبدًا والقته على أطراف فراشها .. وتابعت تجفيف شعرها القصير الذي يتساقط منه الماء بغزارة .. حتى انتبهت رقة لصوت الراديو بوضوح!
انكمشت ملامحها بتعجب، فهي لم تفتح إرسال الراديو من الأساس! .. وشكت بأن تكون قد فتحته دون انتباه منها ، فخرجت برداء نومها الطويل للغرفة الأخرى .. حتى تسمرت عندما وجدت أشهد ممددًا على الأريكة وغارقا بالنوم وبجانبه جهاز الراديو مفعلًا !.
صدمت وتجمدت للحظات وانتبهت من صوت أنفاسه الهادئة ومظهره المرهق أنه بالفعل غارقا بالنوم .. وجدت رقة نفسها تقترب بخطوات منفعلة ولكن حينما وجدته بحالة إرهاق شديدة ترددت في إيقاظه وتوترت!.
وعندما قررت اقتربت منه وحاولت بلطف إيقاظه، ولكنه فتح عينيه ببطء ثم ذهب في سُباتً عميق مرةً أخرى، نظرت له بابتسامة شقت ثغرها رغما، وأنتابها لهفةً خفية في تخلل أصابعها بأطراف شعر رأسه .. وقررت التجربة بتردد ووضعت أصابع يدها على رأسه ومررتها برفقا شديد، كأنها تعامل طفلا صغيرًا … أشتدت أبتسامتها بعاطفة عذبتها وهي قد قررت الأنفصال عن هذا الرجل الذي تعشقه بجنون ..
فتح أشهد عينيه ونظر لها بدفء وابتسامة للحظات ثم غاص بالنوم مرةً أخرى وبعمق .. وبعدما صعقت رقة من نظرته وقفت مبتعدة عنه .. وحمدت أنه غرق بالنوم سريعا بعد هذا الأكتشاف المحرج لها !.
واندفعت نحو غرفتها واغلقتها عليها طيلة الليل ..
وخاصم النوم جفونها لساعاتٍ طويلة، وكيف تغفو وهو على بُعد خطوات قليلة منها ! .. وعند الفجر قررت أن تعد لنفسها مشروبا دافئ يؤنس وحدتها ويقظتها هذه .. ولكن عندما ارتدت حجابا خفيفا وخرجت من الغرفة متوجهة للزاوية الصغيرة المخصصة لأعداد الطعام بالغرفة الأخرى … وجدت أشهد واقفا وأزرار قميصه العلوية محررة ويُعد لنفسه فنجان من القهوة ! ..
وما أدهشها تلك البهجة التي تملأ وجهه والابتسامة التي تملأ عينيه قبل وجهه !…وبدا وسيما لدرجة مدمرة رغم أطراف التشوه الذي ظهر بمقدمة صدره من فتحة قميصه المفتوح .. ورغم ذلك مظهره قادر على سلب قلب أي امرأة هذا الرجل المخادع !.
وخاصم النوم جفونها لساعاتٍ طويلة، وكيف تغفو وهو على بُعد خطوات قليلة منها ! .. وعند الفجر قررت أن تعد لنفسها مشروب دافئ يؤنس وحدتها ويقظتها هذه .. ولكن عندما ارتدت حجابا خفيفاً وخرجت من الغرفة متوجهة للزاوية الصغيرة المخصصة لإعداد الطعام بالغرفة الأخرى … وجدت أشهد واقفاً وأزرار قميصه العلوية محررة ويُعد لنفسه فنجان من القهوة ! ..
وما أدهشها هي تلك البهجة التي تملأ وجهه والابتسامة التي تغرق عينيه قبل وجهه !…وبدا وسيمًا لدرجة مُهلكة رغم أطراف التشوه التي ظهرت بمقدمة صدره ومن فتحة قميصه المفتوح تقريبًا .. ورغم ذلك مظهره قادر على سلب قلب أي إمرأة هذا الرجل المخادع !.
ارتبكت وشعرت بشيء من الخطر بإنفرادهما معاً، ابتلعت رقة ريقها بتوتر وحاولت أن تتحلى بالثبات والتحكم أكثر من ذلك، لا سيما أنها باتت كالكتاب المفتوح له .. يستطيع أن يقرأ فقراتها وسطور أفكارها بلحظة!.
فقالت بجدية وهي تعقد ذراعيها حولها لتبدو أكثر جدية وصلابة:
_ بعد ما تشرب قهوتك لو سمحت أمشي .. ما يصحش نفضل إحنا الأتنين في مكان واحد طول الليل !… أنا سيبتك من كام ساعة عشان كان باين عليك تعبان ومرهق وتايه في النوم .. فمحبتش أزعجك .. لكن وجودك هنا غلط!.
استدار لها أشهد ببطء شديد، وكأنه يقصد إرباك عواطفها وإضعاف مقاومتها المزيفة عندما رماها بأجمل ابتسامة لديه التي لم تخلو من المكر أيضاً:
_ أنتي مراتي .. وأنا جوزك !.
تنفست رقة وتحاشت النظر له للحظات وكأنها تستجمع قوتها لتجابهه:
_ أحنا آه مكتوب كتابنا يا أشهد، لكن لسه مدخلتش بيتك وما أجتمعناش تحت سقف بيت واحد!… يعني أحنا دلوقتي في حكم المخطوبين .. وما تنساش أني طالبة الطلاق!.
رغم رفة الغضب التي ظهرت بعينيه إلّا إنه تحكم وعاد لهدوئه سريعا، وبعدها التفتت وأنتهى من إعداد قهوته .. ولاحظت رقة أنه لم ينساها وأعد لها فنجانا معه .. وبعدما أرتشف من فنجانه وعينيه ناظرة لعينيها بعمق وثبات، ابتلع أشهد ما بفمه وقال بابتسامة راضية :
_ أقولك حاجة، عارفة الكام ساعة اللي نمتهم هنا .. بقالي كتير أوي ما نمتش زيهم ..
وتجولت عيناه بالأرجاء بنظرة سريعة شملت كل زاوية وعاد ناظرا لها بنفس ابتسامته التي تسرق قلبها بلحظة :
_ راحة وأمان ودفا .. هو ده بالضبط اللي محتاجه.
تطلعت فيه وودت لو تسأله عما يقصده فقالت بمراوغة :
_ للأسف بيلا محتاجة المكان ده لإنه تبع الإتيليه ..
وضع أشهد فنجان قهوته جانبًا واقترب منها بلحظات لم تشعر بهم من شدة توترها، وعندما وقف أمامها رفع وجهها إليه بعدما هربت بعينيها منه وقال بنظرة عاشقة :
_ أنا مش محتاج المكان، أنا محتاجلك أنتي، أنتي اللي بتملي أي مكان راحة وحب ودفا وأمان … رغم كل اللي حققته وكل نجاحي في شغلي بس مكنتش من جوايا مطمن ! .. مطمنتش وسلّمت وحبيت بجد غير معاكي ..
احتدت نظرتها وادمعت عيناها وهي تهتف به بنظرة نارية :
_ بأمارة الصور اللي كانت بتنزلها نهال على صفحتها وأنت معاها ! .. لا وكلامك وردك عليها اللي ما يقولش حاجة غير إنك لسه بتحبها ومافيش أي واحدة هتاخد مكانها ؟!.
ابتسم أشهد بدفء وهو يقترب لها أكثر وقال بخبث مردد تلك الجملة التي قد علّق بها على صورة نهال بصفحتها الإجتماعية :
_ مع هذا الفراق هناك بداية جديدة لا فراق فيها … أعدك يا صغيرتي العنيدة .. العنيدة جدًا ..
وتعمقت نظرته بعينيها وهو يشبك أصابعه بأصابعها في عاطفة شديدة وهمس :
_ هو في عنيدة غيرك؟! .. كنت عارف إنك مرقباني وحبيت أوصلك أنتي الرسالة .. وزي ما خططت حصل ووصلتك.
لم تقتنع رقة وقالت بعصبية وهي تسحب يدها من قبضته :
_ ورجوعك ليها ومقابلاتكم كانت رسالة برضه ؟! .. لأ مش هصدقك ومش هتعرف تضحك عليا تاني.
نظر لها أشهد بحدة .. بينما أضافت رقة بشراسة :
_ اللي سمعتني الفيديو بتاعك كانت واحدة من اللي بتعرفهم عشان تنسى نهال .. لكن هي طلعت أذكى مني وسابتك قبل ما تسيبها .. كل كلامها ينطبق عليك، أنت بتحب اللي تعذبك عشان كده معرفتش تنسى نهال مهما عرفت غيرها !.
غضب أشهد ورد عليها قائلًا :
_ أنا مرجعتش لنهال أفهمي بقا! .. أنا أوهمتها بده عشان الاقيكي وأحميكي من شرها أنتي ما تعرفيهاش ! .. والدليل أني كنت صح لما ظنيت أن نهال خططت وعملت كل ده عشان تتحكم فيكي وتبعدك عني!، تلعب بطموحك شوية، وبرغبة أنتقامك مني شويتين تلاتة، وبعدين تستغل الفرصة عشان ترجعلي، وأنا اوهمتها أني رجعتلها عشان اسيطر عليها وأبعدها عنك! … وعشان عارف أنك هتغيري وهتظهري .. وأنا كنت هتجنن وألاقيكي!.
سخرت رقة وقالت بعصبية :
_ وأنا بقا الغبية اللي هتصدق الكلام ده ؟!
رد عليها أشهد بغضب وهتف :
_ أنتي ما تعرفيش نهال ولا تعرفي شرها ممكن يوصلها لإيه !… مكنش قدامي غير الحل ده .. وبعدين اللي سمعتك الفيديو دي مين أصلًا ؟! أنا ما دخلتش في أي ارتباط بعد نهال ولا كنت فاضي اتعرف على حد!.
أجابت رقة وهي تشعر بتيهة شدية غارقة بها :
_ واحدة جت قالتلي االي سمعته من والدتك قبل كده، واللي أخوك معرفش يكذبه لا في الفيديو ولا لما سألته !.
ادرك أشهد أن كثرة الناقش لم تعد تجدٍ نفعا معها فسألها بأنفعال :
_ أنتي عايزة إيه بالضبط يا رقة ؟ .. وما تقوليش الطلاق !، لأني عارف أنك بتحبيني زي ما بحبك ومن جواكي مش ده اللي أنتي عايزاه ؟!.
اعترفت رقة ببكاء :
_ أيوة بحبك يا أشهد بس ثقتي فيك ضاعت .. هكمل معاك أزاي بكل الشك اللي جوايا ده ؟! .. مش ده اللي كنت بحسه معاك !، أنت لو تعرف أنت كنت بالنسبالي إيه وبقيت إيه هتزعل على نفسك أوي! .. وغصب عني مش عارفة ارجع اثق فيك من تاني! .. رغم كل اللي قولته واللي ممكن تقوله .. عشان كده عايزة أبعد.
هز أشهد رأسه رافضا كل ما قالته وهدر صوته بعنف :
_ مش هتبعدي ومش هطلقك ومش هسمحلك تمشي !.. وهنتجوز خلال الشهر ده ودعوات الفرح هتتوزع في خلال ٢٤ ساعة .. ولو اعترضتي يا رقة رد فعلي هيكون قاسي أوي عليكي .. وما تنسيش أن أخويا وأختك مخطوبين تقريبًا ..
دهشت رقة وقالت :
_ تقصد ايه ؟! .. أنت بتهددني ؟! ..
أجاب بنظرة نارية :
_ أنتي ليا وهتفضلي ليا .. ولو سيبتك لدماغك كل حاجة هتضيع ، يبقى استوب بقا والقرار ليا لوحدي .. وبما إنك هنا عند بيلا فشقتنا اللي في نفس المكان أولى بيكي .. أنتي مش أي حد عشان تقعدي عند الناس شفقة !.
غضبت وصاحت بوجهه :
_ أنا مش قاعدة هنا شفقة وخلي بالك من كلامك معايا يا أشهد ! .. أنا قاعدة هنا وبدفع ايجار المكان من شغلي مع بيلا ، والشقة اللي بتتكلم عنها دي شقتك لوحدك .. والفرح اللي هتوزع دعواته شوفله عروسه غيري تناسبك .. أنما أنا خدت قراري.
ضغط أشهد على نواجذه بغضب شديد ثم قال بتهديد :
_ القرار قراري أنا .. وعروستي مش هتكون واحدة غيرك أنتي ، وبما إنك هنا عند بيلا فهيكون الأمر أسهل أنكم تجهزوا فستان الفرح بسرعة .. ولو ده محصلش يا رقة ساعتها بس هتشوفي أشهد تاني خالص مكنتش عايز أخليكي انتي بالذات تشوفيه.
وظلت ناظرة له بذهول، بينما هو ارتدى جاكته وأغلق أزرار قميصه المحررة والقى عليها نظرة غاضبة أخيرة وخرج من المكان !.
وجلست رقة على أحد المقاعد وابتلعت ريقها ببعض الخوف من الآت ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
ظل كريم يطرق على غرفة نهال بقصرهما محاولًا أن يرها بعدما صبت غضبها على الجميع عقب ما حدث وأخذ أشهد زوجته أمام الجميع غير مكترثا بمخلوق بما فيهم هي !.
بينما نهال كانت تلقي بفمها المشروب الكحلي كأسا بعد كأس وباليد الأخرى سيجارتها المشتعلة التي تتطاير منها الأدخنة الضارة .. خلافا عن وجهها الغارق بالدموع وكحل عينيها الذي انتثر أسفل أهدابها السفلية من كثرة البكاء ..
وهتفت بصراخ كي يتركها وشأنها :
_ سيبوني في حالي بقا يا ولاد الـ…
وتلفظت بأبشع الشتائم، وحاول كريم أن يبتلع ذلك التوبيخ مشفقا على حالتها الهيستيرية .. وقال :
_ يا نهال لازم نتكلم !.
وضعت نهال يدها على أذنها وصرخت ببكاء وأنهيار :
_ مش عايزة أشوف مخلوق سيبوني لوحدي !.
وبعدما انسحب كريم من أمام غرفتها بيأس دخلت نهال بموجة عنيفة من البكاء والحسرة وهي تقول :
_ فيها إيه أحسن مني ؟! حب فيها إيه ؟ .. يعني ده كله كان بيخدعني وبيكدب عليا عشان يلاقيها؟!، يعني كان بيضحك عليا لما وعدني إننا هنرجع ؟! .. لا مستحيل، مستحيل أشهد يعشق واحدة غيري أنا، أشهد ليا أنا وبس .. وطول عمره كان ليا لوحدي، لأ .. هو اكيد في حاجة غلط، اكيد هيرجع ويفهمني اللي حصل !.
حاولت نهال أن توهم نفسها بهذا الأمر وبالكاد بدأت تهدأ تدريجيًا .. وبعدها أخذت هاتفها واتصلت برقمه ولم تستطع الأنتظار حتى الصباح !.
ولكن أتتها الصدمة عندما سمعت صوت أنثوي يجيب بحدة:
_ الو ؟
تملكت من نهال الدهشة وقالت :
_ أنتي مين ؟ .. مش ده رقم أشهد ؟!
كتمت رقة غضبها وهي تعرف من المتصلة بواسطة رقمها المسجل باسمها على هاتفها الذي قد نساه عندها .. ثم أجابت بعصبية :
_ أنا مراته أنتي اللي مين ؟!
ورغم معرفة رقة بأنها نهال ولكنها راوغت بمكرها الانثوي وكأنها لا تعرف ! .. وهنا أغلقت نهال الاتصال وجسدها يرتجف من الغيرة والغضب ، بهذا الوقت من الليل وهو لا زال معها !! .. وما كان منها أنها بدأت بتحطيم كل ما تطاله يدها مثل عادتها عندما تغضب !.
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وبالصباح استيقظت شهد بمزاج سيّ بعدما أخبرت حازم عن قرارها بعدم اكتمال الخطة بينهما .. أو بالأدق بعثت له رسالة بذلك ! .. والغريب أنه لم يهتم أن يتصل بها ليفهم ما حدث ! .. تنهدت بضيق وشعرت بندم وتسرع بقرارها .. ريثما بعدما اكتشفت أن شقيقتها قابلت زوجها بالأمس وأتفقا على التأجيل ! .. فقالت شهد وهش تنهض :
_ مكنتش عارفة اصبر ساعة واحدة ! .. طب ورقة واشهد اللي متفقين يأجلوا عشان خطوبتنا أنا وحازم ؟! .. ده كده هيطلقوا من بكرا !… طب أقول لحازم إيه دلوقتي وهو حتى معبرنيش وأتصل !.
نهضت تعد لنفسها كوب من النسكافيه ولكنها أكتشفت فراغ العلبة ! .. فزفرت بغيظ وقالت :
_ كنت ناقصة ده كمان !… هروح السوق بالمرة أجيب شوية حاجات وأعمل شوية حلويات لرقة وأروحلها.
ارتدت شهد ملابسها واستعدت للخروج .. ثم أخذت هاتفها وحافظة نقودها وخرجت من المنزل وذهبت للسوق.
ولكن فجأة رأت شوقي يقف مع بعض الرجال، فتملّك منها الغضب ورمته بنظرات محتقرة، وبعدها انتبهت لهمهمات من أحد رجالشوقي الذي كان تقدم لخطبتها سابقا وهو يسخر منها، فأغتاظت منه ورفعت هاتفها وأجرت اتصال هاتفي على خطيبها المزيف الضابط حازم ..
وأجاب الآخر بعصبية وهو بمكتبه وكاد يستعد للخروج لبعض المهام:
_ عايزة إيه أخلصي!
ابتسمت شهد ابتسامة مستفزة وهي تقترب وتقف أمام شوقي ورجاله جميعهم قائلة بصوتٍ عالٍ:
_ أيوة يا أرنوبي.
رفع حازم حاجبه بدهشة مما قالته حتى تابعت شهد باستفزاز:
_ ايوة ايوة معاك.. بتقول إيه؟
رد عليها حازم بغيظ:
_ بقول ربنا ياخدك وأخلص من عبطك .. بقا أنا أرنوبك؟ لما أشوفك هعرفك مين فينا هيبقى أرنوب!! وبرضه هنتجوز.. وهعتبر نفسي ما شوفتش رسالتك المستفزة بتاعت امبارح .. المهم خطوبتنا تتم.
ضحكت شهد وتابعت كذبتها وقالت:
_ أيوة ما تقلقش.. والله ما حد يستجرأ يبصلي بصة .. بتقول ايه؟ … هتولع فيه وهتشويه!
لا بلاش عنف يا حازم اهدى ارجوك مش كده ..
قال أحد الرجال هامسا لشوقي بخوف:
_ ده هيولع فينا ويشوينا!! … هنتحط على الجريل يا كبير!
ضغط شوقي على نواجذه بغضب حتى تأوه من الم فكه المصاب من فرط الضرب الذي تلقاه من هذا الضابط المجنون .. وقال وهو يخفي توتره:
_ ولا يهمك ياض .. خليك واقف جانبي.
وضيق حازم عينيه بمكر وفهم أنها لربما تجري مسرحية أمام أحدهم فقال:
_ أنتي فين يابت؟!
اغتاظت شهد من كلمته ولكنها تظاهرت بالضحك وأجابت:
_ في السوق… وسلام بقا، هشتري بطيخة وارجع اكلمك.
وانتهت المكالمة التي تركت حازم ينظر للهاتف للحظات ساكنًا واتسعت ابتسامته حتى وصلت لضحكة عالية ثم قال بخبث:
_ يا بت الكيادة!
وبعدها قال بمحبة:
_ بس شقية ومجنناني.. وأنا بحب كده.
ارتسمت الابتسامة على وجه شهد طوال بقائها بالخارج.. فقد اقتصر عليها الشرح والتوضيح وكثرة النقاش والتبرير ..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
وبعد مرور يومان فقط
استلمت رقة دعوة زفافها وهي جالسة بجانب بيلا بالغرفتان العلوية!
فنظرت لها بيلا بدهشة وقالت:
_ ده معقول ده؟! .. هيعمل فرح غصب عنك؟!
نظرت رقة للدعوة ولم يبدو عليها الانفعال نهائيا .. ثم قالت بهدوء:
_ أنا كلمته وقولتله يجيلي ومجاش، ولما بعتله التليفون مع السواق وصلتله الرسالة دي وانا عارفة انه مش هيجي برضه.
تعجبت بيلا من الهدوء الواضح على رقة وعدم أنفعالها أو غضبها وتساءلت باهتمام:
_ وهتعملي إيه؟
تنهدت رقة بعمق واشتدت نظرة التيهة بعينيها وأجابت:
_ مش عارفة .. مش عارفة أفكر.
لاحظت بيلا مدى الخوف والحيرة على وجه رقة فحاولت أن تغير دفة الحديث وقالت بابتسامة واسعة وهي تفتح علبة هدايا مغلفة بعناية:
_ طب سيبك بقا من كل ده وقوليلي رأيك في السلسلة دي؟
نظرت رقة للقلادة وابتسمت بإعجاب قائلة:
_ تجنن.. ده ذوق كريم صح؟
ضحكت بيلا وقالت:
_ لا مش كريم .. دي ذوقي، كل سنة وأنتي طيبة يا حبيبتي.. النهاردة عيد ميلادك، أخدت بقالي من فترة وحضرتلك هديتك.
تفاجئت رقة بالأمر، ريثما أنها لم تحتفل مسبقا بيوم مولدها .. وفجأة تحول وجهها وظهر عليها الحزن!
المرة الأولى التي كانت ستحتفل به كان معه!
وحاولت رقة أن تخفي حزنها وتبتسم لصديقتها بيلا بشكر وأمتنان وتقبلّت منها هديتها الثمينة بعناق ودود… ثم خرجت بيلا تتابع عملها، وظلت رقة جالسةً شاردة وزائغة العينان بحزن وحنين…
حتى مر عليها الوقت دون أن تشعر! .. وارتجفت من الحنين والبردة أيضا التي اقتحمت آخر أيام الصيف وتناوبت مع بعض الامطار الخفيفة بالأيام القليلة الماضية ..
بينما اليوم أتى المطر بكامل هيبته فجاة!
ومن خلف النافذة الزجاجية التي يتساقط عليها المطر بغزارة، نظرت رقة لذلك المبنى بنظرة معذبة وشعور قاتل بالحنين .. اليوم يصادف يوم مولدها!
كان هناك اتفاق بينهما وخطة مسبقة لقضاء هذا اليوم معا، ولولا ما حدث لكانوا الٱن زوجان يقضيان أسعد أيام حياتهما، كل شيء حولها ساكنا هادئا إلّا قلبها!!
يصرخ ويتوجع ويشتاق رغما!..
دفعها ذلك الشعور بأن تسرع للخروج من هنا والذهاب لتلك الشقة، التي للٱن تمتلك مفتاحها الخاص الذي أعطاه لها ذات يوم!… ودون أن يرها احد تسللت للداخل ودخلت المصعد لشقة الطابق السادس!.
وعندما خرجت من المصعد وقفت تنظر لباب الشقة المقفول وهي تبتلع ريقها وتلهث برجفة! .. عنفت نفسها لذلك الضعف الذي أتى بها لهنا وحاوط قلبها من جديد .. لكنها أتت على كل حال.
ترأف بقلبها قليلًا وتلتقط أنفاسها، لتستطيع مواصلة الطريق في الأبتعاد وخلاص قلبها من الألم والشك!.
ولحظات وكانت فتحت الباب بمفتاحها الخاص ودخلت بخطوات بطيئة ورجفة انتشرت بجسدها كاملًا .. ولم تتوقع للحظة واحدة انه سيكون بالداخل.
والاسوأ أنه يحتفل بمفرده بيوم مولدها ويضيء الشموع ناظرا لصورتها على الحلوى بألم وأفتقاد قاتل.
وكأنها بمعجزة خرجت من صورتها على الحلوى واصبحت روحا حية أمامه!.
تجمدت رقة عندما تشاكبت نظراتهما وشعرت بزلزلة داخل قلبها، ثم وبلحظة اندفعت راكضة لتهرب من أمامه .. ولكنه كان أسرع منها واستطاع أن يقبض على معصمها ويغلق باب الشقة عليهما.. و
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية كسرة وضمة وسكون)