رواية بيت البنات الفصل الحادي عشر 11 بقلم أمل صالح
رواية بيت البنات الفصل الحادي عشر 11 بقلم أمل صالح
رواية بيت البنات البارت الحادي عشر
رواية بيت البنات الجزء الحادي عشر
رواية بيت البنات الحلقة الحادية عشر
– هنعمل لبسملة جلسة، أغمى عليها وإحنا قاعدين فجأة وتقريبًا بسبب الحساسية اللي عندها، بس دي أول مرة يغمى عليها بالشكل ده!!
بلل حلقه وهو يتحدث أخيرًا بعد أن ترك صدمته جانبًا ليترك للقلق راحته في احتلال قسمات وجهه: وبسملة عاملة ايه دلوقتي يا بسنت؟؟ وسبب حالتها ايه.
ظهرت الحيرة في عينيها وهي تجيبه: هي فاقت عادي بس كان شكلها قلقان وخايف، مردتش على حد ولا قعدت معانا.!
تنهدت وهي تحرك رأسها بينما تنظر للفراغ بإصرار: بس أنا هعرف إن شاء الله عشان واضح ان في حاجة قلقاها وهي مش على بعضها أصلًا من فترة.
جاء سامر من الخلف يحمل الجهاز بين يديه، دفع مجد عن الباب ليقف هو أمامها قائلًا ببسمة تكاد تصل لأذنيه: الجهاز السكر لشبيهته، خُدي ياست بوسي ومن غير شكرًا إحنا ولاد أصول برضو ونفهم في الرجولة.
كان حديثُه غير مرتب وعشوائي بدرجة كبيرة جعلت كلًا من مجد وبسنت يطالعونه بدهشة، انتشلت بسنت الجهاز من بين يديه بسرعة والتفت لتصعد لبيتهم وهي تتمتم مع نفسها بعدمِ فهم لأفعال إبن عمها … اللطيفة!
أما بالأسفل، عقد مجد ذراعيه أمام صدره وهو ينظر لسامر الذي رفع رأسه للسلالم التي صعدت عليها، تحدث وهو يهبط بكفه على مؤخرة عنقه: ما تروح يا سامر تجري وراها، روح يا جدع خُدها بالاحضان!
إبتسم سامر وهو يغلق باب الشقة يجيبه بلامبالاة لذلك الألم الذي تسببت به ضربة مجد: دا يوم المُنى والشهد و…
هبط مجد بكف آخر أقوى من الذي قبله وهو يسترسل من بعده بغيظ: والعفاف والمنال، كل دول نسوانَك اللي بتيجي تحكيلنا عنهم، لو نسيت أفكرك يا قلب أخوك.
رمقه سامر بغضب وهو يجيبه بحدة: ما تخف إيدك دي شوية يا جحش أنت، بعدين منال وعفاف دول شخصيات من وحي خيالي البسيط جِدًّا..
ارتمى بجسده فوق الاريكة وهو يتابع شارحًا له ببساطة: منال مثلًا صديقة احزاني ومخففة همومي، أما عفاف فدي اللي بتزغرطلي كل ما بعمل اي إنجاز وتقولي أشطر كوتي كوتي في الدنيا.
كان مجد يستند على الجدار أمام ذلك الذي يقص عليه مغامراته الخيالية مع تلك الشخصيات الوهمية، ابتسم مجد بسخرية وهو يقترب ليجلس أمامه: ومنى وشهد عندهم علم بالكلام ده!
استرسل بجدية وهدوء محذرًا إياه: طب عشان بس نبقى دوغري وواضحين، بسنت بنت عمك الكلام معاها يبقى في حدود أخ واخته والكلام العبيط اللي بتهلفط بيه ده نلم دوره شوية، عايزها يبقى تتكلم مع عمك وتبعد عنها لحد ما تسمع رده، عشان ورب الكعبة يا سامر لو لمحتك واقف معاها ولا بتعمل اللي بتعمله ده هفشف دماغك.
اعتدل سامر بغضب من تلك اللهجة التي يحادثه بها ليرد هو الآخر بنبرة عالية: وأنت يعني شوفتني جيت جنبها؟؟ بعدين أنا بالفعل كنت هكلم عمي الأسبوع اللي فات لولا اللي حصل وظروفهم، وطارق وماما عارفين الكلام ده، أنا ولا عملت عيب ولا حرام!!
رفع مجد حاجبه الأيمن وهو يردد من بعده: ماما وطارق عارفين؟؟ أسقفلك يعني ولا اعمل ايه؟؟ لما أبوك وأبوها يبقوا عارفين ويبقى فيه كلام واتفاق محدش هيقولك تلت التلاتة كلام، إحنا اتربينا إن بنات عمك دول اخواتنا فأنا بكلمك دلوقتي على أساس إني اخو بسنت مش أخوك.
زفر سامر بضيق وعاد ليستلقي فوق الاريكة: طيب ماشي، فكك مني بقى!
وقف مجد وتركه وعاد لغرفته ليفكر ما الذي سيفعله الآن، لا يمكنه إخبار عمه فلو فعل سيزداد الأمر سوءًا، ولا يمكنه كذلك أن يتغاضى عن أمر ذلك الشاب وكأن شيئًا لم يكن!
كان قد قرر أنه سيتحدث معها اليوم ولكن جاء أمر مرضها كسد منيع لم يسبب له سوى القلق!
أمسك بهاتفه وفتح تطبيق “الواتساب” ومنه لإحدى المجموعات والتي كان عنوانها “العيلة”، كانت مجموعة تضم أفراد العائلة جميعًا بما فيهم الآباء، أخذ رقمها من تلك المجموعة وأرسل لها أول رسالة في المحادثة بأكملها.
فلم يسبق له وأن تحدث مع أي من بنات عمه في شيء خاص، جميع أحاديثهم كانت في تلك المجموعة المخصصة لخططهم بالتجمع أو السؤال عن شيء.
بعث لها بعد تردد كبير “بسملة”، رأت الرسالة وقد علم هذا بعد أن رأى زرقة العلامة بجانب الرسالة، انتظر لحظة .. ثانية .. دقيقة .. عشر دقائق ولم تجب! ما الذي تفعله الآن بحق؟!
” ما تردي!!”
بعث بأخرى وهو يشعر بغضب لذلك التجاهل، فهي المخطئة وهي من تتجاهل الآن! يالا وقاحتها.!
تطلعت بسملة إلى تلك الرسالة التي أرسلها لها وقد علمت مدى غضبه منها، قرأتها بصوته الغاضب وكأنه يقف أمامها يصرخ بها كما فعل سابقًا.
أغلقت الهاتف نهائيًا وأرجعت رأسها للخلف تستند على السرير خلفها، تفكر لما أوقعت نفسها بتلك المصيبة؟!! كيف انسابت خلف رغباتها وتناست عواقب فعلتها؟! والأهم من كل هذا كيف ستخرج من هذا المأزق، من ناحية مجد وشعورها بالتهديد من ناحيته ومن ناحية أخرى والدها وعقابه لها.
بينما كانت تفكر اندفعت بسنت للغرفة وهي تحمل الجهاز بين يديه، وضعته جانبًا وهي لازالت تبتسم بسبب حديث سامر.
نظرت لبسملة التي لم تفتح عينها حتى عندما دخلت، اقتربت منها بهدوء وجلست أمامها: بسملة.
اعتدلت بسملة تضم قدمها التي كانت تفردها على السرير وهي تفتح عينها ترد عليها ببرود: نعم!
ابتسمت بسنت بحنو وهي تربت على قدم الأخرى: مالك يا بسبوسة؟؟ إيه اللي مزعلك كده؟
رفعت أكتافها وحركت رأسها: مالي! ولا زعلانة ولا حاجة أنا بس هبطت عشان الكهربا كانت قاطعة والجو كان حر.
نفت بسنت وهي ترفع هي الأخرى قدميها عن الأرض لتكون بمواجهتها: مش عليا أنا الكلام ده..
أشارت على نفسها مسترسلة: أنا نصك التاني يا بسملة، كل حاجة بتحسي بيها بحس نفسها حتى ولو بدرجة قليلة..
تنهدت بسملة وهي تشيح بوجهها بعيدًا: ولا فيا أي حاجة، زي الفل قدامك اهو يا بسنت، ماتشغليش بالك.
ضيقت بسنت عينها وهي تطالعها بشك قبل أن تتحدث بنبرة حزينة: لأ يا بسملة أنتِ فيكِ حاجة، بقالك فترة طويلة أصلًا متغيرة تغيير غريب ووحش، بقالك كتير مبتحكيش معايا، أنتِ قلبِك زعلان يا بسملة، قلبِك مش سايب قلبي في حاله طول الليل يا قاسية!!
قالت جملتها الأخيرة بمرح وابتسامة صغيرة يليقان كثيرًا مع شخصيتها الهادئة، فابتسمت بسملة وهي تطالعها بحب، لا تعلم كيف تكون هذا تؤامتها؟! كلاهما على النقيض تمامًا.
تساءلت كثيرًا لما هي بهذا اللطف معها؟! لم تكن بسملة لطيفة مع أحد من قبل حتى أخواتها وتسبب هذا بوجود فجوة بينهم بإستثناء بسنت التي كلما ازدادت تلك الفجوة اقتربت منها أكثر!
وكم أحبت بسملة منها هذا الاهتمام الذي لا تلقاه سوى منها هي و … عمر!
وعلى ذكرى عمر انمحت تلك الابتسامة وعادت لتتذكر ما حدث بينهما في هذا الزقاق الصغير الذي أمسك بهما مجد فيه، لم تكن تعلم أنه سيمسك يدها ويقترب منها بهذا الشكل، تفاجئت حقًا بهذا القرب الذي طالما رفضته مرات عديدة وما كادت تبدي رفضها وغضبها مما فعل حتى تفاجئت بهجوم مجد.
وكانت بسنت تراقب كل هذا التغيير بوجهها، لكزتها بخفة في يدها وهي تسألها بشيء من الرجاء: هتفضلي تسرحي لوحدِك كده كتير؟؟ خديني معاكِ لأفكارِك وهنلاقي الحل سوا صدقيني.
تمنت لو أنها تستطيع البوح بما يكمن بقلبها، تمنت لو استطاعت أن تتخلص من هذا العبء على قلبها ولكنها وجدت أن الحديث سيزيد الطين بلة، لا تعلم كيف ستكون ردة فعل شقيقتها، لو كان أمر غير هذا لتحدثت فورًا كما تفعل دومًا لكن هذا الأمر بالذات لا يمكنها أن تتفوه فيه بكلمة قد تودي بحياتها فيما بعد!!
نظرت لبسنت وهي تحاول منع تلك الدموع التي تريد الهطول وبشدة من النزول، تحدثت بإبتِسَامة صغيرة: هحكيلك بس مش دلوقتي يا بسنت، أنتِ عارفة إني بلف لفتي وبجيلِك في الآخر!
– طولتِ المرة دي يا بسملة، صدقيني أنا ملاحظة وضعك من فترة وساكتة، احكيلي ونفكر سوا.!!
نفت برأسها: ماتقلقيش، أنا مش صغيرة ومش ضعيفة وأنتِ عارفة، حصلي drop زي ما بيحصل لأي حد وهفوق منه وهتلاقيني زي الفل!
كانت تلك الكلمات توجهها لنفسها قبل بسنت، هي بحاجة لمن يخبرها بهذا؛ انها قوية وستتخطى هذا، أنهم لجانبها مهما فعلت ومهما حدث، انهم هنا بجانبها ولكن…
ما من أحد جانبها، والدتها لا تهتم سوى لندى حتى تناست وجود بقية بناتها، والدها الذي لا تراه سوى بالمساء وفي بعض الأحيان قد تكون نائمة أو بسكن الجامعة، جنى التي لا تفعل شيء سوى الشجار معها كلما رأتها، لا أحد يهتم بها، لا أحد يتقبلها، كانت ترى انها منبوذة من الجميع حتى عائلتها.!! والكثير والكثير من التراكمات والأحاديث التي ترفض البوح بها.
وقفت بسنت وبدأت بتشغيل الجهاز بعد أن وضعته بجانب فراش بسملة التي وضعت الغطاء خلف ظهرها وهي تستعد لجلسة الأكسجين تلك.
أما جنى، كانت تتجه لمنزل الشيخ بعد أن قررت أن تسير كل تلك المسافة المؤدية لمنزله بدلًا من أن تستقل وسيلة مواصلات، شاردة تتخبط بالجميع من حولها، تلك الكلمات التي ألقاها والدها مرة أخرى فتحت جرحًا ظنت أنه التئم، جرحًا كبيرًا كلما حاولت تناسي أمره يأتي والدها ليفتحه مرة أخرى.
– ما تحاسبي يا أبلة ورانا مصالح!
صاح أحد السائقين بالخلف بها فانتفضت وهي تبتعد عن الطريق معتذرة بصوت منخفض لم يصل لذلك السائق الذي أخذ يسب بعصبية.
نظرت حولها وكأنها للتو استفاقت من غيبوبة صغيرة، ابتسمت بسخرية عندما وجدت نفسها قد تخطت منزل الشيخ بكثير فتنهدت وعادت أدراجها مرة أخرى.
وجدته لازال يستعد للخروج فحمدت الله سرًا وهي تقترب منه لا تعلم كيف تخبره بألا يأتي: السلام عليكم.
التفت لها الشيخ بتعجب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ايه يا جنى أنتِ اعطتيني العنوان على ما أتذكر!
اومأت بحرج كبير ثم أجابت بإرتباك وخجل: أيوة أنا جاية اقول لحضرتك إن بابا مش موافق، معرفش السبب الصراحة بس هو يعني رفض و…
قاطعها الشيخ محمد بتفهم فارتاحت كثيرًا لرد فعله وغادرت المكان بسرعة كما جاءت وهي ترى اختفاء قرص الشمس من السماء وحلول الليل بسواده.
أغلقت بوابة البناية وصعدت الادراج ببطئ بسبب تعبها وخمولها، توقفت مكانها وهي تستمع لصوت صراخ قادم من الأعلى تبعه تحطيم وتكسير.
هرولت للأعلى بسرعة والخوف ينهش بقلبها ولم يجل بخاطرها سوى أنه والدها وأن هذا الغضب كله على والدتها وأخواتِها.
مرت بمنزل عمها حامد الذي اندفع لأعلى ومن خلفه أبناءه وزوجته شهيرة التي تردد بفزع: استر يارب، استر يارب..
وقفت امام منزلهم فتوسعت عيناها بصدمة عندما رأت باب منزلهم مفتوح وأن تلك الأصوات ليست من منزلهم، إنها من بيت عمها سلطان!!
تابعت صعودها سريعًا حتى توقفت امام باب الشقة المغلق، كانت عائلتها بأكملها تقف أمام هذا الباب يحاولون فتحه بينما ينادون بإسم منة زوجة سلطان وابنتها منة.
اقتربت بسرعة من بسنت التي تبكي على إحدى السلالم: في ايه؟؟ إيه اللي حصل!!
وصل أبناء عمها وكذلك عمها حامد وزوجته شهيرة التي اقتربت من وجيهة بسرعة: في ايه يا وجيهة، منة ونرمين جوة لوحدهم ولا معاهم حد!
بكت بسنت بهيسترية ولجانبها كانت بسملة تبكي هي الأخرى بصمت، ابتعدت عنهما واقتربت من ندى التي تقف بجانب والدتها: في ايه يا ندى، في ايـــــه؟!!
صرخت بآخر ما قالت وهي تكاد تجن من صمت الجميع، فتحت ندى فمها وتحدثت ببكاء هي الأخرى: مرات عمك هي اللي عملتلنا العمل، ونرمين محبوسة جوة..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية بيت البنات)