روايات

رواية جوهرة بين أغلال الشيطان الفصل الثالث عشر 13 بقلم منى أبو اليزيد

رواية جوهرة بين أغلال الشيطان الفصل الثالث عشر 13 بقلم منى أبو اليزيد

رواية جوهرة بين أغلال الشيطان البارت الثالث عشر

رواية جوهرة بين أغلال الشيطان الجزء الثالث عشر

جوهرة بين أغلال الشيطان
جوهرة بين أغلال الشيطان

رواية جوهرة بين أغلال الشيطان الحلقة الثالثة عشر

اتهامات من الباطل يلقيها عليها دون مقدمات، ويريد إجابات تقنعه، وإذا ما حدث، كأنه لم يسمع منها شيء، فهي العلاقة المستنزفة، تبدد كل طاقتك
حاولت حنان تجمع أقواله، كانت في نقطة المتاهة بالنسبة له، حاولت إخراج ما يدور في عقله قائلة:
-قصدك إيه أنا مفيش حد بيزوني أنا محبوسة هنا أخري حد يجبلي الأكل والشرب بس
أومأ رأسه بتأكيد، ظل عينيه ثابته عليها، يقرأ ما تظهره، وبالفعل وجد الجد على ملامحها، لذلك قال بجدية:
-عارف كل ده بس في حد جابك المستشفي هنا وكل يوم بيزورك
سارت وراء الهراء الذي يقوله، حتى تثبت عدم معرفتها بأي شيء، فقالت باستسلام:
-لو افترضنا كلامك صح ليه مش بشوفه
وضع في مأزق من جديد، أي كلام يقوله، هربت كل الحروف من لسانه، التزم الصمت، صمته طال عن المفروض، عادت كلامها مرة أخرى لعل يفهم هذه المرة:
-لو افترضنا كلامك صح ليه مش بشوفه
مازال الصمت يخيم عليه، فهمت الدنيا من حولها، كيف يعرف مكانها؟ متى علم بدخولها للمستشفي؟ لماذا يسأل عن الشخص الذي يزورها؟ أسئلة كثيرة تدور في ذهنها، الإجابة المشتركة بينهما أنه صاحب المستشفي، ضربت رأسها لعل تخرج تلك الأفكار السيئة من عقلها، لكن هيئته تؤكد لها ذلك، هتفت بشك:
-سنان أنت صاحب المستشفي
نهض من مكانه بعد ما تبدد ملامح وجهه للشيطان الذي يوصف تصرفاته، اقترب منها كالثعبان الذي يغرس سمه في البشر، همس في أذنها:
-هكون صريح معاكي أيوة أنا صاحب المستشفي مش بس كده يحيي معايا ومش هتعرفي تاخديه تاني
أرادت أن تأكل لحمه بأسنانها، كسر قدميها ويدها هي التي منعتها، على الرغم من هذا، ملامح وجهها مليئة بمخالب الأمومة التي تظهر وقت الخطر، قالت بشراسة كالقطة التي أخذت أطفالها منها:
-هقتلك
وضع سبابته على فمه بإشارة الصمت، حرك يده ليشرح لها، قال بنبرة فحيح الأفعى:
-مش هكدب عليكِ أصل عرفت أنك مروحتيش البيت خد الولد قولت أنك سبتي أبنك وطفشتي تخيلي سمعتك بقي بقت عامله أزاي ومش هتخرجي من هنا غير لما تفكي الجبس أصل حالتك مش خطيرة كسر في رجل والأيد وجرح بسيط في جبينك تقريباً اللي بيسوق كان بيحاول ميخبطكيش وهقدر أخفي كل حاجة استسلمي للأمر يا حنان وفكري كويس
…..
مرت الأيام على نفس الوتيرة، مازالت حنان تحت رحمة سنان حتى يقرر يطلق سراحها خاصة بعد عدم زيارة هذا الرجل لها، ضبط الأوراق كاملة، أمحي وجودها من دخولها المستشفي، أثبت جريمته الفاحشة دون تردد
بينما عند مرام، رفضت تذهب إلي العمل سابحة في تلك الذكريات القديمة مع أختها من جهة، ومن جهة أخرى ذكرياتها مع سنان حتى تعرف ماذا تفعل؟
كمل حمزة حياته كأن شيء لم يكن، أستمع إلي نصيحة وليد أن يترك الأمور تسير كما تريد الدنيا، ويعيش حياته ولا يشغل باله بالآخرين
….
اليوم مميز لدي أصيل منتظر المكالمة التي يستطيع من خلالها أن يعرف من صاحب الايميل، ظل ينظر على عقارب الساعة من حين لآخر، اخترقت أذنيه صوت رنين الهاتف المحمول، صدح في المكان كأنه صدح في قلبه أشعله باللهفة والشغب، ألتقطه على الفور، وهتف:
-الو
-أيوة يا أصيل بيه
-وصلت لحاجة
-طبعاً أنت جاي على سمعتي وعرفت إن شاطر في الحاجات دي
-عرفت الايميل بتاع مين
-بتاع دكتور اسمه علي البارودي
-مين علي البارودي
-لا دي بتاعتك انت بقي اللي عليا عملته
-متعرفش حد مصحصح يساعدني أوصل بسرعة أهم حاجة يكون بسرعة أنا مش عايز أظهر في الصورة
-في هديلك رقمه 01**** قوله أنك تابعي
-بجد مش عارف أشكرك أزاي
-مفيش شكر ولا حاجة ده شغلي وأي حاجة تعوزها أنا موجود
-أكيد سلام
أغلق الهاتف المحمول، خطو اتجاه الصورة، عينيه تشع لوم وعتاب، بسبب عدم اخباره بكل شيء يحدث لها، لو قصت له مشكلتها، ما لم تجد منه سوي المعاونة، أخرج نفساً مطولاً قبل أن يحدث نفسه كأنها تقف أمامه، ويلقي عليها الحديث:
-خلاص هانت والحق هيظهر وهتنامي أنتِ وأبننا مرتاحين
خرج من الحجرة، كان في طريقه إلي حجرته، عينيه وقعت للأسفل أخر مكان تجمع فيه جده وجوهرة، أحتفظ بنظراته لفترة من الوقت، يتذكر التفاصيل التي أجراها معهما مع ابتسامة عارمة تبدو على شفتيه، سرعان ما تحول للبؤس، أصبح وحيد في الدنيا، الجميع يرفض حديثه، وهو مازال محتفظ بكرامته، أتجه إلي غرفته بعد أن ارتوي من خيلات الذاكرة
…..
جلست جوهرة تقرأ القرآن الكريم في المستشفي بعد أن حدد معاد العملية، تركت القراءة عندما سمعت صوت طرق على الباب، أغلقت القرآن، حركت عينيها على الباب، ثم قالت بنبرة رسمية:
-أدخل
دخل سنان الحجرة بخطوات ثابتة، قرأ كشف حالته اليوم من مستوي الحرارة والضغط المعلق في أخر الفراش، قال بنبرة عادية:
-كل حاجة مظبوطة إن شاء الله هنعمل العملية كمان ساعتين
ألقت عليه سؤالاً لتفهم أكثر:
-ليه جينا بدري
أجاب عليه بابتسامة تعتلي شفتيه:
-عشان في إجراءات طبية لازم تتعمل قبل دخول العمليات بس الحمد لله هو كويس
حمدت الله سراً مرات متتالية، وجهت حديثها بها بوجه يبرزه الخجل، وقالت بتمني:
-مش عارفة أشكرك أزاي يا دكتور ربنا يجزيك على قد أعمالك
عاد الكشف في موضعه مرة أخرى، قال باعتراض:
-من فضلك بلاش تقولي كده
سؤال سيطر على عقلها تريد إجابته، ألقته عليه بسرعة، ليهدأ قلبها من روعتها:
-هي العملية خطيرة
رد عليها بتهكم ليبث الأمان نحوها اتجاهه:
-أنتِ كده بتهنيني مسمعتيش عني قبل كده
أحمر وجهها من الخجل، أرادت أن تختفي قبل أن تبوح بتلك الكلمات السيئة، حاولت تحسين صورتها أمامه قائلة:
-مش قصدي يا دكتور ده أنا عشمي فيك بعد ربنا سبحانه وتعالى
بلحظة ارتخت ملامحه لترسلها نظرة رضا، ويبعد عنها أي شكوك من خطر العملية، ردد في ثقة:
-ونعمة بالله العملية مش خطيرة متقليش عن أذنك أشوف اللي ورايا
خرج من الطبيب، اقتربت والدها الذي كان يتابع الحوار في صمت، ربتت على صدرها لتخفف عنه القلق، وقالت بتأكيد:
-سمعت يا بابا بنفسك كلام الدكتور أطمن
ابتسم قائلاً:
-حاضر
…..
بدأت الدموع تقفز من مقلتيها واحدة تلو الأخرى بغزارة دون توقف ترسم طريقاً على وجنتيها، سرعان ما تغير طريقها إلي الوسادة التي شاركتها في الحزن في الأيام الأخيرة، ألقت نفسها عليها تعانقها، لتستمد منها الحنان، مر عليها بضع دقائق وهي في نفس الحالة
انتفضت فجأة عن الفراش، ثبتت بصرها على نقطة ما، لقد غرز في عقلها فكرة ما، توجهت عند خزانة الملابس، ارتدت أول ملابس جابتها عينيها، هرولت للخروج بسرعة، صعدت الحافلة الناقلة، سارت خطوات في طرق جانبيه حتى وصلت للمطعم التي كان تعمل فيه حنان، قابلت أحد العمال فسألته عن مكتب وليد صاحب المطعم لحسن حظها كان موجود
ركضت خلف العامل لكي يبلغه عن وجود فتاة تريده بالخارج، انتظرت حتى ظهر أمامه، وأول كلمة سمعته منه هي:
-البت الشرسة
حملقت به عين غاضبه من أهانتها بتلك الطريقة، صاحت فيه عالياً:
-بتقول إيه احترم نفسك لأحسن عفاريت الدنيا بتتنطط في وشي
حملق بها بنظرات تحدي قائلاً:
-على فكرة أنتِ اللي جيالي
تذكرت سبب مجيئها إلي هنا، اضطرت أن تلين نبرتها لتحصل على ما تريد، فقالت بحيرة:
-اها صحيح طيب في واحد شغال معاك تاني شريكك يعني هو فين
أصدر ضحكات عالية، قال بتهكم:
-أنتِ مش طبيعية هو أحنا شغالين عندك
نفضت كلماته من أذنها، كأنها لم تسمع شيء، هتفت برجاء:
-من فضلك مفيش وقت عايزة شريكك لو أعرف اسمه مكنتش سألتك من الأول ولا عبرتك
رد عليها بفراسة ليغيظها:
-أنا قولت كده أزاي تقولي من فضلك أنا متعود على الشراسة منك
وضعت يدها على خصرها، تظهر عدم محبتها لحديثه، رفعت أصبع سبابتها لأعلى لتهدده بشكل واضح وصريح:
-أنت عارف لو مشفتوش دلوقتي هوريك الشراسة حالاً
حرك يده بحركة الهدوء، حرب مع ضحكته التي رسمت على شفتيه رغماً عنه، و قال بضحك:
-خلاص خلاص تعالي ورايا
سارت خلفه بالضبط، أول ما وقعت عينيها على حمزة، شعرت راحة تامة، جلست في المقابل له، فركت يدها بتوتر قبل أن تقول:
-أنا جارة حنان
انتبهت حواسه بالكامل بعد ذكر اسم حنان، على الرغم أنه فضل عدم الاقتراب، إلا أن فضوله لمعرفة أخبارها كان أكبر من قراره، فقال باللهفة:
-تحت أمرك
عجز لسانها عن النطق، فرشت ملامح وجهها بالخجل من أفعالها، فركت أناملها من التوتر، وهي تتنازع مع لسانها لتسرد له ما حدث مع سنان، وتهديه لها لكي يأخذ أبنه، ثم إلقاءه على حنان أبشع التهم في المنطقة، وبالفعل إخفاءها طوال الفترة الماضية ساعدت على تصديق الإشاعات
شعر حمزة أنه في دنيا أخرى، عقله لم يتصور شخص يفعل التصرفات بكل جراءة دون خجل، قال بصدمة:
-أنتِ متأكدة أزاي حنان عملت حادثة وفي المستشفي
أومأت رأسها بالموافقة، حاولت تبرر فعلتها بقولها:
-أيوة مكنتش هقدر أقف لوحدي قصاده خفت أنت مشفتش شكله
كان حمزة يتابع الحوار في صمت، يسمع بكل أذن صاغية، ليرتب أفكاره، قال بخوف:
-كده حنان في خطر حنان عنده في المستشفي أنت ناسي لازم نتصرف
لطمت على صدها قائلة:
-يا مصيبتي
……
وقفت جوهرة أمام حجرة العمليات تدعو الله ليخرج والدها بسلامة، ساعة مرت والقلق شريكها لا يتركها، فضلت أن تصلي وتدعو الله، وبالفعل فعلت ذلك، عادت تقف أمام باب غرفة العمليات مرة أخرى
فتحت الغرفة، وقفت تنتظر الطبيب، خرج سنان وجهه مخطوف بالفعل، لا يعرف أي كلمات يبوح به، كل التحليلات الطبية نتيجتها تقول إن حالته الصحية تقاوم خطر العملية، لكن إرادة الله عز وجل كانت أكبر، نظر للأسفل، وهو يقول:
-البقاء لله
وقفت كالتمثال لا تري، لا تسمع، ولا تشم، ثوانٍ مرت عليها والصدمة تعتلي تعبيرات وجهها، جسدها متجمد يليه سقوطها فاقدة الوعي على الأرض

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية جوهرة بين أغلال الشيطان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *