روايات

رواية فرط الحب الفصل الخامس 5 بقلم دينا ابراهيم

رواية فرط الحب الفصل الخامس 5 بقلم دينا ابراهيم

رواية فرط الحب البارت الخامس

رواية فرط الحب الجزء الخامس

فرط الحب
فرط الحب

رواية فرط الحب الحلقة الخامسة

ارتعش قلب “ليان” بين أضلعها وهي تقف بجوار باب الاستوديو التي تقيم فيه بإحدى الدول الخليجية تستمع إلي نوبة غضب زوجها السابق الذي عاد متحججًا باستعادة بعض أغراضه فهتفت في قوة تخالف الذعر المتملك لجسدها:
– لِم اللي إنت عايز تاخده بشويش بدل ما الجيران تسمع الازعاج ده ويجبولك الشرطة.
ابتلعت ريقها بصعوبة واشمئزاز وهي تستمع لبعض ألفاظه الخارجة بلا مبالاة ثم وجدت نفسها كعادتها عند التوتر ترفع هاتفها لإجراء الاتصال الذي صارت لا تتوقع منه الرد.
ترى ماذا سيكون رد فعله إذا علم بأنه بعد كل ما فعلته من أخطاء لتصل إلى ما تريد وتسعى إليه من أجل مستقبلها قد إنهار قبل شهرين تحت قدميها.
ثوان وانتهى رنين الهاتف بين أصابعها دون مُجيب ليتملكها إحباط وقهر، عضت ليان على شفاها السفلى لتكبح دموع ترغب في الهرب من مقلتيها بينما مشاعر مختلطة من القهر والندم يلتهمانها حية.
قطع رثائها صوت زوجها السابق الساخر وهو يرتدي حذائه دون النظر نحوها:
– لسه بتحاولي تتصلي بيه ؟
حقيقي كان نفسي يكون عندك كرامة أكتر من كده!
وقفت في حدة ترمي هاتفها بإهمال جوارها وقالت في صوت عنيف بما يحمله من اختناق مشاعرها:
– ممكن تخليك في نفسك ومتدخلش بيني وبين أخويا.
ضحك ” نادر” في خبث وهو يعتدل ويتجه نحو الباب لكنه توقف قبل المغادرة ليلتفت إليها متهمًا بابتسامه أصبحت تمقتها:
– أنا ماشي وقدامك يومين والفلوس اللي طلبتها تجيلي ومتلعبيش معايا انا ممكن اردك لعصمتي في أي وقت.
زمجرت في تمرد وبغض:
– اعملها والمبلغ اللي اتفقنا عليه مش هتشوف منه مليم أحمر.
ضحك أكثر وهو يميل ليحمل في سهولة الصندوق الممتلئ ببقايا أغراضه قبل أن يقذفها بنظرة غامضة مخبرًا إياها في لهجة متهكمة:
– اه ومتنسيش تقنعي نفسك انك الضحية وان أنا كنت السبب
ما أنا عرفتك ضعيفة ومتقدريش تتحملي مسؤولية أفعالك!
أغلق الباب خلفه بعد أن تملكها حالة من الثوران فشعورها بالاشمئزاز والغثيان من لذاعه كلماته، أعاد خلق احساسها المرعب بالخواء ورغبتها في ان تختفي من فوق الأرض، هربت منها عبراتها في حسرة أخيرًا وقد نجح في اشعال كراهيتها لذاتها وله، فتتذكر من جديد عيون خضراء منكسرة تظللها رموش طويلة لولا جفائها لما رمت بذاتها في التهلكة.

*****

جلست وسام بغرفتها في منزل والديها المقابل لعش الزوجية، تداعب ورقات كتاب تقرأه عن الأطفال وتربيتهم ولكن رنين الباب قاطعها، لوت شفتيها وهي تنظر للساعة المشيرة الي الثالثة عصرًا وعرفت فورًا مَن الطارق.
“ألا يمكنها الهرب قليلًا من حِصاره العاطفي”
تأففت بينما انكمشت ملامحها في ضيق
أما غريزتها الانثوية فلم تمنعها من هندمه ملابسها ووضع ملمع شفاه وردي خفيف في هرولتها للخارج.
علا صوت الرنين مرة اخري بإصرار وهي على اعتابه فتوقفت في لحظه هرمونية بحته ثم أزالت احمر الشفاه بداخل طرف ثوبها كي لا يظنها تتألق من اجله ذلك البغيض الغاضب دومًا.
جذبت شهيق بحده ثم فتح الباب بوجه واجم لتجده يغطي المدخل بطوله الفارع واكتافه الثقيلة نظرت لابتسامته المستفزة وقالت :
– أفندم؟
– وحشتيني.
– مش عايزين شكرًا.
اجابته بسماجة وكادت تغلف الباب في وجهه الوسيم ذو البشرة السمراء بلمعه تميل للحمرة اضافتها اشعه الشمس لكنه منعها بقوة ذراعه العريضة التي اكتسبها من تدريباته الشاقة التي أعتاد عليها بحكم عمله كغطاس ومدرب بشكل مؤقت للملاكمة في صالات الألعاب الرياضية حتى أفتتح صالته الخاصة قاطع تفكيرها صوته الخشن :
– مش مهم انا عايز يا جميل.
– بيجاد اصطبح وقول يا صبح ، عايز ايه انا مش قعدالك في الطالعة والنازله تزاولني!
– فيه واحده تكلم جوزها كده وبعدين انا من حقي كزوج مصري اني ازاولك واحمدي ربنا انه ده ابسط حق بطالبك بيه.
احمر وجهها في خجل ولكنها رفعت حاجبها بتعنت لإزعاجه وقالت:
– زوج سابق قريب ان شاء الله لما ربنا يسهل وتخلصنا من الربطة دي.
لمحت شعاع جرح غطى شقاوة عيناه البنية ولكنه سرعان ما غير مجرى الحديث بقوله:
– وحبيب بابا عامل ايه؟
كتفت ذراعيه لتقول :
– حبيبة ماما كويسه ، تؤمر بحاجه تانية ؟
سألت وحاولت إغلاق الباب مرة أخري دون انتظار رده ليمنعها بشكل أقوى ، فكادت تصرخ في وجهه ولكن نظرته المرتبكة كالأطفال جعلتها تَسكن وتناظره متسائلة فتحدث بيجاد بنبرة منخفضة :
– انا جعان!
رمشت تحاول استعادة قسوتها ولكن حُبه المستوطن قلبها كان بالمرصد، فتنهدت وفتحت الباب قائلة:
– ادخل بس تاكل وتتكل على الله على طول .
تألقت ابتسامة رائعة فوق وجهه بانتصار ذلك الخبيث يعلم نقاط ضعفها ويستغلها للنهاية، دلف سريعًا مغلقا الباب خلفه ثم جذبها يطبع قبله على وجنتها رغم مقاومتها قائلًا:
– خليكي مقموصه العمر كله طالما كل يوم بتبقي أجمل من اللي قبله كده .
دفعته بخفه ووبخته بحاجبين معقودين:
– بيجاد متخلنيش ارجع في كلامي ،
ولعلمك شغل حلق حوش ده مش هينفع معايا ولسه عند كلامي يا تطلقني يا تروح تشوفلك صرفه في عصبيتك الزايده دي !
فرك خصلاته القصيرة وهو يتركها ويتوسط طاولة الطعام مشاكسًا إياها:
– اطلقك عشان تبقي نكته الموسم ،
زوجة تحصل على الطلاق عشان جوزها قفوش شوية زي الناس الطبيعية !
اقتربت منه واتهمت بحده ملوحة بكفها امامه:
– الناس الطبيعية مش بتعمل مشاكل مع ظباط شرطة يا بيجاد ومش بتمسك فيهم زي المنتحرين عشان تجربة وحشه مروا بيها.
رأت ملامحه الضاحكة تتحول لوجوم وتجمدت تقاسيمه قبل ان يبعد انظاره الحادة عنها الي الطاولة فزفرت بحده تكره أذيته ولكن ما باليد حيله.
استقام بيجاد مقررا الانسحاب بصمت فأسرعت قائلة بلهفة فرضها قلبها المزعج:
– متزعلش من كلام انا بموت بسببه كل لحظة لاني فعلًا ده اللي حاسه بيه،
خلينا ناكل وبعدين نكمل كلامنا انا كمان مش عارفه آكل من الصبح يمكن تتفتح نفسي لما اشوفك بتاكل.
تحركت إلي الداخل بارتباك وتأنيب ضمير كأم صفعت طفلها، فعاد بيجاد يجلس مكانه بابتسامته الخلابة مقررًا تقبل اهاناتها طالما سيسنح له الجلوس معها على مائدة واحده، يكفي أنها تتعمد الاختباء بغرفتها عند عودته لينتهي به الحال يجول داخل المنزل حول غرفتها كطفل تائه وحيد.
فرك عينيه بإرهاق لا يشعر بأي جوع إلا للنوم بعد خمس ساعات متتالية من التدريبات الرياضية ولكن شوق قلبه سار به إليها كطفل صغير، تنهد في تمني حقيقي لكي يكون بهذا الصبر والهدوء مع الجميع ولكن هذا الجانب حصري لها فقط وحقيقة لا يعلم لما تتذمر وهي لم ترى منه أي غضب نحوها.
دقائق وكانت الطاولة جاهزة بالطعام واثناء تناول الطعام تعمد بيجاد ملامستها كل بضع ثوان حتى كادت تقتله وسام بنظراتها الحادة ؛ فابتسم بغلاظة وهو يأخذ قطعة الخبز من يدها ليخبرها:
– مش كده، بتتاكل كده !
وضعها في فمها وقرص شفتيها بين ابهامه وسبابته وهو يغمز لها بوقاحة، فأبعدت وجهها عنه وهتفت بوجه محتقن بالدماء:
– مفيش فايدة عمرك ما هتتربى !
– الله ارسي على موقف .. ايه مشكلتك معايا العصبية ولا قلة الادب !
_ الاتنين ..
هتفت من بين اسنانها فضحك قائلًا:
– العصبية مقدور عليها لكن قلة الادب موعدكيش !
ضاقت عيونها بغضب لأنه يستطيع تحطيم جدرانها ببضع كلمات ولكنها لم تعد تلك الحمقاء التي ترضى بمبررات واهيه وستبقى صامدة امام عيون ذلك الوسيم اللامعة بعشقه لها كالماس.

*****

وقفت ريم أمام الباب الخشبي لغرفة الصغير تجذب بضع أنفاس عميقة حازمة قبل ان تتجه للمفترس الغاضب في الخارج لإنهاء الوضع بشكل تام.
تجاهلت وقفته المتأهبة وكأنه ملاكم يبحث عن منافس يخرج به وحشية مشاعره وقبل ان يصرخ في وجهها صرحت في جدية تامة:
– انا موافقة ومصدقة إني لسه على ذمتك بس ده ميمنعش اني رافضه ارتباطي بيك واني بطلب الطلاق ودلوقتي حالًا.
اختفى انعكاس وجهها من عينيه ما ان انغلقت جفونه لتحتد نظرته التي القاها بها بعد ثوان متهمًا إياها:
– للدرجة دي أحمد قدر ينسيكي حُبك ليا ولإبننا؟
ابتسمت في تهكم وأخفضت نظرها قبل ان تجيب بنبرة صادقة:
– الفضل كله حصري ليك يا باشمهندس ريان، كُتر الآسى بيعلم القاسية.
– انا قسيت عليكي يا ريم؟
ولا إنتِ اللي قسيتي علينا برفضك اني أصلح موقفي.
– اعتقد انت فقدت الحق،
لما وقفت قدام الباب ده ورميت عليا اليمين من غير لحظة تفكير بإنك تديني فرصة أوضح سوء التفاهم اللي حصل.
قالت بنبرة محتقنه بمشاعر مختلطة وهي تشير لباب المنزل، لم تهتز ملامحه ولكن جملتها التالية اربكته بالكامل:
– ودلوقتي افتكرت انه ابننا مش ابنك لوحدك،
بعد قلبي ما اتكسر على فراقه أكتر من ما فراقك قدر يكسرني.
مسحت عبرات هربت من بين جفنيها بظهر كفها غاضبة لأنها أظهرت ضعف، فأجابها في صدق دون أن يبعد نظراته الثابتة عن عيناها الباكية:
– أنا انسان مش ملاك وبعترف اني غلطت وعايزك تسامحيني ونرجع زي الأول،
أنا شاري وإنتِ اللي بايعه.
– بعد إذنك ملوش لازمة الكلام ده انا قراري نهائي.
قالت في نبرة خافتة محبطه فعلت ضربات قلب ريان يستشعر انفلاتها من حياته فحاول الاقتراب منها لكنه قوبل بابتعادها خطوتين للخلف، أسبل جفنيه في غضب قبل ان يسأل بنبرة مهتزة:
– يعني ده آخر كلام عندك؟
– أيوة
– تمام، اديني فرصة أفكر.
انكمشت ملامحها بانزعاج وهتفت في رفض:
– تفكر في ايه؟
هو بمزاجك، الرفض في حد ذاته مرفوض.
غلبت عليه انفعالاته فصاح بها وهو يضرب على صدره:
– والله هو ده اللي عندي، قدّري صعوبة القرار ده !
علت ضحكتها المتهكمة وهي تخبره مؤكدة:
– صعب ليه .. القرار ده إنت أخدته في دقيقتين من سنة ايه اللي جد؟
ده انا قولت زمانك نسيت ياريتك كنت حبيت ولا اتجوزت بعدها وطلعتني من دماغك.
وقف يطالعها في صدمة، هل تتمنى أن يكون لامرأها غيرها بالفعل؟
– اه صح نسيت انت مبتعرفش تقول بحبِك.
نظرت له في جفاء واحتقار متذكرة كيف كانت تغدقه بالحب بينما هو يكتفي بأفعاله المعبرة عن الحب كما صورها لها وهي الساذجة كانت تصدق وتكتفي
– عايزه تقلبيها سخرية وعناد يبقى عز الطلب
قالها بلهجة يشوبها التهديد وصدره يعلو ويهبط بعنف فزمت شفتيها واندفعت لغرفتها قبل ان تعلن في صرامه:
– انا عندي شغل، اتمنى تاخد قرارك بسرعة واتمنى اكتر من كل قلبي اني ارجع البيت ومتكونش موجود فيه.
تنفس ريان من أنفه كي لا يثور كالبركان من خلفها لكنه حسم موقفه برده السريع:
– متأكدة ان ده آخر كلام عندك؟
سندت بكفها على اطار الباب والتفتت نصف التفاته مؤكدة:
– رديت سابق وقولت اه.
– بس انا محتاج أم لعُمر!
كادت تصرخ في وجهه لكنها تمالكت أعصابها وهمست:
– ربنا يوفقك وتلاقيله أم.
– كويس اننا متفقين على المبدأ.
– مش فاهمه؟
– انا مكنش في حسابي اننا مش هنكمل مع بعض ومعنديش بيت غير ده، أنا موافق ننفصل بس بشرط.
قال ببطء وتروي وهو يعقد ذراعيه امام صدره فسألت في تعجب:
– ايه هو الشرط ده؟
– تقريبًا هما اتنين، أنا وعُمر هنفضل عايشين هنا فترة الأجازة،
وقبل فترة الأجازة ما تخلص … انا عايزك تختاريلي عروسة.
– نعم؟!..
لا ده انت أكيد اتجننت.
ابتسم في تحدي وهو يقترب منها حتى صارا وجهًا لوجه وأردف بينما انفاسه تتخبط بجانب وجهها:
– قرارك.
علت انفاس ريم ولمعت عيناها في حقد وهي تشعر بنيران الغضب تجتاح صدرها فهتفت في تمرد بين أسنان مضغوطة:
– دي مشكلتك انت مش مشكلتي.. انا مش خاطبة.
– إنتِ اللي عايزه تخلصي مني يبقى إنت اللي تساعديني!
– انا مش فاهمه جايب الجحود ده منين ؟
هزت رأسها مره قبل ان تمسك بنظراته تحاول حل لغز عيناه القاسية وتساءلت:
– انت ماسك في الشقه ليه ما انت معاك فلوس روح أجر اوضه في فندق ولا شقة!
– ويرضيكي اسيب عُمر لوحده.
قال بنبرة هادئة صادقة وهو يضيق عيناه في تحدي صامت، فانعقد لسانها في صراع بين الرفض والقبول حتى زفرت معلنه:
– ماشي يا ريان.
– ومتنسيش العروسة.
قالها بابتسامه باهته فجزت على أسنانها ودلفت إلى غرفتها قبل ان تنقض عليه وتمزق وجهه الوسيم.
اتسعت ابتسامة ريان فقد وقعت تمامًا حيث يريد ولتريه كيف ستخرجه من حياتها الآن.
أيًا كان ما سيحدث هو على أهبة الاستعداد لخوض المعركة فقلبه النازي لا يرضى سوى بالمحرقة سبيل.
*****
وقفت ريم أمام المرأة كالبلهاء لا تصدق قساوة الرجل الذي أحبته ولا تزال تعشقه حد الجنون، ازدردت طعم العلقم في حلقها فهو لم يخبرها فقط بأن تبحث له عن عروس بديل بل اعلن صراحةً إن سبب زواجهم منذ البداية كان من أجل صغيرُه، ذلك الوقح متحجر القلب وعديم المشاعر.
كيف أحبته يومًا؟!
تساءلت في غل وعقلها يعود بها إلى قبلتها الأولى التي اختطفها منها بسهولة، ارتعشت شفاها بقهر صدق من قال بأن الخطأ ينتهي بخطأ أكبر، ابتسمت بسوداوية وربما هذا هو سبب تخلي ريان عنها بكل سهولة فهي من البداية لم ترفع من شأنها أمام رجل شرقي كتحجر العقلية والمشاعر.
تنفست بعمق تعلم انها أفكار تواسي بها ذاتها لكنها أخطأت أمام الله، أبعدت الشعور بالذنب الذي اجبره فراقه على التولد داخلها والرسوخ.
خلعت ملابسها لترتدي ملابس أكثر اريحيه للذهاب إلى العمل ضغطت على وجنتيها في تعب فأحمد بالتأكيد سيمطرها بوابل من الاسئلة وكيف عساها تخبره بأنها لاتزال زوجة لريان وان خطبتهما صارت منهيه حتى ينتهي الأمر بينها وبين ذلك الحقير … مفترس الفرص.
اللعنة لقد كانت على بعد خطوة واحدة من الاقتناع التام بأنها لا تحتاجه في حياتها وان أفضل قرار في حياتها كانت موافقتها بالارتباط من صديقها ورفيق العمر المسكين، على الاقل ستكون المحبة والامتنان سمه علاقتهما فهي لا تحتاج لعلاقة حميمية كي تتأكد من مشاعر أحمد نحوها فلطالما كان خير أخ وونيس لها منذ اقتحمت مكان العمل تطالبه بمنحها وظيفة وقد قبل وسط صدمتها فحين تصبح وحيدًا بلا سند يتفنن الجانب المظلم من الحياة في اظهار أنيابه حتى تنطفئ داخلك شموع الأمل.
لن تنسى مهما حدث انه الوحيد الذي اشعرها بالأمان والراحة دون مقابل وهي على ثقة بأنه سيضع مشاعرها ورغباتها في قمة اولوياته كما إنها تثق أكثر بأنه لن يتخلى عنها مهما حدث.
ابتسمت في تهكم ومن يحتاج إلى شهوة الجسد والقلب محطم كحطام سفينة لاحت عليها طرقات المحيط، بل كيف تحتاجها وذلك الجسد اللعين لا يرغب سوى بكاسر القلبِ منعدم الضمير.
اخفضت جفونها تكره اعترافها المخجل لكنها تعلم بأنها تقبلت زواجها من أحمد لأنها متأكدة بأنها لن ترغب او تسمح برجل أخر بعد ريان أن يلامسها أو يقترب منها، لقد افسدها ذلك الغبي للأخرين.
– مش فاهمة ازاي الانسان مننا مهزأ ومن غير كرامة ويهون عليه نفسه أوي كده.
همست في اتهام لصورتها المنعكسة في المرآة ثم انكمشت ملامحها في سخرية كارهة المذاق المر الذي يتركه هذا الاعتراف وقد كانت تظن ان حظ أحمد هو التعس.
*****
توجه ريان إلى غرفة صغيره مناديًا:
– عُمر تعالى.
ترك الصغير العابه واتجه نحو والده في تساؤل فجثا ريان وهو يضغط على كتف صغيره ويقول:
– إنت بتحب ريم صح؟
هز عمر رأسه في تأكيد سريع فأكمل ريان في جدية لا تتناسب مع صغر طفله لكنه استوعبها:
– إنت راجل دلوقتي ولازم اعرف هقدر اعتمد عليك ولا لا.
– أيوه يا بابي أنا راجل.
قال الصغير في حماسه وفخر، فأكمل ريان وهو يمسك بعيون صغيره:
– أنا محتاج مساعدتك عشان ريم تفضل معانا يا اما الحيوان اللي جه من شوية هياخدها مننا.
– لا يا بابي عشان خاطري متخلهوش يعمل كده، أنا هساعدك ومحدش هياخدها مننا.
أجابه عُمر سريعًا وهو يرفع قبضته في الهواء باستعداد وغضب كسر جدية الموقف، فابتسم ريان وهو يهمس:
– أهم حاجة ريم متعرفش أي حاجة عن الموضوع ده، اتفقنا؟
– اتفقنا.
أنهي عمر الاتفاق بشفه مزمومه ويد ممدودة التقتها والده يتمم اتفاقهم السري الغريب من نوعه.. ثم أكمل ريان في تأني:
– حلو يبقى تسمعني وتفهم هنعمل ايه بالظبط.
– حاضر يا بابي.
– هات التابلت الأول.
راقبه ريان وهو يركض لجانب فراشه ويركض نحوه في لهفه وترقب، تنهد ريان ثم مال يقبل رأس طفله يواسيه لأنه يعلم تمامًا مذاق الألم واللهفة والذعر اللذان يتملكانه خوفًا من فقدان ريم.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية فرط الحب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *